قصة ( الزير سالم ) أبو ليلى المهلهل الفارس والشاعر المعروف في العصر الجاهلي ماقبل الإسلام
وهو من قبيلة عدنانية بكر وتغلب وكانت هذه القبيلة في نجد فيها أقوى فرسان العرب .
الزير سالم من التغلبيين وأخوه وائل ابن ربيعة الملقب ( كليب ) وأخواته هم :
( أسماء ) الملقبة ضباع و( الزهراء ) و( فاطمة ) وعمهم من البكريين أسمه ( مره ابن ذهل )
وأبناءه هم : ( همام ) و( جساس ) و( نضله ) وأختهم ( الجلية )
طلب الملك التبع اليماني الزواج من الجليلة ابنة مرة وإذا لم يزوجوه سوف يحاربهم ويأخذها بالقوة
وكان ابن عمها كليب يحبها ويريد الزواج منها فذهب كليب إليه وقتله في قصره ليدافع عنها
ثم زوجوه الجليلة وصار كليب هو الملك على قبيلته , أصبح يعامل أبناء عمه معاملة قاسيه
ولا يسمح لهم باستقبال الضيوف ولا يريد أن ترعى إبلهم مع أبله
همام وجساس خالتهم أسمها ( سعاد ) الملقبة البسوس لا تحب كليب لأنه قتل الوزير اليماني ( نبهان )
وكانت البسوس تحب الوزير نبهان ولما شاهدت معاملة كليب معهم استغلت الفرصة لتغوي أبناء أختها
لكي يقتلون كليب ,كانت ترسل ناقتها إلى المرعى مع أبل كليب لكي يمنعها من الرعي مع أبله
وقد حذرها كليب أن يقتل ناقتها إذا شاهدها ترعى مع أبله مرة أخرى , وفي يوم من الأيام
قالت: البسوس لجساس أريد أن أرسل ناقتي سراب للرعي لكن كليب يمنعني
قال: جساس أرسليها بحمايتي ولن يقتلها كليب وكان عند العرب عيب وعار أن يتعرض أحد إلى من هم في حمايتك
وأرسلتها البسوس إلى الرعي فلما شاهدها كليب قتلها , وذهبت البسوس إلى جساس
وقالت : يا للعار ياجساس كليب قتل ناقتي سراب , أندهش جساس وغضب
وقال : والله لاقتل جمل كليب ( علاَل ) مقابل ناقة البسوس , وصل لكليب كلام جساس
وقال : والله أن قتل جساس جملي علال فأن ديته رأس جساس , وأمر كليب الراعي ياقوت
بالذهاب بجمله ( علاَل ) إلى المرعي لكي يترك فرصة لجساس لقتل الجمل وهذا ماكان يريده كليب
الجليلة سمعت كليب وذهبت إلى أبيها وأخبرته بالأمر , ذهب أبيها إلى الحارث ابن عباد
وطلب منه أن يذهب معه ليمنعون جساس من قتل جمل كليب علال , جساس عرف أن أبيه سوف يمنعه
وعرف أن كليب ذهب إلى وادي الحصا لوحده وقال: هذه فرصتي لقتل كليب وذهب له ووجده لوحده
وقتله جساس غدراً برمح مع ظهره لأن جساس ليس قادر على مواجهة كليب لوحده وهرب جساس
واختفى عن الأنظار , كان في الوادي راعي شاهد كليب قبل أن يموت وقال : كليب للراعي
سوف أكتب وصية لأخي الزير سالم وكتب عشرة أبيات وبعدها فارق الحياة
الراعي ذهب وأخبرهم أن جساس قتل كليب , فاندهش الجميع أن ملكهم كليب مات
وعندما سمع الزير سالم بالخبر أقسم أن يقتل بني بكر كلها مقابل أخيه كليب
الزير لا يريد أن يقتل همام وأبناءه شيبان وشيبون لأنه صديقة وزوج أخته أسماء الملقبة ضباع
ويحبه مثل أخيه , وجهز الزير سالم جيش لحرب بني بكر وكان الزير سالم هو قائد الجيش
والتقى معهم في عدة جولات وقتل منهم الكثير حتى أنتصر عليهم ولم يبقى إلا القليل
ومن ضمن الذين قتلهم الزير سالم هم : همام صديقة وأبناء أخته شيبان وشيبون من غير قصد
وكان لا يريد أن يقتل جساس لكي لا تنتهي الحرب , مره ابن ذهل عم الزير سالم وضع حفرة
لكي يوقع الزير فيها ويتخلص وفعلاً أوقع الزير فيها وفقد الزير الوعي , أتت اليمامة ابنة كليب
وسحبته بالخيل ووضعته في قارب في النهر لكي لا يقتلونه البكريين
ووجدوه قبيلة عند النهر وعالجوه لكن الزير فاقد الذاكرة لا يذكر أي شيء وجلس عندهم عشر سنوات
وعندما رجعت ذاكرته رجع إلى قبيلته ليكمل حربه ضد البكرييبن , الجليلة كانت حامل من زوجها كليب
وأنجبت ولد أسمه الجرو كما يريد أبيه هذا الاسم , وعندما كبر الجرو أصبح هو الملك
وعرف أن جساس هو الذي قتل أبيه وكان يريد أن يأخذ بثار أبيه , جساس قال: لبني تغلب
من ينازلني وننهي هذه الحرب , الزير سالم لا يرد أن يقتل جساس وتنتهي الحرب
الجرو قال: أنا الذي سوف أنازله والتقى به وقتل الجرو جساس واعتزل الحرب ضد البكرييبن
ولكن الزير سالم لم يرضى بهذه النهاية ومازال يريد مواصلة حربه على بني بكر حتى كاد أن ينهيهم كلهم
ذهبوا بني بكر إلى الحارث ابن عباد وقالوا: أن الزير سالم يريد أن يقتلنا كلنا
كتب الحارث ابن عباد رسالة إلى الزير سالم وأرسلها مع أبنه جبير وقال فيها :
( أعلم يا سالم أنك أسرفت في القتل وأدركت ثأرك بما قتلت من بكر ولقد أرسلت أبني إليك
فأما أطلقته وأصلحت ذات البين فقد مضى من الحيين في هذه الحروب من كان بقائه خير لنا ولكم
وإما قتلته بأخيك وأصلحت بين الحيين والختام سلام )
الزير سالم عندما قرأ الرسالة غضب وقال هذا الفتى مقابل أخي كليب
وقتل الزير سالم جبير ابن الحارث وهو يقول: بل بشسع نعل كليب يقصد أن جبير مقابل نعال كليب
وأنه سوف يواصل حربه , الحارث ابن عباد عندما أخبروه ماقال: الزير سالم
قال : والله مايكفيني بابني جبير إلا رأس الزير سالم , وقال هذه القصيدة
قربـا مربـط النعامـة مـنـي
لانبيع الرجـال بيـع النعالـي
لهـف نفسـي علـى جبـيـر
ماجالت الخيل يوم حرب عضالي
قد تجنبت معشري كي يفيقـوه
فأبـت تغلـب علـي اعتزالـي
وأشابوا رأسـي بقتـل جبيـر
قتلـوه ظلمـا بغيـر قتـالـي
قتلـوه غـدرا بنعـل كلـيـب
إن قتل الكريـم بالنعـل غالـي
وعندما سمع الزير سالم هذه القصيدة رد على الحارث ابن عباد وقال:
ولعمري لقد وطئت بني بكر
بما قد جنوه وطىء النعالي
إنني زائـر جمـوع لبكـر
بين حارث يريـد نضالـي
قد شفيت الغليل من آل بكر
آل شيبـان عـم وخالـي
لاتمل القتال ياابـن عبـاد
صبر النفس إني غير سالي
ياخليلي قربا اليـوم منـي
كل ورد وأدهى من صهالي
قربا مربط المشهـر منـي
إن قولي مطابـق لفعالـي
بني بكر عندما عرفوا أن الحارث ابن عباد سوف يحارب الزير سالم أنظموا معه في الجيش
وكان الحارث ابن عباد فارس من فرسان العرب وكان هو قائد الجيش في الحرب على الزير سالم
ووضع خطة في الحرب وهي أن يحاربون في الليل وهم حالقين رؤسهم لكي يميزون بعضهم البعض
وقابل الحارث ابن عباد الزير سالم في الحرب ولم يعرفه بسبب الظلام وأسقطه من فوق جواده وكسر ظهره
وعندما أراد قتله صاح الزير سالم وقال: لاتقتلني يا ابن عباد قال : أعفو عنك إذا دليتني على الزير سالم
قال: الزيرسالم وهل هذا وعد منك قال : نعم قال : أنا الزير سالم صاح ابن عباد بصوت عالي وقال:
خدعتني يامهلهل لكن أريدك أن تدلني على واحد كفواً لأبني جبير اقتله به
قال: الزير سالم أمروء القيس , وذهب الحارث ابن عباد وقتل أمروه القيس وانتصروا بني بكر على الزير سالم
وبعدها أصبح الزير سالم ضعيفاً لايستطيع حتى أن يركب الفرس وبعدها تعاهد البكريين والتغلبيين
على إيقاف الحرب ولكن الزير سالم طلب من ابن أخيه الملك الجرو أن يواصل الحرب مع بني بكر
لكن الجرو رفض وقال: إننا تعاهدنا وانتهينا فرفض الزير سالم الجلوس بينهم دون حرب وطلب الرحيل
فأرسل معه الملك الجرو عبدين ليرافقاه فعندما طال بهم المسير مل العبدين من الزير سالم وقررا قتله
في الخلاء والعودة إلى ديارهما فأحس الزير بذلك فطلب منهم قبل أن يقتلوه أن يحفظا بيت شعر
ويقولانه لأبن أخيه الملك الجرو وقال : الزير سالم بيت من الشعر
من مبلغ الحيين أن مهلهل
لله دركمـا ودر أبيكـمـا
فحفظوا البيت وعادوا إلى ديارهم فأخبروا الملك الجرو أن حية لدغت الزير فمات وأنه أوصى ببيت شعر
فعندما قالوا: بيت الشعر لم يفهم الجرو منه شيئاً فقال: إن عمي الزير سالم لا يقول شعراً ركيكاً
مثل هذا , فأكملت اليمامة أخت الجرو بيت الشعر فقالت :
من مبلغ الحيين أن مهلهـل
أضحى قتيلاً في الفلاة مجندلا
لله دركـمـا ودر أبيكـمـا
لايبرح العبدان حتـى يقتـلا
فعرف الملك الجرو أن العبدان هم الذي قتلوا الزير سالم فقتلهما ، وانتهت هذه الحرب أخيراً
بعد أن دامت أربعين عاماً وكانوا يسمونها ( بحرب البسوس ) لأن البسوس خالة جساس هي التي أشعلتها .