رمضان فى صعيد مصر ... صور من الماضي والحاضر
بتميز شهر الصوم بمذاق خاص بمحافظات صعيد مصر
التي يولي المواطن فيها عناية خاصة لهذا الشهر الفضيل فيستقبلونه بحفاوة
وترحاب بالغين ويحيون لياليه بالعبادات والابتهالات ويكثرون فيه من أعمال
البر والاحسان على الفقراء والمساكين.
كثيرة هي الصور التى تحملها ذاكرة
أهل صعيد مصر لأيام وليالى شهر رمضان الكريم. وكما غابت صور واندثرت أخرى،
الا أن عبق رمضان يظل باقيا.
وتقول الباحثة أسماء مناع المتخصصة فى مجال الموروثات الشعبية المصرية إن
البيوت كانت تستعد للشهر الكريم وتنشغل السيدات والفتيات بتنظيف المنزل
وغسل المفروشات والسجاد وتعليق الزينات والرايات والفوانيس.
وأشارت الباحثة الى اختفاء ظاهرة احتفال الاطفال بالشهر الكريم وحمل
الفوانيس وضرب المدافع الصغيرة وقت الاذان والتى كانوا يستخدمون فيها
الكبريت والمسامير ويحل محلها الان البمب والصواريخ والفانوس الصيني.
ومن الطقوس التى كانت سائدة فى الماضى عمل الأكلات الشهيرة المرتبطة بشهر
رمضان والتى كانت مصدر فرحة وبهجة للصغار والكبار ففى القرى كان يوجد فى كل
بيت صاج وكوز الكنافة الشهير.
وتضيف "اننا نتذكر ايضا المسحراتى ممسكا بطبلة أو رق وينادي " اصحى يانايم
وحد الدايم حيث كان يطوف القرية بأكملها ويطرق باب كل بيت وينادى اصحابه
وهم يقدمون له نفحات الشهر الكريم من طعام وشراب ونقود".
ولأن مدينة الأقصر عرفت بأنها مدينة ذات طابع خاص . فان لشهر رمضان بها طابعا خاصا أيضا . وذكريات لاتغيب عن ذاكرة الكثيرين.
ويروي لنا المؤرخ المتخصص في تراث الصعيد المصري عز العرب عبد الحميد ثابت
تفاصيل صور رمضانية كانت تشهدها مدينة الأقصر قبل أكثر من خمسين عاما مضت.
ويقول "عز العرب " إن دورة رمضان تبدأ ليلة الصيام وهي احتفالية موكبية
أشبه "بدورة ابي الحجاج " حيث يتقدم الموكب مدفع رمضان تجره الخيول ويتتابع
الموكب بأصحاب الحرف فوق عرباتهم يستعرضون مهاراتهم فيها ويجوب هذا الموكب
بعض شوارع الأقصر ابتهاجا بحلول الشهر الفضيل وكنا نحرص علي مشاهدة هذه
الاحتفالية بفرح وسرور.
ويضيف أننا كنا نحرص علي أن نشاهد طقوس إطلاق مدفع الافطار حيث نجلس صامتين
كأن علي رؤوسنا الطير إذانا بإفطار المغرب وما أن تنطلق القذيفة حتى يجلجل
صوتها فنصفق ونهلل وننطلق إلي بيوتنا لنتناول طعام الافطار.