تراث البحر الفلسطيني
الفصل الأول
بوابة إلى البحر الفلسطيني
• مدخل إلى التراث :
الحديث عن التراث وروافده الحضارية والإنسانية يقودنا إلى الحديث عن العراقة بمعناها الشمولي الذي يمكن اعتباره رديفاً للأصالة والالتصاق الجماعي في كل ميادين الإبداعات ، والإشراقات الإنسانية المتعددة التي تنسحب بالضرورة على كثير من الحالات التي يمر بها الوجدان الشعبي في مختلف مراحل تكوينه ومستويات تطوره وتجاربه وعلاقاته المتصلة جيلاً بعد جيل ، بحيث لا يمكن فصل التراث الشعبي عن العناصر النفسية والمهنية الملازمة للطبقات المنتجة له ، والمرتبطة به .
إن المتتبع لوجهات النظر الراصدة لدور التراث التي تكونت عبر فترات من التاريخ العربي يتلمس أربعاً من النزاعات السائدة بفعل تشجيع النظم الإقطاعية والقبلية :
1ـ النزعة السلفية :
حيث ينظر للتراث على أساس أنه الماضي الصحيح ولا بد من انتهاجه بأحيائه ، والانخراط فيه فكل ما كان من السلف يكون صالحاً وصحيحاً للخلف " (1) .
... وتلك نظرة تحاول عبر تبنيها لمواقف تقدس الماضي بكل ما فيه من محتويات دون تمييز التسلط وفرض الذات على الحاضر والمستقبل باعتبار أن الماضي " هو المبتدأ والخبر ، وهو المنطلق والنهاية لكل فعالية إنسانية لاحقة " (2) .
2ـ نزعة العدمية التراثية :
وهي رؤية ناقصة ، ضيقة الأفق معادية للتراث جملة وتفصيلاً بحجة البحث عن المعاصرة " مما يجعلها عاجزة عن استيعاب العلاقة الجدلية بين الجديد والقديم ، أو اكتشاف الجسور الذاتية التي توحد بين الجديد والقديم (3) .
مما يحيل الجديد أو الحاضر إلى ثمة شيء تائه مشوش ساكن لا علاقة له بالحاضر ، محروماً من تاريخه ، غير متماسك .
3ـ نزعة الانتقاء والاختيار :
وتتمثل في محاولة اللف والدوران على التراث وذلك بتفريغه من عناصره المضيئة وتلميع الجوانب السلبية فيه والاكتفاء بأخذ ما يخدم مصالح الفئات الاستغلالية الانتهازية وينفعها .
4 ـ الحيادية :
وتعني استبعاد الجوانب الفاعلة المؤثرة كافة ، وقصر الطرح والتناول التراثي على مجموعة من المفردات الأكاديمية واللقطات الفوتوغرافية السطحية التي لا يجمعها بالعمق التراثي ، أو حركة الواقع وإفرازات التطور أي رباط "أي الدعوة إلى طرح مشكلات التراث بعيداً عن زحمة الأحداث السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والأخلاقية أولاً ، والتصدي لقضية التراث والتاريخ بعيداً عن إطارهما السياسي الذي احتواهما ثانياً ، ورفض الانطلاق من أي موقف أيدولوجي لفهمهما ثالثاً " (4) .
إن المفاهيم السابقة عن التراث والمجسدة لوجهات النظر الرسمية المرتبطة بالنظم القمعية التي لا ترى في التراث أكثر من تراكمات سلفية أو طفروية أو نفعي لا علاقة لها بمعطيات الجماهير الكفاحية على جميع المستويات وفي مختلف الأزمان تؤكد ضرورة التعامل مع التراث على أساس تاريخي علمي "بديل "يستوعب العلاقة الجدلية بينه وبين الطبقات المبدعة له تنبيهاً للمستقبل ، وحثاً لرياح التغيير الثوري ، حيث أن "أي دراسة لتاريخ وآمال الشعوب تتم بمعزل عن التراث الشعبي تظل دراسة ناقصة ومبتورة " (5) .
" فالتراث ليس ماضياً وحسب ، وإنما هو كائن حي متحرك بصيرورة دائمة هي صيرورة الحياة الواقعية التي ينبثق منها ويحيا فيها ومعها وهي بدورها تحيا فيه ومعه " (6) .
من هنا نبعث أهمية العناية بكل فرع من فروع الأدب الشعبي أو التراث الشعبي المعبر عن روح الجماعة ، ومطلبها على أساس واضح من الامتلاك والنفاذ والكشف الذي يعني استبعاد الطرح المشوه لمفهوم التراث ودوره " فإذا كانت الفئات المتحكمة قد استطاعت على مر الزمن أن تروج لأكثر المبادئ الانهزامية حتى تتم لها السلطة على العقل و الوجدان في موازاة سيطرتها على مقاليد السلطة ، فإن هذا يتطلب من الطبقات المطحونة أن تحيي الوجه الإيجابي المقابل في التراث و هو الوجه الذي يقف بوضوح ضد القهر" (7) .
• العربي وظاهرة البحر :
يتمحور البحر في الذهن العربي على شكل كائن أسطوري تتجاوز قدراته وفاعليات رموزه الإمكانيات المتاحة كافة ،مما نجم عنه تلون المأثورات الشعبية العربية : الأساطير ـ القصص بما فيها ألف ليلة وقصص السندباد البحري ـ المعتقدات ـ التعاويذ ـ التعازيم ـ الأمثال ـ والأغنيات الشعبية التي اجتمعت منذ القدم حول ظاهرة الحر بمفاهيم القداسة والغموضية والعجز .
بل إن الناس وإلى عهد قريب جداً كانوا " يكتبون وصاياهم حين يعزمون على السفر في البحر ويعتبرون في عداد المفقودين ما داموا في البحر ، وكان من خرج سالماً اعتبر كمن بعث من قبره وقديماً قال : ابن المجاورفي كتابه المستبصر ـ وخروج الإنسان من البحر كخروجه من القبر" (8) .
هذه النظرة المفعمة بالعجز أمام أسطورية البحر تشكل ركناً لا يستهان به من أركان التراث العربي لا تزال أثاره واضحة في إلقاء الكثيرين للتمائم والأحجبة في البحر قبيل السفر فيه بهدف أبطال مفعول مخاطرة من ناحية وجلباً للخير من ناحية ثانية .
لقد تعامل العرب مع البحر تنقلاً وصيداً منذ قرون بعيدة بمختلف الوسائل الميسرة معتمدين هدى "بوصلة " الكواكب والنجوم ، ولعل الدارس للتراث الشعري العربي في جاهليته يجد العديد من الإشارات الدالة على ظاهرة البحر : أخطاره ، مخلوقاته ، جزره ، أنواؤه ، حالاته ، منافعه من السمك واللؤلؤ والمرجان .
ولقد ازدادت تلك العلاقة توثقاً في مرحلة لاحقة بظهور الإسلام (9) وما واكبه من فتوحات وعلاقات اجتماعية وتجارية جديدة شكّل البحر أحد أدواتها حين شعر العرب بأهمية السفن عندما سيطروا على المدن الساحلية الممتدة ما بين إنطاكية شمالاً و ساحل برقة غرباً وهي المدن التي كانت تتعرض لهجمات السفن البيزنطية " ونظراً لافتقارهم إلى السفن فقد عمد عمر بن الخطاب إلى اتباع سياسة بحرية تقوم على ترميم القلاع و المناور و المراقب والمسالح الممتدة بحذاء الساحل وشحنها بالمقاتلة و المرابطة و تطلعوا إلى مجاراة البيزنطيين وبدأوا يؤسسون القوة البحرية الإسلامية " (10) .
بل إن في الأمر الذي وجهه عمر بن الخطاب في أواخر أيامه إلى عمرو بن العاص ، واليه على مصر " بأن يعيد حفر قناة ـ سنوسرت الثالث ـ التي تصل النيل بخليج السويس ويجعلها صالحة للملاحة في عام واحد وذلك من أجل حمل الطعام من مصر إلى الحجاز عن طريق البحر " (11) ما ينفي عن العرب تهمة مجافاة البحر وإيثار البر عليه في أشكال استعمالاتهم الحياتية كافة ، كما يشيع بعض المستشرقين من جهة ، ويدلل على الدور الهام الذي كان يشغله البحر في نمط التفكير العربي من جهة أخرى ولعل المتتبع يطالع أسماء بارزة لعلماء في الفلك وفنون الملاحة والجغرافيا أمثال الخوارزمي و البيروني و ابن رسغة و الإدريسي و شهاب الدين أحمد بن ماجد الذي نقلت أوروبا عنه الكثير مما جاء بمؤلفاته البحرية (12) .
• الفلسطيني والبحر :
يتميز مجتمعنا الشعبي الفلسطيني رغم كل شيء بحماسته وصلته المتوارثة بتلك الظاهرة " المشاعية "التي رافقت الإنسان منذ بدء الحياة على وجه الأرض تاركة العديد من البصمات والقواسم الحياتية المتباينة المنسحبة على الكثير من علاقاته وأساليبه التفكيرية والمعيشية وإذا كانت تلك الصلة المحكومة بمستلزمات الغموض والعجز أحياناً ، وبمستلزمات حوافز الإنتاج أحياناً أخرى قد أخذت طريقها إلى الجذور التراثية لإنساننا الشعبي تعبيراً عن الرغبات والمعتقدات التي يحملها عن البحر ودلالاته المتنوعة ، فإن تلك الصلة قد أصابها شرخ كبير ما زالت علاماته جلية للعيان حينما "تقزمت " تلك الظاهرة إثر مصادرة "مصايد" الانتاج الوفير "الزبيب ـ الطنطورا ـ عكا ـ حيفا ـ يافا ـ الجورة في أيار 1948 ، وليغدو البحر محظوراً على عامل الصيد الفلسطيني فيما عدا شريط ساحلي صغير بطول 38 كيلوا متراً هي امتداد شاطئ قطاع غزة ، مما أصاب خارطة الصياد الفلسطيني بتراجع كمي ونوعي ، وذلك على مستوى المناخات الاجتماعية والاقتصادية كافة .
"ففي عام 1945 حينما كان البحر الفلسطيني يمتد مسافة 230 كيلو متراً من رفح جنوباً حتى رأس الناقورة شمالاً كان عدد صيادي الأسماك وقتها في جميع أنحاء البلاد يبلغ 3357 صياداً ، وعدد زوارقهم 673 ، وقد اصطادوا 4040 طناً من مختلف أنواع السمك ، قدرت قيمتها بـ 1,125,960 جنيهاً فلسطينياً " (13) فإن ذلك العدد قد تضاءل بشكل ملحوظ "حيث وصل عدد العاملين في الصيد على سواحل قطاع غزة عام 1950 ، إلى 482 صياداً ، عدد زوارقهم 162 زورقاً وأداة صيد ، وقد اصطادوا 268 طناً مختلف أنواع السمك قيمته 12797 جنيهاً مصرياً " (14) .
.. ورغم هذا التقهقر لم يركن عامل الصيد الفلسطيني إلى الصمت والانسحاب ، ولم يلق أسلحته المتمثلة في ذلك الميراث الموكول إليه فكان الحفاظ على الأغنية الشعبية ، والتقاليد الحرفية المعبرة عن رفض واقع القهر الوطني والاجتماعي ، السبب في بقاء وتمترس البحر بكل ما يحمله من معان كفاحية مشعة داخل الواجدان الشعبي الفلسطيني (15) .
في مثل هذا الضوء يمكن التعرض للأصول التراثية للبحر الفلسطيني ، ولعامل الصيد المرتبط به كجزء أساسي من تاريخ شعبنا الممتد بتاريخه ، وتجاربه وعاداته وموروثاته المتصلة كافة ، والتي تشكل عمقاً وروافد نابضة تؤكد قبل كل شيء أصالة هويتنا وعراقة انتمائنا .
• رموز البحر الفلسطيني (16)
أولاً : الأدوات المصنوعة بيد عامل الصيد الفلسطيني :
أـ القوارب :
- الحسكة : أصغر أنواع المراكب ، مغلقة، مزودة بمجداف واحد فقط .
- الفلوكة : مكشوفة ، مقدمتها مدببة ، مؤخرتها عريضة بها صاريتان ، واحدة إلى الأمام والثانية إلى الخلف .
- المبطنة : مغلقة ، فيما عدا منطقة الوسط ، تمتاز مقدمة ومؤخرة المبطنة بالشكل المدبب .
- الجرم : مركب كبير الحجم ، لا يستعمل في الصيد وإنما في شحن البضائع من السفن ونقلها .
- السمبك : وسط ما بين الفلوكة والمبطنة ، مكشوف ومدبب من الطرفين .
• قطع القارب الفلسطيني :
يتكون القارب الفلسطيني من العديد من القطع المصنوعة يدوياً :
- القرية : مفرد قرايا ، وهي عبارة عن عامودين من الخشب يكونان مع الصاري شكلاً مثلثاً يصلب عليه الشراع .
- إبليس :الخيوط التي تثبت الشراع بالقرية .
- القلع : "الخام" الشراع القماشي .
- المجداف : في المركب مجدافان ، واحد إلى اليمين ويسمى " الكورا" والثاني إلى الشمال ويسمى "الدفع " ، حيث يستخدمان في تسيير المركب في حال عدم استعمال الشراع .
- الدفة : تثبت في المؤخرة بهدف تغيير الاتجاه .
- الاسقالة : ظهر المركب .
- الأبريم : العمود الفقري الحامل للمركب .
- المتكة : في المركب متكتان وهما عبارة عن قطعتين من الخشب تثبتان بشكل أفقي على حافتي المركب ، طول المتكة 40 سنتيمتراً .
- شكارمو : قطعتا خشب توضعان بشكل رأسي في حفرة داخل المتكتين ..
- البنك : مقعد خشبي يصل بين حافتي المركب .
- شتروب : حبل تخثن يشد المجداف إلى الشكارمو .
- شكوطة : حبل يربط في طرف الشراع الأمامي لشده أو رخيه ـ للتحكم في السرعة ـ .
- الشقطيش : حبل يشد الشراع الخلفي .
- الفلوك : شراع أمامي صغير، مساعد للشراع الكبير .
- العزاقة : شراع خلفي صغير ..
- المنطاري : حبل يثبت الصاري بالقرية .
- دوريدة : عمود يركب على الصاري بمحاذاة سطح المركب وعلى ارتفاع نصف متر منه .
- قرزيطة : حفرة صغيرة في مقدمة المركب العلوية ، حيث يوضع بها الصاري .
- قروقة : يثبت بها أسف الصاري .
- سلارى : عمود يركب على الصاري الخلفي بمحاذاة سطح المركب .
- الغمبار : فتحة صغيرة تستخدم لتصريف الماء من المركب حال خروجه من البحر .
- القايمة : عامودان من الخشب يوضعان أمام القارب من الناحية السفلية بهدف سحبه .
ب ـ أدوات الصيد :
1. شرك الصنار ويتكون من :
- البدن : خيط من القطن ، أو الكتان أو النايلون المجدول يصل طوله ما بين 4ـ5 كيلو مترات .
- البنية : خيط صغير يصل البدن بالصنار .
- الصنارة : قطعة معدنية معقوفة يشبك بها طعم من السردين وتستخدم المركب 300 صنارة بينما يستخدم اللنش أكثر من ألف ، تفرش على مساحة خمسة كيلو مترات داخل البحر .
- الرياش : عصا صغيرة في أعلاها راية قماشية ، وفي أسفلها قطعة معدنية تجذبها إلى الماء ، أما منطقة المنتصف فتتحكم بها قطعة فلين تساعد على الطفو .
- الطفاف : خيط حريري مجدول ، في أوله قطعة فلين تطفو على سطح البحر وفي نهايته حجر يصل إلى القاع .
- السل : وعاء من البوص قطر محيطه يقارب المتر ، تحيط به قطعة فلين تثبت بها الصنارات حين الانتهاء من عملية الصيد .
2. البولس : عدة صنارات ترخى بواسطة اليد أو بواسطة بوصة ، ويوضع داخل الصنارة طعم .
3. المونيفيل "المبطن " : يطلق عليها المبطن لتكونها من ثلاث طبقات من الشبك ، اثنتان بعيون واسعة تسمح بتمرير السمك الكبير ، أما الطبقة الوسطى فعيونها ضيقة لا يستطيع السمك الإفلات منها .
4. شبك الطرح : تبدأ هذه الأداة ضيقة من أعلى بإسوارة صغيرة من الخيزران يصل قطرها إلى عشرة سنتيمترات ، وفي نهاية الشبكة تصل مساحة القطر إلى أربعة أمتار .
تتوزع على محيط الشبكة السفلي قطع صغيرة من معدن الرصاص تساعد في الإنزال ، ومن أعلى الإسورة ينزل خيط سميك يتفرع في البدء إلى ستة خيوط رئيسية ، تصل في المنتصف إلى ثمانية عشر خيطاً ، تنتهي بأربعة و خمسين خيطاً حيث يستفاد من هذه الخيوط في شد الشبكة وزم محيطها السفلي إلى أن تقفل تماماً على السمك المتجمع داخل العب .
5 . الملطش : غزل من النايلون ، فتحات عيونه ثلاث عشرة فتحة بمقياس الشبر ،و حجم العين تسعة عشر ملليمتراً منالعقدة للأخرى ، يستخدم في صيد السردين ، وفي أسفل الملطش قطع من معدن الرصاص ، أما في الأعلى فتوضع بطول الشبك البالغ ثلاثمائة متراً قطع من الفلين ، وهذه الأداة
تحتاج إلى مراكب .
6. عدة دق : شبكة من غزل النايلون ، سميت بهذا الاسم لقيام الصياد بدق سطح الماء بيده دفعاً للسمك نحو الأداة .
7. عدة جمبري : طولها ثلاثون وارتفاعها متر ونصف ، فتحات عيونها عشر بمقياس الشبر ، تنصب المركب عشرين من هذه الشباك المستخدمة في صيد الجمبري .
8. الجرافة : غزل شبكي طوله مائة وخمسون متراً ، فتحات عيونه سبع وعشرون فتحة بالشبر ، تنصب هذه الأداة على ارتفاع أربعة أمتار ، وتجر بحبال إلى الشاطئ ، فتسحب جميع الأسماك التي تصادفها .
9.البشليلة : شبكة طولها 150 متراً وارتفاعها 1,5 متراً بها ثماني عيون بمقياس الشبر ، فتحة العين 19 ملليمتراً ، تحتاج إلى مركب وتستخدم في صيد الجرع "المزقار" والميس .
10. الشنشولة : شبكة طولها 250 متراً و عرضها 50 متراً ، مزودة بحبال قوية ، تقذف بشكل دائري ، وترافقها أنوار مثبتة على عدة زوارق بغرض تجميع الأسماك .
11.المنصب : شبكة توضع على عدة عصي خشبية قرب الشاطئ لصيد الفر (السمان ) في أواخر آب (أغسطس).
12. الجرجيرة : خيط من النايلون وسنارة مزودة بريش ديك أبيض عوضاً عن الطعم ، وتستخدم لصيد اللوكس ، وتجر خلف اللنش .
• ثانيا: قاموس الصياد الفلسطيني :
أ ـ مصطلحات الصيد وأدواته :
- الماجة : قطعة من البوص طولها 10 سم ، مفتوحة من طرد واحد ، ويوضع داخل شق بها الخيط المراد صنع الشبكة به وبمساعدة المخياط .
- المخياط : قطعة من الحديد أو الخشب ، طولها 15 سم مفتوحة من طرفيها لإدخال خيوط الغزل الملفوف عليها بمعدل مئة متر .
- شيمة : عب الشبك المتجمع فيه السمك .
- الخنار : الخيط الداخل من المحيط السفلي للشبكة الذي يلم قطع الرصاص .
- ميس : الخيط المجدول الداخل من إسوارة شبكة الطرح .
- مرساة : قطعة حديد مكونة من أربعة قرون مدببة تتصل بحبل طوله يصل إلى مئة متر من الليف المجدول ، وتساهم المرساة في تثبيت المركب .
- طفاف : عوام من الفيلين أو ثمرة يقطين ناشفة .
- رياش : علامة تطفو على سطح الماء لإرشاد الصياد .
- الفرش : صندوق لعبوة الأسماك .
- اندراس :الحجر المثبت في نهاية الطفاف والواصل إلى قاع البحر .
- تمييح : إخراج الماء من قاء المركب
- تحصيل : إخراج المركب إلى الشاطئ .
- الابروة : مقدمة المركب .
- المنخر : مؤخرة المركب .
- ليوا : اسحب .
- حرّب : شد الغزل .
- طوّل : ارم الشبك
- هالا : إشارة البدء التجديف إلى الأمام .
- سيه : إشارة ببدء التجديف إلى الخلف
- تشيط : اندفاع المركب بقوة الموج إلى الشاطئ .
ب ـ قاموس حالات البحر :
- غليني : بحر هادئ لا موج له .
- المريس : ريح قبلية لا تساعد على الإبحار .
- شلوق : رياح الخماسين شرقية جنوبية مصحوبة بجفاف .
- طياب : ريح هادئة تساعد على الإبحار .
- نو : ريح شديدة ـ شتاء ـ جنوبية أو جنوبية غريبة .
- نوة أبو قلوسة : ريح فجائية ـ أواخر نيسان (إبريل) وتنسب إلى أبو قلوسة الذي غرق بها في بحر الجورة عام 1920 .
- نوة الصليب : رياح شديدة تحدث بين الصيف والخريف ويتم التعرف عليها بخروج الفر (السمان) .
- الطاووس : رياح تهب في شهر آيار(مايو) تزيل العكر من الماء .
- الملثم : بدء كبر الأمواج في حزيران (يونية ) .
- برونزة : علو الأمواج أكثر من سابقه في تموز (يوليو) .
- عنصلة : بحر هائج "أيلول " سبتمبر" يقل فيها الصيد .
- الوسوم : بحر هائج و رياح شديدة .
- الميزان على المرتقص : بحر متوسط الاعتدال .
ج ـ قاموس ألقاب الصيادين :
- موتشي :صياد جديد "خام" يصرف حسابه من ضمن أتعاب الرحلة ، وليس له أي نصيب من الصيد .
- بحري : صياد متقدم عن سابقة في أصول المهنة .
- ريس : قائد المركب ، موجه الدفة ، تشترط خبرته بحالات البحر ، واتجاهات الريح ، ومواقع الأسماك ، وطرق النجاة .
* * *
هوامش الفصل الأول
1- علي الخليلي ـ التراث الفلسطيني والطبقات ـ منشورات صلاح الدين ـ القدس ـ 1977ـ ص17
2- د. طيب تيزيني ـ من التراث إلى الثورة ـ دار ابن خلدون ـ بيروت ـ طبعة ثانية ـ 1978ـ ص28 .
3- نفس المصدر ص 100 .
4- نفس المصدر ص166.
5- نمر سرحان ، أغانينا الشعبية في الضفة الغربية ـ عمان ـ منشورات دائرة الثقافة والفنون ـ 1968 ـ ص11 .
6- شكري غالي ـ التراث و الثورة ـ دار الطليعة ـ ط1 ـ بيروت ـ 1979 ، ص55 .
7- حسين مروة ـ دراسات نقدية ـ دار الفارابي ـ بيروت ـ 1976 ـ ص348 .
8 ـ حسين صالح شهاب ـ العرب والبحر ـ مجلة التراث الشعبي ـ وزارة الثقافة ـ بغداد ـ العددان 3، 4 1978 ـ ص55 .
9ـ يتناول القرآن في الكثير من آياته موضوعة البحر ومنافعه الاقتصادية :
ففي سورة النحل آية 14 :
(وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) 1
10 ـ أحمد المختار العبادي ـ تاريخ البحرية الإسلامية في مصر و الشام ـ جامعة بيروت العربية ـ 1972 ـ ص15 .
11ـ مجلة التراث الشعبي ـ مصدر سابق ص 65 .
12 ـ عبد الفتاح الشافعي ـ الإنسان و البحر ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة ـ 1974 ، ص33 .
13 ـ على الخليلي ـ أغاني العمل والعمال في فلسطين ـ منشورات صلاح الدين ـ القدس ـ 1979 ـ ص 105 .
14 ـ نشرة الإحصائيات الرسمية ـ شعبة الأسماك ـ إدارة الحاكم العام ـ غزة ـ 1950 .
15 ـ يرصد مصطفى الدباغ أسماء أشهر صيادي الأسماك في فلسطين و هم من حواريي المسيح عليه السلام : بطرس وأخوه و يعقوب زبدي و أبوه و قد وُلدوا في بيت صيدا (صيد السمك) قرب طبرية كما يورد أسماء لمواقع وأماكن في فلسطين تحمل أيضاً اسم صيدا ، أو اسم السمك . للمزيد انظر :
مصطفى الدباغ ـ المملكتان النباتية و الحيوانية في بلادنا فلسطين ـ دار الأسوار ـ عكا ص12، ص222 .
16 معلومات ميدانية أخذت من الصيادين :
أ . محمد محمود الهسي ، لاجئ من يافا ، مقيم في مخيم الشاطئ ،يعمل صياداً منذ خمسين عاماً
ب. يوسف أبو سلطان ، لاجئ من حمامة ، مقيم في مخيم الشاطئ، يعمل صياداً منذ أربعين عاماً .
ج. مصطفى عاشور محيسن ، لاجئ من الجورة ، يقيم في مخيم الشاطئ ، يعمل صياداً منذ ثلاثين عاما.
د. حسن الهباش ، لاجئ من يافا ، مقيم في دير البلح ، يعمل صياداً منذ أربعين عاماً .
هـ. محمود حسين الجعبري ، من الجورة ، مخيم الشاطئ ويعمل صياداً منذ ثلاثين عاماً .
روجعت المعلومات الميدانية مع الصيادين :
ـ عبد الباري أبو حصيرة ـ غزة ـ مدير شعبة الأسماك الفصل الثاني
إنتاجية البحر الفلسطيني
يعاني بحر قطاع غزة كشريط ما زال يحمل الهوية الفلسطينية ضعف موارده السمكية مما يؤثر تأثيراً واضحاً على المستويات والمسلكيات اليومية لعامل الصيد الذي يعد البحر بالنسبة له نقطة الاسترزاق ، ومحور العيش ، سواء من الناحية الاقتصادية أو الناحية الاجتماعية ..
ولعل ذلك الضعف راجع إلى ثلاثة عوامل :
أولاً : الطبيعة الرملية لأرضية بحر القطاع التي لا تساعد على نمو الأعشاب البحرية أو "المراعي " التي تتغذى وتتكاثر عليها الأسماك ، فضلاً عن عدم توغل أشعة الشمس داخل مياهه العميقة نسبياً بالقياس إلى المناطق الصخرية ، أو الضحل ، أو مناطق الخلجان الغنية بأشعة الشمس والأوكسجين والنباتات المائية ..
ثانياً : القيود والمحظورات التي فرضتها سلطات الاحتلال على عامل الصيد المحلي والتي كان من نتائجها تقعيد حدود بحر القطاع وقصرها على بضعة كيلومترات مربعة ، إضافة إلى تحجيم عدد طلعات الصيد وربطها بساعات زمنية محددة ، في نفس الوقت الذي تفتح فيه جميع بوابات البحر في كل الأوقات أمام مراكب الصيد الإسرائيلية .
ثالثاً : قلة التجهيزات الفنية الحديثة لدى عامل الصيد الفلسطيني واقتصارها في أغلب الأحيان على الأدوات اليدوية المتواضعة الكفاءة بالقياس للتجهيزات الإسرائيلية المنافسة .
رابعاً : ارتفاع كلفة صيانة القوارب و الزوارق حيث يتحتم على عامل الصيد أن يرمم قاربه كل أربعة أشهر .
• عقبات وهموم :
تتسم علاقات مجتمع الصياد الفلسطيني بالطابع الجمعي الترابطي ، وذلك ناتج عن امتلاك عمال الصيد للعديد من أسهم القوارب المستخدمة أولاً ، ولأن الصيد في البحر ـ كما يقولون لا يمكن النظر إليه من خلال منظور البر وقوانينه المتمايزة ، مما يفرض نوعاً من العمل التعاوني الإيجابي المميز .
غير أن ذلك كله لا ينفي وجود العديد من العقبات :
1 . معاناة عامل الصيد المحلي من مشكلة التسويق خاصة في حالات وفرة العرض التي تواكب بعض مواسم صيد سمك السردين المميز بأسعاره المطروحة شعبياً وبكفاءته للتعليب مما يهدد بتلف الكثير من الأطنان المصيدة بسبب عدم توفر أجهزة التبريد والحفظ الكافية ،مما يدفع الصياد إلى بيع نتاجه بأسعار زهيدة إلى بعض الوكلاء التجاريين الذين يقومون بنقل ما لديهم إلى السوق الإسرائيلية ، حيث يستفاد منها على صعيد التصنع (التعليب ، التدخين ، التمليح ، صناعة الأسمدة وبعض الأغذية الحيوانية فضلاً عن صناعة العقاقير الطبية ) .
2. وجود سلسلة من الممنوعات المفروضة على الصياد المحلي منها : (1) .
أ) حظر تواجد الصياد خلال ساعات منع التجول المضروب على البحر من الساعة السابعة مساء حتى الرابعة صباحاً . وذلك في حدود ميل واحد من ساحل البحر ، كذلك في حدود متر من الساحل داخل البابسة .
ب) حظر تجاوز الحدود الشمالية للصيد والمعتمدة بميليين داخل حدود بحر القطاع .
ج) اعتماد المسافة المسموح بها للصيد بطول 20 ميلاً بمحاذاة الشاطئ ، بعمق 8 أميال داخل البحر .
د) حظر ترك أي قارب أو عوامة أو شبكة أو أية لوازم أخرى تعوم فوق سطح الماء أو تغوص فيه خلال ساعات منع التجول في الأماكن التي يسري عليها المنع المشار إليه .
2 . المعاملة القهرية الموجهة من قبل دوريات البحر الإسرائيلية ضد الصياد الفلسطيني، سواء أكان ذلك في عمق المناطق المفتوحة للصيد أو في غيرها (2) .
.. هذا المسلسل من التضييق والخنق يؤكد طبيعة الاحتلال القمعية الهادفة إلى تحويل ما تبقى من البحر الفلسطيني إلى قفص مائي يصعب التحرك فيه أو النفاذ منه، مستهدفة من وراء ذلك كله إلى إلغاء الشخصية الفلسطينية المميزة على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، تقع ضمن هذا المخطط شخصية الصياد الفلسطيني المشحونة بجذورها التراثية المناقضة للاحتلال من ناحية ، والملتصقة بكل ذرة من ذرات رمل البر والبحر الفلسطيني من الناحية المقابلة .
• الثروة السمكية :
يبلغ عدد عمال الصيد المرتبطين ببحر القطاع 1250 صياداً يرتبط انتاجهم بموسمي الصيد الرئيسيين :
1. موسم الربيع : ويشمل شهور (نيسان ـ أيار ـ حزيران ) إبريل ـ مايو ـ يونية .
2. موسم التشارين ويشكل شهور (أيلول ـ تشرين أول ـ تشرين ثاني ) سبتمبر ـ أكتوبر ـ نوفمبر.
.. أما باقي شهور السنة فيتأرجح الإنتاج السمكي فيها بين القلة والانعدام ، نتيجة لتقلبات البحر .
.. يستخرج من بحر القطاع الكثير من أنواع السمك ، أهمها من الناحيتين الكمية والنوعية ودرجة الاستهلاك سمك السردين بأنواعه الثلاثة ، الكبيرة والمتوسطة والصغيرة التي تعوض مجتمعة أجزاء من النقص في البروتين الحيواني السائد.
أما باقي الثروة السمكية المنتجة فتقع ضمن إطارين:
ـ أسماك تصطاد بكميات وفيرة : لوكس ـ جمبري ـ كلب البحر ـ البرش ـ سكمبرى ـ طرخون ـ مليطة ـ سلطان ـ سحلية .
ـ أسماك تصطاد بكميات قليلة : مرمير ـ بوري ـ غبص ـ مزقار ـ جربيدن ـ غنبار ـ طوبارة ـ ذهبان ـ محابر .
.. يبلغ عدد القوارب المستخدمة بطول ساحل القطاع العام 1979 (563) قارباًً يتركز نصفها على شاطئ غزة مع ملاحظة قلة التركيز كلما اتجهنا جنوباً (3) .
المكان حسكات قوارب مجداف شنشلة زورق شرك مركب جر
غزة 195 98 18 44 13
دير البلح 81 50 6 ـ ـ
خانيونس
رفح 21
ـــ
297 28
ـــ
176 7
ـــ
31 1
ـــ
45 1
ـــ
14
المجموع الكلي : 563 زورقاً
بلغ عدد صيادي الأسماك في عام 1962 على ساحل بحر القطاع 770 صياداً ، وعدد زوارقهم 203 زورقاً وقد اصطادوا (1341 ) طناً بما قيمته 63931 جنيهاً مصرياً (4) .
... ولقد حدث بعض التراجع في كمية القوى البشرية العاملة بالصيد بعد ذلك نتيجة التحول إلى العمل من خلال ميناء غزة الذي كان يمثل مصدر دخل أكثر ثباتاً بالقياس إلى امتهان صيد البحر . حيث وصل عدد عمال الصيد في عام 1965 إلى 625 صياداً ، وعدد زوارقهم 168 زورقاً ، وقد اصطادوا 1127 طناً من مختلف أنواع السمك بما قيمته 79134 جنيهاً مصرياً (5).
.. تمثل يونيو ـ حزيران 1967 وما واكبها من احتلال باقي الأرض الفلسطينية الحد الفاصل بين مرحلتين وبداية مرحلة جديدة تميزت بحدوث خلخلات عديدة على مستوى جميع المناخات المعيشة والمعاشة, بحيث تأثرت إنتاجية عامل الصيد المحلي ـ المحاصر بتراكمات من المحظورات ـ بشكل واضح .
ففي حين اتسمت سنوات الاحتلال الأولى بحظر البحر على الصياد الفلسطيني ، فقد أعيد السماح له في منتصف السبعينيات بممارسة مهنته لغاية منطقة العريش بل وحتى بحيرة البردويل في بعض المواسم .
.. غير أن توقيع معاهدة الصلح المنفرد وما تبعها من خطوات ، أجبر الصياد الفلسطيني على الرجوع إلى واقع الأسيجة أو القفص المائي مما نجم عنه التدني في منتوج الثروة السمكية وبالتالي انخفاض دخل عامل الصيد ففي حين وصل مجموع كميات السمك المصيد في موسم1977/78 (2400طناً) فقد انخفضت تلك القيمة إلى ما يقارب 855 طناً موزعة حسب الجدول التالي المبين للنتاج السمكي المستخرج بالطن من بحر القطاع لعام 79/80 (6)
الشهر سردين سمك ممنوع
نيسان 91 79,3
آيار 151 51
حزيران 42 19,4
تموز ـ 14
آب 12,5 38
أيلول 52.5 43
تشرين أول 164 40
تشرين ثاني 15 22,7
كانون أول 26 25
كانون ثاني ـ 17
شباط 4 22,6
آذار ـ
ـــ
558 طن 25
ــــ
397 طن
مجموع كميات السمك المصيد : 855 طناً
القيمة الكلية : 28،273,340 ليرة
من التقرير السابق يمكن استشفاف ما يلي :
ـ تصل نسبة سمك السردين المصيد من ساحل القطاع وحدها إلى 58% من النسبة الكلية للسمك المستخرج من جميع الأنواع مما يتطلب وضع دراسات علمية بهدف إيجاد نظم تصنيعية وتسويقية وطنية .
ـ انعدام الإنتاجية في بعض الشهور ووفرتها في شهور أخرى مما يستلزم إنشاء أسطول محلي واسع من أجهزة الحفظ والتبريد حفاظاً على فائض المنتوج .
ـ انخفاض الانتاج في المرحلة التالية لاتفاقيات كامب ديفيد .
• هوامش الفصل الثاني :
(1) نظام بشأن تعليمات صيد الأسماك ـ قيادة الحكم العسكري ـ دائرة الزراعة ـ غزة 18/5/1980 .
(2) جاء في جريدة الفجر المقدسية ، عدد 3045 بتاريخ 17/5/1980 ما يلي :
"أصيب الصيادان رفعت شملخ 24 عاماً وصلاح شملخ 4333 عاماً بساقيهما في بحر غزة نتيجة اطلاق النار على قاربهما من أحد الزوارق الإسرائيلية ، وقد ألقى أفراد الزورق القبضد على الصيادين ثم قاموا بنقلهما إلى مستشفى المجدل "
.. كما جاء في الجريدة ذاتها بتاريخ 31/5/1980 :
"أن صياد الأسماك بقطاع غزة قد طالبوا سلطات الاحتلال توسيع مساحة الصيد المسموح لهم العمل بها ، وخاصة من الجهة الشمالية ، بحيث تعود كما كانت قبل الاحتلال الإسرائيلي للقطاع وقد أعلن الصيادين اضراباً عن العمل احتجاجاً على المضايقات التي يواجهونها "
(3) احصائيات دائرة الزراعة ـ شعبة الأسماك ـ غزة 79/80 .
(4) النشرة الرسمية ـ إدارة الحاكم العام ـ غزة ـ 1962 .
(5) النشرة الرسمية ـ إدارة الحاكم العام ـ غزة ـ 1965 .
(6) إحصائيات دائرة الزراعة ـ شعبة الأسماك ـ غزة ـ 1980 .
ويعمل في الصيد منذ أربعين عاماً .
ـ عبد الفتاح مقداد ، من حمامة ـ مقيم في الشاطئ ويعمل صياداً منذ ثلاثين عاماً
الفصل الثالث
أغنيات البحر الفلسطيني
• بوابة إلى الأغنية الشعبية :
تمثل الأغنية الشعبية إحدى الألوان التعبيرية القولية المميزة التي أوجدها الإنسان في تعامله المستمر مع القوى والأشياء الطبيعية المحيطة به ،وفي تعامله مع الآخرين سواء أكان ذلك عن طريق علاقات إنتاجية مشتركة أو عن طريق هموم اجتماعية نجمت عن علاقة قهرية تبحث عن متنفس أو نمط تعبيري تعويضي يتلاءم وحاجات المجموع .
يقول فيشر : "إننا نجد للكثير من الأغاني الشعبية عموداً فقرياً يرجع إلى عصر ما قبل التاريخ ، وقد أحاطت به مجموعة من الموضوعات التي ظهرت بعد ذلك ، نشأ بعضها من المنازعات والاحتكاكات الطبقية ، بينما نشأ بعضها من المنازعات والاحتكاكات الطبقية ، بينما نشأ بعضها الآخر من عوامل الفساد والانحطاط الكامنة في المجتمع الطبقي " (1) .
أي أن الأغنية الشعبية عند الأمم كافة "تنبثق من أصل واحد، ذي موضوع مشترك يعكس البيئة والحالة النفسية والعادات والمعتقدات التي تتحلى بها الشعوب " (2) .
"فالأغاني يرددها الناس في كل مناسبات الحياة مهما تنوعت الظروف والبواعث الدافعة للتعبير الغنائي ، ويكفي أن تتصف الأغاني الشعبية بأنها امتداد متواصل لخصائص الشعب بما هو صادق وحقيقي " .
.. لقد تعددت التعريفات الراسمة لحدود الأغنية الشعبية تبعاً لتطور أنماط الحياة من جهة ، ونظراً للموقع الطبقي الذي يحتله الدارس من جهة ثانية .
فيوليكافسكي في تعريفه يؤكد دور الشعب حيث أن " الأغنية الشعبية هي الأغنية التي أنشأها الشعب ، وليست هي الأغنية التي تعيش في وسط شعبي " (4) .
.. إن اقتصار هذه النظرة على موضوعة الشعب كمنتج ومؤلف لتلك الأغنية دونما التفات للجو الشعبي المرافق ، والسائد يحمل بعض التجني على الدور الذي تقوم به عوامل التناقل والترديد ، التي تفرض على الأغنية صبغتها الشعبية في كثير من الأحيان .
وعلى النقيض من نظرة يوليكافسكي يرى ريتشارد فايس " أن الأغنية الشعبية ليست بالضرورة هي الأغنية التي خلقها الشعب ولكنها الأغنية التي يغنيها الشعب ، والتي تؤدي وظائف يحتاجها المجتمع الشعبي " (5) .
وهذا التحديد بتركيزه فقط على دور التناقل وما يليه من مستتبعات تثرى الأغنية الشعبية يتجاهل إلى حد كبير الدور الذي يقوم به المجتمع الشعبي في تطوير إبداعات أفراده وصولاً إلى الأغنية الشعبية المطروحة ..
..وإلى جانب هاتين النظرتين تقف رواية "سيسل شارب" التي تضع في اعتبارها مقولة الجهل بمؤلف الأغنية المتوارثة شفاهياً "حيث أن الجهل بالمؤلف عامل أساسي وجوهري في الأغنية الشعبية "(6) .
هذا الحرص على إبقاء مؤلف الأغنية الشعبية ضمن هوامش المجهول يعني بكل بساطة إهمال الأشكال والأنماط التعبيرية الشائعة للأغنية الشعبية ، والمرتبطة بالوجدان الشعبي وتطلعانه الإنسانية ، حيث يفترض في عديد من هذه الأنماط توفر المعرفة بمؤلف كلماتها أو واضع ألحانها .
.. إن أياً من وجهات النظر السابقة لم ترتق إلى مستوى الرؤية الشمولية للأغنية الشعبية ، وذلك لتهافتها الشكلي والكلاسيكي أولاً ، ولعدم امتلاكها القدرة على الكشف والنفاذ العلمي والثوري ثانياً ..
يقول "علي الخليلي " في معرض تعريفه للأغنية الشعبية أنها " تلك التي تصعد من أعماق الجماهير المسحوقة وتنتشر في مواقع العمل الصعب وتتناقلها أفواه الكادحين والمشردين جيلاً بعد جيل بلهجات بسيطة تخترق الوجدان دون أن تنتسب لقائل معين أو زمن محدد ، مع أنها تنتسب لعبقرية شعبية فذة وقد تشير إلى زمن ما وهي في مسيرتها الطويلة تظل خاضعة لتغييرات جذرية أو إضافات وتعديلات في مضامينها مستجيبة بذلك لنضالات الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين في مراحل متتالية مع حرصها التام على ديمومة ألحانها القديمة المميزة ثابتة وقادرة في نفس الوقت على احتواء كل المضامين الجديدة " (7) .
هذا الطرح المتساوق وامتلاك الجماهير الكادحة لأغنيتها المتناقلة المتجددة باستمرار حسب المعطيات المتغيرة ، يتخطى تماماً كل التنظيرات التي لا ترى في الأغنية الشعبية أكثر من كونها "وسيلة من وسائل المرح والبهجة التي تعين الناس على إنجاز عمل صعب " (8) في محاولة لإلغاء دور العامل الاقتصادي وتأثيره على تفكير الجماهير كمقدمة لإلغائه من وسائلها التعبيرية بحيث لا تتعدى وظيفة الأغنية الشعبية في نهاية الأمر إطار "الابتهاج واللهو " ، ونسيان الواقع المادي وضغوطاته وبالتالي فرض المزيد من الاستغلال والاضطهاد .
• أغنية العمل :
تعتبر أغنية العمل من أكثر ألوان الأغنية الشعبية تأثيراً وعلاقة بالمجريات التاريخية والسلوكيات الإنسانية وذلك للدور الفاعل الذي تقوم به والمتمثل في ربط الفرد بالجماعة التي يعمل معها ضمن حركات إيقاعية منغمة ،معبرة ، تهدف إلى حفز الطاقات وتنسيق حركة العمل ، وتقريب المشاعر بل إن أحمد رشدي صالح يذهب إلى اعتبار أن أغاني العمل هي عامود الأدب الشعبي الذي يجمع سماته في المحتوى والشكل على السواء باعتبار أن " الأصل في أغنية العمل أصوات تنبعث من ضرورة العمل بأدوات معينة تصاحبها وتكون جزءاً منها ولا ريب أن الإنسان الأول حين أنشأ اللغة كان قد اعتاد إرسال هذه الأصوات وأن خلقه اللغة كان تطويراً للتعبيرات الصوتية المختلفة الصادرة عنه ككائن حي يعيش ويجاهد ، يألم ويسر ، يأمل ويأسى " (9) .
لقد ارتبطت أغنية العمل بمعتقدات أسطورية ترجمت على شكل أصوات وهمهمات لغوية منسجمة وظهور خاصية العمل "فالعمل الجماعي ، خاصة ما يتصف بانتظام أدائه يكون مصحوباً عادة بأغنية ربما ارتبطت في بادئ الأمر بعقائد سحرية معينة ، لكنها من المؤكد أنها ارتبطت أيضاً بمنافع عملية اكتسبتها من الخصائص الإيقاعية التي تحفز العمال على زيادة نشاطهم و تمكنهم من المحافظة على زمن الحركة التي يؤدونها أثناء العمل "(10) .
" ومن المحتمل أن الكلمات الأولى اللازمة لعملية العمل ، وهي الأصوات التي تنغم لتوفر الإيقاع الموحد للجماعة كانت في الوقت نفسه إشارات تحمل الأوامر اللازمة لدفع الجماعة إلى العمل ـ تماماً كما تؤدي صيحة التحذير إلى هرب القطيع ـ وهكذا كانت كل وسيلة للتعبير عن طريق اللغة تحمل في ذاتها قوة جديدة ، قوة إزاء الإنسان وإزاء الطبيعة على السواء " (11) .
يقول جورج طومسون : "إن أغاني العمل ما زالت حتى اليوم أليفة بالنسبة لنا ومنها أغاني الغازلات ، والحصادين ، والمجذفين .. إلخ .. إن مهمة هؤلاء جميعاً هي تعجيل عملية الإنتاج بواسطة منحه طابعاً إيقاعياً ومهدهداً ، فالغازلة تغني لأنها تعتقد بأن أغنيتها ستساعدها في فتل الغزل ، وبما أن الأغنية تساعدها فهي بالفعل تساعد المغزل في الفتل وهذا جد قريب من السحر ، وفي حالات مماثلة يسهل تبيان أن الأغاني تجد أصولها في التعازيم والرقى " (12) .
لقد اكتسبت أغنية العمل وظيفتها نتيجة الضرورة القصوى التي قادت الإنسان إلى السيطرة على أداة العمل واستخدامها بحيث تمكن بواسطتها وبواسطة بذل المجهودات البدنية الهائلة من انتزاع لقمة عيشه من أنياب الطبيعة المحيطة به ومن ثم اكتساب شرعيته وحتمية استمراريته وتطوره .
يقول الدكتور ماقريس : إن أغاني العمل هي " تلك الأغاني المعروفة منذ العصور القديمة للغاية ، وهي الأغاني الشعبية المميزة التي وصلتنا في شكلها البدائي وكانت قد أنشئت لتصاحب عملاً عنيفاً ، ولتضفي عليه النغم وتمده بالوحدة الحركية " (13)
يحاول بعض الدارسين التمحور حول الدور النفعي لأغنية العمل بعيداً عن دورها الحقيقي انطلاقاً من مرتكزات أو انتماءات مناقضة لطموحات العاملين . فأحمد رشدي صالح يلتقي مع أحمد مرسي في الاحتفال بذلك الدور والذي يعني في نظر الأول :
"التسرية عن العامل وتنظيم حركته البدنية وحفزه للبذل " (14)
بينما يعني ذلك في نظر الثاني :
"تنسيق حركة العمل وزيادة مقدرة العمال على بذل الجهد " (15)
إن قصر وظيفة أغنية العمل على نواحي التسرية ومحاولة (استئناس) العامل وحفز أو (حلب) قدراته ومجهوداته الجسمانية كافة بحيث لا يختلف دورها عن دور أي منشط صناعي يظل عاجزاً عن الوصول إلى الدور الحقيقي المرسوم لأغنية العمل المعبرة عن آلام الطبقة العمالية
وآمالها في مختلف مراحل تطورها ونضالها .
• أغاني البحر :
تشكل الأغنية الخاصة بالصياد الفلسطيني حالة أخرى من حالات أغنية الطبقة العاملة الفلسطينية الممتدة عميقاً داخل الوجدان والذاكرة الشعبية المناقضة تماماً لكافة مظاهر العسف والاستلاب والمرتبطة أصلا بالجذور التاريخية والشواهد المدللة على عمق تراثنا .
أن قاموس أغنية عامل الصيد الفلسطيني مثله في ذلك مثل باقي قواميس أغنيات فروع العمل زاخر بالكلمات التي يصعب معرفة معانيها أو تتبع أصلها ، وأسباب بقائها ، وإن حملت تلك الكلمات الإيقاع والجواب اللفظي المفعم بالتناغم المتبادل بين الريس وباقي العمال خاصة في أثناء دفعهم القارب صوب البحر بعيداً عن اليابسة :
الريس : ياليص
العمال : هي هي
الريس : ياليص
العمال : هي هي
الريس هيلا ليصا
العمال : هي هي .
تظل الكلمات تتردد بشكل إيقاعي منتظم حتى يصل القارب إلى الماء ليندفع عمال الصيد داخله ، ولتندفع الأدعية والابتهالات إلى الله طلباً للعون ومنح البركة من جهة ودفعاً لأخطار ذلك الشيء الهائل المسمى بالبحر ، من جهة أخرى ..
ولعل في الاحتماء بسند تلك الأدعية رجوعاً إلى ممارسات طقوسية موغلة في أعماق التاريخ البشري ، حيث ارتبط الإنسان بقوى خفية موجودة بهدف مساعدته وشد أزره :
هيه يالله يا ستر الله
هيه يالله يا عناية الله
هيه يالله يا كرم الله
هيه يالله يا رسول الله
هيه يالله تعين يارب
وشيئاً فشيئاً ترتفع حدة التمتمات والأدعية متوافقة واندفاعة القارب داخل البحر :
صلي ع النبي صلي
هيلا هيلا هيلا
صلي ع النبي صلي
هيلا هيلا هيلا
يا رب هون هلا هيلي
هون علينا هلا هيلي
بجاه محمد هلا هيلي
محمد نبينا هلا هيلي
البحر عالم من المتناقضات ، كرم وبخل .. عطاء ومنع .. خير وشر .. لين وقسوة .. حب وكره .. بساطة وجبروت .. يسر وعسر .. عدل وظلم .. أمان وخوف ..
"هو الله في إحدى تجلياته فإذا كانت أغاني عمل الصيادين محض دينية فهي استجابة مباشرة لغموض البحر وغدره .
إن الابتهال المتوهج هنا يتجه إلى البحر القادر الذي يحتفظ بسر العيش ويكشف من هذا السر بقدر ما تسبر غوره حكمة وشجاعة هؤلاء الرجال "(16)
الريس : كل ما يشدو المحامل
بقية الصيادين : للنبي قلبي يهيم
الريس : لا سعي وازور النبي
بقية الصيادين : وأرمي حمولي عليه
الريس : وإن صابك ضيم نادى
بقية الصيادين : يا إمام علي .
عبر هذا الاستلهام الديني نجد العديد من الأمور الحياتية المتشعبة المتداخلة التي تظل تشد الصياد بقوة إلى واقع البر وواقع الحياة الاجتماعية حيث المرأة أو ـ شط الأمان ـ البعيد نسبياً وفعلياً .. ولتزداد الترديدات تبعاً لضربات المجاديف داخل الماء :
صياد : والله وان طال زماني لأشكي لقاضي الغرام
بقية الصادين : لأشكي لقاضي الغرام
صياد : حب البنات يا قاضي حلال ولا حرام
بقية الصيادين : حلال ولا حرام .
الصياد : حرام للمتجوز أما العزابي حلال
بقية الصيادين أما العزابي حلال
صياد : وان كان حرام يا قاضي اكتب لي بالحلال
البقية : اكتب لي بالحلال
صياد : كرامة للنبي
البقية : كرامة للنبي
صياد : كرامة للنبي
صياد : ويا بنت قولي لأبوكي خليه يعطيكي إلي
البقية : خليه يعطيكي إلي
صياد : كرامة للنبي
البقية : كرامة للنبي
صياد : وان ما رضيش أبوكي أمك بتعطيني
البقية : أمك بتعطيني
صياد : كرامة للنبي
البقية : كرامة للنبي
صياد : وان ما رضيتش أمك ابكي ونوحي
البقية : ابكي ونوحي
البكاء أو النواح سمة رئيسية من سمات أغنية الصياد المعلق على الدوام بحبال ممتدة من الهواء إلى السماء والمؤهل في كل لحظة لاستقبال وتحمل كوارث البحر الطبيعية والاقتصادية كالموت والفناء في أية لحظة أو العودة المقهورة من رحلة صيد عاثرة مليئة بالعناء والشقاء والعجز اللا نهائي:
يا عمتي هيلا هيلي
يا أخت بي هلا هيلي
ابكي ونوحي هلا هيلي
والله على هلا هيلي
هذا النهج الموشوم بالعجز إزاء خاصيات البحر يكتسح الوجدان الشعبي المطعم بالحذر المتعارض والمغامرة الفعلية ـ نزول القيعان و أطراف المدن ـ والاستعاضة عن ذلك بعلاقات حياتية أكثر أمناً ونجاة كما في النموذج التالي الذي يعكس إضافة إلى ما سبق العديد من الصور والمؤشرات الاجتماعية والتاريخية التي تبرز من خلالها صورة اليهودى ـ المخادع ، المغتصب ـ حسب الفرز الشعبي :
ما قلتلكك يا هاني هلا هي
لا تنزل القيعاني هلا هي
لا تنزل إلا غزة هلا هي
وسوقها التحتاني هلا هي
يا ربنا هلا هي
يا ودودي هلا هي
حلتك على هلا هي
هاليهودي هلا هي
عرص وبايع هلا هي
بايع براقع هلا هي
وبرقعك يا وليه هلا هي
وزنته والله هلا هي
مجاش وقية هلا هي
والمسافة بعيدة من نقطة الإقلاع إلى نقطة التمركز داخل البحر ، قد يستغرق قطعها والبقاء فيها انتظارا للرزق الآتي عدة أيام تحفز إلى طرق الكثير من الأغنيات التي يؤكد الصياد من خلالها قوة عزيمته واحتماله وصبره على الصعاب :
وان هبت الريح قلت لمركبي سيرى
وأنا أصبر صبر الخشب تحت المناشيري
ناديت يا طير يا طير بحق السما العالي
تلم شملي وتجمعني على الغالي
شط البحور مرقدي والموج بنالي دار
والشنشولة صنعتي وأيامي في السنار
يا نازلين البحر لا تعاندوا التيار
بلكي تمر الصبية وتنطفيلي نار
أيام لما البحر يكبر تلاقينا
نلعن زمان الشقا ونلوم أهالينا
ولما البحر يهدا وريحة تنادينا
ننسى زمان التعب ونرمى مراسينا
لا تحزني يا مينا أن لم أنا أصيد
البحر طبعه الكرم وعزيمتي حديد
في بعض الأغنيات نلاحظ ارتباط عقلية الصياد ببعض المفاهيم والعلاقات القديمة حيث نجده يعد المدينة بالمزيد من الاحتفاء والتزيين لها ـ بكل ما تعنيه كلمة مدينة من مستلزمات الترف والغني والثراء المجسد في توافر العسل والطحينة بها ـ إذا ما عاد من البحر سالماً غانماً :
لأزينك هلا هي
يا مدينة هلا هي
يا العسل هلا هي
والطحينة هلا هي
عيب علينا هلا هي
ان ملينا هلا هي
ولا يقولوا هلا هي
بحريتك هلا هي
يا حفلص هلا هي
ماتوا من الجوع هلا هي
الغناء لحفلص أو الريس قائد المركب ، موجه الدفة ،الخبير باتجاهات الريح وطرق البحر وأماكن تجمع الأسماك يعتبر من ضروريات أغنيات البحر وإن لم يصل ذلك الغناء إلى درجة التقولب حول فرد دون سواء حيث أن الجماعية والتغني بهمومها وأحلامها هو السائد .
ولعلنا نلاحظ في تلك التراثيات تشابهاً ببعض التراثيات العربية المجاورة في كثير من المضامين والأساليب ولعل ذلك يعود بالضرورة إلى "أن هناك أسساً مشتركة وتاريخا مشتركاً نمت عليه الثقافة الشعبية العربية خلال مراحل طويلة من الزمن (17)
عندك بحرية يا ريس
كلهم أذكيا يا ريس
صافيين النية يا ريس
وزنود قوية يا ريس
والبحر كبير يا ريس
قطع الجنازير يا ريس
البحر جبال يا ريس
قطع حبال يا ريس
أنا وسط المية يا ريس
جوزني مريم يا ريس
ما تخافش عليها يا ريس
قلبي هام فيها يا ريس
والبحر كويس يا ريس
وصلني حبيبي يا ريس
مناجاة الريس والموائمة ما بين عمل البر وعمل البحر نجده في الكثير من أغاني رجال البحر حيث نلاحظ الاحتفاء باللازمة الضرورية أو ـ القرار اللفظي الموحد ـ كما يسميه " فيشر"حيث يتردد ذلك القرار بشكل دائمي منغم كجواب لكل مقطع من المقاطع المغناة.
وهذا القرار الثابت موزع في أغنيات عامل الصيد المتبدلة المقاطع ما بين لفظات "هي هي " أو "هلا هي "أو " ياريس" أو "ياليص" أو "هيلا هيلا أو هيلا ليصا " وهذا القرار ضروري دائماً لإنجاز العمل بطريقة إيقاعية ففي مثل هذا القرار الذي يكتسب سحراً خاصاً يحتفظ الفرد بإحساسه بالجماعة " (18)
كما نلاحظ في هذه الأغنيات وفي العديد من مثيلاتها :
يا بنت ياللي هلا هيلي
يا اللي على الشط هلا هيلي
سكين يخرط هيلا هيلي
والله نهودك هيلا هيلي
ياللي قتلتي هيلا هيلي
الشب الحليوة هلا هيلي
ما عنّا غيره هلا