توجد العديد من السلوكيات الخاطئة التي توجهها أسرة المعاق ذهنيا إليه، والتي تؤثر سلباً على صحته النفسية. هذا، وقد عرَّفت "اللجنة الدولية لوقاية الطفل من الإساءة في الولايات المتحدة الأمريكية" الإساءة الانفعالية أو النفسية بأنها: عبارة عن متطلبات أبوية زائدة، عدوانية، غير معقولة، والتي تفرض توقعات أكبر من قدرات الطفل المعاق. وقد تظهر الإساءة العاطفية عن طريق تعذيب ثابت دائم، أو استخفاف، أو هجمات على الطفل، وقد تتضمن ـ أيضاً ـ الفشل في توفير الرعاية السليمة اللازمة لنمو الطفل، وذلك يكون ناتجا عن عدم وجود حب ورعاية وإرشاد كاف لهذه الأسرة.
ويعتبر النبذ والرفض العاطفي للأطفال المعاقين من أهم صور هذه الإساءة النفسية، ويأخذ هذا النبذ النفسي شكلاً من عدم الاهتمام باحتياجات هؤلاء الأطفال الجسمية والانفعالية، وقد يظهر في كراهية الطفل وإهماله، أو الإسراف فى تهديده، والسخرية منه، أو عدم القدرة على إمداده بالحب والرعاية.
- صور الإيذاء النفسي للطفل المعاق عقلياً
يؤدي نبذ الأبوين للطفل إلى ظهور سلوكيات متنوعة وغير مرغوب فيها، كالعدوان والعنف والعناد، وقد يصيب شخصيته بأضرار قد لا يصبح من السهل علاجها. ومن صور الإيذاء النفسي للطفل المعاق عقلياً:-
§ الازدراء: وهو نوع من السلوك يجمع بين الرفض والذل، فمثلاً يرفض أحد الوالدين مساعدة الطفل، ويرفض الطفل نفسه، وأيضاً قد يناديانه بأسماء تحط من قدره بهدف إذلاله.
§ الإرهاب: ويتمثل في التهديد بالإيذاء الجسدي للطفل، أو التخلي عنه إذا لم يسلك سلوكاً معيناً، أو بتعريض الطفل للعنف أو التهديد من قبل الأسرة، أو تركه بمفرده - مثلاً- في حجرة مظلمة.
§ العزلة: وهي عزل الطفل عن من يحبهم، أو تركه بمفرده فترات طويلة، ومنعه من التفاعلات مع الزملاء أو الكبار داخل وخارج الأسرة.
§ الاستغلال والفساد: يتضمن هذا النوع تشجيع الانحراف، أو لعب دور هام في انحراف الطفل، مثل: تعليمه سلوكاً إجرامياً، أو إشراكه في أعمال إجرامية.
§ إهمال الأسرة لردود أفعال الطفل العاطفية: وتتضمن إهمالاً لمحاولات الابن المعاق التفاعل عاطفياً مع الأبوين، بحيث تشعر الأسرة الابن بأنه غير مرغوب فيه عاطفياً (1).
§ نبذ الطفل انفعالياً: هو سلوك ظاهر من الأسرة نحو الابن المعوق، يجعله يعتقد أنه غير محبوب أو غير مرغوب فيه، أو لا قيمة له. وهو سلوك خاطئ يهدد أمان الطفل، ويتركه فريسة للشعور بانعدام الثقة في نفسه أو في الآخرين. ومن صور نبذ الوالدين للطفل انفعالياً: تكرار الإشارة لنواحي النقص (العقلي والبدني) لديه، العقاب الشديد، والاستجابات السلبية، مثل: الاحتقار، والاشمئزاز، السخرية، التأنيب المستمر، أو التهديد بالعقاب أو الضرب أو العزل وحيداً، التفريق بينه وبين إخوته في المعاملة، معايرته المستمرة، ومقارنته بالأطفال الآخرين (الأسوياء)، تعمد القول بأنه طفل غير مرغوب فيه.
إهمال أو حرمان الطفل
من مظاهر إهمال أو حرمان الطفل عدم رغبة الأسرة في تزويد الطفل بالعناية الكافية، تركه وحيداً بالمنزل، أو تركه قذراً غير حسن المظهر، الصرامة في محاولة السيطرة على الطفل؛ مما يؤدي إلى العناد المستمر، خاصة إذا اقترنت بالعقاب البدني. و يؤدي إهمال الأسرة للابن المعاق إلى نتائج سلبية، حيث يصبح الأطفال غير قادرين على الاعتماد على أنفسهم، شاعرين بانعدام الثقة الشديد، والإحباط، وعدم تقدير الذات، وقلة ثقة الطفل بقدراته الخاصة.
الرفض الوالدي
تميل بعض الأسر إلى نبذ الابن المعاق نبذاً صريحاً بالقول أو بالعمل، والاتجاه إلى رفضه، وإشعاره بذلك، مع إظهار المشاعر العدوانية تجاهه. وهذا السلوك له تأثير سلبي على الطفل المعاق عقلياً؛ لأن تكرار تعرضه للرفض أو النبذ يجعله أكثر عرضة للاضطرابات الانفعالية، وعدم الشعور بالأمن والسلبية، والإحباط، وعدم القدرة على تبادل العواطف مع غيره، والخجل، وبالتالي سوء توافق اجتماعي. ولعل أهم الآثار النفسية لهذا السلوك الأبوي تجاه الابن المعاق هو عدوانية الابن تجاه مجتمعه وأسرته، والأثر السيئ في التكوين النفسي للطفل.
القســـوة
في الواقع إن أسلوب المعاملة الذي يتسم بالقسوة والعنف والممارسات التي تتراوح ما بين العقاب البدني واللفظي، يرتبط بمستويات عالية من العدوان لدى الأطفال، وقد يترتب على هذا الأسلوب خوف شديد لدى الابن المعاق عقلياً، وافتقاده للثقة بنفسه نتيجة خبرات الفشل التي يتعرض لها، فضلاً عن هذه المعاملة الأسرية التي تتسم بالقسوة؛ مما يعوق نمو شخصيته نمواً سوياً، ويعوق كذلك توافقه الاجتماعي (2).
- أساليب التنشئة الاجتماعية التي تعتمد على عزل الأبناء المعاقين عن المجتمع والأسرة:
تشير العديد من الدراسات التربوية إلى أن لعزل المعاقين عقلياً مساوئ وسلبيات عديدة، منها: الحواجز النفسية بين المعاق والمجتمع، وشعوره بالانفصال عن مجتمعه، كما أن عزل الأطفال المعاقين عقلياً في مدارس ومؤسسات خاصة يمثل اعتداءً على حقوقهم، وحرمانهم من استغلال إمكاناتهم إلى أقصى حدودها. كذلك توجد بعض الأسر التي تسارع بإخفاء الأطفال المعاقين في إحدى الحجرات لحين انصراف الضيف؛ لاعتبارها أنه (عـار) أو وصمة، وكل هذه الممارسات تؤثر سلباً على شخصية الابن المعاق، ولا تؤهله للاندماج في الحياة الاجتماعية واستغلال قدراته أقصى استغلال ممكن لتحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي. كذلك فإن هذه الممارسات تدلل على عدم التوافق الذي يسود العلاقات داخل هذه الأسر، وهروب أفرادها من الموقف دون الإقدام على مواجهته بشجاعة، كما يعني عدم تقبلها لهذا الابن ورفضها له؛ مما يؤثر سلباً على تكيفه النفسي والاجتماعي، وشعوره بضعف قيمته ومكانته داخل الأسرة، وأنه طفل غير مرغوب فيه (3).
وتؤكد بعض الدراسات الاجتماعية أن مسألة عزل الطفل داخل مؤسسة داخلية أو داخل أسرته، وإنكار إعاقته، إنما هو مظهر من مظاهر ضغط البيئة الاجتماعية على سلوكيات أسر المعوقين، والرغبة في إخفاء الإعاقة والابن معاً، حيث تعكس سلوكيات الأسرة طبيعة النظرة المجتمعية للإعاقة العقلية؛ مما ينعكس سلباً على الأسرة، التي تعتبر ابنها وصمة اجتماعية لا تتناسب مع مركزها الاجتماعي ومكانتها، حيث توجد نظرة سلبية من المجتمع لهذا النوع من أنواع الإعاقات؛ مما يسبب للأسرة حرجاً اجتماعياً، ولعل التفسير المناسب لهذه النظرة السلبية للمعاق هو انعدام الوعي الاجتماعي والثقافي والصحي حول طبيعة الإعاقة وأسبابها، والخصائص العلمية للمعاقين عقليا (4).
ومن صور عزل الأبناء المعاقين عن المجتمع عزله في مؤسسة داخلية، بعيداً عن الأسرة، الذي يعتبر شكلا سلبيا من أشكال التعامل معه، و يمثل درجة منخفضة من درجات استعداد الأسرة لرعايته والتعايش معه، وهو أمر يتأثر ـ إلى حد كبير ـ بالعوامل الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالأسرة من ناحية، وخصائص المعاق من ناحية أخرى. وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الأسر ذات المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المرتفع تفضل وضع أبنائها المعاقين في مؤسسات داخلية؛ لاعتقادهم بتوافر الرعاية الصحية والتربوية للأبناء المعاقين.
وتشير العديد من الدراسات التربوية إلى أنه ليس هناك مبرر منطقي لعزل ذوي الاحتياجات الخاصة عن المجتمع؛ فإن كانوا أقل من العاديين إدراكاً وإنتاجاً واستعداداً للتعلم، وأقل قدرة على التذكر والفهم والتفكير، إلا أن لهم نفس عقول الأفراد العاديين، والاختلاف في درجة الذكاء، فلماذا لا نعتبر المجتمع أسرة كبيرة يعيش فيها الأطفال المصابون بالإعاقة العقلية جنباً إلى جنب مع الأطفال الأسوياء في حياة واحدة مشتركة؟ ولا سيما أن هناك من الأبحاث والدراسات ما أثبتت أن نسبة كبيرة من الأطفال يمكنهم التوافق النفسي والاجتماعي إذا ما أحسن توجيههم ورعايتهم؟! (5).
- أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على إهمال الطفل المعاق عقلياً:-
يعرف الإهمال على أنه الفشل في إمداد الطفل باحتياجاته الأساسية، مثل: المأكل المتوازن، والملبس، والمأوى، والتعليم، والعناية الطبية. واحتياجات المعاق العاطفية، مثل: الحاجة للأمن، والحب.. ويعد الإهمال من أهم العوامل خطورة في التأثير على الطفل من الناحية الجسمية والصحية والنفسية.
مظاهر الإهمال:
توجد بعض المظاهر التي يتضح فيها إهمال الأسرة للطفل المعاق، وهي كالتالي:-
أ- الإهمال الجسدي:
حيث تظهر على الأطفال مشاكل سوء التغذية كالنحافة الزائدة، أو السمنة الشديدة، أو نقص أحد العناصر الغذائية التي تسبب مشاكل أو أمراضاً مزمنة.
ب- إهمال العناية الطبية:
ويظهر ذلك في عدم إمداد الطفل بالعناية الطبية الروتينية أو الكشف الدوري على الطفل والعناية بأسنانه، وعدم الاهتمام بمرضه أو إصاباته. ويرتبط هذا النوع من الإهمال بنوع آخر من أشكال الإيذاء الجسدي، حيث يكون الأطفال ضحايا الإيذاء الجسدي أقل وزناً وصحة.
ج- نقص الإشراف الوالدي على الطفل:
قد يتحول الطفل من طفل عادي إلى طفل متخلف عقلياً لنقص فى الإشراف الوالدي، فمثلاً: نجد أن سقوط الطفل عن شئ مرتفع قد يحدث له كسراً في الجمجمة، أو كدمات، أو تجمعات دموية على أنسجة المخ، قد تسبب في النهاية تخلفا عقليا. وهكذا نجد أن الإشراف الوالدي غير الصحيح على الطفل قد ينتج عنه إصابة، أو تزايد خطر إصابة الطفل.
د- إهمال التعليم:
ويظهر في عدم الوفاء باحتياجات الطفل التعليمية، عن طريق عدم إدخاله مدرسة، أو إهمال تعليم الطفل المعاق، أو رفض الآباء الاستفادة من مزايا برامج تعديل السلوك أو البرامج التربوية المقدمة له.
ه- الإهمال العاطفي:
يعبر عن الفشل في الوفاء باحتياجات الطفل النفيسة والعاطفية وشعوره بالحب والأمن والاستقرار. ويفقد الإهمال العاطفي المتكرر للطفل الإحساس بمكانته عند أسرته، ويفقد الإحساس بحبهم له وانتمائه إليهم؛ مما يترتب عليه أن تتحول شخصية الطفل إلى شخصية قلقة، متخبطة في سلوكها، بلا قواعد، وقد يشعر الطفل بالنبذ من والديه، وعدم رغبتهما فيه؛ فيؤدي إلى ظهور أنواع من السلوكيات المضطربة، كأن يكون عدوانياً حاقداً على المجتمع، أو قد يكون منطوياً سلبياً يتسم باللامبالاة لمن حوله (6).
- إساءة معاملة الأطفال في مؤسسات أو نظم الرعاية system abuse:
وتعرف بالضرر الذي يقع على الأطفال في سياق السياسات والبرامج المخصصة لتقديم الرعاية والحماية لهم، وفيها يضار نمو وأمن الأطفال بسبب أخطاء يرتكبها الأفراد العاملون في هذه المؤسسات. ومما هو جدير بالذكر أن لهذه الإساءة آثارا سلبية على الطفل، حيث يضار النمو النفسي للطفل في مختلف أبعاده، وعلى السلوك الاجتماعي لهم بوجه خاص (7).
- الآثار السلبية لإساءة معاملة الأطفال:-
توجد آثار سلبية لهذا العنف يعاني منها الابن المعاق عقليا، كما يتوقف الضرر النفسي والانفعالي والبدني الناتج عن تعرض الطفل لإساءة المعاملة على طبيعة وأبعاد الإساءة ذاتها، كما تظهر لدى هذه الفئة مشكلات سلوكية خطيرة؛ نتيجة تعرضهم للإساءة البدنية والنفسية ( 8)، حيث يعاني الأطفال ضحايا الإهمال الانفعالي في مرحلة الطفولة المبكرة من تأخر نمائي في الكثير من مجالات النمو النفسي، خاصة النمو الاجتماعي والانفعالي، فالرابط بين الطفل الصغير والقائمين على شؤون رعايته تعد الوسيلة الرئيسية للنمو العقلي والانفعالي (9).
وقد صنف مارتن (Martin , 1980) آثار سوء معاملة الطفل في أربعة آثار، هي: الآثار الطبية، النمائية، النفسية، والبعيدة المدى. وأضاف دورن (Dorne, 1989) التعدي الجنسي على الأطفال.
· الأذى الطبي (Medical Harm):
تظهر آثار التعديات الجنسية على الأطفال على شكل إصابات نتيجة التعدي أو الإهمال، وقد تظهر بشكل كسر عظام، أو خدوش، أو تمزق عضلي، أو تشوه، أو إصابات في الرأس أو الوجه، أو جروح، كما تظهر على شكل صعوبات، أو إعاقات في السمع أو النظر، أو تخلف عقلي. كما أن الإصابات الخطيرة قد تؤدي إلى الارتعاش لدى الطفل، أو التسمم، أو الغرق، أو الخنق. كما تشمل آثار الأذى الطبي عدم تقديم الرعاية الصحية، مثل: وجبات الطعام الرئيسية (Drone , 1980)، كما أن انتقال الأمراض المعدية والخطيرة (مثل الإيدز) قد يودي بحياة هؤلاء الأطفال.
· سوء النمو (Mal-development):
يتعرض الأطفال الذين تساء معاملتهم إلى مشكلات متنوعة في النمو، بعضها قد تكون دائمة، ومن أمثلة هذه المشكلات: انخفاض الذكاء، أو التخلف العقلي، والآثار العصبية، من مثل: مشاكل النطق، والتأخر في اكتساب المهارات اللغوية، وقد يعاني هؤلاء الأطفال مشكلات في التعلم (Martin, 1980).
· الآثار الاجتماعية:
إن شيوع السلوكيات المنحرفة، والمتمثلة في سوء معاملة الطفل، مؤشر قوي على فشل الأسرة في أداء وظائفها الاجتماعية، ففي الوقت الذي يفترض أن تكون الأسرة مكان الأمان والحماية للطفل، تتحول إلى مصدر تهديد لأمنه وحاجته، وظرف ضاغط لانحرافه.
· الآثار النفسية Psychological :
كما أن هناك احتمالا كبيراً أن تحدث للأطفال الذين أسيئت معاملتهم نفسياً (Psychological) آثار نفسية، منها: أن الأطفال الذين تساء معاملتهم يكونون بصفة عامة غير سعداء، رغبتهم محطمة في الاستمتاع بالألعاب، كما أنهم لم يتعلموا إقامة علاقات صحية وممتعة مع أقرانهم، أو مع البالغين، كما أن هؤلاء الأطفال يجدون صعوبة في إقامة علاقات مع الزملاء الأقران، ويمكن أن تظهر عليهم اضطرابات صحية وعقلية (Patterson , 1992) (10).
- وقاية الأطفال من إساءة المعاملة:
يمكن التقليل من معدل حدوث الإساءة البدنية والانفعالية عن طريق المساندة الأسرية، المتمثلة في تنمية مهارات التربية، والرعاية الوالدية، وتنمية معرفة الأسرة، وتفهمها لخصائص النمو النفسي للأطفال، ومساعدتهم على تبني توقعات واقعية لسلوكيات الطفل، ومساعدة الآباء على تنمية أساليب التعامل السوي مع الأبناء، وتصحيح الانحرافات التي تحدث في سلوك الأطفال بطرق دورية، مع ضرورة تقديم مساندة مستمرة للأسر، خاصة وقت الأزمات(11).
تعقيب الباحثة:
تناولت الباحثة أنماط العنف الأسرى الموجه للطفل المعاق ذهنيا، الذي تتضح آثاره في العديد من أنماط وأساليب التنشئة الاجتماعية السلبية، القائمة على إهمال الطفل المعاق عقلياً، حيث توجد صور متعددة لهذا الإهمال، منها: الإهمال الجسدي، إهمال العناية بالطفل، نقص الإشراف الوالدي على الطفل، إهمال تعليم الطفل، فضلا عن الإهمال العاطفي والنفسي.
وتميل الباحثة - من خلال عملها في مجال " إرشاد أسر المعاقين عقليا (حاشية:1) إلى الرأي القائل بأهمية الإرشاد الأسري لأسر المعاقين عقليا، وهو موضوع أكدت على أهميته المفاهيم التربوية الحديثة، التي ترتكز على إرشاد أسر المعاقين عقليا لأساليب التنشئة الاجتماعية السوية للأبناء المعاقين عقليا، حيث إن فوائد تدريب الوالدين تساعد الأسرة على أداء الأدوار والوظائف الإيجابية المنوطة بهم تجاه الأبناء المعاقين، فضلا عن اكتساب المهارات التي تجعل من الأبوين مدربين ومعلمين فاعلين لطفلهما المعاق؛ مما يساعد على تقدمه ونموه بطريقة تمكنه من اكتساب الخبرات الحياتية اللازمة لنموه وارتقائه، فضلا عن تعليم الأبوين أساليب تعديل سلوك الابن غير المرغوب فيه من ناحية، ومن ناحية أخرى تدريب الأسرة على تعليم الابن المعاق ذهنيا قواعد السلوك الشخصي والاجتماعي المناسب لمعايير وأعراف المجتمع، وهذا أمر لن يتم إلا من خلال جلسات الإرشاد النفسي والتربوي للأسرة، التي يقوم بها أخصائي اجتماعي وتربوي متخصص ومدرب، يعمل على إتاحة الفرص الكاملة للأسر للتفاعل معه ومع المسؤولين في المؤسسة. كما يساعد تدريب و إرشاد أسر المعاقين عقليا على تقبل الأسرة لإعاقة الابن، وفهم الحاجات الخاصة به، كما أنها تعتبر فرصة هامة للأسرة للإجابة – بطريقة علمية مبسطة – على تساؤلاتها حول الإعاقة العقلية: "مفهومها، و أسبابها، و أساليب الوقاية والعلاج"، وحول خصائص الابن المعاق عقليا؛ مما يساعد على تقبلهما لهذا الابن المعاق. كذلك يساعد الإرشاد الأسري على تصحيح أي خلل في علاقة التفاعل الأسري مع الأبناء المعاقين، وتصحيح أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على العقاب البدني للطفل دون معرفة أسباب سلوكه وطبيعة إعاقته، ويكون ذلك من خلال إفهام الوالدين ضرورة تجنب العقاب البدني للطفل المعاق، والإكثار من المعززات الاجتماعية واللفظية والمادية؛ مما يساعد على تغيير السلوك غير الملائم، وتعزيز السلوك الملائم.
والخلاصة:
إن للجمعيات الأهلية والمنظمات الخيرية دورا كبيرا في مواجهة الإساءة النفسية الموجهة للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية، من خلال: برامج إرشاد أسر الأطفال المعاقين عقليا، التي تساعد على تحسين نظرة الأسرة لهذه الفئة، فضلا عن الحد من صور العنف أو إساءة التعامل مع هذه الفئة، التي لا تعتبر مسؤولة عن إعاقتها؛ حيث إن المسؤولية الأولى لحدوث الإعاقة مسؤولية أسرية ومجتمعية،