اسرعت الى اغلاق النافذة....بعد ان سحبت الستائر الى الداخل...ولم اعرف ماذا افعل مع مصطفى فقد كان
جاحظ العينين...ينظر الي ولكن كانه لا يراني...وكان ازرق اللون ..ربما من شدة البرد..فلم يكن يلبس الا ملابسه الداخلية
وكل شيء حوله وكانه متجمد بدرجة الصفر فكانه قد امضى فترة على هذه الحال......ولم ينطق بكلمة اخرى..وبسرعة
بدات الغرفة تعود الى لونها الطبيعي ...كذلك مصطفى بعد ان وضعت عليه اللحاف الذي كان يغطي فراشه..
وهممت بعمل كوب من الشاي ..وهو يردد كلمات لا افهم منها الا انهم يريدونك...وانا اشعر بقلبي يهوي كلما يقولها...
===========================
وعدت سريعا اليه بكوب ساخن من الشاي من المطبخ الصغير الملاصق لغرفته...وبدء يشربه وهو يرتجف ويداه
ترتعشان محاولة الامساك بالكوب كي لا يقع....وانا اتجمد في مكاني واقفا انظر اليه...ولم يكن تجمدي من البرد ..فقد
عاد الدفء الى الغرفة..ولكنه كان بردا غريبا داخل جسدي ...لم استطع التخلص منه وبدات اتمتم ...بسم الله ...لا اله الا الله
الله اكبر ..وكلما اقولها ازداد ارتجافا حتى انني لم اسيطر على اسناني التي اصبحت تصطق بدون سبب اعرفه الا شدة
الخوف...وفي كل مرة اكرر الكلام ..يزمجر مصطفى ..وهو ينظر نظرة الى الحائط...وكانه لا بعيش في هذه الدنيا
=============================
استمر الحال ...وطال الزمن وكان الحالة لن تنتهي....وبدون انذار بدء مصطفى بمحاولة للوقوف ...ولكن كان شيء
يمنعه..وحاولت مساعدته ..مرات ومرات ...وهو يصاب بتشنجات غريبة...وفجاة وقف منتصبا...وقال لي مبتسما
اين انت يارجل....وما اخبارك....قلت له مستغربا وقد هدات نفسي قليلا ..ها انا هنا الحمد لله ...هل انت بخير؟؟؟؟
لم يجبني...واستدار وبدء يلبس ملابسه وكان شيئا لم يحدث...ثم قال بنبرة غريبة وبصوت عال...قلت لك ان اخت صديقتي
تريد التعرف عليك ...الا تفهم؟؟؟
انزعجت جدا من اسلوبه الغير معهود ابدا..فقد كان دائما لطيفا رائعا...وابديت له انزعاجي...وقمت لاخرج مسرعا من ا
لباب...وانا اقول له هي الشغلة غصب...لا اريد ان اتعرف...
وضع رجله مسرعا على اسفل الباب كي لا اتمكن من الخروج..وقال لي ضاحكا ..على كل الليلة سوف ياتيك زائر
من جماعتنا ...فكن مستعدا..تراجعت الى الخلف وقلت وشفتاي ترتجفان ..ومن سياتي ؟؟؟واين؟؟
ضحك مجددا وباستهزاء قال...ستعلم عندما تراه...وابتعد عن الباب وكانه سمح لي بالخروج
==================================
كان الليل قد اقترب من الانتصاف وساضطر الى الوقوف على محطة الباص حوالي النصف ساعة ...فماذا افعل...
فكبريائي لن يسمح لي ان اعود ولا دقيقة واحدة ....وقررت السير الى الموقف...كان الجو كئيبا عاصفا...شديد البرودة
وقد امتلئت نفسي رعبا ...وها انا اجر خطواتي المثقلة بخوف جامح..ودقات قلبي تكاد ان تتوقف...وبدا وكان الريح
تدفعني الى الامام ..ام انها لم تكن الريح ...وبدات اتلفت حولي ..وانظر خلفي..واشعر بقشعريرة جلدي ..وثقل تنفسي
الذي بكاد ان يتوقف...واقسم اني سمعت اصواتا تنادي اسمي ضاحكة مزمجره...وانظر ولا ارى الا الريح تحاول
ان تجفف عيني...وتخترق ضلوعي...وكان الزمن قد توقف هناك..وكان الموقف لم يعد موجودا...وبدات التصق
باعمدة الكهرباء كلما وصلت الى احدها....لم استطع ان اتذكر اي حرف للدعاء..ولم استطع حتى البكاء..فها انا
وحدي منتصف الليل..اتحدى الرياح وربما الاشباح...وكاني اناضل لابقى بهذه الحياة..
========================
وبين تعثري...ومحاولاتي البائسة لاسكات الاصوات من حولي....لمحت موقف الباص قد اقترب..ولا اعلم كيف بدات
اركض...الى ان وصلت ولم استطع التوقف سريعا فوقعت..وشعرت بشيء يمنعني من الوقوف...ووميضا ابيض اضاء
الدنيا...فادركت في نفسي انه قد ان اوان الزيارة المخيفة...فجررت نفسي لاتمسك باحد اعمدة الموقف الحديدية...
واستطعت الوقوف ...وبدات السماء تلقي بمطر شديد...وتصرخ باصوات كانها الالام...وانا اتشبث ..واتشبت باحد
الاعمدة.....وجاءت اللحظة الحاسمة..واذ بضوء غريب يقترب نحوي...لم يكن هناك في العالم غيري...المنطقة نائية
ولا يوجد مجنون غيري يخرج في تلك الساعة ابدا ..وبدء الضوء يقترب ويقترب ..فاغمضت عيناي وكانني اتمنى
الموت...تلك اللحظة....وفجاة سمعت صوتا لم اسمع مثله في حياتي؟؟
=============الى اللقاء في الجزء التالي====اسماعيل غانم...