موضوع: تعلموا من الماضي وانظروا إلى المستقبل الإثنين يوليو 25, 2011 2:35 pm
تعلموا من الماضي وانظروا إلى المستقبل
يأتي الجزء الأكبر من المتعة التي نحصل عليها حين ننجح في تحقيق ذواتنا من المسار الذي نتّبعه في تحقيق أهدافنا، أكثر منه من النتائج التي نحقّقها. المشكلة التي نواجهها حين نكون شبانًا هي أننا لا نعرف دومًا الى أين نذهب، ولماذا، وكيف نصل الى حيث نريد. الأمر مختلف حين نتخطى الأربعين. فحينها نبدأ بفهم ما نريده فعلاً من الحياة، وفي حال لم نكن بعد قادرين على ذلك، فإننا نعرف على الأقل ما لا نريده أو ما لم نعد نريده. وبهذا نشعر بأننا قد تحرّرنا من عبء كان جاثمًا على صدورنا.
لا تقتصر الحياة على الاستهلاك والشراء والنوم والاستمتاع بهواياتنا. يحدث أحيانًا أن نوقف إيقاع نشاطاتنا السريع، ونجلس في مكاننا شاعرين بالتعب وبأننا ما عدنا نرغب في فعل أي شيء. ننظر الى أنفسنا ونطرح الأسئلة عليها: يشبه ذلك ما نسميه طرح الأسئلة الوجودية على أنفسنا… من أنا؟ الى أين أذهب؟ ما المعنى الحقيقي لما أقوم به؟ هل ثمة معنى لأي شيء أصلاً؟ لحسن الحظ أننا لا نستمرّ بطرح هذه الأسئلة طوال الوقت، إذ إن الهموم اليومية تعود لتفرض نفسها. تذكّرنا هذه الهموم بأنفسنا، أو ربما تصرف انتباهنا عنها. ماذا حدث؟ هل هي لحظة ضياع؟ هل كان الأمر جنونًا أم حقيقة؟
طرح الأسئلة المناسبة
غالبًا، نبدأ بطرح الأسئلة المناسبة بين سنّ الأربعين والخمسين. فالأربعون هو العمر الذي نظنّ فيه أننا أصبحنا {في منتصف حياتنا}. إذن هو الوقت المناسب للتوقّف والنظر الى الوراء، وتقييم الأعوام الأربعين الماضية، والنظر الى المستقبل مع تخيّل ما نريد القيام به في الأعوام المتبقّية لنا لنعيشها. فإذا كنا نشعر بالضياع أو غير قادرين على تقييم ما وصلنا إليه، فإننا نمرّ بالضرورة بأزمة الأربعين الشهيرة. ما يمكن أن نسميه رحلة في الفراغ، أو “رحلة في قلب الروح” على حدّ قول هيديغير. فجأة، نتوقّف عن التصرّف كأشياء، أو كأشخاص لهم وظيفة محدّدة، غارقين في ذاتهم ومتخلّين عنها، لنلتقي بالأشياء التي تميّزنا. فنحن لسنا مجرد أشخاص، وعلينا أن نعيش وجودنا، وأن نكون موجودين. يقول هيديغير: {نواجه دومًا احتمالات كثيرة علينا أن نقرّر في ما بينها}.
عدم معرفة ما نريده
سؤال {هل من الممكن عدم معرفة ما نريده؟} يعيدنا الى التعبير الشائع {هو لا يعرف ما يريده}. نشعر حين نطرح هذا السؤال على أنفسنا بأنه علينا أن نجيب بنعم. لكن، يتبيّن لنا حين نذهب بتفكيرنا الى أبعد من ذلك بأن الإجابة المطلوبة ليست واضحة الى هذا الحدّ. في الواقع، صحيح أننا لسنا أحيانًا على علم بكل الأمور الخارجية من حولنا، لكننا نعرف طبعًا الأمور الصادرة عنا، فكيف يمكننا ألا نعرف ما نريده؟ لكن هذه الإجابة ليست شافية أيضًا، لأن ثمة فرضية وجود لاوعي في داخلنا. هي مشكلة معقدة إذاً. لهذا لنا الحق في أن نتساءل إن كان من الممكن لنا عدم معرفة ما نريده. يقول المثل إن ثمة سناً لكل شيء: أي سنّ لعدم معرفة ما نريده، وسن أخرى للبدء باكتشافه، وسن ثالثة تتعلّق بعيش ما نريده فعلاً.
معرفة ما لا نريده
تؤدي عملية بناء الذات الى أن نكون قد أصبحنا نعرف عموماً، مع بلوغنا سن الأربعين، ما لا نريده أو ما لم نعد نريده. قد تؤدي تجارب الماضي، والنماذج التي رأيناها، والمخططات التي فُسِّرت لنا، والتربية التي تلقيناها، الى شعور بالرفض والى رغبة في عيش حياتنا بشكل مختلف. كذلك، قد تدلّنا التجارب الفاشلة التي عشناها على ما لم يعد ينبغي علينا فعله لكي نكون سعداء، علماً أننا نميل عادة الى إعادة إنتاج مخططات تضرنا لمرات عدّة، قبل أن نفهم أنه علينا شطبها تمامًا والى الأبد من حياتنا! ليس سهلاً دائمًا الخروج من المأزق بمفردنا وفهم أخطائنا من دون مساعدة خارجية. لذا قد يكون من الضروري اللجوء الى مساعدة مدرّب تطوير الشخصية أو عالم نفسي، لكي نحدّد بشكل دقيق ما لم نعد نريد فعله في حياتنا أو تكراره في تصرفاتنا.
فهم ما نريده
تأتي بعد ذلك مرحلة جديدة، وهي مرحلة معرفة ما نريده فعلاً. لكن، لنتوصّل الى ذلك، علينا أن ندرك أولاً قيمة ذواتنا. وهنا تبرز أهمية احترام الذات وتقديرها، إذ لا يمكن أن نعرف ما نريده حقيقةً، إن كنا لا نحب أنفسنا ولو قليلاً. بعد سن الأربعين، يصبح هذا المسار هو الطاغي، لهذا يصبح من الأسهل النظر الى المستقبل بإيجابية. قواعد التفكير الإيجابي
من الضروري، إن أردنا حقًا الحصول على أمر ما، أن نعرف ما نريده بالضبط قبل السعي إليه. مهما كان ما تريدونه، تخيّلوا أنه لديكم الآن، وستحصلون عليه. إعرفوا كيف تفرّقون هنا ما بين الخيال والشعور الذي قد يولّده الحصول على ما تريدونه. فالشعور هو الذي يشكّل رغباتكم. الرغبة في الحصول على الشيء وتخيّله ليسا سوى أوهام (ولكنهما ضروريان كبداية). ويأتي الامتنان بعد الشعور مباشرة، وهو رمز إيمانكم بأنفسكم أو بالله، هو الإشارة الى أنكم ما عدتم تشكّون. لا تظنوا أن ذلك كلّه يحدث بشكل سحري. إنه عمل متكرّر ويومي. كيف ومتى ستتحقّق رغباتكم، سؤال ليس من اختصاصكم. ما ينبغي أن تركزوا عليه هو الاهتمام {بحالة ذاتكم} يوميًا. اعتنوا بأفكاركم، ولتكن آراؤكم إيجابية حيال أمور الحياة والناس والظروف، فكل ما خلقه الله (سواء كان أمورًا جيدة أو سيئة) له مغزاه، وفهم معظمه يفوق قدراتنا بشكل كامل. لن تتأخر تجربة الحصول على ما نرغب فيه، إذا عملنا على ذاتنا الداخلية بشكل مستمر.
تحديد الأهداف
هل تراودكم فجأة الشكوك حول قدراتكم ومؤهلاتكم حين تبدأون بوضع أهداف لأنفسكم؟ هل تشكّون في قدرتكم على المثابرة حتى النهاية؟ يتعيّن عليكم إن كنتم قد واجهتم هذا الوضع سابقاً أن تغيروا طريقة تعاطيكم مع حواركم الداخلي. فبدلاً من التجاوب مع الأوامر الداخلية السلبية، تستطيعون توجيه حواركم الداخلي إيجابيًا، لكي تجابهوا السلبية وتتغلبوا على كل أفكار القلق. يؤكد مدربو التطور الشخصي ضرورة وضع خطة عمل. هل يخطر لكم حين ترغبون في السفر ألا تقرروا الى أين ستذهبون أو أي طريق ستأخذون؟ طبعًا لا، لأنكم حينها لن تذهبوا الى أي مكان! هذا ما تفعلونه تحديداً حين تأخذون قرارًا من دون تحديد واضح للوسائل التي ستستخدمونها للنجاح. ينبغي لتحقيق ذلك أن تكون لديكم خطة واضحة ومتدرجة، تمكّنكم من معرفة ما إذا كنتم تتقدّمون في الاتجاه الصحيح. بعدها، من المفيد قياس النتائج. من الضروري إذاً أن تؤمنوا الوسائل التي تساعدكم على تحقيق أهدافكم وأن تتأكدوا أيضًا وباستمرار من أنكم سائرون في الطريق الصحيح. وأخيرًا، ينبغي أن تضعوا لأنفسكم أهدافًا محفّزة، وأن تتذكروا باستمرار الأسباب التي من أجلها تسعون الى تحقيق هدف ما. سيحفّزكم إدراككم الحسنات والسيئات على الاستمرار وسيمنحكم الرغبة في النجاح!
تمرين تطبيقي:
إجراء إبداعي للبحث عما هو مهم في الحياة:
- إجلسوا على مكتب فارغ في مكان هادئ، واجلبوا أوراقاً بيضاء عدة وقلماً.
- أكتبوا هذا العنوان: {الأمور المهمة في حياتي}. ضعوا قائمة واكتبوا كل ما يخطر ببالكم. لا تشطبوا شيئًا. استمروا من دون توقّف حتى نفاد الأفكار.
- أعيدوا قراءة العنوان.
- فكّروا بشكل مختلف: تخيّلوا أنفسكم بعد 10 سنوات أو 20 سنة. إطرحوا السؤال على أنفسكم مجددًا. أعيدوا كتابة قائمة جديدة من هذا المنطلق. بعد نفاد أفكاركم، أبقوا خمس دقائق من دون فعل أي شيء ومن دون حركة.
- أعيدوا قراءة ما كتبتم.
- تخيّلوا أنكم في جنازتكم. إطرحوا على أنفسكم السؤال التالي: ما الأمور التي كانت مهمة في حياتي؟ المهم أن تستمروا بالكتابة لمدة تزيد على الـ15 دقيقة، من دون أخذ الأوقات التي يجفّ فيها الإلهام بالحسبان. أبقوا في مكانكم، واكتبوا كل ما يخطر ببالكم. - ثم اشطبوا واجمعوا الافكار وأوجزوها. أعيدوا كتابة العنوان والنص، ثم ضعوه جانبًا (بعد أكثر من 20 دقيقة). وطبعًا أعيدوا قراءته بعد ذلك، أي بعد هذا التوقف أو فترة الاسترخاء هذه.