انهمك الأطباء الفيتناميون منذ
شهر تقريباً في حل لغز طبي نادر، يعرفون متى وكيف بدأ، لكنهم لا يعلمون
على أي حال سينتهي، وملخصه أن مواطنة لهم عمرها 26 سنة الآن، باتت تبدو لمن ينظر اليها متجعدة التقاسيم وباهتة بلا أي نضارة، وكأن عمرها تضاعف أكثر من 3 مرات، وكله حدث في أيام معدودات.
ومما راجعته “العربية.نت” من وسائل اعلام فيتنامية أو منسوب لها بلغات أجنبية، وفي مقدمتها صحيفة “تيوي تري” وهي الأوسع انتشارا بفيتنام، وكانت أول من كشف
عن قصتها الشهر الماضي، أن 3 مستشفيات في مدينة “هو شي مينه” بالجنوب
الفيتنامي، عرضت تقديم “نصائح” للشابة، نجوين تاي فوونغ، بعدما ظهرت على
الصفحة الأولى في “تيوي تري” صور لها أصابتهم بالحيرة.
وبدا وجه ” فوونغ ” في الصور وقد تجعدت بعض سماته وتقاسيمه بطريقة غريبة، فأسفل فمها عند الذقن أصبح شبيها بفوهة بركان لمن يراها من الجو، ورقبتها بدت غائرة في وسطها الذي نمت من حوله التواءات جلدية شبيهة بأمواج البحر، ولا تظهر عادة الا على من بلغوا الثمانين وأكثر، اضافة الى نمو لطبقات جلدية “خارجة عن القانون” العام للجسم، وبدا بعضها وكأنه كثبان في الصحراء.
مع ذلك فما زالت “فوونغ” تحتفظ بشعرها الأسود وقوامها الشاب ودرجات صوتها لتي تناسب عمرها كشابة، وهو ما زاد من حيرة الأطباء الذين درسوا منذ
بدأت المشكلة عندما تناول في صيف 2008 وجبة مأكولات بحرية، وبعدها بساعات
ظهر طفح جلدي على وجهها، فراجعت في اليوم التالي طبيبا في بلدة “جيونغ
تروم” حيث تقيم في مقاطعة “بن تري” فوصف لها دواء للأكزيما، فتناولته لمدة
أسبوع، ثم فوجئت بوجهها يتضخم بتجاعيد والتواءات وعلامات شيخوخة سيطرت على
المناخ الجلدي للوجه والرقبة بالكامل، فأصبحت تبدو كالعجوز في أيام قليلة، وهي التي كان عمرها ذلك العام 23 سنة.
ثم وصف لها طبيب آخر دواء لمرض يسمونه “درماتيتيس” وهو نوع من الحساسية المفرطة في الجلد، فانتهى تناولها للدواء وكأن شيئا لم يكن، ومن كثرة مراجعتها للطبيين وفشلهما في حل مشكلتها، فقد يئست “فوونغ” وراحت ترتدي قناعا على وجهها لاخفاء ما حل به من كارثة
تجميلية وصحية، في حين كان زوجها نجوين تنه تويين، وهوعامل بمصنع سجاد
وعمره 34 سنة، يحتار ماذا يفعل لها ليساعدها، ولم يجد حلا أفضل من زيارة الصحيفة طالبا نجدتها، فكشفت أمرها وأسرع أطباء مدينة “هوشي مينه” بالمبادرة.
ترجيحات الأطباء: مرض “الآكلة” أو النفايات الجلدية”أول ما أعتقده الأطباء بعض فحوصات مبدئية هو أن “فوونغ” مصابة بحالة مرضية يسمونها “ليبوديستروفيا” باللاتينية، وتنتج اجمالا من عدم انتظام دورة توزيع الدهنيات في الجسم، مما يسبب بتبرعم طبقات من الأنسجة
الدهنية تحت سطح جلدي معيين فتعمل على تفككه ونموه فيما بعد عشوائيا، بحسب
ما راجعته “العربية.نت” عن هذا المرض الذي يسيطر على الجلد الجسمي بكامله،
والشفاء التام منه شبه مستحيل، وربما يكون هو ما نسميه بمرض “الآكلة” في بعض الدول العربية.
وهناك مختص فيتنامي بالأمراض الجلدية والحساسية راجعت
“العربية.نت” ما قال الأسبوع الماضي في مؤتمر صحافي عن حالة “فوونغ”
النادرة، وهو الدكتور فو تي باه سوونغ، وناشط مع ما يسمونه “مدينة هوشي
مينه الطبية والجامعية” في فيتنام، فقال ان حالتها نادرة، لكنها ليست
“ليبوديستروفيا” الذي يصيب عادة أشخاصا أصغر عمرا، وقال: “أعتقد أن ما حدث
معها ناتج عن طبيعة الأدوية التي تناولتها عندما طفح جلدها بعد الوجبة البحرية” وفق تعبيره.
ولم يوافقه على ما قال بروفسور آخر، اسمه “يم لام بوك” وهو من الأكاديمية الطبية العسكرية، فاعتبر “أن ما حل بها ناتج من حالة مرضية جديدة علينا تماما” ثم قال: ” لسنا متأكدين بعد أن الوجبة البحرية هي التي سببت لها هذه الحساسية النادرة، وهذا التغيير السريع” كما قال.
وعبر طبيب آخر عن اعتقاده بأنها تعاني من حالة يسمونها “تزايد الخلايا البدينة” المعروفة باسم “ماستوسيتوزيس” باللاتينية الطبية، وهي اضطرابات نادرة تنتج عادة من الزوائد الجلدية، أو ما يسمونه “نفايات” افرازات جلدية تتراكم وتسبب مع الوقت نوعا من الانفلات بالنمو فيتنامى الجلد من دون تنظيم معين، والشفاء من هذا المرض نسبته بين 50 و70 % بحسب ما يقوله المختصون.
وحين نقلوا “فوونغ” من البلدة التي تقيم
فيها الى مدينة “هوشي مينه” سألت الصحافة زوجه، نجوين تنه تويين، عن
علاقتها الزوجية بها، وكيف يتصرف، وهو الذي أصبح يبدو في الصورة معها وكأنه
ابنها، أو حفيدها، مع أنها تصغره بأكثر من 8 سنوات، فقال نجوين: “عندما تزوجنا كانت فتاة جميلة”. وقال عن كرد على فحوى السؤال: “من الصعب أن أتحدث صراحة عن مسائل زوجية، ولكن عليكم فقط أن تفهموا أنني لا زلت أحب زوجتي”