تفوق تصور البشر وتحملهم الا أنهم فهموا الدرس فلم يعودوا ينتظرون منا خيرا أو نصرة وأصبحنا بالنسبة لهم كما مهملا أو غثاء كغثاء السيل... لا ندري بماذا يحس رؤساء الحكومات العربية عندما يشاهدون أفعال وتصريحات الرئيس الفنزويلي شافيز وطرده للسفير الاسرائيلي من بلاده واتهام اسرائيل بالنازية وتحركات الرئيس التركي أردوغان المحمومة لانقاذ ما يمكن انقاذه وتصريحاته النارية بتجريم اسرائيل وقادتها، أم ان الظاهر أن أول مستلزمات الرئاسة العربية كما تقول جدتي أن 'يطق عرق الحياء' فلا يصبح الرئيس رئيسا الا عندما يصير بلا حياء ولا حياة لمن تنادي!ذ بمنطق الربح والخسارة وبنظرة سياسية بريئة نتساءل ماذا ستجني دولتين كفنزويلا وتركيا من نصرة العرب والمسلمين؟ هل للعرب والمسلمين قوة ومكانة تدعو غيرهم لكسب ودهم ودعمهم في الأزمات؟ هل عداء أمريكا وربيبتها إسرائيل مغنم لتسعى اليه هذه الدول بهذه العلنية والمواقف الواضحة التي لا تقبل التأويل والجدل؟
إن حكومة كحكومة تركيا مؤهلة لان تخسر كثيرا فالأكيد أن اسرائيل لن تنسى صنيعها هذا وهي التي ربما كانت تعول على دعمها كأحد حلفائها في المنطقة لتستخدمها كورقة ضغط على العرب والفلسطينيين وستحرك عن طريق أعوانها الملفات الداخلية المتوترة بدعوى احياء الاسلام والتخلي عن العلمانية عقابا وابعادا عن أي دور ريادي في مستقبل العالم العربي الاسلامي لكي لا يعيد التاريخ نفسه بإحياء النموذج العثماني الذي كان سببا في تأخير إقامة دولة اسرائيل.
نعم يجب أن نحزن على أنفسنا لاستخفاف حكوماتنا بنا بلجوءها الى مجلس الأمن الذي ما زال يؤجل ويؤجل حتى مناقشة مبادرات وقف اطلاق النار ناهيك عن اقرارها لاعطاء اسرائيل الوقت لانجاز أهدافها على الأرض غير مبال بجميع ما انتهكته من مبادئ وقوانين دولية وانسانية.
يجب أن نحزن على أنفسنا كشعوب ونحن نخرج الى الشوارع هاتفين 'بالروح بالدم نفديك يا غزة' ثم نعود من المظاهرات والمسيرات والاعتصامات لنكمل حياتنا بكل أبعادها وكأن التفاعل مع مأساة غزة وقت مستقطع من اليوم!ذ! كنا نفهم أن الفداء بالروح والدم ان لم يكن حقا، يقضي في أقل الأحوال أن نجيّر حياتنا ولو على البعد ولو لفترة برسم البيع أو التأجير لأهل غزة بالعمل 'المستطاع' والدعاء والتبليغ والنشر والدعاء والكتابة والدراسة ... ببساطة كل شيء بنية نصرة أهل غزة
يجب أن نحزن على كثير من شباب العرب الغارقين حتى انوفهم في متابعة مباريات الكأس الخليجي، بعد أن أراحوا ضمائرهم بالتبرع بدراهم معدودة، بينما شباب الأتراك يرمون فريق كرة السلة الذي أتى ليلعب على أرضهم بكل ما طالته أيديهم من أحذية وزجاجات صارخين بهم 'يا قتلة' ليردوهم الى بلادهم خاسرين خائبين
يجب أن نحزن على كثير من شبابنا وهم يتعاطون طوعا أفيون كرة القدم ويتناسون مآسي أمتهم ولا يسعون لكسر حصار الحريات المفروض عليهم، حصار يمنعهم من حق التعبير عن الرأي والتظاهر، فلا بأس أن تبح صوتك لتشجيع كرة القدم فهذا تقدم ورياضة ولكن أن تبح صوتك بنصرة معنوية لقضية اخوانك في العقيدة والعروبة فهذه غوغائية وتخلف غير مصرح بهما.
و لا أجد لوصف الواقع أبلغ من قول الشاعر:
نبكي إذا ضاع الهدف
أو فات في الكرة انتصار
يا ليتنا نبكي هزائمنا
و نمحو بعض عار
ليت الهُتاف الضخم عند 'الجول'
كان لأجل تأبين الشهيد
ليت الملايين التي نلهو بها
كانت لإعمار المنازل أو لإطعام الوليد
أنا واحد ممن يحبون الرياضة
و يشجعون بلا غضاضة
لكن منتخبي الأفضل
هم رجال الانتفاضة.