مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، بدأت العائلات تزيد من وتيرة
الاستعدادات التي ترافق هذا الشهر الفضيل وطقوسه، استقبالا لأيام الخير
والبركة.
الروحانيات التي أخذت تحتل القلوب لاستقبال الشهر
الفضيل رافقها على صعيد آخر الإمساك بزمام الأمور الاحتفالية والتنظيمية،
وفق خيارات باتت متعددة ورفيقا دائما لشهر الصوم في الأعوام الأخيرة، بدءا
من شراء الفوانيس وأهلة رمضان وتعليقها على واجهات المنازل، ومرورا بوضع
ميزانية خاصة تحقق معنى التكافل الاجتماعي، إلى جانب كتابة الوصفات
الرمضانية، ومتابعة برامج الطبخ، وتذكر ذوي القربي لزيادة صلة الرحم وغيرها
الكثير من الفضائل في هذا الشهر الكريم.
هذه الاستعدادات
لا تنسى بالتأكيد الناس، عادات رمضان وروحانياته الجميلة، فتجد الكثير من
الناس يستمتعون بالذهاب إلى الأسواق، والاستماع إلى صوت المآذن، وتذكر مدفع
رمضان، والاستمتاع بصلاة التراويح، ما يعطي نكهة مميزة لهذا الشهر.
"إنه
شهر الخيرات والكرم والمحبة"، بهذه الكلمات وصفت الأربعينية ربى عماد، شهر
رمضان، معتبرة أنه من أحب الشهور على قلبها وتنتظره بفارغ الصبر كل عام،
"رغم ما يعتريني من تعب وإرهاق، ولكني لا أشعر بهما على الإطلاق، لأن رمضان
له روحانياته الجميلة، التي تخفف عن الإنسان كل التعب" كما تقول.
وتشير
إلى أنها تبدأ بالتجهيز لرمضان من خلال القيام بعملية مسح كامل على المواد
الغذائية كافة، التي تنقص البيت، خصوصاً أن هناك أطعمة مميزة ترافق هذا
الشهر، ولا يشعر الواحد منّا بلذتها إلا خلال أيامه، مثل القطايف والعصائر
المختلفة، كعرق السوس وقمر الدين وغيرها، لافتة الى أنها تذهب وتتسوق كافة
المواد التي تحتاجها.
ورغم أنها تحضر كل شيء، إلا أنها بعد
مرور أقل من أسبوع على الشهر الفضيل، تشعر بوجود بعض النواقص لديها وتذهب
من جديد لشراء أي مستلزمات أخرى.
ويجد الثلاثيني أشرف
معتز، أن شراء مستلزمات الزينة وتعليق الفوانيس، ووضع الأهلة على باب
المنزل أو على النوافذ، هي أولى التحضيرات التي يبدأ بها في شهر رمضان،
معتبرا أن التزيين متعة كبيرة، وخاصة عندما يجد كل البيوت مضاءة بالأهلة
والفوانيس، حيث يشعر بأهمية هذا الشهر.
ويكثر معتز من
الزينة، أكثر من العام الذي سبقه، مبينا أنه كل سنة تبرز لديه أفكار أكثر،
فكلما وجد عددا أكبر من البيوت المزينة، شعر بالراحة والطمأنينة، وبأن
الناس كلها محتفلة بهذا الشهر الكريم.
وتبدأ الخمسينية
نهاد علي بالتجهيز لرمضان قبل فترة من قدومه، مبينة أنها تحب تنسيق وتنظيم
أوقاتها في رمضان، وتوزيعها بين عمل كافة الطقوس، والعبادة والطاعة والتقرب
إلى الله تعالى، كونه شهرا لا يعوض.
وتلفت إلى أنها تقوم
قبل مدة بعمل المعجنات والسمبوسك والكبة وكافة الأطعمة، التي يتم تفريزها
كونها من الأطعمة المتعبة، أكثر من الأطعمة في الأيام العادية، إلى جانب
أنها تحب تنظيم وقتها، كي لا يكون كل شيء متراكما عليها، ولا تحبذ كذلك
إرهاق خادمتها في رمضان، كونها تصوم مثلها مثلهم وبحاجة إلى وقت للراحة.
ويبدأ
الستيني أسعد عبدالله، تجهيزاته الرمضانية بالذهاب منذ اليوم الأول من
الشهر الفضيل إلى البلد لشراء عصير العرق سوس والتمر الهندي والقطايف؛ من
الأماكن التي اعتاد الشراء منها طوال عمره، ومن ثم يترك شراء الخبز إلى آخر
الوقت، حيث يخرج مرة أخرى قبل الأذان بمدة قصيرة للشراء، فهي جميعها تعطي
رمضان طعما ومعنى مختلفين تماما.
ويقول "بالرغم من أننا
نستطيع شراء كل تلك الأشياء في الأيام العادية، إلا أنني لا أقدم عليها ولا
أشتريها كونني أعتبرها أطعمة خاصة في هذا الشهر، ولها طعمها الخاص، وتعطي
أجواء معينة وروحانيات مختلفة".
صلة الرحم ورؤية الأقارب
والتواصل معهم هي من أهم ميزات الشهر الفضيل، بحسب الأربعيني يوسف أسعد
الذي اعتبر صلة الرحم في هذه الأوقات، ونتيجة الضغوطات الاجتماعية، ضعيفة
جدا بين الناس وهو ما يجعل الشهر الكريم يأتي كل عام ليجدد هذه الصلة.
ويرى
أن الولائم وتبادل الزيارات، والبرامج الجماعية في رمضان، كلها أمور تقوي
من صلة الأرحام، لافتا إلا أنه في أحيان كثيرة، لا يرى أشخاصا إلا في شهر
رمضان.
وينتظر العشريني أشرف اسماعيل، قدوم الشهر الفضيل
بفارغ الصبر، كونه شابا مغتربا يعيش في أحد البلدان العربية، حيث يعمل على
تجميع كافة إجازاته السنوية، ليأخذها كاملة في شهر رمضان، بحيث يتمكن من
المجيء إلى بلده وتمضية الشهر مع عائلته.
ويؤكد أن أجواء
رمضان لا تعوض في منزل العائلة، حيث يجتمع كل الأفراد والأحفاد على طاولة
السفرة منتظرين المدفع، لتناول وجبة الإفطار، ومن ثم الذهاب إلى صلاة
التراويح، والعودة لتمضية السهرة في البيت، لتناول الحلويات وشرب العصائر،
وكل ما يصطحب رمضان من روحانيات وأجواء جميلة