عاد عشرات المصريين للاحتجاج أمام مقر السفارة السعودية في القاهرة مجدداً
السبت، بعد تقارير أفادت بأن سلطات المملكة استأنفت تنفيذ عقوبة "الجلد"،
بحق سيدة أعمال مصرية، رغم إعلان الخارجية المصرية مراراً أن قضية السيدة
المحكومة بالجلد 500 جلدة، إثر خلافها مع أميرة سعودية، محل نقاش بين
القاهرة والرياض.
واحتشد العشرات، غالبيتهم من أهالي المعتقلين المصريين في المملكة، في وقفة
احتجاجية، أمام مقر السفارة السعودية بالقاهرة، حيث رددوا الهتافات
المنددة باستئناف جلد السيدة المصرية، نجلاء يحيى وفا، داخل سجن "الملز" في
المملكة، كما طالب المحتجون بإقالة وزير الخارجية، محمد كامل عمرو، وطرد
السفير السعودي، أحمد عبد العزيز قطان، من مصر.
وأفادت تقارير إعلامية بأن المتظاهرون، الذين شاركوا في الوقفة الاحتجاجية،
التي دعا إليها عضو مجلس السابق، حمدي الفخراني، رددوا هتافات منها "يا
قطان اسمع دية.. مش هنعدي المسخرة دية"، و"الشعب يريد جلد السفير.. الشعب
يريد طرد السفير"، و"آه يا حكومة ما تختشيش.. قلنا كرامة قلتوا ما فيش"،
بحسب ما ذكرت صحيفة "المصري اليوم" القاهرية.
وذكر موقع "بوابة الأهرام"، شبه الرسمي، نقلاً عن والد سيدة الأعمال
المصرية المعتقلة بالسعودية، الدكتور يحيى وفا، أستاذ جراحة العظام بجامعة
"طنطا"، أن السلطات السعودية استأنفت جلد ابنته الثلاثاء، بعد يوم من إثارة
قضيتها في أحد البرامج التلفزيونية، رغم أنه ليس موعد استكمال العقوبة.
وقال الأب إن ابنته، التي تسمح السلطات السعودية لأسرتها بالتحدث إليها مرة
واحدة كل شهر، عبر هاتف سجن "الملز"، بالعاصمة الرياض، أُصيبت بحالة
"انهيار تام"، كما أبلغت أسرتها بأنها بدأت إضراباً عن الطعام داخل السجن.
ووفق تقارير حقوقية، فقد أصدرت المحكمة الجزئية في الرياض حكماً بتاريخ 14
يونيو/ حزيران من العام الماضي، بحبس المواطنة المصرية نجلاء وفا، لمدة خمس
سنوات، و500 جلدة، تم حتى الآن، بحسب رواية والدها، تنفيذ 350 جلدة، بواقع
50 جلدة أسبوعياً، ويتبقى 150 جلدة.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، طلبت الحكومة المصرية من نظيرتها السعودية
وقف تنفيذ عقوبة الجلد بحق نجلاء وفا، حيث أرسل المجلس القومي للمرأة
خطابين، أحدهما إلى الوزير محمد كامل عمرو، طالبه فيه بالتدخل بشكل فوري
وعاجل لبحث مشكلة المواطنة المصرية، وإيجاد حل سريع لها مع الجانب السعودي،
ووقف متابعة تنفيذ جلدها.
كما أرسل المجلس، بحسب ما أورد موقع التلفزيون الرسمي "أخبار مصر"، خطاباً
ثانياً إلى السفير السعودي بالقاهرة، طالب خلاله السفارة السعودية ببحث
حالة المواطنة المصرية، وإمكانية وقف متابعة العقوبة الخاصة بجلدها، كما
طلب من السفارة موافاة المجلس بجريمة وعقوبة وملابسات اعتقال المواطنة
المصرية، والحكم عليها.
وفي حديثه لصحيفة "الأهرام" السبت، قال الدكتور يحيى وفا: "سلكنا كل الطرق،
رغم أنه ليس هناك اتهام ضدها، ولكن عقوبة تأديبية.. فقد كانت والأميرة
صديقين، ولكن حدثت فيما بينهما خلافات مالية في العمل، وجاءت محاكمتها
إرضاءً للأميرة."
كما كشف الأب أن محامي الأميرة السعودية "هددنا في حالة اللجوء للإعلام،
والكشف عن شخصية الأميرة.. فإنه إذا حدث ذلك، فإن نجلاء لن تخرج من السجون
السعودية مدي الحياة."
ولفت والد نجلاء أن ابنته ذهبت إلى السفير المصري في الرياض، بسبب مشكلتها
مع الأميرة، وقبل القبض عليها، كما ذهبت إلي ديوان المظالم، وبعثت ببرقية
إلى العاهل السعودية، الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولكن دون جدوى، وأكد
أنه بعد القبض عليها لم تقدم للمحاكمة، إلا بعد 20 شهراً، وتمت محاكمتها
خلال 13 جلسة، دون وجود محام للدفاع عنها.
وأعادت قضية سجن وجلد نجلاء وفا إلى الأذهان قضية المحامي المصري أحمد
الجيزاوي، الذي يخضع للمحاكمة في المملكة، بعد اتهامه بـ"تهريب أقراص
مخدرة"، وهي القضية التي أثارت ردود فعل غاضبة في الشارع المصري، دفعت
السلطات السعودية إلى إغلاق سفارتها وقنصلياتها في مصر.
تزامنت الاحتجاجات المناهضة للمملكة العربية السعودية في القاهرة السبت، مع
صدور بيان عن وزارة الخارجية المصرية، حذرت فيه "مما تقوم به بعض الجهات
الإعلامية، الساعية لافتعال أزمة في العلاقات المصرية الليبية، والإضرار
بمصالح المواطنين المصريين في ليبيا، وذلك عبر ترديد الإدعاءات بانتهاك
حقوق المواطنين المصريين في ليبيا، أو سوء معاملتهم."
ونقل البيان عن المتحدث باسم الخارجية، عمرو رشدي، قوله: "إنها إدعاءات
تجافى الحقيقة تماماً، حيث تلقى السفارة المصرية في طرابلس كل تعاون من
جانب السلطات الليبية، في جهودها لتقنين أوضاع المقيمين بصورة غير شرعية من
المواطنين المصريين."
كما أكد رشدي، في البيان الذي أورده موقع "أخبار مصر"، نقلاً عن وكالة
أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن "الانزلاق في إثارة الأجواء، لن يفيد
المواطنين المصريين في ليبيا شيئاً، ولن يسفر سوى عن عرقلة جهود الخارجية
والسفارة المصرية لمعاونة المصريين في ليبيا."