الزوج المتحكم كيف تتعاملين معه

الزوج المتحكم كيف تتعاملين معه



هي آفة اجتماعية موجودة في معظم المجتمعات، مهما تباعدت المسافات، واختلفت العادات، وتعددت الثقافات.. نتحدث هنا عن الزوج المتحكم، ولماذا ينتشر هذا النوع من الأزواج؟ والأهم هو طرق التعامل معه.. فكوني معنا.
يعتبرها الرجال حقا مكتسبا ودليلا على قوة الشخصية، ويرى البعض أن التحكم بالزوجة يعتبر من أهم أساسيات القوامة ومفاتيح الرجولة. وفي نفس الوقت هناك تساؤل وتعجب دائم من قبل المرأة عن دواعي هذا التحكم وأسبابه وخاصة في وقتنا الحالي. فإذا فرضنا جدلا أن هذا التحكم كانت له أسبابه في الماضي، فقد تلاشت هذه الأسباب تماما، ولم يعد لها وجود، فالمرأة اليوم تحصل على أعلى المراتب العلمية، كما أنها أصبحت ندا وشريكا للرجل في أصعب الأعمال، وقد تبوأت المرأة الآن المناصب القيادية والمهام الوظيفية جنبا إلى جنب مع الرجل، ولم يعد هناك مجال في الحياة إلا واقتحمته المرأة، بل وزاحمت الرجل به أيضا.
وعلى المستوى الأسري نجد أن الزوجة تقوم بنفس المهام التي يتولاها الرجل، بل ربما تتحمل أعباء يومية لا يقوى هو على القيام بها، فهي تعمل مثله تماما، ثم تعود للاهتمام بمنزلها، وتقوم على راحته هو والأبناء، لأجل ذلك كله يثار التساؤل القديم الجديد من قبل المرأة وهو: لماذا يتسم الغالبية العظمى من الأزواج بهذه الصفة؟! علماء النفس هم الآخرون كان لهم باع طويل مع هذا التساؤل، وقد فتشوا مليا عن الأسباب التي تدفع الرجل إلى الحرص على التحكم الشديد في كل صغيرة وكبيرة في حياة المرأة، وخلاصة هذه التجارب أن حرص الزوج على التحكم يرجع إلى واحد من الأسباب التالية:
*   العادات والتقاليد:
منذ القدم كانت المهمة الأساسية بل والوحيدة للزوجة هي الاهتمام فقط بشؤون المنزل ومساعدة الزوج في تربية الأولاد، كان ذلك يحتم عليها عدم الخروج من البيت وبناء عليه يتولى الزوج كافة المهام التي تدور خارج المنزل، فهو يخرج للعمل ويعود ليشتري مستلزمات الأسرة، أما هي فلا ترى ضوء الشمس إلا فيما ندر، هنا يتولى الزوج المسؤولية الكاملة عن الزوجة، فإذا أضفنا إلى ذلك أنه المصدر الوحيد الذي يعيل الأسرة من الجانب المادي، نفهم أنه كان يقوم ببعض التوجيهات، لأنه يعلم أكثر من المرأة بحكم خروجه اليومي من المنزل ومخالطة الناس، هذه التوجيهات تطورت عبر الزمن إلى أوامر وتعليمات ومع وجود أنماط شخصية مختلفة من الرجال ومع وجود شخصيات ضعيفة من النساء، أصبحت التوجيهات أوامر وتحكمات يفرضها الرجل، ويجب على المرأة الطاعة والإذعان، وإلا فقد عصت رب الأسرة ومعيلها، المجتمع يتغير والظروف تتبدل لكن يبقى الوضع على ما هو عليه بحكم العادات والتقاليد.
الفهم الخاطئ:
من الأمور الشائعة والتي نسمع عنها كثيرا ضرورة أن يكون الرجل متحكما ومسيطرا على زوجته. وقد ظهرت العديد من الأمثال الشعبية كتطبيق على هذه المعتقدات الخاطئة، وفي العديد من المجتمعات ينظر الرجل إلى المرأة كنظرته إلى أي شيء يمتلكه بالمنزل يتصرف معها كيف يشاء فكما أنه باستطاعته أن ينقل قطعة من الأثاث من مكان إلى آخر، فهو يرى أن ذلك الأمر ينطبق أيضا على الزوجة، صاحب هذا التفكير مهما يصل إلى مستوى تعليمي أو مهني معين، لن يستطيع التخلي عن هذه الفكرة، لأنها قائمة على أساس خاطئ لا يقوى هو على الإقلاع عنه.
تجارب سابقة:
في العديد من الدراسات النفسية وجد أن معظم الأزواج الذين يميلون إلى التحكم المفرط قد تعرضوا لتجارب حياتية ساهمت في إرساء هذه الصفة لديهم، فعلى سبيل المثال الطفل الذي يعيش مع أب متحكم أو أم مسيطرة تحصر عليه أنفاسه، من المتوقع أن يشب هذا الطفل مشبعا بهذه الصفة، ولديه رغبة قوية في السيطرة، ومحبا في التحكم بمن حوله، ولن يجد متنفسا لذلك سوى الزوجة والأولاد، فهو يعتقد أن التحكم بالآخر من الأمور التي لا غبار عليها بناء على تربيته السابقة. الغريب في الأمر أيضا أن تجارب الطفولة تلعب دورا حيويا من نواح عدة. فقد كشفت هذه الدراسات أن إهانة الطفل المتكررة وكذلك ضربه وكبته وعدم ترك الفرصة للتعبير عن نفسه، كل ذلك يؤصل لصفة التحكم والرغبة في السيطرة.
ضعف الثقة بالنفس:
في حالة وجود زوج ضعيف الشخصية لا يتحلى بسمات الثقة بالنفس، من المتوقع في هذه الحالة أن يغطى على كل هذه العيوب بافتعال الأزمات والصراخ والغضب وإظهار الرغبة في التحكم وحب السيطرة ، هو يعلم بداخله أنه ضعيف الثقة بنفسه فلا مجال لديه لتعويض هذه الثقة سوى التدقيق على كل صغيرة وكبيرة تقوم بها المرأة حتى لو وصل به الأمر إلى التعليق على الإيماءات والألفاظ التي تتفوه بها.
التفاخر:
بعض الرجال يعتقدون أن التحكم بالمرأة عمل يدعو إلى التفاخر وسط الأهل والأصدقاء، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا أن هناك فئة من الأزواج تعمد إلى إبراز مدى تحكمها وسيطرتها على الزوجة أمام أهله وأصدقائه وجيرانه دون أدنى مبالاة بما يترتب على ذلك من حرج أو آثار سلبية على زوجته، هؤلاء يعتبرون الزوجة هنا تكملة لوضعه الاجتماعي أو (برستيج) يصاحبه أينما حل وسط أهله ومعارفه وكما نرى كلها أسباب واهية ليس لها أي أساس من الصحة، وربما يرجع تحكم الرجل إلى ضعف شخصية المرأة فيجد التحكم هنا تربة خصبة كي ينمو ويزداد.
التحكم مرفوض.. ولكن!
التحكم كصفة مرفوض ممارسته سواء من الزوج أو الزوجة، ولكن في نفس الوقت لابد من رسم قواعد وأساسيات للعلاقة منذ البداية، وعلى كل طرف التمسك بهذه الخطوط قدر استطاعته، فلا يحيد عنها.. يعرف واجباته كما يعرف حقوقه، لابد أن يراعي الطرف الآخر فلا يجور على حقوقه ويحفظه في غيبته قبل حضوره. كلا الطرفين يتولى المسؤولية الكاملة لتحقيق هذه الأهداف، وعندما يخل أحد الطرفين بما تم الاتفاق عليه ينبغي على الطرف الآخر التدخل الفوري كي يعود إلى صوابه. مسؤولية الرجل هنا ليست التحكم، ولكن بحكم خبراته لابد أن يشرف على تنفيذ هذه الاتفاقات بالحوار والنقاش الهادئ دون أن يعتقد أن لديه الأفضلية، أو أنه معصوم من الخطأ.
كيف تتعاملين مع الزوج المتحكم؟
الآن لديك زوج متحكم يحصر عليك أنفاسك فلا يترك شاردة أو واردة دون التعليق والتدقيق عليها، فماذا أنت فاعلة؟ إليك هذه الحلول:
*   البحث والتحري: إذا كان لديك يقين بأن زوجك من النوع الذي يمارس التحكم المرضي، فأول ما يجب البحث عنه هو سبب تواجد هذه الصفة لديه، وأنت وحدك المنوطة بهذا الأمر، أنت وحدك القادرة على كشف هذه الحقيقة، لأنك تمكثين معه لوقت طويل، وأنت على دراسة بما يدور في خاطره أكثر من أي شخص آخر.
فمثلا إذا علمت أن ضعف الثقة بالنفس يدفعه لهذا السلوك فمن الضروري أن تبعثي اليه برسائل الاطمئنان ليشعر خلالها أنك على قدر المسؤولية ولا يمكن أن تحيدي عن المسار الأسري المتفق عليه، كما يجب أن تشعريه دائما بالقوامة، وأن تأخذي برأيه في أمورك كافة، وبالتالي لا حاجة له هنا في ممارسة التحكم.
*   لا تبحثي عن التغيير السريع:
ليس من المنطقي التركيز على تغيير هذا النمط من التفكير بسرعة، فإذا فكرت بهذه الطريقة، فسوف تضعين نفسك تحت ضغوط نفسية طوال الوقت. الأجدى والأنفع في هذه الحالة هو تقبل هذا العيب مؤقتا، مثله في ذلك مثل بقية العيوب التي يتقبلها كل طرف في شريك حياته بعد مرحلة التقبل، لابد أن تضعي في اعتبارك التخفيف أو تغيير مرحلي لهذه الصفة لديه، يأتي ذلك من خلال الحوار الهادئ، وكذلك تذكيره ببعض الأضرار التي حدثت بسبب التعنت والإصرار واستغلال المواقف الحياتية بعيدا عن الغضب والانفعال.
ممنوع التحكم:
هناك فخ تقع فيه الزوجة عندما تجد أن زوجها من النوع المتحكم حيث تعتقد أن علاج هذه الصفة في أن تصبح هي متحكمة، ومن هنا تبدأ في تقليده واتباع نفس أسلوبه،
فتقوم بسؤاله عن كل صغيرة وكبيرة تحاصره بالأسئلة وتثير حوله الشكوك، وربما يصل الأمر ببعض الزوجات إلى محاولة التلصص عليه، ونصيحتنا لك طالما أنك تكرهين هذه الصفة في زوجك فمن الأولى عدم اللجوء إليها لأن هذا الأمر سيزيد التناحر ما يعقد من المشكلة وليس حلها. وأخيرا لا يجب أن تكوني ضعيفة الشخصية بل حاولي دائما أن تثقلي شخصيتك وتنمي مهاراتك وقدراتك حتى تحافظي على لغة الحوار بينكما، فالتواصل الفعال والنقاش الهادئ بعيدا عن الغضب هو الوسيلة المثلى المطلوبة في مثل هذه الحالة.