بكأس الشراب المرصّع باللازرود
انتظرها،
على بركة الماء حول السماء وزهر الكولونيا
انتظرها،
بصبر الحصان المعدّ لمنحدرات الجبال
انتظرها،
بسبع وسائد محشوة بالسحاب الخفيف
انتظرها،
بنار البخور النسائي ملء المكان
انتظرها،
برائحة الصندل الذكرية حول ظهور الخيول
انتظرها،
ولا تتعجل فإن أقبلت بعد موعدها
فانتظرها،
وإن أقبلت قبل موعدها
فانتظرها،
ولا تُجفل الطير فوق جدائلها
وانتظرها،
لتجلس مرتاحة كالحديقة في أوج زينتها
وانتظرها،
لكي تتنفس هذا الهواء الغريب على قلبها
وانتظرها،
لترفع عن ساقها ثوبها غيمة غيمة
وانتظرها،
وخذها إلى شرفة لترى قمراً غارقاً في الحليب
انتظرها،
وقدم لها الماء، قبل النبيذ، ولا
تتطلع إلى توأمي حجل نائمين على صدرها
وانتظرها،
ومسّ على مهل يدها عندما
تضع الكأس فوق الرخام
كأنك تحمل عنها الندى
وانتظرها،
تحدث إليها كما يتحدث ناي
إلى وتر خائف في الكمان
كـأنكما شاهدان على ما يعد غد لكما
وانتظرها
ولمّع لها ليلها خاتما خاتما
وانتظرها
إلى ان يقول لك الليل:
لم يبق غيركما في الوجود
فخذها، برفق، إلى موتك المشتهى
وانتظرها!...
في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة:
ربما نسيت حقيبتها الصغيرة في القطار،
فضاع عنواني وضاع الهاتف المحمول،
فانقطعت شهيتها وقالت: لا نصيب له من المطر الخفيف
وربما انشغلت بأمر طارئٍ أو رحلةٍ نحو الجنوب كي تزور الشمس، واتصلت ولكن لم
تجدني في الصباح، فقد خرجت لاشتري غاردينيا لمسائنا وزجاجتين من النبيذ
وربما اختلفت مع الزوج القديم على شئون الذكريات، فأقسمت ألا ترى رجلاً
يُهددُها بصُنع الذكريات
وربما اصطدمت بتاكسي في الطريق إلي، فانطفأت كواكب في مجرتها.
وما زالت تُعالج بالمهدئ والنعاس
وربما نظرت الى المرآة قبل خروجها من نفسها، وتحسست أجاصتين كبيرتين تُموجان
حريرها، فتنهدت وترددت: هل يستحق أنوثتي أحد سواي
وربما عبرت، مصادفة، بِحُب سابق لم تشف منه، فرافقته إلى العشاء
وربما ماتت،
فان الموت يعشق فجأة، مثلي،
وإن الموت، مثلي، لا يحب الانتظار
لم تأت...
قلت ولن...إذن
سأعيد ترتيب المساء بما يليق بخيبتي وغيابها
أطفأت نار شموعها
أشعلت نار الكهرباء
شربت كأس نبيذها وكسرته
بدلت موسيقى الكمنجات السريعة بالأغاني الفارسية
قلت: لن تأت...
سأنضو ربطة العنق الأنيقة
هكذا أرتاح أكثر
أرتدي بيجامة زرقاء
أمشي حافيا لو شئت
أجلس بارتخاء القرفصاء
على أريكتها فأنساها
وأنسى كل أشياء الغياب
أعدت ما أعددت من أدوات حفلتنا إلى أدراجها
وفتحت كل نوافذي وستائري
لا سر في جسدي أمام الليل
إلا ما انتظرت وما خسرت
سخرت من هوسي لتنظيف الهواء لأجلها
عطرته برذاذ الورد والليمون
لن تأت...
سأنقل زهرة الأوركيدمن جهة اليمين إلى اليسار
لكي أعاقبها على نسيانها
غطيت مرآة الجدار بمعطف
كي لا أرى إشعاع صورتها وأندم
قلت: أنسى ما اقتبست لها من الغزل القديم
لأنها لا تستحق قصيدة حتى ولو مسروقة
ونسيتها...
وأكلت وجبتي السريعة واقفا
وقرأت فصلا من كتاب مدرسي عن كواكبنا البعيدة
وكتبت كي أنسى إساءتها قصيدة
هذه القصيدة