هل يمكن للموت أن يكون أقل خطورة على النساء من الاختلاط بين الجنسين؟ يبدو أنه كذلك، على الأقل بحسب ما تثبته آخر حادثة في المملكة العربية السعودية.’
مفتي عام السعودية، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، حذر مؤخراً من أن الاختلاط بين الجنسين في المملكة ‘يعرّض النساء والمجتمع للخطر’،’داعياً السلطات الى أن ‘تلتزم بالشريعة، وأن تحرص على الفصل بين النساء والرجال دوماً’. وتفادياً لهذا الخطر، وحرصاً على الالتزام”بالشريعة”تُركت طالبة ماجستير في إحدى الجامعات السعودية لتموت ببطء بين زميلاتها بعد ساعتين من المعاناة من أزمة قلبية حادّة، بسبب رفض إدارة الجامعة السماح لفرق الإسعاف بالدخول الى قسم البنات لإنقاذها، عملاً بالقوانين التي تمنع ‘اختلاط الجنسين’.
وقالت صحيفة ‘عكاظ’ السعودية إن طالبة الماجستير في جامعة الملك سعود آمنة باوزير تعرّضت لأزمة قلبية حادّة عند الساعة 11 من صباح الأربعاء، داخل كلّيتها، وحضر فريق الإسعاف الى الجامعة، لكن الإدارة منعته من الدخول الى قسم البنات لإنقاذ الطالبة، بسسب ‘منع الاختلاط’، ما أدّى الى وفاة الطالبة بعد أن بقيت تنازع الموت حتى الساعة الواحدة ظهراً.
وعلّل المسؤولون في الجامعة رفضهم دخول الإسعاف، بأن الفتاة من دون غطاء، وأنهم لا يستطيعون إدخال الرجال الى مبنى النساء، بالرغم من حاجتها للتدخّل الطبي السريع.
وتعرّضت معظم الطالبات اللاتي شهدن الحادثة إلى صدمة نفسية، وانهار بعضهن ودخلن في حالة بكاء هستيري، واحتجّت زميلاتها على منع دخول الإسعاف لإنقاذ الطالبة، خاصة وأنها تعرّضت لأزمة قلبية حادّة، وأبدين دهشتهن واستغرابهن لقرار الإدارة منع دخول فريق الإسعاف بحجّة أنه مكّون من الرجال.
وطالبت زميلات’باوزير بمحاسبة من رفض دخولهم لإجراء الإسعافات اللازمة لها، وأشرن إلى أن ‘الدين دين يسر والقاعدة الفقهية تقول الضرورات تبيح المحظورات ولا نرى ضرورة ألح من تعرض حياة إنسانة لخطر الوفاة’، وفق ما نقلته الصحيفة عنهن، فيما لم يتسن الحصول على رد من جانب إدارة الجامعة.
وخلقت هذه الحادثة المؤلمة’موجة من التعليقات الغاضبة وفتحت النقاش حول دور الشرطة الدينية (المطوعين) والقيود التي تفرضها قوانين البلاد على حركة المرأة، ومدى مراعاة قواعد السلامة في المدارس خاصة أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها. ففي عام 2002′توفيت 14 تلميذة حرقا في مكة بسبب منع المطاوعة دخول رجال الاطفاء لمدرسة بنات.
ولقيت اغلب الفتيات حتفهن سحقا تحت الاقدام اثناء التدافع للفرار من ألسنة اللهب. وتشاحن رجال الاطفاء مع المطوعين المعروفين باسم لجنة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد ان حاولوا ابقاء الفتيات داخل المبنى، بينما تجتاحه النيران لان الفتيات الصغيرات لا يرتدين الحجاب والعباءة السوداء، وذلك باعتبار ان الاختلاط ممنوعا في السعودية.’
وأكّدت منظمات حقوقية عدّة منها ‘هيومن رايتس ووتش’، أن النساء في السعودية يحرمن من التمتع بحقوقهن الأساسية، من بينها السفر والعمل والزواج وقيادة السيارات.