صبا مبارك ممثلة أردنية، بدأت مسيرتها الفنية منذ ما يقارب الإثني عشر عاماً، درست التمثيل والإخراج. ولكنها احترفت التمثيل. أثبتت جدارتها لتأخذ مكاناً لها في الصفوف الأولى في الدراما التلفزيونية وعلى مستوى الوطن العربي. عملت في أدوار مختلفة منها التاريخية، الاجتماعية والبدوية.. تتنقل من المسرح إلى التلفزيون والسينما في أدوار تتقمّص شخوصها ببراعة واضعة بصمات واضحة في تاريخ الدراما.
ظهرت بدور جميلة في مسلسل "الزعيم" المرأة التي حُرمت نعمة الإنجاب، وبالرغم من حبك الشديد لزوجك، تقرّرين تزويجه ليرزق بالولد الذي تمنّيته.. حدّثينا عن تضارب أحاسيسك ما بين الزوجة المحبّة لزوجها، وفي الوقت نفسه، تسعى إلى تزويجه من امرأة أخرى من أجل غريزة الأبوّة؟
|
"أصل لقلوب الناس بابتسامة بسيطة"
|
تضارب المشاعر في الأساس أتى من هذه الفكرة التي تبدو مستحيلة للمرأة المعاصرة التي قد تستطيع أن تعطي من تحب، أيّ شيء من أجل إسعاده إلا أن يفكّر بامرأة أخرى. أعتقد أنّ هذا الاختلاف بين جميلة وامرأه تعيش اليوم كان هو مفتاح الشخصية. الأطفال في ذلك الوقت لم يكونوا خياراً، كانوا سبباً للعيش وصورة للمستقبل وبذرة للاستمرارية، ولم تكن أنواع العلاج الحديثة موجودة، إذا فهمنا هذا نستطيع أن نفهم أنّ المرأة تكون بقمّة قوتها عندما تقدم بوعي على قرار كهذا، وبالإمكان اعتبار قرارها قوة وليس ضعفاً. هل شعرت مسبقاً أنّ دور جميلة سيجعلك تفوزين بالجوائز كما حصلت عليها مسبقاً؟
بصراحة، لم أعمل يوماً وأنا أنتظر جائزة، أو أنظر لأيّ عمل على أنه خفيف أو أنه سيمرّ مرور الكرام بالدرجة الأولى. أكثر ما يسعدني هو التفاعل المباشر، وأن أحسّ أنني أصل لقلوب الناس بابتسامة بسيطة أو كلمة دافئة يشجعونني بها، وأيضاً استطلاعات الرأي التي تعبّر عن رأي الناس في العمل. وعندما أحصل على تصويت من هذا النوع أكون في منتهى سعادتي، لأنّ الجمهور لا يجامل، كما أنه ليس مضطراً إلى التصويت للممثل لو لم يكن يقدّره. طبعاً، تبقى الجوائز الفنية والتي تصدر عن نقاد مهمّين أو مهرجانات عريقة تضيف إلى الفنان، وتكون له دعامة تشبه الشهادة التي تصنّفه في مستوى معيّن، وأقصد جائزة "أفضل ممثلة" في مهرجان مهمّ وليست جائزة "ملكة جمال الفنانات".
هل تعتبرين المسلسلات البدوية سبب انطلاقتك وشهرتك على مستوى الخليج العربي؟
من الممكن أن يكون هذا صحيحاً إلى حدّ ما. ولكن، أظن أنّ هذا فيه قليل من الظلم للجمهور في الخليج الذي تفاعل كثيراً مع مسلسلات: "الشمس تشرق من جديد" و"وراء الشمس" و"أهل الغرام" وغيرها... طبعاً، لا أنكر أنّ شرط المسلسل البدوي أن يكون عملاً جيداً، هو عمل له دائماً بيئة ساحرة، محبّبة ومن السهل التماهي معها والتعلّق بها، أنا مثلاًَ من أمتع تجاربي تأدية وضحى في "نمر بن عدوان"، والبحث في سرّ الحب في تلك الصحراء. للأسف، هذا لا يمنع أنّ نجاح أعمال كهذه، دفع بالكثير من الناس إلى أن تستسهل شراء خيمتين وبساطين وتستأجر حصاناً وتفكر بإنتاج "فيديو كليب" بدوي طويل، معتقدةً أنه مسلسل. ولكنّ الجمهور بذكائه وحساسيته يستطيع التمييز.
كيف تقيّمين تجربتك الأولى في التمثيل مع المخرج محمد عزيزية؟
محمد عزيزية احتضنني منذ أول عمل لي وتعلّمت منه الكثير، كان أباً لي في كل الأحيان، وكسر عندي الكثير من حواجز الخوف والارتباك، مثلاً على يديه تعلّمت ركوب الخيل، وأدّيت مشاهد كانت في وقتها توصف بالجريئة، وعلّمني أنّ الفنان إن لم يكن جريئاً، فلن يستطيع أن يصلح خطأ واحداً لا في نفسه ولا فيمن حوله. أدين لعزيزية بالكثير لأنه آمن بي كممثلة عندما لم يكن يعرفني أحد.
العمل الذي أحسست فيه كفنانة ناضجة: هل هو "الكواسر"، "عمر الخيام"، أو غيرهما؟
بصراحة، ولا واحد، أكيد أنني تطوّرت كثيراً في "عمر الخيام" وكنت قد اكتسبت خبرة . لكن، إلى الآن، أقف أمام كل دور مثل الطفل الذي يقف لأول مرة أمام عدسة أو على خشبة المسرح. أنا أعشق المغامرة والتغيير وقلب المعايير، ومفاجأة نفسي قبل الآخرين، والنضج الذي ممكن أن أحصل عليه هو نضج تقني، أما التمثيل فهو بالنسبة إليّ فطرة لا أحب أن تدخلها التقنية، هناك أعمال لديّ أنضج من غيرها وأدوار أفضل من أخرى، وأنا أكيد طوّرت أشياء كثيرة بي، لكني لا زلت أحب أن أستمتع بأدواري وأن لا أطيل التفكير إلا قبل العمل.
أداؤك دور هند بنت عتبة في مسلسل "خالد بن الوليد" ماذا أضاف إليك بالرغم ممّا تحتويه هذه الشخصية من قوة وجبروت؟
|
صبا: فوزي بجائزة هو ليس شيئاً مطلقاً
|
هند بنت عتبة كانت تجربة مخيفة بالنسبة إليّ، ففكرة أنني سأقارن بعملاقتين مثل السيدة منى واصف والممثلة اليونانية إيرين باباز ليست بالشيء السهل، عدا أنّ الشخصية نفسها بمنتهى التعقيد، الشخصية فريدة، وكل لحظة من حياتها لحظة موصوفة في التاريخ الإسلامي. أتذكّر أنّ المخرج محمد عزيزية أصرّ على أن آكل كبد خروف نيئاً كان على التراب، وكنت على وشك الإغماء من الفكرة. ولكنني فعلتها تماماً مثلما أجبرني سنوات قبلها على ركوب الحصان. من الممتع جداً أن نستفزّ أنفسنا ونجازف بحدود راحتنا وأماننا لكي نجرّب كممثلين أحاسيس أخرى.