[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فجّر السيد عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية
لحركة الإخوان المسلمين قنبلة من الوزن الثقيل عندما دعا الى عودة اليهود
المصريين ودفع تعويضات لهم، واعترف بطردهم من مصر بالإكراه.
لا يمكن ان
نصدق ان اطلاق تصريحات كهذه على درجة كبيرة من الخطورة، جاء من قبيل
الصدفة، او كزلة لسان، لأن مثل هذا الموضوع المتفجر ليس مطروحا في الوقت
الحالي، سواء في مصر او اسرائيل، او الولايات المتحدة الامريكية.
والأهم
من كل هذا وذاك، ان صحن الرئيس محمد مرسي حافل بالأزمات والمشاكل، ولا
نعتقد انه، وهو الذي يحارب على اكثر من جبهة لانقاذ سفينة حكمه من الغرق،
في الأمتار الاولى من بداية رحلتها، بحاجة الى فتح جبهة جديدة،ونقصد الجبهة
الاسرائيلية، عمل طوال الاشهر الماضية على تسكينها.
الاسرائيليون
سيلتقطون كعادتهم مثل هذه التصريحات وسيستخدمونها حتما كوثيقة لابتزاز مصر،
باعتبارها حقيقة مسلما بها، وربما ابتزاز دول عربية اخرى هاجر منها يهود
الى فلسطين المحتلة، فكل ما نقدمه من تنازلات يصبح ورقة ابتزاز ضدنا،
وكأرضية لطلب المزيد، والتجربة الفلسطينية مليئة بمثل هذه النماذج.
' ' '
اليهود
لم يُطردوا من مصر، كما انهم لم يُطردوا من العراق، وانما اجبروا على
الهجرة بضغوط اسرائيلية، وفضيحة لافون معروفة، وتفجير كنس يهودية مصرية من
قبل خلايا للموساد لإرهاب هؤلاء ودفعهم الى الهجرة معروفة، والاسلوب نفسه
استخدم في العراق، واذا كان هناك يهود غادروا بحثا عن مكان آمن، فإن ملايين
اللبنانيين والعراقيين والسوريين والاريتريين هاجروا للسبب نفسه.
طرح
تعويضات لليهود العرب بسبب الاستيلاء على ممتلكاتهم يجب ان يتم بعد التوصل
الى حل عادل للقضية الفلسطينية وعودة ستة ملايين لاجئ فلسطيني، وتعويضهم عن
استغلال اليهود الاسرائيليين لأرضهم وعقاراتهم وبحرهم ومياههم وهوائهم على
مدى 65 عاما، وبعد ان يتم السلام كليا في المنطقة.
واذا كان لا بدّ من
فتح ملفات التعويض، فإن مصر هي التي يجب ان تطالب اسرائيل بمئات المليارات
من الدولارات كتعويض عن احتلال اسرائيل لما يقرب من 12 عاما لصحراء سيناء،
واستغلال ثرواتها الطبيعية من الماء والنفط والغاز والسياحة، وقتل واعتقال
وتعذيب الآلاف من الجنود المصريين، بعضهم كانوا اسرى، وكذلك تدمير مدن
القناة كليا اثناء حرب الاستنزاف بعد عام 1967.
نقطة اخرى لا يمكن
تجاهلها في هذه العجالة، وهي الترحيب بعودة هؤلاء اليهود المصريين دون
شروط، ودون اي اعتبار للاعتبارات الأمنية. فجميع هؤلاء، وبحكم القوانين
الاسرائيلية عملوا كمجندين في الجيش الاسرائيلي، او في اجهزة الأمن
الاسرائيلية مثل 'الموساد' و'الشين بيت'، ولا نبالغ اذا قلنا ان بعض هؤلاء
قتلوا جنودا او مدنيين مصريينن او ارتكبوا مجازر مثل مجزرة بحر البقر، فكيف
سيتم التعامل مع هؤلاء في هذه الحالة؟
فإذا كان هؤلاء سيواجهون
بالترحيب بهم بالأحضان وباقات الزهور فور وصولهم الى ارض مصر عائدين الى
وطنهم، ودون اي محاسبة، فإن هذا الكرم لا يمكن ان يجد قبولا من ابناء مصر
التي لا يمكن ان تنسى دماء شهدائها الأبرار.
كنا نتمنى لو ان السيد
العريان، الذي اعرفه شخصيا، واصبت بصدمة من تصريحاته هذه التي لم يحاول
مطلقا نفيها او حتى التخفيف منها، ابتعد عن هذا الملف كليا في الوقت
الراهن، وان يحصر اجتهاداته في ملفات اخرى، ننتظر رأي الحكومة الحالية فيها
مثل الموقف من معاهدة كامب ديفيد ،على سبيل المثال لا الحصر، ومصير
التصريحات السابقة التي جرى اطلاقها حول تعديلها او حتى الغائها.
فإذا
كان الكثيرون قد قدروا الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الحكومة
المصرية الحالية، وصمتوا على عدم تناولها لاتفاقات كامب ديفيد، وتفهموا
مسألة تأجيلها ريثما يقوى عود الثورة وتستقر الاوضاع الامنية والسياسية
ويتم تجاوز الأزمة الاقتصادية، فإن من حق هؤلاء الشعور بالغضب والاحباط وهم
يرون هذا التطوع برغبة غير مفهومة لتقديم تعويضات مالية لليهود المصريين
يقدرها البعض بحوالى 150 مليار دولار.
' ' '
منظمة مطاردة النازيين
ارغمت الحكومة السويسرية على تقديم تعويضات مالية عن ذهب اليهود، ضحايا
المحرقة، بما يعادل اسعارها الحالية مع الفوائد كاملة، وطاردتها في المحاكم
الاوروبية حتى تحقق لها ما تريد، ومن المؤكد ان اسرائيل ومنظماتها، ستتمسك
بالقاعدة نفسها في التعاطي مع اصول واموال يهود العراق وليبيا ومصر
واليمن، ولن نفاجأ اذا ما طالبوا الحكومة السعودية بدفع تريليونات
الدولارات كتعويض لأملاك يهود خيبر، ورهن عوائدها النفطية، او الجزء الأكبر
منها لتسديدها.
السيد العريان يسير في حقل الغام شديدة الانفجار، ويضع
حركته في مأزق كبير، واللافت ان الرئاسة تنصلت من هذه التصريحات لكنها لم
تتخذ اي اجراءات ضده كمسؤول ومستشار للرئيس كما لم يتم اعلان موقف رسمي
واضح تجاه قضية عودة اليهود.
حركة الاخوان المسلمين في مصر يجب ان تخاطب
اولا ثلث الشعب المصري الذي صوّت ضد الدستور الجديد اثناء الاستفتاء
الاخير، ونسبة كبيرة منهم من الاقباط، وهذا في نظرنا اكثر الحاحا واهمية من
محاولة مخاطبة اليهود.
مطلوب من الحركة، او بالاحرى حكومتها، ان تقدم
توضيحا صريحا واضحا حول موقفها من كامب ديفيد، ومن تعويض اليهود حتى تغلق
هذا الملف الذي يفتح عليها ابوابا كثيرة ليس هذا هو أوان فتحها.