اعلم أن لتسكين الغضب إذا هجم أسبابا يستعان بها على الحلم منها :-
1. أن يذكر الله عز وجل فيدعوه ذلك إلى الخوف منه , ويبعثه الخوف منه على الطاعة له , فيرجع إلى أدبه ويأخذ بندبه ، فعند ذلك يزول الغضب . قال الله تعالى : ( واذكر ربك إذا نسيت ) قال عكرمة : يعني إذا غضبت ، وقال الله تعالى : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ) ومعنى قوله { ينزغنك أي : يغضبنك , { فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } يعني : أنه سميع بجهل من جهل , عليم بما يذهب عنك الغضب . وقال بعض الحكماء : من ذكر قدرة الله لم يستعمل قدرته في ظلم عباد الله ، وقال عبد الله بن مسلم بن محارب لهارون الرشيد : يا أمير المؤمنين أسألك بالذي أنت بين يديه أذل مني بين يديك , وبالذي هو أقدر على عقابك منك على عقابي لما عفوت عني ، فعفا عنه لما ذكَّره قدرة الله تعالى .
2. . ومنها : أن ينتقل عن الحالة التي هو فيها إلى حالة غيرها , فيزول عنه الغضب بتغير الأحوال والتنقل من حال إلى حال . عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا : ( إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلا فَلْيَضْطَجِعْ ) رواه أبو داود (4782) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
3. . ومنها : أن يتذكر ما يؤول إليه الغضب من الندم والحاجة إلى الاعتذار . قال بعض الأدباء : إياك وعزة الغضب فإنها تفضي إلى ذل العذر .
4. ومنها : أن يذكر ثواب العفو , وجزاء الصفح , فيقهر نفسه على الغضب رغبة في الجزاء والثواب , وحذرا من استحقاق الذم والعقاب ، قال رجاء بن حيوة لعبد الملك بن مروان لما تمكن من بعض أعدائه وأسرهم : إن الله قد أعطاك ما تحب من الظفر فأعط الله ما يحب من العفو ، وأسمع رجلٌ عمرَ بن عبد العزيز كلاماً يكرهه ، فقال عمر : أردت أن يستفزني الشيطان لعزة السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غدا ( يعني : يوم القيامة ) انصرف رحمك الله . 5. ومنها : أن يذكر انعطاف القلوب عليه , وميل النفوس إليه , فلا يضيّع ذلك بالغضب فيتغيّر الناس عنه وليعلم أنه لن يزداد بالعفو إلا عزاً ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا ) رواه مسلم (2588) ، وقال بعض البلغاء : ليس من عادة الكرام سرعة الانتقام , ولا من شروط الكرم إزالة النعم . " أدب الدنيا والدين " ( ص 258 – 260 ) باختصار . وانظر تفصيلاً وافياً في علاج الغضب في إجابة السؤال رقم ( 658 ) والله الموفق . = دمتم بحفظ الله و رعايته