سُئل الشيخ عبد الرحمن السحيم عما جاء في هذه الصورة
فأجاب حفظه الله :
أولاً : القرآن يُفسر بعضه بعضا ، و خير ما فُسِّر به القرآن هو القرآن .
وهذه الآيات التي أُشير إليها في أسفل الصورة جاءت ضمن سياق آيات تتحدّث عن يوم القيامة
قال سبحانه وتعالى : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آَلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آَلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آَلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آَلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آَلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ )
قال ابن جرير رحمه الله : وقوله : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا) قال :
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا) فقال بعضهم : معنى ذلك إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السماوات والأرض فتعجِزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا ذلك ، فإنكم لا تجوزونه إلا بسلطان من ربكم . قالوا : وإنما هذا قول يُقال لهم يوم القيامة . قالوا ومعنى الكلام : سنفرغ لكم أيها الثقلان فيُقال لهم : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا) .
وقال آخرون : بل معنى ذلك أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا هاربين من الموت ، فإن الموت مدرككم ، ولا ينفعكم هربكم منه .
وقال آخرون : بل معنى ذلك إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا .
وقال آخرون : معنى قوله (لا تَنْفُذُونَ) لا تَخْرُجُون من سلطاني . اهـ .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله : أي لا تستطيعون هربا من أمر الله وقدره ، بل هو محيط بكم لا تقدرون على التخلص من حُكمه ، ولا النفوذ عن حكمه فيكم ، أينما ذهبتم أحيط بكم ، وهذا في مقام الحشر الملائكة محدقة بالخلائق سبع صفوف من كل جانب ، فلا يقدر أحد على الذهاب (إِلاَّ بِسُلْطَانٍ ) أي إلا بأمر الله . اهـ .
ثانياً : انشقاق السماء إنما يكون يوم القيامة ، كما في قوله تبارك وتعالى : ( فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)
وكذلك قوله سبحانه وتعالى : (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)
وقوله تبارك وتعالى : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا (24) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا)
وقوله جل جلاله : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا)
وهذه كلّّها من مشاهد يوم القيامة .
فدلّت هذه الآيات على أن انشقاق السماء إنما يكون يوم القيامة
وأن الآيات التي وُضعت في الصورة لا تدلّ على وقوع ذلك
لأن هذا لا يكون إلا يوم القيامة .
(( ولا يجوز لأحد أن يقول في القرآن بمجرّد رأيه .))
وسبقت الإشارة إلى هذا المعنى
ثم إنه لا ينبغي أن نُسارع في نشر مثل هذه الأشياء لأنه ربما ثبت عكسها أو ربما كانت من الخدع أو من تركيب الصور .
والله تعالى أعلى وأعلم .
كتبـه الشيخ عبد الرحمن السحيم