يعتقد الكثير ان القوة بالكلام تنبع من شدة الصوت وارتفاعه
وخاصة عندنا نحن العرب وفي بعض الأحيان نتصور
أن رفع الصوت علامة انتصار وقوة وهو ليس كذلك
بل قد يكون سببا لخسارتنا لموقف انساني أوعاطفي
أو لعلاقة يمكن أن تستثمر
وقد يسبب رفع الصوت تراجع الآخر عن الشفافية
والوضوح اتقاء لشر صوت مرتفع يجلب عليه الأنظار
وقد يكون رفع الصوت دليل على جبن و حيلة للهروب
من موقف صعب بإشغال المقابل وازعاجه بصوت مرتفع
لايجد مبررا له مما يدفعه للإنسحاب من الحديث أو النقاش
بل قديكون العكس فعندما يرفع الانسان صوته بلا ضرورة
فإن ذلك يؤثر على قبول الآخرين له ويجعلهم يتحاشون الدخول
معه في نقاش أو محاورة ويشعرهم بتعصب صاحب الصوت
لرأيه ويوتر المجلس ويذهب جماله في كثير من الأحيان
رفع الصوت الأرعن بدون ضرورة أو حاجة
لذا فعند النقاش الجاد أو الحوار الهادف أو المناظرة العلمية
يستحسن التحفظ على رفع الصوت ومراعاة الحضور والهدف
من الكلام معهم قبل التفكير جديا برفع الصوت
وقد جاء في وصايا لقمان الحكيم لإبنه --في القرآن الكريم --
قول الله تعالى في كتابه الكريم حكاية عن لقمان (
( واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ))
وفي المقابل يجهل الكثيرون قوةالصمت الرهيبة
إن الانصات والصمت له أثر عظيم على المنصت
والمتحدث ولو جرب أحدنا أن ينصت للآخرين
لأدرك مدى التأثير القوي للإنصات على العلاقة
مع الآخرين فهو يشعر المتكلم بالإحترام
ويجعله يواصل عرض أفكاره بحريه وأمان
كما يعطي صورة جميلة ومحببه للناس فكل من يتقن
مهارة الصمت يحبه الأخرون لإنهم يجدون فيه المستمع
الجيد حتى ولو لم يوافقهم في أفكارهم
والكثير من الناس يبحث عن مجرد مستمع لمايقول
بل إن أكثر الناس تمنح من يستمع لها وقتا أطول
للحديث لتستمع له مجاملة منها له حيث بدأ هو بالإنصات
لها فترد له الجميل بمنحة وقتا أطول ليعبر عن نفسه
ويمكن أن يستخدم الصمت لشد انتباه المستمعين بالتوقف
قبل الأفكار المهمة أو التوقف بعد الأفكار المهمة
كما يستخدم الصمت لتأكيد المعنى وتجريده
ولذلك يعتبر توظيف الصمت في الكلام
والصمت المدروس عنصرا مؤثرا في تدريب الناس
على الكلام المؤثر ويمكن ملاحظة ذلك لدى المذيعين
في الإذاعة والتلفزيون والمحطات الفضائية
وفي بعض الأحيان يكون الصمت أبلغ من الرد على الخصوم
في الكلام ولذلك قالت العرب (( جواب مايكره السكوت ))
وورد في الأمثال (( اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ))
وقد قال الشافعي :
اذا نطق السفيه فلاتجبه ـــــــــــ فخير من اجابته السكوت
وللصمت اثناء الحوار مستويات هي:
المستوى الأول هو التجاهل التام للمتحدث فلايعطيهالسامع
أي اهتمام ولايستمع له أثناء الكلام وكأن المتكلم لايكلمه
بل يكلم شخص ثالث
المستوى الثاني : السماع وهو أن يسمع الكلام بأذنيه
دون متابعة أو تركيز
المستوى الثالث : الإنتقاء وهو أن ينتقي كلمة أو فكرة واحدة
من كلام المتحدث ثم يركز عليها وينسى ماسواها
المستوى الرابع : الإنتباه ويكون المستمع منتبها لكلام
المتحدث اجمالا ويعرف معانيه كلها
المستوى الخامس : التقمص وفيه يكون المستمع متقمصا
لمشاعر المتحدث ويتشارك معه في الأحداث التي يسمعها
وكأنها تحصل الآن فيبكي مع المتحدث اذا بكى ويضحك
مع المتحدث اذا ضحك ويظهر الضيق اذا اظهر المتحدث
الضيق بحيث يتقمص المستمع شخصية المتحدث
آية الصمت تحقق المأمول وتخِــجل الشفوق
فلــربما أعطت مجازي الحكايات المبهرة في منطقها وتدوينها
فتأتي آية الصمت فتدمغ بلحظات مؤمنة بما تحققـه من نظراتها
الملتصقة بالتحقيق السائد فتعم به رحابة ضيق الفساحة لترسل
بذلك بريق الحكمة الذي يهدي العابعثين بمرونة العقل الباطني.
ذاك هو الصمت الغائر في نفوس الحكماء والمؤمنين
فأؤلئك الصامتون كسبوا سيرة وعظمة
بعكس الهذاريين الذين يخضون المواقف فيح لسيع يكثروا
السخط واللغط حتى يتوهموا ان إيصال فكرتهم بكثرة اللغو
والهذرة فتلاقيهم يجمعوا زبارة الأقوال كي يشفوا برأءة
رأيهم حسب تقديرهم ولكنهم لا يعلمون انهم قد مزجوا
ليونه عقولهم في وعاء الأذي لأنفسهم .
هنا اخوتي تذكروا جيدا ً كل المأثورات والأقوال التي
خصصت بل وعنون لها مئات الكتب تهديكم
الى حكمة الصمت
فصمتك لايعني لي النسيان وأنماما قلته أنفـــا
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت استغفرك وأتوب اليك