ين ذلك الزخم الغفير من المارة، كانت تجلس أحلام على شفير الانتظار وقلق
الرحيل مرتبك على محياها يمزق ما تبقى منها. تتطلع الى الأرض حيث حمامة
تلتقط فضلات المارة على ذلك الرصيف. لم تزل عيناها عن تلك الحمامة إلى أن
طارت فجأة، فطار عقلي معها بذكريات ذلك الماضي الذي كنا فيه حمامين نطير
بهدوء عكس السراب.
. في تلك السماء الصافية زرقة،
كنا نطفئ شوقنا المحرق وسط ذلك الضباب الندي، نتقاسم الافراح ونتبادل احزان غربتنا التي تبعثرت تحت اقدام الوطن.
سالت دموع حزني المحطم على ايام ركضنا فيها نحو المستحيل، وبسطنا فيها خيمة جنوننا واحلامنا.
. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فجأة
يأتي عقاب ضخم نحونا ونحن في غفلة نلون قوس قزح بشفتينا ونسبح على صدر ذلك
الفضاء ونرتمي على ذراعي الشمس، نجتذب اطراف دفئها الذي عرى شبق روحينا
التواقة فقط الى اجتذاب الندى في ذلك الأفق اللاهث.سنين كانت غير
كل السنين. سنوات متكتمة على سر احداثها، تطاردها خطوات العقاب الذي مازال
يحوم متربصا في ذلك الفضاء وعيناه كالسهم، تخترق روحينا التي لم تكن إلا
هائمة لاستنشاق هذيان الريحان.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يقترب
العقاب ونحن في ذلك الحالق، ويحول بيني وبين سعادتي، وأنا أركض وحدي
مبتعدا أجهش لفتنة ذلك الكائن المضطرب الذي يستجمع شرود كل العالم، وبيدي
أمسك سعادتي معي، أتعثر معها في ذلك الحالق، كمن يتعلم التحليق ونحن تحت
رحمة ذلك العقاب.
دمعت عيني على حبي المنكسر، فحجبت الدموع الرؤيا عن
أنفاسي المتجمدة . ورغم ذلك مازلت أراها ممتثلة على ذلك المقعد، تنظر الى
نفس المكان الذي كانت فيه تلك الحمامة تقتات اكلها. هل اذهب اليها واجتذب
ذلك الماضي الذي احترق؟ وكيف لي بعد أن نهش العقاب روحينا، فلم يبق إلا
فراغ محفور في الليل والضلوع.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ذهب
ذلك الجنون اللذيذ، كما فرت كل الأزمنة، ولم يبق الا نشيج التنهدات
الملوثة بالتأوه. حزن الأنين على الألم وبكى الألم على الجراح وتألمت
الجراح من مخالب ذلك العقاب الذي أسكت روحين كانتا ترقصان على عزف تراتيل
تشذو بجنون أرق الكلمات. فأصبح الصمت بيننا يمزق السكوت والسكون يبكي
تنهدات الصخب الصم. ذهب بحلمنا وخطف سعادتنا …
مرّت اعوام وكانت كلما
خطرت على بالي اكتظ حزني وسالت دموعي حارقة كل الأمنيات، وكلما ذكرتها
شعرت بأنفاسها التي لا زالت تسكنني ليلة باتت عندى. طيفها يعبر في أوردتي
كل ثانية، أراها كلما حاولت رؤية نفسي بين حروف كلماتي. كنّا قد ثملنا في
مطعم وعدنا الى البيت نصغي لرذاذ صوتنا، نتأمل هطول المطرعلى اجنحة
النافدة، وننتشي احتراق المكان المجنون على خلسة. وتحادثنا وووجدنا انفسنا
نحلم على مرآى سكون ذلك الليل الهادئ في اشتياق وابتهاج يلهث باحتفاء
واشتهاء.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لا
شيء أجمل من صفاء تلك اللحظات. صحوت ليلا وانفاسها تدفء وجهي، تسري في كل
خلاياي تدخل أعماق قلبي. كانت نائمة في عالم احلامها، وكنت اتمنى لو منحني
الله معجزة الهبوط الى عالم احلامها لألتقي بها هناك كأننا في يقظة. نظرت
اليها في ذلك الليل البهيم فرأيت نفسي تتحسس دقات قلبها. كانت تلك آخر ليلة
ذكرتها بعد ابتعاد السنين …
اختفت كما درة من ضوء مغموس في وجه
الشمس، كما حبة من رمل وسط كتبان رملية. وهاهي الآن مازالت تبحث حتى من بين
بقايا تلك الفضلات على الارض في محطة القطار. لم يبق شيئا بين تلك الفضلات
بعد قيل وبهتان مزعوم ملغوم بحروف من نار، تحرق الحرّ بمتاهاتها على طول
المسافات.
تحوم بين علامات الاستفهام حينا والتعجب حينا آخر، تتوكأ
على ركود الزمن الذي توقف على كذب “اتيكتي” منمق بفحيح من سم، من لغم من
عضة كلب مسعور تأبى الشفاء.
حسد مكتظ بغيرة ارتشف خلسة سعادتنا.
وتفجرت الشوارع بنباح كلماته الخاوية، المريضة من جوع في نفسه يأبى سعادة
الآخرين. نباح يختلط أحيانا بالعويل واحيانا يتحول الى أنين أنيق، وأحيانا
أخرى إلى دموع تمساح أو نقيق ضفدع عجوز ينعي الحروب ويقدّس الحب.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لكنّ
كيف لمن يفتقد الحبّ في حياته أن يسعد لحب الآخرين. عقاب يترجرج على عكاز
أجنحته، تهتز مفاصله أينما حطّ بلونه المزركش بالزيف، ينزع الى الخبث
وثرثرة الغيرة الحسودة التي أفسدت رباط روحينا وعرقلت طيف ذلك الحب بدسيسة
أوقفت مسيرة عشق تلطخ بوحل مخالب ذلك العقاب.
هكذا جبل البشر في علاقاتهم على مدى التاريخ.
كنت اعرف انّ هناك من يشك في صمتي الذي ابى أن يتورط من جديد لظرف معين يتعلق بها. كان عليّ أن اتكتّم هذا الحبّ الكبير.
واخشى
ان يشعر ذلك العقاب. لم أكن أفهم سبب غيرته التي جعلته يبعدني عن زهرتي
بهمسات الكلام واشارات العين وسموم الكلمات. فمرة نقلوا لي انها اساءت أليّ
. ومرّةً أخرى سمعت انها تسخرُ منّي.
لا اعرف مدى صواب ما نقلوا
اليّ. لكني مع ذلك كنت دائما انظر اليها ، لا بالقلب، واسمع كلماتها، لا
بالعين. بل كنت افكر بقلبي نحوها وانظر بالبصيرة اليها. فأنا اعرف مدى
نبلها واخلاقها الراقية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]انتظار[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رحيل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لقاء ؟! انتظار أخر ؟!