بعض الهواتف ...... مقابر جماعية!
(1)
عادة مؤلمة تلازم الكثير منا
وهي عادة الاحتفاظ بالهواتف القديمة !
تمسكا بمحتوى ( ميموراتها )
وبتفاصيل قمنا بتخزينها بها ذات مرحلة واحساس ما !
حتى تحولت الهواتف إلى عُلب تخزين
نتناولها عند الحنين بنهم
ولاتسد جوع سنواتنا مهما تناولنا !
(2)
فلماذا نحول هواتفنا القديمة إلى مقابر جماعية
ندفن بها مرحلة أو مجموعة مراحل من العمر
بتفاصيلها وشخوصها وحكاياتها وأبطالها !
ونهجرها في محاولة للنسيان
وللبدء في خطوة جديدة
نحو جديد ما !
لكننا قد لانصل لهذا الجديد مهما خطونا
باتجاهه من خطوات !
فبعض القديم يبقى تحت اقدامنا
كحجر عثرة !
يُكرر سقوطنا
ويعرقل الى الامام خطواتنا !
(3)
فلماذا نصر على الاحتفاظ ببقايا الأشياء !
فيصيبنا اصرارنا على الوفاء لتفاصيل مؤلمة
بالعجز والتردد في التخلص منها
ربما احتراما لعمر ما !
أو تمسكا في لحظات دافئة
نعلم يقينا ان الحياة قد لاتكررها لقلوبنا مرة أخرى !
فنحتفظ بها كإرث ثمين
نخفيها في هاتف قديم !
نجمدها بحروفها وتواريخها ودقائقها
ونتصفح الهاتف بابتسامة ميت إذا ماألقته الصدفة يوما أمام أعيننا !
ونقلب محتواه بحسرة عمر !
كامرأة مسنة تقلب محتوى صندوقها القديم
تبحث عن ثمين ماضيها!
في كل قطعة ذكرى
وفي كل ذكرى عمر
فتشم العمر في الذكرى
وتشم الذكرى في العمر !
(4)
علما بان قديمنا لايحتفظ بعطره
ومع هذا نحن نشم به رائحة ما !
رائحة زمن / رائحة حدث / رائحة حزن / رائحة فرح!
رائحة موعد / رائحة لقاء / رائحة وداع !
مجموعة روائح تعيدنا إلى الزمان ذاته والمكان ذاته !
إلى حيث بدأت حكاية
وحيث انتهت حكاية!
(5)
وتبقى هذه العادة ملاصقة لنا !
فااذا ماقررنا يوما البدء من جديد
فاننا نتوقف طويلا قبل اتخاذ قرار التخلص منها
فالقاء مرحلة من العمر في محرقة الايام
يحتاج الى الكثير من القوة / والكثير من القسوة / والكثير من الارادة !
لهذا الكثير منا يتحايل على قراراته
ويبرر احتفاظه بها تحت مسميات مختلفة !
ويستبدل قرار التخلص منها / بقرار اخفائها !
فيخفيها عن الأعين كدليل ثابت لماضي غير مرغوب به
من قِبل الآخرين !
(6)
فاختصروا معاشرة الحزن !
[ تخلصوا من وفاء الأموات للأحياء]
واطلقوا سراح ذكرياتكم كعصفور مكسور الجناح !
أتركوها ترحل بمرها وسُكرها!
ولاتخزنوها في آلات الكترونية!
تتحول مع الوقت إلى ... مقابر جماعية !
(7)
فما أغبى الجريمة!
حين نخزن تفاصيل اللحظات في آلة جامدة !
لنكتشف بعد سنوات من المعاناة
إن كل ماتبقى لنا من أجمل سنوات العمر
هواتف قديمة !
تتوسد أغبرة الأرفف والخزائن
تحمل في ذاكرتها!
مسجات
وأرقام
وصور
لبشر مروا بنا يوما
ورحلوا كما ترحل الأعمار!
فلا هم داموا ولا دامت الأعمار !