والآن ماذا ..؟..لا شيء ..لا شيء سوى أنك تغادرني..كأمواج بحر ٍهدمتني وتراجعت .. لا شيء سوى أنك لن تعود موجوداً .. لا شيء سوى أني سأضطر للتفكير دون أن تكون أدواتي .. وسأضطر للكتابة دون أن تكون موضوعاً لكتاباتي ..!
وكيف أكتب بعدك ؟ .. بل كيف كنت أكتب في وجودك وقد كنت أغلالاً تكبلني .. وريحاً تكسر قلمي ..
كم هي فارغةٌ أوراقي ..حين تنسل منها لتعيش وحدك..وكم هو فارغٌ قلبي .. وهو يستعد لتكفين أحلامه بك .. كم كنت رائعةً حين كنت أهب نفسي السعادة برفقتك .. وكم أنا اليوم خائبة ..مملة .. ومشتتة ..
هل تعرف مدى حزني .. وأنا أعود إلى سريري بكلماتك تلك البهية ؟!!..هل تعرف مدى خيبتي .. وأنا أكتشف مجدداً أن الطفل الذي أضمه كل ليلة ٍ إلى صدري .. أرويه ماء عيني .. ميت ٌمنذ سنوات ؟! ..
ربما الوقت متأخر .. متأخر جداً لاكتشافات كهذه .. وربما كنت أغمض عيوني بكل الغباء كي لا أرى ما هو واضح .. كي لا أصدق كذبك .. أو كي لا أكذب صدقك ! ..ربما ظلمت نفسي كثيراً .. وحلمت بيوم ٍ تدرك فيه أن مكانك هنا في قلبي .. وأبعد ما يكون عن النسيان أو الخيانة أو الندم .. ربما صبرت أكثر مما عرفت عن نقسي قبلك ..والآن ..أما آن لهذه الحفرة في قلبي أن تردم ..وأنا أراها تمتلئ يوماً بعد يوم .. وتسد تنفسي !..
ربما كنت وحدي السبب .. ربما كان علي أن أنسحب .. وأترك لك أن تختارني من جديد .. وربما لم تكن لتختارني يوماً!!
ربما كان عليك أن تقفل كل أبوابك في وجهي .. وتحرمني حتى قليل الحنان الذي رأيته منك ...
آه ٍ ياحب روحي .. يا قطعةً من جسدي .. آه كم يلزمني من العقل كي لا أجن منذ هذا اليوم .. وآه كم يلزمني من الغفران كي أسامح نفسي على الشقاء الذي تنعمتُ به برفقتك ..وآه كم يلزمني من الحقد كي أنسى حباً لن يحسه أحد لك بعد الآن ...
ربما كان علي أن أبدل قلبي وعيوني ومكاني ... منذ ذلك اليوم الماطر .. منذ أول ليل بكاء أقضيه في حبك .. ربما كان علي أن أعتاد غيابك .. قبل أن أعتاد حضورك ! .أن أنسى صوتك .. قبل أن يصبح أماني .. ورفيق أيامي !.. ربما كان علي أن أرى ما كنت تبدو عليه .. لا ما كنت أنا أراه فيك !.. وربما كان على القدر الذي أتاني بك .. أن يأتيني أيضاً بأطنان ٍ من القسوة .. أقتات بها .. وأشياء لا أعرف ما هي .. تخفف من وطأة قرارك عليّ .. قبل أن أعي أن ليس هناك شيء أفضل تخبئه عيناك لي .. في صباح يوم جديد .. كان عليّ أن أعرف أنه معك .. لا صباح جديد .. ولا يوم جديد ..مجرد فرح ٍ ضائع .. وحلم متبخر من قبل أن يتوضح ... كنت أشعر وأنا في حبك ... كمن تُمنح الفرصة لتعرف كيف كان شكل مولودها ليكون .. لولا أنه مات قبل أن يفارقها .. وأن تحب قلبه ودفئه .. ولون شعره .. وأن تعشق حزنه وعينيه دون أن تمتلكه حقاً.. وأن تحلم بالموت على كتفيه .. دون أن تعرف طعمةً حقيقيةً لذلك .. بل تكتب مئات الصفحات ..لوصف أمان ٍ لم تشعر به حقيقةٍ لن يطال روحها أبداً ..!
ربما كان عليّ أن أتوقف عن تدخينك .. قبل أن تبدأ أنت بإحراق روحي ..وينتهي بي الأمر .. حدائق حب لم تزهر .. ومساحات محروقة .. دون أثر صغير للون أخضر كان يوماً خصوبتي وحياتي .. وكنت أنا أمتصه من عينيك ..
لمن عيناك بعدي ؟..وفي أي حديقة تنشر خضارها ؟..لمن غضبك وطفولتك وحنانك .. ولمن تتركني موجوعة القلب والضمير .. خوفي أن أكون أسأت إليك وأدخلتك معي في دائرة حزينة .. لا تفعل شيئاً سوى حرق الأعصاب .. دائرة وحدك مركزها .. وحدك رسمتها ولونتها ...ومنحتني شرفها !!
لمن تتركني .. ترتجف أصابعي .. ولمن اخط خواطري .. وأكداس أوراقي ؟ّ!.. لمن تتركني أعيش الوقت ثانيةً بأخرى .. أهرب من مللي للنوم .. وأهرب من النوم إليك .. وترن في أذني أحبك قد قلتها يوماً ..ورفضت أنا أن أصدق أنها ستودي بي !..
لمن يذهب صوتك .. وتغادرني ..
ولمن أنا أغني بعدك ؟!!!...
أبكي من جرح شوكة صغيره ان لمست جلدي اللطيف
وأقف في وجه أي اعصار قد يقذف بقلبي الضعيف
وكلما زادت طعنات الزمن لي كلما تحدى عمري النزيف