يعي الموظف والموظفة أهمية الحفاظ على أجواء مريحة في مكان عملهم، نظراً إلى أنّهم يمضون أغلبية أوقاتهم مع زملائهم، وليس في مصلحتهم القيام بأي أفعال أو تصرفات من شأنها أن توتر الأجواء وتخلق عداوة لا ضرورة لها. ولضمان الحفاظ على علاقة جيِّدة مع الزملاء يجب على الجميع اتباع قواعد التعامل مع الآخرين في مكان العمل والإلتزام بآداب التواصل معهم.
يغيب عن بال بعض الموظفين أن لمكان العمل قوانينه الخاصة المغايرة لقوانين المنزل. فما يحق لك القيام به داخل البيت لا يصح بالضرورة أن تفعله في المكتب، إذ من غير اللائق مثلاً التحدث بصوت مرتفع على الهاتف أو التحدث بالمشكلات الخاصة والشخصية على مسمع الجميع. كما لا يجوز مثلاً أن تمضغ طعامك وفمك مفتوح، بحيث تصدر أصواتاً مزعجة، كما لا يجوز أن تجلب أطعمة لها روائح نفاذة إلى المكتب، فثمة ربما من لا يتحمل روائح البهارات القوية التي تحب إستخدامها في طعامك. يجدر بك أن تنتبه إلى نوعية الطعام الذي تجلبه إلى المكتب وكيفية رد فعل زملائك تجاهه. واعلم أنّه أياً كان رد فعلهم، فإنّه لن يكون في مصلحتك، وذلك لسببين: ففي حال جلبت طعاماً شهياً ولذيذاً، فإنّهم سيحرمونك منه بالتهامهم إياه. أمّا إذا جلبت طعاماً له رائحة نفاذة، فإنك ستحصد إنتقادات لاذعة وتثير غضباً عارماً من حولك.
لذا يستحسن دوماً تناول الطعام خارج المكتب أو في الكافيتريا الخاصة بمكان العمل، وعدم جلب الأطعمة ذات الروائح القوية بتاتاً إلى العمل.
من القواعد الأخرى التي في حال إلتزامك بها ستسهل عليك تمضية يومك بسلاسة ومرونة في مكان العمل:
- احترم خصوصية زملائك: بحكم وجودك في مكان واحد معهم، حيث لا جدران عازلة تفصل بين مكاتبكم، فإنّه من المرجح أن تسمع أجزاء من المحادثات التي يجرونها في ما بينهم أو على الهاتف. قد يتناهى إلى مسامعك كلام عن مشروع تعرفه جيِّداً أو مشكلة سبق أن مررت بها، فتشعر بميل إلى التدخل لإبداء رأيك ومساعدة زميلك على حل مشكلته بسرعة. لكن، حذار، فإن تدخلك في الحديث، على الرغم ربما من إفادته، يمكن أن يزعج زميلك ويجعله يصفك بألقاب غير مستحبة كالمتطفل أو الفضولي. فكِّر جيِّداً قبل أن تقرر التدخل ومشاركة زميلك بالحديث. راقب نبرة صوته، فكلما بدا يائساً ازدادت إحتمالية تقبله لأي رأي آخر. وينصحك الخبراء قبل أن تبدي رأيك وتدلي بما لديك، أن تتوجه إلى مكتب هذا الزميل كي تجعله يراك وأنت تستمع إليه. ثمّ الإنتظار لوقت الغداء أو الإستراحة كي تقترب منه وتخبره أنك شعرت بأن ثمّة مشكلة ما، وأنّه سيكون من دواعي سرورك تقديم المساعدة له لإيجاد الحل المناسب. كذلك احرص على عدم الطلب من زميل لك في الغرفة نفسها أن يقص عليك أموره الشخصية إلا إذا رغب هو بذلك. واحرص بدورك على عدم الإكثار من إجراء مكالمات هاتفية شخصية إلا في حدود المقبول ويكون ذلك لوقت محدود وبصوت هادئ. في حال شعرت بأن زميلك في الغرفة يجري مكالمة شخصية، فيفضل ترك الحجرة حتى ينتهي من مكالمته حتى لا تشعره بالحرج.
- إصلاح ما تسبب في إتلافه أو كسره أو تعطيله: كم مرّة رغبت في إستخدام آلة النسج لتجدها معطلة إما بسبب إنتهاء الحبر أو الورق أو وجود ورقة عالقة؟ وهذه المشكلة لم تحل لأنّ الشخص الذي سبق أن استخدم الآلة لم يكلف عناء إصلاحها وجعلها صالحة للإستخدام. ننصحك بألا تكون هذا الشخص المهمل وغير المهتم بالأدوات التي يستخدمها الجميع في الكتب. إذا لم يكن في مقدورك إصلاح العطل، يمكنك ترك ملاحظة أو الإتصال بقسم الصيانة لإتمام العملية. ولكن، من المهم جدّاً ألا تتجاهل المشكلة وأن تكون المبادر إلى حلّ المشكلة، وتيقن أن زملاءك سيقدرون جهدك.
- حافظ على نظافة غرفة الطعام: في حال سكبت طعاماً عن طريق الخطأ في المايكروويف أثناء تسخين الطعام، أو أثناء وضعه في الثلاجة، سارع إلى تنظيف المكان. لا تسهم في تحويل مكان الطعام أو الأجهزة التي يستخدمها الجميع لحفظ طعامهم أو تسخينه إلى ما يشبه مكب القمامة. كن حريصاً على عدم ترك أي شيء خلفك وتنظيف المكان حتى لا تتهم بالشخص القذر. أمّا في حال لم يكن لديك الوقت الكافي لتنظيف المكان وكان هناك عمال نظافة، فسارع إلى الطلب منهم القيام بذلك.
- كن على توافق مع الجميع: إنّ أفضل طريقة لتفادى الدخول في نزاعات هو التوافق مع الجميع والعيش بسلام معهم. لكن هذا لا يعني أن تسارع دوماً إلى عناقهم وإلقاء نفسك بين أحضانهم، يمكنك أن تكون ودوداً ومهنياً في الوقت ذاته وحازماً وحاسماً عند الضرورة. إذا كنت قلقاً حيال مسألة ما، فاحرص على التركيز على المشكلة وليس على الشخص، وإذا أرغمت على رفض طلب لزميلك، فعليك أن تفسر له سبب رفضك القيام به، وإذا كان في الإمكان تقديم حل بديل. العيش بسلام وتوافق مع الآخرين يعني أيضاً الحرص على عدم التحيز لأي فريق خلال عملية صراع فرض السلطة في مكان العمل، لأنّه بتحيزك لفريق ضد الآخر ستتأثر إنتاجيتك وستجد نفسك غير قادر على التعامل مع الفريق الآخر الذي وقفت ضده، ما يعني الحد من مهاراتك وأدائك المهني. حاول دوماً التركيز على العمل والمهمات الموكلة إليك، والتعامل مع كلا الفريقين إنطلاقاً من تلك المهمات وتفادي التحدث في المواضيع التي يختلف عليها الفريقان.
لا مانع أيضاً من وقع بعض المناسبات الخاصة لبعض الزملاء على المفكرة اليومية لتقديم شيء صغير وخاص، قد يكون وردة مثلاً لرفع روح المحبة والإحترام بينكم.
- ابتعد عن النميمة: لا شيء أسوأ من النميمة، فهي تؤثر سلباً في كل شيء تقريباً وتقضي على الحماس والحيوية وديناميكية الموظفين. ابتعد دوماً عن النميمة، لأنّها لا تحتوي على أي فائدة بل إنها مغمسة كلياً في الشرّ. لكن تفادَ إلقاء المحاضرات عن سوء النميمة أمام الزملاء الذين يبدؤون التحدث فيها، لأنّهم قد يبتعدون عنك ويرفضونك ويحولونك إلى هدف لهم. بدلاً من ذلك، حاول دوماً تغيير الموضوع، فرضاً مثلاً أنهم بدؤوا يتحدثون عن مشكلة إحدى الزميلات مع زوجها، بالطبع في ظل غيابها، عندها يمكنك إختيار موضوع له علاقة بالمشكلة لكنه بعيد جدّاً عن النميمة للتعليق عليه.
- ابتعد عن الأحاديث التي تتناول إساءة إلى المسؤولين عنك: افترض مثلاً أن زملاءك في العمل بدؤوا ينتقدون المدير، في حال انضممت إليهم فإنك ستبدو شخصاً غير مخلص لمديرك، وفي حال لم تفعل فإنّ الجميع سيرمقونك بنظرة مشككة. ما العمل في مثل هذه الحالة؟ تماماً كما النميمة حاول دوماً تغيير الموضوع من خلال ربط مديرك بموضوع آخر والتحدث عن هذا الموضوع. أو ببساطة يمكنك الرد على زملائك بابتسامة عريضة والقول: "لا يعقل أن يكون المدير سيئاً إلى هذه الدرجة، ألسنا نبالغ في الأمر؟".
............
ربي ساّمِحني عِندَمَاّ أَحزَن عَلّى شَيء أَرَدَتَـُه
وَ لَم تَكتُبُه لِي....