الخصال الخمسة
أتى رجل إلى إبراهيم بن أدهم فقال: إني مسرف على نفسي, فأعرض عليّ ما يكون
لها زجرا, أو مستنقذا ؟
قال إبراهيم: إن قبلت مني خمس خصال فقدرت عليها لم تضرك المعصية ؟قال الرجل: ماهي ؟
قال إبراهيم: أما الأولى: فإن أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه.
قال: فمن أين آكل وكل مافي الكون من رزقه ونعمة ؟
قال إبراهيم: أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتعصيه ؟ قال الرجل: لا .
وأما الثانية: فإن أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئا من بلاده, قال الرجل: إن هذه أعظم
من الأولى يا أبا إسحاق, إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأنّى أسكن ؟
قال إبراهيم: يا هذا, أفيليق بك أن تأكل من رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟ قال: لا .
وأما الثالثة: فإن أردت أن تعصيه فانظر موضعا لا يراك فيه, فأعصيه فيه. قال:
ماهذا الذي تقوله وهو سبحانه مطلع على مافي السرائر والخفيات أفيخفى عليه الموضع,
قال إبراهيم: أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو سبحانه يراك ويعلم
ما تجاهر به وما تخفي .
وأما الرابعة: فإن أردت أن تعصيه فإذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فاطلب منه
التأخير حتى تتوب. قال الرجل: هل تستهزى مني إنه لا يقبل مني بلا شك, قال إبراهيم:
إذا كنت لا تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وأنت تعلم أنه إذا جاء ملك الموت لم يكن
هناك تأخير فيما أمر به, فكيف ترجو وجه الخلاص, قال: نعوذ بالله من شرور أنفسنا
وأعمالنا.
وأما الخامسة: فإن أردت أن تعصيه إذا جاء الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار,
فلا تذهب معهم, قال: لا يقبلون مني, يفعلون ما يؤمرون ولا يعصون لله تعالى أمرا,
قال: إذا كيف ترجو النجاة والسلامة, قال الرجل يا إبراهيم حسبي أنا أستغفر
الله وأتوب إليه