الحب أعمى .. علميا
تقول أسطورة قديمة أنه في قديم الزمان قبل أن يكون على الأرض بشر كانت الفضائل والرذائل تطوف العالم وتشعر بالملل الشديد لذا فكروا في لعب لعبة الإختفاء فأغمض الجنون عينيه وبدأت الفضائل والرذائل بالأختباء..
إختبأت الرقة فوق القمر، والخيانة في كومة من القمامة، وقال الكذب سأختفي تحت الحجارة لكنه توجه لقعر البحيرة!، أما الحب فلم يكن صاحب قرار ولم يقرر أين يختفي فقفز وسط كومة من الورد، وبدأ الجنون يفتح عينيه.
كان الكسل أول من أنكشف لأنه لم يبذل جهدا في إخفاء نفسه، ثم ظهرت الرقّة، والكذب.. وهمس الحسد في أذن الجنون أن الحب مختف بين الورد فالتقط الجنون شوكة خشبية وبدأ يطعن الورد حتى أصاب عيون الحب وأفقده البصر.. ومن حينها يمضي الحب أعمى .. يقوده الجنون.
لكن يبدو أن هذه الأسطورة الخيالية لا تخلو من حقيقة علمية!، فقد أعلن باحثون بريطانيون أن الحب يصيب المحبين بكسل ما في أجزاء الدماغ التي تتحكم في التفكير، ونشاط اكبر في المناطق المسئولة عن العواطف.
وقال الباحثون في جامعة "لندن كوليدج" أن الأشخاص الذين يقعون في الحب ليسوا عميانا فقط بل حمقى أيضا ولا يفكرون على الإطلاق!.
فقد تبين للباحثين بعد إجراء عدد من الفحوص باستخدام الرنين المغناطيسي على متطوعين أنه عند عرض صور أحبائهم أو أصدقائهم أن الأشخاص الواقعين في الحب أظهروا نشاطا أقل في أجزاء الدماغ التي تتحكم في التفكير وتسيطر على المزاج بينما تَركّز أكثر النشاط في المناطق الدماغية المسؤولة عن العواطف والأحاسيس والمشاعر عند مشاهدة صور الأحبة.
واستندت الدراسة على متابعة الحالات العاطفية والصور الدماغية لـ 17 متطوعا، 11 من الإناث و6 من الذكور، في العشرينات من العمر، ممن وصفوا أنفسهم بأنهم واقعين في حب حقيقي وجارف بعد عرض مجموعة من صور أحبائهم عليهم وصور أخرى لأصدقائهم المقربين.
وتوصل الباحثون إلى أن الدوائر العصبية التي ترتبط بشكل طبيعي بالتقييم الاجتماعي للأشخاص الآخرين تتوقف عن العمل عندما يقع الانسان في الحب، وقالوا إن هذه النتائج قد توضح أسباب تغاضي بعض الأشخاص عن أخطاء من يحبون.
وقال الخبراء أن الدراسة التي نُشرت بدورية "نيوروايماج" تؤكد أن الحب اعمى حقا بصورة ما بحيث يمنع الانسان من اكتشاف العيوب وأن الحب أحد وظائف الدماغ، وتعطي تفسيرا معقولا للسبب الذي يكمن وراء التصرفات الغبية والحمقاء للمحبين الذين لا يستطيعون الحكم جيدا على الأشياء بسبب ضعف نشاط المنطقة الدماغية المسؤولة عن ذلك.
وفي دراسة مشابهه أعدها باحثون ايطاليون تبين أن هرمون يدعى "تيستوستيرون" يقل عن معدلاته الطبيعية عند الرجال، بينما يزداد عن معدلاته الطبيعية عند النساء في حالات الحب.
وأجرى الباحثون دراسة على 12 رجلا و12 سيدة وقعوا في الحب خلال الشهور الستة الماضية.
وتضيف الدراستان دليلا جديدا إلى الأدلة المتزايدة بأن للحب تأثير غريب على الجسم من الناحية الطبية.
وكانت دراسات سابقة للباحثين الإيطاليين في عام 1999 قالت إن الوقوع في الحب يلعب دورا رئيسيا في تدمير مواد كيماوية رئيسية في المخ، وتوصلت الدراسة آنذاك إلى أن الأشخاص الذين يحبون لديهم معدلات أقل من هرمون "سيروتونين".
وقديما قال شكسبير: "الحب أعمى والمحبون لا يرون الحماقة التي يقترفون".. ويبدو أنه كان صادقا!.
:herat 3: