الملك الانسان...والشعب الابي
يعبر سلوك الناس عن مخزونهم الثقافي, تجذر معتقداتهم فيهم, انعكاس هذه المعتقدات على تصرفاتهم, العمق الانساني في شخصياتهم, رؤيتهم للحياة, وتصوراتهم للعلاقة مع بعضهم.
فالسير تراكم للفعل اليومي, مواقف اصحابها, احاديثهم, وتصرفاتهم, وعلى ضوء هذا الفعل يجد الراوي ما يرويه جيلا بعد جيل.
والملمات تظهر معادن الرجال, وشيمهم, ويصبح لسلوك الانسان وتصرفاته لدى وقوعها معان, وايقاعات مختلفة في نفوس الناس.
في صورة جلالة الملك عبدالله الثاني وهو يودع عاما, ويستقبل اخر, بالتبرع بالدم لضحايا العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة, وتحركه الدؤوب لوقف الحرب المروعة التي تشنها الطائرات الاسرائيلية ما يستدعي التأمل, والخروج باستخلاصات.
فقد اضاف جلالته جديدا الى بحر لا ينقطع, من عطاء انساني, بقي على الدوام النافذة التي يطل منها على شعبه وامته والعالم.
ووجه رسالة واضحة في التفاعل والتآزر, مستمدة من قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى" وتنطوي على قيم عربية اصيلة حاضرة دوما في تفاصيل حياة جلالته.
ذلك النوع من الرسائل الذي يعبر بلغة واضحة عن اعتزازه بالانتماء, وصدق النوايا, ووضوح الرؤيا.
فالدم الجاري في العروق والقلوب من اقدم وابلغ اللغات التي عرفتها البشرية منذ فجر التاريخ.
كما قدّم جلالته نموذجا يحتذى في تلاحم القيادة وشعبها من اجل نصرة قضايا العرب والمسلمين واغاثة المنكوبين.
فلم يتوان الشعب الاردني الكريم منذ اللحظة الاولى للعدوان عن الخروج بمسيرات الغضب احتجاجا على استباحة دماء ارواح الاشقاء في القطاع العزيز على كل ابناء الامة.
وما كان غريبا على هذا الشعب الأبي المعطاء ان يقضي اخر ايام العام في العراء ليذكر العالم بمأساة شعب شقيق يواجه آلة الدمار بالاصرار على حقه في حياة كريمة ومستقبل افضل.
لقد برهن جلالة الملك مرة اخرى على انه خير قائد لخير شعب, واثبت الاردنيون مجددا انهم يستحقون قائدا كالملك عبدالله الثاني, حفظه الله ذخرا للأمة, وادام الأمن والأمان لهذا البلد, وجعل العام الجديد عام رخاء واستقرار للاردن وسائر بلاد العرب والمسلمين.
*سفير دولة الكويت لدى الاردن
فيصل الحمود المالك الصباح