فلسطينيات يكسبن قوت يومهن بغزل القلنسوة اليهودية "عمل كأي عمل"
تحت عريشة العنب في قرية اللّبن الغربية تجلس ثلاث نساء فلسطينيات يغزلن ويتحادثن، فيما تنطلق من مئذنة المسجد المجاور صيحة الأذان.
وشيئا فشيئا تتكون بين أياديهن ثلاثة قطع بيضاء صغيرة من الكروشيه.
هؤلاء النسوة يصنعن رمزا من أشد رموز اليهود واليهودية، التي يلبسها اليهودي "لتذكره بأن رب اليهود فوقه يراقب أعماله".
ولذلك فمن الغريب أن يكون هناك نحو مائة فلسطينية مسلمة يعملن في غزل القلنسوة.
"هو عمل كأي عمل"، تقول فاطمة عبد الرضوان التي تعمل منذ 30 سنة في غزل القلنسوات.
وتضيف إنه لا يقلقها أنها تصنع بضائع لليهود في إسرائيل رغم عقود من الصراع والاحتلال العسكري الإسرائيلي.
"الظروف تجبرك على القيام ببعض الأمور، علينا أن نعمل لنعيش".
تقول فاطمة إنها تقبض ما يوازي دولارين عن كل قلنسوة، والتي يستغرق صنعها ساعتين أو ثلاثا.
وتضيف أنها تصنع نحو 10 قلنسوات أسبوعيا، فتكسب نحو 20 دولارا أسبوعيا، وهذا ليس بالشيء الكثير.
إلا أن هناك في أنحاء الضفة الغربية الآلاف من النساء يعملن في صناعة القلنسوة.
"هناك نحو مائة في قريتنا وحدها، ونحن نصنع نحو ألف قٌلنسوة أسبوعيا".
بجانبها تجلس صدّيقة حسام، أصابعها تعمل بسرعة وانتظام.
"هو عمل سهل، إلى جانب أنه لا يوجد هناك غيره لنفعله، وبإمكاننا به أن نظل في المنزل ونرعى أطفالنا".
يذكر أن الأمم المتحدة تقدر نسبة البطالة عن العمل في الضفة الغربية بنحو 20%.
الشريك التجاري لإسرائيل
غير أن كيفية وصول هذه القلنسوات إلى السوق الإسرائيلية غير واضحة.
تقول فاطمة عبد الرضوان إنها تقوم كل أسبوع تقريبا بجمع ما نسجته النساء في قريتها، وتسلمها لوسيط رفضت كشف اسمه.
إلا أن هذا الرجل غالبا يقوم بتمرير هذه البضائع في سيارته عبر نقاط التفتيش التي تفصل الضفة الغربية عن إسرائيل.
وفي الواقع فإن إسرائيل هي أكبر شريك تجاري للفلسطينيين.
ووفقا لمكتب الإحصاءات المركزي الفلسطيني فإن 90% من صادرات إسرائيل عام 2008 والتي بلغت قيمتها نحو 560 مليون دولار قد بيعت إلى إسرائيل، أو عبرها.
ويقول إفرايم كلايمان أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية بالقدس "إن هناك مفارقة في كون القلنسوة تصنع في الضفة الغربية، إلا أن الحقيقة أن بضائع كثيرة كالحجارة ومواد البناء والخضار والملابس تصدر إلى إسرائيل".
غير أنه يضيف أن البيروقراطية الإسرائيلية والمعاملات يمكن أحيانا أن تجعل تصدير البضائع الفلسطينية أشد صعوبة مما يجب".
رواج
ويمكن شراء القلنسوة المصنوعة بأيد فلسطينية في سوق "محنا يهودا" السوق الرئيسي في القدس.
على استحياء، يقول إتزيك شيلر البائع في محل "كبا مان" في الشارع الرئيسي بالسوق" نبيع قلنسوات من صنع فلسطيني، وهي ليست برخص تلك المصنوعة في الصين، لكنها أرخص من المصنوعة في إسرائيل".
ويبيع المحل القلنسوة ـ كتلك التي تصنعها نساء اللبن الغربية ـ بمبلغ 3.75 دولارا، فيما يبلغ ثمن القلنسوة الصينية 1.75 دولارا، وقد يصل ثمن القلنسوة الإسرائيلية الصنع في محله 19 دولارا.
"السائح لا يأبه بمن صنع القلنسوة"، يقول شيلر.
في المحل أجد حاييم سيجيف (23 عاما) اليهودي المتشدد يتفقد البضائع المعروضة أمامه وعلى رأسه قلنسوة سوداء مصنوعة من المخمل.
"لا أدري من صنع قلنسوتي"، يقول ضاحكا وهو ينظر في قلنسوته يحاول الإجابة على السؤال.
"لا أريد أن تكون حماس هي التي صنعتها، لكن لو كانت من صنع شخص فلسطيني عادي فلا مشكلة لدي".