نهر الأحزان
عيناكِ كنهري أحـزانِ
نهري موسيقى.. حملاني
لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ
نهرَي موسيقى قد ضاعا
سيّدتي.. ثمَّ أضاعـاني
الدمعُ الأسودُ فوقهما
يتساقطُ أنغامَ بيـانِ
عيناكِ وتبغي وكحولي
والقدحُ العاشرُ أعماني
وأنا في المقعدِ محتـرقٌ
نيراني تأكـلُ نيـراني
أأقول أحبّكِ يا قمري؟
آهٍ لـو كانَ بإمكـاني
فأنا لا أملكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ وأحـزاني
سفني في المرفأ باكيـةٌ
تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ
ومصيري الأصفرُ حطّمني
حطّـمَ في صدري إيماني
أأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟
يا ظـلَّ الله بأجفـاني
يا صيفي الأخضرَ ياشمسي
يا أجمـلَ.. أجمـلَ ألواني
هل أرحلُ عنكِ وقصّتنا
أحلى من عودةِ نيسانِ؟
أحلى من زهرةِ غاردينيا
في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني
يا حبّي الأوحدَ.. لا تبكي
فدموعُكِ تحفرُ وجـداني
إني لا أملكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ ..و أحزاني
أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟
آهٍ لـو كـان بإمكـاني
فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ
لا أعرفُ في الأرضِ مكاني
ضيّعـني دربي.. ضيّعَـني
إسمي.. ضيَّعَـني عنـواني
تاريخـي! ما ليَ تاريـخٌ
إنـي نسيـانُ النسيـانِ
إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو
جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ
ماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـني
قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني
ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ
يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ
أنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعدي
عنّي.. عن نـاري ودُخاني
فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ... وأحـزاني
...
صباحك سكر
إذا مر يوم و لم أتذكر به أن أقول صباحك سكر
فلا تخذني من ذهولي و صمتي
و لا تحسبي شيئا تغير
فحين أنا لا أقول أحبك فمعناه أني أحبك أكثر
إذا ما جلست طويلا أمامي
كمملكة من عبير و مرمر
و أغمضت عن طيباتك عيني
و أهملت شكوى القميص المعطر
فلا تنتعتني بموت الشعور
و لا تحسبي أن قلبي تحجر
دعيني أراك كما أتصور .. صباحك سكر
...
أحبيني بلا عقد
أحبيني بلا عقد و ضيعي في خطوط يدي
أحبيني لأسبوع لأيام لساعات
فلست أنا الذي يهتم بالأبد... أحبيني
تعالي و استعطف مطرا على عطائي و صحرائي
و ذوبي في فمي كالشمع و أنعجيني بالأجزائي... أحبيني
أحبيني بطهري أو بأخطائي... أحبيني
و غطيني أيا سقفا من الأزهار يا غابات حنائي
أنا رجل بلا قدر فكوني أنت لي قدر... أحبيني
أحبيني و لا تتساءلي كيف و لا تتلعثمي خجلا
و لا تتساقطي خوفا كوني البحر و الميناء
كوني الصحوة و الإعصار كوني اللين و العنف
أحبيني معذبتي و ذوبي في الهوى مثلي كما شئتي
أحبيني بعيد عن بلاد القهر و الكبت...
بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت...
أحبيني أحبيني...
....
إلا أنت
أشهد أن امرأة أتقنت اللعبة إلا أنت
و احتملت حماقتي عشرة أعوام كما احتملت
و اصطبرت على جنوني كما صبرت ..
و قلمت أظافري و رتبت دفاتري ..
و أدخلتني روضة الأطفال ..
أشهد أن لا امرأة تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني تغرقني تشعلني تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
تحتل نفسي أطول احتلال و أجمل احتلال .. إلا أنت
يا امرأة أعطتني الحب بمنتهى الحضارة
و حاورتني مثلما تحاور القيثارة
تطير كالحمامة البيضاء في فكري إذا فكرت
تخرج كالعصفور من حقيبتي إذا أنا سافرت
تلبسني كمعطف عليا في الصيف و الشتاء
أيتها الشفافة اللماحة العادلة الجميلة
أيتها الشهية البهية الدائمة الطفولة
كلمات: نزار قباني