بقلم الأستاذ خالد القريناوي إن السّيرة النبوية العطرة شملت الكنوز التربوية والقيم الاجتماعية والنصائح الإدارية التي ينبغي على المسلم القائد والإداري الفذ أن يقتبس منهج إدارته بل منهج حياته من السيرة العطرة ,وقد اقتبست لكم من كنوزها بعض الآثار والقيم التربوية والإدارية من هجرته النبوية وان نجعلها نصب أعيننا لتكون الهجرة دافع تربوي فعال لنا ولأبنائنا وليست قصة تاريخية تحكى وتحتفل فقط.
ومن الآثار والقيم ما يلي:
1-علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية قيمة رد الأمانات إلى أهلها وأن نرعى حقوق الناس والعباد, وهنا أقولها ولا أخجل أننا ناسف لوجود بعض الناس لا بل الكثير منهم من لا يؤدي حقوق العباد, فردّ الأمانات إلى أهلها تعتبر قيمة من القيم المنشودة في عصرنا وهي من شيم المروءة ومن شيم الرجولة, ومن الوفاء أن ترد حق الآخرين وأوصي الأهل والمعلمين بتعليم الأولاد وتربيتهم على هذا النهج النبوي حتى نصنع مجتمعا متكافلا ومتآخيا.
2- من القيم التي يجب علينا أن نكتسبها من دروس الهجرة النبوية العطرة هي حسن اختيار الأصدقاء ودورهم في الحياة وقدرتهم على المساندة والدعم والوقوف إلى جانب الصديق , وهذا يتمثل في الاختيار النبوي السليم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ,حيث طلب الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن اخبر أبو بكر عن الإذن بالخروج طالبه أن يصحبه معه في هجرته وليكون رفيق الدرب ومؤنسا لوحشته ونصيرا له وداعما لموقفه الشريف .
3- علينا كمسلمين أن نغرس في نفوسنا وفي نفوس أبنائنا الشجاعة وهذا يتبلور من خلال الموقف المشرف لأمير المؤمنين عمر ابن الخطاب حينما أعلن عن هجرته ولم يكتمها وتحديه للمشركين وقولته المشهورة " من أراد أن ييتم أطفاله وترمل زوجته فليأت خلف هذا الوادي" يدافع بشجاعة عن الحق لا يخاف إلا الله.
4- التضحية من أجل الأمانة من أجل الدين ومن والرسول .. ، والمتمثلة في موافقة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمبيت مكان النبي صلى الله عليه وسلم وقولته المشهورة للنبي: نفسي لك الفداء يا رسول الله " . لم يفكر في الأمر بل صرح بالموافقة فورا وكله فرحا لطلب الرسول صلى الله عليه وسلم
5- التخطيط الجيد :علينا أن نتعلم كيف نأخذ بالأسباب والتخطيط الجيد والإعداد المدروس, وهنا يجب أن نلاحظ التخطيط المدروس الذي قام به الرسول الكريم ليعلمنا أن سر النجاح في التدبير والتخطيط والتاني وليس في اخذ القرارات حين غفلة أو خوف دون التخطيط لكل أمر وأمر وانظر إليه صلى الله عليه وسلم في تخطيطه للهجرة وأخذه بالأسباب في الأمور التالية:
- تهيئة المركب وشراء البعيرين , له ولأبي بكر .
- الرسول يختار الوقت المناسب ليخبر أبي بكر بأمر الهجرة , فيختار أن يذهب إليه وقت الظهيرة والناس في بيوتهم من حر الظهيرة , حتى لا يراه احد.
- مجيء الرسول إلى أبي بكر مقنعا حتى لا يعرفه احد وطلب الرسول من أبي بكر أن يخلي بيته من الناس وإخراجهم,الأمر الذي يبين أهمية السرية وكتمان الأمر في الأمور المهمة حتى لا يطلع عليها احد فتكشف فيفشل البناء والتخطيط .
- تهيئة الزاد والراحلتان على أتم الجاهزية .
- الخروج من مكة من باب ثانوي وليس الباب الرئيسي بهدف تشويش المراقبة واحتمالاتها .
- المبيت ثلاثة أيام في غار ثور للاختباء فيه حتى يهدأ الطلب في مكة ، وتكف عن الملاحقة لقناعتها أنها عاجزة عن اللحاق به .
- اختيار الدليل المناسب :فلا بد من خبير في الطريق ، ولو كان هذا الخبير غير مسلم ، إن كان موطن الثقة وأهلاً للمسؤولية ، واختيار الرسول وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه لعبد الله ابن أريقظ الليثي ، لم يكن ليتم لولا الثقة التامة به، وباستعداده لتنفيذ المخطط كاملاً.
6 - مشاركة المرأة في الأمور الهامة والسرية أيضا , فقد اخبر الرسول أسماء بنت أبي بكر بالأمر فكانت على علم وكانت على قدر من المسئولية فكانت تأخذ الطعام إلى أبيها والى الرسول فتقطع المسافات دون أن تظهر لأحد أمر الاثنين إذ هما في الغار ...
7- قيمة التوكل على الله والاعتصام به واستشعار معيته.
فإذا أخذ الإنسان بالأسباب كلها فما عليه إلا أن يتوكل على الله وان يستشعر معية الله تعالى معه , وانظر إلى قول أبي بكر عندما قال للرسول :"لو نظر احدهم إلى قدميه لرآنا " فكان جواب المتكل على الله حق التوكل :لا تحزن إن الله معنا ...
هذه القيم والنصائح ما هي إلا قطرة من بحر لمن يريد الإبحار في سيرة أمام الأنبياء عليه من الله أفضل الصلاة وأتم السلام