في التاسع عشر من شهر يوليو لعام 2010م،
كان المجاهدُ يوسف يستعد لمناورة عسكرية في أحد المواقع العسكرية التابعة
لكتائب الشهيد عز الدين القسام في شمال القطاع، استعد المجاهدون للمناورة
جيدا وأعدوا العدة من سلاح ورصاص وقنابل وعبوات ناسفة، لكي يتدربوا على قتل
أعداء الله اليهود، وتأتي هذه المناورة ضمن مرحلة الإعداد والتدريب.
وبدأت
المناورة وعلا صوت الرصاص، وصوت التفجير، لتنفجر عبوة ناسفة لتتطاير
الشظايا في كل مكان، ويُصاب يوسف بشظايا في قدمه اليسرى، لينقل يوسف مباشرة
إلى مستشفى الشهيد كمال عدوان في مشروع بيت لاهيا، لتلقي العلاج ووقف
النزيف.
. لكن
الفاجعة أن إصابته كانت تحت الرمانة، وهناك تهتك في اللحم وقطع في الأعصاب
والأوردة، فاضطر يوسف للخضوع لعملية جراحية عاجلة في اليوم التالي
لإصابته، وبالفعل تمت العملية … وكما قال الأطباء .. لقد تمت العملية على
أكمل وجه .. وطمأنوا يوسف أن الجرح سيندمل، وستصبح على ما يرام، وأنك بخير،
ولكن سوف تخضع أيضا لعملية أخرى بعد شهر من الآن في الوتر وستكون أفضل ما
يكون.
وبالفعل خضع يوسف بعد شهر للمرة
الثانية لعميلة جراحية أخرى، وحسب أقوال الأطباء أن الوضع سيكون مائة
بالمائة،ولكن عليك الخضوع لجلسات علاج طبيعي وسترجع إلى ما قبل الإصابة،
وواصل يوسف العلاج الطبيعي في مؤسسة بيتنا، وفي عيادة دكتور خاص.
وعندما
ذهب يوسف للمستشفى للمراجعة، أصابت يوسف الصدمة، بسماعه أنه لم يطرأ أي
تحسن على قدمه، وأن ما عمله سابقا، من الذهاب للعلاج هنا وهناك، ما هو إلا
إضاعة للوقت،وفجأة تلقى يوسف اتصال أن وفدا ألمانيا زار البلاد، وأنه قادر
على إجراء العملية، ولكن التوقيت غير مناسب بسبب التصعيد الصهيوني على غزة،
لينتظر يوسف أسبوع كاملا، ليأتيه الخبر بأن الوفد الألماني قد غادر
البلاد.
. وقرر
يوسف السفر إلى الخارج، وبدأ بإجراءات السفر، ولكن عندما رآه أحد أطباء
الأعصاب الكبار، أخبر الطبيب يوسف بأن عمليته سهلة للغاية، وأن ما عليه إلا
أن يحجز موعدا في عيادته الخاصة، ويحضر قرابة 3000 شيكل ثمنا للعملية،
فرفض يوسف ولكن تحت إلحاح العائلة قرر الموافقة وإجراء العميلة في عيادة
الدكتور الخاص، وخضع بعد العملية لجلسات علاج طبيعي، ليجد أن الوضع من سيء
لأسوأ، ليرى أن السفر بات أمرا لا مفر منه.
سافر
يوسف على جمهورية مصر العربية مرتين ، لكنه تلقى الخبر المفجع، بأنه قد
أتى في وقت متأخر جدا، وأن العصب قد هلك، والعصب يستمر فقط من 6-8 أشهر،
حمد ربه رغم الألم، وزاد من استغفاره رغم الأوجاع والجراح الغائرة.
واستمر
أطباء مصر في شرح حالته له بأن الوضع سيبقى على ما هو، ولا يوجد مجال
لإجراء أي عميلة، وما علينا إلا أن نثبت القدم والمفصل، وأنت عليك يا يوسف
أن تفصل حذاء طبي ليساعدك على المشي، وعلى الفور فصّل يوسف حذاء طبي،
واستمر الحال على ما هو، استخدام العكاكيز في المشي، والصعوبة في التحرك من
مكان لآخر.
لم ييأس يوسف من رحمة ربه، وواصل دعاءه .. يا رب أزل همي .. يا رب فرج كربي ..
وصل وفد ألماني آخر إلى قطاع غزة، وعرض يوسف عليهم التقارير الطبية، فاضطر
الوفد إلى إرسالها إلى ألمانيا صاحبة الطب المتطور والحديث، وربما الأحدث
في العالم، ليعودوا برسالة من هناك تفيد بأن الحالة متأخرة جدا، وسيبقى
حاله على ما هو، وما عليه إلا أن يفصل حذاء طبي!
الحكاية
لم تنته بعد .. لقد قمنا بشرح حالة يوسف من لحظة إصابته وحتى أن وصل الطب
إلى طريق مسدود مع حالة يوسف، ونترك ليوسف المجال لأن يشرح ماذا حدث بعد،
بطريقته الخاصة فيقول: سافرت إلى مصر مرتين، وأخبروني بأن وضعي الصحي سيبقي
على ما هو، وسأبقى أتوكأ على العكاز، بداية نفسيتي تضعضعت، لكني حمدت ربي
الكريم، واحتسبت ذلك.
عدت إلى بلادي
الحبيبة غزة، وبعد يومين وبالتحديد بعد صلاة الفجر، أتاني الشيخ الشهيد
نزار ريان في المنام بمرافقة رجل، قال لي الشيخ نزار: كيف حالك يا شيخ
يوسف، وسردت له قصتي مع حالتي الميئوس منها طبيا، رد علي الشيخ وقال لي:
اهدأ … أرح بالك، ستعود وتمشي على قدمك مثلما كنت تمشي قبل الإصابة!
استيقظت
من نومي وأخبرت أمي بما حدث لي، وتفاءلت أمي، أما بالنسبة لي فقد ارتحت
كثيرا، وأصبح لدي أمل كبير في العلاج والعودة للمشي على قدمي.
في
المرة الثانية التي سافرت فيها على مصر لتفصيل الحذاء الطبي، وعندما عدت
في شهر يناير/ 2012، وبعد يومين أتاني الشيخ نزار مرة أخرى، ولكن هذه المرة
لوحده ليطمئنني وليجد حالتي النفسية أفضل بكثير من السابق، وقال لي مثل ما
قال لي في الرؤيا السابقة .. ستعود وتمشي على قدمك.
في
10/4/2012م، أتاني الشيخ للمرة الثالثة في المنام، ولكن هذه المرة رافقه
الرجل الذي كان يلبس البياض، والذي أتى أيضا في الرؤيا الأولى، فأيقظني
الرجل وأمسك بقدمي وحركها يمينا وشمالا ورفعها لأعلى، وخفضها لأسفل وذهب،
وبقي الشيخ نزار وقال لي: قم وامش ما بك شيء، وأوصاني بأن أوصل السلام
لشخصين في المسجد.
لم أصدق ما حدث،
ظننته هلوسة مني أو جنون، استيقظت من نومي، وكأني في حلم، استخدمت العكاكيز
في المشي، كتمت الأمر لكي لا أصبح محل استهزاء من الناس، لكن الألم ذهب
بلا عودة، وقدمي قد عادت لطبيعتها فلا اعوجاج فيها، لأرمي العكاكيز وأمشي
على قدمي بدون ألم، لا أصدق نفسي، يا رب لك الشكر والحمد .. فرح أهلي كثيرا
وخاصة والداي وإخواني، فلقد عدت إلى الحياة من جديد، وصرت أتحرك هنا وهناك
بدون ألم، بعدما فقد الطب العالمي الأمل في إعادة قدمي إلى الحياة بعد موت
الأعصاب، فأصبحت أتحرك بكل حيوية بدون أي آلام، حتى ذهبت للعب كرة قدم،
بعدما كنت عاجزا على تحريك قدمي.
قصة
قد لا يصدقها الكثيرون لكن صدقها كل من عرف يوسف ، و حدثت بالفعل في مخيم
جباليا، لشاب مجاهد عرف الله جيدا، وحمل في قلبه الإيمان، قصة بدأت بإصابة
وتدخلات البشر في علاج الحالة، وبعد فقد الأمل في البشر وطبهم، لم يفقد
الأمل برب البشر، لتتدخل العناية الإلهية، ويعود الأمل إلى يوسف من جديد.