عج الأسى في نفسها الشاعره في ليلة مقرورة كافره
وحيدة ، ضاق بها مخدع توغل في الوحشة السادره!
كم شهد المكبوت من شجوها تثيره خلجاتها الثائرة . .
كم التوت فيه على قلبها تبكي أماني قلبها العاثرة
وكم ، وكم ، ولا يد برّةٌ تأسو جراح الزمن الغائرة !
تنهدت مما عراها ، وقد مالت على شرفتها حانيه
وقلّبته بصراً تائهاً في جوف تلك الظلمة الغاشية
لا ومضة تخفق من كوةٍ لا نبأة تصعد من ناحية
سوى هزيز الريح تهتاجها أصداؤه المفجوعة الباكيه
وقلبها المحروم ما يأتلي يدقّ خلف الأضلع الواهيه !
ورجّت الوحشة أعماقها في هيكل الليل الكئيب الضرير
فاصطرعت فيها أحاسيسها كاللج يطغي في الخضم الكبير
ووثبت أشباح آلامها مجنونة ، تشب شبّ السعير
فجمدت في جفنها دمعة تصاعدت من قلبها المستطير
ثم همت محرورةً مرةً كأنها تضرّع المستجير
تلفّتت وراءها في أسى نحو مهاوي أمها الغابر
لعلّ في أغواره لمحةً تلوح من ذكرى سني عابر
لعلّ في الماضي وأطيافه عزاءها من قسوة الحاضر
فما رأت غير حطام المنى على صخور القدر الغادر . .
وبعض أشلاء هوىً حالم مرتطم بالواقع الساخر . .
وسرّحت أمامه طرفها عبر غدٍ مكتنف بالضباب !
فأبصرت ، ما أبصرت ؟ مهمهاً مستبهم الافق مخوف الشعاب
تبعثرت فيه الصور واختفت معالم السبل وراء اليباب
وهي على الدرب ذعور الخطى . . رفيقها الوحدة والإغتراب . .
والظمأ الكاسر لا يرتوي في قلبها الهائم خلف السراب ! . .
وكان أقسى ما شجى نفسها وابتعث الراعب من هجسها
تدفق الظلمة في يومها . . في غدها المحروم . . . في أمها . .
ظلمة عمرٍ كل أيامه ليل تدجّى في مدى حسها
النور ، أين النور ؟ هل قطرة تسيل منه في دجى يأسها
من أين والأقدار قد جفّفت منابع الأضواء من نفسها
وفي شرود مبهم غامضٍ تعلقّت مقلتها بالسماء !
فانشق صدر الليل عن كوكب مشعشع الوهج دفوق الضياء
كان روح الله من فوقه تمدّه بنورها عن سخاء
فانخطفت في ذهلة روحها خلف النهايات . . وراء الفضاء
هناك حيث النور لا ينتهي هنالك حيث النور فوق الفناء
هناك غشّتها طمأنينة علويّة ما لمداها حدود
وصاح من أعماقها هاتف ينتظم الأرض صداه البعيد
يا أرض ، أحزانك مهما قست وطبّقت حولي مجالي الوجود
هيهات ان تلمس روحاً سرى فيها من الله ضياء الخلود !.