شاعر في قامة محمود درويش، لا يمكن ان نتصوره بريئاً أو ساذجاً، فهؤلاء
الكبار غالباً ما يخططون لحركاتهم وسكناتهم، وهم المهجوسون بالرؤى ومغامرات
الكشف. صحيح ان درويش لم يعلن أبداً أنه كتب سيرته الذاتية، لكنه كان
مسكوناً بتسجيلها بأدق تفاصيلها. وأي قارئ متيم بدرويش يكاد يعرف ما يحب
شاعره ان يأكل ويشرب، وكيف ينام ويتقلب على وسادته، وأي طفل كان، وكيف شبّ
وبأي طريقة ترك فلسطين ثم عاد إليها، وماذا تعني له كل محطة من محطاته،
وبمقدور الفضولي النهم ان يعرف حتى كيف كان درويش يعيش لحظاته الحميمة مع
حبيبته. كل هذا مسجل وموثق، متفرقاً او مجتمعاً، ينتظر النبش عنه
والاستفادة منه لبناء حياة الشاعر سينمائياً.
وهو ما لم يغب عن درويش حين كتب مخاطباً نفسه:«ترى نفسك في شريط سينمائي
طويل تروي على رسلك ما حلّ بأهلك مسروقي اللسان والقمح والبيت والبرهان».
ولهذا روى شاعر الثورة، قصة شعبه وحكايته الشخصية كما لم يفعل شاعر عربي
معاصر من قبل. وإن كان المجال لا يتسع لسرد ما كتبه درويش كاملاً، فمقاطع
مختارة أو مشاهد مقتطفة من ثلاثة كتب فقط هي «في حضرة الغياب»، «ذاكرة
للنسيان»، «أثر الفراشة»، قد تعطي فكرة أولية عن هذه الاتوبيوغرافيا
الدرويشية.
على صفحات «في حضرة الغياب» نعثر على محمود درويش الطفل الهشّ، يعاني من
سوء تغذية، ويرغمه اهله على ابتلاع زيت السمك البغيض الطعم، فيما يحاول جده
ان يسعفه بالعسل بديلاً، لكن الطفل يجد الطعم جارحاً. هذا العسل الذي كانت
تقطفه جدته بشهده وهي تضع المنخل على وجهها لتتفادى عقصات النحل. بقاء
الصغير محمود على قيد الحياة حدث محض صدفة، فقد تعرض لحوادث متكررة وكلها
خطرة كادت تودي به. وهو حين يسردها يبدو تفصيلياً ومتأثراً وكأنها حدثت
للتو. يزداد الطفل هشاشة في «ذاكرة للنسيان» عندما يضطر لمغادرة فلسطين مع
أهله لاجئاً إلى لبنان. يسأل الصغير:«ما معنى وطن ما معنى لاجئ؟»، فيأتيه
الجواب معقداً وعصياً. ابن السادسة في لبنان، لاجئ يركب الترام في بيروت،
يتعرف على البحر في الدامور، يتلقى دروسه الأولى، يقطف الورد والتوت وينام
قرب بركة رميش القذرة بجانب الأبقار والخنازير، يتعلم ان التفاح يتدلى من
أغصان الشجر ولا ينبت في الصناديق، يشاهد الثلج للمرة الأولى في جزين. لكن
العائلة سرعان ما تعود مع صغيرها إلى فلسطين، وتضطر للاختباء في كهف القرية
عندما يأتي جنود الاحتلال للتفتيش عمن عادوا متسللين.
حياة صعبة في قرية فلسطينية دمرتها النكبة، داخل «بيت طيني مبني على عجل
كقن دجاج يحشى فيه سبعة حالمين، لا أحد منهم ينادي الآخر باسمه، منذ صار
الاسم رقماً». يكبر الصغير ويصير شاباً متمرداً على الاحتلال ويسجن. ويعتاد
ان يحصي عدد السوس في صحن حساء العدس، وان يتغلب على الاشمئزاز، لأن
الشهية تتكيف ولأن الجوع أقوى من الشهية، ولكنه لم يتكيف أبداً مع غياب
القهوة الصباحية. يغني محمود درويش في زنزانة لا تتجاوز المترين، لأن تلك
«هي الطريقة المتاحة لترويض العزلة وصيانة كرامة الألم».
وحين يخرج من فلسطين طريداً أو شريداً تتقاذفه المدن قبل ان يصل إلى بيروت،
ليعيش فيها عشر سنوات، اختلطت خلالها ذاكرته بذاكرة المدينة، وعجنت الصور
التي رسمها بكلماته بحياة النضال الفلسطيني في لبنان، حتى لحظة الانسلاخ
القسري بعد اجتياح 1982. ففكرة الخروج من لبنان «تشبه فكرة الخروج من الجنة
أو من الوطن». وفي كتابه «ذاكرة للنسيان» مشاهد حية، وحياة نابضة لفترة
تاريخية مفصلية، تراه خلالها تحت القصف، أو مع جيرانه في الملجأ، أو في
منزله يحاول ان يفلت من صواريخ تهطل كالأمطار على بيروت، وتعيش معه في
الشوارع يبحث عن قطة تموء فلا يجد، يودع أصدقاءه الذين فقدوا أجزاء من
أجسادهم أو تشوهوا بالكامل. يرفض محمود درويش ان يخرج مع المقاومين
الفلسطينيين في البحر، ويهرب بسيارة دبلوماسية ليبية إلى دمشق.
ويخاطب درويش نفسه:«وحين دخلت إلى حمّام مطعم على شاطىء طرابلس تغسل يديك،
ونظرت إلى المرآة، رأيت وجهاً لا تعرفه:«كان أنفاً كبيراً يحمل نظارة طبية،
ولا يشبهك! لكنه وجهك». محطات تتلوها محطات، عمومياتها معروفة، لكن المبهر
يكمن في التفاصيل والصور المرسومة بعناية، ففي «ذاكرة للنسيان» يعلمك
محمود درويش كيف كان يصنع قهوته تحت القصف، وإليك الوصفة:
«ملعقة واحدة من البن المكهرب بالهال ترسو ببطء على تجاعيد الماء الساخن،
تحركها تحريكاً بطيئاً بالملعقة، بشكل دائري في البداية، ثم من فوق إلى
تحت. ثم تضيف إليها الملعقة الثانية، تحركها من فوق إلى تحت ثم تحركها
تحريكاً دائرياً من الشمال إلى اليمين، ثم تسكب عليها الملعقة الثالثة. بين
الملعقة والأخرى أبعد الإناء عن النار ثم أعده إلى النار. بعد ذلك «لقّم»
القهوة أي املأ الملعقة بالبن الذائب وارفعها إلى أعلى ثم أعدها عدة مرات
إلى أسفل، إلى أن يعيد الماء غليانه، وتبقى كتلة من البن ذي اللون الأشقر
على سطح الماء، تتموج وتتأهب للغرق، لا تدعها تغرق. أطفئ النار ولا تكترث
بالصواريخ».
«في حضرة الغياب» بمقدورك أن تعثر على الشاعر يحيا وكأنما أنت معه. ها هو
يتقلّب على وسادته أرقاً رغم حبه الجارف للنوم، وفي مكان آخر يتأهب ليغازل
امرأة أعجبته فيتظاهر حينما ترنو اليه انه ينفض قطرة سائلة وقعت على قميصه،
وبمقدورك ايضاً ان تدخل معه إلى الحمام، فهو يصف بمهارة نادرة كيف يتعامل
مع جسده، وهو ينقعه في «البانيو» وينظفه قطعة قطعة، كما تتعامل أم مع جسد
طفلها.
ولا عجب ان تقع على وصفات درويشية قد لا تخطر لك على بال. فهو يصف لك كيف
يحلق ذقنه مثلاً:«تضع رغوة الصابون وتشرع في الحلاقة. تبدأ من الجانب
الأيسر، من أسفل السالف نزولاً إلى الذقن ثم من تحت إلى فوق.
تفتح حنفية الماء الساخن لتنظيف ماكينة الحلاقة، تباشر العملية ذاتها من
الجانب الأيمن. تواجه صعوبة في حلاقة العنفَقَة والسامغين. وكالعادة تسيل
قطرات من الدم، فتضغط على الجرح الصغير بإبهامك، ثم تنظر في المرآة برضا من
يتناسى مخاتلة الزمن».
بمقدورك لو أحببت كذلك أن تعود في الزمن، وتقضي مع درويش يوماً باريسياً
حين كان مقيماً هناك، من لحظة يصحو إلى أن يحل المساء، وتكتشف ان شاعرك كان
يدخل بيته، ثم يقفل بابه وينزع المفتاح». ويروي:«تفعل ذلك منذ مات صاحبك
في غرفة مغلقة: تبقي القفل جاهزاً لاستقبال مفتاح آخر تحتفظ به مدبرة
المنزل التي تأتي منتصف النهار».
من السهل جداً أن يعيد أي مخرج بناء حياة محمود درويش، فقد ترك لنا هذا
الشاعر الفذّ تفاصيل تستحق ان تصور، وحياة يختلط فيها المغرق في الفردية
بالذات الجماعية، حتى ليصبح درويش هذا الرجل العادي حتى الإدهاش، والبسيط
حد العبقرية، هو فلسطين نفسها، حين يشرب قهوته أو يقرأ الجريدة أو يتابع
مباريات كرة القدم التي يدمنها او يتمايل على صوت معشوقته أم كلثوم. أوليس
هو الذي قال:«لا حاجة بي إلى الاعتراف، فلا سرّ لي. وفضيحتي هي اللاسرّ،
منذ سبق قلبي لساني». بيروت: سوسن الأبطح
***************************************
تجليات الحلم في شعر محمود درويش
في كل مراحل محمود درويش الشعرية، يشكل الحلم عتبة أساس، وعصبا فارقا في
تطوير قصيدته، ودفعها إلى آفاق مثيرة للدهشة والتأمل. فالحلم سواء
باستعاراته المفردة والمركبة، أو بملامحه الدرامية والتراجيدية، أو بأنساقه
الصورية والنفسية، يظل الهاجس الأهم والمفصلي في تخليص قصيدة درويش من
ركام العادة والمألوف، وتحويلها في الوقت نفسه إلى طقس شعري، تمتزج فيه شتى
حدوسات المعرفة، بهموم الإنسان وأحلامه في العدل والحب والحرية. وحتى
اللحظات الأخيرة لم يكف درويش عن مناوشة الحلم في نصه شعرا ونثراً، حتى
أصبح الحلم بمثابة مصفاة تخلص الجغرافيا والتاريخ، والعناصر والأشياء من
شوائبها، لتتعرى أمام حقيقتها الأولى، كظل للحلم، وفضاء مفتوح على تخوم
البدايات والنهايات معا.
وكما أن الحلم هو سؤال الوجود الدائم، هو أيضا سؤال اللغة والقصيدة على حد
سواء. ولا فواصل بينه وبين الذاكرة، كلاهما يشكل الآخر، ويفيض عنه، في
لحظات إنسانية فارقة يتقاطع في ظلالها الزمن بأقانيمه الثلاثة، وينفتح
الشعر على وعي الشاعر بذاته، وحقيقة وجوده وواقعه الإنساني، وقبل كل شيء
على طفولته، وعلى المكان، كفضاء حي يلملم شتات الروح والجسد ويوحد ما بين
تعارضاتهما في لغة حميمة وأليفة تصنعها القصيدة.. فالحلم هو الوطن، هو
الجرح والصرخة، هو الأمل والبسمة، هو الطلقة والبندقية، وهو «أصدق واقعية
من الواقع نفسه» على حد تعبير درويش.
ومنذ بدايات درويش تبلورت تجليات الحلم في قصائده بمجموعة من السمات
الجمالية والدلالية اللافتة. لعل من أبرزها الملمح التسجيلي الوثائقي الذي
يعنى بإبراز المشهد، والتقاطه بعفويته وبكارته، ومحاولة تثبيته في الزمن،
كشاهد على لحظة تاريخية وإنسانية محددة. وهو ما تجلى على نحو خاص في أعمال
درويش الأولى (عصافير بلا أجنحة- أوراق الزيتون- آخر الليل) وغيرها.. مثلما
يقول في ديوانه «أوراق الزيتون»:
«سجل..
أنا عربي
أنا اسم بلا لقب
صبور في بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذوري
قبل ميلاد الزمان رست
وقبل تفتح الحقب
وقبل السرو والزيتون
وقبل ترعرع العشب
أبي من أسرة المحراث لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحا بلا حسب... ولا نسب
يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
وبيتي كوخ ناطور من الأعواد والقصب
فهل ترضيك منزلتي؟
أنا اسم بلا لقب..»
لكن سرعان ما يبرح درويش مشهدية التسجيل والتوثيق، ليكتسب الحلم فاعلية
الأسطورة، فمنه تولد الحكاية، تولد القصيدة واللغة، يولد الوطن والجغرافيا
والتاريخ. يبرز ذلك على نحو لافت في أعماله (محاولة رقم 7- أحبك أولا أحبك-
مديح الظل العالي - هي أغنية). حيث ينفتح الحلم على كل هذه الفضاءات
بحيوية فائقة، وكأنها ثمرة من ثمرات طفولته، وشارة من شارات نزقه وتمرده.
كما تبرز الدراما كطاقة متجددة، تخلص الأسطورة من خرافة التأويل، وتجعلها
حقيقة حية ملموسة على أرض الواقع اليومي المعيش. كما تتكثف مدارات الفعل
الشعري، وتعلو فعالية الحوار، في تنويع مستويات الفعل نفسه، وتقاطعاته مع
لغة المسرح وإيقاع الصورة، ودهشة السؤال الذي يصعد رأسيا وأفقيا، وفي شتي
الاتجاهات.. يمكننا أن نلمس ذلك بوضوح في قصيدة درويش الرائعة «سرحان يشرب
القهوة في الكافتيريا»، حيث تتضافر كل هذه العناصر في حركة الفعل الشعري،
وتكتسب طابعا تراجيديا، لا يكشف فقط عن قضية وطن وإنسان، وإنما يكشف عن
أزمة الحلم في بلوغ مائه الخاص، وضياع وتشتت مسارات تحققه، تحت وطأة القهر
والظلم، وكل ما يلوث الحياة من قبح وفساد.. يقول درويش في ختام القصيدة
نفسها:
«-هل قتلت؟
ويسكت سرحان يشرب قهوته ويضيع ويرسم
خارطة لا حدود لها ويقيس الحدود بأغلاله
-هل قتلتَ..
وسرحان لا يتكلم.. يرسم صورة قاتله من جديد
يمزقها، ثم يقتلها حين تأخذ شكلا أخيرا ..
- قتلت
ويكتب سرحان شيئا على كم معطفه، ثم تهرب
ذاكرة من ملف الجريمة.. تهرب.. تأخذ منقار طائر
وتزرع قطرة دم بمرج ابن عامر»
وعلى جدار الحلم يستند درويش في أعماله الأخيرة ومنها (أحد عشر كوكبا-
لماذا تركت الحصان وحيدا- لا تعتذر عما فعلت- أثر الفراشة). ففيها يمتزج
إيقاع السيرة الذاتية الحميمة- بمفرداتها الشخصية البسيطة، وتشابكاتها
الإنسانية المعقدة- بشهوة البحث عن جسد للحلم، جسد للوطن وللروح، وفي الوقت
نفسه تتخلص شعرية المكان من وهج النوستالجيا والاحتفاء العابر، لتتحول إلى
مرثية كونية، منفتحة بحيوية على فضاء الوجود كله.. يقول درويش في يومياته
النثرية:
«هل كان علينا أن نسقط من علوٍّ شاهق
ونرى دمنا على أيدينا..
لندرك أننا لسنا ملائكة .. كما كنا نظن؟!.
... ...
أيها الماضي ..لا تغيِّرنا كلما ابتعدنا عنك
أيها المستقبل لا تسألنا: من أنتم
أيها الحاضر تحملنا قليلا.
فلسنا سوى عابري سبيل ثقلاء الظل!»
لقد كان الحلم خلاص محمود درويش الأخير، وتميمته الدائمة ضد الموت والزمن،
ومثلما جعله الحلم ينشغل بوعي الحكاية وشخوصها، وخفف عن قصيدته وطأة
حمولتها السياسية وغنائيتها المباشرة، وجعلها أنشودة حية ممتدة في الزمان
والمكان. ها هو يواصل حلمه من جديد في فضاء آخر، لا يستعصي فيه الحلم عن
الولادة، ولا يكف الوطن عن دهشة المحبة والسؤال.
جمال القصاص
***************************************
السياب ودرويش.. حلم بالقصيدة الملحمية قطعه الموت
من كان يتصور أن شاعراً يكتب قصيدة بلغة شعرية بسيطة، ورؤية أكثر بساطة كما
في هذه الأبيات الشهيرة:
سجل أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
وأطفالي ثمانية
وتاسعهم سيأتي بعد صيف
سيكتب، بعد سنوات قليلة نسبياً، قصيدته المركبة، التي وضعته على أعتاب
مرحلة شعرية جديدة تماماً، وجعلتنا أمام شاعر مختلف لا يمت للأول بأية صلة،
ونعني بها قصيدة «سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا». لا نظن أن أحداً كان
يتصور ذلك، ولا حتى غسان كنفاني نفسه، الذي عرّف العرب للمرة الأولى
بـ«شعراء الأرض المحتلة» في الستينات من خلال مقال نشره في مجلة «الآداب»
البيروتية. شعراء قليلون في التاريخ الشعري الإنساني يمكن أن يحققوا مثل
هذه القفزة الهائلة في تطورهم الشعري، فذلك يتطلب، قبل كل شيء، مراجعة
نقدية ذاتية حادة، وانتفاضاً على النفس والرؤى والمفاهيم الراسخة، خاصة في
زمن ساد فيه مفهوم «الالتزام الأدبي» الذي ورثناه بشكله الخاطيء الذي عرف
به عربياً وعالمياً. ومن هؤلاء الشعراء القليلين في الشعر العربي، قبل
درويش، بدر شاكر السياب، الذي قطع الصلة بكل ماضيه الشعري المتمثل بديوانين
بسيطين هما «أزهار ذابلة»،1947، و«أزهار وأساطير»، 1950، لا يمكن أن
ينبئا، بأي حال من الأحوال، بما سيكونه السياب لاحقاً. لقد حقق السياب في
ظرف ثلاث سنوات ما قد يحققه شعراء آخرون في مراحل طويلة من تطورهم الشعري،
هذا إذا حققوه، نتيجة تطور هادئ في التجربة الشعرية، وقد اكتنزت بالمعرفة
وخبرة الحياة. من قصيدة ساذجة مثل «هل كان حباً»، التي استهل بها ريادة
الشعر العربي الحديث، وقصائد أخرى لا تقل سذاجة مثل «ديوان شعر»، الذي كان
يتنقل بين صدور العذارى، انتقل السياب، وكأنما قد ولد من جديد، إلى القصيدة
الملحمية، المركبة، التي تعانق الكوني دون أن تسقط في فخ التجريد، أو
تتحول إلى معادلات رياضية باردة، كما في «أنشودة المطر» و«غريب على الخليج»
و«المومس العمياء» و«الأسلحة والأطفال».
وما يجمع بين السياب ودرويش هو أكثر من ذلك. لقد اتفق معظم دارسي تجربة
درويش الشعرية على تأثره المبكر بنزار قباني، وقصائده الأولى البسيطة تشي
بذلك، ثم لاحقاً بشعراء مثل عبد الوهاب البياتي، في مرحلة التزامه الشعري،
ثم بسعدي يوسف إلى حد ما، بقصائده التي تستلهم العابر واليومي. ولكننا نرى
أن السياب كان مرجعيته الأولى، وكان شاعره العربي الأول. كانت عينه دائماً
على السياب، وإن لم نقرأ له تصريحاً مباشراً بذلك. إنه لا يكف عن العودة
إليه حتى في أيامه الأخير:
أتذكر السياب، يصرخ في الخليج سدى
«عراق، عراق، ليس سوى عراق..»
ولا يرد سوى الصدى
أتذكر السياب، في هذا الفضاء السومري
تغلبت أنثى على عقم السديم
وأورثتنا الأرض والمنفى معا
أتذكر السياب.. إن الشعر يولد في العراق
فكن عراقياً لتصبح شاعراً يا صاحبي
أتذكر السياب. إن الشعر تجربة ومنفى
توأمان. ونحن لم نحلم بأكثر من
حياة كالحياة، وأن نموت على طريقتنا
«عراقُ
«عراقُ
«ليس سوى العراق..»
لقد وصل درويش الشعر العربي المعاصر بالبدايات العملاقة لهذا الشعر
بحرارته، وجملته الشعرية، واستلهامه الأسطورة المعجونة بطين الواقع، وصوته
الحزين، ونبرته الغنائية الشجية التي تصل الى آلاف الناس البسطاء، محتفظة
مع ذلك بقيمتها الفنية العالية، النابعة من داخلها بدون حذلقات لغوية أو
فكرية لحقت بهذا الشعر من منتصف الستينات ولحد الآن تحت تسميات تنتمي لكل
شيء إلا للشعر، وسط استسهال وصمت نقدي مروعين. وما يوحد الاثنين، أيضاً، في
رأينا، وما يوحد الشعراء الحقيقيين في كل زمان ومكان، هو ذلك التوق الجارف
لكتابة القصيدة الملحمية بكل أبعادها الدرامية، وهو توق عبر عنه درويش
أكثر مرة، من دون أن يسعفه الزمن، كما لم يسعف السياب قبله، لكن القصيدة
الطويلة عندهما، ورؤياهما المبكرة، كانتا تشيان بإمكانية كتابة مثل هذا
القصيدة التي يفتقر إليها الشعر العربي.
وفي رأينا أن مجموعته المتميزة «أحد عشر كوكباً»، كانت تمهيداً لكتابة مثل
هذه القصيدة، مثلما مثلت انطلاقة جديدة له. فقد نجح فيه في الخروج من دائرة
فلسطين الضيقة ليدخل دائرة الشعر الكبرى، ولم يعد يتكئ على فلسطين، بل
أصبحت فلسطين تتكئ عليه، كما عبر الشاعر سعدي يوسف مرة. ومع هذه الانطلاقة،
تحرر، داخلياً في الأقل، من القصيدة التي خنقته طويلا: «سجل أنا عربي»،
ومن اللقب الذي ألصق به طويلاً، وما يزال ينعته به البعض حتى هذه اللحظة
«شاعر المقاومة الفلسطينية». ما أدركه درويش في هذه المرحلة، وقد اكتنز
بمعرفة شعرية إضافية، واطلع عن كثب على التجارب الشعرية الجديدة في منافيه
العديدة، أن عليه أن «يكبح» طاقته الغنائية الهائلة، وصوره الشعرية
الجامحة، ويخضعها للفكرة، والتاريخ، والأسطورة. فلم تعد الأغنية كافية،
وليست هي وحدها ما يخلق الشعر العظيم، الذي ليس هو، كما قال هيغل مرة، سوى
«صورة مفكرة».
لكن طاقة درويش الغنائية الهائلة، كما عند السياب، سرعان ما تداهمه على
حساب الفكرة، كما في «حالة حصار» مثلا، إضافة إلى الضغوط الشعبية الكبيرة،
عربياً وفلسطينياً، باعتباره شاعر المقاومة، ومغني الشعب العربي. وكما
شهدنا عند السياب في مراحله الأخيرة، بحكم المرض، عودة إلى القصيدة
الغنائية كما في «منزل الأقنان» و«المعبد الغريق»، حصل ذلك عند درويش إلى
حد واضح في «لماذا تركت الحصان وحيدا» و«حالة حصار». الشعراء الكبار
يحتاجون أن يغنوا أيضاً بين فترة وأخرى. ونعتقد أن درويش لو أمهله الزمن،
كان سيعاود مشروعه الشعري الذي بدأه في «أحد عشر كوكباً»، لتبدأ مرحلة أخرى
في تطوره الشعري، جامعا الأغنية والفكرة في وحدة عضوية هي حلم كل الشعراء
في كل العصور.. لكنه الموت.
لندن:
فاضل السلطاني *******************************************أن تكون محمود درويش بقلم : صبحي حديديفي حدود ما تناهى إليّ، أو تيسّرت لي قراءته باللغتين الإنكليزية
والفرنسية، إذْ لا أتقن العبرية، لم أعثر على مادّة إسرائيلية لافتة في
رثاء محمود درويش. توفرت، مع ذلك، بعض الاستثناءات التي لا تمسّ إلا السطح
أو المعطى البسيط في نظرة إسرائيل، مجتمعاً وحكومة، إلى شخصية درويش:
المواطن الفلسطيني، والشاعر، وشاعر فلسطين الوطني الأوّل، والشاعر العربي
والعالمي الكبير. وثمة إشكالية حقّة هنا، لا تخصّ هذه الأبعاد وحدها، وتشمل
سلسلة مواجهات ثقافية وأخلاقية قبل تلك السياسية، ولا تقتصر على سجال
المجتمع الإسرائيلي بصدد تدريس أو رفض تدريس قصائد درويش في المناهج
الدراسية الإسرائيلية (قرار يوسي ساريد وزير التربية والتعليم الأسبق بهذا
الصدد، والنقاش العاصف الذي اندلع سنة 2000 وانتهى إلى تحكيم رئيس الوزراء
آنذاك، إيهود باراك، بأنّ الإسرائيليين ليسوا مستعدين بعد لهذا الإجراء)؛
أو مفارقة أن يبدي أرييل شارون، دون سواه، إعجابه الشديد بقصائد الراحل.
بين هذه الاستثناءات ما كتبه الروائي الإسرائيلي أفراهام ب. يهوشواع في
صحيفة 'معاريف'، ونقلت بعضه آمال شحادة من الناصرة، من أنّ درويش كان
'الصديق والخصم' الذي استفزّ الإسرائيليين بشعره وثقافته وعمقه: 'أولاً
وقبل كلّ شي كان محمود درويش شاعراً كبيراً، وامتلك عظمة شعرية حقيقية، حتى
أنّ إنساناً مثلي قرأه عبر ترجمات أشعاره لا باللغة الأصلية، كان في
إمكانه أن يعجب بمخزون الصور والأفكار الغنية لديه، وبالحرية الشعرية التي
سمح لنفسه بانتهاجها'.
إسحق لاؤور، الشاعر والكاتب التقدّمي، نشر في 'هآرتس' مقالة توقفت عند
قصيدة درويش الأخيرة 'سيناريو جاهز'، معتبراً أنّ 'التاريخ ألقى على عاتق
درويش مهمة أنّ يؤدّي دور الشاعر الوطني'. وحثّ لاؤور دولة إسرائيل على منح
الإذن بدفن درويش في قريته مسقط رأسه، البروة: 'إنهم يتحدثون كثيراً في
العالم عن الاعتذار' من ضحايا الاحتلال والاقتلاع والتهجير، 'في أمريكا
وأستراليا وجنوب أفريقيا. وهنا لم يتحدثوا عن ذلك بعد. وقد يكون تشييع
جثمان درويش إلى قريته بداية رحلة طويلة من التكفير عن الذنوب'.
تسفي بارئيل، محرّر الشؤون العربية في الصحيفة ذاتها، رأى أنّ عظمة درويش
الأساسية هي 'البلورة الشاعرية الثاقبة للذاكرة التاريخية الفلسطينية،
وخصوصاً في ما يتعلق بقضية اللاجئين. وفي قصيدته الشهيرة 'لماذا تركت
الحصان وحيداً' أحيا العلاقة بين التهجير والآثار الحية التي أبقاها
اللاجئون خلفهم وعنفوان حق العودة بواسطة رمزه، الحصان الذي بقي في الخلف،
والبئر المتروكة ومفتاح البيت المهجور الموجود في جيب كل لاجئ'.
أجدني، استطرادا، راغباً في العودة إلى مقال إسرائيلي لامع عن درويش، كتبته
الشاعرة والناشطة الحقوقية الراحلة داليا رافيكوفتش قبل أكثر من 12 سنة،
نُشر في مجلة 'غلوبس' الإسرائيلية وترجمته فصلية 'مشارف' في عددها السادس،
كانون الثاني (يناير) 1996. المقال حمل عنوان 'محمود درويش: أن تكون شاعراً
ليس بالشيء الكبير'، وفيه توجّه رافيكوفتش نقداً شديداً لاذعاً إلى
السلطات الإسرائيلية بسبب إصرارها، آنذاك، على منع درويش من زيارة أهله في
فلسطين الـ 48. وتسرد رافيكوفيتش المناسبات السابقة التي طالب فيها عدد من
المثقفين الإسرائيليين بمنح درويش الحقّ في الدخول (كما في مناسبة تشييع
جثمان والده، على سبيل المثال)، وكيف كانت القصيدة ـ أية قصيدة، وليس
'عابرون في كلام عابر' بالذات ـ هي المتراس الأخير الذي تستخدمه المخابرات
في تعليل الرفض. كيف لا، وهذه الأجهزة تتصرّف في الطغيان البليد مثل 'مخلوق
أحادي الخلية'، ولكنها تزعم أنها ضليعة وتملك باعاً طويلاً في 'الأدب
المقارن وإدراك مقاصد الشاعر'، على حدّ تعبير رافيكوفيتش.
ولهذا فإنّ محمود درويش الشاعر، شاعر فلسطين الوطني الأوّل، والشاعر القادر
على تحويل القصيدة إلى صدمة ثقافية وأخلاقية في الوجدان الإسرائيلي، أو
إلى لطمة في وجه الاحتلال العسكري، هو الذي ظلّ رجيماً محاصَراً محروماً
حتى من تأشيرة سائح: 'لو كان الحديث يدور عن مليونير سعودي يرغب في زيارة
البلاد، فإنّ إيتان هابر (مدير مكتب إسحق رابين آنذاك)، بجلاله وقدره، سوف
يجهد لتنظيم جولة للضيف الكريم، صحبة دليل خاصّ، في ديزنغوف (أحد الشوارع
الرئيسية في تل أبيب)'، كما كتبت رافيكوفتش.
وبالفعل، تلك مسائل فيها نظر كما يُقال، بيد أنّ تعليل وجودها واستمرارها
(كما يتجلى في القرار الإسرائيلي برفض دفن درويش في أيّ شبر من فلسطين الـ
48)، ليس عسير التأويل، أو هو بالأحرى واضح في الصيغة المعكوسة تماماً
لعنوان مقالة رافيكوفيتش: أنْ تكون شاعراً هو شيء كبير من حيث المبدأ، وأن
تكون شاعراً من طراز محمود درويش هو شيء كبير... كبير. أما أن تكتب الشعر
بالعيار الأخلاقي والإنساني والحضاري والتاريخي الذي اعتمده الراحل طيلة
أربعة عقود ونيّف، فذاك ليس بـ 'الشيء الكبير' فحسب، بل هو أمر جلل وقضية
خطيرة. وهو، في أيّ حال، ليس حكاية أجهزة عسكرية ـ أمنية تمارس الأدب
المقارن، وإلا فإنّ تفسير ضآلة، وضحالة، ما كُتب عن محمود درويش في
إسرائيل، سوف يبدو بسيطاً ومالوفاً. الحال نقيض هذا تماماً، وثمة هنا أكمة
سياسية وثقافية وتاريخية وميتافيزيقية، وراءها ما وراءها من مخاطر وحساسيات
وحسابات.
- القدس العربي 1-9-2008 ***************************************
في وداع درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"
رام الله - عمان - حينما سُئل الشاعر الفلسطيني الراحل
محمود درويش عن سبب بقائه في رام الله أثناء الحصار الكبير عام 2002، أجاب
«على هذا الأرض ما يستحق الحياة».
وهي قصيدة شهيرة لدرويش، يحفظها الفلسطينيون جيدا.
وبعد 6 أعوام، عاد درويش، الى رام الله، لكن هذه المرة، في كفن، ليدفن في
تلة مطلة على القدس، في ساحة القصر الثقافي الذي ألقى فيه آخر قصائدة «لاعب
النرد»، وتحول اسمه في ما بعد الى «قصر محمود درويش الثقافي».
وشيع الفلسطينيون أمس، يتقدمهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن)،
ووالدة الفقيد وأشقاؤه، جثمان درويش في مسيرة شعبية ورسمية حاشدة الى مثواه
الأخير، وظل الناس يرددون في وداعه ما قاله «على هذه الأرض ما يستحق
الحياة».
وامتلأت جدران رام الله، بصوره الكبيرة وبعض أشعاره، وارتدى بعض المشيعين
ملابس تحمل صورته، بينما حملها آخرون الى جانب العلمين الفلسطيني، والسوري
(رفعه مشيعون حضروا من هضبة الجولان المحتل).
وسار جثمان درويش في شوارع رام الله محمولا بسيارة رئاسية الى القصر
الثقافي يتقدم آلاف المشيعين، قبل ان ينقله حرس الشرف في مراسم رسمية الى
مثواه الأخير، ويطلق له 21 طلقة.
وكان جثمان درويش قد وصل محمولا بطائرة اردنية، الى مقر المقاطعة في رام
الله، حيث سجي جثمانه، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه. وأجريت له مراسم
استقبال رسمية، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعائلته، وأصدقائه،
ووالدته الكبيرة «أم أحمد» التي كانت تجلس الى كرسي متحرك. وأحضرت معها من
قرية «الجديدة»، ترابا، لتضعه فوق قبر ابنها الراحل، الذي طالما قال، «احن
الى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي.. واعشق عمري لأني اذا مت اخجل من دمع
امي».
وقال عباس في تأبين درويش «جميعنا اليوم نودع نجماً أحببناه إلى درجة
العشق»، وأضاف «لقد أوفى عطاءً بسخاء، زاد فينا طموحاً بالمزيد، لهذا لا
نصدق أنه رحل».
وفي كلمته الطويلة، التي برر طولها بأنه يستبطئ رحيل درويش، قال عباس، إن
الرثاء صعب، «فكيف إذا كان لعزيز كمحمود، وكبير كمثله، بقامته وظله». وتعهد
عباس «أن تبقى الراية التي رفعها محمود بشعره وقامته وروحه عالياً خفاقةً،
لتعلو كمآذن القدس وكنائسها، وأسوارها العالية، العاصمة الأبدية لدولتنا
الفلسطينية الآتية قطعاً». وتابع «إنه حلم محمود ورؤياه التي نُقْسم على
تحقيقها لتكون مثواه ومثوى شيخ شهدائنا، قائدِ مسيرةِ شعبنا ورمزِ قضيتهِ
وكفاحهِ ياسر عرفات».
ودعا عباس للاهتمام بما سماه «جبهة الثقافة»، وقال «فليكن رحيل درويش
مدخلاً لتجنيد كل طاقات المبدعين أفراداً وهيئات»، وتابع «إنني أدعو الجهات
الحكومية والرسمية المعنية بجبهة الثقافة، المعقل الأساسي الأهم لنضال
شعبنا وحفظ بقائه وأمنه القومي وهويته الوطنية، أن تولي هذه الجبهة ما
تستحق من تركيز واهتمام ورعاية وتوفير الإمكانات والموارد اللازمة لتمضي
قدماً نحو تعزيز دورها ومكانتها والعبور إلى عهد جديد من الأصالة
والتجديد».
وخاطب عباس درويش، قائلا «يا أخي أحمد الزعتر، لك كلُ المترادفات والأضداد،
فأنت الحاضر الغائب، وأنت الغائب الحاضر، فلم ترحل عنا إلا لنا ولن تتركنا
لأنك فينا». وقال «كنت جميعَنا والقاسمَ المشترك، في كل الحِصارات، لم
تدخل بيوت أبي سفيان، كنت ابن ثابت لأنك كنت من البداية حتى النهاية. عاديت
مسيلمة، ولم تتردد لأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة».
وألقى صديق درويش، الشاعر سميح القاسم، كلمة قال فيها: «إنه كان لجثمان
درويش أن يطلب الراحة الأبدية في مقبرة البروة الجليلية، لكن المستوطنين
يصرون على تحويل مقبرة أجداده إلى حظيرة لمواشيهم. إنهم ينتقمون لأسلحتهم
عن مواجهة قصيدتك».
وبدا التأثر كبيرا على القاسم، وأكبر على شقيق درويش (احمد) الذي بكى،
وأبكى معه الحضور بمن فيهم الرئيس الفلسطيني. وقال احمد درويش «ها قد عاد
إلى ثراكم، عاد أخوكم وصديقكم وزميلكم ورفيق دربكم إلى هذا المكان الرمز،
عاد إليكم لغة وفكرا ونهجا وترابا، ومن أحق منكم وفاءً لهذه الأمانة، ومن
أحق من هذا المكان القريب من القدس».
في الأردن, شارك الامير علي بن نايف الامين الخاص للملك عبد الله الثاني في
وداع الشاعرالعربي الكبير محمود درويش الذي جرى تشييع جثمانه من مطار
ماركا في طريقه الى فلسطين ليوارى الثرى في جبالها على تلة مطلة على القدس
الشريف. واستقبلت الجثمان ثلة من الحرس الملكي وحيته بسلام الجنازة ونقل
الجثمان الذي لف بالعلم الفلسطيني افراد من جيش التحرير الفلسطيني في
الاردن الى قاعة الاحتفال حيث ألقى الحضور نظرة الوداع على جثمان الشاعر
الكبير.
وألقت وزيرة الثقافة نانسي باكير كلمة باسم الحكومة الاردنية قالت فيها:
«فقدان رمز من رموز فلسطين ادمى القلب في الاردن والعالم العربي والعالم،
بوصفه علما من اعلام الثقافة وصوتا يدافع عن الحق. وألقى الحضور من رسميين
ومثقفين نظرة الوداع الاخيرة على جثمان الشاعر درويش ووداعه الى طائرة خاصة
بسلاح الجو الملكي التي نقلته الى رام الله. وشارك في وداع الراحل الى رام
الله عدد من المسؤولين الاردنيين والفلسطينيين والمثقفين من الاردن
والعالم
العربي.
عن
الشرق الاوسط