اختلاف النهار والليل ينسي | اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
|
وصفا لي ملاوة من شباب | صورت من تصورات ومس
|
عصفت كالصبا اللعوب ومرت | سنة حـلوة ولذة خلس
|
* * *
|
وسلا مصر: هل سلا القلب عنها | أو أسا جرحه الزمان المؤسي
|
كلما مرت الـليالـي عليه | رق، والعهد فـي الليالي تقسي
|
مستطار إذا البواخر رنت | أول الليل، أو عوت بعد جرس
|
راهب في الضلوع للسفن فطن | كلما ثرن شاعهن بنقس
|
يا ابنة اليم، ما أبـوك بـخيل | ماله مولعاً بمنع وحبس
|
أحرام على بلابـله الدوح | حلال للطير من كل جنس؟
|
كل دار أحق بالأهل إلا | في خبيث من المذاهب رجس
|
نفسي مرجل، وقلبي شراع | بهما في الدموع سيري وأرسي
|
واجعلي وجهك (الفنار) ومجراك | يـد (الثغر) بـين (رمل) و(مكس)
|
* * *
|
وطـني لو شغلت بالخلد عنه | نازعتني إليه في الخلد نفسي
|
وهـفا بالفؤاد في سلسبيل | ظمأ للسواد مـن (عين شمس)
|
شهد الله لم يغب عن جـفوني | شخصه ساعة ولم يخل حسي
|
يا فؤادي لكل أمر قرار | فيه يبدو وينجلي بعد لبس
|
عقلت لجة الأمور عقولاً | طالت الحوت طول سبح وغس
|
غرقت حيث لا يصاح بطاف | أو غريق، ولا يصاخ لحس
|
فلـك يكسف الشموس نـهـاراً | ويسوم البدور ليلة وكس
|
ومواقيت للأمور إذا ما | بلغتها الأمور صارت لعكس
|
دول كالرجال مرتهنـات | بقيام من الجدود وتعس
|
وليال من كل ذات سوار | لطمت كل رب (روم) و(فرس)
|
سددت بالهلال قوساً وسلت | خنجراً ينفذان من كل ترس
|
حكمت في القرون (خوفو) و(دارا) | وعفت (وائلاً) وألوت (بعبس)
|
* * *
|
أين (مروان) في المشارق عرش | أموي وفي الـمغارب كرسي؟
|
سقمت شمسهم فرد عليها | نورها كل ثاقب الرأي نطس
|
ثم غابت وكل شمس سوى هاتيك | تبلى، وتنطوي تحت رمس
|
وعظ (البحتري) إيـوان (كسرى) | شفتني القصور من (عبد شمس)
|
رب ليل سريت والبرق طرفي | وبساط طويت والريح عنسي
|
أنظم الشرق في (الجزيرة) بالغرب | وأطوي البلاد حزنـاً لدهس
|
في ديار من الخلائف درس | ومـنار من الطوائف طمس
|
وربى كالجنان في كنف الزيتون | خضر، وفي ذرا الكرم طلس
|
لم يرعـني سوى ثرى قرطبي | لمست فيه عبرة الدهر خمسي
|
يا وقى الله ما أصبح منه | وسقى صفوت الحيا ما أمسي
|
قرية لا تعد في الأرض كنت | تمسك الأرض أن تميد وترسي
|
غشيت ساحل المحيط وغطت | لجة الروم من شراع وقلس
|
* * *
|
ركب الدهر خاطري في ثراها | فأتى ذلك الحمى بــعد حدس
|
فتجلت لي القصور ومن فيها | من العز في منازل قعس
|
سنة من كرى وطيف أمـان | وصحا القلب مـن ضلال وهجس
|
وإذا الدار ما بها من أنيس | وإذا القوم ما لهم من محس
|
ورقيق من البيوت عتيق | جاوز الألف غير مذموم حرس
|
أثر من (محمد) وتراث | صار (للروح) ذي الولاء الأمس
|
بلغ النجم ذروة وتناهى | بين (ثهلان) في الأساس و(قدس)
|
مرمر تسبح النواظر فيه | ويطول المدى عليها فترسي
|
وسوار كأنها في استواء | ألفات الوزير في عرض طرس
|
فترة الدهر قد كست سطريها | ما اكتسى الهدب من فتور ونعس
|
* * *
|
ويحها! كم تزينت لعليم | واحد الدهر واستعدت لخمس
|
وكأن الرفيف في مسرح العين | ملاء مدنرات الدمقس
|
ومكان الكتاب يغريك رياً | ورده غائباً فتدنو للمس
|
صنعة (الداخل) المبارك في | الغرب وآل له ميامين شمس
|
من (لحمراء) جللت بغبار | الدهر كالجرح بين بـرء ونكس
|
كسنا البرق لو محا الضوء لحظاً | لمحتها العيون من طول قبس
|
حصن (غرناطة) ودار بني الأحمر | من غافل ويقظان ندس
|
جلل الثلج دونها رأس (شيرى) | فبدا منه في عـصائب برس
|
سرمد شيبه، ولم أر شيئاً | قبله يـرجى البقاء وينسي
|
مشت الحادثات في غرف (الحمراء) | مشي النعي في دار عرس
|
هتكت عزة الحجاب وفضت | سدة الباب من سمير وأنسي
|
عرصات تخلت الخيل عنها | واستراحت من احتراس وعس
|
ومغان على الليالي وضاء | لم تجد للعشي تكرار مس
|
* * *
|
لا ترى غير وافدين على التاريخ | ساعين في خشوع ونكس
|
نقلوا الطـرف في نضارة آس | من نقوش، وفي عصارة ورس
|
وقباب من لازورد وتبر | كالربى الشم بين ظل وشمس
|
وخطوط تكفلت للمعاني | ولألفاظها بأزيـن لبس
|
وترى مجلس السباع خلاء | مقفر القاع من ظباء وخنس
|
لا (الثريا) ولا جواري الثريا | يتنزلن فيه أقمار إنس
|
مرمر قامت الأسود عليه | كلة الظفر لينات المجس
|
تنثر الماء في الحياض جماناً | يـتنزى على ترائب ملس
|
آخر العهد بالجزيرة كانت | بعد عرك من الزمان وضرس
|
فتراها تقول: راية جيش | باد بالأمس بـين أسر وحـس
|
ومفاتيحها مقاليد ملك | باعها الوارث المضـيع ببخس
|
خرج القوم في كتائب صم | عن حفاظ كموكب الدفن خرس
|
ركبوا بالبحار نعشاً وكانت | تحت آبائهم هي العرش أمس
|
رب بان لهادم، وجموع | لمشت ومحسن لمخس
|
إمرة الناس همة لا تأنى | لجبــان ولا تسنى لجبس
|
* * *
|
يا دياراً نزلت كالخلد ظلاً | وجـنى دانياً وسلسال أنس
|
محسنات الفصول لا نـاجر فيها | بقيظ ولا جمادى بـقرس
|
لا تحش العيون فوق ربــاها | غير حور حو المراشف لعس
|
كسيت أفرخي بظلك ريشاً | وربا في رباك واشتد غرسي
|
هم بنو مصر لا الجميل لديهم | بمضاع ولا الصنيع بمنسي
|
من لسان على ثنائك وقف | وجنان على ولائك حبس
|
حسبهم هذه الطلول عظات | من جديد على الدهور ودرس
|
وإذا فاتك التفات إلى الماضي | فقد غاب عنك وجه التأسي
|