حالات وفاة يومياً في اليمن بسبب زواج الصغيرات
عرائس الموت.. على طاولة الحوار !
أقرت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني المرتقب في اليمن إدراج قضية زواج الصغيرات ضمن مشروع برنامج عمل المؤتمر كأهم القضايا الاجتماعية ذات الأولوية التي تؤثر على مستقبل الطفولة بجانب تهريب وعمالة وتجنيد الأطفال.
ووفقاً لتقارير رسمية توجد 8 حالات وفاة يومياًٍ في اليمن بسبب زواج الصغيرات والحمل المبكر والولادة في ظل غياب المتطلبات الصحية اللازمة.
وبحسب تقرير أصدره المركز الدولي للدراسات العام الماضي، فقد حلت اليمن في المرتبة الـ 13 من بين 20 دولة صُنفت على أنها الأسوأ في زواج القاصرات، حيث تصل نسبة الفتيات اللواتي يتزوجن دون سن الثامنة عشرة إلى 48 بالمائة.
وكانت اللجنة الفنية التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الذي نصت عليه المبادرة الخليجية قد شهدت جدلاً واسعا بشأن موضوع زواج الصغيرات، حيث اعترضت قيادات في أحزاب اللقاء المشترك بحجة أن القضية لا تعد موضوعا سياسيا، قبل أن يتم حسم الخلاف لمصلحة إدراجه.
وشهدت الفترات الماضية جدلا واسعا في الأوساط التشريعية اليمنية تجاه قضية تحديد سن الزواج للفتيات، حيث إن منظمات حقوقية وناشطين في مجال حقوق الإنسان طالبوا بإقرار تشريع قانوني يحدد سن الزواج بـ 18 عاما فما فوق، وهو توجه عارضه بشدة رجال دين وبرلمانيون إسلاميون وقبليون تمكنوا في 2009 من ترجيح الكفة لمصلحتهم بإقرار مشروع قانون يضع حدا أدنى لسن الزواج هو 17 عاما للنساء و18 عاما للرجال.
وكان قانون الأحوال الشخصية للعام 1994، حدد السن الأدنى للزواج بـ 15 سنة، غير أن مراقبين يرون أن التعديلات التي أُدخلت على ذلك القانون جعلته غامضاً حيال هذه المسألة، فلم يعد يلحظ تحديد العمر الأدنى للزواج، بل يسمح فقط للوصي على الفتاة باتخاذ القرار حول ما إذا كانت جاهزة جسدياً ونفسياً للزواج أم لا.
وأطلقت الصحافة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني على الفتيات اللواتي يتم تزويجهن في سن مبكرة لقب “عرائس الموت” بعد أن وقعت حالات وفاة لمتزوجات صغيرات بينهن فتاة في سن 12 عاما كانت تضع مولودها الأول.
وقبل نحو خمس سنوات برزت الطفلة نجود كرائدة لحركة تحرر الفتيات القاصرات من ظاهرة الزواج المبكر، حيث زوجها أهلها وهي في سن الثامنة من رجل يكبرها بـ24سنة، قبل أن تتخذ قرارا جريئا بالذهاب إلى المحكمة لطلب الطلاق، الأمر الذي ساندها فيه محامون يمنيون لتصبح قصتها قضية تبنتها منظمات حقوقية يمنية وأجنبية.
ومنحت مجلة “غليمور” الأمريكية، الطفلة نجود جائزة العام 2008 بالمناصفة مع 9 نساء أخريات، بينهن وزيرة الخارجية الأمريكية الحالية هيلاري كلينتون والسابقة كوندوليزا رايس.
وأوضح تقرير صدر حديثاً عن مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء أن نحو 52 % من الفتيات اليمنيات تزوجن دون سن الخامسة عشرة خلال العامين الأخيرين، مقابل 7 % من الذكور، وتصل نسبة حالات زواج الطفلات إلى 65 % من حالات الزواج، منها 70 % في المناطق الريفية، وفي حالات لا يتجاوز عمر الطفلة المتزوجة الثماني أو العشر سنوات.
وكشف التقرير عن فجوة عُمرية كبيرة بين الزوجين، تصل في بعض الأحيان إلى حالات يكبر فيها الزوج زوجته بـ 56 سنة.
وأوضح أن الأغلبية ممن تم استطلاع آرائهم في الفئة العمرية أقل من 18 سنة، رأت أن سن الزواج الأنسب للفتاة هو بين 15 إلى 16 سنة، وللفتيان بعد حصولهم على العمل أو توفير المهر.
وعن رؤية المؤيدين لتحديد سن الزواج بـ18 عاما فأكثر، يتحدث المحلل الاجتماعي فؤاد عبد الله قائلاً: “الزواج المبكر في أغلب الحالات يؤدي إلى الطلاق، وهذه الزيجات الفاشلة تؤدي إلى تفكك الأسرة وضياعها، كما تتجلى الآثار الاجتماعية السلبية لهذا النوع من الزواج في زيادة عدد أفراد الأسرة، وهو ما يرهق كاهل الأب والأم في التربية والتنشئة وتلبية احتياجات الأطفال المادية والضرورية.
وفي المقابل، تؤكد منال سعيد، وهي موظفة عازبة لـ”العربية نت” أنها تؤيد الزواج المبكر في زمننا الحالي وبشدة، لأن “الفتاة الآن يكون عمرها 15 أو 16 سنة وتعرف عن الزواج ما لا تعرفه امرأة مسنة، فالحياة تغيرت وتطورت وأصبحت تحس أن الفتاة الصغيرة لم يعد فيها أي لمحة براءة للطفولة، فهي عندما تحادثك تشعر أنها فتاة في العشرين وربما أكثر”، على حد قولها.