دار «شانيل» الفرنسية قررت أن تركب موضة النقش على الجسم، باعتبار انه
أصبح فنا شعبيا رائجا تشمر له أذرع الفنانين كما تشمر له أذرع وتفتح له
صدور عشاقه، فقد طرحت عدة أشكال تتميز بأناقة الدار ورقيها، وهي بهذا ستغير
من صورة الوشم الراسخة في أذهان كل الأنيقات، التي ارتبطت برجل شارع بشعر
محلوق وأذرع مفتولة تغطيها رسومات تظهر فيها أنياب تنين أو أفعى، أو بفتاة
تعانق أسلوب «البانك»، ما يزيد من سخونة الاهتمام بما ستطرحه «شانيل»
قريبا، بغض النظر عن تنوع أشكالها، أنها مؤقتة لا تحتاج سوى إلى كريم ترطيب
أو زيت خاص بالأطفال للتخلص منها ووضع شكل آخر من أشكالها، لهذا لا
تستغربي أن لائحة الانتظار للحصول عليها طويلة.
ما تجدر الإشارة إليه أن الوشم ليس موضة جديدة، فقد عرفته أجيال قديمة
من النساء والرجال على حد سواء، البعض استعمله للتجميل والبعض الآخر
للتعبير عن الهوية، وفي العقود الأخيرة أصبح يتضمن رسائل سياسية وثقافية
واجتماعية مختلفة، أغلبها يصب في خانة التمرد على المتعارف عليه، ومع الوقت
أصبح يرتبط بشريحة من المجتمع، أغلبها من الطبقات العاملة أو نجوم «الروك
اند رول»، لكن مع تبني باقة من النجوم والنجمات لهذا الفن، بدأ يكتسب
جمالية جديدة، وما رفع من أسهمها ظهور كل من تشالز ثيرون وبينيلوبي كروز
وكورتني لوف وريهانا وأنچلينا چولي بأوشام على أجزاء مختلفة من أجسادهن.
وتبقى أنچلينا چولي، الأكثر جرأة في هذا المجال، حيث حققت الرقم
القياسي بين هؤلاء في عدد الرسومات على جسدها، إذ تقدر بـ 13 وشما مختلفا
حسب المناسبة والحالة التي تمر بها، ذلك أنها تتعامل مع هذا الفن كسجل لأهم
الأحداث العاطفية التي تمر بها.
مما لا شك فيه أنها تصاب أحيانا بالندم عندما تشعر بالملل من التاتو،
مرتكبة بذلك الخطأ الأول الذي ينبه الخبراء الى تجنبه، وهذا ما حصل مع
الكثيرات لعملية إزالته ورسم شيء آخر فوقه، كل هذا لن يحدث بفضل الموضة، أو
على الأصح بفضل دار «شانيل» التي ستجعل الوشم متعة مؤقتة لا تكلف الكثير
وتغذي في الوقت ذاته تلك الرغبة التي قد تلم بنا إليه.
فهذه الدار الفرنسية عودتنا في كل موسم على صرعة تشع ثم تخفت، لكن
المهم أنها في فترة إشعاعها تضفي على المظهر حيوية منعشة، فالدار، بذكاء
مصممها كارل لاغرفيلد، تعرف أن الأمر لا يتعلق سوى بإكسسوارات لا تؤثر على
الميزانية بشكل كبير، مما يسهل التعامل معها كنسمة صيف أو كلعبة ممتعة،
فمنذ موسمين تقريبا مثلا، قدم لنا جوارب مبتكرة بلونين مختلفين، تبدو من
الخلف وكأنها سوداء ومن الأمام وكأنها بيضاء، ولهذا الربيع والصيف أطلت
علينا بهذه الصرعة الفنية، أي الوشم، التي ستقبل عليها المرأة بغض النظر عن
إيحاءاتها، لأنها ناعمة بعيدة كل البعد عن تلك التي ارتبطت بالطبقات
العاملة أو بالمتمردين، فلاغرفيلد، يؤمن بأن دوره في الدار لا يقتصر على
طرح فساتين ناعمة أو تايورات حالمة، بل التأثير على ساحة الموضة بأي شكل.
والشكل الذي اختاره لهذين الموسمين، هو التعاون مع مدير الدار الفني،
بيتر فيليبس لابتكار رسومات على المعصم تغني عن الأساور، وعلى العنق تغني
عن أي قلادة وعلى الأذن تغني عن الأقراط، بل هناك أيضا رسومات متوافرة
لتزيين الأرجل والسيقان.
والقاسم المشترك بينها هي النعومة والرقي، فهي مرة على شكل ورود ومرة
أخرى على شكل طائر السنونو أو سنابل قمح وغيرها من الرموز التي ارتبطت ب
«شانيل» على مر السنوات.
وتجدر الإشارة إلى أن حمى الوشم المؤقت لم تظهر في عرض «شانيل» فحسب،
فماركة «رودارت» الأميركية هي الأخرى استعملتها، لكن بأشكال كبيرة وأكثر
وضوحا احتاجت إلى 40 فنانا لتنفيذها وأربع ساعات لكل نقشة.