روائح الذنوب والروائح الطيبةخرج سعيد من منزله متّجهاً إلى صديقه أحمد ,لقد قام بالإتصال به ليحدد مكان تواجده ,
وفي الطريق دار بينهم الحوار التالي ,
. سعيد : أحمد أين أنت الأن ؟
أحمد : بمقهى الشعب , تعال بسرعه , خالد وسالم متواجدون أيضاً , لا تتأخّر ,
سعيد : حسناً ,
. أنهى سعيد المكالمة وقام بالتفكير بالقصص التي سوف يقصّها لأصدقائه بالمقهى , فلديه الكثير من عيوب الناس واخطائهم !.
…
وصل سعيد للمقهى وجلس بجانب أصدقائه وهم يتكلّمون عن هذا ويذّمون ذاك والشيشه هي فاكهة الجلسة ,
الله أكبر الله أكبرإنه أذان العشاء ,
سكت الجميع إحتراماً للأذان , وفي لحظة خطرت على بال سعيد فكرة ,
كيف يغتابون الناس وبعد ذلك يتوجّهون للمسجد , ألا يستحون من الخالق سبحانه ؟
إستأذن سعيد من أصدقائه وتوجّه إلى منزله , في الطريق تخيّل ماذا كان سيحل به لو أنّه مات وهو على هذا الحال ” مجالس الغيبة”,
وما هي إلّا لحظة وإذا بصوت قوي يخرج من مركبة سعيد , إنّه صوت إنفجار إلإطار ,
لم يستطع سعيد السيطرة على المركبه ممّا أدّى إلى إنحرافها عن الطريق وجعلها تضرب عمود الإنارة ,
فتح سعيد عينيه في المستشفى ليرى والدته أمامه ,
كانت رائحتها رائعة , فهي رائحة لم يسبق له أن شم مثلها من قبل ,فهي رائحة قريبة من رائحة العنبر ,
جلست بجنابه وتحمّدت له على السلامه ودعت له دعوه صادقة من قلبها ,
وما إن خرجت من غرفته إلا ودخل إليه صديقه العزيز أحمد , كانت رائحته نتنة جدّاً , رائحته أشبه برائحة جثّة متحللّة ,
لم
يستطع سعيد تحمّل الرائحة , فدخل الى دورة المياة وقام بالتقّيؤ لشدّة نتن
الرائحة , عندما خرج طلب من أحمد أن يبتعد عنه فرائحته نتنة جدّاً , شعر
أحمد بالإزعاج وانصرف وهو بغاية الغضب ,
لم يفهم سعيد سبب هذه الرائحة ,
جاء الطبيب المسؤول وكانت له رائحة كريهه أيضاً, لم يعرف سعيد سببها !
أخبر الطبيب سعيد بأنّه يستطيع الذهاب للمنزل فحالته الصحيّة مستقرّة ولا داعي لبقائه بالمستشفى ,
خرج سعيد وركب أحد مركبات الأجره المتواجدة بالمستشفى , كانت رائحة السائق طيبة فهي قريبة من المسك ,
فقال سعيد للسائق : ما أجمل رائحة عطرك , ما هي نوعية العطر التي إستخدمتها , فأنا أريد أن أحصل على رائحة شبيهة بها ؟
قال السائق : حقّاً ؟ , أنا لا أمتلك ثمن قارورة عطر يا سيدي !
قال سعيد : غريب فأنا أشم رائحة قويّة هي أشبه بالمسك , من أين أتيت بهذه الرائحة يا ترى ؟
قال السائق : قبل أن تركب معي , كنت متوجّه للمسجد , شعرت بالضيق بصدري فصلّيت لله عز وجل ركعتين , طلبت منه أن يفرّج همّي وضيقتي.
قال سعيد :لعلّها رائحة المسجد إذاً ؟
عندما وصل سعيد للمنزل ذهب لغرفته مباشرةً , وفي الطريق شمّ رائحة طيبة تخرج من غرفة والدته ,
لم يتوقّف سعيد بل ذهب الى سريره وضع رأسه على الوسادة ونام ,
لم يخبر أحد بقدومه , فهو شخص غير مبالٍ بطبيعة الحال
الله أكبر الله أكبرإنّه
أذان الفجر ,جلس سعيد من نومه وتجهّز للصلاة وتوجّه للمسجد , في الطريق
إلتقى بمجموعه من الجيران , كانت روائحهم منتنة فهي خليط من الروائح
الكريهة , لم يستطع سعيد تحمّل هذه الروائح فأسرع من خطواته وسبقهم في
الدخول للمسجد , وعندما دخل المسجد فاحت رائحة زكيّة جدّاً إنها أشبه
برائحة المسك , إنّها نفس الرائحة التي شمّها عند سائق مركبة الأجرة ,
لعلّه كان بهذا المسجد ؟ ولكن المسافة بين هذا المسجد والمستشفى بعيدة جدّا
!
عندما بدأت الصلاة إصطف الناس وبدأ الإمام بالصلاه , إنتشرت الرائحة الطيّبة في أرجاء المسجد
وما أن أتم الإمام الصلاة حتى أصبح المسجد كأنّة متجر خاص للمسك
خرج المصلّين من المسجد , أراد سعيد أن يسبق جيرانه الّذين إلتقى بهم قبل الصلاة لكي يتفادى روائحهم المنفّرة والكريهة ,
ولكن القدر شاء أن يلتقي بهم لحظة الخروج أيضاً
مشى
سعيد بجنبهم ولكنه إستغرب من شيء , فقد كانت رائحتهم هذه المرّة كرائحة
المسك أيضاً, لقد إختفت الروائح النتنة , واصبحت رائحتهم المسك
رجع سعيد لمنزله ووضع رأسه على وسادته وقام بالتساؤل عن هذه الروائح التي لم يعهدها قبل هذا اليوم ؟
أغمض عينيه وسمع صوت يخاطبه
أتعلم ما هي حقيقة هذه الروائح يا سعيد ؟إن الروائح النتنة التي شممتها هي روائح الذنوب والروائح الطيبة التي شممتها هي روائح الحسنات والأفعال الطيّبة
اقرا المزيد روائح الذنوب والروائح الطيبة | كل شي