مالك بن فهم .. أسطــــورة منسيـــة

مالك
بن فهم هو أهم ملوك العرب قبل الإسلام، يبدو اسمه غير معروف قياسا ببعض
الملوك الهامشيين الذين تحولت قصصهم إلى سير شعبية مثل كليب بن وائل أو سيف
بن ذي يزن مع أنها تحفل بجميع نقاط الضعف والنقائص، ولكن مالك لم يتحول
إلى أسطورة أو سيرة، فهو رجل عسكري من طراز رفيع ومؤسس مملكة تاريخية، لم
يسجل عنه الكثير من الكلمات ولم يجعل المنافقين يقتربون منه ليقولوا فيه من
المديح ما لا يحمله حقيقة، فابن فهم رجل واقعي استطاع أن يحول مجموعة من
القبائل العربية الصغيرة التي تجتمع تحت قبيلة الأزد إلى مملكة تمتد من
عُمان وتسيطر على شرق الجزيرة العربية وأجزاء من سوريا والعراق وايران، نعم
فهذه المملكة العربية التي عرفت (بالتنوخية) لم تكتف بأن تصد الفرس وأن
تردعهم عن أراضيها ولكنها تقدمت بجرأة لتؤمن مملكتها من هجمات الفرس وسيطرت
على جزء استراتيجي من أراضي الإمبراطورية الفارسية.
يرتبط
مالك بن فهم بواحدة من المعارك الكبرى في التاريخ العربي كله، قبل الإسلام
وبعده، وهي معركة سلوت، والتي أدت إلى تحرير عمان وجنوب الجزيرة العربية
من السيطرة الفارسية، كان ذلك في القرن الأول الميلادي، وهي من فترات
الازدهار الفارسية، وتكمن عظمة مالك بن فهم في أنه رفض عرضا فارسيا بأن
يتحول إلى ملك حليف لهم بإعطائه قطعة أرض صغيرة من عمان يفرض عليها نفوذه،
ويحصل على دعم الفرس لإخضاع قبائل العرب الأخرى، وهو العرض الذي لم يكن
يتمناه بعض الزعماء الآخرين ولكنهم يسعون إليه ويتقربون في سبيله من الفرس
مهما أمعنوا في إذلالهم والحط من شأنهم.
كان مالك بن
فهم يسيطرعلى جيش قوامه ثمانية آلاف رجل، وتحولت مناطق الأزد إلى مصدر قلق
للفرس، ولم يشأ أن ينطلق بهم إلى مناطق النفوذ الفارسية، فهذه مغامرة
مكلفة، وعليه أن يفرض موقع المعركة، وهو الأمر الذي جعله يختار صحراء سلوت
المقفرة لتكون قاعدة له، فهذه الصحراء تفصل الفرس عن مضارب الأزديين
وستدفعهم غاراته لاتخاذ القرار بمهاجمته، وكان ذلك هو القرار الذي توقعه
ابن فهم، وبدأ الفرس يتحركون بجيش كبير قوامه سبعة أو ثمانية أضعاف جيشه،
وكانت لعبة المعنويات التي فرضها على الفرس من خلال اختيار المبارزات
الفردية في البداية وهي التي أتت لغير صالح القادة الفرس في مواجهته شخصيا،
فلو دفع مالك بغيره من الفرسان لما انبرى له قادة الجيش الفارسي ولكن
فرسان يعادلونه في المكانة، وكان تقدمه الشخصي للمبارزة دافعا لاستثارة
القادة الفرس لمنازلته وهو الأمر الذي أضعف من معنويات الجيش الفارسي، خاصة
أنه لا توجد روابط قوية بين الجنود الفرس وقادتهم وبالتالي فإن السيطرة من
القادة الثانويين لا تكون كافية لضبط الجيش، بينما الحالة مختلفة مع
القادة العرب الذين ينتمون لنفس القبيلة ويتعاملون مع الجنود والفرسان على
أساس الندية وليس التراتبية العسكرية.
كانت النتائج
الأساسية للمعركة تتمثل في طرد الفرس من عمان، وامتدت لتقلص طموحاتهم في
بقية الأراضي شرق الجزيرة العربية مما أحدث فراغا تقدمت قبائل الأزد لتملأه
وكانت المحصلة قيام المملكة التنوخية التي عرفت أيضا بمملكة البحرين ولا
يعرف سبب التسمية على وجه الدقة، فهذه المملكة شهدت امتدادا جغرافيا كبيرا،
ولكن المرجح أن معنى البحرين هو الخليج العربي الذي سيطرت المملكة على
جميع سواحله الشرقية، وبحر العرب الذي سيطرت عليه من خلال تواجدها في عمان
وجنوب بلاد فارس، وتفرع عن مملكة تنوخ كل من المناذرة الذين حكموا الحيرة
وجنوب العراق، والغساسنة الذين سيطروا على جنوب الشام، إلا أن المملكة
تراجعت بعد الملوك الثلاثة الأوائل وهم مالك وابناه عمرو وجذيمة المعروف
بالأبرش، وكان سبب ذلك الصراع بين الشخصيات القبلية القوية في الأزد
وحلفائهم من قضاعة الأمر الذي أدى إلى تقاسم أراضي تنوخ وتوزعها بين ممالك
مختلفة لم تتمكن من حيازة القوة اللازمة القائمة على توحد القبائل العربية.

الله يعطيكِ الف عافيه
نشميه
على نقل المعلومات الاسطوريه
اقدم لكِ احترامي وتقديري

الزير

مالك بن فهم .. أسطــــورة منسيـــة Kt35j1kghvs8-1

يسلموا على المرور نورت صفحتي

» أنس ابن مالك رضي الله عنه
» لا تكن مثل مالك الحزين
» مالك يرثي نفسه
» من اقوال الامام مالك
» عبي السيجاره وتشيف مالك زعلان