كان سمير الصليبي لا يزال في الثالثة من عمره عندما تفتحت عيناه على
رؤية جدران بيته الوالدي مزدانة بأبهى اللوحات الفنية، فعلى اثر اغتيال
قريبهم الرسام خليل الصليبي (1870-1928) مع زوجته، اشترى والده الدكتور
شاهين الصليبي جميع ممتلكاته بما فيها القسم الأكبر من اللوحات التي رسمها
طوال حياته.
وما أسهم في تنمية ثقافة الصغير الفنيّة تعلّمه الرسم على يد الرسام مصطفى
فرّوخ، وإتقانه الخط على يد الخطاط نسيب مكارم، وتعرّف أيضًا إلى تلامذة
خليل الصليبي الذين كانوا على صداقة مع والده، ومن بينهم قيصر الجميل وعمر
أنسي.
وعندما كان في مدينة نيويورك التقى بالرسام صليبا الدويهي وأصبحا صديقين يدور محور حديثهما حول الفن وشؤونه.
ثروة فنية
تجمعت لدى الدكتور سمير الصليبي عشرات اللوحات الفنية الرائعة، فغدا
منزله شبيهًا بمعرض دائم للرسم حيث احتوى أكثر من 30 لوحة للفنان خليل
الصليبي ومن بينها بورتريه زوجته الشهير، صالة قصر هليوبوليس في القاهرة،
شخصيات قروية، ومنظر للجامعة الأميركية في بيروت.
أما أعمال الرسام قيصر الجميل فمنها لوحة حسنوات المجتمع اللبناني
والفرنسي، وأخرى زيتية وغيرها مائية، ولعمر أنسي لوحة نادرة لجمّال يرفع
بيده راية خطت عليها آية قرآنية. وتشتهر المجموعة بلوحتين هامتين لمصطفى
فروخ إحداها للأمير بشير الشهابي والثانية للأمير فخر الدين المعني.
ومن أعمال الفنان صليبا الدويهي لوحات عدة تعود إلى مختلف المدارس
الكلاسيكية والانطباعية والتجريدية، وثمة أعمال تجريدية أيضًا للفنان
المعاصر شكرالله فتوح والفنان روبير خوري.
الثروة تنتقل
عروض كثيرة كانت تأتي من مؤسسات فنيّة تتعاطى شراء وبيع التحف والأعمال
الفنية، في لبنان وفي الخارج، وكانت أسعارها مغرية جدًا تتجاوز ملايين
الدولارات، لكنّ الدكتور صليبي أبى بيعها آملاً بتحويل منزله ذي الطابع
التراثي، إلى متحفٍ وطنيّ، لكنّ الحرب في لبنان واستحالة تأمين صيانة
مستمرة للمتحف جعلاه يتّجه بتفكيره إلى الجامعة الأميركية في بيروت التي
تخرّج والده الدكتور شاهين الصليبي فيها، كذلك تخرج الرسّام خليل الصليبي،
ولحق هو بهما في الجامعة عينها.
ومؤخرًا، أعلنت الجامعة الأميركية أنها تلقّت أكثر من 60 لوحة فنية تعود
بمعظمها إلى بدايات القرن العشرين، نصفها من رسم الفنان اللبناني خليل
الصليبي، وهي لوحات لم تعرض سابقاً تبرّع بها قريبه الدكتور سمير الصليبي.
والجامعة اليوم في صدد إنشاء متحف دائم باسم «روز وشاهين الصليبي» تكريمًا
لهما.
وما إن استلمت الجامعة الأميركية هذه الهبة حتى أسهمت بمشاركتها «معهد
العالم العربي» في باريس، في إقامة معرض عنوانه «كشف الجسد» تميّز بأربع
لوحات رائعة لخليل الصليبي. ويستمرّ هذا المعرض الذي يشارك فيه عدد كبير من
الرسامين العرب حتى 15 يوليو من هذا العام.