كارل ماركس كارل ماركس (5 مايو 1818 إلى 14 مارس 1883). فيلسوف الماني، سياسي، وصحفي ،ومنظّر اجتماعي. قام بتأليف العديد من المؤلفات إلا أن نظريته المتعلقة بالرأسمالية وتعارضها مع مبدأ أجور العمال هو ما أكسبه شهرة عالمية.
أسس مع صديقه فريدريك إنغلس ما يدعى اليوم بالاشتراكية العلمية. ( الشيوعية المعاصرة ) ويعتبر من أحد الشخصيات المفكرة الأكثر تأثيرا على مر العصور.
ماركس كان قد ولد في ( Trier ) و التحق بجامعة بون عام 1833 لدراسة القانون. أظهر ماركس اهتماماً بالفلسفة رغم معارضة والده الذي أراد لماركس أن يصبح محامياً. وقام ماركس بتقديم رسالة الدكتوراه في الفلسفة عام 1840 وحاز عليها.
وصفه
أحد أصدقائه بأنه عريض المنكبين واسع الجبهة كثيف الشعر وداكن إلى حد
الزرقة. كان حيويا نشيطا لا يهدأ له بال لا ينام إلا أربع ساعات في النهار.
كتاباته في مجلة (
Rheninshe Zeitung ) وبشكل ناقد لوضع السياسة والأوضاع الاجتماعية المتردية المعاصرة لذلك الوقت ساهمت في زيادة شهرته . في عام 1842 وبعد كتابته لمقالته الأولى لمجلة في مدينة كولونيا أصبح من طاقم تحريرها و تورط ماركس في نقاشات حامية مع رؤساء التحرير والمؤلفين.
وفي عام 1843 أجبر على إلغاء أحد نشراته وسرعان ما تم إصدار قرار بإغلاق الصحيفة ومنعها من النشر.
انتقل ماركس من ألمانيا إلى باريس وهناك دأب على قراءة الفلسفة والتاريخ والعلوم السياسية والتأسيس للفكر الشيوعي.
في عام 1844 وعندما زاره صديقه انغلس في
باريس وبعد عدة نقاشات مع بعضهما البعض وجد الصديقان بأنهما قد توصلا إلى
أفكار متطابقة 100% حول طبيعة المشاكل الثورية وبشكل مستقل عن بعضهما
البعض . ونتيجة لهذا التوافق بينهما عملا معا وتعاونا لتفسير أسس ومبادئ
نظريات الشيوعية والعمل على دفع الطبقة العاملة ( والبرجوازية الصغيرة
الديمقراطية ) لتعمل وتتفانى من أجل تلك المبادئ.
كان ماركس قد أجبر على مغادرة فرنسا بسبب نشاطاته الثورية فانتقل الى بروكسل ولحقته زوجته وأطفالها إلى هناك وساعده صديقه انغلس الذي كان أبوه برجوازيا على شراء منزل والذي تحول فيما بعد إلى مركز للاتصال والاجتماع بالشبكات العمالية الثورية.
عصبة الشيوعيون في
عام 1847 اجتمع الشيوعيون ليؤسسوا عصبتهم وفوّض ماركس وانغلس ليشكلوا
مبادئ هذه العصبة وبرنامجها . وكان هذا البرنامج قد عرف فيما بعد ببيان
الشيوعية حيث وضع فيه ماركس جوهر أفكاره والأسس العملية لي تحقيقها وكانت
عصبة الشيوعيون قد قامت على أنقاض جماعة رابطة العادلين في فرنسا والتي
كانت لا تؤمن بضرورة الثورة والاستيلاء على السلطة وكان شعارها ( الناس
كلهم أخوة ) طبعا أقنع ماركس أعضاءها بأنهم يحلمون بعالم وردي واستبدل الشعار إلى أن صار ( يا عمال العالم اتحدوا )
البيان الشيوعي كان يمهد لعقيدة الاشتراكية
العلمية ويجسد المادية التاريخية بعيدا عن الكنيسة أو الدين ( باعتقاد
ماركس الدين أفيون الشعوب ) أو الطائفية المهنية. وكان ذلك قد أخرج صراحة
في تعليقه ونقده للاقتصاد السياسي ( كتاب ) في عام 1858 .
إن
أسس وجوهر البيان الشيوعي تقوم على افتراض أن منذ فجر الإنسانية وحتى
اليوم كانت العلاقة علاقة صراع بين المُستغِل والمُستغَل ..بين المالك
وبين العامل ..بين الطالب وبين الأستاذ …بين الفلاح وبين الإقطاعي…استغلال
الإنسان للإنسان وأمة لأمة. وكانت الغلبة تنتهي إما لإحداهما أو بسقوطهما
معا.
وطبعا غلبة أي منهما تحدد طبيعة الاقتصاد القائم. وعلى افتراض بأن تفكك الاقطاعية كان من نتيجة تعفنها وإعاقتها للبرجوازية …فإن المنطق يفرض حتما بأن مستوى تطور الطبقة البرجوازية ( الإنتاج الكبير ) سيصل بها إلى حد لا تستطيع فيه التقدم.
وعندها ستقوم البروليتارية
بسحق هذه الطبقة ( البرجوازية ) ورفع الجور والظلم عن الطبقة العاملة (
البروليتاريا ) وعندها يتحقق المجتمع الشيوعي حيث تنتفي فيه الملكية
الخاصة (وليس الملكية الشخصية ) ..حيث الملكية الخاصة هي الناتجة عن
استغلال العمال وأخذ ما ينتجه من القيمة المضافة دون أدنى جهد يذكر من قبل
الرأسمالي..أما الملكية الشخصية هي ما تحصل عليه نتيجة القيام بعمل.
النفي السياسي في
عام 1848 قامت الثورة في فرنسا وألمانيا. وخافت الحكومة البلجيكية من
امتداد الثورة إليه وقامت بنفي ماركس الذي ذهب أولا إلى باريس ثم كولونيا
وقام بتأسيس صحيفة جديدة دعيت Neue Rheinishe Zeitung
تيمنا بتلك المجلة التي كان يعمل بها في البداية وانضم إلى أعمال ثورية
هناك ودأب على تنظيمها ، في عام 1849 تم اعتقاله وحوكم في كولونيا بتهمة
التحريض على التمرد العسكري ..ثم تمت تبرئته ونفيه من ألمانيا وتم إيقاف
مجلته الجديدة التي كان هو رئيس تحريرها.
في
عام 1848، شهدت أوروبا ثورة عندما قامت الطبقة العاملة في فرنسا بالسيطرة
على السلطة من الملك لويس. وقامت الحكومة الثورية باستدعاء ماركس للبقاء
في فرنسا بعدما طردته حكومات فرنسية سابقة. وعندما الشيوعية أفلت شعلة
الحكومة الثورية الفرنسية في عام 1849، انتقل ماركس للعيش في لندن وقام
بكتابة الكثير من المؤلفات التي تعنى بالسياسة و الاقتصاد. كما عمل كمراسل
أوروبي لصحيفة “نيويورك تربيون” من موقعه في أوروبا و خلال هذه الفترة كان
قد قام بعدد من الأعمال وصنفت على أنها كلاسيكيات النظرية
وتضمن هذا كتابه الأروع
( رأس المال
)في أجزائه الثلاثة والذي نشره انغلس عام 1885 بعد وفاة ماركس حيث كان
عبارة عن مخطوطات وكراسات من الملاحظات وتضمنت تحليلا للنظام الرأسمالي
والذي يبين فيه كيف أن التطور واستغلال العمال يتم بكل بساطة عن طرق أخذ
القيمة المضافة—( القيمة المضافة
هي القيمة التي تنتج عن طريق العمل على الشيء- من القطن في الحقل إلى قماش
فاخر ..من دولار إلى 100 دولار وهي لا تشتمل على أجور التكلفة او الصيانة
..أي ليس لها علاقة بأجر الصيانة أو كلفة العمل وهي ليست الربح …في ذلك
الوقت لم يكن هناك تكنولوجيا …حاليا القيمة المضافة تنتجها الآلات الحديثة
ويأخذها أصحاب وسائل الانتاج).
السنوات الأخيرةعندما تم حل عصبة الشيوعيين في عام 1852 استمر ماركس بمراسلة مئات الثوريين بهدف تشكيل منظمة جديدة. وهذه الجهود قد بلغت ذروتها في عام 1864 عند تشكيل مجلس الأممية وسرعان
ما بدأ العمل مع رفاقه على تشكيل أسسه ومبادئه وبرنامجه السياسي ولكن بعضا
من أعضائه والذين خمد فيهم الحماس للشيوعية رفضوا إنشاءه وهنا اقترح ماركس
نقل مركز مجلس الأممية إلى الولايات المتحدة.
سنواته الثمانية الأخيرة كانت صراعا حقيقيا مع المرض الذي أعاقه عن طموحاته وأهدافه ومع ذلك و بعد وفاته وجدت بعض الملاحظات التي تم تجميعها وتم
نشرها كمجلد رابع لكتاب رأس المال ( ماركس ربط تكون رأس المال بالقيمة
المضافة الناتجة عن علاقات الإنتاج ولم يجعله يقتصر على حالة تراكمية
جامدة).
خلاصة كان
تأثير ماركس خلال حياته على الإنسانية ليس كبيرا إلا أنه وبعد وفاته
انتشرت أفكاره وتم تبنيها وتوسعت آثارها مع نمو الطبقة العاملة.
تحليلاته
للنظام الرأسمالي وتنظيره للمادية التاريخية..صراع الطبقات …والقيمة
المضافة أصبحت جوهر الاشتراكية العلمية ..والتي تم تطبيقها على يد لينين والتي أحدثت تأثيرا ضخما وفظيعا في العالم و في جميع القارات وسببا لنشوب حروب مدمرة بين التطم الشيوعية و الرأسمالية..
استفادت العديد من النظم الرأسمالية من أفكار ماركس وخصوصا بعد الكساد الكبير
1929 الذي طبقا لأفكار ماركس كان حتميا. ومنه عملت على إصلاح وتجميل عيوب
الرأسمالية وهكذا انتهى وجود الرأسمالية بشكلها القديم لتحل مكانها أنظمة
مختلطة ديناميكية : الحكومة البريطانية تعتبر نظاما مختلط برداء رأسمالي
الصين حاليا هي نظام مختلط برداء شيوعي. حيث من الصعب جدا إذا لم نقل من
المستحيل الوصول إلى النظام الشيوعي الذي تحدث عنه ماركس على ضوء
الإمكانات الحالية.
كما
أن ماركس لم يكن ليعلم بمستوى التكنولوجيا الذي سيحدث والذي خفف كثيرا جدا
من الظلم على الإنسان وسهل عليه عمله وعملت الأنظمة الميالة للرأسمالية
على استخدام هذه التكنولوجيا على أفضل وجه بما يضمن استمرار أنظمتها.أخيرا
يعتبر ماركس بحق أحد أكبر المفكرين الاقتصاديين الذين لم يحللوا فقط لا بل
عملوا على تحقيق أفكارهم.
وفي 14 مارس 1883، توفى كارل ماركس ودفن في مقبرة هاي غيت (Highgate Cemetery) بلندن.