لا يجتمع الاخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس
الا كما يجتمع
الماء والنار والنصب والحوت.
فاذا حدثتك نفسك بطلب الاخلاص
فأقبل على الطمع أولا فاذبحه بسكين اليأس،
وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة،
فاذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الاخلاص.
فان قلت:
وما الذي يسهّل علي ذبح الطمع .. والزهد في المدح والثناء؟
قلت: أما ذبح الطمع
فيسهله عليك علمك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه الا وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها
غيره، ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه
. وأما الزهد في المدح والثناء فيسهله عليك علمك أنه
ليس أحد ينفع مدحه ويزين، ويضر ذمه ويشين الا الله وحده،
فمتى فقدت البصر واليقين كنت كمن أراد السفر
في البحر في غير مركب،
قال الله تعالى
:{ فاصبر انّ وعد الله حق ولا يستخّفّنك الذين لا يوقنون} الروم ٦٠ ،
وقال تعالى
:{ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا
. يوقنون} السجدة ٢٤
من كتاب الفوائد
ابن القيم