أنه الحفلة و هي في أوجها – وداعا جنيفا

الوداع هي كلمة واحدة و لكنها تنسل كتب و مجلدات،
حان رحيلي الى مكان ما الى عالم ما ... فآثرت أن يكون وداعي لكم بحلة أدبية تليق بما
ينشر في منتدانا الغالي من مواضيع قيمة.

أنه الحفلة و هي في أوجها عبارة رددها المخرج
مصطفى العقااد في حياته و تمثلها في مماته، قالها يوم زفاف ابنته في طرابلس بلبنان،
ليلتها تسلل الى منطقة التوصيلات الكهربائية لمكبرات الصوت ففصلها و أطفأ نصف
الأنوار ولما سألوه عن سبب ما فعل قال لهم أنهوا الحفلة و هي في أوجها. أتصور و
أجتهد في تفسير وجهة نظر هذا المخرج العملاق فكأني به يقول:أنه الحفلة عندما يكون
الحضور في قمة انسجامهم و استمتاعهم بالموسيقى ولا تنتظروا أبدا ان يبدأ الناس
بالتململ و يغلبهم النعاس و يغيب الانسجام عن الأداء الموسيقي فالإبداع أن تلتقط
المشهد و هو بأبهى صوره.

و انا استعير هذا التعبير من مخرجنا الراحل لأقول
لكم:

أخواتي و إخواني أعضاء منتدى جنيفا الأعزاء، هذا
المنتدى الراقي بأعضائه و مواضيعه والقائمين عليه، أتمنى لكم النجاح في أعمالكم و
حياتكم والله ولي التوفيق.

تشرفت أن كنت بينكم لفترة مؤقتة أكتب فتقرؤون و
أقرأ ما تكتبون، تبادلنا صداقات عبر أثير الشبكة العنكبوتية و تبادلنا أفكارا و
افدنا منكم و كذلك استفدنا، فكان وجودي بينكم بالنسبة لي حفلة رائعة تركت في نفسي
كل أثر طيب و لكن للأوقات الحلوة نهايات كما كان لها بدايات و بما اني اعرف ان
النهايات قادمة فإني سأنهي احتفاليتي و انا في أوج سعادتي بها و ها هي سفينتي
بانتظاري فالوداع، بي شوق عظيم الى بلادي الواقعة على أطراف الكون ففيها شموس لم
ارها من قبل و ظلال وارفة و اشجار ربما اوراقها وردية على لون احلامنا الارضية
الجميلة و مياهها رقراقة تنساب جداولها بين الكواكب في خطوط الجاذبية الكونية، و
ربما اناسها يحبون بإخلاص و لا يأكل أحدهم لحم أخيه و لا يجني والد على بناته ولا
بنيه ولا تخون حبيبة حبيبها لا في السر ولا في العلن، بلادي هناك حرة و سكانها
أحرار و لا تتعرض للإحتلال و المؤامرات، لا توجد في بلادي جواهر أو كنوز مملوكة
ولا بورصات و لا رأسماليون ولا شيوعيون بل النعم في كل مكان و حتى الحيوانات تنعم
بالأمان، فالعصافير في بلادي حرة تدخل بملئ إرادتها الى أقفاص في بيوت الناس لتأمن
برد الشتاء و لا تخشى الحبس لأن أقفاص العصافير عندنا بلا أبواب..

أما انا فمتراجع عائد .. متهدم صاعد .. و انا
النهار المطفأ الشاهد من أول الصحراء حتى البحر .. و أنا ليلي طويل و إلى ان ينجلي
أقول لكم ..

أحبكم جميعا ..

تصبحون على وطن ..

ظل القمر ..