منتديات جنيفا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالمنشوراتالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» yamaha 2024
سيدة الحرية  Emptyاليوم في 2:46 am من طرف uroog202@hotmail.com

» yamaha Genos 2025
سيدة الحرية  Emptyالأربعاء نوفمبر 13, 2024 8:12 pm من طرف الشمري

» اكسبانشن ياماها 3000 NEW EXPANSION
سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:44 am من طرف يوسف ابو ضاهر

» Update expansion manager 2.9.0
سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء نوفمبر 12, 2024 5:49 am من طرف يوسف ابو ضاهر

» Aljaloudi expansion Telegram
سيدة الحرية  Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:59 pm من طرف يوسف ابو ضاهر

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 50 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 50 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 1190 بتاريخ الثلاثاء يناير 24, 2012 5:25 am
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 14680 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو M Rustom فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 325785 مساهمة في هذا المنتدى في 48052 موضوع
سحابة الكلمات الدلالية
خليجي korg عراقي pa800 اغاني الجالودي 3000 pa600 سودانية اشوري ميدي ايقاع ايقاعات سودانيه 2000 برنامج اغانى midi كلثوم اغنية عبدالوهاب ياماها سوداني اصوات yamaha جينوس

 

 سيدة الحرية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
صدى الامواج
عضو
عضو
صدى الامواج


انثى
رقم العضوية : 277
تاريخ التسجيل : 24/11/2008
عدد الرسائل : 1611
العمر : 48
التِنِّين
الموقع : في قلب جنيفا
العمل/الترفيه : مديرة مكتب
المزاج : رااااااااااااااااااايق
*** : سيدة الحرية  Lsv69280


سيدة الحرية  Jb13098486621

سيدة الحرية  12730083231

نقاط : 1258

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 4:11 pm

سيدة الحرية...!!
هناك أمور كلما تعمقت فيها تزداد جهلاً
كالحرية والحب.......ورسيل!!


..."أخذت استشعر السكون الذي لفَ المكان،تلك المآذن جميلة حد البكاء،..في طفولتي كنت أتمنى خمس مرات في اليوم ان أتسلقها وقت الآذان،وعندما كبرت تمنيت لو كنت مئذنة،ليعم الحق بالنداء!
تذكرت تلك التي حَسَدَت المآذن والأطفال الرضّع، لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه، قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية، وتعلِّمهم الصمت!*

رأيته بالظلام يقف قرب النافذة بهدوء..،ظَلّ منكبيه يشكلان نافذة اخرى لاتطل على تلك المآذن التي تصدر من قلبي وتفقدني صوابي!
في صغري سألت امي،عندما رافقني ظلان لي،هل هؤلاء هم الملكين في كتفي؟وعندما فوجئت بظل واحد لاحقاً،اعتقدت أن الآخر يلعب معي لعبة الاختباء،فقفزت كثيراً باحثة عنه!

دوماً عندما اشعر باليأس اذكر طفولتي،وعندما اشعر بالوحدة ابحث عن الظلال! ..." * سيدة الحرية


هنا الرواية كاملة
http://raheelalsamt.wordpress.com/


أبكي من جرح شوكة صغيره ان لمست جلدي اللطيف
وأقف في وجه أي اعصار قد يقذف بقلبي الضعيف
وكلما زادت طعنات الزمن لي كلما تحدى عمري النزيف



سيدة الحرية  2e75a84c73
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.uniformsole.maktoobblo.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:21 pm

اشكرك صدى الامواج على روعة الانتقاء والتي من الكلمات الاولى احس انها رواية تستحق القراءه
ولتخفيف العناء على القارئ صدى الامواج
لنضعها كلها بالمنتدى على اربعة فصول
مع الاحترام للكاتب والناشر بحفظ حقوق النشر لمدونة رحيل الصمت

سيدة الحرية
سيدة الحرية  Fotka_h22 RAHEEL سيدة الحرية  Fotka_h12
الفصل الاول

الرابع عشر من يونيو عام 1424هـ في العاصمة السعودية الرياض..
أفقت من نومي على صوت أذان الفجر,لم أتحرك من سريري ولم افتح حتى عيناي,بقيت اردد خلف الأذان وكأن المدينة استيقظت وسكنت في خشوع..,
بعد عدة دقائق فتحت عيناي بسرعة..وكأنني الآن فقط تذكرت أن اليوم هو السبت..وسوف اذهب للمدرسة..
قطبت حاجباي بوقت لم تكن فيه ملامحي استيقظت..فكانت حركة مفاجأة انتهت بنهوضي ..
علَ انزعاجي ينتهي بتأديتي الصلاة..
بعد ذلك عدت للنوم وأنا اردد
“وش يصير لو غبت اليوم يعني بتزعل الدنيا؟؟”
تزعل الدنيا؟؟هنا ضحكت لتلك الجملة الغريبة التي فاجأتني..
ولكن بالنهاية لم تكن الدنيا بل كانت امي..!
لكنني استطعت بعد مشهد كاذب ان أتغيَب عن المدرسة!
عند الساعة العاشرة صباحاً..
كنت قد استيقظت وتناولت فطوري وحدي وبيدي مجلة قديمة لم أجد فيها مايقرأ سوى مقالة عنوانها هل الحرية في مجتمعنا مطلوبة؟
وقفت لأصعد لغرفتي وذلك التساؤل يتردد في عقلي الصغير!!!
كحياة الجميع بدأت حياتي…طفولة بريئة..قد ينغص صفوها سؤال يكبرها بسنوات كما أتذكر الآن ذلك السؤال الذي أرهقني حينها..!
مرت عدة أشهر والهدوء الذي كنت امقته كان مسار لها.. فلم أكن
اعلم أن القدر سينزع ذلك الهدوء ليشتت السكون من حولي..!

تلك الأيام لم يكن شيئاً يشغل بالي سوى تلك المقالة التي تحدثت عن الحرية..
حتى أصبحت كل تفكيري… وهذا ماسترونه لاحقاً…
ليبدأ عداد الدقائق الغامضة لتبدأ القصة باستضافة قلمي!…
.-.

“مضت عدة أيام”…
( 1 )
::::خطوات الساعة:::::
تمضي خطوات الساعة بثقة كبيرة…وأنا عاجزة عن إيقاف دقيقة واحدة من عمري لأقف في مواجهة حاسمة مع ذلك الشخص الذي يسكنني!!

أقف بثقة أمام تلك الروح التي تقبع تحت ذلك الكم من العظام التي ترسمني!!

وأحكي ما لم يستطيع لساني نطقه!!

.ـ.
.ـ.

أغمضت عيني في محاولة فاشلة لاستقطاب ثانية واحدة من تلك الثواني السريعة الغير عابئة بمن خلفها!!
ولكن كما هو الحال في كل مرة..

لا تحدث أيّ مواجهة!!
ولكن… فوجئت هذه المرة بامتداد يدي نحو تلك الساعة الجالسة بهدوء على احد الرفوف
والأفكار تطوقني بجنون!!

فتعبث أطراف أصابعي بهدوء دفع برقية سريعة لذاته..متنبأ لعاصفة ما…!

ليتوقف الزمن على عقاربها!!

فتسقط محطمه….فتموت..!

تموت..

تموت..

ليموت العقرب المجتهد الذي ضلّ عمره في الدوران حولها..

العقرب الشقيّ الذي شقيَ منذ ولادته..
لاهثاً..
فقط ليصنع الوقت!!
فيمضي البشر لاهثين في استغلاله!!

حتى حدث ذلك الشيء العظيم في حياتهم!!
وهو ما يسمى بالنظام..!!
النظام…!

عندما تردد صدى تلك الكلمة في عقلي
اجتاحتني رغبة عظيمة في تحطيم جميع الساعات في العالم..لأخفي ملامح الوقت..!

لنعيش في حرية تامة…

فلا دقائق نسمع خطاها..!!

ولا ثواني تسبقها..غير آبهة بمن مضى عمره يتبعها!!
فيأتي الموعد الذي أراه يتحدد دون الرجوع إلى تلك السيدة التي طالما احترمها الناس دوماً .. ساعة..!
لنذهب…

…. إلى حريتنا…!
وداعاً لكِ سيدتي ساعة…فاعذريني لا أجد بك وقت لأسجل به لحظة وفاتك!!
وهاقد حققت حلمي منذ زمن..
أتعلمين من أنا سيدتي؟!

إنني سيدة الحرية..!!

.ـ.
.ـ.
.ـ.
نعم…سيّدة الحرية…
رغم قصة النظام التي أعيشها منذ طفولتي..!

ولكنه يبقى حلم الطفولة التي كبر معي…!!

.ـ.
.ـ.
..كلَما أخذت مني والدتي لعبتي لأنام…كررت بسأم
ليتني أعيش بحرية!!
..كلما وُبّخت في المدرسة لم أكتب واجبي…كررت…
ليتني أعيش بحرية!!

كلما ذهبت لمكان لا أرغب بالتواجد فيه…كررت …
ليتني أعيش بحرية..
باختصار….
كلما اُجبرت على شيء لا أرغب به كررت..

ليتني أعيش بحرية..!
كبرت وكبرت معي تلك الحروف..فاتسعت عيناي للواقع أمامي..
رأيت ما يعجبني بالتلفاز من أماكن ليصرخ صوت في داخلي…

ليتني أعيش بحرية!!

رأيت برامج تعرض حالات السجناء..ويقف مذيع بائس يسأل سجين..ماذا تريد من الدنيا؟!
ليجيب بيأس:

..أريد الحرية..

أحسست أن الجميع يريد ذلك..ويفكر كما أفكر أنا..!!

لتقف هذه الكلمة سيَدة لأفكاري.. فأبتسم..

إنني حتماً سيّدة الحرية..!!
..×..///..×..///..×..///..×..///..×..
كان عقلي الصغير لايستوعب أكثر من معنى واحد لتلك الكلمة… وكان المعنى الأجمل.. كنت صغيرة.. لم أتجاوز الرابعة عشر من عمري…
هل تساءلت أعينكم كيف لفتاة بعمري أن تفكر بالحرية وتعيش قصصاً معها بهذا العمر!!

الم تسمعوا والدتي يوماً وهي تردد بتعجب:

(انتي من وين تجيبين هالافكار؟ اللي يسمعك يقول هذي وحده ضاع شبابها بالسجن!)

كنت اضحك على كلماتها والفكرة تأبى التزحزح عن صدر أفكاري..!

ما أطيب الجلوس معك يا أمي..!
أحبكِ..!!

..!

عفواً خارج النص!!
..ولكن لم أرضى بأن تحذف هذه العبارة مهما كان الموضوع…فقط لأنها أمي..ولأنني هنا فقط حُرَة!!
حسناً..
انا”رسيل”… أقيم في المملكة العربية السعودية.. وتحديداً الرياض..
أٌلقَبْ ب”سيّدة الحرية”..
“بيني وبينكم محد لقبني بهاللقب..ويمكن محد يعرفه اصلاً لكن …مدري يمكن كان سؤال ليش ما اكون حرَه..تحول محور حياتي البسيطة!”
إلى هنا اكتفي.. سأخبركم بالمزيد لاحقاً..
كل شيء..
لا تتعجبوا..
فأنا بسرعة امنح الثقة لمن يقف أمامي.. وهو أمر ندمت عليه كثيراً…

لكم ثقتي الآن..
أقدمها لكم على طبق من حروف..!
لنكن أصدقاء حتى أخبركم بدون حواجز أو خجل!!
والآن..
اسمحوا لي..

لي عودة لكم ولكن يجب أن أنام..

فلا أريد أن يزورني ذلك الضيف الثقيل في المدرسة..
….النعاس….!
أرأيتم!!

ماذا لو كنت حقاً حرَة!!

حتماً كنت سأكمل لكم…
فلازلتم لا تعرفون عني شيئاً…!
أعلم أيُ أسئلة تدور الآن في مخيلتكم!

لكن دعوا السطور تأخذ لها مكاناً…
فلابد من الذهاب للمدرسة غداً…طالما كرهت ذلك!! ولكن متى سيتحقق حلمي!!
حطمت ساعاتي بالأمس ولكنني لم أكن حتى اليوم
“سيدة الحرية”
ِAlsamt..×..///..×..//..×..///..×..Raheel

( 2 )
.ـ.
.ـ.
استيقظت هذا الصباح بمزاج سيء جداً كما هو الحال كل صباح مدرسي!!
أمسكت ببطء شعري فأخذت أغرس أسنان الفرشاة فيه بملل شديد..
.ـ.
.ـ.

بعد أن انتهيت من العمل اليومي الممل وأنا بصورة جيده..
بل رائعة!

فجميع الطالبات هنا…منذ دخولي المرحلة المتوسطة.. الجميع .. إلا من رحم ربي!!
يصببن جل اهتمامهن على مظهرهن…
مما قد لايليق بمكان تترأسه الكتب المدرسية!!

كل صباح!!

ولست مستثنية من ذلك..!!
.ـ.
.ـ.
إنني قد رسمت ملامحي بجنون..

وقفت أمام المرآة..

إنني رائعة!!

لكنّ عيناي ناعسة هذا الصباح..
فهي لم تستيقظ بعد..!

وفي مرات كثيرة اذهب للمدرسة وأعود وهي لا تزال ناعسة..أو في سباتها العميق!!

اووه .. لقد تأخرت.. أقفلت باب غرفتي ورميت المفتاح في حقيبتي…
كما افعل دوماً..لا لسبب ولكن أخاف أن تستغل والدتي غيابي فتعيد ترتيب
غرفتي..أو أن تزيل الفوضى التي اعتدت عليها..فلا يجب أن يدخلها النظام..!

.ـ.
.ـ.

مررت مسرعة بأمي..وضعت قبلة على رأسها وبسرعة أكبر خرجت
وقد خيّل لي أنها تردد:

“حفظكِ الله”!

بتلك السرعة ركبت السيّارة وأغلقت الباب وأنا أقول:

“صباح الخير”

“صباح الخيرات”

“اووف ياليتني أغيب”

أجابني بتفكير وهو يغالب النعاس:

“أي والله ياحلو الغياب”

التفت عن ..”بدر”..لأقول للسائق:

“أول بدر بعدين أنا”

حرك رأسه بتفهم فهذه الكلمات ارددها في كل مرة..!
بدر-”أول رسيل بعدين أنا …. مدرسة رسيل بعيد”
مسكين ذلك السائق..يومياً يستمع لأوامر متضادة.. ..
“بدرووه ليش تروح قبلي أنا مالي خلق احضر الطابور”

رد وهو يضغط على رأسه كمن يزيل اثر الصداع
“وانا مالي خلق أروح أصلاً”
“خلاص وش رايك نروح البر..ونقعد للظهر”

قلتها بانفعال حتى أفاقت عيناي الناعسين..

لينظر إليّ بسخرية:

“صاحيه انتي وش نسوي هناك؟ بعدين واذا درت امي…؟
أقوول اسكتي مالي خلق”
كنت اعلم انه يود ذلك أيضاً..لذا أثاره الحديث ولم يرد حتى التفكير فيه..لكي لا يستجيب..فتحدث الكارثة من ِقبل أمي..!!

نعم أمي.. كل ما نفعله لأجلها.. أطال الله بعمرها..إذن لنذهب إلى المدرسة…

ولكن ليتها تتحقق امنيتي…!

كنت افكر فيها ذلك اليوم بأكلمة واعرضها على صديقاتي وانا لا أزال اذكر
ملامحهن الضاحكة على جنوني الصباحي..كما علقت عليه “دانه” أغلا صديقاتي منذ
ذلك الحين..!
لكن بالطبع لم اذهب ولا الايام التي تلتها..
لكنه يبقى المكان الذي احبه رغم جفافه وفراغه..ويريحني كما يريح البحر أهل السواحل..!
فانا حقاً أحبه..
قطع حبال أفكاري قبل أن تلتوي عند كلمة ( أحبه)!
صوت السائق الذي بت اكرهه لأنه يومياً يقودني إلى حيث لا اريد!!!
لكم أبغضتهم جميعاً حينها!

.ـ.
.ـ.

إذن لم أخبركم عن بدر..

انه أخي الذي يكبرني بثلاث سنوات.. أي في بداية المرحلة الثانوية
أخي الوحيد.. كما انني اخته الوحيدة..!
ونشترك في كره شيء اسمه مدرسه..!!

هذا كل شي الآن!
.ـ.
.ـ.

على الغداء..
قالت امي بأسلوب لا احبه:

“اقـول.. كم باقي على الامتحانات…؟!”

“… … …”
“أشوفكم سكتوا..!”

ألقيت نظرة عابره على بدر لتضيق ملامحنا فيقول بدر:

“ثلاث أسابيع”

ضحكت أمي على تغير ملامحنا من سؤالها..

“الله يعين”
قلتها لأسمع بدر يقول بصوت منخفض:

“عاد ياللي تذاكرين”

“إيه بذاكر تراني بروح لسنه جديده مابي اقعد بأولى”

أمي-”الله يوفقك”

بدر-”اييه هيّن..كل سنه تقولين هالكلام..وننصدم بالنتيجه”

“بدرووه اسكت لا تفتح الباب لامي تراها جاهزه لأي شي!”
امي-”لا..وقدامي بعد..! أنا اوريك من الحين تبدين تذاكرين يالله”

بدر-”هههه تراها مو توجيهي خليها إن بغت ترسب”

قلت-”اسكت ويا وجهك انت..! انت اللي بترسب ترا الثانويه مش سهله”

بدر بسخرية-”احلفي ههه والله تضحكين..توك جمعتي معلومات عن الثانويه”

قلت-”اعرفها قبل تدخلها”

قاطعت أمي ذلك الطريق من الجدال الذي نخوضه يومياً لسبب أو بدونه لتقول:

“بدر حبيبي متى آخر مره شفت ابوك؟”

“قبل اسبوعين ..يوم رحت أنا ورسيل”

“ماتشوفه بالمسجد؟”
قلت مقاطعةً بمكر:

“يمه لا تحرجينه تراه يصلي بالبيت له اسبوع”

أمي-”اجل وين تروح وقت الصلاة”

بدر-”اتركيها ماعليك منها زين..لكن ابوي من زمان ماشوفه يمكن يروح مسجد ثاني”

أمي بقلق-”تتوقع رجع الشرقيه؟”

بدر-”يمه شفيك بيروح ومابيقولنا!”

أمي-” هذا اللي سمعته”

“شلوون يمه مين قالك؟”

أمي-”مدري خلاص لاتهتم بدري روح نام قبل العصر”

التفت لي بدر:

“وانتي روحي ذاكري اذا منتي نايمه”

قلت لامي برجاء:

“يمه مابي اذاكر واللي يسلمك”

قلت هذه الكلمات وليتني لم اقلها..!
لتبدأ في محاضرة لا تنتهي عن الاستعداد للامتحانات
بعد ذلك ذهب كل منا إلى غرفته..

.ـ.

.ـ.

.ـ.

أغلقت على نفسي الباب لأفكر في والدي..فلا أشعر بأي مشاعر اتجاهه..لا حُبْ و لا كره..
وحتى أنني..
لا اشتاق له مهما ابتعد…

فمنذ أن ترك والدتي.. وذهب ليعيش في إحدى مدن المنطقة الشرقية..
ونحن لا نشتاق له..ولا حتى نتعمد فتح موضوع يخصه..
سبع سنوات..وأمي صامته…

وسبب طلاقها مجهول بالنسبة لي ولبدر..! ولا نجرؤ حتى السؤال عن ذلك…

ولما السؤال أصلاً دعه بعيداً .. فلا سبب يقنعني بأن يترك والدتي غير أنه موضوع الجنون..!

أتعلمون.. لم يسألني أي شخص سابقاً..

لماذا والداك انفصلا..!
ربما لم يوجد ذلك الشخص في حياتي!

فلا صديقات لديّ صادقات…!

عندما استثني دانه يكون جميع من أجلس معهن بالمدرسة هنّ زميلات دراسة فحسب..!
عندما يفكرن بالسؤال عمَا يخصني..كان عن دفتري اومابيديَ!
قد أكون انطوائية لولم استثني دانه..!
دانه التي لاتجد الوقت للسؤال عن حالي لكثرة ماتشكي أحوالها..!
فقد كنت لها البلسم من تقرحات الزمن…
وهذا مايسعدني…رغم أنني اغلق فمي..حتى عند حاجتي للكلام..!

.ـ.
.ـ.
أحياناً اردد:

ليتني فتاة قصة!!

ولدي صديقة اخبرها بما تريد الكاتبة أن توصله لقرائها..!!

Alsamtِ Raheel..×..///..×..///..×..///..×..
( 3 )
..
..

هربت أيام الامتحانات بعد أن سرقتنا المعلومات والراحة..
ولا ندري بأي ورقة تعود..!

(مرحبا بك يا محبوبتنا…)

الإجازة.. ..!

ما أجملك حبيبتي وأخيراً انتهيت من هذا العام..

.ـ.
.ـ.

“الله يستر من النتيجه”

قلتها لأرى بدر ينظر بتفكير وقد عقد حاجبيه..

” الخوف على امي…اخاف تصدمها الدرجات..!”

قلت له-”ليش..لا يكون بترسب مثلي؟”

بدر-”ههه مثلك؟ لا لا ما اتوقع لكن تعرفينها تطمح للأفضل .. لكن جد انتي بترسبين؟”

” ماأدري يا بدر لكن (تصنعت البراءة وأنا أقول)
معلمتي وضميرها..”

ضحك بدر “ضميرها هاه..؟ وانتي وش دورك؟”

“انا عملت اللي علي والباقي على الله.. .. تراني ذاكرت شوي”

“هههه.. ماقصرتي”
عندها دخلت والدتي وهي تقول:

“رسيل بتروحين لخالتك اليوم؟”

قلت-”ايييه ياليت والله”

بدر-”غريبة.!!رسيل وتفرح بالروحه لهم”

“شسوي يا بدر الملل ذابحني.. اف ماكنا معطلين”
امي-”مالك يومين معطله..بعدين اكيد لمى مشتاقه لك”

ابتسامة سخرية تتصدر ملامح بدر..لكني قلت باشمئزاز:

” تشتاق لي!! أصلاً أنا بروح أغير جو..لا أكثر..”

أمي-”بتكبر وبتعقل ان شاء الله انتي اكسبيها الحين..المهم بنروح بعد المغرب..بتروح بدري؟”

بدر-”بسلم وبخلي السواق يرجعني”

بعد ذلك ذهبت لأجهز أغراضي .. لنذهب لقلعة خالتي كما اسميها..

أتعلمون لمَ..!

بسبب كبر منزلها وشبه خلوه.. فخالتي بعد أن تزوجت ابنتاها وهي تعيش مع
زوجها وابنها مازن وهو قد انهى الثانوية هذا العام ..وبالطبع” لمى”…

لمى..
إنني اكره الاحتكاك بها..بأي طريقه..فهي منذ سنوات تفسد كل شيء يجمعنا..
رغم أنها تصغرني بسنتين..فلم تغادر جدران المرحلة الابتدائية..
.ـ.
.ـ.
هناك..
.ـ.

“متى الشهادة يا رسيل..!”
تغيرت ملامحي..إنني هنا هاربة من رائحة الامتحان والمدرسة..!
تسألني عن ما هو أمرّ وأدهى!!

“مدري خالتي أصلاً ماسألت..مابي اخذها الا اذا داومنا”

لمى بمداخلة-” أيـه كل الكسلانات كذا…”

رمقتها خالتي بنظرة تهديد..لابتسم بدوري..
فقلت

“إلا خالتي ماقلتي لي بتطلعون ويانا؟”

(كنت اقصد”البر” فوالدتي أخبرتني بذلك بالأمس)

“إن شاء الله إذا حالة امك تسمح بنطلع كلنا “
لحظه…
ماذا قالت..؟!
أقالت امي!!

وجهت أنظاري لوالدتي التي ابتسمت مطمئنة لعيناي المتلهفتان لقراءة أي كلمة من بين توترها..

” شفيك حبيبتي؟”

“يمه شفيك..؟!”

خالتي-”لا بس السكر أتعبها هاليومين.. لا تخافين امك قويه”
اتبعتها بضحكة غريبة..!
“شـ..شفيك؟”
قلتها متجاهلة أي كلمات تصدر من غير شفتيها اللتين اهتزت منذرة بشيء لا اعرفه..!

لأول مرة أرى والدتي هكذا..!

.ـ.
.ـ.

بعد كلمات أضيفت على نفس الموضوع انتهى الحوار وصدَقت..
صدَقت فقط لأنني أريد التصديق.. ..!

أمي كل ما تبقى لي من هذه الدنيا التي لم أتعرف عليها أكثر..ولا أريد..!

فلا أتصور دوماً سوى الامور البسيطة تأخير.غياب..جوع..!!!
فلا تزال الدنيا جميلة بعيني…

.ـ.

.ـ.

عندما عدنا..
دخلت الصالة لم أجد بدر..

ذهبت للمجلس أبحث عنه فوجدته مع صديقه “عمر” يتناقشان في موضوع جاد بعض الشيء..!

“بدر أدوّرك..”

رفع عينيه لي وهو يقول-”هااه بشري.. عساك لقيتيني ؟”
قلت وانا اضحك-” لا مالقيتك..اذا شفتك خبرني”

بدر_” ابشري”

عمر-”نحن هنا”

قلت بتمثيل طفولي-”زين لقيتك.. بسألك ماشفت بدر؟”

عمر-”يا قدمك..خبري به يوم كنا بالمدرسه..ياحليله شلونه الحين”

قلت_”مادري تشوفني أدوره”

بدر-”لووعه..شفيكم سامجين..يالله رسيلووه وش تبين تشوفينا مشغولين”
“مابي شي بس ادورك..واشوف وينك وبس”

بدر-”لقيتيني؟”

“اييه”

بدر-”خلاص اطلعي برا”

قلت بعصبية_” ثقيييل دم”

وأنا خارجة سمعت عمر يقول لبدر:
“هههه حرام عليك يمكن تبغى شي واستحت ولا……….”

فقدت باقي الكلمات مع ابتعاد خطواتي للداخل…
في السابق عندما كان بدر يغضبني كنت اذهب لأمي واخبرها وهي بدورها تعاقبه…
وكان كـ أبي يواجه الغضب بالغضب…فعند إحساسه بالخطأ لايبرر خطأه بل يجعل جميع من حوله يخطئون ليبرأ نفسه..!
وتلك صفة قبيحة قد تجبرها الصفات الجميلة فيه..!
ولكن الغضب ينتهي به لذلك الألم في معدته..
لذا لم اعد اشتكي لها..

تلك الصفة…
آخر ماعرفته عن أبي..! بعد معرفتي بسبب خلافه مع عمي…فجميعهم يملكون هذه الصفة السيئة….لذا منذ زواج أبي..بترت العلاقة..
والسبب يعود لزواجه من أمي..كما اعتقد..!
عمَي…الشيء الوحيد الذي اعرفه عنه..هو اسمه…وتلك الصفة!

حسناً دعوه جانباً…

.-.
.-.

اف إن الفراغ يقتلني…إنني وحيدة لا تعرف كيف تشغل وقتها..
بدر مع صديق عمره كل منهما يملأ وقت الآخر..
أما أنا..!
فوحدي..فصديقتي دانه لايسمح لها بالذهاب لمنزلي..
والبقية لا يوافقونني بالميول والأفكار..
لكن..
ماذا لو كانت دانه حرَه ايضاً…بالطبع ستأتي اليَ..
حسناً اذاً لا أود الخوض بهذه المعركة من جديد..!
(لا توجد مشكلة الآن..سأذهب لوالدتي…
الم يقولوا لابد من الأم أن تكون صديقة ابنتها..!
إذاً أنا أقول لا بد من الفتاة أن تكون صديقة والدتها…!!

لا تركزوا معي..! كلام شخص قد غلبه الملل..!

>…أشعر بالفراغ…حتى قلبي بدأ يشكي ذلك..!<

Alsamtِ Raheel..×..///..×..///..×..///..×..
( 4 )

.ـ.

.ـ.
الساعة السابعة مساءً..

اليوم منذ الصباح..وأنا اجلس أمام التلفاز.. ولست مهتمة بما يعرض.. لأنني لا أجد ما يشغل وقتي..
والدتي الآن لديها ضيوف ولست مهتمة بالأمر… فهي اليوم وعلى غير العادة لم تجبرني بالسلام عليهم..!

.. ..

بعد تردد كبير تقبلت الفكرة التي راودتني منذ شهور..وأظن أن للفراغ دور في إقناعي بفكرتي..!

أولاً.. لابد من مكان هادئ..وغرفتي تفتقد للهدوء في هذا الوقت..!

إذن طالما أن بدر خارج المنزل الآن سأذهب إلى
(مجلس الرجال) فهو هادئ حتى السكون..!
أخذت معي عدة أقلام ودفاتر وكراسة رسم..وذهبت أنفذ فكرتي..
.ـ.
.ـ.
أمسكت بالقلم وكتبت “بسم الله الرحمن الرحيم”…وأخذت أزخرفها بعدة ألوان..!!!

بعد ذلك نظرت للسقف في محاولة فاشلة لجذب الكلمات…
أين موطن العبارات…! أين يجدها من يحتاج إليها..!

..

بعد نصف ساعة من عناء التفكير..والجهد الذهني العظيم..!
وضعت كل ما في مخيلتي الصغيرة على تلك الكراسة..
ورسمت أيضاً بعض الملامح الجميلة كجمال ما أفكر فيه..!!

قررت أن يكون اسمها..طبعاً وبلا تفكير..!
“سيَدة الحريَة”

لأن الفتاة..صورة محسنة لي.. ..!

مزقت العديد من الأوراق حتى بقيت الورقة التي اكتب بها الآن..
كانت الأوراق توشك أن تغطي المنطقة أمامي وأنا في حالة ولادة بطيئة للأفكار..!
لكن قطع عملية تجميع الأفكار تلك هو صوت الباب يفتح ببطء..

بدر-”رسيــل..!! وش تسوين..”

عمر-” افف شهالحوسه”

بمجرد استيعابي لوجود أشخاص غيري انقضضت على أوراق فجمعتها وأنا مرعوبة من موقفي..!
رفع بدر حاجبه تعجباً لتلك الأوراق وهو يقول:

“يعني نقول شاعره؟؟”

عمر بسخرية-”تكتب قصيده..واو خطير نزار قباني ههههه”

عندما ترجمت تلك الكلمات انطلقت مني الحروف صانعة
(هجوم مضاد)..!

” أولاً.. أنا ما أكتب قصيده..ثانياً.. أنا مو نزار قباني..ثالثاً..
والاهم ليش اكتب قصيدة واقعد ساعه اجمع الكلمات..وهو ما في احد يستاهل إني
أكتب عشانه قصايد..”

تعجبوا مما نطقت به..فقد رأوا منحى آخر لتفكيري الصغير..!
فقال بدر متفلسفاً..وذلك لا يناسبه أبداً..!
“الشعراء مو كلهم يحبون…فيه ناس يصنعون لهم شخص في بالهم ويتخيلونه ويكتبون قصايد فيه..وهو بالطبيعه مو موجود”

يضيف عمر مؤكداً:
“صحيح اصنعي لك شخص فخيالك واكتبي…”

أضفت بتلك الجرأة:
“قلتلكم أنا ما اكتب قصيده…وبعدين أنا مو متخلفه أتخيل ناس وأتغزل فيهم..اشقالو لك..!”
جمعت الأوراق بسرعة وتوتر أريد الهروب ولكن..
بمجرد أن رأى بدر مني هذا التصرف سحب من تلك الأوراق آخر ورقه وعلامات الانتصار تعلو ملامحه ..

و”عمر” بجانبه يقرأ بدهشة!..
- ليس بيدي شيء..
- كُشفت أسراري..

- يا ترى أي ورقة الآن تقرءون..!

أفقت من أفكاري المتضاربة على أصوات ضحك قويه من كلاهما..
بدر-”ههه ياحليلك رسيلووه..قصة..ههه تكتبين قصة انتي..ههه”

عمر-”هههه اختك مو سهله ابد..عشان كذا انصحها لاتكتب مره ثانيه يعطونها عين الحساد..هههه”

بدر-”شوووف عمر..هههه..اسمها هذا ولا ويين..”

عمر-”هههه سيدة الحرية وينا في..مسجونه وحنا ماندري..هههه خلاص بطني ماتحمل ههه”

بدر-”هههههههه لا ما اقدر انا ههه اقرا تقول
(سوف يجي اليوم الذي ما أحد يتحكم فيني …) هههههه رسيل
“سوف يجي ههههه وما أحد أو لا احد ” ههه شوفي دروسك اصرف هههه”

عمر-”هههههههههه “
.. ..
- كل ذلك أمام عيني..!

- حطموا طموحي بتلك الضحكات..!

- قتلوا أفكاري بتلك الكلمات..!

- لن أدعهم أكثر يعبثون بأحلامي…

سحبت الورقة من بين يديه وجمعت أوراقي بغضب وقلت وأنا خارجة

ونظرات التعجب تلحق بي..!

- من طلب منكم تقييم أعمالي..!
“محد سألكم..مالكم شغل على الأقل أنا حاولت أحقق طموحي…مو مثلكم ماعندي إلا الضحك..”

عمر بسخرية:
“ومن قالك احنا ماعندنا طموح..طبعا وبفخر انا كابتن طيارة وبدر دكتور..بس ما..”

قاطعه:
بدر-” لحظه انتي شفيك عصبتي انتي من جد تكتبين قصة؟”

رسيل-”إيه..أكتب قصة ومحد بيقراها منكم..”

بدر بابتسامه-”أجل من بيقراها..؟”

رسيل-”اللي شجعني على إني اقضي وقت فراغي بشي مفيد.. والقصة شي مفيد.. الله يخليها لي مــامي”
عمر-”هههه اوكي وش تقصدين بالعنوان؟”

شعرت بأنني مهمة من هذا السؤال.!.
فقلت وتفكيري محدود..محدود جداً..
“إني أنا سيدة الحرية…”

عمر-”ماجبتي شي هذا العنوان”

(تورطت..!! أنا ما عرف من المعنى إلا هالجانب..ومو عارفه أوصله..)

“مالكم شغل..لا تلمحون تبون تقرونها..”

على صوت ضحكاتهم خرجت…وأنا غاضبة وإحساس بالفشل يتملكني لأصادف أمي فاخبرها بما حدث.. ..

أمي-”ماعليك منهم تراهم غيرانين منك.. انتي اكتبيها كلها وبقولك إذا حلوه ولا لا..!”

كانت تجاملني بذلك..ولكن المجاملة لا تقارن بالسخرية..
ولازلت اذكر كلماتها تلك التي لن تبرح ذاكرتي ماحييت…كما هو صوت ضحكاتهم الذي لايزال يسكن مسمعي…ويزيدني إحباطاً يتبعه إصرار..!

إذن سأكتب وأكتب..!
>>عندما امسك بالقلم..أغرق في بحور حبره..فلا أرى سوى روعة الحروف<<
Alsamt ِ Raheel..×..///..×..///..×..///..×..
( 5 )
مضى شهر من هذه الإجازة ونحن نستمتع كثيراً…
وإذا سألتم عن أخبار قصتي فأبشركم أنني سوف أنهيها قريباً..
ولكن هناك جملة قالها بدر وعمر أحس بها تلاحقني كلما خلوت مع قلمي…
“اصنعي شخص في خيالك واكتبي”

لكنني لا أستطيع…سأصاب بالجنون…ولكن هل سأوقف كتاباتي حتى أرى ملهم قلمي…!
هل سأراه..!

هل تعتقدون ذلك..! أم أنها كلمات استهتار من بدر وعمر..!
لا أدري…
.ـ.
.ـ.
.ـ.

إذاً..

ماذا حدث في هذا الشهر..؟؟!
لا أذكر سوى أن بدر وعمر كلّ ما رأوني سخروا مني..

فـ بدر يناديني ب

“تشارلزديكنز”
وعمر بكل استخفاف يناديني ب

“في جعبتي حكاية”..!

وضحكاتهم تتعالى في المكان…!

أعترف لكم بأنني توقفت عدة أيام بسبب كلماتهم..أصبت بالعجز…ولكنني عدت لأكتب لأجل أن اثبت لوالدتي أنني استطيع..!
.ـ.
.ـ.

إذن وماذا حدث أيضاً…
.. ..

آه..نعم تذكرت قبل عشرة أيام في (عيد ميلادي) فقد أصبح عمري الآن الخامسة عشر..

العمر كله…!

لذا أتعلمون ما حدث في ذلك اليوم من ابنة خالتي “لمى”

أفضّل ألا أخبركم فقد أفسدت الحفلة بسبب كلماتها التي تكبر عمرها بكثير…!

كنت أفكر..!
ماذا لو علمت بأنني أكتب قصة..!
لا لا داعي.. فستبقى تسخر مني مدى الحياة…!
كما سخر غيرها..!
أخي الدكتور بدر..
عندما أقول الدكتور اضحك..اضحك بشدة..ليست ردة فعل لضحكه علي..بل لتساؤلي..
هل أصبحت مهنة الدكتور حلم من لم يحلم..هكذا فقط ..مجرد حرف الدال قبل اسمه..!
إن بدر مضحك جداً..انه حتى لا يحب المدرسة!!

أما عمر فكابتن طائرة…!
إنهم يملكون طموح اكبر منهم بكثير..ويستهزئون
ببساطة طموحي..!
ولكنني وحدي سأحقق حلمي..
انتظروا سيادتي للحرية..!

.ـ.
.ـ.
.ـ.

اليوم كنا سنخرج ولكن أمي مريضة..

حسب ما ذكرته لنا خالتي وماتذكره دوماً..انه فقط
(انخفاض في السكر)

“بدر..مو كن امي تأخرت”

كانت ملامحه متوترة وكأنه يخفي شيئاً ما…!

“مدري خايف يصير جاها شيء”

منذ الصباح وأنا أحس بانقباضه قلبي…وهاهي تتضاعف..

“فال الله ولا فالك ان شالله بتطلع مو اول مره”

..كنت أتمنى أن لا تصْدُق مخاوفي..

بدر-”بس هالمره طولت..من شهر وهي تعبانه”

“ادري بس خالتي تقول …”

قاطعني وهو يرد على الهاتف بجانبه…

“ليش راحت عندكم…..طيب…الحين…شفيك خالتي…الله يسلمك..ان شالله الحين..لا لاتمرينا احنا بنجي…مع السلامه”
نظر إليّ وقد تغيرت ملامحه…وخيل لي انه وجهه أصبح اسوداً من الخوف…وكأن حالة استنفار للدماء علت وجهه..!

نفس العلامات زارت ملامحي..!

ليقول وهو يقف..وقد ابيضّت شفتاه رعباً..

“خالتي تصيح”
.ـ.
.ـ.
.ـ.
كل العلامات لا تبشّر بالخير…ازداد الخفقان بصدري..وازدادت دقات قلبي حتى
نظرت ل بدر وأنا اكذّب تلك الملامح التي علت وجهه..والتي رآها بوجهي
أيضاً..

وهو كذلك يحاول التكذيب…!
.ـ.
.ـ.

بالطريق للمنزل كنت أتضرع لله بالدعاء..أبكي رجاءَ..أتوسل إليه بان يشفي والدتي ويعيدها إلينا..

.. ..

وصلنا لمنزل خالتي..

أمسكت بيد بدر والرعشة تسري في جسدي كله..

أحسست ب أُذناي تفقدان شيئاً فشيئاً حاسة السمع..!

ولكن..

لم أرى أيّ سيارة بالقرب من الباب..! إذاً أين خالتي..!
الطريق من السيارة والباب الذي نعبره سابقاً بخطوات قليله..

هانحن نعبره شاقاً طويلاً تأبى أقدامنا التقدم..

نخاف الواقع…!

لا نريد أن نسمع ما سمعته من ظنوني المقلقة..

بدر ينتظر مني التقدم..

إحساس بدأ يتسلل إلى قلوبنا ليعتصرها ألماً..إحساس لا أتمناه لأحد..

إحساس بالفاجعة…!

.ـ.
.ـ.
أغلق بدر الباب بعد دخولنا للمنزل..
أخذت أرمي بنظراتي هنا وهناك.. بحثاً عن خالتي..

رأيت شفتا بدر تتحرك..
أظنه يتحدث إليّ..ولكني لا اسمع ماذا يقول..

هل فقدت حاسة السمع..؟

.ـ.
.ـ.
.ـ.

إنني أتحدث إلى رسيل ولكن ما بالها لا تجيب علي…!

” رسيل..ادخلي شوفي إذا فيه احد ولا لا…”

” رسيـــل..”

أصفر وجهها وبدا شاحباً لا يقل عن اصفرار وجهي بعد رؤيتي لها هكذا..

بدأت اشعر بآلام في معدتي شديدة..

يا الهي هل عادت علي آلام القرحة..في هذا الوقت..!!

رسيل لماذا لا تردين علي..!

أين امي..! صرخت من شدة خوفي على كلاهما

” رسيــــــــــــل..”
ولكن من أجابت صرختي هي خالتي…

“بدر تعال”

قالتها بصوت تخنقه العبرات…

لا أعلم كيف استطعت التقدم خطوة..

خطوة..!

خطوة تجر خطوة..!!

وكأنني أحسب الزمن..!!

وصلت إليها أخيراً وأذناي تستعدان لالتقاط أي حرف يصدر..

- عيناها مرهقتين..متورمتين من البكاء..

- هل أتخيل ذلك..أم أنها حقاً كانت تبكي..!

- لكن لما..!

طال سكوت خالتي لألتفت إلى رسيل التي لا تزال واقفة في مكانها .. لأسمع خالتي تقول:

“بدر حبيبي أمك بخير..
(استجمعت قواها لتضيف) زوجي هناك خليته يشوف الإجراءات عشان ينقلونها.. شوي حالتها خطيرة…وماندري شالسبب..
إن شاء الله بتطلع من العناية..”
-العناية…!

-حالتها خطيرة..!

-بخير..!

-ينقلونها..!

-شوي حلتها خطيرة..!

بدأت ترن تلك الكلمات في رأسي حتى خيّل لي أنها ستمزق طبلة أُذني…

“لا تخاف حبيبي .. أنا كنت عندها..بس جيت عشانكم وبرجع لها الحين”

وقبل أن أنطق بأنني سأذهب معها رن هاتفها..
.ـ.
.ـ.

لم تنطق حتى أهلاً…سمعت عدة كلمات وخيّل لي أن المتصل زوجها…
لتصرخ صرخة هزة ما كان ثابتاً فيني ليسقط هاتفها صريع ما سمعه..

لأبقى تلك اللحظة…كمن فقد إحساس…!

إحساس هرب من رعب الموقف…!

وفقدت أي قدرة للبحث عنه…

لم أصدق..فقط أخذت أبحث عن الأمل.. أخذت عيناي تدور بين سواد غطى المكان…وصراخ وبكاء…وكلمات لم أعد افهم معانيها…

صنع أمامي عالم غريب..كئيب..يلفه السواد..كل من يعيشون فيه شبه ميتين..عدى صراخهم الذي يصنع طريق للموت…!
كل ذلك صنع في أقل من ثواني…

لذا لن أعيش…دقائق وسأنضم لذلك العالم…ولكن دعوا قلبي يهدأ من رجفته..
وعقلي حتى يصدق..
ودموعي حتى تسيل..!

.ـ.
.ـ.
.ـ.

أنـــا..
كنت لا أزال واقفة في مكاني…

عندما سمعت صرخة خالتي التي اخترقت جدران الصمت بداخلي…
لتعيد لي حاسة السمع…وبقوة..!
لأرى خلف صراخها بدر الذي طوقته خالتي بذراعيها…

وأنا لا أزال أقف..!

بعد ثانية اخرى..
علمت بأنني لست على خارطة الكرة الأرضية…
تعطلت جميع وسائل اتصالي بالعالم الخارجي… !
أبعد من الصوت أبعد من الرؤية..أبعد من ترجمة أحاسيسي..أبعد من تصوير العالم.. !
تعطلت شاشات العرض لحياتي…

فسقطت…

مغمى علي..!

>>لحظات سوداء…لولا رحمة الله لرحل كل من فقد حبيب بعده…
..دقائق خارج ساعة الزمن…تمر فتفطر القلب وترحل.. ليعيش القلب ما تبقى من عمره بذلك الجرح..!
فأين الطبيب..!؟ <<
Alsamt ِ Raheel..×..///..×..///..×..///..×..
( 6 )
{ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب }”10الزمر”
.ـ.
.ـ.

لم تعد الأصوات كما كانت..ولا الألوان كما كانت..!
فقد أطلت دنيا غير التي كانت..!

الجميع أصبحوا كصورة..!
صورة التقطت قبل ظهور الألوان للتصوير..!
وضعت في برواز كسرت قاعدته…فاستغنت عنه جدران الزمن..!

أزيز البكاء سكن مسامعهم…واليأس افترش أرضية حياتهم…
لتفقد الدموع هيبة ظهورها….

يــارب…
ألهمنا الصبر..
أين الصبر..!
.ـ.

.ـ.

ملئت حقيبتها بالدموع والجروح والآهات…واكتفت بكمية الألم تلك…وقررت الرحيل…
لكن لن ترحل إلى الأبد..!
ولا تعلم متى ستعود..!
فكل ما تعلمه أنها زرعت حزنها خلف الغصون المنحنية…
والورود الذابلة..
لترحل….!
فوداعا أيام الحزن..أيام الفاجعة..!

أرجوكِ انه الوداع بلا لقاء..!

.ـ.

.ـ.

….غادرت تلك الأيام….ركبت قطار السنين…
لاضم الأمل والألم بين جروحي…
وأكتفي بأن..
أرفع عيناي للسماء…!

.ـ.
يوماً..بعد يوم…
مرت ثلاثون يوماً…
أترى ألا زال قبرها رطباً..!

لم تكن تفارقني دقيقة قبل ثلاثون يوماً…وبعدها…
لا أجدها حتى دقيقة..!

هل من يرحل لا يعود..!
في السابق كنت متيقنة من صحة هذه العبارة…ولكن الآن اشكك في صحتها…
هل هذا هو الأمل..!
امي..
هل أعيش فوق الأرض…وأنتِ تحتها..!
أخاف أن يكون هذا العقوق الذي درسته..قالت لي معلمتي ذات يوم أننا لابد أن نجلس تحت أقدامك لننال رضا الله..
هل أصبحتِ تحت تراب أطأه بأقدامي..!

خذيني مكانكِ..خذيني معكِ..أي شيء إلا أن أبقى وحدي هنا…
هل وصلت لمرحلة الهذيان…! هل حقاً ما أقول..!
لا أدري..!
كل ما اعلمه أنني أصبحت كـ كأس فارغة… لم يسكب فيها ولم تكسر..!
وضعت على أحد الرفوف المنعزلة..!

ثلاثون يوماً مرت كأصعب شهر في حياتي…
اليوم فقط.. بدأت استطعم مرارة اليتم..!

كانت والدتي لي الام والأب..بينما أبي فوق هذه الأرض لا تحتها..!
في غياب أبي عنا لم نعرف ماهو اليتم…
وبعد غياب امي تعلمت مفردات هذه الكلمة بكل قواميس البؤس في هذه الدنيا..وحفظت معانيها..

رحلت..
بكل بساطة يصعب علي وصفها…!!

.ـ.

أنا لا زال في منزل خالتي…
اقطن في أحد الغرف المنعزلة بالدور الثاني..
أما بدر.. فقد اخذ الملحق التابع للمنزل.. ورفض أن يبقى بالداخل..
حتى بعد محاولاتنا انا وخالتي بالعدول عن رأيه..
بل وقفنا باستسلام له عندما هددنا بان يعود لمنزله..
او منزلنا..
الذي لا أتخيل جدرانه دون امي..
آهٍ…
لم اعد أتخيّل شيئاً عن المستقبل…
بدأت أرى حياتي في الماضي..وهذه الفاصلة الكبيرة بين أيامي..!

بدوت كغرفة صغيرة..أغلقت أبوابها على طفل نائم…
لا احد يدري متى سيصحو…وان استيقظ ماذا سيفعل..!
فهل سأصحو يوماً دون أن توقظني امي..!
.ـ.
.ـ.
بدر ورسيل نائمين…
بصفتي أختها الوحيدة…وخالة الطفلين..
فإنني أقرب لهما من زوجة أبيهم ليمكثوا في منزلي..

هذه الأيام مضت ثقيلة..

فما سبق تعذر القلم عن كتابة تفاصيله…والإحساس عن وصفه…
فأصبحت الدموع الحاجز الوحيد بيني وبين الحروف..!

لذا..سأعبر السطور بسرعة…
.ـ.

.ـ.

أتى والد بدر …من المنطقة الشرقية..
هو لم يرى زوجته رحمها الله منذ سنوات..ولكنه فُجع أيضاً…

جلس مع رسيل عدة مرات..ومع بدر أيضاً..
وكان يردد بتساؤل… كيف..! كيف توفيت..!

ما السبب..؟!

ليأتيه الجواب إنها إرادة الله…وهذا هو يومها المكتوب قبل أن تولد…

كان عندما ينطق بالسؤال أو يكرره…ينظر لرسيل متسائلاً…
لتعكس عينيها عليه نفس السؤال…!
مر هذا الشهر ورسيل تنتقل من مستشفى لآخر…

-فقر دم..

-فقر دم حاد..

-صداع..

-ألم في الرقبة..

كانت تجيء وتذهب بصمت تام…لا تتحدث عن أي شيء..حتى عن والدتها..
المرة الوحيدة التي تحدثت فيها هي عندما قالت
“لا”
وهي ترفض ذهابها لأحدى العيادات النفسية…كما هو بدر يحتاج أيضاً لها..

فـ بدر كان يعاني من آلام في معدته طوال هذه الأيام..
وأظن السبب هو تلك الُقرحة المزمنة..!
مرت الأيام هكذا وليس بيدي ما افعله..
.ـ.
.ـ.
بعد عدة أيام من العزاء الذي استمر أكثر من شهر…!
وقف أبي أمامي وقد بدا عليه الحزن الغريب وهو يقول:

ابو بدر-”رسيل يالله حبيبتي”

لم اجبه لان بدر كان يقف أمام الباب..ليدخل وهو يقول:
“ويـن؟”
ابو بدر-”وين يعني تجون معاي للشرقية”

بدر بتعجب وسخرية-”معاك؟؟”

أنا لازلت استمع بصمت..

ابو بدر-”اكيد معاي ولا نسيت اني ابوك!”

بدر-”وتوك صرت ابوي اسمح لي ماراح اجي معاك”

ابو بدر بعصبيه-”بــــــــــــدر”

بدر موجهاً كلامه إلي..وأنا اعبث بساعة يدي بتوتر
“انتي بتروحين ؟؟”
كنت لا ابالي بشيء..فقد تساوت الأماكن والنظرات في عيني..حتى البسمة والألم بدت لي من موطن واحد..
لذا هززت رأسي بلا مبالاة بالإيجاب…

صرخ بدر ولأول مرة اشعر بإحساس غير الحزن منذ رحيل والتي..
فقد شعرت بالرعب!

بدر-”والله ماتروحين..بعد كل اللي عمله في امي نروح نعيش معاه”

دخلت خالتي بشبه حجاب خائفة بعد ان رأت والدي مقدم لصفع بدر
فتوقف وبدأت تقول كلمات لم أعي أكثرها..

بدر اقترب مني وقال-”اذا رحتي معاه انسي ان لك اخو”
وخرج بعصبية وكأنه يشق الأرض من غضبه.. وبقيت جالسه كورقة ممزقة..لا أكثر..!

.ـ.
.ـ.

بالغد اتى والدي هادئاً على غير عادته…
جلس بالقرب مني فهمس
-”اقنعي اخوك..مايصير تعيشون عند خالتك هذا بيتها وبيت زوجها..وولد خالتك يبغى ياخذ راحته بالبيت..لازم تقنعينه هذا مو بيتكم”

ظللت صامته واستمع فأضاف:
“انا غلطت وامك الله يرحمها…..”

لم اعد استمع لبقية كلماته فقد استوقفتني وعصفت بلقبي بقوة “امك الله يرحمها”
هل حقاً بدت كجميع من رحلوا…يضاف إلى اسمها “الله يرحمها”
كـ جدتي…!
كـ أحلامي..!
كـ حياتي..!
أفقت على يد والدي وهي تمسح دمعة فرت من أسى عيناي..!

وقفت لأخرج من المكان فسمعته يقول:
“ماراح اكرر غلطتي وأترككم مره ثانية..وغلطة الأمس اليوم نلقى لها عذر”
بينما أنا امشي لغرفتي قفز بيت لا ادري أين قرأته..أو من أين اتى هذه اللحظة…
>>”كبر الخطـــا..مــاكـل عـذر يغـطـيـهـ..,
مثــل التـعازي..مـاتـرد الـمـصيـبـهـ.., “
.ـ. .ـ. .ـ.
.ـ.

عندما رأيت بدر يصرخ رافضاً..قررت التدخل…
أخبرت زوجي الذي لم يهتم كثيراً…
كما أنني تكلمت مع والدهما..
..
أخبرته بأنهما لابد من أن يبقيا هنا.. إنهما كـ لمى ومازن..
بدر ولدي..ورسيل ابنتي..كيف لا ووالدتهما أختي..

رجوته أن يبقيهما ولو لمدة محدودة..

بدا رافضاً رجائي حتى بكيت أمامه…

ربما دمعاتي أطفت جمرة غضبة…فختم حديثنا بـ كلمته:

“يصير خير”

.ـ.
.ـ.

بعد يوم عاد من حيث أتى بعد أن سكب همومه وآلامه هنا..

لذا سأذهب مع بدر ورسيل هذا اليوم لمنزلهم لأجلب بعض الملابس وما يحتاجانه..
فقد بدى لي انه سيبقيهما مدة ليست بقصيرة..

.ـ.
.ـ.
.ـ.
بدر وهو جالس يفكر بالأيام التي مضت..والأيام القادمة..بعد أن زاح هم والده بان يأخذهم معه..
اخذ يفكر برسيل..
فهو لم يتحدث معها سوى بلغة الدموع.. ولم يسمع صوتها ولو بكلمة..
وكيف أصبحت انطوائية…
فلم تعد رسيل السابقة..حتى في شكلها..!

أما أنا فليس لي سوى عمر…يسليني ويخفف من همومي..
أما خالتي فجزيت خيراً..فقد تحملت الكثير لأجلنا..

.ـ.
عندما هممنا بالذهاب للمنزل..
.ـ.

ركبت خالتي السيارة وقد تفاجأت بـ عمر الذي طلبت منه مساعدتي..

أتعلمون..
عمر أكثر شخص تأثر لحالتي.. أكثر حتى من والدي..!
كم اعزه ويعزني..أبقاه الله لي…

قبل أيام كنت اطلب من الله أن يأخذني إليها.. لا أريد العيش من بعد أمي.. ولكن عمر يزجرني عن هذه الدعوة وبشدة..
وهو يقول لي… من يبقى لرسيل بعد رحيلك…ألا يكفيها ما فقدت..

إنني أثق أنها تعاني أكثر مني…
لعمرها,وتعلقها الشديد بها…

سكوتها يخفي انفجار…هدوءها يخفي بركان..غامض..!
بكائها عميق,مؤلم..
حزنها يفجع قلبي أكثر فأكثر..
“رسيل ماراح تجي..؟”

سألني عمر بهدوء لأقول:

“شلون تجي وتشوف البيت عقب امي..(بلعت غصة)انا مدري شلون بدخل”

عمر-”قاعده لحالها..؟”

“لا عندها لمى”

كانت خالتي صامته..ومحرجه قليلاً يبدوا أنها لم تعتاد على عمر…كما كانت أمي..!!
.ـ.

.ـ.

.ـ.

ما أصعب وجودي هنا…
عندما وصلنا..صعدت إلى غرفتي مباشرة

لأجمع أغراضي واخرج ولكن..

لا اعلم كيف قادتني قدماي إلى تلك البقعة..!
هويت على سريري فبكيت بحرقة.. بكيت كما لم ابكي في حياتي…

بكيت دموع لم تخرج بتلك الحرارة في منزل خالتي…!

بكيت الماضي..بكيت منزلي.. بكيت أطلال أمي..

تغيرت الحياة الآن..

آه كم أتمنى أن تعود تلك الأيام مرة أخرى.. ولو ليوم واحد..

ولو لدقيقة..!
آه كم كنت أتمنى أن أعود وأجد كل شيء كما كان..
كم كنت أتمنى أن يكون كل ذلك حلم..!
حلم مريع.. ..!

.ـ.
.ـ.

انتشلني عمر من بين آلامي ليقول:

“تعال أنا أخذت أغراضك…”

“ورسيل..”

قلتها من بين شهقاتي..ليقول وهو يربت على كتفي:

“رسيل شالت أغراضها خالتك…تروح تساعدها؟..”
انطلقت لغرفة رسيل وأنا اختلس النظر لغرفة والدتي لأكتم آخر شهقاتي وأنا أراها مقفلة..

مر علي شريط الذكريات سريع.. تمنيت لو أستطيع إيقاف لحظة منها..!

ولكن…!
“يالله حبيبي أنا اخذت اغراضها”

مسحت آخر دمعاتي وأنا أرى خالتي تمد لي يدها لنخرج..
وفي عينيها حنان يعزيني بعدما ذكرني بنظرة امي..!
بهذا الوقت..!!

قلت لها-”انزلي وانا وراك”

ذهبت والتفت لأرى عمر محرج وهو جالس على ذلك الكرسي..الذي جلست عليه مراراً والدتي وبيدها كوب القهوة الذي كسرته رسيل دون علمها..!
لم يكن هنالك متسع من الوقت حتى لتوبخها..!!

“بــدر”
قالها عمر وكأنه يتساءل لمَ بقيت واقفاً أتأمل مكانه..لذا ولجت حتى نهاية الغرفة..ابحث عن

لا شيء..!

ابحث عن طيف لأمي..!

ولكنني لم أجد.. حتى ذكريات..!
.ـ.
.ـ.

وأنا خارج من الغرفة لمحت على أحد الرفوف ساعة مفككة عقاربها…وبجانبها مجموعة أوراق في ملف ابيض…

اتجهت إليها وجمعتها بغير ترتيب….لأخرج..

.ـ.

.ـ.

.ـ.

كنت جالسة بالقرب من غرفة بدر…أي بالخارج لا أدري كيف يسكن بدر في هذا الملحق..!

ألا يخاف…!

اعلم أن عمر دوماً هنا ولكن عندما يحل الظلام ألا يخاف..!
ابتسمت بسخرية..!

أي ظلام يرعبنا أكثر من ظلمة غيابكِ..يا امي.!

أخذت انظر إلى الباب الخارجي للمنزل..وأنا أتذكر كيف كنت أقف هناك وأنا اسمع الفاجعة…

تذكرت كل موقف هنا..!

وصلت بي الأفكار إلى أمي..وانكساري بعدها..
وإحساسي بأنني ضيفة ثقيلة هنا..

ليس على خالتي..بل زوجها..وابنتها..وابنها الذي كان كـ خالتي يعزيني بابتسامة..!محاولاً بفشل انتشالي من ذلك الكم من الحزن..!

أحياناً اشعر أن الحياة بأكملها ضيفة ثقيلة علي..!

آهٍ يا أمي
ألا تسمعي توجعي..لماذا رحلتي..!
لماذا تركتني..؟!

استغفر الله الذي لولاه لما ألهمت و بدر

تحمل مصيبة فقدك..!

اخبريني..
كيف رحلتي..؟!

لما دوماً نعيش السؤال..!!
ونفقد الإجابة..!

منذ طلاقك من والدي وحتى رحيلك..

والإجابة دوماً فقط علامة استفهام..؟!

.ـ.
.ـ.

مع تركز عيني على ذلك الباب والأفكار تدخل وتخرج من خلاله بحرية..
رغم ذلك الضيف اللطيف الذي يحجب عن عيني الرؤية بوضوح..
تلك الدموع التي أحبت المكوث في عيني هذه المدة..!
.ـ.
.ـ.

وأنا لا أزال انظر لبوابة المواقف التي عبرتها يوماً..

رأيت الباب يفتح فتدخل خالتي وبدر..وأيضاً عمر..

انطلقت بسرعة إلى بدر والهواء قد تولى مهمة تجفيف دموعي..

سألته:

“لقيتها..؟”

نظر بدر إلى خالتي ..لتقول بقلق:
“تعالي حبيبتي ادخلي وياي”

قال بدر:

“خالتي خليها أبيها شوي”

خالتي-” براحتك أجل أنا داخله..”

بعد أن تركتنا خالتي قلت لبدر مرة اخرى

“دخلت غرفتها..؟ أكيد إنها نايمه..ولا يمكن زعلانه علينا عشان جلسنا واحد وثلاثين يوم هنا وماجيناها صح؟”

بدر-”رسيـل.. ..”

عمر يحاول أن يقول شيئاً..
وأخيراً نطق:
“رسيل تكفين..يكفي اللي في بدر الحين..لا تعشين بوهم وتعيشين بدر معاك؟”

لحظة صمت…

بدر يحاول صنع ابتسامه وهو يبدو الآن فقط مستوعباً وجودي..اعلم انه مشتاقاً للحديث معي كما هو حالي
-”رسولة انتي مرتاحه هنا؟”

لم أُجبه..!

-ماذا أقول..؟
-هل أقول أنني مرتاحة فأكذب..!

-أم أقول له الحقيقة..؟

-ليس بيده شي سأضيف هماً على همومه لذا

“أنا مرتاحه..”

بعد لحظة اخذت اتفقد فيها من حولي..
بدر كما هو بذلك الوجوم المؤلم..اما عمر فقد تغير منذ ان رأيته آخر مرة..هل
هو صاحب الضحكة وتلك الروح المبتهجة..لم هو يشبه أحزاني.!!
هل الدنيا سلبت ضحكته مع والدتي وحياتي..!

قاطع تفكيري صوته:
“مو زين لك كذا انتي مؤمنة وهذي ارادة الله لازم ترضين..”

ظللت صامته بعد ذلك التفت لبدر اوجه له سؤالي:

“دخلت غرفتها..؟”
بدا لي أن الحزن هجر ملامحه ليستقر في عينيه فقط..!
بدت لي نظرته شاحبة معلقة..لاتصل إلى شيء..!
بعد دقيقة صمت
رأيت دمعة تفر من عينيه بألم..وكأن محاولاته لمنعها باءت بالفشل..!

عندها هم عمر بالانسحاب وهو يقول
“انا بغرفتك”

بدر مسح الدمعة بسرعة تعادل سرعة نزولها وهو يقول له
“عــمــر خليك شوي”

نظر إليّ مستأذناً بقاءه لكنني لم أبالِ ..وقلت لبدر وكأنني فاجأته
“بدري لا تبكي..؟”

نظر بدر إلي بسرعة وكأنني قد سرقت العديد من أفكاره بهذه الكلمة….

أما عمر فبقي متعجباً…فهو لا يرى أي كلمة تستحق هذا القدر من التعجب والاهتمام من بدر:

قلت مبررة:
“ادري مايحق لي..ادري هذه الكلمة خاصة بأمي بس انا “

بدر وهو يحرك رأسه نافياً-”انتي الوحيده الباقية لي بهالدنيا ..
.. ناديني كذا أحس بهالكلمة وجود امي”

ابتسمت بانكسار من بين غشاء الدمع لأقول:

“أنا بدخل الحين”
.ـ.
.ـ.

بدر نظر لـ عمر الذي لا يزال متعجب…

بدر موضحاً له-” بدري..امي كانت تسميني بدري”

ثم قلت بسرعة:
“رسيــل”

التفتت إلي..ثم اقتربت فقلت:

“أنا لقيت بغرفتك هالملف وقلت يمكن تحتاجينه”

أخرجته من تلك الحقيبة بجانبي..

نظرت إلي بتعجب..ثم تغيرت ملامحها لحظة رؤيتها لذلك الملف..

أخذته مني بهدوء…تصفحت أوراقه فقالت بسخرية..

“قريتها؟”

أجبت:
“لا…بس قريت العنوان”

بعد ذلك ابتسمت رسيل ابتسامة سخرية..
فقالت:

“سيَدة الحرية… او تشارلزديكنز..
(ثم ضحكت ضحكة لم تكن في مكانها أبداً..وكأن تلك الضحكة لها صدى..! أو لم اعد افرق بين الانفعالات..!)

ثم وجهت نظراتها لـ عمر فقالت بتلك الضحكة:
“أو في جعبتي حكاية”

.ـ.
.ـ.
.ـ.
-كنت أضحك..لاشعورياً…
ربما لأنني نسيت متى تنطلق الضحكات..!

لكني رأيت ملامح بدر وعمر لاتزال جامدة..بل كانت أقرب للشفقة..
هنا قلت:

“ليش ماتضحكون..! مو كنتوا تضحكون علي دايم..!
امي الوحيده اللي شجعتني أكمل قصتي…والحين راحت..!

انت ليش جايب الاوراق…؟؟”

لم يجبني أحد..فأضفت وكأن الكلام المقيد تلك الأيام خرج هنا :

“عشان تضحكون صح..؟..طيب ليش ماضحكتوا…!”

نظرت للأوراق بعد أن أخرجتها من الملف..فقلت
وهما لا يزالان بذلك الوضع..

“تدرون عن ايش تتكلم..؟!”

ابتسمت بسخرية فقلت:

“عني أنا .. كنت البطلة فيها.. كنت سيَدة الحرية والجمال..

كنت البطلة اللي تعيش بحرية..تسافر وتروح وين ماتبغى..

البطلة اللي تركت المدرسة اللي تكرهها وتزوجت شاب غني..وعاشت أحلى حياة..

البطلة اللي رسمت لها حياة ورديه .. وخليت كل اللي معاها يحبها..

بطله ساكنه بين أهلها بوسط مزرعة كبيرة والطبيعه فيها رووعه مثل روعة الحياة بنظرتها..

كل اللي أتمناه كان هنا…(وأشارت لذلك الملف)

كل أحلامي وخططي وطموحاتي..

عشان امي بس كتبت…وتعمقت أكثر بأحلامي..عشان تعرف ان أحلامي بهالورعه!

(توقفت لحظة وكأنها تتذكر ماحوته القصة)

وتدرون كنت أملك فيها محل للمكياج.. وكانت لي كوفيرات وخدم..
كنت باختصار..ملكه..سيَدة للحرية مافي شي يمنعني”
ابتلعت كمية من الهواء لتضيف بين دموعها:

“امي طلبت مني تقراها مره..لكني قلت اذا خلصتها بتقرينها..
كنت بنهيها لكن..
(أجهشت بالبكاء ووضعت أوراقها على وجهها)
راحت قبل…ماتت وماقرتها”

.ـ.

انهرت في بكاء مؤلم ليقف بدر أمامي عاجزاً..
فقد هاله منظر الحزن الذي تجسد فيني لحظتها..

لكني رفعت عيناي وقلت والأوراق لا تزال بيدي:

“هذي هي كاملة ماعدا الجزء الأخير اللي في كل مره اكتبه امسحه وأقول
لا ابغاه يكون أحسن..الحياة أحلا من كذا..
الحياة احلا من كذا…
وراحت وهي ماكتملت..مثل أحلامي!”
قال عمر منقذاً الموقف وهو يقرأ بعينيها سطور المأساة..
“رسيل خلاص يكفي ارجوك..”
ولم يسمع سوى صدى صوته لذا قال:
” انتي الحين لاتجلسين كذا..اشغلي نفسك فيها.. كملي الجزء الأخير…احنا مابنضحك عليك..و…”

قاطعته:

“أكمل..!(ونظرت لـ بدر بتعجب)
خلاص..الحين اكتمل…”
أضفت:
انا خلاص..البطلة ماتت..”

وكأن الرياح


سيدة الحرية  30_12_1213568613711


عدل سابقا من قبل algalodi في الثلاثاء يوليو 26, 2011 9:23 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:27 pm

سيدة الحرية  Fotka_h22 RAHEEL سيدة الحرية  Fotka_h12
الفصل الثاني

( 8 )
::::غيَر من حياتي !:::::

كمعزوفة موسيقية مرت بي الأيام…ترتفع أحياناً…حتى أكاد ألمس النجوم…وتبقى على مسارها المعتاد أحياناً اخرى…!
ثلاث سنوات مضت…
“عاماً”… يجر من خلفه..عام…
كل “يوم” يمضي يضع لمساته قبل ذهابه..وكل “ساعة” تحاول ابتداع أمر..
وكل “دقيقة” تحاول تغيير ما تستطيع من الأحداث..!
“أسبوع” يمضي ليستقبل أسبوع آخر..
و”ساعة تجر جيش الثواني خلفها”…
إذن …
لا يزال نظام الساعة يعمل..!!
ولا يزال نظام الأيام يدور..!
يالغبائي…!
أتذكرون…
كنت أظن الزمن توقف بعد أن حطمت ساعاتي..!
كنت أظن أن الحياة ستفقد النظام فقط لأني أريد ذلك..!
ظننت أن الدنيا توقفت على أرضي فقط لأن امي رحلت..!
وأبي تخلا عني…..
وبدر فقدته…!
سبحان الله.. لا تزال الكرة الأرضية تدور…
ولا زالت أسس الحياة موجودة..!
حتى هذا اليوم…تراودني صورة ساعتي المحطمة قبل سنوات في منزلنا…فيخيَل لي أنها كل عالمي الذي توقف!
أكنت حقاً أظن أنني بمجرد إتلاف ساعاتي سيتغير كل شيء..!
أم أن حلمي بسيادة الحرية هو ما دفعني لذلك..!
.-.
.-.
ثلاث سنوات مرت وأنا أجلس في أول كرسي من مدرسة الحياة…
تعلمت الكثير..
الكثير..مما يفوق أحلامي..طموحاتي وحتى أحزاني…
تعلمت فنون الضحك….عندما تطوقني الأحزان…
تعلمت أن اغلق فمي عند حاجتي للكلام…
تعلمت كيف ابتسم عندما يخرس لساني!
تعلمت أن أتحدث عن كل شيء وأي شيء.. إلا أن أتحدث عن حياتي..!
عن تلك المسماة…
مأساتي..!
لم أبث شكواي يوماً إلا للقلم..
ومجتمعي الذي أخالطه لم يكن سوى صديقات مدرستي…
تعلمت أن اضحك لأجلهم…وابكي لأجلهم.. ادرايهم كما اداري الدمع في عيني…
الجميع ضحكوا لضحكي…..لكن أحداً لم يبكِ لأجلي…
لم ابالي بشيء…فلم ارد أن أكون بائعة للحزن بينهم….
كما هو عنوان قصتي التي اكتبها عندما يغمرني الحزن….
وتخنقني الوحدة…!

أتعلمون أي وحدة أُعاني منها..!
منذ عام مضى لم أرى بدر….
فقدته بلا سابق إنذار…!
تماماً كأمي…!
لكن الفرق بينهم أن امي رحلت بلا عودة…
وبدر سيعود…!

فقدته عندما أتى والدي في صحوة متأخرة وبلا سبب..
ليأخذنا إلى بيتنا القديم…
بكل بساطة..أمَرَ ونفذنا…

اذكر أن شعوري كان مميزاً حينها..
كان شعور امتزج بكل شعور اجتاح ملامحي طوال سنوات عمري…
شعور غلب عليه الفرح والحزن..في آن واحد…
الدهشة وعدم الاهتمام…في مزج واحد..!
شعور يبث الأمل في داخلي بأن الحياة ستعود كما كانت..! وآخر يناقضه يشعرني بالإحباط..!
شعور الغضب من والدي..والرضا عنه…!
لن أتعجب يوماً ما عندما افقد السيطرة على وصف إحساسي…!
اخبرني بدر حينها.. أن مكوثنا في بيتنا لن يدوم طويلاً…فلم نحضر إلا بعضاً من حاجياتنا…
زوار في بيتنا..!
في أول خطوة كانت لي فيه..كمن يطأ نار..وثلج…!!
صوت صرير الباب كان يشبه صرخات طفل استبشر بقدوم امه..!
كنت انظر لبدر وهو يدفع ذلك الباب الذي طالما توقفنا عنده في عراك من يسبق للداخل…
ذات يوم!
كانت خطوتي أثقل من حزني….
شعرت بأنفاس والدتي تخنقني…تستقبلني مودعة..!
تعاتبني تسألني عن أخباري…عن السنوات التي غبنا فيها..!
بكل مقعد كنت أراها..وكل زاوية كنت المحها..حتى بتلك الأواني المصطفة على الرفوف رأيتها..!
أطلت النظر للتلفاز الذي طالما تشاجرنا على جهاز التحكم التابع له… فبدت لي شاشته المغلقة تعرض شريط أيامنا السابقة….
وفي كل قناة أرى امي..!

كانت الصالة لم تتغير كثيراً وكذلك المطبخ…. أما غرفة الجلوس وبقية المنزل…مروراً بغرفتي قد تغيَر..فبدت لي غرفتي…
تشبه غرفتي..!

كان والدي قد جدد الأثاث وأبدى التغييرات المناسبة ليبعث الراحة لأنفسنا مرة اخرى…
كما اعتقدت حينها….!

لم أحاول حتى إمساك مقبض الباب لغرفة والدتي,,,أخذت أجوب المنزل..واستعيد الذكرى فيسعد قلبي تارة..,ويبكي تارة اخرى…
مهما كان الحزن مخيِّم على المنزل إلا أنني في منزلي الذي قضيت فيه سنوات طفولتي…واسعد لحظات حياتي..
ويكفيني فقط,, أنني أتصرّف فيه بحرية..!
“حرية”!
في وقت لم يكن مناسب لمرورها بين ازدحام الأفكار في رأسي إلا أنها مرتني…!
فعادت هواجسها بشكل يختلف عمَا كانت..
فقد كَبٌرَت…
بكل بساطة ..
كَبٌرَت..!!
الم تعلموا أن الأحلام تكبر كما نكبر نحن..وتموت كما نموت نحن…!!

عندها بقينا في المنزل عدة أيام…اقترح فيها والدي على بدر أن يذهب معه….ليدرس بالقرب منه…
كما قال يريد أن يشهد تفوقه..ويفخر به عن أقربائه هناك…..
أو أقرباء زوجته..!
بدر خاض صراع جديد مع والدي….حتى خضع له مجبراً…..وسافر معه بعد أيام قلائل..
حينها كان حوار في ذاتي يتساءل..
- وأنا…!
- ماذا سيحل بي..!
- أيأخذون آخر عائلتي مني!
-بين إحساس وآخر.. شعرت بأنني نقطة أضاعها القلم على صفحات الورق..!
-أصبحت مجرد خربشات لجدران الزمن..!
لا احد يفكر فيني..!
- أين سأذهب…..وهل سأعود لخالتي مرة اخرى..!

سألني بدر قبل أن يفكر بالرحيل…وقف أمامي وكأنه قد استعد لخوض الحوار مرات عدة.. قبل أن يقول:
“اذا ماتبغين اسافر ماراح اسافر..واللي يصير يصير”
كنت سأقول نعم..لاتذهب…لاتتركني..
…لكنني قلت:
“خلاص…لازم تسمع كلامه و….(بترت جملتي لأنني لم أجد ما أُضيف..بدا لي كل شيء ناقص!”
ثم أضفت ابتسامة ميتة…
لأجل ألا يقع في صراعات مع والدي,,ويضيع مستقبله بيده..ويدي…,
لأجل سعادة آخر وأول من افكر فيه في دنياي…
نعم لا أحد..غيره..

طلبت منه ان يذهب,,
في وقت كنت في أمسّ الحاجة إلى وجوده…,
قلت الوداع,,في وقت صرخ كياني فيه لاتذهب..!
قلت نعم,,في وقت افترض علي أن أقول لا..,
قلت لا بأس وأنا اعني كلاَ..كلاَ…كلاَ…,
لكنـ…..رحل…,
هكذا بكل بساطة…
ذبلت أول وردة حاولت سقايتها فيني….
لم اصرخ..لم ابكي..لم أترجَى أحداً…
فقط أذعنت لما يحدث..وتقبلت ماقد يحدث!..

وها أنا الآن ..يكتمل بي العام الذي احتوى حزني ويتمي ووحدتي..
في منزل خالتي…مرغمة بإرادتي..!
استيقظ وأنام…
- بلا أمل في الحياة….
- بقلب محطم..يائس..رافضاً ذاك المسمى أبي..!
سؤال يغتصب وحدتي كلما اذكر ماحدث…..
- “هل كان يجب علي أن احبه…فقط لأنه أبي…!”
بت اشك أن قلبي معطوب…..
لولا حبي لأخي…وخالتي….واحترامي لابن خالتي الذي بدى كوالدته..سعيداً بعودتي…
لتيقنت ان قلبي معطوب…!
بالمناسبة…
لا اعني الجملة الأخيرة…!
بل سابقتها…فـ قبل سنتين غيَر مازن غرفته إلى غرفة قرب المجلس بالأسفل..
وذلك ليتسنى لي الخروج بحرية في ذلك الدور…
حرية لم اعرها اهتمام طالما لمى تشاركني المكان..!
لا ادري لما تذكرت الآن نظرة مازن ذلك اليوم قبل سنوات….
ياترى هل لازال يذكر ماقالته!
ليتني لا أعود هنا….
ذلك اليوم لم انم…كان بودي حينها … وبرغبة ملحّة ..
الكتابة..عن شعور…
المشردون..!!!
.
.
دخلت آخر مراحل الثانوية…
عُمْرِي اقترب جداً من الثامنة عشر….أظن ذلك…
فلم تعد هناك حفلات ميلاد..!
ربما الثامنة عشر..والذي كنت أتمناه حقاً هو عمري كله!
في لحظة يأس!
بدر سينهي عشرون عام من عمره ومازن لا ادري لكن أظن انه يكبرني بخمس سنوات.. أما لمى فهي لم تغادر المرحلة المتوسطة..ولا أظن أنها ستغادرها حالياً!
مرتني أيام خلال سنوات وحدتي..
كانت من أقسى أيام حياتي…فمن تلك الأيام تعلمت…
أن الكلمة لاتحتمل أكثر من معنى…
بعكس ماكنت اعتقده عندما ظننت أن للحرية معنى واحد!
وفهمت معنى اليتم بصورته المنفردة…!
يتيمة الأب والأم..!
ما أقسى قاموس الكلمات الذي قرأته مرغمة!
برغم صغر سني..إلا أن الحياة علمتني الكثير…عدا أنني اجهل أمراً واحداً يعنيني…
فـ كيف أصبح
سيَدة الحرية..!!
.ـ.
.ـ.

إذن…
كل ما افعله الآن..
هو لجوئي لمن لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه..
والحمدلله على كل حال…
ربما حتى الآن قصتي حزينة….,
وربما حتى الآن لا أحد يلحظ حزني..!
وألف ربما تتبع ربما…
جميعها دونت في رٌوزنامة تقوقعت في أحشائي..
.-.
ما”حدث” في منزل خالتي..
عذراً..
تمنيت أن اسرد هكذا..لكنه لم “يحدث” شيء..!
فالهوامش لاتعطي الكثير..!
عشرون شهراً أو تزيد…تتشابه أيامها…فلا تحدث تغيراً لجدولي اليومي..!
من القسوة أن أرى اليوم حلقة معادة من حلقات الأمس..!
.-.
زارني بدر مرة خلال هذا العام…ورحل من جديد..
لم ابكي منذ غيابه…لا لشيء لكنني كرهت الدموع…!
ما يشغلني هو دراستي لأهمية مرحلتي الأخيرة…ورواية كنت اختلس الفراغ من فراغي لأملأ سطر منها…لتحييني..!
أتخلص من بعضي فيها..فتملأني..!
أرثيها….فتبكيني..!
“بائعة الحزن”
ترتلني سطورها…وأتلوها بإتقان..!
يشبهني كثيراً…حرفها
إذ كنت أُشبهها كعنوان…!
.-.
كعادتي..
كل امتحان بالنسبة لي فاتح شهية للحروف…!
غداً لدي امتحان وسنتي الأخيرة تحتم علي مايجب علي..
لكن رغبتي المفاجأة بأن اعرض قصتي لعيون اخرى غير العيون الأربع الساخرة
خلقت فيني حماساً آخر…
أتممت إنزالها بمنتدى صديقة لي…

.-.
.-.
من قال أن للحزن نهاية..قد اخطأ…
ومن قال أن هنالك أصعب من الفراق قد أخطأ أيضاً…!
“بائعة الحزن”
بقلم: (انكسار الظل)
كانت أوَل مشاركاتي و خطوة اولى لجميع تلك الخطى التي تلتها..
بعد دقائق طويلة…
عدت لألقي نظرة…رأيت من يقرأ دون تعقيب…
شعرت باضطرابات في داخلي…كنت أتخيل صخب من عيون تلتف ردهات الورق..أكان طرب أم نشاز!
تحولت الصفحة في رأسي معركة جدال…لم يعد هناك حلفاء..!
أفكاري أبت الاستسلام وحروفي لاتزال في اشتباك!
محاولات التحاف ورقة صيَرها الوغى فيني فجأة ..
حلم استيطان محبرة..!!
انتشى حزني الغابر..فكرت في القادم…
آخ..منذ زمن لم افكر بالقادم… كنت أعود للوراء أعيش بين انثناءات انكساراتي!!
لم أجد أي تعقيب للقصة…
تسللت إحدى الخيبات إلى ذاتي
لتوقظ البقية!
فأنام….!
/
عند عودتي لها بعد مضي

يتبع الفصل الثاني...........


سيدة الحرية  30_12_1213568613711
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:29 pm

متابعة الفصل الثاني .......


سيدة الحرية  Fotka_h22 RAHEEL سيدة الحرية  Fotka_h12


لأنها كانت غالية..جاء غضبي منها بقدر مكانتها، فلو لم تكن تعنيني لما كنت
سأهتم…
-كنت على دراية كافية أنني سأخبرها ما احتقره فيها مباشرة عندما يفتح ذلك
الباب…
لكنها لم تأتِ بذلك….مما أراحني قليلاً فليس لي قلب يستطيع إيذاء من سكنه…!
.-.
.-.
عـ ـمـ ر
.-.
منذ سفر بدر وأنا بين الدوام الجامعي ، والمقهى ،والمنزل…
بما أن بدر الصديق الوحيد الذي ارتاح لصحبته غير موجود بالجوار ،فانا لا
أهتم كثيراً بالخروج مع البقية..
أصبحت أقضي ساعات اليوم في المنزل، باستثناء المقهى الذي اتجه إليه لأكتب
لرسيل…
أو هي تكتب لي..!
كان المقهى الذي اتجه إليه بعيداً عن منزلي بمسافة عشرون دقيقة،وكنت أذهب
إليه رغم وجود آخر بمسافة دقيقتين،..
احتسي كوباً من كلماتها، تزورني رائحة وجودها…واحاول مراراً التخلص منها
فيها…ولا انجح..
كل مرة ابحث بين كلماتها عن شيء لايعجبني،أخلق في خيالي “غيرة من بطل” لم
تكتبه في قصتها.. ليغار قلبي وأغضب، وأبتعد..
إلا انه في كل حرف يثبت لي العكس وأجدني أنحت نفسي في سطورها، فأقترب
كثيراً من حزنها ولا أصله… اغلق الجهاز واخرج صافعاً كل الهوى خلف
الباب..فيستقبلني معاتباً..!
-جلست ذات مرة خارج المقهى،أطفأت سيجارة قد اكتفت مني،واخذت اردد أن المقهى
لايعنيني والقصة لاتعنيني ورسيل ليست هنا..!
مر أمامي شاب يحمل “كاميرا” تصوير احترافية ، ثبت قاعدتها وبدأ باختيار
زاوية المقهى المميزة نوعاً ما..
التقط عدة صور وأنا افكر قائلاً، “ما أجمل ما أتى به هنا”…!
أستكون هناك ابتسامة على شفتيه وهو يقلب الصور, لو كان يأتي ليقلب صفحات
قصة..مر بها حبيب..!
اقترب مني مفاجأً وكأنه يسألني لمَ أنظر إليه
-”السلام عليكم”
وقفت عدلت من ملامحي:
-”وعليكم السلام”
نظر إلي قليلاً ..بدا يفكر بعمق بشيء لا ادري ماهو..ولم ينطق بحرف..!
ابتسمت حينها وأنا انظر لقاعدته هناك وقلت:
-”احب التصوير…اختيارك للزاوية حلو”
لا أدري لمَ نطقت بذلك، أحياناً نضطر للكذب لنجمل الموقف بعد أن نلوث
داخلنا..!
فأنا لم احب التصوير يوماً وليست لي خبرة باختيار الزوايا..!
وكأن مبادرتي أعجبته فقال بسرعة:
-”تعال شوف شلون طلعت الصور معي..بتعجبك”
تبعته وأنا لا ادري لمَ…بعد حديث الزوايا التي أجهلها سألني:
-”وش نوع الكاميرا حقتك؟”
أجبته مباشرة كأنني أسابق الكذب:
-”لا أنا ما اصور بس احب التصوير”
جملة ربما غبية لكنها انتهت بي لسؤاله الذي خلق في رأسي رؤوس أفكار اخرى..!
-”ليش بالعكس التصوير هواية تنمو بالتطبيق ترا كلها دورات تأهلك وبما انك
هاوي راح تحترف بسرعة”
وبدأ بإلقاء خبراته علي وأنا عبثاً اجمع مايقول…لكنني صدَقت كذبتي أنني احب
التصوير دون قصد..!
اخبرني عن دورة متاحة حالياً ورقم هاتفه في حال أن أردت شيئاً ..
شكرته وأنا سعيد بأنني سأصبح حراً..وسأقلب صوراً ليست في خيالي، وصفحات
لاتشبه قصتها..!
واشبه اسم مستخدمي أخيراً “ماني لأحد”..!
.-.
.-.
بعد اسبوعين آخرين…كنت قد سجلت بتلك الدورة وفي غرفتي كاميرا تصوير صغيرة
وقاعدة تشبه قاعدة صاحب الزاوية..!
ما أجمل أن نتخلص من خيال من نحب في المكان الوحيد الذي يتبنى خيالنا..!
ها أنا افارق المقهى أخيراً بعد أن منحني حرية اللقاء، فقد أعود إليه
لألتقط جزءً من خيالي في صورة تذكارية…
في المكان ذاته الذي لم تكوني فيه يوماً ودعتك فيه..!
-”واو حركات”
قالتها سديم لتقفز اريام خلفها وتتفحصانها عن قرب
-”ههههههه لاتلمسينها بعدين اصوركم”
كانت رنيم أيضاً تنظر لها بانبهار، أو نظراتها تلك لي..!
-”وش الطاري؟ ماخبرتك تحب التصوير..انا يوم صورتك مرة أخذت مني الصورة
وعصبت “
تذكرت، نعم ومالا تعلمه أنني مزقتها أيضاً..
-”ههههههه والله اكتشفت إني فنان يوم قمت من النوم وقلت حرام احرم العالم
من موهبتي”
-”ههههههه أي والله خدمت الامة العربية”
-”ههه لاتصدقون كيفكم..المهم اطلعوا بنام “
سديم:”الحين لا ..قبل خلنا نشوفها “
اريام:”عمر بناخذها شوي برا نصور بعض وبعدين نجيبها”
-”ههههههه لا واطلعو لاتضيعون وقتي بكرة عندي تصوير كوندليزا رايس طالبه
صور عيد ميلادها الاخير!”
رنيم-:”ههههههه الاخير ههههه مالت عليك واحلامك يلا انتو بعد وراكم مدرسة”
.-.
.-.
الخميس..
واسبوعين آخرين وأنا في استسلام تام…حتى مع دانه…
اليوم..كان مزاجي جيداً، صليت المغرب ،
أوصلت جهازي في نية لزيارة قصتي..
مررت بعيني على التعقيبات لأتوقف قليلاً عند تعقيب يقول:
“لي شهر ادخل ولا القى شي ترى استحيت من اسمي كل يوم اجيبه ونطلع بولا شي
وياليت تقولين متى بتنزلين حزن جديد؟ في ناس ترى تدمن بعض الحزن…اخوك/ماني
لأحد”
كنت اضحك وأنا ابتدئ بالرد عليه بتصنع ابتسامة لا أكثر..!
“اخي الكريم..شكراً لاهتمامك..لم اكتب شيئاً حتى الآن..لكن سأكتب
لأجلكم…عذراً للتأخير”
بعد أن نزل الرد انتبهت أن تعقيبه ذاك قديم…منذ أكثر من ثلاثة أسابيع
ربما.!
أحقاً كل ما اكتبه هو حزن جديد..لا أكثر!
استفز مزاجي الجيد تقريباً….اتجهت عيناي لآخر زيارة له فلم تكن قريبة
ايضاً..
لم اهتم يوماً بقارئ ولم أتلهف لرؤية آخر وجود له، إلا أن هذا القارئ اشعر
به صريح..ويقرأني حقاً.. تعقيبه في كل مرة يختلف عن الجميع… سأشكره يوماً
عندما انهي القصة…
سجلت خروج ليخرج أيضاً من تفكيري وأنا اسمع صوت خالتي يناديني..
فتحت الباب لأجد لمى واقفة تقول لي:
-”ماتسمعين؟ امي تناديك لها ساعة”
كنت أود السؤال ماذا تريد لكن لم احب يوماً التحدث مع لمى…أغلقت الباب
فسمعتها تقول:
-”في ضيف تحت ينتظرك”
وقفت ملياً أفكر، من سيأتي لرؤيتي..!
بدلت ملابسي بأخرى ورفعت شعري غطيت رأسي تقريباً كحجاب ونزلت مسرعة..
فتحت الباب وإذ بي أفاجأ بصديقتي
دانه تجلس بجانب خالتي :
بعد السلام,أحسست بأن الاستسلام غطاني مجدداً.. ظللت صامته..وكذلك هم..
ألف استفسار يطل من عيناي..
نظرت إليّ دانه نظرة تعجب، بل كانت تنظر إلى رأسي تحديداً…
-”عن اذنكم”
قلتها مسرعة للمرآة، أحسست بالحرج فلم يسبق لدانه معرفة أنني اغطي شعري
دوماً في المنزل… ربما كان بديهياً أن تعرف ذلك..
وربما كانت تعرف لكن رؤيتها لي شيء آخر.. خلعت حجابي على عجل وأحضرت عصيراً
كعذر لخروجي… وعدت مجدداً..
بعد دقيقتين قالت خالتي:
-”اجل اترككم”
ردت دانه مباشرة:
-”لا يام مازن ابيك بموضوع”
بدأ قلبي يؤلمني،ترى ماذا تفعل هنا..وماذا تريد أن تقول بصحبة خالتي..!
-”خير عسى ماشر”
-”الشر مايجيك..بس انا..انا مخطوبة”
قالت ذلك بعد لحظة صمت أعلنت اصطدامِ أول بين عيني ونظراتها
اصطدام كسر شيء في داخلي…
-”مبروك يابنيتي”
ألقيت نظرة هاربة لخالتي التي نطقت بذلك دون أن يصبغها الاندهاش مثلي
-خالتي علمت أن هناك سراً كبيراً مدفون بين مكاني ومكانها..وفجوة لم تسمح
لي بالاقتراب منها..أو حتى تهنئتها..!
ولم تبد أي محاولة للبحث عنه
-”الله يبارك فيك ويخليك”
ردت ذلك،وأنا يصفعني موج استغراب، أي قدرة تجعلها تتحدث ببرود كأخرى تتحدث
عنها..
مع شخص تلقاه أول مرة..!
-كنت قد بدأت منذ دقائق برثاء حالي..فالورق حديثي ،جميع الجمل التامة بما
اريد إيصاله يوماً لم تكن إلا بصوت قلمي..وهي أمامي بلا قلم وتتحدث كما لم
يتحدث قلمي..!
خرس فجائي ، على ورق وأمامها…استسلام آخر لايشبه استسلامي الأول البريء…
لأن الآخر يفتقد روحه ويخبئ اخرى ميتة منذ الطعنة الأولى…
أمْسَكَت بالكأس..شربت منه قليلاً وقالت كمقطع في قصة قرأتها سلفاً
-” عندي سؤال يهمني في حياتي الجايه… يايسعدني ولا ينهي كل شي”
قالت خالتي باهتمام..غير واضح!
-”من غير شر شالسالفه؟”
-”بخصوص خطبتي.. بس ودي اسالك عن ام خطيبي..وخطيبي اذا تعرفين عنه شي..لاني
سمعت انها كانت جارتك من زمان”
-”من هو خطيبك”
بدأت بذكر اسمه،ومن ثم بعض الأمور التي قد تذكر خالتي به…
-”لاوالله ماعرفه”
وقفت دانه بخيبة امل لاتشبه خيباتي..وبدأت تندب حظها بأربع كلمات قديمة ثم
قالت:
-”طيب مازن..ولدك…(ذلك للتأكيد بلا شك!) أكيد يعرفه ..هو فيه صلة بس مدري”
خالتي قالت:-”وليش ماتسألين خطيبك؟”
-”اذا سألته بيدري..وانا مابيه يدري بشوف عنه قبل مابي نتزوج كذا!”
خالتي هزت رأسها مداراة لها..أو مجاملة لي…لايهم فانا بصمت أراقب مايدور
أمامي لأستنتج أن خالتي لم تعجبها صديقتي، وأنا اكتشف حديثاً أن خيبت أملي
منها ربما تكون الأخيرة… فهاهي بكل بجاحة تخبرني أنها ستتزوج عشيق ما،
واعدته مسبقاً، أو ربما آخر..!
اشعر فقط الآن بالأسى تجاهها، و أنني لم اظلمها..!!
-”اسأليه خالتي تكفين، وقولي لرسيل تقولي..ولك البشارة”
قالت الكلمة الأخيرة بمرح..ابتسمت لها خالتي ووعدتها خيراً وخرجت..
بقيت امارس طقوس استسلامي الناجحة..وهي تجلس بجانبي..
قال دانه بعد دقائق كأنها انتبهت لحضوري
-”رسيل أنا مخطوبة”
وكأنه خبر جديد!
قلت-”مبروك”
قالت وقد بدأ القلق في عينيها:
-”هذا مايخليك ترضين عني؟ مايكشف لك الحقيقة؟”
نظرتي كانت على خط طويل لانهاية لها،فلم احاول السير في غيره
-”رسيل انا ماخبيت عنك شي انا جايه عشان اوضح لك ادري انك شايله بخاطرك علي
وبالمدرسة ماكأنك تشوفيني.. ماقدرت اقولك لاني مدري كيف ابدى وانتي
ماهتميتي”
آخر السطر استوقفني حتى خلعت استسلامي وبدلته بآخر أكثر بروداً
-”ماتقولين شي..طيب انا اقولك”
ثم أضافت:
-”اللي بالسوق شفتيه معي وكنت ابيك تشوفينه هو خطيبي كنت حابه أفاجئك وانتي
خربتي المفاجأة وماتوقعتك تشكين فيني..واليوم انا جايه اوضح لك انه كان
خطيبي والله كان خطيبي واهلي يدرون ان احنا طالعين ذاك اليوم”
الربط بين أمرين شيء غير وارد في رأسي..، وحديثها الآن جردني من استسلامي
ومنحني مخرج مضيء في آخر طريق العتمة…
إلا أنني لم اقل شيئاً..
-”وكنت ابيك تسأليني مين كان عشان اقولك .. صحيح أنا كنت اسولف وحبايب
ومدري ايش بس والله كانت خيال..هذا الرجل الوحيد وهو خطيبي”
ابتسمت لي ورددت لها واحده قالت:
-”من حقك ترى تزعلين بس انا مافكرت ان ردة فعلك ممكن تكون كذا..حتى ماتقرين
رسايلي”
كنت استوعب حديثها كلمة كلمة..ثم قلت:
“وليش ماقلتيلي بوقتها وليش هنا “
-”ماعرفت كيف افاتحك بالموضوع خاصة بالمدرسة..وقلت فرصة اراضيك بعذر اني
اسأل عن خطيبي”
ربما كان العكس هو الصحيح!..، لكن لم يعد ذلك مهماً..
-”كنت راح اقولك انتي تسألين مازن عنه بس خفت مايمدحه لك حتى لو كان زين”
-”ليش؟”
أضافت ضحكة-”مدري يمكن للحين يذكر لمى يوم قالتله انك تحبينه..يعني يغار
ههههه”
دخلت خالتي وهي تقول:
-”مازن طالع”
وقفت دانه -”مشكورة يام مازن ماقصرتي تعبتك وياي”
-”تعبك راحه يابنتي اهم شي تعرفين اللي بترتبطين فيه”
عدلت حجابها لتخبرنا بمغادرتها…
فمضيت معها حتى الباب وأنا أراها بصورتين، وسعيدة حقاً بالصورة الاخرى
والتي عرفتها مسبقاً..
وقفنا نتحدث قليلاً وأنا لم اعد لطبيعتي بعد..وقبل أن تمضي للخارج رأيت
مازن يدخل المنزل..
غطيت رأسي مرة اخرى ودانه تنظر لي هذه المرة بشفقة ربما..
قلت لها: “هذا مازن”
ابتسمت بفرح ودفعتني إليه وهي تقول:
-”قوليله صديقتي بتسألك “
-لم أعلم مسبقاً أنها جريئة جداً …ولو بالنسبة لي..!
لأنني اشعر بارتياح كبير في داخلي..وأفكار لن يتسع ليلي لترتيبها.. قررت
إيقافه
-” مازن”
التفت إلي، اتسعت ابتسامته واقترب
-”عيونه..(أضاف) هلآ”
شعرت باشمئزاز نسبي..لكني قلت:
“ممكن دقيقة صديقتي بتسألك كم سؤال”
اتجهت نظراته لدانه التي تبتسم..ثم تقترب فتبدأ بالتحية والدخول بالموضوع
-بينما هي تتحدث معه كنت انظر للباب في قلق ، أخاف أن تنتبه خالتي فتظن
سوءاً هنا..
اني غير مرتاحة واتضح ذلك على ملامحي
-”آها أيمن؟”
أجابته دانه بالإيجاب..ليقول مازن بسخرية
” كنا نسميه ولد المصرية وبعضنا يقول السوري ههههه مسكين عقدناه عشان اسمه”
ابتسمت أنا بكبت ضحكتي..وأخذت أراقب دانه الغاضبة قليلاً
ومازن وهو يتحدث ببساطة
كنت انظر إليه، فأنا لم أره يتحدث من قبل بشيء لايخصني
سمعتها تسأل عن حياته، عن والده المتوفى الذي اخبرها مازن انه سافر وتزوج
اخرى، وتلك معلومة مغلوطة اولى… اكتشفت ان مازن يعرفه كثيراً لما قاله…أو
لايعرفه أبداً…!
-سألته بعد ذلك عن طموحاته..وهو سؤال بسيط إجابته مذهلة.. فيبدو ان خطيبها
ذاك يهوى كل شيء ويحب تجربة أي شيء..
ثم ختمت أسئلتها بعلاقاته معهم،أخلاقه،ثم قالت بحياء:
-” كيف كان معكم بالمدرسة؟”
كان يجب على مازن ألا يضحك إلا انه ضحك وهو يقول:
-”شوفي انا ماذكر الا ثلاثه مزعجين ويدهم طويلة تقولين لهم حرف يضربونك انا
أخذت درس مرة من عمر والله هههههه (ثم وجه نظراته لي وهو يقول لدانه) اقصد
صديق اخوها
(اتسعت حدقت عيناي وزاد حجم تركيزي)المهم هذا مره قال له ايمن اجلس قدامي
رد عمر تبيني اجلس قدام عشان اغطي عليك؟ –كان خطيبك يكلم بالجوال وقت الدرس
قال ايه – عمر ماعطاه وجه بعد الدرس جا ايمن معه كم واحد موصيهم يضربون
عمر هو مسالم خطيبك هذا الا ان عمر بدى فيه طقه طق وياشينه يوم يعصب يروع
لي موقف معه الخايس”
آخر عبارته استفزني..كنت سأقول شيئاً لو أن دانه لم تبادر بسؤال آخر..بما
أن الموضوع يخص خطيبها لا عمر فضلت الصمت..!
-”شوفي ايمن مسالم وطيب فيه عيوب بس كل الناس فيهم…والكذبات اللي قالها لك
عن ابوه وغيرها له حق انه يكذبها ولابتضرك…تبين النصيحه لاتواجهينه فيها”
خرجت دانه سعيدة جداً، طاب خاطري بعد أن بالغت بالاعتذار مجدداً ، وتغاضيت
عما لم يطب..!
وغلفت بقايا الدمغة ببقايا استسلام..واتجهت بأفكاري لكلمتها الأخيرة قبل
خروجها:
“كنتي متضايقه وانا اكلم مازن..لايكون تغارين ههههه”
كانت عبارتها مزعجة في وقت كنت منشغلة بانزعاج آخر..!
.-.
لم أكن لأرضى ان يقول سوءاً عن أخي،ولا لصديقه…، ونظرته لي كانت مزعجة..
اعتبر الأمر يخصني عندها أوشكت على الغضب، لأنني الوحيدة التي تعرفه بينهم
جميعاً..
.
.
..×..///..×..///..×..///..×
عمر إذن كان يضرب من يتعرض له…بينه وبين مازن مشكلة أكبر ربما…!
عندما علمت انه يستخدم يديه ببساطة…وهي صفة لم أكن اعلمها..ضحكت كثيراً
حينها… ولم أكن اعلم أنها قد تبكيني لاحقاً..!!
دانه أكسبتني صفة جديدة دون أن تعرف أو أنا! هي أن لا اسلك طريقاً واحداً
في تفكيري…ودوماً لأثق أن الغرفة عندما لاتحتوي على باب…
حتماً ستكون هناك نافذة..!
عندما ابتلع غصة مؤلمة في حلقي مرارتها، احمدالله كثيراً أنها لم تغلق
تنفسي…
وأؤمن انه لا يزال هنا في ذاكرتي جزءً سابق جميل…وجزء من النص مفقود سيصل
لاحقاً أجمل..!

Alsamt ِ Raheel..×..///..×..///..×..///..×..



( 13 )

قبل دقائق..، كنت أتحدث مع بدر.. عرضت عليه أجمل عرض حالياً..فأضحكه
كثيراً..
قلت له: ان عدت الآن فانا أعدك بصورة جميلة..!
بدر يحب التصوير وللأسف أحترفه أنا..فلم تكن هناك صورة لدي إلا وهو يقف
فيها برضاي أو دونه..!
لدي العديد من الصور التي تجمعنا منذ الطفولة..طبعاً لاوجود لرسيل في أي
منها..!
رسيل أنتِ حقاً مزعجة، لازالت تختبئين في قلبي..!
ولازلت اجاهد أن لا أراكِ..!
المقهى، وأنتِ ودعتكم منذ فترة..إلا أنكِ كنت تختبئين في قلبي..فعدتِ معي!
واكابر متصفحكِ وأكرر بأني لست اراكِ..!
دقائق…
اختلستُ فيها ذاتي وتسللت عبري لأروي ظمأ القلب الفاقد لشيء لايمكله..!
-وحدهم البؤساء يفقدون دوماً شيئاً لايملكونه ويصنعون له المآتم ونخب
الانكسارات…
الحب في نظري رهن تعلم مسبقاً انك لن تستطيع استعادة قلبك بفكه…فهو إن لم
يكن مجموعة من الخيبات المؤلمة لن يكون الحلم السعيد إن ظلَ الحلم
الأجمل..!
انتهى بي الحال هناك..
أوقفت سيارتي وأخرجت الكاميرا في كذب متواصل يفيد أنني أتيت للمقهى ذاته
لألتقط صوراً لاغير..!
بدأ الوهم يسيطر علي،لتبدأ حماقات القلب بالعد العكسي..!
بدأت أتخيل أنها بعثت لي رسالة خاصة تفيد أنها أحبتني.. أو لا.. تفيد أنها
اكتشفت هويتي..أو لا ….ومزيداً من أو… سَجَلت دخولي للمنتدى والكاميرا بيدي
كشاهد مظلوم!
اسابق أنفاسي، تتأرجح الظنون أمامي،ويرقص توتري كشيطان رجيم!
تتحول عيناي فجأة كطائرة تبحث عن مهبط..!
وتجده…أجد أخيراً تعقيبها الخاص بي..
تركت أصابعي كمن لم يعد يشعر بها على لوحة المفاتيح، ثم التفت لأول وجه
صادفني عامل مرتاح البال مشغول اليد..نقيضي تماماً.. يمسح الأرضية التي
تمنيتها قلبي!
صرخت فيه قائلاً جملتين لم تتصل ببعض..لايهم فهو أساساً لايفهم العربية!
“عشآآني”
ذلك يفسر جملتها القائلة:”سأكتب لأجلكم”…
كَتَبَت هي ذلك لأجده الأقرب ليسعدني…رددت بلا وعي..تكتب لأجلنا…لأجلنا….
نعم أنا مجنون بها وسعيد جداً لأنها ستكتب لنا في رد خاص بي..
حضرتنا،وجودنا،كياننا…أي شي يخصنا..أنا وأنا..وأنا…..!
جننت كما لا أعتقد!
إذاً ماذا سيحدث لو قالت سأكتب لأجلك انت..!!
ساعات مرت واسمي يغفو على رصيف المنتدى..، بانتظار مرورها..!
وعقلي التحف العلم الأبيض..!
.-.
.-.

مضت تسعة أيام فقط.. أشبه بتسع شهور…
كنت منكبه على كتبي فليس بسبب الامتحانات..، لكن وحدها من يرفق بأفكاري..!
فقد كان يومي يمر…بلا جديد… وقلبي يدق…بلا جديد…
وحزني بي يزيد ويستزيد…
أتجاهل مازن ، أبتعد عن مكان وجوده لأنه لايصدق أن يراني حتى يقول شيء
محرج،مزعج،وبين الاثنين!
ولا يمكنني سوى أن امضي لبقية الطريق باحثة عن ظل….فهذا يوم مشمس يمر..
وذاك آخر…
مساء اليوم ليس ضمن “المساءات السابقة”…فهو يسجل في مدونتي…. فقد أحدث
تغييراً دون تغيير…!
أتيت من المدرسة وأنا متعبة واحمل شعوراً سيئاً تجاه الامتحان الذي قدمته
هذا اليوم… رغم أنني قد استعددت له جيداً..
صليت الظهر…وأردت أن أنام..لكنني لم استطع..
بدأت اقرأ صحيفة الأمس…أو ربما قبله..لايهم فالأحداث تبقى أحداث…لاتتغير إن
كنت قرأتها اليوم أم حتى غداً..!
عندها فكرت بأن انزل لتناول الغداء…لست جائعة لكن لأفعل شيئاً..
-ربما كنت متأخرة….
وجدت الجميع يتناول طعامه ومازن أيضاً….
خرجت من المكان وأنا آمل بأن أحداً لم يراني….لكن..
خالتي تبعتي
بدت تتحدث عن مازن وعن طيبه وكرمه..وانه يستطيع أن يتناول غداءه مع والده
..إن أردت العمر بأكمله لأجد أنا الراحة…!!!
كنت ابتسم لما تقوله وكأنني أقول مالجديد هذا اليوم..ولمَ تحدثيني هكذا..!
إلا أن الجديد كان جديداً على عالمي بأكمله..
- قالت:
-”وانا اقول لو تشيلين الحجاب وتريحين نفسك أنا مايرضيني أشوفك كذا كنك
غريبه”
خطر في بالي دانه مباشرةً..أحسنت الظن بخالتي فقد تكون انتبهت لنظرات دانه
المشفقة قبل فترة هنا..
-”خالتي الله مايرضى وماما مستحيل توافق”
ضحكت خالتي ثم قالت:
-”كنتي صغيرة والحين انتي تعرفين وتقدرين تاخذين راحتك بالبيت وتشيلين
الحجاب”
نظرت إليها بتعجب..فلم أفهم حتى الآن إلى أن أضافت:
-”اكيد فهمتي يصير بينكم رابط بالحلال…ويصير البيت بيتك”
بقيت احدق بها وكلَي مصعوق بالفكرة الجديدة!!
ربما علق تفكيري لأمرين..
-الاول الذي أدهشني حتى السكوت..رابط الحلال ذاك..!
-والآخر الذي صفعني حتى البكاء…”يصير البيت بيتك”
أي ذل شعرته بتلك الجملة التي شغلتني عن الأمر الأهم.. وجعلتني أتمنى
التلاشي..والفرار إلى حيث لا أدري..
قفز سؤال لم أتردد في النطق به:
-”هو قالك؟”
ابتسمت خالتي وكأنها تعني اموراً لاوجود لها..!
“ايه قالي وهو يبيك من زمان”
سحبت بعضي وخرجت لغرفتي….
ما أتعسه من يوم……وما أتسعه من نوم….وما أتعسه حظ….
الم يحلو لي الغداء إلا هذا اليوم..!
جلست على السرير والتصقت بأقصاه في محاولة الابتعاد قدر الإمكان…
فأنا أتزوج مازن الذي هو مازن لاغير..!
والذي يريدني منذ زمن..دون علمي…
أيعتقد أنني أميل إليه..كأن احبه أكثر من أخٍ لي ..! أم أن الحب حديث
لايؤمنون به في واقع حياتهم..!
أم انه..
نعم..
رباه بالطبع لمى… ربما بنى كل ذلك أثر موقفنا ذلك اليوم…
ربما يعتقد أنني احبه،أو أود حبه…!
لم اكره غيرك في حياتي يابنة خالتي البذيئة..أكرهك كرهي للحياة التي خبأت
امي..!
فها أنتي تسلبين حياتي..كغيابها..!
دقائق وخرجت من غرفتي أريد أن اسمع من خالتي أي شيء يؤكد لي ماقالته، أو
يبين لي أنها دعابة غير مضحكة..!
بالقرب من الصالة سمعت مازن يضحك وهو يقول لخالتي:
“ادري بتوافق”
ما ان سمعت ذلك ركضت لغرفتي..أقفلت الباب قفلتين…وكأني أقفل على الموضوع
بأكمله.. لأنام متظاهرة أن لاشيء حدث،ولن يحدث!
.-.
.-.
.-.
لم يبق الكثير على الإجازة..
هاهي الأيام تمر..تعبرني دون أن تراني..
خالتي..لم تذكر لي الموضوع مرة اخرى… وأنا لم افكر بما سأجيبها..!
اليوم كان هنا ضيوف، وما أن رحلوا ابتسمت لي خالتي وهي تقول:
-”ندري انك مانتي رافضه الزواج ولا انتي مخيبه ظننا فيك…”
هكذا قالت الجملة كاملة…ولم ابدِ أي تجاوب..لتضيف:
“بتكون خطبة مبدئية والزواج يتحدد بعدين…مابقى شي والسنة تخلص وتتخرجين…ولا
تبغين الملكة الحين؟؟”
أخذت انظر إليها بلا أي شعور…
ثم حركت رأسي بالنفي..وكأنني أطرد كل مايحدث أمامي..
-”خلاص براحتك الحين…واذا تخرجتي يصير خير…”
ثم وقفت وقبلتني مباركة لي الزواج…وخرجت من المكان….
بقيت مدة أعي ما أنا فيه..تساءلت كثيراً
-أأحد سمعني اخبرها بموافقتي..
-أأستطيع الرفض..!!
خطوة واخرى يتعاونون على إيصالي غرفتي..
صفعت بالباب خلفي فبدى رنين الغرفة نواح مكتوم لأجلي، إذن..حتى غرفتي تعلم
بذلك..!
وأنا لا أعي شيئاً..!
جلست على طرف السرير لأفهم أن هناك مكان للسقوط دائماً..!
أنا.. ليست لدي الجرأة لأرفض هكذا…وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان..!
لا استطيع عض اليد التي أكرمتني…وأرفض ابنها الغالي..كل أملها..!
لكن…أيجب أن يكون رد الإحسان بزواج كهذا..!
كيف تمحورت حياتي في هذا المكان..!
أنا لا استطيع الزواج..لا استطيع
لجميع الأسباب…لا استطيع..!
أتكون هذه نهاية قصتي..!!
أتموت سيدة الحرية قبل أن تولد فيني..!!
هل حقاً…..لا استطيــــــــع….!!
.
.
بالغد صادفت مازن…قال مسرعاً قبل هروبي
-” رسوولتي لحظة”
أجبته دون التفات:
-”اسمي رسيل”
-”ههه طيب كي حالك؟”
رددت على مضض:-”بخير”
-”تستحين مني؟”
ماذا يحسب نفسه..إني اشمئز منك.. وابتسامتك هذه تغضبني حقاً..
مضيت وأنا اسمعه يقول عن بعد:
-”لازم تصيرين خطيبتي رسمي يعني”
لم استغرب جرأته.. ولا رضى خالتي.. ولا كوني سأتقيأ اشمئزازي بعبارته!!
صعدت غرفتي ضاربة بأقدامي العتبات..أشعر أنني مع كل خطوة للأعلى اختنق..!
أصعد أكثر بحثاً عن الهواء،وعكس قوانين الحياة أجدني اختنق كلما اتجهت
للأعلى…وينفد الهواء وينهار جزء من جسدي خلفي
إن حدث هذا الزواج فلا بد لهم من تجميعي..!
صفعت الباب خلفي بقوة وهذا ماعتدت عليه مؤخراً…فقط لأعي أن مايحدث على
واقعي حقيقي، فيتألم الباب فوراً.. وأبكي..!
هدأت قليلاً
“لن أتزوجك”
قلتها بتحدي وأنا احاول الاتصال ببدر…ولحس الحظ أن هاتفه مغلق…
تراجعت مسرعة، فلا اريد أن اشغل باله الآن…
سيحين الوقت قريباً..!
أخذت نفساً عميقاً وأنا احدق في شكلي عبر المرآة…
شعرت بان كل شيء حينها يواصل التحديق بي ،الأضواء تنظر ساخرة،والأرض تغمض
عينيها مستسلمة، والستائر تنوي احتضاني،كل شيء يخاطبني تلك اللحظة..
خُيًل لي أيضاً أن شخصاً ما أيضاً يحدق من بين سنوات…شعرت أنني سأبكي وأنا
أتخيل أمي، وبدر وهو غاضب كما أبي..!
مرت علي مواقف قديمة جميعها فيها بدر غاضب…. وعمر أيضاً مرني وهو في صفي…
فلم يغضبني يوماً ولم يرضى أن أغضب لسبب ما..كثيراً مايشبه بدري..!
لو كان احد منهم هنا الآن لم أكن لأخضع لخوفي..
لكن الحقيقة مؤلمة، والزواج حددته خالتي وامي الاخرى..! وأنا وحدي والأشياء
نتحدث عن مستقبلي..!
وهذه المرة الاولى التي أراني ابدأ بطي الماضي لأبدأ بتفكيري بالمستقبل…
لأنه بدا مرعباً…وخطواتي لم أعد احصيها..!
.
.
تماسكت حتى المساء، فعندما غربت الشمس أحسست بالبكاء…
أخذت ابكي وأبكي علً عيناي تتورم فلا يستسيغني مازن..!
.
.
رغم كل تلك الدموع،لم استطيع تفريغ الشحنات التي حملتها فقط هذا
اليوم..والتي آذتني حتى الآن والتفّت فوق صدري دون أن اختنق..!
أمسكت القلم كمن يمسك إبرة، وغرسته في الورق محاولة حقن أفكار اخرى، مارست
التمريض الورقي ساعة اخرى..
قرأت الجزء الأخير الذي كتبته عن بائعة الحزن..
شعرت حينها بالمفاجأة…وكأنني اكتشف أنني كنت اكتب نفسي..!
أو ربما كان مفترض أن أكون القارئة الأصدق لقصتي، والكاتبة الكاذبة لقصة
بدت تصبح قصتي..!
ازددت بالكتابة عنها لأفرغ حزني،ولا عجب أنها باحترافية معتادة تملأني من
جديد..!
توقفت هذه المعركة عندما طرق باب غرفتي..
كانت لمى…
“تطلب إحدى الكراسي”…
كالعادة لاتكفي مقاعدها لذلك العدد من الصديقات الفاشلات..كما هو حالها..!
أو المعجبات كما سمعت أخيراً..!!
دخلت وأخذته دون أن اجيب بالموافقة…وقالت قبل خروجها
“متى افتك منك بس”
.
.
حينها انتابتني حالة نهم للحروف….
أخذت اقضم الحروف واحداً تلو الآخر…حرف ارميه وحرف ارفعه وحرف اكتبه وحرف
يكتبني…
اثر هذه المعركة وجدت نفسي قد كتبت أسوأ جزء في قصتي…
كانت فيه بائعة الحزن تقطر حزناً وتتلاشى كيوم آخر..!
تقف تحت المطر بلون أطراف جديد صبغه برد الشتاء الأخير.. وكأنها أبت أن
تبتعد قبل أن تتضح بصمته على جسدها المرتعش..
المكان خالياً..الجميع يلتف في منزله يدفئ جسده…
لاتجد خلفها سوى جدار طلاه الثلج..لتمد له إصبع يهتز رجفة برد..
وتكتب ناحتةً الثلج كمن يؤرخ نفسه بأثر نجمة في السماء..ترحل مجدداً..!
وتكتب:-”لا أحد يقتلني”
-لا أحد يقتلني….
-لا رجل ولا امرأة وحتى الحزن ولا البرد…
-لا احد يستطيع قتلي..
-لأني الآن سأموت..!
وكان المطر الوحيد الذي بكاها….!
_النهاية_
غير آبهة بما كتبت…نزل هذا الجزء كما هو…!
ولم ادخل ذاك المنتدى ليومين…هرباً مما كتبت..!
.-.
.-.

..عـ ـمـ ـر..
الأيام تمضي وأنا عبثاً احاول العودة لطبيعتي…فمذ رأيتها مجدداً استيقظت
فيني وهي تزيد إلحافاً بالاستيقاظ..!
كانت تغفو،احبها كالقمر يكفيني رؤيته حتى عندما أغمض حتى عيناي.. إفاقتها
فاقت كل توقعاتي.. حياتي لم تعد حقاً حياتي..!
بل كل موقف يمرني أصبح لايفاجئني، وكل ضحكة تخرج مني أصبحت ناقصة… وكل
الأيام وعجباً أصبحت رسيل محوراً لها.. وانا لازلت أدور…وذلك شيء اكرهه..
أن اتخذ لحياتي محوراً شاهقاً امضي الأيام أدور حوله يجعلني كـ مغفل.!
ولم استطع التوقف…وأنا الذي لم أعجز عن شيء في حياتي… أجدني الآن اعجز عن
مجرد طيف!
-كنت عندما أتحدث مع بدر..قبل أن انهي المكالمة أحاول اختلاق أي موضوع ذا
صلة بها.. وفي كل مرة لا افلح بمعرفة شيء..!
كان أملي الوحيد مراقبة ملفها الشخصي بالمنتدى..، فهو صلتي الوحيدة بها
التي لاتصلني..!
قبل يومين كتبت الجزء الأخير..وخرجت ولم تعد..
راقبت مراراً وتكراراً آخر نشاط لها…
كان جزء لم احبه ، حروفه كانت تضغط على قلبي بألم..
وكأن شيئاً فيها يصدقٍ ويموت..!
كان تعقيبي عليه مختلفاً عما سبق، لأني أردت بذلك لفت انتباه أخير..!
وجرعة أخرى تضخ لي الأمل بالحياة..ولو كان مفعولها مؤقتاً..!

-رحم الله امرئ عرف قدر نفسه.. أنا لا استطيع أن اكتب جملة كاملة فصيحة..!
لم افرق بعد بين الألف والياء المقصورة..، والهاء والتاء تبدوان كأختين
بالنسبة لي..!
فتشت في عدد من المواقع..وتعبت مني محركات البحث…اريد شيئاً جميلاً انسخه
لأفخر به عندها!
وكل ما استطعت أن اكتبه…مقطع قصيدة ربما سيعجبها..!
حتى انني لا اعرف التنسيق…!
.,.
عبثاً ما اكتب سيدتي
إحساسي أكبر من لغتي
وشعوري نحوك يتخطى..
صوتي يتخطى حنجرتي.. نزار قباني
.,.
وتعبت كثيراً في البحث عن الكسرة”لنحوك” ولم أجدها في النهاية..
لاأحد يضحك فأنا أريد الدخول لهذا العالم..لأسبابي..!
ثم أضفت بعد ذلك..
“قصة حزينة وجميلة حتى النهاية كنت قارئ متابع منذ البداية وانتظر قصة
جديدة لك
شكراً لروائعك”
اصطفت الكلمات في سطر واحد وكأنني أخاف أن يقرأها احد…لأختم حديثي
“ماني لاحد”
.
.
دانه أخبرتني هذا اليوم في المدرسة، أن قصتي لاقت إعجاب أشخاص كثيرون في
ذالك المنتدى…رغم أنها حزينة إلا أن حزنها جميل…كما أخبرتني..!
عندما عدت للمنزل كنت افكر إذن حياتي جميلة رغم الحزن!!
لم استطع مقاومة الفضول سجلت دخولي….
وخرجت لي نافذة تعلمني بوجود ثلاث رسائل خاصة…
أهملتها كعادتي واتجهت لقصتي…
وجدت العديد من الردود…
جميعهم يثنون على ما كتبت ولو بعبارة
“رائع ننتظر القادم”
لا يهمني استنساخ رد..بدرجة إثبات وجود صاحبه…
عدا أن رد كان بالأمس على ما اعتقد
من ذاك المتابع ” ماني لاحد”
لفت انتباهي بتنسيقه الغريب…!
عبارة بخط كبير واخرى بخط صغير وثالثه بخط متوسط…وكتبت بلونين متشابهين..
وكأن طفل قد عبث بها..!
لكنني كنت اقرأ باهتمام لما كتب فيها…
أسعدني رده..
قصيدة انتقاها بذوق جميل،إذن إعجابه بقصتي يمنح لي قارئاً مميزاً..!
أجبت الجميع بالشكر والعرفان…وقبل أن اغلق الصفحة فوجئت بتعقيب جديد…من ذلك
الشخص
“السلام واهلاً بعودتك مرة اخرى..شكراً لردك وكنت بسأل لك قصة ثانية؟”
انه لايزال يتواجد في قصتي إذاً…إنه يستحق أن اكتب له قصة اخرى..ولو كان
لوحده… لكنني أجبته دون أن ابعثها له:
نعم لدي قصة اخرى..ولكن الواقع سيكتبها إن تزوجت مازن.!!!
لم اعقب وخرجت بعد أن عاد مازن لواقعي….
.
.

خرجت من المنتدى وأنا الشغوف لرؤيتها.. خرجت وأنا استقر في صفحتها أكثر مما
استقر قرب عائلتي..
وجدت نفسي ارسل لها رسالة خاصة…
العنوان: عسى ماشر؟؟؟
النص: السلام ليش مارديتي على سؤالي؟ ماتدرين كم لي موجود انتظر ردك؟
وصار غيابك كثير عن المنتدى ان شالله تكونين بخير
واسف على الازعاج..مشكورة”

أرسلتها قبل ان اراجع ماكتبت حتى.!
كنت متضايق وسعيد وألف شعور وشعور يجتاحني حينها..!
والخوف من ردها..أكثر ما اشعر به!

.-.
.-.
دانه اليوم في منزلي..طلبت منها المجيء لحديث شق على نفسي فأردت البوح علني
ارتاح..
بعد أن صعدت لغرفتي، أغلقت الباب ونزعت حجابي ولمحت نظراتها كالسابقة لأبدأ
بموضوعي
.-.
-”مازن خطبني”
قفزت بسعادة وقامت بتهنئتي…
قلت لها وأنا أجلس
-”وتشوفين انه خبر زين”
قالت بسرعة ربما دون تفكير:
-”اكيد احسن حل عالاقل تاخذين راحتك بدون حجاب”
ازداد حزني من تصريحها بالإشفاق علي..فقامت بتغيير الموضوع مباشرة إلى شخص
مازن..
-”مازن طيب وخلوق ويكفي انه يحبك ..ماراح تلقين احسن منه وافقي بس”
-” شتقولين انا مستحيل اتزوجه..انتي ماتعرفينه أكثر مني.. بعدين عشانه
ساعدك بخصوص خطيبك قلتي طيب وخلوق”
-”ليش شفيه؟”
-”مافيه شي بس انا ماحبه”
اقتربت مني بسرعة وحركت يديها أمام عيني وهي تقول:
-”انتي…لايكون تحبين غيره؟”
-”روحي زين ههههه “
-”ههههه اجل تقولين ماحبه…لاتقولين لخالتك بتشك فيك”
-”اصلاً ماقدرت اقول شي للحين..حتى بدري ماقلتله”
-”وش بتسوين؟ لازم تقولين لبدر”
-”اذا جا بقوله كلها شهر ونخلص الامتحانات”
.-.
بعد ان رحلت دانه اتجهت لسريري لأنام، لكني عدت لقصتي لأرى الجديد..
فخرجت لي تلك النوافذ المزعجة بالنسبة لي..
قرأت أول رسالة، ثم الثانية وحتى الأخيرة..
لا أدري لمَ انتابتني حالة ضحك غريبة…أغلقت الجهاز وقررت أن أرد عليه
لاحقاً..
ولاحقاً لم تأتي أبداً..!

تلك الليلة وصلتني رسالة أيضاً من بدر على هاتفي يخبرني أن عمي يريد
زيارتي.. رؤية عمي ازعاج لن استطيع احتماله..!
.-.
.-.
.-.
بعد مدة..
-”لا افا عليك ان بغيت من الحين انا بالمطار”
ضحك بدر-”ايه ابيك من الحين بالمطار”
-”شوف النذل! هههه المهم متى بالضبط رحلتك؟”
-”بعد يومين الساعه اربع المساء.. رسيل طارت من الفرحة يوم قلتلها”
استيقظت كل حواسي مع ذكر اسمها..أردت المزيد سألته:
-”متى قلتلها؟”
-”قبل شوي..وقلتلها تجهز أغراضها لانا بنرجع بيتنا على طول”
أضفت عدة كلمات، وأنهيت المكالمة بسرعة، وأنا افكر كيف سأخبره بخصوص
المنزل… ربما يجدر بس أن اصمت
وسأرسل السائق وزوجته غداً لينظفوا المنزل..

..×..///..×..///..×..///..×.
عندما أرى الزمن يمضي سريعاً…وأنا قد أنهيت دراستي أخيراً
لا أشعر أن جسدي تغير،ولا عقلي تغير،ولا امي غائبة..
رغم أن كل شيء تغيَر.. وحلمها بان تراني انهي دراستي تحقق، ولم يتحقق..!
أي أنا أصبحت كبيرة أستطيع أن أصل لفتحة المنظار العالية للحياة… أكره
الحزن الذي لازمني…وربما سيكون مع تضحيتي الكبيرة أضخم واكبر!
بالغد ربما أكون مقيَدة بزواج سيسلب حريتي التي لم أجدها..!
أألوم خالتي، أم اخي ، أم المسمى ابي..! أم حياتي كلها…!

إننا نقرأ الحياة بشكل خاطئ ثم نقول انها تخدعنا..!! طاغور
Alsamt ِ Raheel..×..///..×..///..×..///..×..




14

كنت أقف أمامي..!
وأشعر أن إحدانا تعلو الأُخرى..،تلك تقف بثبات والأخرى توشك على الطيران
ونتحدث بصوت واحد،نتبادل التهاني بهذا الخبر السعيد
منذ أنهيت المكالمة من بدر وأنا لا افعل شيئا سوى التفكير بأنني سأتحرر
قريباً من الكابوس الذي بدأ يرعبني…،وبالطبع لن يكون سوى خطوبتي من مازن
أبلج الأمل الكبير جزء من حياتي، عندما أخرجت الحقيبة المخبأة أسفل سريري
سريري يخبئ كل شيء..!
حقيبتي،وأقلامي،وأحلامي،وذكرياتي أيضاً ..الأشياء التي نظنها خرساء تتكلم
أحياناً بلغة لانفهمها..ربما تكون أكثر فصاحة منا ونحن من نظن أننا بلغنا
منطق الطير بجنون الغطرسة.!
أوضب أغراضي منشغلة بها حتى لااسمع لحديث الأشياء حولي، وأفكاري توضب بعضها
بالبطء ذاته
احاول تركيز حياتي بالفراغ البسيط الذي يقطن بين يداي،والذي يفترشه رداء
ترددت بأخذه معي،أيجب أن أبقيه أم آخذه..!
وتنهال علي الأسئلة السخيفة التي شغلتني عن كبائر الأمور، يالعقلي المجهد
يجيب في كل مرة بسؤال..!
لاادري لمَ أحسست وأنا اسحب الحقيبة خلفي بأنني هاربة..!
قبلت رأس خالتي كمن يتقدم باعتذار..!
ودعتها لأخرج بحثاً عن السائق الذي سيحررني!
وكلمات خالتي الأخيرة كانت ترن في أذني كجرس إنذار لمدينة سكانها ميتون..!
-”ترجعين وانتي عروس ان شاءالله”
جزء مني بسيط جداً..، كان يعتقد أن تلك الحرية في صورة لها، وأنني تخلصت
مما لا أريد ..لا كأن اقتربت منه جداً..!
تتسع ابتسامته أمامي..تتحرك إحدى يديه ويفتح باب سيارته الأمامي وهو يقول:
-”انا بوصلك”
اتجه لمقعده وأغلق الباب بانتظاري…
-مازن..!
باب أمامي أيضاً..صبراً الهي …أيظن أنني سأستقل المقعد الأمامي ..بجانبه!
أنظر ملياً..
لاخيار أمامي، فهو يصر على أن يبعدني عنه بطريقة يجهلها… أسعدتني تلك
الفكرة
وجعلتني أغلق الباب الأمامي واجلس بالخلف وأنا أفكر بالسبب هنا
لن يكون سوى خالتي
-مسكينة..تبدوا جادة..!
هو يتكلم كثيراً،يتحدث عن كل شيء وأنا صامته
حديثه إزعاج كبير،وصمتي بالنسبة له حياء!
-”كم بتقعدين؟”
إذ انه سؤال فلا بد من إجابته
-”مدري”
-”بتوحشيني”
ثم أضاف:
-”بس مابخليك تشتاقين لي.. بجيك كل يوم”
أضاف أيضاً بأسلوب أخر لم أعهده فيه:
-”اذا صدق بتشتاقين”
ربما أحسست بعبارته يأس…وربما لا..
لم يعد يهمني ها نحن نصل
عندما وصلنا رأيت منزلي والباب مفتوح، نزل مازن قبلي ليخرج حقيبتي.. وتوجه
للداخل ووضعها ثم قال:
-”اجل تآمرين بشي”
قلت بابتسامة ليست بسببه أبداً بل لأنني سعيدة بأني عندما أخطوا للأمام
أكثر سأتخلص منه
-”مع السلامة”
والتفت لأدخل فتوقفت عند رؤيتي لعمر الجالس عن بعد،والذي لاشيء يفعله سوى
النظر إلينا..!
عدلت ملامح وجهي كأن أزلت الابتسامة السابقة،وآثار المفاجأة الحالية..ورأيت
مازن يتقدم إليه ليُسلًم عليه..أو ليسْلَم منه!
كان بإمكاني رؤية الغضب الذي غطى ملامحه..
-مازن الويل لك لو فقد صبره..! ألم يكن بإمكانك السلامة من غضبه!
بينما انا اشفق على مازن من عمر لم ادري انني لم سأعاني من غضبه أيضاً..!

-”وين بدر؟”
اجابه عمر بتلك الصلابة وهو يوزع نظراته في كل مكان إلا وجه مازن،ربما حتى
لايفلت صبره!
-”طالع”
-”خلاص سلملي عليه”
-”يوصل الله يسلمك”
وعاد مازن ليخرج فلمحني لاازال أقف..فكأنه انتبه إلى شيء وعاد ليجلس على
إحدى عتبات الدرج
تصرفه الغريب دفعني الى سؤاله:
-”وش فيك؟”
أجابني:
-”ولاشي انتظر بدر”
-”طيب تفضل داخل”
كنت أتحدث إلى مازن مولية عمر ظهري، لكني اقسم بأن نظراته الصاخبة فجرت
أذني فلم انتبه لما رد علي به مازن
-”منت داخل؟”
كررت السؤال لأني لم انتبه لجوابه فقال
-” اذا جا بدر طلعت”
لم يكن في بالي سوى تفسير واحد،وهو نيته في رؤيته لسفر بدر وغيابه
حقيبتي الثقيلة أخذت أسحبها للداخل
رجلين هنا ولا أحد يفكر بمساعدتي..حقاً انهم…!
عندما مررت بعمر..كان يجب علي ان ارفع الحقيبة لأتخطى الدرجات،وهو ينظر لي
بلا نية للمساعدة
في قرارة نفسي كنت اود ان اقول شيئاً له..
-كأن يكون،هو أصر على إحضاري،أو أين بدر؟، أو كيف حالك..!
لكني قلت
-”ترفعها ؟”
نظر إلى الحقيبة ثم إليّ ثم تقدم وابعدت يدي عن الحقيبة، فأمسك بها ورفعها
ومضيت للداخل دون التفاتة أخيرة للجو المشحون خلفي!
لم يأتي بدر،هاتفه مغلق
خرجت ولم يكن على دخولي سوى دقائق، سألت عمر
-”وين بدر”
-”الحين بيجي”
بدأت اقلق على بدر، لكنني لسبب ما أخذت ادقق في ملامح عمر هذه المرة
يستند على الحائط وكأن الحائط من يستند عليه..!
حاجب معقود،ويد ممسك بها عنقه وكان عنقه امتلأ حنق فسد مجرى تنفسه!
لم اتمنى حينها الا وان اعرف السبب الذي بينه وبين الجالس عن بعد منشغل
بجهازه المحمول!
قلت حينها:
-”مازن اذا جا بدر بقوله يمر عليك بكره”
بمعنى آخر اذهب لمنزلك..، بريئة انا حد الطفولة لم ادري بما كان يدور في
رأسيّ هذان الشخصان
الا عندما رد مازن بذلك البرود
-”اروح واخليك مع هذا”
انعطفت أفكاري جميعها شمالاً،نظرت الى عمر الذي يحافظ على مظهره دون أي
انفعال آخر..
ربما هو يعلم قصده منذ البداية..!
أطلت النظر بـ عمر وكأنه سيفسر لي ماقيل قبل دقائق، التفت الي عمر فلا ادري
لمَ ازدادت دقات قلبي
أهي خوف،ام لا ادري سوى انني تراجعت للداخل بعد ان قال لي
-”ادخلي”
بدر في توقيت جداً مناسب اراه يدخل وانا اشاركهم بعينين خلف الباب
وعمر الذي اقترب من مازن محافظاً على بروده وهو يقول
-”مافهمت وش قصدك؟”
وقف مازن وصافح بدر وسأله عن حاله هارباً من عمر واسئته
.-.
.-.
بعد ان ذهبت لمغسلة ملابس قريبة مررت بمطعم قريب واحضرت عشاء لنا
رأيت سيارة غريبة أمام المنزل لم اكن اعلم انها لمازن ، وعندما فوجئت به
هالني عمر بكل تفاصيله!
كان سيقتل مازن لو تأخرت قليلاً..!
تداركت الوضع وأخرجت مازن بنية السؤال عن خالتي والجميع، وغادر مباشرة!
-”وش فيك؟”
رد عمر بتنهد وقال
-”حسبي الله عليه”
-”تعال ندخل”
-”اسبقني وبجيك..على فكرة هو اللي جايب اختك”
اختي..يبدو أنني نسيت أمرها تماماً بسبب ماحصل
كانت تجلس على الكرسي الاقرب لباب الصالة،وعينيها شاهقة وتنبئ عن الف تعجب!
.-.
.-.
لم تكن لي نية في معاتبتها على حضورها معه، ولم اسألها ماذا حصل قبل حضوري
لأن عمر اجابني فقط بـ :
-”بس قهرني اسلوبه المهم ماعليك قول وش سالفة الرقم هذاك هههه”
كنت على يقين انه لم يكن مقتصراً على اسلوبه، فما كان يتضح اكبر من ذلك..
الجهل في بعض الامور افضل بالتاكيد
.-.
.-.
-كرهت مازن اكثر لا لوقاحته بالكلام، لكن بما قاله عن عمر
وذلك اخرجني من طريقة تفكير صغيرة كما كنا سابقاً..وهو وسع مدركاتي
حتى انني شعرت بالخجل!
وانا امر بتلك الافكار العصيبة جائتني رسالة من مازن: يخبرني فيها ان اتصل
به حالما يخرج بدر
أمران يستطيعان استفزازي..احداهما انه يحتفظ برقم هاتفي..والآخر انه يظن
أنه اقرب لي من عمر..!
-عمر اعرفه أكثر منك، ولايملك أفكار ملوثه كالتي تسكنك!
وهو يعاملني كاخته لا كأنت..لم تستطع ان تكون ابن خالتي فقط!!

.-.
.-.
تناولنا العشاء وحظينا بليلة جميلة في منزلنا الأروع في هذا العالم..كما
أكرر ذلك بنفسي!
عندما اخذت اعيد ترتيب غرفتي، وافرغ المهم من امتعتي، اتحاشى الذكريات
والتفكير بما حدث اليوم
احس بالذنب لأجل عمر..، ولكن مازن هو خطيبي..!
وذلك شيء لااستطيع التخلص منه حتى وان علم بدر
عند هذا الحد من الاستسلام شعرت بشيء ينزف في احشائي ، وسيدة الحرية تلك لن
تأتي أبداً..!
حتى أحلامي بدأت تنزف،لم أتصور يوماً ان الحرية هي حياتي التي عشتها، ولم
اكن لأتخيل انني قد اتمنى ان تكون حريتي كقيودي الآن..كي لااتزوج!
غداً سأخبر بدر..
وبهذه العبارة شعرت بها تمطر ماءً مالحاً داخل حنجرتي،،والتحف الخيبة
الأخيرة كما ظننتها..،وأنام..!
شيء يتكرر في داخلي كـ حلم، لاأدري أين مرني!
(لاترفعي لحديقة الأحلام سقفاً … دوحة الأحلام كافرة بناموس السقوف)..!

.-.
.-.
السابعة مساء الغد
هاتفي يواصل الرنين،رقم مازن يطل في شاشتي مرة بعد اخرى، سبع محاولات
للاتصال بي أصبحت تقرفني وترعبني في آن واحد
وعندما ازدادت المحاولات قررت الإجابة
-”نعم؟”
كنت مندفعة على وشك ان اصرخ به فيسمعني بدر
-”هلا رسيل”
-”ليش تتصل؟”
-”بطمئن على خطيبتي”
-”اذا اتصلت مرة ثانية …”
ثم قطعت بقية الجملة..كنت سأقول سأقطع صلتي بك،فتذكرت انه ابن خالتي، وكنت
سأقول سأرفض خطبتك فتذكرت انني لم اوافق بعد..!
وكنت سأقول سأخبر بدر..فتذكرت انه لايعلم شيئاً…
أحياناً نجد انفسنا محاطين بكم هائل من الاسئلة والاجابات في الوقت الذي
لانستطيع لعب الكلمات المتقاطعة،ولا ايصال المدن بالعواصم..ولا التمييز بين
حلم ووهم..!
-”رسيل خمس دقايق وانا عندكم افتحي الباب”
اقفلت الخط بسرعة ،منذهلة!
-يكايدني بلا شك..لن يأتي..!
أسبق حضورة واخبئ بيدي اعتراف واتجه لبدر، أشعر ان الطريق طويل،والصف امامي
طويل وانا أجيد التاخير كـ حرة لاتملك ساعة يد..!
أملي لأتخطى الدقائق القادمة متصلاً بمزاج الوقت،والوقت جزء في داخلي مؤقت
للانفجار..

بخطوات ميتة وقلب ينبض عن شخصين لاامل لموتهما أجدني أقف أمام بدر واخبره
-”مازن جاي بالطريق”
ينظر إلي دون أن افهم ملامحه،أهو مشمئز أم غاضب،أم حائر!
اختفت الشجاعة التي أوصلتني هنا..فتبعتها للخارج
-”رسيل”
قالها بصوت جعلني افسر ان الاحتمالات الثلاثة لشعوره اجتمعت في آن واحد وهو
يقول:
-”بأي صفة يتصل عليك”
توقفت.. صرخ غبائي لأضغط على الهاتف بيدي ، توقعت ان ينطق بأي شيء الا ذلك
نظرت اليه احسست ببجاحة خطأي، واحس هو بخوفي لذا قال
-”رسيل انا ما اشك فيك لكن حتى لو كان مثل اخوك، ماتوصل انه يكلمك بالجوال
..رسيل هذا غلط”
وشاشة هاتفي تتراقص برقمه امام بدر الذي قال:
-”بروح افتح له”
الهي..اعني..امنحني الجرأة..ارحمني..فهذا بدري إلا ظن السوء وانا الأمر لم
يعد بيدي..
إن اخبره مازن فحتماً لن اساوي شيئاً..وان اخبرته الآن سيعي انني خشيت ان
يخبره
-وكلما ازدادت رنة الهاتف ازداد توتري..وكلانا يعمل على الصامت..!
-”بدر”
التفت لي واقتربت قليلاً..استنشقت دفعة من الهواء كفيلة لضخ الكلمات الصعبة
ازداد تركيزة وكأنه بحاجة حقاً لفهم مايدور هنا…قلت قبل ان اتراجع
-”هو الحين..خطيبي”
عندما أصبح بدر يقلب حروفي أمام عيني انسحبت لأقرب غرفة صادفتني وأغلقت
الباب تاركة خلفي اقرب شخص لي مذهول
أصابعي تأكل أصابعي،أجاهد ألا أقضم أظافري وأنا أفكر بما يحدث بالأسفل
هل مازن جاء ليستعجل زفافنا!!
طرق الباب قفزت ليدخل بدري وهو يقول:
-”سلم وراح..وانا طالع الحين”
لم أتمنى يوماً بان يكون لدي فم آخر كما هي لدي عينين،إن أُجهدت تلك
تناوبها الاخرى..
كما قد أُخرس لساني وسقم المبرر،أين من يناوبه هو..!
يفاجئني البكاء بعد أن إلتهم كل مبرراتي، شيء وحيد توقعت أن يقوله بدر
:لن تتزوجي منه…
رغم استسلامي الكبير منذ الأمس إلا أنني وضعت جزءً من آمالي فوق أكتاف بدر،
الذي يتهمني بإخفاء أمر كهذا عنه،ويتركني متأملة عرض كتفيه التي أسقطتا
أحلامي..!
-التُهم التي نعتقد أنها تُهم باطلة لحظة غياب المنطق هي الأصدق دوماً بتهم
ثابتة،ولاتشبه ابداً التهم التي نسمع بها بمنطق لبستني التهم!
أتحدث عن التهم وانا المخطئ الذي نظر اليه القاضي،والشاهد الذي لم يبلغ
الرشد،والمظلوم الذي لم ينظر إليه احد..!

الآن بعد ان تجسدت حياتي كلها بخطوة تبرأت منها قدمي، شعرت بأن المنطق
معلّم لم ادرس منه شيئاً في سنوات طلبي للحرية!
إن لم أتزوج من مازن سأتزوج من غيره،لم تخلق الحرية تاجاً بقياس رأسي..!
المنطق اخبرني بعد أن أجهشت بالبكاء، وألتف برأسي علم الأبيض، لحظات
الاستسلام التي اعيشها الآن تجعلني كـ راهبة تحترف مهنتها،والأمل تدونه على
انه يحضر دوماً بعد الوفاة..ولا تعلمه لأحد!

ماطلبه المنطق تلك اللحظات
ان أتخلى عن حلمي..لأن الحلم قيد..
بمجرد التخلي عن الأحلام …،ستكون تلك الحرية..!

-لمَ لاتسير الأمور كما كتبتها في مدونتي..!
.-.
.-.
أغلقت باب السيارة بقوة هزت جميع الأبواب الاخرى ، انتفض المساء أثر صوتها
تمالكت غضبي حتى هنا ،أخذت اضرب المقود بكلتا يدي،واركل الأرض تحتي
وأصرخ مراراً وتكراراً عل الصوت يبدد غضبي
لم استطع القيادة في ذلك الظرف المزعج حتى الجنون..أهو مازن يارسيل! مازن!!
تحركت بسيارتي حتى منزل عمر
-لااحد غيره سيفهم انزعاجي، بل سيشاركني به!
وأنا امشي للداخل كانت خطواتي ثقل آخر،وكأنني سأحطم كل شيء
إذن هي اخفت عني لأنه مازن..مازن..مازن ت


سيدة الحرية  30_12_1213568613711


عدل سابقا من قبل algalodi في الثلاثاء يوليو 26, 2011 9:25 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:30 pm

متابعة الفصل الثاني - 2 - والاخير
سيدة الحرية  Fotka_h22 RAHEEL سيدة الحرية  Fotka_h12

”صح”
ثم تغيرت نبرة صوتها وعلت
-”طيب ليش ماتروحين تعيشين عنده مو عالاقل ماتتحجبين ببيتك ههههه”
لم استسغ جملتها تلك،ولا الموضوع بأكمله وأنهيت المكالمة على أمل أنني
سأفكر بالموضوع
وأنا اكذب بالتأكيد..!
.-.
.-.
-”وش فيك؟”
رفعت رأسي لبدر الواقف أمامي المتنقلة عيناه بين جهازي وعيني..،فقال:
-”مازن اتصل؟”
يبدوا أن ملاحي يتضح عليها الضيق، قلت مباشرة
-”لا دانه كانت(ألقيت بالهاتف وأنا أضيف) تقنعني أعيش عند عمي بدل خالتي”
خرج من الغرفة متجهاً لغرفته وبدا غير مهتم بما قلته،ثم سمعته يقول هناك
-”جربي ماراح يضرك شي..دامك متضايقه من مازن ولمى”
يبدوا هو الآخر مشجعاً للأمر ذاته..! ألا يعي أنني لااستطيع التنقل أكثر من
منزل لآخر..!
ألا يعي أنني لااعرف عن عمي شيئاً…وان والدي يختلف معه!
وكأن بدر كان يقرأ أفكاري،عندما عاد وهو يقول
-”يمكن صعب عليك لكن بتتعودين أنا أشوف انه الأفضل وقلتلك قبل…وابوي ماعليك
منه”
اخذ علكة كنت أضع بعضاً منها على الرف المقابل للباب وقال
-”انا افضل عمي الف مرة وياما قلت لك ومااخذتي برايي هالمرة اشوف انك لازم
تروحين لعمي لو بقيتي عند خالتي بتتزوجين مازن …”
أضاف:-”وش بتخسرين؟ صدقيني ولا شي..! (ربما كانت الجملة الأكثر بؤساً في
حديثه) وعلى فكرة انا ماراح ارجع لبيت مازن وابوه برجع للشرقية ولا بروح
لعمي”
انه يخيرني بين أن نبقى سوية أو يسافر مرة اخرى..انه يساومني بأمرين
لااحتمل كلاً منهما
إنها المرة الأولى التي اشعر بها انه يمارس الضغوط علي!
هو بالتأكيد يعلم أنني قد أفضل خالتي على عمي..ماباله بدر..!
.-.
.-.
بعد ثلاث أيام أطول من معلقة امرؤ القيس،وأصعب من مفرداتها علي..!
دون أن اودع المنزل خرجت..،ودون رغبتي بالذهاب لعمي وافقت،
كما هي أنا دوماً ،لم أتغير للأسف..!!
-اتفقت مع بدر على أن نبقى في منزل عمي فقط في رمضان،وفي حال سفره أعود
لخالتي
ولم اعلم أن أمراً سيجد..ولم اعتقد أن قراري سيرتدي ملابس أخرى!
ما انطق به مجموعة من الرداءات المختلفة،وما اسمعه قبعات مختلفة تخفي رؤوس
الجمل وتظهر بعضها، وكأنني هذه الأيام أعيش حفلة تنكرية..!
أخبرت خالتي بذلك،ولم تأتي كلتينا بموضوع الزواج، ربما بدري كفى ووفى
بالكلام وألبسها خيبة ستبقيها صامته فترة طويلة!
وأظن أن رامي لم يكن موافقاً لخطبتي كما أرادتني له زوجة أبي،سمعت انه
رفضني لعمري أو لحجة اخرى!
وذلك ماستنتجته ذات فراغ،وما جرحني ذات غباء، وما جعلني أفكر أنني قد حصرت
روحي بين زواجين كهروب لطريقين لن أجد السعادة فيهما…
-حتى متى سأبقى ادرس هذه الحياة التي تشبه تقلب مزاجي!

ليلة رمضان..،
الأجواء الروحانية تخلق في صدري واحة، ومعرفتي بتصفد الشياطين جعل مني
أغشية لملاك..!
راحتي هذا اليوم تجعلني سعيدة، رغم أنني ألج المكان الذي لم أفكر بزيارته
سابقاً وانا اعتزم العيش فيه، ولو فترة قصيرة!
وها أنا التقي بـ عمي..!
-عانقني أربع دقائق،جعلني اشعر بالشفقة على ذاتي وهو يقول:
-”حياك الله ببيت عمك..بيتك”
تراجعت قليلاً فكدت اصطدم ببدر الذي عانقه بسرور شديد لكليهما، وتبادلا
حديثاً قصيراً
لم يكن بدر يزوره لكنه يواصله بالهاتف كلما أراد عمي السؤال عنا…مذ رحلت
امي!
كنت ادقق النظر بملامحه، فلا اذكره مطلقاً..! صورته في داخلي اعتقد أنها
مزقت مع الزمن..!
إذاً هذا عمي…! يملك البعض من ملامح أبي، عينيه ربما لا ربما نظراته..أو قد
لايكون يشبهه!
وأنا ادقق النظر وجدته يبتسم لي، وبدر يضحك
هل اتضح أنني أقوم بلعبة تركيب الصور !
-”هذي بنتي جَنَان”
التفت للفتاة الكبيرة ذات الشعر الأجعد،ممتلئة قليلاً عيناها تعلن اندهاش
وفمها يصبغه لون احمر وشفتاه تبتسمان!
اقتربت منها وبادلتها السلام والابتسامة ،ابتسامتها أشعرتني بأريحية كبيرة
-”كيف حالك؟”
-”تمام”
اتسعت ابتسامتها وهي تقول:-”تعالي اوريك غرفتك”
نظرت لبدر فهز رأسه مشجعاً..،لااشعر بالطمأنينة إلا عندما انظر إليه..!
قبل أن أخطو معها للداخل قفزت في رأسي ملاحظة:إنها لاترتدي حجاب..!
كنت اتبعها لحيث تريدني،..صعدنا السلم متوجهين للأعلى وكأنني لم ابقي شيء
خلفي واصعد فقط بحثاً عن النجوم في هذا اليوم اللامع، والذي سيكون ذكرى ذات
يوم!
-”كنت انتظرك من زمان..أخيراً صار عندي اخت بدل ما انا لحالي أقابل الجدران
هههههه”
قالت ذلك ونحن نواصل السير لغرفتي التي ستصبح غرفتي، ضحكت رداً لجملتها
وبدأت بالتفكير بحالها بينما أتفقد المنزل بعينيّ
تبدوا وحيدة آه تذكرت حتماً إنها هي التي اخبرني عنها بدر منذ فترة أنها
تطلقت من زواج دام أكثر من سنة
-”هذي غرفتك وهذي غرفتي”
أشارت لي بغرفة قريبة من اخرى تتشاركان بضوء قوي اصفر ،وكأن الشمس تشرق في
المنزل وذلك الذي لم اعتده مطلقاً
-”مشكورة”
قلت ذلك وأنا أواصل تفقد غرفتي إنها جميلة نوعاً ما..ومريحة لقدر كبير
كنت أجلس على طرف السرير، أحرك رجلي بتوتر شديد،شاهدتني جَنان فقالت
بابتسامة:
-”شفيك”
ماكان مني الا سؤال أول أوجهه لها:
-”وين زوجة عمي؟”
اختفت ابتسامتها وقالت-”امي بتجي بعد شهرين..يمكن”
قررت النزول لبدر..
سألته مباشرة
-”وين غرفتك؟”
اخبرني انه سيقطن في غرفة بالأسفل ثم قال مازحاً
-”لايكون غرفتك احسن من غرفتي..لا لاعمي ماله حق”
أعلم انه قلق علي،قلت كي لايفعل:
-”ههههه بروح ارتب أغراضي..عشان اقدر أتأقلم شوي”
ومر اليوم جميلاً هادئاً…وتبعه آخر..وآخر…
وانقضى نصف رمضان، أحببت المنزل لأنني شعرت براحة،لم يكن هناك كابوس أن أرى
مازن أو أتلقى لسعة من لمى، أو أجاري خالتي بالكلام..!
وأحببت جَنان لأنها بسيطة مرحة رغم إحساسي بفراغ حزين يستقل جزءً من داخلها
، تكبرني ربما بأربع سنوات لكنني استطعت النيل من فارق العمر،وتلك الاولى
التي اندمج معها بعد دانة
ومنذ زمن طويل…!
خرجت قبل أذان الفجر لتناول السحور، وبعد انتهائي صعدت وفوجئت بالغرفة التي
قرب السلم مفتوحة،تقدمت بفضول أطللت برأسي ففوجئت بغرفة تمتلئ بشعارات
رياضية، تبدوا لابن عمي المسافر، والغرفة المقابلة لها تبدوا مقفلة وهي
لابن عمي الآخر
قالت لي جَنان ان الاثنين مسافران ولا يعودان في الإجازات إلا نادراً..!
غادرت المكان وأنا افكر فقط بأنه لم يقفل غرفته..! وذك اغرب مامر علي لأنني
أثناء خروجي حتى ساعة واحدة اقفل غرفتي كيف وان فكرت بالسفر…!
إلا انه لاغرفة لدي الآن…ولامنزل!

.-.
انتقالي لعمي أحدث بتلك الهاوية التي كدت أسير عليها منحى، غيرت اتجاهي كـ
قدر..!
الحياة مأخوذة بالمفاجأة..ونحن نلج في بحر الدهشة…ونتراقص على موجه، ونخاف
السقوط للداخل ونختفي…
واليوم أنا مأخوذة بكل شيء..وكأن الجزء من هذا الكتاب أصر على
إدهاشي..وكأنه الوحيد أيضاً الذي سيأخذني من القلم الذي هجرته لكتاب آخر
غير قابل للقراءة لأنه لم يكتب بعد..!
كل تلك الألوان التي سمعت بها أراها تتشكل أمامي، لاأجرؤ على الاحتفاظ
بشعوري الجديد.. سكون يجتاح قلبي كلما خلوت بغرفتي الجديدة، وابتسامة تعلو
محياي كلما رأيت ابنة عمي تلك… لم أرغب بالابتسام..ولم ارغب بالمجيء..ولم
ارغب بتفقد ملابس التشرد على جسدي في كل مرة أخلو بها إلى نفسي..،إلا انني
افعل دوماً مالا اريد..!
-غداً بداية العشر الأواخر من الشهر..، طلبني بدر للنزول إليه..وصوته جعلني
احاول أن اطمئن نفسي أثناء سيري بأنه حتماً لاشياطين في رمضان اكرر ذلك…
ولم أعي حينها أن ثمة شياطين إنسية تزاول حياتها ..،ولا أقصد احداً..!

-”شفتي ابوي..ماكفاه يبيع البيت وبس “
كان هذا ماستقبلني به،أو صفعني به رغم انني لااخاف فقد شيء أكثر مما فقدته
إلا أنني قلت محافظة على هدوء مرتبك
“وشو بعد؟”
-”ابوي معصب يقول ارجعو لخالتكم وقالب الدنيا فوق تحت ليش ماستأذناه قبل
لانجي هنا ويوم درى اننا كل هالوقت هنا بغى ينجن ..مدري مدري وش يبي
بالضبط”
-”وانت وش سويت؟”
كنت أخاف على بدر من نفسه ومن غضبة..وغضب والدي!
-”قلت له اننا بنبقى هنا وسكر بوجهي “
تنهدت بحسرة، لقد تعبت حقاً…تعبت!

.-.
.-.
كنت غاضب من والدي، وفي داخلي تحدي كبير ، وشيء يجبرني على البقاء هنا
والإصرار عليه لأنه قد يضايق ابي..!
بت استعيذ بربي من ا ن أعق به،لكن كرهه لعمي لدرجة إخراجنا حيث خالتي أو
اللامكان يجعلني اصرخ واصفع الأبواب واقذف سماعة الهاتف مرة تلو الاخرى..
شيء في داخلي غاضب حد الجنون…عمي اجزم الآن انه لم يكن ليظلم أبي..وأحاول
مراراً إقناع رسيل بكذبة أبي المحكمة لكن خطاها قصيرة ربما منهكة ربما
لاتريد استماع المزيد..!
وأنا مللت التبرير وترميم الطرق أمامي وهي تنسف بظلم..!
-اخبرني عمي عن معاملة مادية غير شرعية وزوجة غير مرضية أسباب خلافهما
الطويل..
بالطبع تلك الزوجة لم تكن سوى امي، أوشكت على تفجير بركان الغضب في وجهه
لولا بقية الجملة التي اخبرني فيها انه رضاها عقب الزواج بشهر واحد لكن ابي
رفض للسبب الأول..!
والسبب الثاني هو ماجعل امي تبقينا بعيداً عن عمي سنوات طويلة،باستثناء
السنتين الأخيرة قبل وفاته حيث كررت وجوب وصلي لعمي..فرفضت أنا..!
واليوم امي في حياة اخرى، وأبي كذلك.. اسأل الله لها الجنة واسأل له
الهداية..
-عدت لعمي لأخبره بما جد..ابتسم وهو يقول
-”كنت عارف”
كان في صوت يأس،حاولت قتله بجملة تحدي
-”بس مو بكيفه احنا كبار الحين”
قال وهو يعبث بسبحة يده
-”ابوك اذا بغى شي يسويه اللي واقفين معاه كبار”
ربما تلك الجملة جعلتني اوقف النقاش،ليست منقاداً ليأسه،بل في إصرار لايقف
عند كلمات..!
العودة لخالتي لن تكون،وهذا الأمر الذي لن يستطيع نفوذه تحقيقه..!
.-.
ذهبت لعمر بذلك التحدي الكبير، كأني سأخرق الأرض بخطواتي، وسأحرق الشمس
بلساني…!
وهو زادني إصرارا فوق إصرار..
-”أي بس ماعليك منه ماراح يسوي شي “
-”مدري ليش مايخلينا بحالنا “
قال عمر بعد لحظة تردد:
“اقول بدر ليش ماترجع بيتكم انت عارف ابوي مـ”
قاطعته
-”مشكور وجزاه الله خير وياك بس ياعمر هذا خطأ ابوي ماحد مجبور يشيله”
-”امس افكر فيها اتوقع انه باعه لابوي بالذات عشانه عارف انه بيخليكم
ترجعون”
-”بس احنا منا راجعين بيت ماعاد لنا..وانت وابوك دايم مشكورين”
-”تدري عاد انا كلمت ابوي يكلم ابوك يمكن يقدر له”
ابتسمت لعلمي ان لا احد يستطيع الوقوف امامه مسبقاً..كيف وواالده المجبر
على شراء البيت قبل مدة..!
.-.
رحل بدر قبل دقائق
طوال فترة وجوده كنت ابتلع سؤال لايخصني قد انطق به..وهو حال رسيل؟؟
رأيت والدي فاتجهت إليه
-”ها يبه كلمته؟”
-”مين؟”
-”ابو بدر..شلون نسيت”
-”ايه لامانسيت قال انه جاي الرياض بكرة ونتفاهم”
شعرت بانقباضة في صدري،تراه ماينوي الآن…!
.-.
.-.
بالغد..
خرجت من المنزل متجهاً لمطعم لتناول الغداء، حيث سيكون ابو بدر بانتظاري..،
مع وصولي فوجئت بالترحيب الكبير منه،ووجبة فاخرة وكأنه يستدرج ارنباً او
كائناً ليس أنا..!
كنت انظر إليه وافكر بابنه،أي والد هذا؟!..بت أقيس عمر بابنه..
انهم في طيش الشباب لكن بدر يحمل مأساة غيرت من مسيره وحمّل ابني كذلك..لست
نادماً فأنا احب أن يبقى ابني على علاقة به واحب بدر كأبني… لكن الجالس
أمامي والذي يستدرجني لشيء لم اعلمه بعد ابغضه بكل شعور املكه!
-”ليش ماتاكل عسى ماعجبك الغداء نطلب لك غيره اذا تبي”
قلت بصوت هادئ رخيم
-”لا تسلم ..إلا وش بغيت؟”
وأمسكت بالملعقة معلناً عن البدء في الطعام والحديث
-”ابد سلامتك انت اللي وش بغيت”
تركت الملعقة وركزت نظراتي وأنا أقول
-”ابيك تترك بدر يعيش عند عمه يكفي اللي جاه خله يحس ان وراه..”
ثم بترت الجملة…لكنه أكملها وقد قست عيناه وانتفخت أوداجه
-”ماوراه رجال؟؟وأنا وشو قدامك الشرهه على اللي جاي يشوفك”
تداركت الأمر مسرعاً
-”يابو بدر مهوب قصدي كلمة وطلعت بلاك الله يهديك اللي قصدته خلهم عند عمهم
ولا خلهم عندك”
كان يفترض به أن يخرج غاضباً لكنه عاد يناقش الأمر معي..ويالـ َعجبي..!
-”وخالتهم وش فيها هي مربيتهم واقرب لهم من هاللوح”
شعرت أنني أود صفعه..اي رجل يتلفظ على أخيه من امه وابيه بتلك المفردات..
-”ورجلها وولدها مايخلون البيت غريب؟؟”
-”اقول اسمع لاتطولها وهي قصيرة جلسة ببيت عمهم مافيه وهذا اللي جايك
عشانه”
أضاف:-”بدر بيعيش عندي وبيدرس عندي”
لحظة تلو الاخرى اشعر أنني اريد سكب الحساء على وجهه..لكني قلت؟”
-”وبنتك؟”
-”البنت مالها الا بيت رجلها وانا رجال قررت ازوج بنتي”
قلت مباشرة:
-”تزوجها؟؟ ماتشوف انها صغيرة وانها مهيب مستعدة عارف الظروف انت ولا
ماهمك”
-”ماتشوف انك تتدخل بشي ما يعنيك بنتي وانا حر بها وبزوجها اليوم قبل بكرة”
-”من بتزوجها؟”
-”ابو سعود”
وقفت من مكاني اقسم بالله أنني اشعر بالمسؤولية تجاهها كابنتي
-”انت جنيت تزوجها واحد كبرك “
-”أقول اقعد بلا تعقيد وش فيه ابو سعود”
-”ياخي انقرض هالتفكير وش هالجهل “
-”تبي الصراحة انا جاي متعنيلك مفضلك على ابوسعود”
شعرت بالصوت الذي لاصوت له يغطي المكان، يشبه الازيز،يشبه خط اقمار ليست
سماوية ولا أرضية..يشبه قناة أذكرها تنوح به عندما تغلق…!
وأنا قبل دقيقة احدث نفسي عن مسؤوليتي تجاهها، وهو يريد منحي إياها زوجة
لأنه يفضلني مادياً..!
أهو سن الهرم الذي وصل اليه…!!
-”عاد فكر يابو عمر وبينا اتصال”
-”منت بصاحي”
صرخت بها،وتركته ورحلت غير مصدق..لم أفكر يوماً أنني اريد قتله..!
ياللحماقة أريد ذلك الآن..!
.
.
الحياة احياناً تسير على نمط واحد،وتفاجئنا بحركة غير متوقعة..تماماً كفتاة
تسير فتتعثر دون قصد..
عندما فوجئت أول مرة بموضوع منزلهم..الذي باعه لي أثناء وجودهم لم أكاد
أتصور انه سيفكر في منعهم من الإقامة في مكان آخر..إلا انه فعل..!
واليوم لا اصدق حقاً، انه يبحث عن مشتري لابنته…!!
.-.
.-.
كنت ارتب غرفتي،اعيد تصفيف الأشياء كما اصفف شعري..!
كل شيء بدا هادئاً، شيء واحد اشعر به أنني مسافرة وسأعود حقاً لمنزلي..
لااكاد أتصور غير ذلك…، لم اهتم بتهديد أبي، فلا أظنه سيخرجنا بعد أن نكون
رافضين، سأحسن به الظن مرة أخيرة!
الشيء الوحيد الذي أفز له هادمة بيت هدوئي هو أي صوت يصلني من الأسفل
مرتفعاً عن الصوت المعهود،ولو بدرجة واحدة، أخاف أن يأتي بمصيبة
اخرى،زامنني الخوف هنا وازداد تطوراً هذا المساء..لا ادري تفسير ذلك..!
المستقبل أصبح كابوساً لي وأنا أخاف ذلك جداً…، شيء وحيد يهدئ من نوبات
الهلع كلما ازداد امراً جديداً.. مامررت به السنوات الأخيرة لم أكن أتصور
أنني سأحتمله، لكني فعلت ذلك، فهل سيكون المستقبل اشد بؤساً..!
إن مع العسر يسراً… ، الشيء الوحيد الذي ارتاح لسماعة، وكررته لي جَنان..!
الصباحات التي تلت هذا المساء،واللاتي في كل مرة يشكوان لبعضها بالتبعية
ويتجادلا
في سلام..تماماً كأفكاري.. أصبحت مفكراتي الفارغة وأوقاتي الفارغة وحديثي
الفارغ مني ،كل ذلك يشكي التبعية للشمس والقمر…
وأنا أغلف خوفي من الأصوات، وصوتي من الخوف…وتبعية اخرى..!
.-.
.-.

كنت بانتظار أبي أن يخبرني ماحدث بعد لقاء والد بدر..لكنه آثر الصمت وزاد
من قلقي ذلك
عدت اكرر ذلك مرة تلو الاخرى..وذلك ليس من عادتي ابداً
لنترك عاداتي وحياتي،..،لأن ذلك لايعني شيئاً إذ أخبرتكم بأول كلمة نطقها
أبي..
-”يبيني اتزوج بنته”
حقاً شمس الصباح لاتخبرنا بما قد يأتي به القمر، والقمر يحتذي بها.. ونحن
نمتص الأقدار بشراهة،ونقلبها بسكون عاصف،وهذه المرة كنت الوحيد الذي كسر
ساقه أمام الجميع وتابع المسير!
.-.
.-.
-كنت عائد من المكتبة بعد أن قضيت حاجيات ابنتي سديم واريام التي
لاتنتهي..اتصل بي ابو بدر..
وقفت أمام المنزل كان إحدى حاجبي يسبق الآخر علواً وتفكيري وصل لأبعد من
صاحب الاتصال..أيعتقد حقاً أني أفكر بالموضوع..
وضعت الكيس الذي احمله،وأجبت اتصاله
-”هلا”
-”السلام عليكم ابو عمر كيف حالك”
-”وعليكم السلام والرحمة مرحبا”
-”عساك بخير يالغالي”
-”بخير الله يسلمك.. “
وانتظرته يسأل لأجيب وننتهي لكنه قال
-”ها خايف على ام العيال تزعل”
لم استصغ دعابته القبيحة كما هو فقلت
-”ايه والله المهم انا بسكر الحين وبتصل بك عقب”
فتحت الباب ودخلت رأيت عمر جالس على الكرسي وبيده كأس قهوة
انه غالباً مايقضي وقت الفراغ في التصوير مستغلاً الوقت قبل الكلية
اقتربت منه مداعباً:
-”ها شرايك أتزوج هههه”
قلتها لكي يبتسم لكنه قال
-”رايي انك تذبح هالرجال”
ملامحه غاضبة جداً اشعر كأنه يبتلع الدمع كي لايصعد لعينه ويخرج منها،
ووجهه بأكمله يحتج من وجهه!
-”والله انه مهوب صاحي المهم كم عمرها؟”
-”ليش تسأل؟”
يبدوا ابني متحفظاً بعض الشيء ابتسمت وأنا أسأل مجدداً
-”اصغر منك؟”
-”ايه وانت ماتفكر تتزوج”
جملته تلك خلقت شيئاً في رأسي، إن كانت خبراً مبطناً بتهديد كما
يظهر..!،هناك ما اريد التأكد منه حتماً
-”ومن قال اني بتزوج على امك هي الغالية”
أضاف شبه ابتسامة وتنهد وسكب القهوة كاملة على الأرض المزروعة
-”بيضيع مستقبلها يقول بزوجها واحد كبره حتى لو رفضت”
-”وليش انت ؟”
قالها متشككاً وهو يراقب القهوة تتشربها التربة بشراهة معرفته الإجابة..!
-”يبي مصالحنا وحده وفيه امور ماتعرفها لكن انا اقدر ارفض بنته..وسبق وقلت
لك”
“وش تنتظر؟”
قالها بانفعال جعلني أسأله
-”ليش متضايق؟”
أجابني بشيء لايتصل بسؤالي
-”ماراح اسمح له يجبرهم على شي”
تركني واتجه للداخل، المصيبة انه يشبهني في ذلك،وهو يضع شيئاً في رأسه ولو
لم يكن له من الامر من شيء سيختلق امراً ليكون بإمكانه..
هو يحبهم بالطبع..وياخوفي لو كان يحبها أكثر من اخت..،وهذا مااحسست به
حينها..!
-”عمر”
كررت النداء فأطل برأسه من الداخل:
-”تعال ابيك”
قلت له عندما اقترب جداً:
-”انت تبي البنت؟”
ركز نظراته إلي،وكادت عيناه تخترق جفني،فأضفت
-”هي مثل اختك؟ “
هز رأسه ايجاباً وابعد عيناه عني ونظر للباب الذي خرج منه، ثم للنافذة
المطلة علينا والتي تختلس النظر خلفها رنيم ابنتي المندهشة..!
تركني وعاد للداخل، ابنتي قالت عندها بشيء من الريبة وتغيير الموضوع
-”شريت اغراض سديم واريام؟”
نظرت للساعة وقلت لها
-”أي الحين جاي”
اتصلت بوالد بدر:
-”موافق على الزواج والمشروع بيتم مثل ماهو عليه”
أتاني صوته سعيداً وهويبارك:
-”والله هذي الساعة المباركة شلون غيرت رايك”
-”فكرت وقلت مافيه انسب من ولدي لبنتك ونصير انسبا”
سكت ملياً ثم قال:
-”عمر؟ولدك؟”
-”ايه واذا عندك مانع خلاص الغي الفكرة “
-”بس يارجال انت تخلص نفسك وتورط ولدك هههه”
مشكلة من يظن الناس نسخة طابعه!
-”اسمع انا قلتها راي يعني هذا اذا وافق ولدي ووافقت بنتك انا مانيب ضاغط
عليه..وبعدين انسب للجميع زواجهم انا وياك رجال كبرنا ونفهم بالحياة والي
تقوله مانيب مسويه”
مرت دقيقة يفكر بصوت عالي،ثم قال!
-”كم عمره ولدك؟”
كان يتعامل مع الأمر كصفقة تجارية..الأرقام تهمه كثيراً
-”كبر بدر..إذا صارت الموافقه بين الاثنين رديت لك خبر”
-”بنتي كلمتها عندي..نقول على بركة الله”
-”يصير خير”
.-.
.-.
.-.
خرجت من المنزل باحثاً عن مكان اصفع به وجهي لأصحو..!
اتصلت ببدر وأخبرته عن الخطبة المزعومة ضحك بسخرية وقال
-”مستحيل هههه”
أيدته على ذلك فلن أقف مؤيداً لو كان ذلك أبي..! لكني لا اشعر بشعور جيد
حيال الأمر… كنت قاب قوسين أو ادني من الانفجار..!
شيء يواصل التردد في داخلي محذراً لائماً وكأن بيدي من الأمر شيء..!
علمت أن والدها فعل وفعل وفعل…وعلمت أن والدي سيرميه بطلبه..وعلمت أنني قد
لا أحرك ساكناً حيال الأمر..لأنها شقيقة أغلا الناس لدي،ولا أريد تهمة
الاستغلال ماحييت..
وهكذا كنت أسير كمشهد نهاية احد الأفلام الفاشلة،كسجين يعود للسجن محتفظاً
ببؤسه، كطفل فقد والديه للتو ولم يعي بعد، كـ…، وألف تشبيه تجسد بؤسي
حينها… علمت الكثير أثناء هذه الليلة..
ولم اعلم حينها أن الساعة الأشد ظلمة هي التي تسبق الشمس… !
.-.
.-.
كنت جالساً انتظر عمر،وشيء من التردد داخلي.. ماذا لو كنت أتوهم الأمر
برمته، ماذا سيكون مصير الفتاة ان رفضت لوالد بدر..!
ماذا إن كان لايريد عمر ذلك..،وماذا ان كان يريد..!
لأنني لن اخسر شيئاً ،وابني قد يربح،فقد كنت احتفظ بالأمر في ذاتي يعود
فأخبره…،
سأدع لعمر حرية التصرف مع أخيها..ما اراه انه ولي امرها لاوالدها

-يخطئون دوماً ويريدون السماح،يصرون على ابتلاع الخطيئة حتى آخرها
ولايشعرون بالمرارة… نحن لسنا بجبروتهم..صلاحياتنا في هذه الدنيا محدودة
لأننا لم نخطئ..
ولم نقترف الظلم ..وذلك يجعلنا بسطاء يطمحون للعلا في أخلاقهم حتى علا
الجنان!
مليئة الدنيا بأشخاص لم نكن نراهم سوى في التلفاز،والقصص،وحكايا
الكبار..لاندركهم حتى يدركون ثمن حياتنا،ويساومون به مقابل حلم ،او
وهم،لايهمهم سوى التشبث بالخطايا..!
.-.
.-.
عندما انفردت به كان لايزال يحتفظ بملامح الأمس..تماماً كالصحف تكرر نفسها
يومياً..!
أخذت نفساً عميقاً
-”عمر..اسمعني”
رفع عيناه إلي وتصنع الاهتمام
-”آمر”
رميت بالجملة مباشرة، وقصدي الأول اختبار ردة فعله..فلم اخطأ الهدف!
-”تتزوجها انت؟”
أنفاسه بدأت تضطرب،تسمرت عيناه فيني،ابتلع ريقه مراراً ربما بالخطأ ابتلع
لسانه فلم ينطق!
-هو لم ينطق بشيء لكن كل ماعداه يشي به…!
-”طبعا اقصد اخت صديقك”
قلتها تثبيتاً لذلك ، فما كان منه إلا نظرات إلي واخرى للمكان ،فأي شيء قد
يبحث عنه!
-”انت انسب لها..صح “
توقف بسرعة وكأن سؤالي عقرب لدغه…مارس الطقوس السابقة ثم عاد لمكانه وقد هز
رأسه نفياً مرتين ومرة ايجاباً
ولست جاهلاً لألحظ ماعتراه وأفسره، كيف لاوهو ابني..،لكن عمر صريح ان أراد
شيئاً قال اريده،الآن شيء اعتراه لا اعرف له مسبب!

-”كلمت ابوها وقلت انك انسب في حال موافقتك ورايها..طبعاً الموضوع كله كلام
للحين”
حتى الآن لم ينطق بشيئ،قلت قبل ذهابي
-”في كل الحالتين شف راي بدر”
.-.
.-.
أرى خطوات ابي تبتعد للداخل، وعندما اختفى عدت أتفقد ذاتي
بدأت أتلمس الألم،ضغطت على قلبي، تذكرت أنني رجل،ولايجب علي أن أتصرف
كالأمس!
شعلة من الحماس اشتعلت والسبب مادار قبل قليل..،أيعرف احداً كيف تشتعل
الشعل..!
اقسم أنني لااشعر بشيء غير الحماس..،ولا اعرف شيئاً سوى انني مذهول..!
انه يبدو كحلم لا أكثر، لكنه حلم أود منه أن افيق!
ترى الأحلام التي نبني لها بيوتاً وقصوراً قد تأتي كما هو الموت..! بطرفة
عين!!
نعم انه الموت الذي يريده والدي..يريد الموت حتماً..!!
أقال أن أتزوج ممن تمنيتها هكذا، كصدفة ..!
إنني انتظرها موعداً اخطط له واصبغه باحتمالات عدة..ولا يأتي سوى صدفة!
هل الصدف تغني نشوة الموعد..!
الأشياء التي لانرتب لها يوماً مفاجأة كسحابة في كبد السماء،نهطل بها حلماً
يسع الأفق..!
فهل سينتهي وينقشع الضباب… إنني لا اشعر بشيء… ان الحياة ابسط من توقعاتي
لعيشها….،هي ستكون لي…!!!
لو انني لم اخف على علاقتي ببدر..لقلت لوالدي بالطبع اريدها..!!
عند هذا الحد بدأت اشعر بتبديل الشعور لدي، لأشعر بخيبة بحجم السماء..!
ليتها لم تكن اخت له..!
.-.
.-.
مرت ثلاثة أيام
لم يكن اليوم لي سوى طقوس تعذيب، كل ما افعله مسرحاً في رأسي حواراً تلو
حوار..!
اريد ان اتحدث لبدر دون أي مس لشريط علاقتنا ،وذلك ما أجهدني حقاً ، وجعلني
اعزم الذهاب إليه بعد إفطار المغرب
فأبي لم ينصحني على الانتظار..
-آه على أبي..هو أخطأ ولا احد ينكر ذلك بتورطه مع والد بدر ،لكنه ربما فعل
شيء لايعطيني سوى فرحة كبيرة لااستطيع شكره عليها، ولاوقت يجعلني افكر كيف
خطرت على باله أقصد كيف تنبه لي، انا لم أكن لأقول شيئاً ..رباه من علماء
النفس الذين درسهم ودرسوه! ليطبق علي أنا..!
إنني خارج تغطية العقل الآن، وسأتجه للجنون المحتمل وقوعه..!
لم اصدق بعد….،اقسم بذلك..،
وصلت قرب أذان العشاء،اتجهنا لمسجد قريب وصلينا وبعد أن عدنا كان يوم العرض
الرئيسي للمسرح..فخانني كل طاقم التمثيل!
“بدر ابوك مصر انه يزوج رسيل”
نظر إلي بلا اهتمام وهو منشغل بريموت التلفاز
-”ايه خله يصر على كيفه..الا وش رد عليه ابوك؟”
-”قال لا طبعاً”
ربما كانت هذه مقدمتي للموضوع،بدر عقب على إجابتي ضاحكاً
-”افا ابوك رفض اختي”
-”هههه صدق انك فاضي ياخي الموضوع جاد”
-”ايه جاد بس زواج ومن اختيار ابوي لايفكر “
كلامي الثقيل بدا يرهقني قررت التخلص منه وخوفي من ردة فعله كانت متمثلة في
رأسي على أكثر من شكل
-”واذا هو جاد وزوجها بكرة وش بتسوي؟”
-”والله المسألة معقده المهم ماعليك منها الحين”
قبل أن يغير الموضوع سبقته ناطقاً،ضارباً بعقلي خلف الحلم،وصدري يدق كمن
يضربه بمسمار!
-”طيب..وش رايك لو أتزوجها أنا؟”
كان يكفي أن اصمت عندما غير الموضوع، وكان يكفي أن لا اضيف “انا بعد جملتي
الأخيرة” هي للتأكيد،والأمر لايتحمل الـ أنا..!
.-.
.-.
التفت إلي وترك “الريموت” الذي كان يحاول إصلاحه ثم دقق النظر
فما كان منه إلا تصرفاً لم يكن ضمن أي مشهد ممن تمثلت في رأسي
أضاف ضحكة طويلة وهو يقول عائداً للعبث بالجهاز بيده، إبدال بطارية بأخرى
“يعني بكذا بتحل المشكلة هههه”
كنت في حاجة أكثر من جهازة لإعادة بطارية..!!
ضحكت بدوري لراحتي من موقف أصعب لم يكن!
-”بتنحل كل المشاكل”
هذا ماستطعت قوله بعد ذلك،ربما في أمل آخر.. ليجيبني
-”لاتقلق دامها عند عمي ابوي ماله دخل بشي وإذا ناوي يرسل احد انا لي كلمة
وهي لها كلمه مافي شي بيتم_صدقني الدنيا مو فوضى”
قلت”ولو أخذها تعيش عنده..شلون بتتصرف”
أجاب واثقا:
-”ماراح ياخذها زوجته ماتبيها انا الحين مرتاح من وجودها عند عمي ومن زمان
كان هذا رايي”
ثم اخذ يضرب الريموت بيديه ويكرر ذلك وهو يقول
-”هذا شلون خرب”
-”طيب لو أتزوجها وش بيكون رايك؟”
لا ادري لم كررت ذلك،أملي أن أعرف موقف بدر من الموضوع،ودقات قلبي في تسارع
مجنون…،ربما إصراري ألبس الجدية ملامح بدر فقال:
-”انت تعتبرها اختك وهي بالمثل وانا ماشوفك الا اخو لها ..عمر صدقني الامور
تمام وانا مابيها تتزوج الحين ولاتخاف علينا “
ثم نظر إلي،لاادري بالضبط ما رأى فيني ليقول
“مشكور دايم واقف معنا “

سمعته لكني اشعر بخيبة تحجبني عنه آلاف الأمتار لأقول قبل أن تعتم الصورة
أكثر
-”انا افضلها على غيرها”
جملتي التي لم تتصل بجملته بشيء جعلته يحدق بي أكثر ويقول
-”ادري انك خايف ابوي يأذيها صدقني أنا موجود وماراح اسمح له بهالحد..ولا
راح اسمح لك الا انك تعيش حياتك بدون لاتشيل همنا وتضحي لغيرك”
عقب جملته ابتسمت فلا مزيد سوى من اليأس، اشعر به يعي حقاً ما أنا افعله
الآن، لكنه قد لايكون وصل لمخه الباطني او لايريده أن يصل..!
في كلتا الحالتين بدر يصرفني بعيداً دون إيضاح..، ذلك مريح نسبياً فقد خفت
أن تكون خسارتي للاثنين..!
هو ووالدي، اشعر بهم يلونون القاتم بلون آخر فيتضح لوناً مغايراً لايشبه
رهبة الأسود!
أخبرت أبي بأنني لم أتحدث معه،ولن أتحدث،فليفعل مايشاء…وبدأت صياماً آخر
لافطر بعده!
.-.
.-.
.-.
غداً عيد..!!
كنت اجلس مع جَنان مناقشة كيفية العيد في منزلهم
-”ومرت عمي؟بتجي؟”
-”ما اعتقد..”
-”وعيال عمي؟”
أجابتني وهي تبحث عن رأس آخر للإستشوار
-”خالد يقول لا ..وزياد مدري عنه بس ما اتوقع”
كنت اشعر بأنه العيد من جَنان،بدأت بالاستعدادات وطليت أظافري فلم افعل ذلك
مذ أمد طويل..!
لاشيء تأقلمت معه حتى الآن،سوى أن جَنان روحها جميلة وتزدادا يوماً عن آخر،
أول مرة تحدثنا تحدثت عن طلاقها وكم كانت المأساة..!
وبما أنني اشعر بأن المآسي مجموعة أصحاب فانقدت باهتمام واضح، أحببنا
الجلوس سوية،وتذكرت ليلة العيد السابقة،بوجود لمى..،فتنفست الصعداء..!
.-.
.-.
فجر العيد
هذا العيد..انه يشبه الأعياد القديمة..له نفس الرائحة..!
كل دقيقة من صباحه أجدني أفارق المكان اهوي فجأة للسحيق!
باستجلاء لمكاني في الماضي،اترك جسدي واستغفله هاربة لذكرى الأعياد،حيث
امي..فقط امي ولاغير..!
وجدتها مضطجعة،قربها صحن عنب ،وقلم يخصني ، وبعض كتب الخنساء،وأوراق على
قدميها مبعثرة،
آه اني اتذكر تلك الاورق التي كتبت بها اول قصة لي لم يتسنى لها العمر
لقراءتها!
التفت بحثاً عن شيء اخر،فوجدتني احتج لانبرام الافكار وشاكية بدر، واقضم
حلوى قاسية
فتؤنبني امي دون كلام فأضحك أضحك كثيراً واركض للخارج فأجدني انا الاخرى
هنا..!
اهرب مني فاجدني، لم اعد اميز ان كنت انا تلك ام هذه.؟شيء لايصدق فيني انني
الاثنتين..!
وشيء آخر لايصدق ماذا كان ذلك..حلم ام خيال…!
-ربما لم تكن تلك المرة الاولى التي اصادف نفسي خارج غرفتي وداخلها..!
نزلت مسرعة هاربة من الاثنتين ربما…!
لم اجد أحداً، ربما يصلون العيد..، اخذت اقلب الصحيفة كعادتي ابدأ بالخلف
وأتوقف عنده..!
عندما مرت عيناي بمقالة رامي،شعرت انني لن اود قراءتها،شيء في داخلي بدأ
لايستصيغه
ربما بسبب مقالة لا أكثر ..!!
عندما نشعر بالسوء ونكتب..، او بالسوء مما نكتب نستمر بإصرار
الصحف حولنا لم تعلمنا القراءة فحسب،بل علمتنا أن الكرة الأرضية مليئة
بالشذرات، ولم تعلمنا كيف نتخلص من أي شيء
فلسطين تواصل الاحتضار..ونحن نواصل الكتابة !!
أحيانا يكون الحلم فاجعة كابوس فحسب..ولايبدوا ان لدينا اختلاف بين فجيعتنا
بالنصوص وفجيعتنا بالعراق!
نواصل تجنيد الأحلام علها يوما تستطيع تفجير جملة واحدة تستحوذ صحافة
نقادها لم يخلقوا للكلمات..!
بالنظر للصحافة..تذكرت مقالة أخيرة لرامي..حيث كتب عن مصير الإرهابي..رغم
انه لايفرق بين موت مجاهد وإرهابي فهو بالطبع لايفرق بين الغاز
والأكسجين…،فكلاهما لديه جزيئات في الهواء..!
لااحد يملك مصيره ولااحد يعبث بالأقدار ولاغير الله عالم مافي الصدور وخالق
جنة ونار..
في الوقت الذي اشعر ان حلمي يزداد أكثر بسيادة الحرية أجد حولي الكثير مما
يدفعني لمواصلة حلمي
الدمار حولي يجعلني احاول بظفر صغير فك طوق يقيدني ،لأتخلص من تلك الاغلال
كان يلزمني حلماً اكبر لشمس الحرية التي يعدني بها الصباح كل يوم..
كل المقالات تنشر نظراً للعنوان،نظراً لصاحب القلم، وكل الاخبار التي
تقرأنا ليست سوى انبوب اختبار يخزنا مكان الجرح في كل صحيفة في كل دقيقة،
يواصلون قراءتنا دون ان يكون لنا حرية قراءتهم..!
السياسة دوماً حقيبة سفر متفجرة، تخافها المطارات، والشعب،والأقلام،وحتى
هواتفنا النقالة..!
الحرية خلف الاغلال، والصحيفة في يدي ليست سوى محاولة احتلال…، لو منحوا لي
عاموداً صغيراً لكنت كتبت فيه عن حلمي بالحرية التي لها جانب من البراءة
المحتفظة به،لاتمس العقيدة التي علمت بأمرها لاحقاً..!، سأكتب عن سيادتها
في كل مرة يصغرون لي فيها العمود!
كل يوم جديد في عمري اكسب الحرية في صفي وانتقي مفردتها كما تنتقي
اغرائي،وافكر بالكتابة يوماً عن حرية العرب،في صحيفة الدماء..!
وكنت سأوقع في كل مقالة بشيء من صدق،نتجاهله جميعنا أثناء الإنسياق
“دام به احد نخافه…كل مايكتب سخافة”..،للملتاع رحمه الله
سمعت صوت بدر بالخارج فتذكرت انه العيد، قفزت للخارج مستقبلته وعمي،مباركة
لهم صباح العيد!
-مرت الساعات رائعة بشكل لم اتصوره،تناولنا الغداء معاً ثم ذهبت لجنان التي
يفصلها وجود اخي ،لأسمع هاتفي يرن فإذا به بدر
-”هلا بدر”
-”وين رحتي؟ المهم المغرب بنروح لخالتي”
-”اممم اوكي..لكن متى بنرجع؟”
-”بعد مانتعشى”
-”أي خل في بالك مابي انام”
-”ايه تذكرت شي انزلي الحين”
-”ليش”
-”بنكلم ابوي”
واغلق الهاتف فيالعجبي لم اكن اتذكر ابي ابداً هذا العيد..!
بادلنا التحايا ثم اوشك لقول شيء بادرته بالانشغال تهرباً مما قد
سيقوله..،اغلقت الهاتف
وبعد السابعة كنا في منزل خالتي
العيد يشبه كعكة ميلاد طفلة، كل شيء يبدوا رائعاً في كل مكان حتى هنا..!
قضينا الوقت بأكمله حتى الثانية عشر بأطيب حال لكلينا
تلك الامسية اتتني لمى مسرورة جداً مدت لي بهاتفها
أمسكت به وامرتني بقراءة الرسالة المفتوحة، نظراً لجلهي بنظام هاتفها رغم
بساطته الا انني ضغطت شيئاً حولني للرسالة الاخرى،ربما تسبقها ام تليها لا
علم لي
كل ما اعلمه انها اوقفت شعر جسدي،واضطربت دقات قلبي لأكرر الضغط مرة اخرى
فأقول
-”فرقاك عيد وفي غيبتك كلها اعياد”
ردت مباشرة:
-”هههههه شرايك بالقصيدة كأنها مكتوبة فيك”
لم ابال بما قالت فكل تفكيري انحصر بالرسالة الاخرى!
قالت بيت اخر منه وبدأت تغني القصيدة
واتجهت افكاري لخالتي وللمرة الاولى اشعر بالشفقة تجاههما الاثنتين..!
ارتديت عبائتي وطرحتي وانا اشعر بان منزل عمي اصبح جنة!
خرجت من الباب الرئيسي وقبل الباب الاخر كنت ابحث في حقيبتي عن شيء ولم
ارفع رأسي ، عندما فعلت ذلك كنت انا والسور الخارجي المحيط ببدر ومازن
وأيضاً للعجب عمر..!
تقدم مازن الذي اراه للمرة الاولى لهذا اليوم، ومذ اخبره بدر سابقاً ان
لايتصل بي..
-”هلا رسيل كل عام وانتي بخير يالغلا”
تجاهلت كلمته الاخيرة رغم ان الاثنين الباقيين لايتجاهلان شيئاً
-”وانت بخير وعافية”
ابتسمت قاطعة الطريق لبدر الذي بدا وكأنه ينتظر لا قدومي،بل شيء من مازن!
مضيت عن مازن الذي بدأت لا اطيقه فعلاً ، وتوقفت عن الاخر الذي قال دون
النظر الي شخصياً
-”كل عام وانتي بخير عيدك مبارك”
اجبته
-”وانت بخير”
-”ينعاد عليك بصحة وعافية”
نظرت لبدر وانا اقول
-”علينا وعليك”
فتحدث معه بدر بعدة كلمات وخرجنا
مضيت وانا اشعر ان كثير الكلام قبل قليل والذي كرهته الفترة السابقة، بشيء
يجعلني ابغضه اكثر ،فلا بد ان مشاكل ابيه مع ابي سبباً لمشاكلنا!
-يبدوا انني لم اعد احب الكثير في الفترة السابقة، اتخذت مواقف عدائية مع
الكثير،او ربما ظننت ذلك !
نفسي وحياتي الاخرى في منزل عمي هي شيء لم اكرهه بعد..ولم اتخذ موقف
بعد..ولا بعد ذلك
تستدرجني الافكار كما يستدرجني صوت هاتفي في حقيبتي، كلاهما لأنطق بشيء..!
فأختار الآخر فأرد مرحبة بدانة التي بدأت الغناء بصوت يعجبني رغم سوءه!!
كما هو الحلم..!!
شيء يحضرني في المكان الخطأ والوقت الخطأ ونحن في طريقنا للمنزل،ماقاله
احمد شوقي
ان الحرية لايمكن ان تعطى على جرعات، فإما أن تكون حراً أو لاتكون..!
ومقولته تلك كانت لي شمعة أمل أمسكت بها الأيام التي تليها…،
.-.
.-.
.-.
بعد مرور سنتين:
في الاثنين من كانون الثاني ،يناير…،
قبل دقائق،أخبرتهم بموافقتي…كنت ارتدي ثوباً بارداً،نقشت به بقايا
الذاكرة..،وحذاء كنت اكتفي بخدعة:أن الحذاء أول الواصلين الذي لايمكن أن
يقودنا لمكان أقل جمالاً منه..! وكنت اشتري حذاء باذخ السخرية!
-وافقت على الزواج من الرجل الذي تكرهه جل مشاعري،وستتحدد الكثير من
المواعيد التي لاتهمني لاحقاً..!
بالمناسبة سأفتقدكم..دعوكم كما أنا ، وللحرية حديث آخر…،
انكسار الظل…تحية

أغلقت المنتدى، وأقفلت هاتفي، وأعدت هندام أصابعي، لأتصفح الكثير من نزف
آخر:

-:”قد يكون الظلام معبرنا الوحيد الى النور


انتهى الفصل الثاني

يتبع الفصل الثالث ...............


سيدة الحرية  30_12_1213568613711


عدل سابقا من قبل algalodi في الثلاثاء يوليو 26, 2011 9:26 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:32 pm

الفصل الثالث
سيدة الحرية  Fotka_h22 RAHEEL سيدة الحرية  Fotka_h12
-1-

شيئاً فشيئاً..أفقد الإشعاعات الكهرومغناطيسية التي احتاجها لأبصره في كومة العتمة..

التف على نفسي بمقعد طويل استقل إحدى
زواياه المنعزلة عازلة ذاتي عن ذاتي، مُشكّلة حولي هالة من ضباب، فيخالني
ان الجالس عن بُعد.. يسمح لي بممارسة الشهيق والزفير على حذرٍ حاذى الجسم
الذي فرقع إصبعه قبل الآن!


الجسيمات الصغيرة تترنح وفق الخطوط
المستقيمة فتهز افتراض نيوتن للضوء..! فلم اعد املك إيمان أن الضوء يتمتع
بالحرية كما غبطته سابقاً…فهاهو يتقلص فيكوَن غلاف يجعل الأشياء خلفه غير
مرئية..ويفقد صلاحياته في الانتشار!


-انه لايزال هنا، أشعر بوجوده ولا أراه..هدوئي ساعد الأشياء حولي بارتداء عباءات السكون..

الجميع بدا يحسن الإنصات في خرس تام..!

قبل فترة من الزمن انقضت، في ضوء آخر ومقعد آخر في المجلس ذاته

كنت هنا في منزل عمي الذي لم أغادره أبداً
حتى الآن،وكنت أرى سعادتي في هذا المنزل تموت كما يموت الصوت في أثر
الضجيج..ذاك الباب الذي دخلت به لأجلس هنا قبل دقائق طويلة هو ذاته الذي
شقته المرأة التي أعادت لي طوق المأساة…دون أن تدري حتماً…!


عندما تصدف الحياة بأن نجد أشخاص نلتهم
منهم التعاسة دون علمهم بما أشبعونا من الم.. وبلا ذنب منهم يصبحون الأقسى
إطلاقاً في نظرنا…وتلك لم تكن مذنبة وأنا كذلك وكلتينا في وضع ظالم ومظلوم!


لم تقل شيئاً لكنني قلت الكثير عنها..لم
يخبروني شيئاً لكنني علمت أكثر مما ينبغي بمجرد أن نظرت لها…زوجة عمي تلك
دون أن تعي ذلك كسرت أول مجداف حاولت صنعه،وبلا قصد منها تشظت الشواطئ بي
وضاع المجداف


في هذا المجلس ايضاً قابلت خالد حتى غادر من جديد، وبقيت مع زياد حتى فكر أن لايغادر..

كلا ابنيّ عمي رائعون، لا اخفيكم أنني أتمنى لو كان أحداهما هنا الآن…بدل هذا..!



-”رسيل”

أفقت على صوت بدر،تلتها حركة من الآخر على مقعده،شعرت بضجيج ناقض الخرس السابق

وكأن كل شيء يتحدث.. لا بدري فقط!

-”رسوول”

كان يبتسم وأشك أن ضحكة تكاد تفلت من شفتيه ،لو أن الرؤية واضحة في داخلي لأيقنت انه كان يضحك..،

كيف كنت أبدو حينها..!

-”…”

ربما قال شيئاً ،لأنني أراه ولا ابصره،
اسمعه ولا افهمه، وقفت هاربة في إدراك متأخر جداً أن المكان كان ضيق..ضيق
جداً ليحمل كل ماشتغل به رأسي!


تخطيت الباب وكأنني تخطيت الحدود بيني وبيني،الفاصل بين تلك الأرض وهذه لايغير شيء في المنزل..لكنه يكتفي بي

الفاصل ذاك..فصل بين جزأين من حياتي،نقلني
للفصل الآخر من عمري، هذه الأرض أنا.. وتلك سأكونها هي..! الوطن من أقف
عليه الآن وسأغدو للمنفى…


بإرادتي عبرت الخط ووافقت للزواج منه،أقصد لم اكن حقاً اريد أن اغامر بحريتي لأصل لها!

ليست لي رغبة بالحضور هنا لرؤيته،فنحن
لانزال نملك ذاكرة تجمعنا، لكن الامور عندما تجري هكذا..فقط هكذا،ليس لنا
سوى المضي دون معاكستها،لأن ذلك سيعيقنا نحن!




أثق انه ملأ عينيه بي قبل قليل، عندما كنت شخص لم يرتبط به استرق النظر طويلاً،كيف الآن!

انا لم استطع رؤيته سوى للتأكد من وجد شخص ما

بما أن الباب لايزال منه جزء مفتوح، وأنا لاازال في تشبث بأرض الوطن!

تلصصت عيناي للمنفى..!..كم من المسافة تفصلني عنه الآن…وكم من الوقت سيصلني به

أكنت اعتقد أن المسافات التي قد تصل إليه لاتقاس سوى بالسنة الضوئية..!

كم كنت مخطئة عندما اعتقدت انه واخته البغيضة لن يكونا ارقاماً مهمة في حياتي…!

تمنيت لو أني لا أراه كما أراه الآن،
تمنيت لو أني لااستطيع تحديد موقعه إلا بخارطة تشبه خرائطي الغير
معنونة..وتشبه مساحات الصحراء الكبرى في كل خريطة رسمتها في دفتري.. مساحات
خالية…ليتني هناك…


بالطبع الأراضي الغير منتهية هي وطن الحرية!

بدت لي الظلال تعكس نفسها…ولا شيء يحفز
فيني الأمل للمستقبل الذي أراه فيه.. أردت أن أتحرر مني فارتبطت به وأمسكت
بيدي في اليأس العظيم..


أغمضت عيني ثواني وكررت ذلك حتى تصفو الصورة أمامي..وما ان اتضح كل شيء ازداد رعبي!

بعض من الضوء كان ينتقيه وهو يتحدث مع
بدري منتصفاً المقعد الطويل الذي كان قريباً مني..كان يبدو جالساً على أهبة
الوقوف،ويده الكبيرة التي شغلت بالي ذات فلسفة تتشابك أصابعها معلنة شجار
داخلي، اعرفه جيداً واراه واضحاً واكرهه كثيراً فهو عندما أشفق علي…
تزوجني..!


عمر…سأكون معك..ولست لك..!

.-.

.-.

.-.





-ماحدث قبل سنتين-



كنت على علم بتقلب فصول السنة،وعلى ثقة أنهم يتبادلون مقاعدهم سريعاً دون إعلان مسبق، وأعي تماماً أن الشعور كذلك،

رغم ان الربيع الأجمل بينهم، إلا انني لم
احب سوى الشتاء…يروقني عندما يبدوا قاسياً، وأحببته أكثر عندما كان هنا في
منزل عمي، انه يأتيني أينما ذهبت،ويقسوا علي أكثر عندما أكون خارجاً في
منتصف الليل،وكأنه يؤنبني!


اذكر انني كتبت عنه ذات يوم انه قارس وقاسي،ولم اكتب يوماً انه جميل،فأنا احب قساوته وذلك شيء مخجل!

ربما الأشياء التي تترك اثراً اكبر هي الأجمل لاحقاً، لأنها تملك الجرأة،وفصل الشتاء جريء

بذلك كنت أفضل حالاً هنا،وأجمل
مزاجاً،وأكثر تفاؤلاً للحياة، لإيماني بأن بعض الأشياء البسيطة قد تمنحنا
مالا نستطيع شراءه،وتعطينا دون ان نرى ماستلمناه..


وكان ذلك أفضل شتاء لي منذ زمن…،

وحلَ الخريف

عندما جاء فقط جردني من تفاؤلي،ولم يعطيني سوى القدرة على اليأس من جديد

ربما هو لديه القدرة الهائلة على تجريد الأشياء من نفسها،كما يتجرد هو من اوراقه!

انه فصل لامبالي،مهمل،رياحه دوماً ضجرة، هو لايملك قساوة الشتاء لكنه ينزع الحياة من الحياة،لذا لا احبه مطلقاً

عندما نجتمع كعائلة على مائدة طعام في
ليلة باردة،بوجود عمي الطيب وجنان التي أحببتها بصدق، لااشعر سوى ان
الأشياء تتحدى البرد وتصبح جميعها دافئة!


ذلك الوقت الأجمل على الإطلاق



-عندما عاد خالد من السفر كنت متشوقة جداً
لأراه، كان جدياً غامضاً عندما نتناول الوجبات يبدو صامتاً كأن لا أحد
بالقرب منه.. أخبرتني جنان انه ربما اعتاد ذلك في الغربة..، وعندما حضر
الآخر، زياد كان يتحدث أكثر مما نتحدث معه، يجيب أكثر مما نسأله عنه، كان
نقيض الآخر..يشبه بدري بجمال روحه، لذا أحببته حتى سعد بالجو العائلي كما
قال قبل سفره، انه لايود المغادرة


قبل موعد سفره..،ابن عمي الذي كنت أرى
التاريخ وأتمنى أن لايأتي سريعاً موعد مغادرته، كنا نجلس مستمعين إلى شيء
حدث معه أثناء سفره،كنت سعيدة بحق حتى سمعت صوتاً في الخارج ينادي


-”جَنان”

قفزت جَنان وركضت لها، وما ان انفتح الباب حتى فقدت جزءً من ابتسامتي!

عندما تصدف الحياة بأن نجد أشخاص نلتهم
منهم التعاسة دون علمهم بما أشبعونا من الم.. وبلا ذنب منهم يصبحون الأقسى
إطلاقاً في نظرنا…وتلك لم تكن مذنبة وأنا كذلك وكلتينا في وضع ظالم ومظلوم
،لم تقل شيئاً لكنني قلت الكثير عنها..لم يخبروني شيئاً لكنني علمت أكثر
مما ينبغي بمجرد أن نظرت لها…زوجة عمي تلك دون أن تعي ذلك كسرت أول مجداف
حاولت صنعه،وبلا قصد منها تشظت الشواطئ بي وضاع المجداف


كانت تعانق ابنتها،ومن ثم ابنها، حتى قال زياد انه ذاهب لإحضار حقائبها التي لاتزال في سيارة الأجرة!

طولها ملفت للانتباه ولباسها ملفت ايضاً وشعرها الأشقر لايبدو إلا طبيعياً…

تشبه زياد قليلاً فجماله لم يكن ماراً
بمحيط عائلتي قبل ذلك،لكنه لم يكن أشقراً كما هي..بل لااحد يشبهها بذلك
الشيء الخاص، وعندما تحدثت صحّت كل ظنوني…هي لم تكن سوى من دولة عربية
اخرى،


ربما جاء دوري لألقي التحية،أو لأتلقى كل مايحدث أمامي بإذن لاتود أن تستمع إلى شيء

ابنها لايزال يحضر الحقائب،من سيارة اجرة ركبتها وحدها،وأقلتها من المطار بعد وصولها أيضاً وحدها

-”هاد بنت عمك؟”

قالت ذلك موجهة السؤال لجَنان،أجبتها مباشرة

-”رسيل،الحمدلله على السلامة… ام خالد”

ضحكت وقالت-”ام خالد..لالابتكبريني هيك”

لاعجب اكبر مما اراه أمامي،لازلت في دهشتي
الكبيرة،لمَ تراها جَنان لم تخبرني عنها،اقصد أي شخص آخر لمَ يخبرني أن
عمي تزوج من أجنبية،لمَ لم اسمع أي شيء بهذا الخصوص سابقاً،بل لمَ هي
لاتعيش هنا!


شيء رهيب بدأ يحضّر إجابات خارج
المنطق،وإحدى الإجابات كانت تصر على إقناعي،لأستنتج منها عدة امور قد تكون
اكبر من دهشة أرملة ترى زوجها لاحقاً يبيع الصحف!


-واتصلت ببدر،والتقيته

-”بدر فيه شي غريب اكتشفته”

-”هههه اكتشفتي ان عمي يتغدى مرتين ولا يتعشى،واكتشفتي ان الجريدة منزله الكاركتير مرتين،واكتشتفي ان …”

قاطعته-”بــدر والله جد شي رهيب”

-”قولي ياذكية”

_” تعرف ليش عمي مقاطع ابوي؟”

اظن انه توقع أي سؤال خارج محيط المنزل

-”ليش؟”(ثم اضاف) مو عشان ابوي تزوج امي؟ولا عشان سالفة الفلوس ومدري ايش؟”

-”هذا اللي قالوه بس مستحيل مو مقنع”

-”اقول روحي نامي شكلك مليتي بدون مشاكل صرتي تدورين اشياء قديمة هههه”

-”هههه اسكت والله صدق انا للحين مصدومه تدري اللي اتوقعه ان السالفة معكوسة والله صدق”

بلا اهتمام اجابني-”شلون؟”

-”ابوي اللي مقاطع عمي عشانه تزوج اجنبيه”

قلتها مباشرة،فلم يعقب لذا اضفت

-”انا يوم فكرت فيها تأكدت لان عمي قال انه يكلم ابوي بس ابوي مايرد عليه”

-”هذا لان ابوي مايعرف يسامح احد وعمي غلط يوم زعل من زواجه اول مرة وبعدين رضى بس ابوي ماسامحه”

-”لا مستحيل انا متأكده انت تعرف ابوي شلون بعدين قاطعه يوم تزوج عمي مو يوم تزوج امي نسيت اللي قالته امي”

ربما انا نفسي ازداد دهشة من نفسي كلما اتقدم بالكلام،فأنا لم احلل يوماً سوى زاوية في مقال!

وان اكتشف شيئاً هائلاً كهذا،يجعلني ارى عمي نسخة متطابقة من ابي، لأن كلاهما كذاب،وكلاهما اناني!

طالما كان ابي مخطئ،ولأنه ظلمنا كثيراً لم
نفكر ان عمي سوى كأحدنا نال ظلمه وبطشه، لكن ان كان ما اعتقده صحيحاً وليس
احداثاً رتبتها لأغضب من عمي،فأنا حقاً سأكون بائسة!


كنا نريد الاتصال بأبي ليقول لنا أي شيء
الا ماتوصلت إليه، لكن احدنا لم يتجرأ للاتصال به،فهو على ما اذكر منذ
شهور،اقصد منذ ان رفضنا الخروج من منزل عمي وهو لايتصل بنا،ونحن خوفاً
لانفعل!


-”اتوقع انك تتوهمين”

-”تذكر يوم ابوي يعطينا درس في فضل رضا
الوالدين(ابتسم بدر بسخرية) تكلم عن عمي وقال ان ابوه ماكان راضي عليه
،وقال ان هذا السبب اللي خلا عمي يقاطع ابوي بدون حتى سؤال لانه مايهتم
بأحد..لكن انت عارف عمي قلبه طيب ولو فيه مشكله يمكن تكون عشانه تزوج”


-”طيب حنا وش دخلنا؟”

-”وش دخلنا؟ ليش هم ماكذبو علينا،ماحرمونا من عمي كل هالسنين”

-”لو صح كلامك كان قالنا ابوي لاتروحون له لانه عاندهم وريح عمره”

-”كل الي قاله كذب عشان لانروح لعمي “

بعد لحظة كنت احاول اقناعه،او بالاصح اقناع نفسي قال:

-”انتي ليش تفكرين بالاشياء اللي راحت خلاص اللي فات مات يلا روحي نامي ولاتشغلين نفسك”

ملامح بدري تؤكد ان استناجي صحيح، كنا ضحية لاثنين، احداهما خالف عادات العائلة وتزوج والاخر كذب على ابنائه كي يضمن القطيعة لسنوات

انها قطيعة بعمري انا، وكذبة البستني خيبة تفوق عمري بسنوات،اود لو كان لي عم ثالث لأخرج من هنا..ربما لأني اعتدت الرحيل

مرت أيام،هادئة اخرى،علمت فيها ان بدري اتصل بأبي،واحتد النقاش حتى أكد له ذلك،واخبر انه لمصلحتنا مافعله!

لكن بدري لم يخبرني مباشرة،لأنه يعلم انني سأفقد اشياء كثيرة هنا…،لكن هيهات ان لااحرك ساكناً

وياللمفاجأة لم احرك ساكناً!، ولم اعد افكر إلا بطريقة تخرجني من هنا،والتفتيش عن اخ آخر خبأه أبي!

ولم أجد!

لمَ عائلتنا تملك عادات غريبة! ،لمَ يغضبهم زواج عمي بامرأة تتحدث اللغة نفسها! لمَ يفضلون قطع الأرحام على زواجه بمسلمة!

الا نستطيع الزواج بتوفر شرطين!ام يتوجب علينا كتابة شروط الجد الاكبر! الا يستطيعون منح الحرية من ارادها!

عندما افكر بالامر جيداً،ربما ما اعتادت
عليه امرأة عمي يختلف عما اعتدنا عليه، لا اقصد الحجاب الذي لايكون سوى
عبادة..ما اعنيه آرائها تفكيرها، الذي تأثر به عمي طبعاً ..لأنه حتماً راضٍ
عن بقائها عند جدتها وامها كثيراً من السنة،ولن اتحدث عن سفرها
وحدها،وعملها في مكان مختلط،بل كيف ان عمي راضٍ بذلك


اتلك الاسباب كانت في احتمال اجدادي!

لذا عندما اتحدث عن الحرية يخبروني دوماً
بأنني اقصد ذلك فيها، بانها تملك الحق بالذهاب والاياب،بالغطاء والحجاب،لكن
كثيراً ما اتوقف هنا لأخبرهم انه لوثوا معنى الحرية!


فأنا لست ليبرالية، العبودية والحرية
وجهان مختلفان لكل منهم شريحة نقدية..وفيني اجدها وجهان لعملة واحدة..لأني
حرة ،وعبدة لله..فكيف أؤيد حرية في غير رضاه!


لمَ تخلطون بينهم،ياعبدة الدنيا
وانفسكم،هل ابقى بلادين لأكون حرة! سم الليبرالية والعلمانية وسموم تدس
نفسها بالحرية، لن آبهة بقوم لايرجون لله وقاراً، وسأحب الحرية كيفما
اريدها






للحظة ما، أحسست أن كل الأمور التي لاتعنيني أصبحت تعنيني كثيراً…،

بدري الذي لايزال غاضباً من أبي أكثر مني،عندما قال له ايضاً: انه لايجب أن يتدخل في امور اكبر منه، ندمت أنني أخبرته بالأمر كله

لو أنني لم أكن مهتمة بالتفاصيل،لما توصلت إلى ماعرفته،ولو أن امرأة عمي لم تعود لما حدث شيئاً..و لو لاتغير امراً

حاولت أن اظهر لبدري وكأن الأمر غير هام، وأننا سنكون سعداء هنا.. وانه يلزمنا بعض الكذبات على أنفسنا لنبقي السعادة بيننا..



-ربما لأني جربت التحايل على نفسي،وطالما
أخفقت،تعلمت فقط اهتم بتفاصيل الأشياء مأخوذة بالأجزاء التي قد لاتعطي لما
اراه أهمية،أو ليس له أهمية بما اراه،


لأنني أيضاً علمت قلمي كيف يتحايل على
ورقة،لا ليأخذ مايريد منها لكن ليمنحها زهو الخيانة..لثقته انه الأنسب لهذا
الدور فإن صدقت الورقة وصدق القلم كيف لنا نثير الكتابة!


لأني علمته ذلك الفن، كثيراً ما أجدني
مهووسة بنسج الشعور بالجزء الأشد بؤساً منه! وللسبب ذاته أتعمق في كل شيء
لأخرج بمبهم افصله على جسد الكذبات بقياس ألمي! طالما كنت مأخوذة بكل شيء
في الحياة حتى الجانب المظلم كنت اشعر به غربة تشبه حزني فأستغل كل نزف
لأكتب عنه ، لكن لا أزال احتفظ بما يبهجني كتعويذة ألقت بها علي الخرافات!


ولأنني انثى القلق والتفكير والتفاصيل
الدقيقة، والانثى التي لم تعد تدهشها المفاجآت،والانثى التي أرسلت طلباً
لأخذ هدنة دائمة من منطق التفكير! أثق ان كل ذلك جعلني أواصل تأييد
القلم،وتأبيد ورقة!…حتى فقدت اخيراً مصاحبته، وشهيتي وللكلام…!




(إذا أردت أن تعيش سعيداً فلا تحلل كل شيء ..

فإن الذين حللوا الألمـاس..وجدوه فحماً )*!



واستبدلوا المقاعد ثانية، رحل الخريف، ورحلت زوجة عمي، لكن لم نعد كما في السابق

-”عمي مايشتاق لها؟مايبيها تقعد هنا؟”

أجابت جَنان بحزن مغلف-”كانت أول فيه مشاكل على الموضوع هذا لكن الحين خلاص تعودو”

-”ماقد رحتي معها؟”

-”الا كثير بس ما اطول..وعشان اشوف جدتي بعد امي ساكنه عندها”

ثم أغلقت الكتاب بيدها في إشارة لإغلاق الموضوع..لكنني املك فضولاً كبيراً لأنني أظن أن الموضوع يخصني

وتحدثت مرة اخرى بلا شيء مفيد..،



حضر زياد وكنت مبتهجة بعودته،اخبرنا عن اشياء كثيرة حتى تدرجنا بالحديث لشيء يخص جَنان، ربما كان زوجها السابق

بدأ الحديث يأخذ منحى مأساوياً حيث فهمت من المغزى ماكان يجب علي ان افهمه..لأنني عندما فهمته تألمت لأجلها وكرهت الكثير!

ماكانت تلمح لإخباري به بصياغة مبهمة لحديثها ان طلاقها لم يكن الا لسبب والدتها لحدث ما،او لإشارة لشيء ما.. اوربما لم افهم جيداً



ربما كنت وزياد على وشك بداية قصة، قصة شعوري بها البهجة بوجوده! لكنه غادر سريعاً،ولن يعود قريباً، وذلك اشعرني بالألم

اخبرني انه يود البقاء هنا، لكنه غادر!

ربما فقط لأنني لااود فراق احبتي، لكنني كلما افقد شخصاً تزداد محبتي للباقين حولي وأخاف فقد كل شيء..!



بالحديث عن الفقد، تلك الكلمة اشعر بها كابوساً يزعجني عندما احزن!

حتى دانه، فقدتها!

معها هي..احب المنتصف! من بين جميع الأشياء في حياتي اموري معها احب أن تبقى في المنتصف

ربما لأنني أسرفت معها سابقاً، أعطيتها مايفيض عن استحقاقها…بينما نحن نجتمع مجدداً أردت أن احبها دون خط المنتصف

احياناً اشعر أن صداقتي معها مجرد قدر، وكلتينا أحببناه،

نحن كنا افترقنا دون أن نعي ذلك، دون تخطيط مسبق، وعدنا بنفس الطريقة

بدايةً كانت تطلب مني القدوم لمنزلها، ولا
افعل ذلك عمداً ، وعندما فوجئت بها بالكلية التي ادرس فيها ،ركضت هاتفة
أنها انتقلت هنا وهي تبشرني كما قالت


سعدت بها بمنتصف السعادة ايضاً وعلمت انها
قدمت الى هنا بطلب من زوجها كي لايأخذ طريقها للمنزل زمناً طويلاً… إذن
لست السبب الوحيد لقدومها هنا!


هي تزوجت…نعم الفترة التي انقضت أخذتها لتجعلها عروس، او هكذا كانت طريقتها في الانشغال عن الجميع،او ربما ازدادت فراغاً بعد ذلك!

بعد ان كنت اكره تصرفاتها مع عالم الحب او
الوهم الذي يظنه البشر حباً ،كذبت بأن الشخص الذي التقته بوجودي سيكون
زوجاً أو ربما لم تكذب ورفضته بعد تكرار سؤالها مازن عنه


أو ربما سبب آخر غيّر مجرى الموضوع حتى
بلا سابق إنذار أخبرتني أنها تريد الزواج من شخص آخر، وبالفعل حضرت زواجها
غير مقتنعة بشيء والأهم بتسليمها حرية شخصها بتلك البساطة!


ذلك اليوم، لم أفكر ابداً أن زواجي قد يكون قريباً

كنت بحق أشفق عليها لأنها منذ ذلك الوقت أصبحت ملتزمة بحياتين، حياة لها وحياة له

وذلك ابعد ما أتصوره عن الحرية!

الا تكفي للمرء حياة واحدة يعيشها؟ لم يجب عليه أن يحمل حياتين ويعيشهما معاً بالثقل ذاته..!

وذلك ماتغير سريعاً…!



.-.

.-.

.-.



“الحرية لايمكن ان تعطى على جرعات فإما ان تكون حراً او لاتكون”

كثيراً مافكرت بها تلك الأيام،وبها توصلت لموافقتي الزواج!!




يتبع الفصل الثالث ......................


سيدة الحرية  30_12_1213568613711


عدل سابقا من قبل algalodi في الثلاثاء يوليو 26, 2011 9:27 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:33 pm

متابعه الفصل الثالث .............

سيدة الحرية  Fotka_h22 RAHEEL سيدة الحرية  Fotka_h12

الاحداث التي مررت بها،كلها تستدرجني دون
علمي للخروج لحياة اخرى على نفس الأرض، كان الأمر بمثابة استبدال قميص
بآخر،فكان هيناً جداً، كأن اولد من جديد لا كأن أموت بعد عدة ولادات!


و أن أقرر ببساطة وأنفذ ماقررته شيء رائع كأنه الحرية!

عندما لا أجد أمامي شيئاً أخاف أن اخسره،أغامر بنفسي !



كان عمر…،

لولا وجود لمى لاخترت الزواج من مازن
لأنني لا احبه كما لا احب عمر..لكن مازن لم يشترِ منزلي،ويترك أعقاب سجائره
فيه، ولايخجل من شيء وقبضته دليل مشاكله


عمر لااحبه مطلقاً وكذلك الآخر الذي يتصرف وكأن الدنيا خلقت لأجله،بما فيها أنا! ذات يوم تساوى في نظري مع اخته،كلاهما بغيض!



عندما تتساوى الحياة أمامنا بكل تفاصيلها فإننا لانأخذ وقتاً طويلاً في الاختيار

لذا عندما سألني بدري عن رأيي الأخير، وذلك لتكرار طلب صديقه بإصرار

وافقت ببساطة

لدرجة أن بدري شك بصدقي فقلت له مؤكدة

-”وعندي شروط”

وأنهيت الحوار على عجل،اقصد على خجل،ليس لأني لم افكر بعد بشروط، لكن لشعوري انني اختنق خجلاً من اخي..ربما لأنه صديقه!

على الأرجح أن الحرية لن تأتيني، لذا قررت الذهاب إليها ولن أجد طرقاً مغلقة..!

بالغد…،

تذكرت موافقتي فأيقنت أني وصلت الجنون!

وقررت أن ازيل الفكرة من رأسي والغي ماقلته بالأمس،فالحرية لن تأتي عن طريق التزام آخر..!

كنت اشفق على كل من ارتبط بغيره،ربما سيتوجب علي اخيراً أن اشفق على نفسي،سأمضي كما هم..لكني سأختلف عن الجميع بما سأملكه

ليس كل الأحرار سعداء، وليس كل السعداء أحرار…سأكون مختلفة..لن التفت للوراء…!

أقل مافي الأمر أنني لن أعيش هنا



عندما مرَ شهر أو يزيد

لم أكن اريد رؤية شرعية،إني اعلم من يكون ولاتهمني رؤيته، لكن بدري أصر على ذلك

فهو يبدوا غير موافق قبل أن يكون موافق!

كنت أتحدث مع نفسي بما وصلنا إليه،دوماً نحن متفقتان عندما يكون الموضوع أكبر منا!

كلتينا لانفكر بالرجوع ولا التقدم..حتى
شعرت أننا امرأتين تنظرانا لبعضهما في دهشة،كامرأة تنظر لمرآة فتجدها
اثنتين! عمر هو أول شخص تجادلنا تجاهه،وبه أصبحت مرآتي لاحقاً لاتظهرنا
اثنتين!




.-.

.-.

كنت استحم وارتب نفسي لأن علي مقابلته ..!

هو من بين جميع رجال العالم كان يجب علي أن أتزوجه…!

القدر …، النصيب…،كثير من الكلمات قد أقولها لمن سوف يسألني لمَ هو…؟

لكنني لن أقول لأنني اريد الحرية..؟ فلن أكون سوى مدعاة للسخرية حينها..!

إما أن تكون حرا أو لاتكون..نعم ليست كل الأشياء نراها على ماتبدوا عليه..!



لأنني مهووسة بشيء ما، لاعجب أنني افقد المنطق يوماً بعد يوم… والحرية قد تكلفني سيادتها أكثر مما فقدته!

شيء في داخلي موقن أن ذلك لن يوصلني
للحرية، لكن لاغيره قد يصلني بها، لكننا نأمل أن الطرق التي كنا نظنها
لاتصل لشيء قد تصلنا بشيء..


يتساقط الماء على رأسي بثقل متوازن، حاملاً معه مايستطيع من الأفكار

عندما اغمض عيني اشعر انه المطر! ويبدأ الشخص الأقرب لي،والذي اسعد برؤيته، والذي احلم ان يكون بدلاً من عمر!

اطيل الاستحمام ،كل شيء اريده أن ينسدل من رحم أفكاري ويسقط

كل الأشياء تسقط مشوهه، عدا قطرات الماء..!

كل ما اريده ان يسقط فوجئت بي حامل به من جديد ..الماء دافئ جداً لكنني اصطفق برداً كلما نظرت للساعة..!

سيأتي خلال ساعة..!

تباً للحائط ولها ألن تموت تلك..!



-”بسرعة يارسيل”

صوت جَنان يأتيني من الخارج لينتشلني من الداخل لأتصدر الغلاف

._.

التصقت دقات قلبي ببعضها،بدت تتضخم دقة بعد اخرى حتى كادت تهشم صدري

-”وش البس؟”

ابتسمت لي واقتربت تفتش في خزانتي وأنا لا ادري مايرتدى بمواجهة كهذه..اقصد خطبة كهذه ماذا يرتدون؟.. كنت أظنني سأكتفي بالعباءة!

اختارت لي شيء ارتديته، بعد أن لففت وشاح الخوف والغضب على جسدي وأنا بت أوقن أن رؤيتي ليست من حقه..!!

قريباً ربما..سأفقد عقلي!

رأيت بدر ينتظرني

التفت إلي وقف وتقدم أصبح مقابلاً لي تماماً وكدت أصله لانخرط في بكاء سيثقل ثوبه الخفيف لكني حركت رأسي بإيجاب!



-”رسيل للمرة الالف اللي اقولك للحين ماصار شي الزواج مو لعبة ..يمديك تغيرين رايك الحين”

كدت اغيره حقاً لولا اقتناعي أن هذا الزواج أفضل من حالي هكذا..وان الطلاق قد لايكون سيئاً مستدلة بجنان!!

وذاك أول مفهوم خاطئ للحرية،فقد اعتقدت أن المطلقات كلهن حظين بالحرية الجميلة..، لاتزال لدي اشواطاً لأتعلم الحياة

-”وينه؟”

-”بالملحق.. برى”

كنت اشعر به يريد أن يقول شيئاً آخر وكنت أنا كذلك لكننا مشينا قدرنا بصمت تام..



كنت امشي وأنا أتخيله أي شخص إلا أن يكون عمر،اصفع الذكريات مع كل خطوة وأحاول تجميد عقلي لدقائق فقط

إلا انه عمل كما لم يعمل بحياتي

لم استطع الدخول وأنا اعلم انه ينتظرني كيف ستوافقني قدمي

عندما اقتربت جداً من الباب قلت لبدر

-”خله يجي بالمجلس داخل”

لم اعطه فرصة ليعترض، سبقته للمجلس أشعلت الأضواء والتكييف على قدر من البرودة ليجمد حواسي

-”وش تسوين انتي”

جاءني صوت جَنان وقد غطاها الذهول

اجبتها-”بدر”

“وشفيك؟ وشو بدر”

-”عمر”

-”رسيل وش تقولين جنيتي؟”

اقتربت حينها مني وحاولت طمأنة قلبي أمسكت بيدي وقالت

-”حبيبتي لاتخافين ترا كلها بيشوفك ويطلع يلا نروح”

قلت بلا استيعاب كامل

-”لا هو بيجي هنا قلت لبدر”

قفزت جنان مفزوعة

-”بيدخل هنا..ليش ماقلتيلي..لو انه جاي وانا هنا”

وركضت للخارج وبدر صادفها ولم يسأل

قال لي مستنكراً

-”وش الفرق الحين”

-”ناده وخلصني”

كان متضايقاً ليس للسبب ذاته بل لأنه على ثقة كبيرة بأنني غير راغبة بهذا الزواج

كررت:

-”بدر”

-”طيب (نظر قليلاً ثم أضاف بتعب) الله يكتب اللي فيه الخير”

وخرج ولم اعد اشعر بقدماي وضعت يديَ فوق بعضهما وأنا جالسة اراقب تنفسي المضطرب



.-.

.-.

أتى لي بدر واتجهت عيناي للمكان خلفه ابحث عنها..!

قيل أنها ستأتي هنا

شعرت بخيبة أمل هل غيرت رأيها..!

هذه المرة الثالثة التي ارفض فيها إن صحت ظنوني..!

المرة الأولى كما تذكرون قبل عامين، عندما
صرفني بدر بلا اهتمام.. والمرة الاخرى كانت قبل أشهر من الآن لكن بدر
صرفني ايضا لكن باهتمام!


كنت تقدمت إليه رسمياً ،بهدف مجهول لايزال
بدر يحاول الاستشفاف مني .. ويكرر انه يعي أنني مشفق عليها لا أكثر.. ولم
أتجرأ أن اخبره بما يكنه لها قلبي المجنون!


قبل ان اعرف الحب،أحببتها، وذلك فقط يكفي ان أراها غير الناس!



لذا شعرت ببعض الغضب من بدر عندما رفضني
أخيراً،وفضلت ان اغضب بعيداً عنه حتى لايشعر بي، لأنني رغبت بالغضب
حينها،غضبت بشكل لم أتصوره


هو لأنه لايدري أني متورط بحبها منذ
القدم،يخاف أن أتورط بها الآن..،حاول إفهامي أنها سعيدة جداً في منزل
عمها،وأنها لم تستعد للزواج وان استعدت فليست مناسبة لي..لكنني لا افهم


ولا اريد أن افهم..لذا غضبت!



شيء ما ساعدني أكثر على الغضب، هو أن
علاقتي ببدر لم تعد كما كانت فقد يمر اسبوع لايصلني به سوى هاتف،ولأنه يعمل
مع الشخص الذي اريد ان اقتله بيدي!..مازن


لأن والده اراد لهم العمل معه، ومع الأيام تمكنت علاقتهم لكن بدر لم يتعمد جمعنا في مكان واحد..

وكان مايرعبني حينها أن مازن قد يتزوج حقاً بأخته!

دفعني ماخفت منه تدريجياً لأن اخبر والدي بنيتي للزواج، ورد علي بابتسامة كانما تقول:أخيراً

اما والدتي،فكانت كرنيم،يريدون مني الزواج بامرأة اخرى، لكن امي لم تعارض رغبتي بالزواج باخت بدر!

ورنيم عارضت دون صوت..لكنها قالت فقط-” وانا اقول ليش..اثرك حاط عينك عليها”

والدي حينها اتفق مع والدها،فعلاقتهم كانت على مايرام وربما اعتبر أمري صفقة اخرى..فتمت بنجاح!

وعندها،رفضني بدر لحجة رفضها…!

لم اعد املك غضباً آخر،ولم أكن اريد أن ابتعد عن بدر بسبب امرأة ولو كان ذلك لأيام فقط!

لكني دون قصد ابتعدت تدريجياً، لأني شعرت باليأس اخيراً

-”والله اقتنعت انا فيك ههههههه لكن هي رافضه الموضوع اساساً”

كلمات بدر الأخيرة كانت الباب الأخير الذي صفعه في وجهي، لسبب ما، شعرت بخلو الحياة وكأنني امضي وحدي!

.-.

لأن عملي يتطلب مني إهدار وقت أطول في
التسكع!، كنت اسافر كلما ضاقت المدينة،وكلما اتسعت لحد اضاعتي..، لكنني هذه
المرة اسافر برجاء من والدي لأقابل والد بدر لأوراق سخيفة ذات أهمية!


جاءني اتصال من بدر،لم اجبه ليس لأنني غاضب بل لأنني سأصعد الطائرة

لكنه عندما تكرر أجبته

-”هلا”

-”مرحبا يالنسيب”

استثقلت مزحته

-”هه مرحبا ..ها بدروه شعندك”

-”بس كيف حالك”

-”بخير وسلامه شوف حبيبي بتصل بك اذا وصلت انا بالطيارة الحين”

-”ها وين مسافر؟ وليش ماقلت لي “

-”ههه توه طرى على الوالد بوديله شغله واظاهر بقابل ابوك بعد”

-”ايه اذا سألك عنا قل اني بزوره قريب”

-”ان شاءالله اجل اكلمك اذا وصلت”

-”ياخي مابي اسكر طيب ماسألت ليش قلت لك النسيب”

جملته تلك ضخت أملاً في جسدي جعلني أتوقف عن المشي وعن الجلوس!

-”ههه ياخي انت فاضي تمزح”

-”هههه والله صدق جتني امس وانا راجع من صلاة الفجر وقالت انها موافقه..شكلك طالع لها بحلم”

تركت الحقيبة التي بدأت اشعر انها أثقل من همي حينها، وتوقفت لأوقف حشد الركاب خلفي

-”من صدقك”

-”ههههه والله بس مشكلة اذا بتصير انت زوج اختي ورطه هههه”

-”بدر اختك وافقت؟ رسيل وافقت؟”

-”ايه يابن الحلال بس ترى عندها شروط تعجيزية بتخليك تهون”

-”شلون وافقت؟”

كان يضحك واخبرني انه لايعرف شروطها
بعد،رغم انعدام استيعابي سوى لموافقتها،لا ادري كيف أنهيت المكالمة ولا أي
رحلة غادرت بي ولا كيف وصلت هناك


حتى حذائي لم يعد يشعر بثقل جسدي، فخطواتي تكاد أن تطير!

ما اذكره فقط أنني كنت أتقرب لوالدها قدر ماستطعت من الاحترام، ولست انافق!!

(نافق ونافق ثم نافق ، ثم نافق لا يسلم الجسد النحيل من الأذى إن لم تنافق…نافق فماذا في النفاق إذا كذبت وأنت صادق نافق!) احمد مطر



عندما عدت، التقيت بدر اولاً،وتأكدت مما قاله، ووالدينا حددا بعد ذلك يوماً لأراها

وحاولت قدر المستطاع ان اتحاشى بدر،لانني اخاف الحديث معه في الموضوع ذاته، واخاف ايضاَ أن يرى سعادتي التي تكاد تنزلق من محياي!



تلك الايام كانت لاتشبه سوى الأحلام،وان يكون الحلم حقيقة حتماً هو الحلم!

وانا هنا انتظر قدومها،وارى بدر فقط يجعلني اشعر بانها لن تاتي!



قطع تفكيري بدر ساخراً:

-”قوم.. تراها داخل”

ثم أضاف ابتسامة خبيثة!

“حياك”

ضحكت متوتراً ومشينا للداخل وكأن الطريق أصبح سفراً

مادامت بانتظاري،كل خطوة تكاد تقطع وعداً

في داخلي شيء يود أن يدوي العالم بصرخته،
صرخة تشق السحاب ليهطل مطرا يغذي البشرية بهجةً وحبوراً ، اريد من المطر
الهطول حتى يوقف العصف في داخلي، اريده ان يهطل حتى تغرق في روحي تلك التي
احب


.-.

.-.

.-.

رفعت عيني بسرعة فاصطدمت بالجبل الواقف هناك والذي تقدم ليجلس على الأريكة الاخرى وكلانا ينظر لبدر

-”السلام عليكم”

سمعتها منه، ولم أرد السلام سوى في نفسي

عمر -”بدر”

بدر-”سم”

ثم عم الصمت طويلاً، الكل يبدوا متوتراً وأنا لم ارفع عيني بعد

قال عمر بصوت منخفض قليلاً،ويتهيأ لي انه يبتسم

-”روح عدل غترتك”

ضحك بدري واقترب مني فقال

-”بروح شوي واجي”

ثم ألقى نظرة طويلة،وفرك جبينه مبتسماً وتركني احتفظ بكل علامات النفي

-انه شخص لااعرفه لااعرفه

كنت اردد ذلك في داخلي لأهدأ لكني ازداد توترا

كانت حاسة السمع تعمل بشكل مزعج،سمعت صمت
المكان حتى يبدأ يزعج رأسي سمعت أصوات المارة خارج المجلس أو حتى خارج
المنزل! حتى تأكدت أن لااحد في هذا المجلس سواي


رفعت رأسي فاصطدمت بنظراته، فوقعت عيناي ارضاً

يبدو انه عدل من جلسته، وفرقع أحد أصابعه، اشعر أن سمعي بدأ بالضعف والرؤية بدأت تعتم

شيئاً فشيئاً أفقد الإشعاعات
الكهرومغناطيسية التي احتاجها لأبصره في كومة العتمة..التف على نفسي بمقعد
طويل استقل إحدى زواياه المنعزلة عازلة ذاتي عن ذاتي،


مُشكّلة حولي هالة من ضباب، فيخالني أن الجالس عن بعد.. يسمح لي بممارسة الشهيق والزفير على حذر الجسم الذي فرقع إصبعه قبل الآن!

الجسيمات الصغيرة تترنح وفق الخطوط
المستقيمة فتهز افتراض نيوتن للضوء، ولم اعد املك إيمان أن الضوء يتمتع
بالحرية كما غبطته سابقاً…فهاهو يتقلص فيكون غلاف يجعل الأشياء خلفه غير
مرئية..ويفقد صلاحياته في الانتشار!


-انه لايزال هنا، أشعر بوجوده ولا أراه..هدوئي ساعد الأشياء حولي بارتداء عباءات السكون.. الجميع بدا يحسن الإنصات في خرس تام..!

.-.

.-.



وأنا انظر إليها، ولم انظر لسواها

ربما لم يحدث أن رمشت أثناء تخيلي لوجودها، كيف وإذ بها هنا..!

كنت أتمنى أن اقرأها الآن.. لم يورثني أبي علم الفراسة لأعلم مافي باطنها

اردت التحدث معها عن اي شيء،لكني مشغول بوجودها

عاتبت النظر وألقيت عيناي بعيداً،أخذت
أتأمل المجلس،أو اقصد أرضية المجلس، هناك حفلة في صدري وهنا قمر يهبط على
أنفاسي ضوءه يكاد يخنقني


قلبي بها ينبض منذ سنين وعندها اشعر به توقف!

القي نظرة خاطفة خائفة غير مصدق أنني سألمس النجوم

لو رآني بدر الآن لانزلق مني اعتراف ربما لن ينكسر، هذا الوقت أصبحت أقوى وكأن لاشيء سيكسر ولاشيء سيتلف فيني لأنها هنا لرؤيتي..!

لسبب لا اعرفه رفضتني سابقاً،ولسبب آخر جاءت لرؤيتي،لم افتش عن إجابات لأنني لا أجد لها سبباً أيضاً!

تماماً كأسباب حبي لها،او اسباب رغبتي
المفاجأة بالزواج او أسباب ارتدائي الهدوء رغم ان رجل في داخلي يريد ان
يصرخ عالياً انه يحب تلك الفتاة!




تبدوا أكثر خجلاً مما كنت أتوقعه،هي لم
تلقِ نظرة واحدة، هل مهووسي القصص مأخوذين بالمفاجأة! ام تراها كاتبة تريد
صناعة رجل آخر في مكاني يشبهها!


رجل تكتبه في قصتها يجعلني غيور،وأنا
الرجل الذي كتب له القدر أن يكون هنا بصحبتها بعد انتظار شاخ باللهفة،حتى
جعل من لهفتي رجل لايقوى على الحراك خطوة واحدة،ويحلم بمد يديه لشعرها
ويمسح عليه كمن يتحسس ألوان في لوحة غير جافة!


فقط لأنها هي،رسيل الحلم المؤقت بأرقام لاتفجره، كموعد مع الفرح الذي لاتؤقته ساعة حائط!

ربما صدقت هي عندما قالت ان الساعة قد تتوقف أحياناً!

لازلت في مامضى بعيداً عنها قريباً جداً حيث تكتب، اشعر أنني اريد جدالها في شيء كتبته يوماً أن الأحلام لاتتحقق!

الأحلام تبتئس عندما تصطف في سطر مع الأوهام!

فإحداهما يوعد باللقاء والآخر يوهمنا به!.تلك الجالسة أمامي تراها أي من الاثنتين!

“لا أدري كيف رماني الموج على قدميك..لا أدري كيف مشيت إليّ..و كيف مشيت إليك ..كم كان كبيراً حظي حين عثرت عليك ..!” نزار قباني





.-.

.-.

-”رسيل”

صوت بدر جاءني وكأنه قادم من بئر عميقة،تلتها حركة من الآخر على مقعده،شعرت بضجيج ناقض الخرس السابق

وكأن كل شيء يتحدث دفعة واحدة لا بدري فقط!

-”…”

كان يبتسم وأشك أن ضحكة تكاد تفلت من شفتيه ،لو أن الرؤية واضحة في داخلي لأيقنت انه كان يضحك..،

كيف كنت أبدو إذن..!



ربما قال شيئاً ،لأنني أراه ولا ابصره،
اسمعه ولا افهمه، وقفت هاربة في إدراك متأخر جداً أن المكان كان ضيق..ضيق
جداً ليحمل كل ماشتغل به رأسي!


تخطيت الباب وكأنني تخطيت الحدود بيني وبيني،الفاصل بين تلك الأرض وهذه لايغير شيء في المنزل..لكنه يكتفي بي

الفاصل ذاك..فصل بين جزأين من حياتي،نقلني
للفصل الآخر من عمري، هذه الأرض أنا.. وتلك سأكونها هي..! الوطن من أقف
عليه الآن وسأغدو للمنفى…


بإرادتي عبرت الخط ووافقت للزواج منه،أقصد لم اكن حقاً اريد أن اغامر بحريتي لأصل لها!

ليست لي رغبة بالحضور هنا لرؤيته،فنحن
لانزال نملك ذاكرة تجمعنا، لكن الامور عندما تجري هكذا..فقط هكذا،ليس لنا
سوى المضي دون معاكستها،لأن ذلك سيعيقنا نحن!




أثق انه ملأ عينيه بي قبل قليل، عندما كنت شخص لم يرتبط به استرق النظر طويلاً،كيف الآن!

انا لم استطع رؤيته سوى للتأكد من وجد شخص ما

بما أن الباب لايزال منه جزء مفتوح، وأنا لاازال في تشبث بأرض الوطن!

تلصصت عيناي للمنفى..!..كم من المسافة تفصلني عنه الآن…وكم من الوقت سيصلني به

أكنت اعتقد أن المسافات التي قد تصل إليه لاتقاس سوى بالسنة الضوئية..!

كم كنت مخطئة عندما اعتقدت انه واخته البغيضة لن يكونا ارقاماً مهمة في حياتي…!

تمنيت لو أني لا أراه كما أراه الآن،
تمنيت لو أني لااستطيع تحديد موقعه إلا بخارطة تشبه خرائطي الغير
معنونة..وتشبه مساحات الصحراء الكبرى في كل خريطة رسمتها في دفتري.. مساحات
خالية…ليتني هناك…


بالطبع الأراضي الغير منتهية هي وطن الحرية!

بدت لي الظلال تعكس نفسها…ولا شيء يحفز
فيني الأمل للمستقبل الذي أراه فيه.. أردت أن أتحرر مني فارتبطت به وأمسكت
بيدي في اليأس العظيم..


أغمضت عيني ثواني وكررت ذلك حتى تصفو الصورة أمامي..وما ان اتضح كل شيء ازداد رعبي!

بعض من الضوء كان ينتقيه وهو يتحدث مع
بدري منتصفاً المقعد الطويل الذي كان قريباً مني..كان يبدو جالساً على أهبة
الوقوف،ويده الكبيرة التي شغلت بالي ذات فلسفة تتشابك أصابعها معلنة شجار
داخلي، اعرفه جيداً واراه واضحاً واكرهه كثيراً فهو عندما أشفق علي…
تزوجني..!


عمر…سأكون معك..ولست لك..!

.-.

.-.

.-.



لم اود العودة للمنزل،لكني عدت

اشعر ان الجميع يحدق بي كأنما قد ارتكتب خطأ لايغتفر، أو ربما كأنني قد ادهشتهم لما استطعت تحقيقه!

لا أدري،ولست مهتم فقط اريد الذهاب للسرير فقد تظهر لي مرة اخرى في حلم

اكان ماحدث هذا اليوم أيضاً حلم!

-”ماغيرت رايك؟”

جائني صوت رنيم وهي تتبعني لغرفتي

بابتسامة كبيرة أجبت-”وليش اغيره”

-”عمر احس انها ماتصلح لك”

لازلت احتفظ بها-”وليش”

-”مدري كل صفاتها مو زينه وتدري اني ماقد شفتها لو مرة وحده تضحك؟”

ضحكت وأنا اغادر قائلاً:

-”أجل فاتك نص عمرك”



.-.

.-.

عندما غادر عمر،واشك انه لايزال بالخارج!..ورحلت رسيل لغرفتها

شعرت بشيء غريب

صديقي سيصبح زوجاً لأختي،واختي كانت ساخرة من الفكرة وبلا مقدمات وافقت

عندما ظننت انها قد تحمل له بعض عاطفة
تذكرت حديثها دوماً عنه بعدم رضا وكانه المخطئ الذي يتعمد اغاظتها..رغم ان
لاشيء كان سيحدث واليوم اختي ستتزوج قبل انهاء دراستها


كثيراً من الاسباب تجعلني لا اود ان اوافق،شيء مريب ان هذا قد حدث!

لكني لااستطيع ان اقف في وجه رسيل لأنها مرت بالكثير وربما تعلمت شيئاً

قبل عامين ظننته مازحاً،او اردت ان اظنه
هكذا..وعندما كرر طلبه ايقنت بجديته،لكنها رفضته هي وانا في داخلي، واثناء
تلك الايام شممت رائحة لم اذكرها فيه منذ زمن، عندما عاد للسجائر عدت لطرح
السؤال بطريقة اخرى لرسيل وكأنني من خلال ذلك ارجوا موافقتها! ويالدهشتي
حين وافقت دون أي سؤال


شيء آخر يجعلني ارتاب لهذا الزواج،ان عمر قال مهدداً عدة مرات ان رسيل ان لم تكن له فلن تكون لمازن

ربما ظن ان علاقتي بمازن قد تجعلني اقف في صفه لتغير رأيها!

فقط أتمنى أن لايكون أمله في الزواج منها منافسة لمازن!



.-.

.-.

.-.

بعد عدة مساءات،،



كنت أظن ذات وهم، أن الرجل الذي سيأخذني
بحصان ابيض،سيكون زوجي ، وظننت ذات حلم أن الرجل الذي سيهديني وردة زرقاء
كما خلقت سيكون الوحيد الذي أتزوجه..


ربما لأن الاثنتين لاصحة من وجودهما، وانني امرأة تؤمن بالمستحيلات وتنتظر قدراً من المستحيل

أحببت الحرية..!

لأنها تشبه المستحيل كثيراً،ان تتحقق المستحيلات تلك الحرية!

وان أتزوج رجلاً دون حصان،ودون وردة زرقاء…هو الإيمان في داخلي أن ذلك المستحيل لايسكن سوى الحرية

واخترت شروطاً ليست بقياس حلمي،انما كانت بقياس الحرية حيث أنني طلبت أولاً”

-”بيت خاص”

أجاب بدري

-”مؤقتاً بشقة وبعدين تطلعون ببيت خاص يعني منتي مع اهله”

ربما يظن أن ذلك مطمئناً، لكني قلت

-”طيب بيتنا اللي شراه..ليش مانسكن فيه؟”

نظرته التي رمقني حينها جعلتني أبدو كمن كشف الستار عما يخبئه في وقت لم يكتمل فيه الجمهور!

أضفت مستدركة

-”يعني اقصد ليش ماتقوله نعيش ببيتنا أحسن من شقه”

-”رسيل الزواج مو مسألة بيت”

كان يبدو متضايقاً وكأن طلبي الطفولي بنظره إجابة لموافقتي للزواج!

قلت اخيراً

-”ترا حتى لو كان غير عمر ..مو مسألة بيتنا”

وهربت قبل ثاني شروطي وقبل أن اسمع من بدري مايجعني اعدل عن قراري بأكلمه!

قال مرة اننا نكون اغلا اثنين في
حياته،لايريد ان يفقدنا بهذا الجنون… ربما زواجي منه جنون..لكنه جنون بعقل
وفسحة عميقة تتسع لأكثر من خلل واتزان!


اريد الحديث أكثر عن هذا الجنون،اريد وصف
عميقه وظاهره،لست وحدي من يريد الحديث هذا اليوم.. فالأشياء تبدو جميعاً
ممتلئة بالكلام.. فقط لأننا لاندري كيف نتخلص من رفات الأحلام،ولا بأي ثمن
نشتري الامل،والحياة،


هذا الوقت أنا عروس،يجب ان اشعر بجناح من
التفاؤل تحت كتفي ارتيابي،اريد قصيدة لاتحوي حروف استهلكها الم،اريد العودة
لما قبل اللغات،اريد العيش في قرن لغة الاسبرانتو حتى لا اخلف اثراً عني
حيث نتلاشى معاً!




قريباً جداً زواجي

ليتني امرأة تكتفي ان تكون عروس،تكتفي ان
تتسوق نهاراً وتحلم ليلاً، تكتفي بصوت زوجها وصورته،تكتفي بالعيش معه في
سقف واحد..! بل ليتني امرأة لاتعرف عن الحلم سوى اسمه، والصمت سوى ظاهره،
وتهاب المستحيلات..، ليتني امرأة تخاصمها جميع الأشياء وتكتفي بالسكوت، ليت
تلك الدهاليز في حياتي ليست سوى إعلان محل تجاري نلتقيه صدفة في شارع
ولانخوض بتفاصيله ،ولاتقف أمامه امرأة تتساءل من صممه من صوره من وضعه هنا
ولاحتى كيف يشعر من يظهر فيه عندما يعبر لاحقاً!




.-.

.-.



كنت جالسة قرب بدري لا استمع لحديثه الهاتفي وجنان تتابع برنامجاً، جنان احتراماً لي ربما بدأت تغطي رأسها عند وجوده،

فكرت في خالتي التي أزورها كثيراً ،أخبرتني أن مازن غاضب أشد الغضب من قراري هذا، وبالأخص من أن عمر هو من فضلته عليه

وطلب منها ان ارجع بقراري أيضاً

وكنت متخوفة من رنيم، وانها قد تكون أسوأ
من لمى لكني اطمأننت للأمر عندما زارتني هادئة ومتفهمة لتأخذ رأيي في بعض
الاستعدادات، وجَنان من كانت متفاعلة جداً للموضوع..لا أنا




أنهى هاتفه وكما اعتقد كان يتحدث لعمر،سألته عندها

-”هو يشتغل معكم انت ومازن؟”

كنت اعلم انه لايعمل معهم، لكنني أردت التوصل إلى إجابة تشبع فضولي،وكأن الأمر برمته مجرد فضول!

-”لا عاجبته شغلته بالصحافة”

صحفي..!

منذ متى وهو يهتم بجمع الأخبار؟الم يقل سابقاً أن الصحفيين يجب يكونوا نساء لأنه يستوجب الثرثرة وتناقل الكلام!

أم تراه حتى هو نسي ماقاله! وأنا شخص عندما اغرس فكرة في رأسي ادعها تنمو لاتموت

إذن هو صحفي! لأي صحيفة!،لأني على ثقة انه لن يكون في إذاعة أو تلفاز!

سابقاً كان الصحفي ينعت به كل من يجلب المعلومات من الكتب بلا حاجة لمعلمين،وكل من يبحث في نقاش الأشياء، لكنه الآن زمن النساء!

حضر في بالي رامي،وجعلته في مقارنة سريعة بعمر! إذن استطاع امتلاك ورقة في صحيفة هو الآخر!

أصبح حر أيضاً، ذلك مشجع جداً..!



-فقط بكلمة من بدر صنعت له مقالة في رأسي ورتبت له مقعد في صحيفة، وكأني اريد الحصول على ما اشتهي بحرية فكرة!

وليس ذلك آخر ما أخطاته عنه!




يتبع الفصل الثالث ...............


سيدة الحرية  30_12_1213568613711


عدل سابقا من قبل algalodi في الثلاثاء يوليو 26, 2011 9:28 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:35 pm

متابعة الفصل الثالث ........



.-.
.-.
اخبرتهم انني اريد زفافي يوم الثلاثاء، حبي لذلك اليوم شيء يعنيني
لكنهم أصروا على الخميس
ولأنه يوم مهم لي أنا،ولا احد غيري لم ارضخ لهم!
ربما لأن اليوم الذي ارادوه هو يوم لا يأتي كل اسبوع إلا وهو في كامل زينته،ومجهز تماماً للأفراح
وأنا احب الأيام التي لاتكون على استعداد،احب مباغتة الأشياء في طبيعيتها لأستطيع أن احبها بلا أقنعة!


اخبروني سابقاً أن أعقد قراني به “الملكة”
لكنني رفضت، فبعد الرؤية الشرعية فضلت أن يكون عقد القرآن هو اليوم الوحيد
في حياتي حيث يحضره الجميع ، فلا زلت ابغض التدرج في الأشياء!
والدة عمر غضبت لذلك،وخالتي كما اعتقد، ودانة نصحتني مؤكدة انها ستكون الفترة الأجمل، لكني لازلت ارفض الفترة التي أتقاسم بها لقبين!


.-.
.-.
.-.
-”لازم فستان ابيض؟”
ردت جَنان ببهجة كان يفترض أن تكون بي
-”لا اسود ههه أكيد ابيض ولا بعد!!..”
راقتني الفكرة قليلاً..بالطبع لست امرأة تود الاختلاف والمعارضة! لا..بل الأسود جميل، ولا اعني ملائمته للمآتم بل انه أنيق فحسب..!
لكن ماذا لو حدث وارتديت الأسود..! سأكون مضحكة للبعض، وجالبة شؤم بنظر العجائز، ومستهترة بنظر من سيكون زوجي!
أو ربما لايعنيه شيئاً.. اذكر انه قال ذات نقاش طفولي: أن الألوان جميعها
رائعة وانه يكره الأشياء التي لا لون لها..واذكر أن بدر قال مستهتراً انه
لايوجد شيء بلا لون..ليأتيه الرد بصفعة على رأسه.. ذلك اليوم كنت افكر
بالأشياء التي لا لون لها وكنت مؤمنة كثيراً أن الزجاج مثلاً مثال لشيء
لالون له،وبحثت كثيراً عن ذلك اللون… لم أكن طفلة تترك الأشياء نصف مغلقة
حتى خطأي بالزجاج لم اعترف به كخطأ لأنه من دون كل الأشياء يملك حرية أن
يبقى كما يريد!
.-.
التاريخ الذي لن انساه..!
جاء ليجعل كل الأرقام سواه دون قيمة، وكأن لااحد غيري سيتزوج هذا اليوم،ولا غيري اتخذ موعداً من حلم لم يلتقيه ذات يوم!
.-.


بينما تركت جسدي على مقعد طويل، ليقوموا
برسم ملامحي وتصفيف شعري، كنت اسبق الزمن بساعات مستبقة كل شيء كل حدث وكل
موقف قد يأتي مهنئاً بحريتي أو معزياً فقدي لها
تلك المصففة اخالها تجن لو سمعت حديثي الآن،وكأنني سأتزوج من الحرية!
كنت على وشك ان اخبرها بالاستدلال بنزار عندما قال:كان هناك ألف امرأة في تاريخي
إلا آني لم أتزوج بين نساء العالم إلا الحرية، وأتحدث لها في نقاش طويل كيف
كان يحب النساء ويفضل الحرية! وكأن لاشيء عندي لقوله في هذا اليوم الا
قصيدة وتبرير حلم!


-”الازرق او الاسود؟”
كنت سأرد على سؤالها بالأسود طبعاً،او ربما كدت سأقول أريد اللون الذي لا لون له!
لثقتي انه المؤمن الوحيد بذلك اللون غيري..!
عند ذلك فقط شعرت أنني سألقاه إن تحركت من هذا المقعد، وسيكون زوجي بعد خطوات
هناك شريان بدأ ينبض،وهناك حنجرة تستغل الفرص لتقتصد في الهواء،تمنيت أن
تخفيني جيداً بألوان التجميل ولاتبقي من ملامحي مايذكرني بي..!


لم اخرج لأحد سواه، بل جاءني الأقربون ممن
احب ولا احب وتبادلنا قبلات وتهنئة،وسألتني دانة لمِ لااخرج للجميع فحتماً
سأبهرهم! ابتسمت لها قائلة:أن ابهره هوَ،فقط مااريد..،
وطبعاً هو ليس الجواب الذي اريد،احتفظت به كي لا ابدوا حزينة حتى في هذا
اليوم،لأنني وددت ان أقول:لست في مزاج جيد لتحمل رؤية الحشد الكبير من
العيون الفضولية!التي لاتتكاثر إلا في الأفراح…والتي لم أرى منها عيناً في
عزاءاتي الطويلة!


كنت اشعر بالوقت لايمر…حقاً أطرافي بدأت ترجف رهبة!
-”رسولة تعالي..تعالي”
أمسكت بيدي وسرنا نحو النافذة الصغيرة المطلة على الحفل بالأسفل، انه حفل لأجلي..!
رؤية جميع النساء جعلت عيناي تتسع أكثر فأكثر، رباه يبدوا الأمر ليس بمزاح أبداً..!
لم أتزحزح عن مكاني، بقيت أرى تلك الحشود البشرية بالأسفل، وكأن ذلك العالم الصغير تحتي قد صنع لأجلي!
لبرهة ..شعرت أن الجميع “متنكرين بثيابي”
ويمارسون طقوس لم اجربها ويقلدوني في كل مالم افعله!
.-.
.-.
.-.
اجلس بجواره،يغلق الباب بدري، واغلق عيناي تبعاً لذلك، واشعر بالسيارة تتحرك
إن فتحت عيناي الآن سأرى أن من يقود بجانبي عمر!
عمر ذاك عمر ليس بأحد غيره!..عمر…وفوق ذلك زوجي!


.-.
.-.
امسك بالمقود وكأنني اقبض هذا اليوم كي لايرحل او يصير حلماً، امسكه بشدة افيق ولا افيق
انتِ بجانبي تجلسين…! انتِ هنا بالقرب مني ولي ..!
استرق النظر اليك كل ثانية شيء فيني لايصدق ان كنتِ حقيقة!


كنت بجانبي كتمثال في متحف مغلق
قلبي يرتعش،وجسدك كذلك!
اقطع الطريق بجنون،وتبدولي كل المراكب المجاورة ليست إلا حمامات ضائعة، خالفت سرب الحمام
الكون أمامي يختلف عما كان..لم تعد إشارات المرور تعني التوقف
اشعر بالكون يراقب حركاتي ،يتوقف ويصطف الطريق أمامي دفعة واحدة،ويطل علي من النوافذ في فضول ،وكل شيء يهمس عنا
اشعر بضوء يسطع عاكساً رغد الحياة أمامي فلم افقد الشمس، كل شيء يشع هذا اليوم
يوم زواجي منكِ،افترشت الطرق نفسها لنا، وألبستنا أجنحة كي نطير عليها!
حضر لأجلنا هذا اليوم شمس وقمر،فاختلفت الأضواء في الطرق أمامي،وبدأت كل الأشياء ليست كما هي
ولم يكن عقدكِ سوى نجوم،وروحكِ سوى غيوم،وعيناكِ تذكرتي حول العالم، وأنتِ
بجانبي فقط اشعر بك تتحولين لشجرة-كريسماس- لأعلق عليك جميع أحلامي
وامنياتي


-التفتت إليّ،كان هناك غطاء لايجعلني أرى
أي نظرة كانت،لكن تراجعها على المقعد قليلاً نبهني إلى مؤشر السرعة الذي
بلا أدنى شعور مني تخطيت السلامة بكثير!


ربما كدت اهرب من تلصص الأشياء علينا،أو ربما كنت اسابق لأصل لسرب الحمام!
كنت ارتكب الحماقات منذ الصباح، بل منذ أن أدركت الحب، وبحثت عنك


.-.
توقفنا أمام الفندق، خرجت من السيارة بعد أن ألقيت نظرة عليك مفادها تعرفينه جيداً –اخرجي أيضاً- ولم انطق بشيء
وقفت على بعد خطوات،ارجوا مزيداً من الهواء ليزيح توتري،فأنا اجن كلما تذكرت انكِ هنا معي!


.-.
.-.
.-.
ارتجل من السيارة فاسحاً لي المجال بالتنفس
قيادته مجنونة، رفعت رأسي ورفعت الغشاء عنه قليلاً لأنعش رئتي، فرأيته
بوضوح يقف بثوبه الأبيض –وغترة- بيضاء، استفزتني رؤيته وكأنه يظهر نية
السلام،
أسدلت الغطاء بسرعة وأسندت رأسي على المقعد وكنت احسب دقات قلبي المفزوع ولا اريد مغادرة السيارة ابداً
فجأة عاد للسيارة، شعرت بالضيق مرة اخرى، وكأنه لايجب عليه أن يعود هنا
-”وش تنتظرين؟”
رفعت عيني بسرعة وعدت ادقق فيما قاله!
أهكذا تطلب من عروسك النزول! ربما لم ترد ان تفتح الباب لي ايضاً..
كان لايزال واقفاً مغلقاً بجسده الكبير الباب!ومنفذ الاوكسجين!
-”الباب”
قلتها بصوت ضعيف جداً لايساوي قوة الغضب فيني، الا يجب ان تفتح الباب ألا ترى فستاني الكبير!
وفتح الباب مباشرة، وخرجت بطيئة الخطى وحذائي يطرق الأرض كما يطرق في رأسي
إلى أين نحن متجهون!
اهو جاد؟ إلى أين يأخذني!
استقبلونا مجموعة رجال لايتحدثون العربية، شعرت أنني اريد بلغة لا أتحدثها ولا يتحدثونها أن اشتكي ذلك الشخص أمامي
إلا انني كنت اتبعه حتى المصعد
وقفت أمام المصعد ولم ادخل، لم أكن أخاف المصاعد أبداً،ولا املك رهاب الأماكن الضيقة، لكني كنت أخافه هو!
-”نطلع مع الدرج؟”
ذلك ماقاله كمن فهم أمراً، لكني غير مؤهلة لصعود الدرجات بهذه الأشياء الثقيلة، وبلا فهم منه تبعته
التصقت بالزجاج الخلفي وبدأ بالارتفاع وواكبته دقات قلبي،توقف المصعد قبل أن أتفجر من ارتفاع الضغط بوجوده!
وخرج قبلي،
فتح الباب بيده اليمنى وبقي مسكاً له كي لايغلق لأدخل، لكن ذراعه الاخرى من كانت يغلق الطريق
كان يبتسم، وأعي انني املك بؤبؤاً احمقاً لايراه الا عندما يطير إليه!
تراجعت خطة للوراء مهددة بالهروب!!
لا ادري سبب ارتفاع إحدى حاجبيه عندها، وهو يحتفظ بابتسامة مزعجة!


ابتعد كثيراً وعندما تقدمت للداخل قال:
-”بنزل شوي وبرجع”
أغلق الباب خلفه، رفعت الغطاء عن عيني والقيت نظرة للمكان كمن يتفحص وجوده،
ان لايعود هنا شيء مطمئن، عندما تقدمت اكثر لم اجد سواها،
انقبض قلبي رعباً مع اول رسالة رنت في هاتفي،واول فكرة ترددت في عقلي
أيعقل ان لاتكون سوى غرفة واحده!
-ان تكون غرفة واحدة،وسرير واحد، وتلفاز واحد،ومنشفتين..!
شيء هائل! شيء لايصل بالحرية بشيء،
كل صوت بالخارج يهزني حد الدعاء ان لايكون هو،عباءتي تتشبث بي رهبة سكون المكان
اجلس دون إحداث أي تغيير،وكأنني مجهزة للرحيل،وكل دقيقة تمر تعلمني بخطورة ماقدمت عليه!
عشرون دقيقة مرت،ولا شيء يتغير،ولاهو يؤكد صحة وجوده!
ربما اعتادت الاشياء اخلاف موعدها معي…!


-مضت ساعة، كأنها خارج الزمن، وأنا على
يقين انني لو خرجت من هنا لرأيت الحياة بالخارج متوقفة، ذات يوم تمنيت لو
أن اموت، لكني الآن اتمنى لو أني لم اولد بعد!


..يتبع





-2-



-أن تكون غرفة واحدة،وسرير واحد، وتلفاز واحد،ومنشفتين..!

شيء هائل! شيء لايصل بالحرية بشيء،

كل صوت بالخارج يهزني حد الدعاء أن لايكون هو،عباءتي تتشبث بي رهبة سكون المكان

اجلس دون إحداث أي تغيير،وكأنني مجهزة للرحيل،وكل دقيقة تمر تعلمني بخطورة ماقدمت عليه!

عشرون دقيقة مرت،ولا شيء يتغير،ولاهو يؤكد صحة وجوده!

ربما اعتادت الأشياء اخلاف موعدها معي…!



-مضت ساعة، كأنها خارج الزمن، وأنا على يقين انني لو خرجت من هنا لرأيت الحياة بالخارج متوقفة، ذات يوم



تمنيت لو أن اموت، لكني الآن اتمنى لو أني لم اولد بعد!

.-.

.-.

الساعة الثانية عشر وأربعون دقيقة

انه منتصف الإدراك،ومنتصف الندامة،والسخط !

لمَ تصبح الأشياء عندما تتصل بي ناقصة
الاتساق،لم أخلفت الحرية موعدها ورمت بي على مقعد بارد،مع رجل غادر قبل
حضور، أيعقل أنها لن تأتي قريباً، هل الأجمل دوماً يأتي متأخراً..!


“حين تصير الحياة كابوساً تصبح الحواس ادوات تعذيب”*غادة

.-.

كنت قد بدلت ملابسي،وملامحي،وإحساسي،وجلست على مقعد يفصلني آخر مثله عن السرير الكبير

وانتظر الرجل الذي تأخر قرابة الساعتين،لا لأتأكد من وجوده،بل لأرى أي جنون دفعه لأخذ غرفة واحده!

-من الأفضل أن يبيت خارجاً

كنت انظر للباب وانا اردد ذلك في داخلي،ماذا يحدث ان تقدمت الآن وأقفلته واستلقيت على السرير ونمت بعمق!

جميل ا ن أعي أن الحرية اقتصرت على رجل واحد، فقط واحد..،إن غادر ملكتها!

تحرك الباب الذي كنت أتخيل فيه جنوني، وعاد الرجل!

.-.

.-.

.-.

أغلقت الباب وتقدمت للداخل،وقفت بالقرب منها

التقت نظراتنا بعمق هذه المرة،وبدا لي انها تنطق بشوقِ لي!

عند ذلك…اصيب لساني بنوبة نطقية!!

-إذا وقفت أمام حسنك صامتاً..فالصمت في حرم الجَمال جَمالُ*

-كلماتنا بالحب تقتل حبنا..إن الحروف تموت حين تقالُ*

اردت ان اقول شيئاً كهذا.. لكني قلت شيئاً آخر :

-”بعد شوي…بيجبون العشاء”

لم يكن منها سوى حركة نفي من رأسها وجملة لم استطع سماعها، لذا استغليت هذا العذر لأقترب منها أكثر

ربما أحست بتحرك الاريكة حيث جلست جوراها،بعد ذلك غطى المكان صوت لاصوت له فبدت لي كحلم..وجميع الاشياء أصبحت غير محسوسة!

ربما حتى هيَ!

ماتراني سأقول الآن!

-”كنتي ماتشربين عصير البرتقال عشان كذا طلبتلك كوكتيل”

وبدأ استعراض الذاكرة سابقاً لأوانه!..ولم اقصد سوى ان تعي أن ابسط شؤونها تهمني!

ما ان أنّبت لساني،حتى قال متجاهلاً:

-” مو كأن الإضاءة هنا عالية..”

تركته ينطق مايشاء،فربما هي لاتسمع على أية حال!

ولاتنظر الي،ولاتتحرك…هل يصيب الخجل الفتيات بالنعاس؟ هل ياترى نامت!

ابتسمت،بل ضحكت، واردت ان ابتعد قليلاً

ما أن وقفت حتى اعادني حشد الكلام في
حنجرتي لأجلس قبالتها، لم يتوتر فيها سوى أصابع يدها، كنت حقاً مفلس من
الكلام وعاقداً صفقات فاشلة مع عدة مواضيع


طالما أيقنت بقدرتي على الإفصاح عما اريد، دوماً شعوري كان واضحاً كخبر رئيسي يضطجع في صحيفة!

افقد كل الثقة الآن، قلبي حانق جداً على
لساني، فكلما مر الوقت أصيب بخيبة جديدة،وليالي السهاد التي أعدتني لموقف
كهذا،تضع خيباتها فوق رأسها بإحباط !




هذا اللقاء،وهذا الوقت،وربما ان كذبت
سأقول هذه الأريكة وذاك الباب.. جميع الأشياء فكرت بها معكِ منذ أن صار
إسمك لايمر عادياً على مسامع قلبي!


اذكر أن رساماً قضى نصف عمره في لوحة رسمها لمعرض عشيقته،وعندما حقق ما أراد اصطف معها،لتبدوا اللوحة صامتة،ويبقى بقية العمر اخرس!

وان أكون هنا دون لوحة عاجزاً حتى عن
الصمت.. يجعلني فقط أؤمن ان اللحظات الأجمل بودها أن تصبح لوحة لاتحتاج
لأصوات لتنعم بها الذكرى!


عندما ألقت نظرة خاطفة علي،فكرت بلا تفكير

-أتراني أعجبتها هذا اليوم؟ اقصد هل ابدوا شبيهاً بالشخص في قصتها؟

ليتني احمل مسبحة!!

-كان يحمل مسبحة عندما يفكر، ويبدوا انني ان فعلت مثله الآن لرأيتم حباتها منتشرة قرب قدمي!



-”رسيل”

-”الف مبروك..حبيبتي..الف مبروك”

أكاد اقبل رأس الكلمة التي استلذ لساني بها،قبل ان تعجبها! فقد كانت كما خلقها قلبي!

ولم تعقب أبداً، وتدريجياً اكتفيت بمجرد ان تكون تستمع إلي

-”كان الفستان(ضيقت إحدى فتحتي عيني تصنعاً لتفكير كاذب) زايد وزنك”

اتبعتها بنصف ضحكة

-”كنت طالع عشان تاخذين عالمكان براحتك..وش رايك بالغرفة؟”

كنت أتأملها وهي ملقية بعينيها قرب قدمها،متجاهلة وجودي تماماً

تابعت:

-”اليوم بدر اخذ جوالي يصور فيه ولا رجعه تدرين ماخلا شي ماصوره حتى الكراسي”

تعلمين..باستطاعتي الآن سرد كل ماقرأت في حياتي،ووصف كل مالم اشاهده،استطيع أن أقول أي شيء الا عن النابض في داخلي!

.-.

قال حبيبتي!

ذلك الصنف من الرجال،مشتريّ العبارات الأكثر رواجاَ، لاابغض سواهم!

لعلمي أن بدري لايحب التصوير،وانني لم
اكره عصير البرتقال من قبل،وانني اقل وزناً بالفستان،وان الإضاءة
طبيعية..،يجعلني أود أن اخبره أن يصمت..!


لكنني سمعته يقول ضاحكاً متفاجئاً من نفسه ربما:

-”حاس اني بسجد شكر”

طُرق الباب وقد اهتز جسدي بفزع..،وكان العشاء

أنصت..! لاتفكر ان تتقدم لي بصحن طعامك!

حسناً..! حاول أن تكون لطيفاً إن أردت،وكن
غير ذلك ان وددت أيضاً، لن يغير شيئاً حديثك،فأنا لا اشعر بالخوف فقط،ولا
بالخجل فقط،ولا بالنعاس وخيبة الأمل..فقط..،اشعر اني سألفظ الطعام ان حاولت
إطعامي!


اتجهت أنظاري إليه عن بعد،كان بقدر كبير من الابتهاج،يتعسني ان أكون عكسه تماماً في ليلة كهذه!

الا يجب ان تكون ليلة مرتبطة بالفرح!

نعم..دققت في ملامحه،خلسة! وازداد قلقلي عندما تأكدت انه لم يعد عمر الذي رأيته في طفولتي!

.-.

.-.

استلمت العشاء..، كلانا لم يكن قادراً على تناول الطعام ولا الحديث ولاحتى النوم

كي لاازيد الجو شحنة جديدة،قررت ان اصمت حتى تسترخي بعض العضلات!

فما احوج وجهي لاسترخاء.. فقد أتعبته الابتسامات!



نظرت للساعة كانت تشير الواحدة،ثم لعينيها المشيرة بالهلع ،ثم للتلفاز المغلق الذي فتحته مقلباً القنوات والمزاجات

قرب مقعدها كنت أجلس، والتلفاز أمامي ،
وكانت تستحوذ على تلك الرقعة بلا امل حتى لتعديل جلستها، أن أعي انها خجولة
مني لهذا الحد يجعلني اشعر بنشوة غريبة!


اتابع تغيير القنوات دون استيعاب مايعرض فيها،لست متأكداً ان بإمكان رجل شغف بفتاة..

عندما تكون معه ،يترك عينيها ويتابع التلفاز!

يبدو ان الأقدار ستكون مميزة معنا! وكل مايعرض بدا مميزاً عندما فوجئت بها تتابع التلفاز معي!

فلم تعد الأريكة تشعر بثقلي!

رن هاتفها،فأغلقتْ الشاشة مباشرة،مما اضحكني انها ألقت بنظرة علي وكأنني تخطيت حقوقها!

تجَاهَلَت الهاتف بعد ان هبطت عينيها فجأة

-”الجوال”

قلتها بمكر من يريد نظرة اخرى!

عندها توقف عن الرنين وبدأ هاتفي أيضاً، ذهبت لحيث يوجد مبتعداً عنها قليلاً ، وكان بدر

-”هلااا حبيبي..ههههه ياخي اسكت اصلا مضيع
من الصبح ههههه ايه ابشر بس على فكرة مفروض تقول لي يااستاذ ياسيد تعرف
انا عريس هههه اوكي الحين.. انا كم بدر عندي هههه”


شعرت بها تلتفت الي مباشرة،فقط بعد أن سمعت اسم أخيها..وأسعدني انه اراد مهاتفتها لتتحدث معي!



.-.

سماعي لاسم بدري يشعرني بأمان،بحق اشعر بالأمان!

احتقرت حينها كذب ذلك المخلوق منذ البداية! ألم يقل ان هاتفه مع أخي!

قبل ان يدعني أتحدث معه عاد ليقول لبدر

-”على فكرة تراها ماتتكلم بس تسمع هههه لالالا آسفين يالشيخ هههه”

اقترب الي ممسكاً بهاتفه،وأمسكت احد أطرافه وتمتمت لبدر بعدة كلمات وأنا مشبعة بالغضب على الآخر ذاك

-”عليكم السلام،بخير،ايه،(وفجأة أردت السكوت حتى أدرك خجلي فوعدني بمعاودة الاتصال وأضفت)وانت من اهله”

بعد أن أغلقت،تورطت بهاتفه

قررت ان اتركه على المنضدة أمامي،..كنت أتأمل جهازه الأسود ولحظت عدة خدوش تبدو حديثة

يبدوا معتاداً على خدش كل شيء.. لم يقتصر على الجمادات!

رتبت المقعد من حاجياتي،وترددت كثيراً قبل أن أتحرك، وأنفذ مافكرت به مباشرة أثناء وقوفي،

رفعت مرتبتيه، وعيناي لاتحاول الإقلاع ابداً!

أن يصبح للمقعد الذي جُهّز ليجلس عليه اثنين سرير طوارئ لفصل احدهما عن الآخر..هو أفضل ماحظيت به هذا اليوم

عندما انزلق السرير للخارج فوجئت بلساني ينعقد أكثر،..فأين لي بغطاء لاختبئ فيه عن ذلك المذهول أمامي؟!

اقترب مني، خطوة بعد اخرى وصل أمامي مباشرة، أقدامي بدأت ترجف حتى كدت اسقط

قال،”وش تسوين؟”

في وضعي الطبيعي لم أكن قادرة على النطق كيف بي الآن!

نظر إلي طويلاً،ثم أدبر وجسده الذي يبدولي كبيراً كظلّ رجل صممت له توقيعاً ذات حدة طباع، يتعملق كلما ازداد هلعي!

ثم ابتعد وأنا اتبعه بعيني رهبة من رد لفعلي،وقف أمام السرير وقال:

-”تعالي”

وكأن من يظنها قبل قليل لاتتحدث،هاهي لاتسمع أيضاً!

اقسم أن أطرافي تهتز،وضربات قلبي كخطوات جيش بدأ معركة!

ثم حمل هاتفه وجاء إليّ فكدت اسبقه بالهروب لولا انه تخطاني وفتح باب الخزانة بجوار التلفاز واخرج وسادة وغطاء!

وضعهم على سرير المقعد وقال:

-”انا بنام هنا”

وكأنه يتحدث بلغة لااعرفها تابعت النظر بعدم استيعاب،أضاف:

-”نامي هناك”

واتجهت أعيننا للسرير،وما ان منحني تلك
الموافقة حتى كدت اركض هاربة، استلقيت وأحكمت الغطاء حتى على وجهي وأنا
اشعر بالراحة رغم الاختناق..


ربما مرت قرابة الساعة وغفوت

.-.

استيقظت على أذان الفجر،وتلك المرة الأولى التي يوقظني فيها صوت الأذان!

طالما كانت اذنيّ تنام معي!

أخذت استشعر السكون الذي لفَ المكان،تلك
المآذن جميلة حد البكاء،..في طفولتي كنت أتمنى خمس مرات في اليوم ان
أتسلقها وقت الآذان،وعندما كبرت تمنيت لو كنت مئذنة،ليعم الحق بالنداء!


تذكرت تلك التي حَسَدَت المآذن والأطفال
الرضّع، لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه، قبل أن تروض الحياة
حبالهم الصوتية، وتعلِّمهم الصمت!*


رأيته بالظلام يقف قرب النافذة بهدوء..،ظَلّ منكبيه يشكلان نافذة اخرى لاتطل على تلك المآذن التي تصدر من قلبي وتفقدني صوابي!

في صغري سألت امي،عندما رافقني ظلان لي،هل
هؤلاء هم الملكين في كتفي؟وعندما فوجئت بظل واحد لاحقاً،اعتقدت أن الآخر
يلعب معي لعبة الاختباء،فقفزت كثيراً باحثة عنه!


دوماً عندما اشعر باليأس اذكر طفولتي،وعندما اشعر بالوحدة ابحث عن الظلال!

.-.

.-.

خرجت للصلاة،وكنت في حاجة لأبقى بعد ذلك قليلاً ارتب افكاري دون ان يكون لوجودها تأثير عليَ

لااشعر بالنعاس..،طيلة الليل افكر
بملامحها الخائفة جداً مني، لو رآها أحد ما لاعتقد انني تحولت لأسد..! لالا
بل نمر.لا ربما هي لاتخاف منذ ذلك بقدر الهلع الذي بدا منها!


وعند انشغالي بتعداد الحيوانات المتوحشة عدت لغرفتنا،وما ان رأيتها نسيت شكل الأسد!

ذلك الشيء المتراب في نفسي،بدأ بالزوال كلما تعذر لي حياؤها بنظرة وجلة!

وكم أحببتها…!!



ظهيرة اليوم التالي

صحوت وأنا أتفقدها،واستيقظت جميع السعادة
فيني ما أن تأكد الواقع..كانت نائمة،توضأت وفتحت الستار لتدخل الشمس كاشفة
عن امتعاض ملامحها المتفاجأة


خرجت وانا اشعر بتوعك بسيط،ذلك السرير غير مريح بالطبع، أكان خطأها الغير متوقع..ام خطأي لقبوله..ام خطأ الغرفة الواحدة!

بعد عودتي بمزاجي الجيد،رأيتها تجلس قرب المرآة، أطلت النظر إليهما..ورؤية اثنتين منها يفقدني صوابي!

ابتسمت على جشعي وقلت للتي بالمرآة

-”كيف نمتي”

لم تقل شيئا لكنها فعلت الأدهى من ذلك، ابتسمت وخفضت رأسها

أليس من المعيب ان يرتعش قلبي اثر ذلك،واشعر اني سأفقده بسببها!

كدت أقول شيئاً عما يؤيدني قلبي به لكنها قالت

:”خالتي تسلم عليك”

-”الله يسلمها من كل شر.. تبين نروح لها؟”

وسألت على استحياء متجاهلة نظراتي

-”وبيت عمي؟”

قلت مباشرة-”اكيد..اي شي تبيه الحلوة يصير”

لم تكن فقط حلوة،كنت سأصاب بداء السكري بسببها!

وما ان بقيت لي التي بالمرآة حتى اقتربت،وحطت يدي على كتفيها وأنا اقول:

-”الله يخليك لي”

لاادري لم ملكت صوتا لطيفاً، لا لااقصد
كصوت فتاة صوتي أجش قليلاً، وجميل لكني لااصلح مطرباً..لاتضحكوا، فأنا سعيد
كما لم يسعد بشر قبلي في الخمسين عاماً الأخيرة..


هل تصدقوا إحصائياتي؟

عندما نظرت الي من المرآة،وددت الخروج بإحصائية أكثر دقة، لكني فضلت ان لااكذب أمام حشر الكلمات على طرف لساني..

ربما منذ الأمس علمت ان معدتي الأكثر بديهية!!

-”تجهزي عشان نطلع نتغدى”

حركت رأسها ايجاباً،فقلت

-”وين تحبين نروح؟”

قالت بارتباك-”اللي تحب”

احبكِ انتِ..احبكِ انتِ .. خذي بقلبي مقعداً واغفي هنا وارتاحي!

كدت اغنيها لو ان صوتي لايستدعي للبكاء حينها، حبك يجلب لي كل شعور يجعلني ساخراً من نفسي..وفخوراً بها!



خلال ذلك الوقت وقبل ان نخرج للغداء،كنت اسألها عن أي شيء وتجيب مرة باقتضاب،ومرة بنعم واخرى بلا،وتجيب كثيراً بلا صوت!

وددت ان تُقلع سيارتي،وان أطير معها حيث لاشيء سواها، وجودها يطغى على كل شيء،كدت اجزم ان لا امرأة سواها في هذه الحياة!

ألهذا السبب تغار الحموات!..انني عابث
جداً بوجودها،..لن تغضب والدتي بالطبع..اخبروها فهي تحتل الماء في كرتي ان
احتلت رسيل اليابسة!


وكنت أقود باتزان..متظاهراً بكوني رزين!

.-.

هناك…

اشعر براحة مذ صحوت، لم أكن كالأمس
أبداً…اشعر انني ابتسم لاصادقة لكنني لااجد غير ذلك عوضاً عن صمتي..اعلم أن
التصفيق وسيلة مؤدبة لإسكات المتحدث،لكنني لم اقتنع بها ابداً،لذا ابتكرت
وسيلة أكثر أدباً لإسكات المتحدث لي، دون الحاجة إلى تبرير!


لايهم اقتناعي بالاخرى ايضاً،لكنه راضٍ بابتسامتي،بل وسعيد

-احياناً لامفر من إجابة،ولا تعويضاً عن سؤال..والآن افكر بشيء خطير…سأحاول التحدث معه تمهيداً لما سأطلب!

وهذا المطعم يبدو مشجعاً للكلام

هناك أماكن جهزت لفتح شهيتك للطعام،واخرى قادرة لإشعال شهيتك للكلام..وهذا المكان يبدوا اخرساً، لكنه يجيد الاستماع

..ولأنها المرة الأولى التي أتناول فيها غداء مع رجل في مكان عام،لم استطع ان آكل شيئاً، وبما انه عمر لم يعدني جهازي الهضمي بخير!

-”اختاري”

مد لي قائمة الطعام وكما يكون”بكل سرور”!!

لكن كلمته-اختاري- كانت جافة لاتستحمل
عروس تتناول أول غداء مع زوجها!..كان يجب ان يضيف كلمة مرطبة عليها.. ليست
فقط بشراتنا تحتاج على ترطيب، لكن بالطبع..ذلك لايعني أنني أريد الحصول على
مرطب منه!


لكنه انتقاد كما انتقد في داخلي قائمة
الطعام للونها القبيح،ونوع قماش الكرسي الذي سيرحل معك بعضه،واثر أجوائنا
على ألسنة الشعب، ولا انتقد الجو طبعاً لكنني انتقد عدم استخدامهم لمرطبات!


نسيت أرضية المكان لامعة ولاتصلح لمطعم،وحتى الرجل الواقف ليكتب طلبي نسيته!

لم اسمع ماطلبه عمر،لكني قلت:

-”اثنين”

وعدت ادقق بقائمة الطعام،ولا اذكر منها سوى اللون،ولو اُخبرت أنها تحمل لغة روسية لصدقت!

..

كان عمر يتحدث عن المكان والتصميم وإستراتيجية الموقعة والخ..،ربما نسي انني لست احد أصدقائه..!

وعندما حضر الطعام حمل لي ملعقتي من أمامي ومدها لي، وبدأ بتناول طبقه مشجعاً

لكني أكاد آكل ملعقتي فارغة

-أدوات الطعام حين تصل فمي،وتعود للصحن الموضوع لا تأخذ وقتاً ولاجهداً، إلا أنها الآن تمثل إدخال إبرة في قماش ثقيل!

فقط لأنه يتابعني…دقيقة،واثنتين،واخريات..،

يزداد توتري كلما مر الوقت..فحدث أن سقطت ملعقتي أرضاً!

أخفيت يدي سريعاً إلى حضني..فزعت!..قلبي يواصل الخفقان،ويدي كانت ترتعش كلما يزداد ضغطي النفسي من ذاك الذي وقف الآن!

حاولت سبقه لأجلب الملعقة،ولم اعد احسن التصرف،إلا انه اقبل مسرعاً وامسك بيديّ..

لا بل ان أغلق عليهما بكفيه التي تذكرون!

وذلك لم يخفف من رعشتها حتى سرت بجسدي كله!

.-.

.-.

كنت اراقب توترها منذ البداية،ورأيته يزداد كلما نظرت اليها او تحدثت معها

عندما أسقطت الملعقة سقط قلبي من مكانه،ولم اشعر بنفسي إلا قابضاً رجفة يديها محاولاً ان ازيل توترها!

انحنيت لأركز إحدى ركبتي كي أبقى ثابتاً وأنا أقول:

-”بسم الله..يابعد هالدنيا..ياحياتي بسم الله عليك الرحمن الرحيم”

لم تهدأ،وكلما ضغطت قليلاً على يديها حاولت سحب كفيها، وكانت عينيها مرتكزة بانفعال شديد على مكان الملعقة

-”نرجع؟”

حركت رأسها ايجاباً متحاشية النظر إلي تماماً

.-.

.-.

في السيارة،وبعد وهلة قالت:

-”ماقدرت آكل”

وتابعت-”ماتعودت”

وأضافت -”عليك”

كنت قلقاً جداً..شعرت انه اعتذار،قلت مبتسماً

-”بتتعودين علي معك وقت”

.-.

.-.

رغم خجلي الشديد من نفسي،ومن الموقف وماحدث، الا اني الآن افكر بشيء آخر

جملته الاخيرة،جعلتني ادقق في تكوينه للجمل،ربما هذا مالاحظته جبراً أثناء حديثه الكثير!

ويتكرر في بالي ماحدث بدقة اكبر،وأخاف ان يستمر حالي معه هكذا

ستكون مصيبة حينها..

ان المصيبة تبدوا كبيرة جداً عندما تحضر،وتجعلها الأيام اصغر تدرجاً..ومصيبتي معه بدأت كبيرة ويبدوا أنها ستتضخم مع الأيام

هل مايحدث لي ثمن للحرية!

كيف ستقبل بي؟ ،مايدور حولي يفقدني حتى شهيتي للطعام،رغم انني جائعة!

.-.

.-.

مر الوقت سريعاً بعد عودتنا،قطعناه بخروجه وعودته،وبتحدثي بالهاتف،وتحدثه معي

-”نطلع نتعشى؟ولا يوصلون لنا؟”

سألني وهو يضيف مبتسماً بمكر-”ماتغدينا”

أجبته-”كيفك”

ثم غيرت رأيي-”نطلب”

ضحك وهو يقول باحثاً عن هاتفه

-”يلا بنتظرك تحت”

لمَ تسألني مادمت تريد الخروج،تصرفاته طالما أغاظتني

كنت افكر أثناء خروجي،لن استطيع ايضاً تناول شيئاً،لكنني دهشت عندما توقف أمام منزل عمي!

التفت الي وهو يخرج حزام الأمان

-”اتصلت ببدر(ضحك قائلاً) ماله نية يرجّع جوالي قلت أجي آخذه”

مالم يرى مني حركة ولا صوت قال موضحاً

“اتصلت فيه وقلتله بجي آخذ الجوال -وعزمتني- عالعشاء “

-”ليش؟”

سألت غير صدقة فقال:

-”مابي تدوخين علي واتورط فيك”

ضحك وكدت اضحك سعادة لأخرج،لكني أبيت الحراك

-”ليش ماقلت “

جملي ناقصة،لكنه يستطيع الإجابة عليها،فتح بابه وهو يقول:

-”مايحتاج”

.-.

.-.

خرجت مباشرة،ولولا الخجل لسبقته للباب،ولم يعد يهمني وكأنني لن أعود إليه

رحبت جنان فيني،وكدت لاافارق حضنها

ولم أرى غيرها،فكادت تموت ضحكاً عندما أخبرتها عما حدث في المطعم، وتناولت أشهى الأطعمة، بدري..حبيبي قال لي بحدة

-”مالت عليك مستحية من هذا(بالطبع عمر لم يكن موجوداً) خلاص ماعليك منه كل يوم بجي وقت الوجبات وبطرده”

-”ههههه ياليت..(أضفت) صدق؟”

-”هههه لالا ماعليك منه..بس بكرة بجيك تبين غدا ولا عشا؟”

-”كلهم تعال العصر”

-”هههه صدق انه دب ماخذك يجوعك وهو تلقينه شبعان”

ضحكت وأنا اجيب بخجل-”لا ماطلع ولا اكل شي”

رن هاتفي فأجبت سريعاً،وكان هو!

خرجت سعيدة،وقد عادت روح الحياة الي، وقال لي بضحكة ساخرة:

-”تعشيتي؟”

لم اجبه،فأوقف محرك السيارة قائلاً:

-”ماراح نمشي الا اذا قلتي”

فأومأت بالإيجاب،وأنا أود الكذب هذه المرة

-”ههه بالعافية بس انا ما اكلت شي”

لا ادري بما اجيبه،

-”ماقدر آكل شي وانتي مو معاي”

قبل يومين وقبلهما أعوام وأنت تأكل بدوني،ألا تزال لاتعي أنني أتقزز من كذبات الرجال!

-”بكرة بدري بيجي ويجيب معه غدا”

بالرغم انني لااقصده،إلا انها كانت كفيلة بأن تجعلنا نضحك نحن الاثنين!

كنت اريد إخباره،لكنها لم توافق الوقت

-”ههههه يعني اتصبر لين غدا بدّوور”

ثم حرك السيارة ومشى،معتقده انه سيمر بأحد المطاعم، لكنه لم يفعل

وتبعني ايضاً للغرفة، والمفاجئ انه دخل يستحم مستعداً للنوم

-ألن يتناول شيئاً!

بعد خروجه،استلقى على السرير الكبير،ثم نظر إلي مستأذناً ولم ترحب به ملامحي!

ابتعد وأصلح المقعد وهو يقول:

-”منتي نايمة؟”

كنت أقف قرب النافذة،فقلت

-”الحين”

بعد ان سحب الغطاء،رأيته ينظر الي بتعجب

ثم جلس وهو يبتسم قائلاً:

-”مستغربة من شعري حلو شكله وهو مبلل؟”

ولم انتبه لشعره الا حينها،لم يكن طويلاً
لكنه بفوضى تمنحه سناً اصغر، سواءً كان جميلاً ام لا لايهم..فانا كنت انظر
اليه عن دهشة ماشغل بالي!


-”ماتعشيت؟”

ضحك كثيراً لإجابتي،مما جعلني اندم على سؤاله ان تناوله للطعام ام عدمه ايضاً غير هام..لكنه شيء غريب!

-”شربت شاهي وكان فيه بسكوت عند بدر سد نفسي”

-”متى طلعت؟”

-”ماطولت”

-”اخذت جوالك؟”

-”اكيد”

لأني أتحدث معه عن بعد،استرسلت بفضولي،لكن يبدو انه مرهق ولايحتمل ذلك،لكنه تابع

-”هو اللي اتصلت عليك منه احفظيه”

-”اكيد”

عندها كان مضجع وجلس،وكأنه ترك النوم على وسادته،وهو يضحك مدهوشاً

-”هههه منك…منك احلا “

لم اقصد ان أقلده الآن وربما هو دوماً مايقولها، أعجبتني لأنها كلمة مفيدة لقطع سيل من الأسئلة!

وضعت هاتفي،وأطفأت النور واختفينا!

الرائع في عمر،انه منحني بعضاً من الحرية.. وانقضى يوم كامل لي مع هذا الرجل.. ما أثقله.. هل يعقل أن أكون مثقلة به بقية العمر!!

رجل يملك هاتفين، رجل مزعج… مزعج كثيراً..في نظري!

.-.

.-.

استيقظت مصابة بخمول، لم أجد احداً غيري لكني اشعر أن هذه الغرفة مملة

استحممت،وجلست طويلاً أمام المرآة دون ان
افعل شيئاً يذكر،وقلبت التلفاز دون أن يستوقفني شيء، اتصلت ببدري وما ان
أنهيت مكالمتي منه حتى شعرت بإحباط آخر،


تعذر عن حضوره هذا اليوم!

ودخل عمر وبدأ الإزعاج!

تركته يتحدث دون ان انطق بحرف واحد، حتى قلت:

-”بدري مو جاي اليوم..مشغول”

-”ليش كان بيجي؟ ماقال لي”

-”انا قال لي امس”

افٍ..من هما..

-”نومتي امس تكسر الظهر الله يعيني اليوم”

لم اعلق طبعاً..

-”قولي شي ههه قاعد المح “

فقلت-”ببادلك اليوم”

ضحك واقترب حتى جلست عنه ،فقال:

-”الى متى؟”

إن اصبت بإغماءة،فالسبب أنت.. أهذا وقت مناسب..!

لم أكن افقد الجلوكوز فقط،بل وحتى الأكسجين

-”لين اتعود عليك”

.-.

.-.

لا ادري لمَ تضطرب هكذا كلما اقتربت منها،يبدو انها لن تعتاد علي قريباً

قلت مطمئناً مازحاً:

-”اكيد”

-”طيب..غير الغرفة “

جلست مستغرباً تلك الفتاة،أهي تقول ماتفكر به وحسب؟ام تأخذ وقتاً لتفكر بما تقول!

-”ماعجبتك؟”

-”الا”

-”طيب؟”

رفعت عينيها واخفضتها، ثم قالت:

-”نسيت أصلي”

وابتعدت..دوماً ماتفاجئني بتغيير الموضوع،وأصبحت ماتبقى من اليوم صامته، بمزاج يختلف عن الأمس..

مادوري إن لم اسعدها..؟!

.-.

عند أذان المغرب،خرج للصلاة وكدت اقفز فرحاً

شيء مزعج أن تكون تحركاتك متابعة،وهذا اليوم هو لايفعل شيئاً سوى ان يجعلني كرته الأرضية ويدور حولي كفلك!

فتحت التلفاز مهيأة وضعي حتى يعود،لينشغل كلانا! ،توقعت جلوسه في مكان ما وأوليته ظهري…،حضر سريعاً، قال على عجل:

-”تتابعين هذا البرنامج؟”

حركت رأسي نفياً

-”ليش فاتحته؟”

صددت عنه، اتابع حتى قال آتياً إلي:

-”شعرك متغير؟”

أيتحدث عن شعري..!!

رفعت رأسي ولاشعورياً تحركت يدي اليمنى لتصفيفه خلف اذني

تلك عادة،ربما عندما ارفع رأسي..لكن خجلي ألهم مزاجه،ماجعله يجلس مباشرة وهو يقول:

-”يناسبك..اصلاً أي شي تسوينه..(تراجع) اقصد حلو”

ثم تابع وهو مبتسم،ليحثني على الكلام

-”كيف صار كذا؟”

أهو يحاول معاكسة زوجته الآن! ان كان كذلك فهذا مضحك جداً…

لكنني لو تعلمون لم افعل شيئاً بشعري..عدا بعض من إرخائه بالهواء الساخن!

ولن افعل ذلك طالما سيجعله لاينقشع من أمامي!



عندما يأس من تجاوبي معه قال:

-”وش رايك نطلع نتمشى شوي”

-ربما كانت نزهة…وربما كانت أشبه برياضة المشي التي أتقدم بها وحدي

مشيت حتى تعبت،وتحدث عن تعب..وتناولنا بعض
من الحلوى والكعك وربما قهوة باردة وبسكويت وشوكلا ومعجنات،وبعض من
العصائر ومثلجات ولا اذكر ماذا ايضاً،لكننا لم نتناول حقاً سوى
القليل،وبالنسبة لي قطعة واحدة


-”شرايك بالمكان؟”

-”حلو”

بالطبع سأقول ذلك فكل شيء هنا يخبر بذلك،عداه!

-”من غيرك..حلو!”

ابتسمت بانتصار من أثبتت معلومة في رأسه..،أخبرتكم جمله لم تكن مركبة كما تعودت

كان يوزع نظراته على المكان كمن يبحث عن شيء

تنهد-”كنت دايم اقول اذا تزوجت بجيب زوجتي هالمكان”

حديثه زاد فضولي قلت وأنظاري تهتز بينه وبين الأطعمة الشهية

-”ليش؟”

-”انا ادخل النت من هذا المكان ولي سنين
اجيه..تصدقين هذا الجزء كله موسعينه كان اضيق اتوقع الجدار اللي ورا بنوه
عشان العوائل الغو مواقف السيارات وهذي الجهة اخذو كم متر من مواقف
السيارات….”


وبدأ بحديث طويل نصفه لا اريد ان افهمه!

أيحضر زوجته ليتحدث عن أمتار المكان وزاويته؟..ربما الأفضل ان لااسأل!

-”دايم تطرين على بالي بهالمكان”

استوقفتني عبارته التي أتت معلنة عن غموض ما،وقال مغيراً سير الحديث

-”ماحب الدونات (ضحك وهو يقول) ايام المدرسة كنت ادخل فيها قلم واسوي سيارة هههه وكم مرة عاقبني الاستاذ”

استطرد مباشرة وجعلني اشعر بالحنين الشديد،وكأن الجو انقلب الى شجن!

-”تذكرين صح؟”

عندما سألني بصوت أكثر حنيناً،أنعشت ذاكرتي نفسها

قلت لاارادياً

-”كان بدري يقلدك بس هو يحبها ياكلها اذا خلص لعب”

-”هههه طفولتنا تفشل!..(ثم سألني بأقل حدة) ليش للحين تسمينه بدري؟”

سؤاله كان مؤلماً،حيث تذكرت المرة الأولى التي شهد نطقي بها، ذلك اليوم الكئيب

لقد تخطى الحدود بسؤاله!..وأية حدود كنت وضعتها ياترى!

-”ماتغيرتي”

ثم قال وعينية ترتكزان في عيني

-”ولا انا”

اصرَف عيني يميناً وشمالاً، وعيناه اشعر بها تواصلان التحديق بإصرار

بدا التوتر جلياً علي،حيث قال وهو يأخذ كأس شيء ما..ربما كان ماء!

-”اقصد نفس شعوري لكم قبل”

.-.

.-.

شربت من الكأس، أنهيته..، كنت أظنه ماءً لكنه كان عصير!

هل يسجل ذلك اعترافاً ما؟ ربما لكني اشعر بالكلمات تختنق في صدري ولا استطيع البوح

هل كنت أظن البوح امراً بسيطاً!

صحيح انه ذات المقهى الذي ألتقيها واهرب
منها فيه،والذي شهد مئات الاعترافات ولو نطق الحديد لشهدت أرضه من قاعها
انني احبها حتى لااستطيع البوح!


لدرجة ان لساني فر هارباً وعكف طرفة اثر انزلاق، فخرجت “لكِ” فضفاضة جداً لتكون “لكم”!



أخذت تلعب بغطاء حقيبتها،اصبع يفتح والآخر يعيده والمغناطيس تعب من الطرد والجذب!

-”ماشربتي قهوتك؟”

التقطتها مباشرة،وقلتلها:

-”للحين ماتبغين تزورين خالتك؟”

ترددت وهي تقول:

-”بعدين”

.-.

.-.

وما ان غادرنا،كل شخص منا قد أبقى في فمه شيئاً لم يستطع النطق به

هو..ابتلع ما أراد قوله، وانا تركته مع كوب القهوة ،وفعلت طويلاً تمارين استرخاء لشد ما ثارت أعصابي!

حملت هاتفة لسريره اقصد للمقعد للتأكد من تواجده هناك،وشرعت في نوم غير عميق

.-.

.-.

-عند استيقاظي رأيته نائماً، ويبدو أفضل وهو لاينظر الي!

ورأيت رسالة من أخي يخبرني بقدومه ظهراً

.-.

كنت اجلس على الأرض بجانب بدري وقبالة عمر،نتناول الغداء،بعد دقائق وق


سيدة الحرية  30_12_1213568613711
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:36 pm

متابعة الفصل الثالث .........



شعرت ان كل ماختبئ منذ زفافي يخرج دفعة واحدة على هيئة دموع!

وتلك اليد التي أحاطت بي بقوة،لم تفزعني،ولم توقف دمعاتي، بل زادتني الماً فوق ألم

وربما أصبح صوت بكائي مريراً تائهاً، شتت كل ماحولي من أصوات



هوَ..كان ينطق بشيء لم أود سماعة،ولم اسمعه مع تلك الضجة في داخلي

ما ان توقف كل شيء، كما يتوقف المطر وتغدوا العواصف الهوجاء،سرت في جسدي رعشة تزداد كلما دق قلبي بقوة،وكأن العالم حولي يطرق الحديد!

كان صوته مفزوعاً وهو يقول:

-”اهدي ياحياتي بسم الله عليك..والله الدنيا كلها ماتسوى دموعك آسف آسف بس مدري شقول “

اطمأننا قليلاً بعد برهة قال:

-”اذا البيت عنده للحين بقول لابوي ويصير خير”

أضاف-”انتي لو طلبتي القمر بقول حاضر واجيبه”

نظرت إليه بسرعة والقيت بعيني بعيداً،فقال

-”مقدر..ادري كذاب ههههه”

ضحكت،لاصطيادي اعتراف كنت اعرفه!

فقال وهو في قمة مزاجه،ماجعلني ابتسم

-”اجيب القمر وهو عندي”

.-.

بكائي جعلني اشعر ببعض من الراحة،لكني غاضبه من نفسي كثيرا لانها حطت من نفسها وجعلته يشفق عليها

قربه لم يكن مريحاً بل يجعلني ارجف رعباً..لكن عفويته بالكلام تذكرني بشخص آخر يشبهه!

تصرفه أيضاً،حديثه الغير مرتب وانسحابه السريع تماماً فوجئت به يشبه طفولته،كل ذلك يجعلني ابتسم بصدق!

هل يعقل انني طلبت منه ذلك!

.-.

ان تبكي أمامي يجعلني اذكر أكثر من صورة
لها كانت تبكي!وآخرها أيضاً في أيام العزاء ألاتصدقون أن ذلك يؤلمني
بشدة،قربها كان آخر ماتحقق لي من امنيات فأن تطلب منزلاً يجعلني اريد ان
اهديها مدينة!


انها لم تبكِ لأنها تحن إليه فقط،بل هي تشتاق لنا هناك..وللزمن الجميل… ذاك!

لا احد يعرفها مثلي.. لذا سأضطر لأخبر أبي قريباً

.-.

.-.

بكائي ذاك جعلني اطيل الاستحمام، فبجسدي قشعريرة لم تبالِ بالماء الساخن!

أن افكر لدرجة أن أملأ المكان رغوة جل الاستحمام بعدي،يعني انني وصلت لدرجة الانتقال للتفكير كلياً

.-.

.-.

يومين متواصلين من اللاتغيير بيننا…

استأذنتها بالخروج مساءً،

وصلت لأبي.. أخبرته انني اريد منزلهم السابق مؤقتاً..دهشته كانت تساوي دهشتي سابقاً

سألني السبب فأخبرته بنيتي في مفاجأتها..لااكثر

ونصحني باستئجار منزل آخر وان فعلي ربما سيضايقها ولن تسعد بالمفاجأة …لكن طلبي كان مجاب في نهاية المطاف

وسيجهز خلال أيام

أعانني الله على إخبار والدتي ،فلا اعتقد انها سترحب بذلك أبداً

أتمنى ان تصدق نيتي الكاذبة،فهل عندما أصبحت رسيل بين يدي اتركها حزينة!

لا والذي خلقني،فهو طلب بسيط..وهي رسيل… حبيبتي



البقية

.-.

.-.

بينما كانت والدتي ثائرة،وقفت رنيم بجانبها مؤيدة..وازداد اللظى!

-”كنت احسبها عاقلة وانت مجنون تخليها على كيفها”

-”الا قولي مجنون اللي تخليه على كيفها”

قصدت اخبارها بطريقة مباشرة،القصد منها تبسيط الامر لا التحدي!

لكن تجربة طريقة كهذه مع امي بوجود رنيم،جعل الامر يزداد
تعقيداً،ولااطيق كثرة التبرير وبالاخص بوجود اختي التي لاتنوي الانتهاء من
الجدال الآن

واسترسلا، وأنا صامت أعي ماتقولانه

لكن..عند هذه الجملة:

-”الوقحة اثرها ناوية على بعيد(اضافت بسخرية) متزوجه عشان بيت الحمدلله والشكر”

لولا وجود والدتي لصفعتها بكل ما اوتيت ،لكني التفتّ الى والدتي غاضاً بصري عن الاخرى

-”نتكلم بالموضوع وقت ثاني”

اجابتني حانقة-”هذي الي بتخليك تمشي على كيفها؟”

-”أي تمشية يمه الله يهديك انتي ليش تفكرين فيها كذا”

رنيم بضحكة مزعجة-”حلوة تفكرين هذا الصدق”

تابعت-”يايمه ابوي ماستاجر وحنا عاملين حسابنا اني اذا رجعت من السفر بيلقى لنا بيت لكن هي ماتبي تسافر شسوي اجبرها؟”

رنيم بضحكة-”والله وتتشرط وبعدين ليش ماتسافر ماتعودت ههه”

لآخر مرة اتمالك نفسي،تلك النظرة التي رمقتها بها،جعلت والدتي تتدارك الموقف قائلة:

-”ياولدي انا اشوف انك تقعد بمكانك لين تلقون بيت بس بيتهم ماله داعي وش يقولون الناس”

-”وبيتهم غلط؟ وش دخل الناس”

-”ياولدي اشوف انك تشيل الفكرة من راسك احسن لنا ولها”

لافرصة أملك! سأغادر إذن..،

لكن جسدي بقي ثابتاً في مكانه امام امرأتين قلما اصطفتا ضدي! اشعر ان ثقلي الآن قد يبيّن لأبي اثر قدمي على الارض!

وربما يتقصى خيبة املي!

قلت وانا اهم بالمغادرة:

-”خلاص براحتكم”

ما ان وصلت الى الباب،حتى رأيت والدتي قادمة:

-”انت عارف هذا لمصلحتك لان اللي تفكر فيه غلط حاول انك ماتقرر هالقرارات وتاخذ بشورها عالفاضي والمليان “

قلت بصوت بارد-”ان شاءالله.. في امان الله “

.-.

.-.

ربما لأنها المرة الاولى التي اعي تماماً انها على علم بما اريد،وتقف ضدي دون اظهار أي نية لمعاودة التفكير!

يجعلني اثق ان بدايتي مع رسيل..محبطة!

لو كنت اقطع الطريق بقدماي إليها، لأخبرتكم عن التصاق نظراتي
بأطراف أصابعي،الاحباط أكثر كآبة من أي شيء،يفوق الحزن تعبيراً،والألم
تصويراً،وتشعر معه أن النهاية لن تتغير مهما واصلنا تبديل الوسائل،ومهما
كان العطر قوياً فلن يصل لإحساس أحد،

الاحباط هو من ارتدى زياً فاخراً فلم يحظى بعمل،وكأن لاوظيفة للشمس سوى إبصارنا!

وحين توقفت خطاي المحبطة قرب قدميها،صعدت بها سريعاً، وجربت شيئاً آخر،

طلبت كوباً من الشاي ولأول مرة أطلب شيئاً

.-.

.-.

رأيته وكأن أمراً قد ألمّ به، كان يطيل التركيز بشيء ما وكأنه يبادله الحديث

كم اضيف من السكر؟ أين الغلاّية؟ أين أكياس الشاي؟

واما ان تذكرت ان هنالك شاياً معقداً أوراق كثيرة وإبريق وغليان، تبدو طريقة صعبة،اهملتها لثقتي انها لاتستحق الجهد!

عملت الأبسط وخلال دقيقتين احضرته له،وكأنني صنعت غداءً!.. لم
أكن سعيدة بخدمته،لكني أجد وقتاً فارغاً وإن صدقت القول كنت فخورة لأثبات
قدرتي على -الطبخ-!!

-شكرني،وارتشف منه،وكرر ذلك، ثم رفع رأسه إليَ وكأنه تذكر وجودي

-”احلا كوب شاي شربته بحياتي”

كدت على وشك تأكيد فخري لولا انه أضاف-” بجد احلا شاهي كم حاطه سكر؟ شكله نص الكوب هههه”

وانا من اعتقدت ان هناك مايشغل باله!

-”أي شي اصلحه انا..يكون حالي..عشان كذا اخدم نفسك”

وذهبت وشيء من الغرور علاني بغير وقته! ،فناداني ضاحكاً

-”تعالي ترى انا احب السكر..واحب..السكر”

كررها بابتسامة غريبة!

عدت بعد دقائق وبيدي علبة احاول اعادة ترتيب حاجياتها، منذ ايام وانا اشعر انني مشغولة رغم فراغي الشديد!

ما ان انتهيت حتى فوجئت به مشغول البال جداً كأنه يفك رموزاً في الارض!

ليس الغريب ان لايتفرغ لمراقبتي رغم ان ذلك بذاته غريب،لكني لم اعتد ذلك الوجه الجاد!

وأيضاً مراقبتي له هذا اليوم غريبة!

وكأني ابحث له عن مكان شاغر في تلك العلبة بيدي! فلايزال وجوده غير مألوفاً..!

ابتسمت وانا احاول اغلاق العلبة عليه، لأفاجئ به متعجب من ابتسامتي!

قلت متشككة-”وشو”

كان يبادلني الابتسامة، ثم قال حينها ما اضحكني حقاً لكونه حديث لاصلة له:

-”نظمت قصيدة بقولها لك لالا بيت واحد”

اهذا ماشغل بالك؟ اضحك بسخرية وانا اقول -”اثر عليك السكر(اضفت بمكر)قول”

وضع الكوب جانباً وقال مباشرة-” لحظة ارتبها طبعاً بتكون عن ابتسامتك”

ازداد حماسي ولم تفارقني تلك الابتسامة حيث بدا لي الوضع
كأنني اتابع برنامجاً لا رجل يحاول الغزل بابتسامتي، ربما هي المرة الاولى
التي اتحدث معه دون ان افكر بنا كحياة مشتركة،وإلا للذت بالصمت!

وعندها قال:

-”وودت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المبتسم”

ثلاث ثواني مدة دهشتي،ودقيقة قضيتها ضحكاً كما لم اضحك معه من قبل

-جداً مناسبة ياسيدي الشاعر،قال اثناء ضحكي:

-”تضحكين الواحد ساعه يحاول يألف لك قصيدة “

-”ههه لالا.. شاعر موهوب”

-”اكيد من يشوفك ولا يصير شاعر!”

وكأنه اعادنا للجو القديم!

سلبت جملته حديثي بحرية!

بل واتاحت لي الفرصة للنظر حولي،وكيف لهذا المكان الصغير،ومحادثة رجل بوجل ان تَعد بحرية ما!

انه قوت الفقير،كالأمل تماماً حريتي، هل كان الأمل سراباً
؟..حينما تتاح لنا الفرصة للقياه،يبتعد ونظن اننا أدركناه..،نقول انه
الامل،يزودنا بنفسه حتى نواصل الركض اليه!

أيكذب الأمل كما يحتال السراب!



.-.

كاد السكّر يقضي علي،ان تتحدث معي بسعادة،يصبح حتى الماء حلواً!

وتصبح الآمال مجهزة للاقتناء،فمن لايشتري الامل،يعاقب بالسراب!

وما ان ازهرت الحياة حولي،وبدت الشوارع حدائق، قررت الطيور
حيالها الغناء، كاد الحماس يقتلني قبل ان اصل لأبي في محاولة ليست اخيرة
مادام اغلا الناس قد يرجوها!



وعدت منه بعد أن وعدني خيراً، ولو لم يفعل لبقيت عنده حتى يعدني!

اصدق الآن ان ابتسامة كليوباترا كادت ان تودي بأكبر امبراطورية!!

.-.

يومين فقط واتصل والدي مساءً

اخبرني انه ينتظرني في المنزل،أقصد منزلنا الجديد!

.-.

.-.



.-.

بعد ان تكفل بكل شيء بما في ذلك امي!

اصبت ببعض من القلق حين علمت بموافقتها بعد رفض،وازددت تردداً ما ان شعرت بامتلاكي للمنزل!

وانا ارى والدي يوجه العمال بنقل الأثاث وترتيبه،بدا لي كأنه مشروع سطو!،وان لاحق لي بوجودي في هذا المنزل

فلا يبقيني اخرساً سوى رسيل،لأنها فقط قالت انها تريده



رغم انه ليس السبب الذي اخبرت الجميع به الا ان والدي فاجئني
موجهاً قبل انصرافه نصيحة: ان زوجتي صغيرة قد لاتفكر بشكل صحيح فيتوجب علي
الاستشارة دوماً,,لذا صرفت النظر عن اخبار بدر بالسبب ذاته..فهو حتماً لم
يجهل اخته!



أخبرته عندما التقتيه بعد العصر

صب جم غضبه علي،وسألني مراراً عن السبب،يقصد سبب موافقتي لطلبها! وما ان نصحني بإعادة التفكير حتى كدت اخبره

بأن لايعظ عاشقاً حتى يعود لرشده!..وانني سعيد بكوني مجنوناً طالما يسعدها!

لكنني طمئنته بكلمة: مؤقتاً.!

وتأخرت قرابة الثلاث ساعات مع بدر،وعيناي على هاتفي،لمَ لاتتصل بي رسيل؟!

.-.

تأخر..

او ربما تأخر.. ترددت قليلاً في مهاتفته، لكن هاتفي رن أخيراً

-كان بدر!

تحدثت معه بأريحية مستغلة غياب عمر،واخبرني انه يريد رؤيتي قريباً..في منزل عمي

وبطبيعة الحال كنت سأزورهم..اشتقت لهم ولجنان واريد بعض حاجياتي..وحاسوبي بالأخص!

.-.

.-.

-”تأخرت صح؟”

اقترب مبتسماً..وانا أتجاهله:

-”ليش ماتصلتي “

سؤاله محرج،لكنني قلت تفادياً لذلك”

-”لازم اتصل؟”

-” لا طبعاً”

ثم قال بشيء من الضيق،لا ادري لجملة سابقة ام لتلك التالية:

-”كنت اشرف عالبيت رحت اشوف وش ناقصه وغيرنا بعض الاثاث”

رفعت نظري اليه،لا ادري لمَ كان الوجوم عليه، لكن ماشغلني تلك اللحظة هو الخبر السعيد ذاك،وماغير ذلك بمهم!

-”صدق؟”

-”اكيد”

صوته لم يكن بالحماس المتوقع،لذا قلت له بهدوء اثناء استدارته عني:

-”مشكور”

ربما لأنها خرجت منفردة،خرجت بصوت هادئ،وكانها ناقصة،وصغيرة جداً

كما اتضح لي قبل أن يقول

-”بس مشكور؟”

.-.

.-.

بالغد..

يعم المكان هدوء غريب،ربما ذلك ماجعل من عمر يقرأ كتاباً!

وهو ماستدرجني أيضاً لصنع مشروب ساخن،والجلوس قرب النافذة اختلي بنفسي عنه

ليت باستطاعتي الخورج من هذه النافذة والتحليق،قليلاً فقط!

القى علي نظرة وقال

-”هذا الكتاب لك؟”

أكان يتفحصه إذن؟-”لا”

-” لقيته هنا”

-”يمكن لي..ما اذكره”

واستمر في القراءة دقائق ثم سألني

-”وش تسوين؟”

-”ولا شي”

اغلق الكتاب وقال –”تبغين تروحين لبنت عمك؟”

اجبت مباشرة-”توديني؟”

-”ايه بس بشرط”

اكره اذلالهم،شرط،شرط،اهي عدوى من بدري!

-”خلاص مابي”

هنا تحرك ووصلني وهو يضحك

-”شوفي هو سؤال كلمة قريتها تو بالكتاب واعجبتني ههههه ان عرفتي معناها وديتك”

ايعمل الآن لي برنامج مسابقات!

ضحكت وبتحدي مشارك قلت:

-”اوكي”

جلس على حاجز الكرسي الايمن وهو يقول:

-”شكلك واثقه من قدراتك هههه “

-”اكيد”

-”ههههه طيب نشوف .. عيطموس”

ابتسمت ابتسامة متورط!اذ به يقول:

-”ياعيطموس”

قلت باستنكار:-”وش هذا الشيء؟”

-”هههههههه راح عليك المشوار”

-”لالا عطني تلميح اواختيارات”

ليكن برنامج او ماتريد،المهم ان اخرج هذا اليوم!

-”شوفي لو كانت عيطموسة احسن بس مايصير..ولا اقول خليك عيطموسة بكيفي”

بدأت اغضب ما ذلك الشيء:-”لايكون اسم كائن غير بشري “

-”ههههههه كائن بحري يمكن طيب بعطيك عشر دقايق فكري “

-”زين روح بفكر”

-”تبين تتصلين باحد هههه كيفك بس لك عشر دقايق”

وما ان مرت سبع دقائق حتى وافتني دانة بالاجابة،وقد كنت غاضبة نسبياً لكونها قد تصبح كائن غريب!

دانه:”المرأة الحسناء،الفطنة..من وين جبيتها انتي هذي لقيتها من تسميات العرب القديمة”

ما ان تركت الجهاز،حتى شعرت بالغضب والتوتر يبرد حتى يكاد يصبح جليداً!

اعتراني سكون عجيب وانا افكر بالكلمة وبه وبالمعنى ، ولم افكر بالإجابة ابداً

-”خلص الوقت ماعندك اجابة؟”

-”ايه “

وانطلقت بعذر الاستحمام،وما اكثر ما التجئ هنا!

والكلمة التي كانت معقدة نطقاً ومعنى،اصبحت تتردد في رأسي ببساطة، حتى انها انتقلت من فكاهة إلى كلمة ذات ثقل!

للأمانة،بعد خروجي اخبرني انه على استعداد لأن يوصلني لهم،لكني شعرت بالضيق منه مجدداً

مؤخراً صار شعوري يتقلب كما هو مناخنا،لكنه يغيم كثيراً.!

قبل النوم، عندما توجه كل منا الى فراشه قلت له في الظلام

-”وش معنى عيطموس؟”

أجابني من بعيد -”شكله اشغل بالك ههه ماراح اقولك المعنى”

أضاف-”صدق كتاب عجيب بكره بكمله”

قلت-”لا انا اللي بقراه يمكن القى لك لقب يناسبك”

-”اجل بقولك الحين.. معناها:الشخص المزعج”

قلت مباشرة-”حسبته المرأة الحسناء”



لا أدري هل جلس من مكانه،او ابعد غطاءه،او ربما استدار فحسب!

رغم الظلام الا انني شعرت بذلك،وسمعته يقول:

-”تعرفين يعني؟”

لم اجبه،لأن لاجواب لدي، فهل استغنيت عن الاجابة لأنني غيرت رأيي بالمشوار، ام لأنني علمت المعنى ام لانه سماني بها

ام لأنني ذكرت الفتى الذي كان في احدى قصصي،المتيم بفتاة بشكل
غريب جداً،فكلما سمع باسمها لأخرى آلمه قلبه شوقاً،وكلما قرأ صفة أعجبته
في كتاب ما،اعطاها لها،فجمع آلاف المعاني لأسمها وألّف كتباً لوصف غيرها
لها،فمهما وضعته في حدث ما تذكرها،ومهما تحدثت اليه اخريات،بحث عنها فيهن!

لأسباب عدة،خفت تعداد النقاط،ولم اجبه حين ضحك وهو يستلقي مرة اخرى

-”ههه غشاشة”

.-.

.-.

وكان المشوار بالغد

جلست مع عمي ولم اطل الجلوس معه كما كنت افعل مؤخراً،سألني عن والدي فأجبته: بخير

رغم انني لاادري بذلك حقاً..فلم يتصل بي أبداً..ولم احاول أنا ذلك

بدري اخبرني انه مسافر وعائلته الاخرى،ولست متأكده

بما ان زيارتي هذا اليوم ستكون طويلة،ذهبت لأختلي في غرفتي قليلاً، واسترجع ذاتي فيها…،وشعرت للمرة الاولى انها كانت حقاً صغيرة!

لكن لمَ أشعر بها أوسع من غرفتنا المشتركة،الأنني كنت حرة افعل مايحلو لي فيها؟

احقا قيمة الاشياء لاتعرف الا عند فقدها!

ما ان حل الثلث الأخير من الليل اخبرني بدري انه سيوصلني،عوضاً عن عمر

اسعدني ذلك،لولا انني لمحت في الأمر ارتياب

ففي طريق العودة قلت له:

-”زين انك قريب من هنا عشان لاتتعذر بزحمة الطريق”

-”ههه لا والشقة مريحة وعلى قدي”

ما ان قلنا ذلك حتى عدنا للصمت،شيئاً ما يبدو غريباً

انه يبدو مرتاحاً بسكنه الجديد،وكنت أؤيده بذلك لراحة جَنان أيضاً، ليس من المعقول ان يبقى هناك،وليس من المقبول ان يعود لخالتي

سألني-”كيفك مع عمر؟”

لحظْتُ تردده،اجبت -”الحمدلله”

قال-”تدرين عمر بينفذ أي شي تطلبينه”

مباغتته بذلك قطعت أنفاسي وتوقف التفكير في رأسي،فأضاف:

-”وكان طول عمره مايحب يقول لك لا ولو ماكان يغليك ماسلمتك
له(التفت الي وهو يقود قائلاً) لاتسببين له مشاكل مع اهله وخلي طلباتك
معقولة”

بدري جاد هذه المرة،وقلما أراه هكذا لذا قلت:

-”مابي شي ماراح اطلب شي”

ردي لم يجعله مرتاحاً ولا انا..!



بعد لحظة صمت شعرت للمرة الأولى اني لااستطيع التحدث معه،وهو كذلك..لذا قلت دون تفكير:

-”ماكنت اقصد اصلاً مدري شلون قلت له”

كان يعلم انني اعني المنزل،فهو طلبي الوحيد وليتني لم افعل!

أضفت-”كنت اقوله غير الغرفه قال بنستاجر بيت قلت نروح بيتنا اللي شراه ابوك مدري شلون طلعت مني اصلا “

وكلامي كان مشتتاً كما تفكيره هو! ..ولم يكن مقنعاً أبداً حتى لو اصطف بالتساوي!

فأكملت دحرجة الحديث!

“ماقلت له مرة ثانية هو قال بشوف اذا موجود ولا لا..اصلاً لو سألني غيرت رايي ما اتخيل انه بيصير بيتنا..مدري شلون طلبت”

اخيراً قلت ما اخشاه حقاً:

-”بيكون غير اثاثه حتى غرفة امي اكيد بيغيرها وقتها وش بقول له..كنت غلطانه..بس ودي نرجع لبيتنا..ماكان..”

توقفي عن سيل التبريرات بغير انتظام،لايعني سوى ان عبرة وجدت لها مكاناً في حديثي،وآلمتني بشدة في قلبي حين سمعته يقول:

-”قلت لك مالبداية البيت لاتفكرين فيه اللي راحت خذت معاها البيت وذكرياته “

ما ان اغرق اكثر في صوته،تختلط علي الوجوه والكلمات ويصبح الطريق الطويل ليس سوى ساحة منزلنا!



أشعر بشيء يرجف في حنجرتي،شيء يهتز اخفي صوته،أحاول النظر في
كل الاتجاهات امامي علّ عيني تتلهى بشيء،وتنسى ان تندي، احاول التركيز
بفكرة اخرى لأغير الموضوع عن الاخرى التي تبكي في داخلي، اعتقد انني لو
تحدثت لخرج لي صوت غريب،متحشرج!

يواصل ذلك الشيء افتراش عيني بهدوء،

ان يبدو رطباً جداً لدرجة اني اعجز عن تجاهله يجعلني اريد من عيني تأجيل الإمطار..فقط تأجيله!

ولأن الدمع حُر كما خلق،لم يختر الاستماع لنا؟ ولم يؤقت ساعاته وفق مواعيدنا

أشياء كثيرة في حياتي لم تقيّد ببشر،وعيناي الوحيدة التي ارفض الحرية لماءها المالح!

طالما حسدتهم أصحاب الدموع الجافة! وكرهت تحرر الدموع كما أبغض الذين لايبكون!!

لاتزال تمطر بهدوء…،

هل يجب ان يكون ذلك الشيء حراً في حياتي دون غيره!

-”الله ييسر”

قالها بدري،وجوف عيني يحاول امتصاص اكبر عدد مهرباً للقناة الدمعية،ليصلوا إلى أنفي

كما احتجت منديلاً،احتجت ان لاينظر اليَ!

-” خلاص رسوول انسي الموضوع ويصير خير”

إذن،باءت تحركاتي السرية بالفشل!

لمَ أصبحت أكره البكاء الآن؟ ألم يكن مريحاً؟!

يبدو ان زواجي يستدرج كل شيء في حياتي ليتغير،المفاهيم التي
ربيت نفسي عليها بدت ترتدي ملابس تنكرية، تماماً كما حدث لكل شيء يوم
زواجي!

- البكاء حُر في عين فقير وذوي السلطة! في نظر البعض قوة وسلاح،والبعض الآخر هزيمة وضعف، وأنا أكره أن تكون قوتي وضعفي فيه!

البكاء سلعة رخيصة، لكنها تستوقف العديد من المشترين والباعة.. وأيضاً العابرين..!



.-.





.-.

دخلت مبتسمة،ووضعت حقيبتي التي أصبحت اكبر بسبب كتاب أحضرته معي لايختص بمعاني الاسماء!

لدي الكثير من الكتب اتنقل بها،ولا أقرأ شيئاً، ويكون الكتاب لدي عذر انشغال!

أبتسم له مرة اخرى، ويبادلني حديث بسيط، ويحول الظلام دون رؤيتنا ونحن نيام

،

كما تروضنا الحياة نروض ملامحنا!

اذكر ان وجهي اصيب ببرمجة الابتسامة التلقائية، وأضرب في
حنجرتي كل الكلام، ومر اسبوع كامل لنا في الوضع ذاته، والمكان
ذاته،والابتسامة ذاتها، لكن بتفاوت كبير في رضاي عنه وسخطي، تارة اضحك
وتارة اكبت الدمع،وتارة احاول الصمت اكثر كي لايجهدني الكلام

.-.

.-.

رسيل بمزاجها المتقلب تربك سير حياتي،وكأنني في كل يوم اقبل هدية عيد الميلاد!

تعلمون اني مأخوذ بها كلياً،عشقت بها حتى المفاجآت،لكن خروجنا
هذا اليوم للمنزل سيبدأ احتفالاً جديداً..تبدو سعيدة جداً الآن لذا أنا
افوقها سعادة!

يبدو جديداً ومختلفاً، هذا ماقالته لحظة دخولنا …بالأعلى كانت
غرفة المكتب لوالدهم كما اذكر،وتنتصف الدور العلوي، وبما أنها الاكبر فقد
استبدلتها بغرفة نوم عظيمة!

وسعدت رسيل بذلك معلقة،أنها لم تكن تخص أحداً،لذا لن تطرق بها الذكريات حالما تكون فيها!

أما غرفتها التي اذكرها جيداً،كانت مستبدلة بأثاث جديد مسبقاً،وغرفة بدر كذلك

ما ان مر الوقت وهي كمن ينفض الغبار عن صندوق ذكرياته، عاودني
الشعور بالضيق..لا لا اقصد الضيق فأنا مبتهج لسعادتها لكنه شعور يراودني
مؤخراً ويجعلني أتساءل هل انتقالنا جيد؟

مرتني وهي تواصل الانبهار،تمرر عينيها بالمنزل مأخوذة بكل شيء،وتتحدث الى نفسها بجمل غير مفهومة، مبتورة بالأصح!



وأنا كنت انظر للمجلس بعد تجديده أيضاً،وكل زاوية بدأت تتحدث لي عن شيء ما، كأطفال خرجوا من صالة عرض أفلام!

حتى رأيت نفسي قبل سنوات افتش عن ظلالها هنا،عن حديث مرت به هنا، عن نفسي التي لم تفكر بشيء سواها!

هنا..طفولتي كانت مشدوهة بها، ومراهقتي كانت محصورة بها،وحتى هذا الوقت الذي بدوت رسمياً ملهوفاً بها!

ان نكون معاً في المنزل ذاته يجعلني اتأمل كيف أنا كنت لها!!



-هيَ التي غيرت حياتي في المرحلة الأكثر حساسية في
حياتي،فعندما كان الجميع يحلم بالسيارات الفارهة،كنت احلم بها..وعندما
يفكرون بشيء عابث كنت افكر بها!

فقط أغلقت عيناي منذ وقت سابق عليها،واريد أن آويها بها

.-.

.-.

وكأنني عدت للوطن!

نسيت كل خوفي من مواجهته،اشعر بأن انتمائي لهذا المنزل لازال قائماً،وامتناني لعمر يكاد يجعلني اريد التصفيق له!!

فكأنني احضر عرض “شهامة رجل” اراد إسعاد عروسته في شهر الغزل!

لقد حقق ذلك،رائع!

لكن..كم ياترى ستدوم كلمة مؤقتاً التي اخبرني بها!

الحرية أن تتصرف كما تريد،يبدو انني صرت على موعد أكيد معها، هذه الامنية التي تحققت كمفتاح باب يصلني بها،اعتقد ذلك

ولولا ان قلبي ينقبض امام كل ذكرى لكنت الأسعد على الاطلاق، لذا تركت الغرف المقفلة مقفلة ولاجرأة لي بفتحتها

فاختفيت برهة حتى سمعته يناديني

وجدته في غرفتي، له ملامح غريبة بالطبع ليست السعادة..لكنه يقول:

-”كانت غرفتك”

وددت لو ان عبارته كتبت على سطر لأرى أيصحبها استفهام!

لم يكن سؤالاً بقدر ماكان تنبيه كما أعتقد،فكانت لاوجود لها في الحاضر

أضاف خاتماً الحديث-”غرفة بدر مانحتاجها بقفلها”

لم يبق شيء في المنزل..يبدو انه أحب إقفال الأبواب.. لكن تقليص مساحة المنزل تبدو أفضل

-”وش رايك بغرفتنا”

-”ماشفتها”

.-.

.-.



-”شرايك؟”

سبقتني،وبتلك البهجة قالت-”رووعه”

ثم خرجت، لاادري.. لمَ شعرت بها تتصرف كأنه منزلها؟ محبط أن أكون كمتطفل هنا!

كنا في الصالة نريح أجسادنا على الأرائك الفاخرة، مزاجي كلما تقدم الوقت بدأ يسوء، حتى تحسن عندما قالت بكل حبور!

-”تبغى عشاء؟”

نظرت إليها بغرابة وسرور

-”طبعاً!”

.-.

ورطني بجمله الغير قابلة للنفي،فهي تأتي مثبة لاجدال فيها!

ربما اتضح أنني في مأزق لساني!

وربما للمنزل أثراً قديماً يعود بي للوراء أكثر فأكثر حتى أكاد اقفل غرفتي واخرج للمدرسة!

-”اا..(كنت انظر للمطبخ الخالي..ثم نظرت لساعة يدي مباشرة استنجد مطعماً لايزال يعمل)”

-”ههههه يعني تفكرين تسوين لي عشاء.. امم سوي باستا..(كرر بخبث) ابغى باستا”

-”مايصلح باستا بالليل”

-”الا يصلح”

نظرته الثاقبة المملوءة بالدهاء،جعلتني أقول:

-”المطبخ فاضي ومافيه اصلاً شي”

النصف الأول من الجملة كان كافِ عن الآخر،ربما لنفاد مخزون الكلام لدي، او نية مبهمة في إثبات الجمل كما يثبتها هوَ في كلمة!

-”هههههههه”

حتى ضحكته تلك أنعشت الذكريات في هذا المنزل،لو كان هذا
الشخص أمامي مجرد صديق أخي، لكنت اسعد من الآن،ولكنت قلت له:-”تروح تجيب
عشاء؟”

وربما قلتها فعلاً!

ليزداد ضحكاً حتى شعرت أنني غبية!لكنني ضحكت أيضاً فأنا من استحق ذلك

كنت انظر لعينيه كما اعتقد،أي ربما الخجل بالفعل قد أخذ غفوة!

-”هههه بشرط تعوظيني بعشاء بكرة”

ابتسمت موافقة،حقيقةً انني اكبت ضحكات طويلة



فأن اكون متزوجة،وزوجي يملك منزلي،ويطلب موعداً لعشاء، يجعلني اريد الضحك وحدي!

استغليت فرصة غيابه،ليحضر العشاء

وضعت مفرشاً جديداً على سريري،بالطبع غرفتي الخاصة،وعلقت ملابسي،وبعد ان وضبت كل شيء خرجت لغرفتنا المشتركة

ربما فكرت أن اعلق ملابسه أيضاً،لا لشعوري بواجب ما.. لكن لأضمن استقلاليتنا التي رضاها حتى الآن!

لكن عندما اقتربت من الحقيبة شعرت انه لايجب فعل ذلك،إنها تخص -الغير-!!

..

لمحت قرب الخزانة ثلاث حقائب إحداهن لم تكن مغلقة،ربما قد اسُتخرج منها شيء،

وما أثار فضولي ذلك العمود للرسم الذي رأيته سابقاً..إذن أين رسوماته؟

ألقيت نظرة للوراء وكسارقة تفحصت الحقيبة،إذ كان مايفسر عدم وجود أي لوحات للرسم

..،ان ذلك لم يكون سوى عمود لتثبيت آلة التصوير..لا لاحتواء لوحة!

إذن هو مصوَر لا رسام..!؟

سمعت صوت الباب بالأسفل،فذهبت إليه،وبالي منشغل بهوايته تلك،أو على الأرجح مهنته!

وبدأت مع الوقت استرجع كلام بدري عنه، حتى انتهى العشاء الذي تناولناه بشهية مفتوحة،وأحاديث لاتنتهي من قبله

بوجوده..،ظلمت مقولة أن النساء ثرثارات !

.-.

بعد منتصف الليل

ذلك الوقت الذي سارعت بتنظيف أسناني،وترتيب أفكاري،والتهدئة من توتري

دخلت الغرفة فابتسم لوجودي، وقلت له:

-”بنام بغرفتي”

ضغط على الابتسامة،حيث قال:

-”طيب تعالي”

طلبني للجلوس بجانبه،ومازادني ذلك إلا نبضاً في جسدي كله!!

-”في شي مضايقك؟”

سجدت عيناي حينها،ولم ادري بما اجيبه!

-”لا”

-”اممم المشكلة يارسيل اني حاس انك مو على طبيعتك(رفع عيناي الخاشعة!) طيب انتي ليش احسك تتجاهليني وغالباً ماتحسسني اتكلم مع نفسي”

-”توَنا”

-”اخاف انك ماتبين تتعودين علي..طيب خلينا نسافر”

-”مو الحين”

-”وان قلت بنسافر؟”

هنا رفعت عيناي من السجود،بل وانغرست في عينيه لترى أي تحدي فيهما!

-”غصب؟”

تسارعت دقات قلبي،انني حقاً عندما اكون بصحبته يتضاعف جهد داخلي فيني..لا اطيق ذلك!

انتظرت اجابته،وكل ما اخافه ان تخرج جملة مثبته!!

-”طبعاً…لا”

خرت عيناي للأرض،ربما سجود الشكر هذه المرة!

-”أي شي ماتبينه ماراح يصير قلتلك هالكلام قبل”

قلت بهدوء:

-”ما ارتاح معك”

اتبعتها:

-”ما ارتاح اكون مع احد الحين ودي تعطيني فرصة اتعود عليك”

ربما كانت تلك أطول جملة جادة قلتها متواصلة منذ ان كنت معك!

وكانت اغرب ردة فعل منك !

قبلت جبيني وتمنيت لي ليلة سعيدة!

وقبل ان اخرج قلت لي

-”يكفي انك مبسوطة معي الحين”

.-.

.-.

بالغد،انشغلنا بعدة امور تخص المنزل،وعند المغرب خرجت لقضاء بعض الأعمال،ورسيل استقبلت صديقة لها

ما ان عدت مساءً حتى رايتها تشاهد التلفاز، وأخبرتني قبل صعودي أن عمها سوف يرسل لها خادمة بالغد..مؤقتاً

شعرت ان كل شيء يبدو مؤقتاً،بكلمة”مؤقتاً”حتى حياتي! ستر الله من الانفجار

-

-

غمرني لطف دانه هذا اليوم، كعادتها دواء يرفع المعنويات في حال قصده

تعجبَت كثيراً من قدرتي على إقناعه للعودة هنا!! لم تعلم انني لم افعل شيئاً سوى البكاء!!



نزل من الأعلى وهو يمسك بجهازه الحاسوب،وجلس بالقرب

-”وين اقرب فيش؟”

بالطبع انه منزلي،وشيئاً فشيئاً شعرت بالمسؤولية أمام البيت..وليس كامرأة متزوجة!

أخبرته بمكانه،ثم خجلت وأوصلته له،وقد حفزتني رؤيته على العمل على حاسوبي أيضاً

أحضرته وقد اشتقت إليه



جعلت بيننا مسافة ليست قريبة، لكنها تسمح للرؤية

ثم بدأ البعل بالثرثرة! اخبرني أين ذهب،ومن قابل،وأخبرني انه سيعود للعمل غداً!

ثم أضاف السبب أنه سيؤجل اجازته حتى نقرر السفر

فتحت متصفحي فلم يعمل،سألته بعد تردد دام خمس دقائق

-”في تلفون؟”

كنت اقصد بذلك هل أوصلت شبكة في المنزل

-”أكيد”

كان قد رفع رأسه وهو يجيب،وقال ما ان رآني:

-”العيطموسة الي تقلد زوجها بكل شي..احبها”

ضحكت وانا ابحث عن شبكات وفي رأسي من يحيل تجمع الدم احراجاً من دعابته التي لاتبدو لي اكثر من شبكة فشل الاتصال بها!

ووجدت واحدة لاادري أهي ملك لنا أم لا، لكنها تفي بالغرض

جلست قرابة الساعة أتصفح ملهوفة،وكأنني غبت سنوات عنه

وما ان انتهيت،أخذت اتصفح اشياء لااهتم بها، وتذكرت فجأة انه سيعود للعمل،أي انني سأجد ساعات فارغة أكثر!

أردت البحث عن الحرية في هذا المحرك الا انني كتبت اسم بعلي ذاك..وسألت المحرك عن عمله باستخفاف من لايشغل وقته!

لكن لم يظهر شيء كما تعلمون فألقيت نظرة عليه،كما يفعل هو بين الفينة والاخرى،وتساءلت في داخلي

لمَ لم تحب التصوير سابقاً، انك حقاً تبدو مختلفاً جداً عن الآخر!

ما ان يزداد فضولي حتى اكرر محاولاتي في البحث!

تراه ماذا يلتقط عادةً!

اشعر بانزعاج شديد منه في كل مرة لايظهر لي البحث شيئاً!

وليست المشكلة تبدو أنني اكتشفت انه مصور لارسام، بل لأنه مصور لاكاتب!

العديد من الأشياء ربما سأعرفها لاحقاً لكن الآن اشعر انني مخدوعة به! وكأنه المسئول عن اعتقاداتي التي بنيتها استناداً لكلمة صحافة!

شيء قفز في ذاكرتي حينها..فكتبت بمحرك البحث اسم المؤسسة التي
اخبرني عنها بدري، ربما يكون عمله ، كنت املك فضول عن ماهية الصور التي
يحب التقاطها،وعمله بالتحديد،وأوقات دوامه



رفعت عيناي إليه مرتابة أكثر! فعندما أصبح أمر مهنته أكثر أهمية منه.. بدا كل شيء غامض!

لم أجد شيئاً بالبداية،لكني واصلت البحث

.-.

.-.

كنت أراها تعمل بصمت،حتى ان لاصوت للوحة المفاتيح، إلا أن توتراً كان يعتريها، أن ترفع رأسها مراراً يجعلني اعتقد أنها تكتب قصيدة!

أسعدتني تلك الفكرة،اتجهت لمفضلتي وضغطت اسمها المستعار،

بالحقيقة كنت أحفظ المنتدى بملفها الشخصي، لكنها لم تكن متصلة

انني لم أفارقه طويلاً،لكنني لاازور سوى صفحاتها

ربما تكون سعيدة وقد تكون كتبت شيئاً عني،أكاد أغيظ اسمي المستعار بأنني امتكلتها قبله!

لم اعتقد انها كتبت قريباً،لذا بحثت لآخر المشاركات،فوجدت انني قد قرأت معظمها عدا واحدة

كانت حديثة،ربما قبل زواجي بيومين لا أكثر كما هو التاريخ

لن أجد شيئاً عني بالطبع فهو كالروزنامة!

.-.

.-.

انه يماثلني بالفضول،والا لما كان مصوراً ! عمله حفظ أجزاء من
كل شيء متلصصاً بعين زجاجية…احتقر تلك المهنة وازداد عدم راحة في كونه
مصوراً، بل ان لاشيء يجعلني أتقبله حتى الآن!

بعد أن يئست من الحصول على اثر له، اتجهت لقسم يعرض الصور
الفوتوغرافية الإعلانية الخاصة بهم، جميع المصورين هنا لديهم خبرة عالية،
أيعقل ان عمر درس التصوير! لكن لااذكر قسماً كهذا لدينا! أيعقل انه لم
يفعل.. بالطبع لابد ان يكون بهذا المستوى، لكن ربما هو يصور صوراً متحركة!

قاطعت تساؤلاتي عندما رأيت ملف باسمه تابع لهم..



أسرعت بالضغط عليه،وبدأت بتفحص الصور، ليست كثيرة لكنها جميعاً باستثناء واحدة لاتملك ألوان!

اعني انها بالأسود والأبيض وظلالهم…هل أصبحت الألوان لاتستهويه!

كنت مدهوشة وأنا ابحث في ذلك،

ان تبحث عن رجل في محركات البحث،وتتلصص في أعماله باحثاً عن أثر له، وهو على بعد خطوات من مكان وجودك،شيء…شيء مذهل!

..

كان ينظر لشيء ما بحدة..لفت انتباهي بعد أن غير من وضعية
جلسته بعد أن كان مسترخياً ليصطلب،وهادئاً ليضطرب،ثم كساه وجوم رهيب وهو
يلقي علي نظرة مشككة، فيعود للشاشة مرة اخرى،ثم إلي..

اخرج هاتفه،ونظر للساعة،أو ربما التاريخ،ثم عاد للشاشة، وحل به سكون رهيب

تجاهلته فحسب!

.-.

.-.

بالطبع التاريخ ذاته،قبل زواجنا بيومين،

مشاركتها تلك لايمكن الكذب فيها،انها رسيل وهذا ماكتبته..أيخبرني أحد بعكس ذلك!

:

في الاثنين من كانون الثاني ،يناير…،

قبل دقائق،أخبرتهم بموافقتي…كنت ارتدي ثوباً بارداً،نقشت به بقايا الذاكرة..،وحذاء كنت اكتفي بخدعة:

أن الحذاء أول الواصلين الذي لايمكن أن يقودنا لمكان أقل جمالاً منه..! وكنت اشتري حذاء باذخ السخرية!

-وافقت على الزواج من الرجل الذي تكرهه جل مشاعري،وستتحدد الكثير من المواعيد التي لاتهمني لاحقاً..!

بالمناسبة سأفتقدكم..دعوكم كما أنا ، وللحرية حديث آخر…،

انكسار الظل…تحية

.-.

.-.

.-.

,,..<<يتبع





-3-

. عندما لا يكون الذوق أو الرائحة أو كلاهما معاً ملائمين
لتوقعات المخ، يحتمل أن يكون التفسير مضللاً وغير صحيح . فالشراب الأصفر
الذي له طعم الفراولة لا يتم التعرف عليه بصورة سليمة، لأننا نتوقع أن يكون
طعم الشراب الأصفر بطعم الليمون .*
فالمخ ايضاً يفسر حسب علمه بالماضي،ومباغته بأمرين مختلفين يصبح مضللاً،وكأنما لايستطيع الاستيعاب!
مالذي يحدث في دماغي بالضبط!
كلا الامرين واردين،وكلاهما لايتجانسان في عقلي،انا الرجل الذي تكرهه جل
مشاعر تلك الفتاة التي يعني انها..قد تكون..تلك التي كتبت..رسيل!!
عندما يتعلق الأمر بها سأشرب الفراولة الصفراء واقول بأنها ليمون!
فقد تخطت القلب منذ فترة طويلة،واستحلت العقل منذ زمن،أكاد اشعر بها تسترخي
في داخلي فلا ينبض لي عرق،أكاد أعرف احداهن..تلك التي قربي والاخرى في
الورق،واكاد اموت من عشقي لهن!
كيف؟مالذي يحدث لي بالضبط؟اخبروني لمَ التذوق لايكتمل الا برائحة!ولمَ لايتجانس شيء مهما كررت الخلط،ولمَ لايذوب السكر ولو قليلاً!
ولمَ لا أستطيع تسخين الماء!!
أليست زوجتي؟ من أحببت،وأحبتني؟..استقدم هدنة من التفكير،لابل لم اعد ارغب
بالتفكير مطلقاً، اغلق الجهاز واتجه للفراش.. وكأنني لم أقرأ شيئاً
.-.
أطفأت الأنوار،لأستدرج النوم
تجاهلت التنبيه الذي يقرع في رأسي كل دقيقة كجرثومة في جهازي المحمول
-يجوز ان اخدع بفتاة اخرى،كاتبة ما، ظننتها رسيل!
-يجوز ان تكون رسيل،ولايعقل انني مخدوع!
-ان كانت اخرى،فهل يعقل انني اهتممت بها اثر خطأي!
-وان كانت هي فهي لن تعني ماتقول،اقصد هي لن تعني ماتكتب! إذن لمَ كتبت ذلك!وقبل زفافنا!
لا ليست هي!
قلبي لايخطئ،محال ان تكون!…..،
.-.
.-.
أفقت كالمعتاد،اتجهت لغرفته راجية ان يكون غارقاً في النوم
لكني لم أجده، يبدوا انه استيقظ باكراً هذه المرة،ورحل للعمل، ليته اخبرني قبل خروجه،فأنا اخطط للذهاب لمنزل دانه!
توجهت للأسفل،وحقيقةً لاوجهة معينة لي فجلست مباشرة على إحدى عتبات السلم الأخيرة،وبدأت أتأمل النهار القادم الطويل
أهكذا تبدو الوحدة؟ ام انني في هذا الوقت استشعر الفراغ،كيف لكل شيء أن يكون خالياً هكذا!
من لديه حلم ما،هدف يطمح للوصول اليه،لايشتكي الفراغ ابداً،لكنه قد يشكو الوحدة!
ألأنني املك هدفاً فارغاً وحلماً وحيداً انهال على نفسي دوماً باللوم
والتذمر،أكان صعباً لهذه الدرجة ان تملك حلماً لايكتفي بأربع اتجاهات؟حلم
لاتدري كيف تصل اليه،حلمُ تقدم له كل شيء لثقتك انك ستحظى به،رغم انك تعي
في داخلك انك قد تسعى اليه دون جدوى،
تكتفي بالايمان به،وتنتظر على عتبات سلم ما..!
.-.
.-.
التركيز..،يُطلب ذلك..،اريد العمل انتظري قليلاً حتى انجز البعض،قفي ارجوكِ
أتعتقدين انك الوحيدة هنا؟اتعتقدين ان هذا العقل ملكك وحدكَ؟
انه لي فدعيني اكمل عملي سآتي اليكِ..قفي في زاوية افكاري وحتماً…سآتي
لمَ العناد؟!
.-.
.-.
-هيَ لاتعلم انه يعرف ذلك المنتدى،ولاتعرف انه يتابع ماتكتب، لكن ماتعلمه انه لايحب الكتابة ويحب السخرية من الكتَاب
-أن تشي الأشياء حولك بك،مؤلم حد الخيانة،أن تخبرك الخطى مقاس أقدام من عبروها فاضح حد الوشاية،
لكن.. أن تخبر الناس أسرارك في المكان الذي لاتظن احداً سيلتفت إليه،أن تشي بنفسك على مرأى من الجميع
يجعلك تشعر بشيء لم يمر عليك سابقاً
.-.
.-.
.-.
عدت من العمل سريعاً لتستقبلني عينيها، أطلت النظر بحثاً عن مايكذب ظنوني،
أتمنى لو كان الأمس كابوساً،لكن كيف بذلك وأنا..لم انم بعد!
لم تكن عيناي ولا جسدي بحاجة له بقدر عقلي الذي أراد أن ينام طويلاً..
خرجَت من المطبخ بعد ان القت نظرة على الساعة المستطيلة المعلقة امامي وعن يمينها
وقالت باندهاش:
-”ماعندك شي؟”
بلا لديّ.. لدي الكثير لأسألك عنه، لدي هم أطول من ظلالي،لدي ظن يكبر كلما
مر الوقت، ولدي أيضاً قلب..قلب احبك بقدر ما تمنى ان يكذب قلمك دون ان
يكذّبك!!
بقدر همي الثقيل وقلقي المجهد والحلم العليل! احبك اكثر مما تبكين ،ومما تقولين وتكتبين، واكبر من املي بما كتبتِ.بأنكِ تكذبين!
ياخوف قلبي لو كنتِ صادقة،لو كان صحيحاً ولاتمزحين؟ اكثر مما تتوقعين،قلبي اشقته الظنون،ذاك الجنون اني احبك تعلمين؟
اني امامكِ،معكِ، بقربكِ، ومضنيني الحنين!
أخبريني،..لمْ تكرهيني..تكذبين!

-”وشفيك ماعندك شي؟”
-”رايح انام شوي”
يثقل جسدي كلما احتجت للنوم الا هذه المرة،كنت ارجو في داخلي لو طلبتني البقاء فتزيح بعضاً من الثقل في قلبي
حتى انام،ولو ساعة
رسيل التي قالت يوماً انها لاتطيق الساعة المستديرة،لانها تشعرها بالدوران دون جدوى!
فبحثت عن مستطيلة الشكل علها تجيد اخلاف موعد ما!او العودة بشكل او آخر دون دوران،
ما ان انتهى قلبي من اللحاق بها،افاجئ بعقلي الذي تبع خطاها دون علمي!
اتركيني،منهك أنا!

.-.
غفوت حتى طُرق الباب، أطلّت تبتسم:
“صحيت؟”
بين فتحين علقت،كأنما تهاب الدخول،فأضافت:
“ماتبغى تتغدى؟”
تابعت في مكانها:
“انزل تغدى”
وغادرت بابتسامة مشرقة
صيغة الامر تلك لا أجرؤ تجاهلها،وابتسامتها..تعلمون!!
بقيت برهة في مكاني اتفقد الموقف،مالذي يتوجب علي عمله،فقد كان المكان
فاقداً للصوت عدا طرقات الباب التي كانت قبل قليل تستعجل قراري!
هل أعود للنوم؟
قد تشنجت الأسئلة المنتشرة بصيغ مختلفة في رأسي،وقادتني اشراقة ابتسامتها الى الاسفل،
انه..يفقد الموازين!!


سيدة الحرية  30_12_1213568613711
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:39 pm

متابعة الفصل الثالث ..........


-”ساعتين وانا واقفه اطبخ”
ابتسمْت لي وانت تنظر للمائدة الاولى التي اعدها في حياتي،وربما الاخيرة!
-”مثل ماوعدتك بس مو ذنبي اذا طلعت جوعان”
-”هههه لاكل هذا ولا اتغدى”
وهم بتذوق شيء منها،وكأنني استطعمها معه،
-”وش رايك؟”
انتظر الاجابة،كمن قدم لامتحان قبول!
-”اكيد لذيذة..تسلم ايدك”
جلست في الكرسي المقابل وانا اشعر بالفخر
-”الله يسلمك وش تشرب؟”
.-.
حبيبتي في مزاج رائع،طهت لي الطعام وقابلتني في الجلوس
رغم ان الغداء له مذاق غريب،لكنها لو اعدت ما اعدت سآكله واقول لذيذ!
هاقد اكلت من يدكِ اخيراً
-”بترجع للدوام؟”
-”ايه اصلاً جيت اريح شوي”
-”استغربت وماكان ودي تشوفني وانا اطبخ”
ضحكَت،وللعجب كنت اضحك أيضاً،وما ان حان وقت الخروج،سألتها
-”انا طالع الحين تبين اوديك لخالتك؟”
ورفضت مباشرة كما تفعل
-”اخاف تقول اني مانعك ولا شي لازم تروحين “
فكرت قليلاً ثم قالت-”طيب بكرة”
خرجت من المنزل بمعدل تفاؤل كبير،صار الوقت طويلاً وانا اتفقد الساعة لأعود منذ وصولي
هي لاتكرهني حتماً،هي احياناً خجولة..صحيح!
بدأت اوهم نفسي كثيراً حتى شككت انها قد كتبت أصلاً،وتفقدته وكان موجوداً فصفعني مرة اخرى
-لمَ وافق ذلك التاريخ زفافنا أيضاً..؟اذن هي رسيل..وأنا المعني؟
عندما لانريد تصديق امر ما نبرر له بقدر الحقيقة والزيف،نستعير له احياناً
اعذار وهمية ونلبسه الطهارة مهما كان قذراً، وقد نصدق انفسنا لأنها تريد
التصديق..او لأنها لاتحتمل حقيقة اخرى

عدت للمنزل بموج الاسئلة ذاته وقبل ان انتظر حدوث مد وجزر آخر للغد، استوقفتها قبل ان تصعد الدرج لتنام:
-”رسيل”
توقفت في مكانها فالتفتت الي،لأسأل:
-”ليش تزوجتيني؟”
لانها قد انتصفت الدرج،وانا في بدايته ولم استدرجها للاجابة بسؤالي الصريح
ألقت عينيها علي مندفعة من الاعلى…وسكتت وكأنها شكت في سمعها!
استدركت متوتراً:
-”اقصد ليش رفضتي قبل وبعدين وافقتي؟”
.-.
.-.
سؤال كهذا،في وقت كهذا،في المكان الذي لايستحمل اكثر من ثقل الاقدام،يجيز
لي متابعة الصعود وتجاهلك،ويوجب علي البقاء لأستشعر صعوبة إجابة!
هل اجيبك.. لأنني اعرفك، ام لانني اريد منزلك،ام لاني لااحب مازن ولامنزل
خالتي،ولم اعد اطيق العيش عند عمي،ام لأنني اتابع مشواري الطويل للحرية
وظننتك أقصر الطرق!
-اشعر انك تود السؤال بطريقة اخرى:لمَ أنا دون غيري؟
اذن، لست احبك ان كان هذا ظنك،وقد اخبرك انك لاتعنيني مطلقاً قبل زواجي بك،ولست الان سوى الرجل الذي اعلق عليه احلامي وتسقط!
-”كنت ارفض الزواج اقصد مبدأ الزواج”
قال مباشرة-”يعني ماكنتي ترفضيني انا”
ماذا تريد ان تسمع! بلا كنت ارفضك أنت،فقد كنت أكرهك حينها،ربما لم اعد كذلك لانني قررت استثمارك لأحلامي،لا تؤاخذني بما قلت!
قبل ان اجيب سألتني:
-”تدرين ليش انا اخترتك؟”
لأنني شعرت ان الإجابة القادمة لن تكون عادية،وقد اكون اعلمها مسبقاً، فأنا والبقعة التي نقف عليها،والزمن،لسنا على استعداد لسماعها
فاجأته حين أومأت بالإيجاب،وأكملت الخطى للأعلى،وغبت عن عينيه التي كانت تنطق بشيء ما أيضاً!

.-.
مرت تلك الليلة،ونسيت مافيها، كنت انتظر عودته ليوصلني لخالتي كما اتفقنا
بالتأكيد لم يكن يتوقع مني وجبة اليوم أيضاً ..سيكون الوضع مملاً ان تكرر
كل يوم، ثلاثمائة وستون يوماً أيام السنة،ان افترضنا انني اطهو له منها
النصف،فمئة وثمانون يوماً فرضية مزعجة!
لا لن تفكر بذلك،كنت سعيدة بهذا التفكير المسلي، حتى انني قررت انني لن
اطهو له الا عند حاجتي لرشوته! ،فالوجبة الأخيرة التي اعددتها له أسعدته
رغم انه كان حزيناً
انهم الرجال!
ان كان يملك قلباً فهو بالتأكيد في معدته،رن الهاتف وانقذ العالم من افكاري!
.-.
سألته عندما وصلنا:
“منت نازل؟العزيمة عشانك”
وهو يبحث في صندوق سيارته عن شيء ما:
-”باخذ كم لفة لين يجي بدر”
.-.
.-.
ترجَلَت منها وانا أتصنع البحث عن أي شيء،ألا أستطيع ان اشغل بشيء آخر!
كلما شغلت بأمر ما أجدها أمامي،احاول ترتيب هذه الأوراق المنتشرة وتبدو رسيل مصطفة امامي،
انها حتى لاتراني، لاترى وجودي، ولاتسمع حديثي،وحين حاولت التعبير عن شعوري تركتني في مكاني!
معها اشعر بكل شيء،وأخاف ان شعورها لي…… لاشيء!!
.-.
.-.
وقفت أتأمل الفناء الخارجي للمنزل،وأتساءل في داخلي لمَ لم اشتاق له!
وافتني الإجابة سريعاً بعد ان ظهر من لااريد رؤيته،ومن حاولت تأجيل قدومي كي لا اقابله،
قدم لي سريعاً،مبتسماً،سعيداً بانفراد!
-”هلا والله”
قلت-”السلام”
وكانت دعوة للسلام! فردها وصافحني أيضاً
-”تو مانور البيت زين تذكرتينا”
-”وين خالتي؟”
-”داخل تنتظرك.. ها كيف حالك”
-”بخير”
وحاولت تخطيه الا انني اوقفت بيده،ستر الله من هذه الليلة!
-”وين رايحه ماخلصت كلام”
وهل بيننا غير السلام!
-”خير؟”
-”ابد..بس بقول لك..”
قاطعته”مازن خلنا ندخل وبعدين قول”
-”بس سؤال..ماوحشتك؟(ضحك بخبث) والله وحشتيني”
يده المتوحشة ارادت ان تفترس يدي،إلا ان الباب الكبير ردعها حين اتجهت أنظارنا اليه،
يفتحه بدري ويدخل
ويتبعه عمر

تتجه أعينهما مباشرة علينا،أتراجع خطوة،واكرر في داخلي:لهذا السبب لم اود الحضور،لهذا السبب!
يقترب بدري ويسلم بحماس خالقاً تغييراً بالجو،ويتجه للآخر الذي سرعان ما فقد توتره وراح يسأل عن الاحوال
عيناي تخطتهما،وسلكت الطريق المستقيم أمامها،لتصطدم باللذي ضل واقفاً دون حراك،
وبصره الحاد.. يكاد يثقب الغلاف الجوي لو نظر لأعلى!
تحرك مازن إليه وصافحه قائلاً:
-”حي الله الغالي”
رأيته يشتت نظراته كمن يحرك وعاء ساخن ليبرد، وأجابه دون النظر إليه مباشرة:
-”الله يحييك”
وانسحبت للداخل ،لمَ اشعر انني مذنبة!
انه ابن خالتي،ومن عشت معه في منزل واحد بعضاً من عمري، وهو يعلم ذلك
لاخطأ في تبادلنا التحايا…لكن لمَ لست مرتاحة!
رميت بكل همومي لحظة عناقي لخالتي التي اشتقت اليها حقاً،في كل مرة اعانقها احس بوجود امي!
وانقضت ساعة على وجودنا،حتى سألت:
-”وين لمى؟”
أجابتني بضيقة-”والله مدري وش فيها صار لها شهر على الحالة في غرفتها والاكل تتعبني ماتاكله”
عجيب امرها،كل مرة يشغلها امر ما ولاتراعي من يهتم، ربما سأرغب برؤيتها،للاطمئنان على خالتي!
استئذنتها بتردد،فحقيقة الامر لاارغب برؤيتها،لكن ذلك مايتوجب فعله
طرقت الباب،كررت ذلك، ثم يأست من ان اسمع جواب،فدخلت

منظرها المحبَط،استلقائها على الاريكة مخفية رأسها تحت
الوسائد،عدم التفاتها لمن طرق الباب، كل ذلك يذكرني بتلك المقولة: “ان
أصحاب القلوب القاسية لهم أحزانهم أيضا”!*
وقفت قليلاً،ثم جلست على طرف السرير المقابل لها،سألتها عن حالها
رفعت عينيها،وما ان رأتني،أقصد شاهدتني كما تشاهد التلفاز،وقد خفضت صوته!
-”وش فيك؟”
هنا اجابتني بهدوء ينبئ بعاصفة -”مافيني شي”
لكن اجابتها منحتني شعور جيد،تمنيت لو كنا نتحدث هكذا دوماً،دون ان نقسو او نغضب او نشتبك بالنظرات
-”طيب ليش شكلك تعبان”
جائني صوتها مختلفُ كلياً عن نبرة صوتي،وبهدوء غاضب:
-”اطلعي وسكري الباب”
لم استغرب ذلك،فذلك ليس بغريب أبداً،بل ماسبق أغرب!
خرجت واغلقت الباب ..نصفي يشفق عليها والآخر يتمنى لها المزيد!
ماقالته خالتي بعد ان اخبرتها بعدم مقدرتي التحدث معها،ان ماحدث لها اثر شجار مدرسي،مع اغلا صديقاتها!
فأعلنت اضرابها التام عن الحياة!
رفضت الاستمرار في الدراسة،اواستقبال اخريات يحاولن اقناعها، فصديقتها التي خاصمتها،هي الاحب الى نفسها، كما قالت خالتي بيأس
تمنيت ان لايخيب ظنها مرة اخرى،وان تكون تلك مجرد صديقة احبتها،وليست حبيبة صادقتها!
وما اعلمه عن لمى يؤكد لي انها ليست مجرد صديقة!
ربما تملك سديم شيئاً من خبر،ان لم انسى سأسئلها لاحقاً..،
.-.
بعد العشاء،في حين مغادرتي، اوصتني خالتي كثيراً بعمر،وكدت أنا..اوصيها بمازن!
فور وصولي للباب الداخلي، رأيتهم جميعاً يقفون بالقرب
أخي وزوجي وابن خالتي
تركهم بدري وقدم للدخول ليتمنى لخالتي ليلة سعيدة، وتبعه مازن، حينها..خطوت للوراء..فتبعتهما!
تاركة خلفي الواقف كالبركان…،أو هاربة منه!
.-.
.-.
بدري بالداخل يتحدث مع مازن بكل أريحية،وقلما أراهما هكذا لوجود عمر
لمَ يبدو متحفظاً جداً!..لو كنت املك وقتاً لأفكر بغير مشاكلي لتصورت عدة
امور كأن تكون العداوة التي شنها زوجي واخي عليه سببها لايعني اخي
شخصياً،أو ربما يعنيه، قد يكون سوء فهم بينهما وزال وقد اكون أنا أسأت
الفهم فيما مضى
او قد يكون هو تسلط عمر،بان تكره من اكره،وتود من اريد!!
.-.
خالتي التي تتحدث ولا اعي حديثها،وكيف تراه سيكون حديث من ينتظر بالخارج عني الآن؟
وكيف شعوره؟ أله الحق في العتاب او الغضب؟ الا يكتفي من امتلاكي بالمنزل يريد مني اتباعه هنا!

ان تنشغل عن مشاكلك بمشاكلك،عن حديثك لنفسك بحديثك اليها،من التفكير للتفكير..تجد انك كمقشة وسط عاصفة..، أعزل من كل شيء!

سألتني خالتي مالذي ألم بي؟ ومالذي يشغلني
كذبت حين أجبتها ان موضوع ابنتها يشغل بالي،وهو بصدق قد شغل جزء من تفكيري!
قال مازن أمام الجميع:
-”أي يوم ..اذا هذا مشغول اتصلي علي وانا اجيبك لامي”
هذا..يقصد به زوجي! قال بدري حينها
-”مايقصر بو وليد مبديها على شغله”
بو وليد..يقصد به زوجي! قالت خالتي حينها
-”الله يخليه لها ويوفقكم ويجيب وليد ويربى بعزكم”
لا أنا ولا مازن استوعبنا فكرة الوليد!
او موضوع الوليد..او اسم الوليد
ولا انا ولا هو استسغناها،فقال خاتماً الحديث
-”المهم مثل ماقلت اتصلي وانا اجي اخذك”
ضحك بدري قائلاً وهما يخرجان-”ياخي وش قلنالك “
.-.
.-.
أطل بعد دقائق يستعجلني،وحينما خرجت لم اجد عمر
بدري-”ينتظرك بالسيارة”
مازن-”اوصلها وارجع”
بدري-”هذا الباب قدامها لاتهرّب ماقلت ليش غيرت قسمك؟”
وصلت حينها للباب،لا أدري بمَ يفكر الجميع حقاً!
.-.
أغلقت الباب وانطلقت السيارة،قلت كاشفة عن الوضع
-”مادريت انك برى كان ماتأخرت”
-”بكرة الغداء عند امي”
وهذا مادار بيننا فقط، وحتى الغد!
صوته كان حازماً بعض الشيء في جملته الوحيدة،رغم اننا قد لانتحدث احياناً لكن صمتنا الآن خانق!
فتحت جزء من النافذة،التفت الي…،أغلقها من عنده..، ورفع درجة التبريد!
.-.
.-.
تلك التي لاتهتم في غضبي،لاتعنيها سعادتي وحزني، ان نمت او ضللت ساهراً لاترى فرقاً في وجودي وعدمي!
رحلت للنوم ما ان وصلنا،وتركتني اصارع فكرة ستحرمني النوم كعادتي! هي فكرة واحدة على الاقل!
فقط..اسم واحد…سؤال واحد…لمَ مازن؟!
لمَ كان قريبها من بين جميع رجال العالم؟لمَ كانت رسيل معه، لم تنفرد به؟ وتكشف عن وجهها؟!
لمَ تجعلني الغريب امامه،لمَ اشعر بالغضب كثيراً،لمَ اردت افراغ المى في جسده؟!
.-.
قدم الصباح وانا مجهد اكثر، وهي قد لاتكون استيقظت بعد
انهيت عملي سريعاً وذهبت لوالدتي التي ما ان تراني تذكر المنزل،وتظل
تعاتبني … تسللت لغرفتي قبل اذان الظهر وبدا لي شخصي يستلقي على سريري يحسب
الايام لزفافه..وتحديداً في الوقت الذي كتبت فيه زوجتي استسلاماً للزواج
بمن تكره!
اشعر ان كل شيء على وشك انهيار،السقف بدا مائلاً قليلاً لولا انني تداركت عيناي الناعسة وحاولت ان اغفو لتأكدت من ذلك!
صليت الظهر ومررت برسيل كي نتجه لوالدتي كما اتفق

جبت الشوارع قليلاً مسترسلاً بالتفكير،مررت بالكثير في
رأسي،أرصفة الذاكرة وحدها لاتطئها خطى العابرين! الشوارع..الشوارع كيف تبدو
هذه الظهيرة التي تخطت الدفء بكثير فأحرقتني،شجرها ساكن لايتحرك وكأنما
أفقدته الشمس الإحساس،إشاراتها تتقلب كثيراً تستقبلك بحفاوة او تردعك دون
ان تحيط علماً بشيء،الشوارع العالم الفاصل بين عالمين،الشاهد الأوسط بين
جريمتين عادلتين! من تخطو عليه ويدلك
علمتني الشوارع ان الخطى التائهة فيها كإشارات المرور لاتعلم تماماً متى
تستقبلك وتردعك، كامرأة اعرفها زرعتني في الشوارع شجر أطفأت الشمس
إحساسه..، تركتني على رصيف لايطل إلا على عالم واحد،ولايشهد الا على نفسه!
هي لاتنظر لخطاها.. تخطو علي وأوصلها..!
.-.
قبل الثانية بقليل،اتصلت بها فلم القى اجابة
دخلت المنزل،وجدتها بالصالة تشاهد التلفاز،ولم تستعد بعد
-”وش تسوين؟ماقلت بمرك”
نظرت للساعة وقالت -”الحين؟”
-”اجل متى الناس تتغدى مفروض انك جاهزة الحين”
طبقات صوتي متفاوته،وكأنما هو صراع ظاهر بين عقل وقلب، تعمدها استفزازي يصيبني بالجنون
-”مايمديني..طيب خلها عشاء”
اثر جملتها،جلست على المقعد مباشرة،بل انني اكاد اضطجع من غضبي
-”روحي اتجهزي لك عشر دقايق”
-”ما اقدر بعدين ليش ماقلت لي قبل”
-”انا ماقلت لك امس؟ ووينك عن الجوال”
وطاري الأمس هو الآخر يفقدني اتزاني، دون ان تنظر الي:
-”نسيت وماشفته”
بهدوء اكبر-”لك عشر دقايق”
-”طيب ليش معصب رح انت اليوم وانا بروح يوم ثاني”
.-.
.-.
غضبه بغير معنى، لمَ هو غاضب هكذا؟أوداجه منتفخة ووجهه مضطرم يبدو مخيف وهو يصرخ بأوامره تلك
هل زيارة اهلك بتلك الروعة كي اذكرها جيداً؟ ام هل هي بتلك الأهمية كي
استعد لها مبكراً، ام هل اتصالاتك لابد ان يجاب عليها مباشرة، ام هل يتوجب
عليك ان تجبرني بالذهاب؟!
قال لي وهو يهم بالمغادرة:
-”انتظرك بالسيارة”
كيف تفعل هذا،لا أستطيع،لاتكفي هذه الدقائق القليلة لشيء
ثم انني اكره كثيراً الخروج ظهراً كيف وان كان لتناول وجبة مع اهلك!
واكره أكثر من أي شيء ان تجبرني على مالا اريد!
لا لن أستطيع..كيف لايخيرني..أي عبودية جنيتها من هذه الحرية!
.-.
دقيقتين..
ماذا افعل…هل ينتظر بالفعل؟
سيضطر للكذب على اهله ان غادر وحيداً وسيظنون بي السوء!..هي ساعة لمَ لا اذهب فحسب،لكني لااريد ..,نفسياً لم استعد!
.-.
ربما غادر،وربما لازال ينتظر
عشرون دقيقة ووصلت للباب،وانا اثق انني ارتكبت حماقة قد ارشوه بها،خضوعي قد
يمهد لي طريقاً لحرية،فالتنازلات طالما كان لها اثراً في حياة عظماء!

ربما شعرت بخيبة حينما رأيته مسنداً رأسه على المقود،وينتظر
ما ان فتحت الباب حتى تحركت السيارة
فتحت حقيبتي ووضعت بعض الحاجيات التي كنت امسكها لضيق الوقت شيئاً فوق آخر،
كنت املك حذاء أجمل وانسب لكني ارتديت هذا، قد آذيت احد أظافري عندما فتحت
الباب ولا املك مبرداً،أحمر الشفاه الذي أخذته ليس ما اريد،كيف لهم ان
يصنعوا الجميع بغطاء واحد!
وهل هذا وقتهم؟أغلقت الحقيبة،وأنا اشعر بالجالس جواري يغلق حنجرته، لم استطع النطق بشيء وهو بالكاد يتنفس!
.-.
.-.
عاتبتني والدتي على التأخير،واتجهت رسيل للمرآة وبقيت طويلاً
واجتمعنا اخيراً على الوجبة،وعيناي بدأتا تحرقاني حاجة للنوم، ذهبت لصلاة العصر داعياً ان تفرج ضيقتي
-”وين رسيل”
اجابت رنيم-”عند المراية من ساعة ماجت وهي رايحه راجعه عليها”
زفرت بقوة فإذ بها تجيء قائلة باسلوب غريب-”معليش مامداني اسوي شعري”
رنيم-”هههه ماستعديتي اجل”
وقبل ان تجيب الاخرى صرخت بها-”رنيـم”
.-.

كانت نبرته مرعبة بالقدر الذي جعلنا نصمت جميعاً،وربما حتى الباب اغلق بقوة،مما جعلنا نتبادل النظرات فجاءت والدته بالشاي وجلست
..،
-”ياولدي ليش ما تعشون عندنا”
اجابها-”مرة ثانيه ..برجع انام من امس مانمت”
-”وليش حسبي الله عليهم ودوامهم اتركهم والله ييسر غيرهم ولا خل ابوك..”
قاطعها وهو يهم بتقبيل رأسها-”لالا مرتاح الحمدلله تامريني بشي”
وبدأ بحديث قصير مع اخته وانا افكر هل غادر المنزل ليلاً! أحقاً لم ينم بعد!
اتجهت الي رنيم وابتسمت سائلة:
-”شخبار البيت؟”
-”زين”
كانت نظراتي لها مشككة بعكس نظراتها الواثقة وهي تقول بصوت اعلى
-”الا متى قلتي بتعزمينا”
عمر الذي اجاب –”قريب ان شاءلله متى ماتبون”
امه باستبشار-”اجل خلها الاسبوع الجاي ويجي اليوم اللي ادخل فيه بيت وليدي”
-”صار والبيت بيتكم”
الموعد الذي أكده دون الرجوع الي،يشعرني بالاضطهاد الكلي!
يزداد غضبي كلما فكرت في الأمر أكثر،من يظن نفسه قدمت تنازلاً وجئت معه ليتفق على مأدبة عشاء سأتكفل بها في بيتي دون أخذ رأيي
مالذي يستعرضه أمامي؟ لن احتمله أكثر
.-.
ما ان وصلنا حتى قصدت غرفتي لأنام،وما ان أرخيت جسدي على السرير حتى طرق الباب
دخلت رسيل قائلة بهدوء
-”ليش عزمتهم الاسبوع الجاي”
الم تتفق مع اختي بذلك؟
علا صوتها مضيفة:
-”انت ماتفكر الا بنفسك ومو عامل حساب احد”
رأسي الذي كان يوشك ان ينفجر،اشعر به تشظى الآن
-”نتكلم بالموضوع وقت ثاني اطلعي الحين وسكري الباب”
-”بتأجلها؟”
-”لا”
التحفت كلّي وكأنما اغلق الباب،فسمعتها تقول بصوت يكاد يسمع قبل اغلاقها للباب
-”ديكتاتور”
.-.
.-.
كيف له ان يتصرف بهذا الشكل! لم يكن هكذا!
مستغربة مما آلت إليه الامور مع هذا الإنسان،عندما افكر فيه لا أجد سوى ما أكره!
المنزل الشيء الوحيد الذي قدمه ونال رضاي، هاهو يأخذ حقه جيداً حين يدعو من يريد كيفما يريد ومتى يريد! وانا فقط ..كقطعة من أثاثه!
انعدام الذوق،سوء تصرف..،أحمق ذلك المتعجرف
وكأنني اريد أن اشكوه لأحد، كتبت موضوعاً جديداً في المنتدى بعنوان لم يصعب التفكير فيه
“ديكتاتورية!”
-تكون بائساً جداً حين تخالط من يمارسون الديكتاتورية،عند رؤيتي لأولئك المتسلطين تشتعل بي الرغبة للمضي قدماً لحلمي
فأن احلم بالحرية،وهم يحلمون بتسيير الناس حسب رغباتهم، يجعلك تحتقر تفاهتهم،وبلا شعور تجدك تؤيد الديموقراطية
تحدثوا كما شئتم عن احديهما،وإيانا ان نتفق!
.-.
.-.
عند استيقاظه، خرج مباشرة
وكيلا اضيع وقتي بالتفكير بمساوئه،شغلت بالي بموضوع لمى
مئات الأفكار كانت تراودني، وحينها قررت الاتصال بخالتي للسؤال عن حالها؟
ما اخبرتني به ان لاجديد عليها،ولاتزال في الوضع ذاته رغم محاولات مازن أيضاً الفاشلة
-كثيرون يعانون فوق الأرض، وقليل فقط يعي ان هناك من يعاني ضعف
مايعانيه،وكلنا ننظر لشقائنا بانفراد تام وكأن لا أحد سوانا يبكي..
ويتألم..ويعاني ..، وربما يحلم!
البشر يعيشون بحلم متوارث،ربما ألف جيل لايحققونه،لأننا تعلمنا وعلمنا اليأس وكيف نفقد الأمل!
-تستطيع تغيير العالم ان غيرت نفسك وآمنت بحلمك وتمسكت بالأمل

.-.
.-.
.-.
الساعات التي نمتها لم تكن كافية،شربت الكثير من القهوة في المقهى ذاته،ولم ادري كيف اصبحت هكذا!
قد لاتكون مشكلة تستحق هذا الحنق لو لم يكن المسؤول…ذاك..قلبي!
هل لانها كتبت ما الاريد تصديقه،ام لأنها كانت مع من لااريد ذكره، ام لأنها تتجاهلني كثيراً
ام لأنني غاضب منها فحسب!
كيف لها ان تكون قد عاشت مع ذلك الحقير في منزل واحد،وان تقف امامي معه
اغضب كثيراً ويزداد قلبي بالضغط فأنفجر، ان لم اكن احبها بهذا القدر فلن يكون الوجع مميتاً هكذا!
ان لم يكن قلبي أنا لمَ ابقي هذا الحب؟
وان لم تكن رسيل،لمَ احب؟
في هذه اللحظة،في هذا المكان،اشعر ان التفكير بها ينتشلني من عوالم الفكر ويحط بي قرب عينيها
الهذا كان الحب جميلاً،الهذا أتأرجح معها بكل شعور،الهذا يقيدني المكان بها؟ لمَ كلما حاولت بالبوح اغلق الطريق امامي
لمَ لاترى النابض بين ضلوعي،فخارجي يتبرأ من قلبي كثيراً
اقسم انني ابذل قصارى جهدي،هي لاتتجاوب أبداً ..حتى في قولي انني احبها
الآن،او احببتها سابقاً، او سأحبها مستقبلاً ربما لاشيء سيختلف!
عندما أتحدث عنها أجدني المتهم الوحيد..وحينما أتحدث معها لاشيء يبقى بصفي!
تلك الوقفة التي استحكم بها قلبي،اوصلتني بعقد صلح جديد معها
بالتأكيد هي ليست سعيدة بحالنا هكذا
-لمَ قالت انها تكرهني؟
أخذت احدث الصفحة علها تتغير،فالتعقيب ذاك أصبح حلقتي المفرغة التي أشقاني اليأس من انعدام مخرج
وما ان غيرتها التقيت بالجديد الذي أضحكني حينها،الماً..!
سقط أملي تحت اقدام الكرسي عقب موضوع الديكتاتورية!
وفقدت أي رغبة لمصالحتها… وبت اصفع قلبي الذي لازال يبرر لها
هل اللوم عليها لأنها تجيد اغاظتي،والشكوى عني،وعرض شعورها السيء تجاهي!
ام اللوم علي لأني تبعت شكسبير بعينين مغمضتين وأيقنت بماقال أن مالحب
الاجنون، فآمنت بجنوني ولمت نفسي في كل مرة احاول اسعادها وتحزن!
ام اللوم عليه أيضاً حينما أقر بأن الهموم لا تأتي كالجواسيس فرادى بل ..كتائب كتائب!!
فأصبحت مستسلم لتك المقولة، وانتظر بعد الألم ألماً، وبعد الجهد تعباً
وبعد كل مقولة حب، ضعفاً ووهناً!
انا من لم أثق بحزن قصيدة،ولا انكسار حكمة، ولم اتبع سوى الطريق الوحيد الذي سيوجهني اليكِ
أجدني الآن وبعد كل كلمة تكتبينها في ذمي اواصل نفض ذاكرتي والبحث عن حكم الاعتبار،
وبعد كل ما قرأت،وصرت مهتماً بقراءته، افكر فيكِ بشعور متبادل، فكتابتك عن غضب لا عن بغض،
سأثق بقلبي،وسألوذ بالصمت حتى عن نفسي،وسأطلب من كل شيء وقتاً كافياً لأصالحك!
ولاتكتبِ أرجوكِ
فلم اتعلم الفصيح الا لأصارحكِ على ورقة،هلّا هيأتِ لي مكاناً لم يحاصر بعد!
.-.
عندما عاد اتجه الى غرفته ونام، وتركني دون تحية..
لست قادرة على الخروج،ولا استقبال أحد،أكره هذه الحياة معه،
إقامة جبرية!
.-.
.-.
مرت ثلاث ايام لانتحدث فيها،لكن اليوم عندما رأيتها،قالت لي
-”جب معك عشاء”
تخطيتها وانا اقول:
-”المطبخ عندك فيه كل شي”
هذا ما استطعت قوله،فلست انتظر أمراً منها بقدر انتظاري لكلمة أسف،او تعبير ندم!
لازلتِ مغتاظاً بقدر شوقي لكلمة اخرى!
هي لاتشتاق للحديث معي،ورؤيتي لاتهمها تنام قبل وصولي وتستيقظ بعد مغادرتي
ولم اطالبها بشيء،لا ايقاظي،ولا اعداد فطور وتناوله معي، وأعطيتها حرية
النوم والاستيقاظ متى تشاء وفي أي مكان ،وهي لم تفكر حتى بأن تسأل كيف
أبليت بعد العمل،وكيف نمت،واكلت،وماذا قد يكون بي؟
لو ابتسمت لي حينها لنسيت كل شيء!
.-.
هذه المرة كنت مستعداً نفسياً لأقرأ ماقد تكتب عني،فربما سأكون أسوأ رجال
الدنيا على الإطلاق، ولم يخب ظني في انها كتبت،لكنه لم يكن ذماً او اعتذار
كان شيئاً أوقف الدم في عروقي، صفعني من كل جانب،وتقلبت كل المواقف في رأسي كطرقات باب مستعجلة ،كطرقات حذاء مسرعة على ارض رخامية،
ثم… كطرقات المطر على قبعة رجل عجوز في ليلة ظلماء عاصفة!

(يادار انك لن تريهم مطلقاً_أرواحهم عرجت إلى الرحمن_يادار
كم دار الزمان بدوره_ان الزمان مفرق الخلان…* عدت هناك..ولم أجدها حتى
الآن…!ازداد حزني)
ماكتبته هي،أيقظ كل شعور وأشعل كل فتور، وكأنما هي..هي رسيل التي لم تتزوجني بعد،ولم اغضب منها حتى الآن!
كأنها تلك التي احمل لها فيضاً من كل شعور جميل،قبل كل ماحدث
فتلك الطرقات أعادتني لمكاني السابق،وقلبي الذي لم يتعلم الغضب بعد!
طرقات أيقظت حتى وعودي حينها، كنت أقول لو انها لدي،لن تبكِ ولن تشعر
بالوحدة! وسترى أجمل ماسيكون في هذا العالم..وكل فعلي مخلف الوعد!
-لدي شيء لأقوله،لدي الكثير لتسمعه، هذا المكان وهيَ يمنحني الشعور الذي افقدني خطأي بتفقده!
أحقاً خطأي قراءتك هنا!..أيجب أن اواصل حبك هنا! ام اتجه اليكِ هناك ،اصمت أمامك ام اصمت أمام قلمك!
لكم اخلفت الوعود!
.-.
قررت ان الحديث معها هنا أبسط بكثير بل انه أكثر صراحة،فما ان افهم التي هنا سأصل للاخرى
-(ماهو الحب بنظرك؟ وان تكون الفتاة هادئة هل لابد ان تكون حزينة؟)
بما ان الموضوع شامل وعام الا انني تمنيت ان تجيبني ولا يسبقها احد! فأتبعته باقتباس لها
وربما لم احسن التصرف!
ان قالت ان الحب قبلة جبين صباحية ووردة حمراء،لطبقت ذلك غداً!
وأتمنى ان تجيب على الآخر دون اتهامي بالسرقة من صحيفة الأمس!..،سرعة إجابتها تخبرني انها تملك وقتاً فارغاً،ووحدتها تشعرني بالذنب!
أجابت:
-الهدوء خلوة والخلوة ابداع ليس الجميع يتقنه لهذا قيل من لايستمتع بالعزلة لن يهوى الحرية!
عذراً..لازلت لاارى الأسئلة المباشرة! ولا احتسبها ولا اطيق الإجابة عليها!
تعلمت انها تشبه الحب.. غباء صريح يقع به الكثير من ذوي الأرواح الطاهرة والتي قد لطخت ذات غفلة!
الجميع قد يخطئ بمثل هذه الأسئلة،ويفترض بنا الا نجيب إلا لمَ يستحق
حقاً هناك أسئلة لاتستحق صدق الإجابة، وهناك اخرى لاتنتظر إجابة
فآرثرجيترمان القائل: لاتشرح للناس مشاكلك الصحية: فقولهم “كيف حالك؟” مجرد
تحية و ليست سؤالاً
أصاب حالنا، فيفترض ان لانجيب ،إلا اننا في كل مرة نقع في نفس الخطأ ونجيب وان قلّ المحتوى،كثرة السؤال فضول،وكثرة الشكوى مرض!
في نظري لايوجد سؤال يستحق الإجابة الا بقدره، حين تسأل عن الحال فاكتفي
بقول بخير وتجاهل الأسئلة القصيرة التي لاهدف منها سوى إراقة حبرك..،
العذر ليس الكلام موجه للأخ “ماني لاحد” لكنه حديث صحب آخر!
.-.
.-.
لا أدري،بعد قرآتي لهذا الرد،لا ادري كيف اصف ذلك!
أكان الحب غباء؟والأسئلة المباشرة غبية؟
يبدو ان الجميع سيئون بالنسبة لك! والجميع فضوليين،والجميع مرضى! ولا أحد يرضي سموك!
إذن لمَ تسأليني:هل ستنام؟ هل ستخرج…، أم ماتشتهين يحور كل شيء!
أأنتِ رسيل؟
أأنتِ التي احب!
لمَ حتى هنا لاتكفين عن إغاظتي، إجاباتك جامدة، قاسية باندفاعك
-الذين يحورون المعاني كما يشتهون،ينعكس مزاجهم في كل مايكتبون
ليسوا من اعرفهم، ومن احببتهم!
.-.
.-.

قبل الفجر،عاد وأنا أتناول وجبة خفيفة بالمطبخ
كان سيصعد مباشرة،الا انه توقف وأخذ ينظر الي فلم اعد اعرف كيف امضغ البسكويت!
-”السلام”
ابتلعته بسرعة لأرد السلام، وكأنه رد لايحتمل التأخير
جلس على الكرسي الآخر،واخذ قطعة من البسكويت وأكلها وهو يقول:
-”هذا عشاك؟”
.-.
.-.
عدت للمنزل بمزيج من المشاعر،كل مرة اشعل نار الغضب يطفئها قلبي!
وقبل ان اصعد وجدت ضوء المطبخ مضاء،ورأيتها تتناول شيئاً ما
تأكل بصمت،لاغيرها في المنزل،ربما أحست بالوحشة،بالوحدة،بالخوف أيضاَ، لذا ضميري كان يؤنبني وقلبي تركني ومضى إليها!
-”هذا عشاك؟”
أجابت بإيماءة بسيطة،حرمت بها من الصوت
كنت ابحث عن شيء ابدأ به،لكني لم أجد سوى
-”تأخرت؟..ليش ماتتصلين اذا تأخرت؟”
لم تجب،علمت انها لن تتحدث بهذا المزاج!
-”تصبحين على خير”
وتركتها وصعدت، بعد دقائق طرق الباب، ثم دخلت رسيل حاملة غطاء ووسادة، وضعتهم أرضاً وغادرت ثم عادت بالمزيد،
رتبت لها مكاناً قرب السرير،وأنا اتابعها بذهول
وقبل أن تطفئ الإضاءة قالت وهي تنظر الي:
-”البيت يخوف اذا بتتأخر مرة ثانية لهالوقت ودني لخالتي”
وأطفأتها مباشرة،كأنما توقف الحديث، ونامت
أنا..أتسألون عما شعرت به!
.-.
.-.
استيقظت،وعدت اغمض عيناي وهجم الأمس علي بما جاء،لن احتمل هذا المنزل أكثر مادام يقضي الليل خارجاً
بالأمس كان المنزل موحش كمقبرة فاحت منها جثث الموتى تحت باب غرفة امي،فقط
لأنني أدخلت المفتاح ليلاً في نية الولوج للبحث عنها،سكون البيت حينها وصوت
المفتاح خيّل لي مايلفني رهبةً من المكان، ورعباً من استمرار
البقاء،ويأساً من خروج امي!
رفعت الغطاء،تفقدت المكان، لم أجده لقد غادر باكراً
الليلة التي اقضيها معه في مكان واحد،لاعجب أن تكون مليئة بالكوابيس!
ماوجدته كان في هاتفي
-”صباح الخير،آسف..اتمنى يتغير هالجو”
ابتسمت، تصرفه غريب على الدوام، شيء ما اراد مني تغيير هذا الجو أيضاً
-”صباح النور.. الجو صفو!”
.-.
.-.
هاتفي الذي أعلن عن قدوم رسالة جديدة،قفزت يداي له بلهفة مجنونة، لهفة لن تحتمل خيبة ان يكون عداها المرسل
ستة عشر حرفاً ثمن إشراقه صباحي،وثمن الابتهاج الذي غير من مزاجي،لم اعد أرى الشمس لشدة ماشعرت به اثر إشراقي!

-معك أدركت ان الحب مخلوق مزاجي يطالب بكل شيء ويرضى بأتفه شيء*سكوديري

-4-
أوَعندما يؤمن القلب بك…لايرتد أبداً؟ويأبى النفاق والعصيان!
ان كان الحب مخلوقاً فأي مخلوق هوَ..من اعطاه السلطة من اعطاه الحق لمَ نمنحه انفسنا؟… ولمَ لانتساوى فيه؟
ان كان الحب مخلوقاً واحداً لمَ يصادف الجميع في الوقت ذاته بألوان متعددة!
لمَ يختلف الناس فيه؟
يامن يحن لها الفؤاد إن غابت ثواني،بائس هذا الملخوق الذي صادفته فقد كنت
اظنه جريئاً،سيمنحني لحظة اعتراف واحدة،صادقة،لأخبرك فقط أنني احبك!
لكنه بدا واهناً ينسج لكِ كل ليلة خيوط العنكبوت في رأسي، ولايخطوا له اعتراف واحد مهما تمنيت إحداث ثغرة تبقيني مرتاح البال
لكنك تبطلين كل محاولاتي لأنكِ تخجلين..، أو ربما هذا عذر! أو دعيني من
ذلك.. لست ادري كيف ستقابليني هذا المساء،أخاف ان يكون الصفو غيماً .. !
اشعر بالعجز معك!
معك تعلمت فقط أن اتبعك..أنا أعزل تماماً حين أدخل الحرب معك..أنا مجرد شخص
غاضب من مكانتي لديك.. لكنني لست إلا جنون، فليس العقل مسؤول فقلبي قد
اهداه لك!
-أحياناً اشعر انني مقيَد.. لكنني لا افكر بالخلاص،فالخلاص يعني ان لا التقي بكِ!
كيف يمكنني الخلاص؟ أم كيف لايمكنني الخلاص!!
تطالبين بالحرية وتلزمين الناس قيودهم!
-وأحياناً اخرى..أرى قلبي أمام الحدث،لايلتفت لي حين يراك!

عندما عدت أحضرت معي عشاءً أكاد اطعمها بيدي،فلربما أذنبت في الأيام السابقة،فأنا لها العائلة كما هي لي العالم!

-الحب ليس شفقة،والاعجاب ليس حباً،والحب مالم يحدث ان قيس طول نفسه بالثانية،ولا بالدقيقة،ولا حتى بالساعة واليوم!
مالحب الا استسلام تام…، كل مايحدث/ لن يكون الا طوعاً إرادياً..!
.-.
-”رسيل ودي اسألك”
ما ان قال ذلك بشكل مفاجئ،حتى شعرت بألم في بطني!
لن يسألني بالتأكيد لمَ أتيت لغرفته بالأمس..لن يسأل
لمحت الصحيفة امامي،فقلت مباشرة:
-”قريتها؟”
القى بنظرة سريعة عليها وسكت،ولأكمل تدارك الموقف امسكت بها وقلت:
-”تعرف رامي؟ كاتبين عنه مقال اليوم”
من بين هذه الصفحات لم اذكر سوى موضوع ذلك الشخص،ومن بين المخارج التي استطيع ان انفذ عبرها من سؤاله خرجت بالصحيفة!
-”جريدة امس؟”
سألني بدهشة،فأردت ان اجيب-لأني احاول ان افرغ من ذلك الشخص منذ الامس
-”ايه قريت المقال؟”
كان مركزاً عليها هو يفكر بأمر ما بحاجب مرفوع ثم بدأ بفرقعة اصابعة!
سألني فجأة-”مين رامي؟ اللي يقربلك”
ثم قرأ :رامي عبدالعزيز غاضب على زميله الذي كتب بالأمس مقالة عن انتهاك حقوق المرأة
ثم وجه عيناه التي لاتزال مندهشة لسبب لازلت اجهله
وقال-”دايم يطالب بالمساواة”
دققت في ملامحه:”لا.. اذكر مره كتب عن وجود القوامة”
وضع الصحيفة ثم سألني:
-”وش كاتبين عنه هنا؟”
اقرأ، انه أمامك!
قبل ان اجيب سألني باستهتار:
-”اجل يطالب بالحرية ؟”
سؤاله،أو تحديداً طريقة سؤاله، نظرته كل ذلك منحني شعور غريب
بتردد قلت-”كان فيه خلاف وجهات النظر لو قريته رح تعرف ان رامي ماقصد بمقالاته اللي قبل مثل زميله هذا والناس فهمته غلط”
-”يعني معاه حق؟”
مابالك اليوم؟ جعلتني اتمنى لولم اتحدث ابداً!
-”احياناً”
-”لكنه قال القوامه كانت بالماضي الحين المرأة مثل الرجل فلها نفس الحقوق”
-”هذا اللي كنت اقصد في فهمه خطأ هو الحين يوضح ان الناس خلطت بين مقالاته واكد على ان الرجال قوامون على النساء”
-”غير رايه الحين انا متأكد كان له راي ثاني”
هو لايقصد، وهو يعي أيضاً ان القوامة ليست استبداد،-الرجال قوامون على
النساء بما فضل الله بعضهم على بعض-، وأن القوامة تدبير ورعاية لاتسلط،
وانها ليست كلمة تثير الاقلام حين يجعلون لها معنى مايشتهون!،هي ليست كلمة
تسن للاقلام الخوض في حديث المساواة، والمساواة ليست الحرية!
وأنت؟ماذا تبحث في إجاباتي؟أي توجه تريد ان تعرفه في حديثي عن كاتب يدعى رامي!
-”وليش هالضجة كان كل واحد تكلم بمقالته عن وجهة نظره.. ماخذين نص الصفحة عالفاضي؟”
اجبت باستهتار من اراد الكف عن الحديث الجديَ:
-”يمكن له علاقة برئيس التحرير!”
ضحك وقال-”وانا وش مضيق علي..الجريدة كبيرة”
وضحكت بدوري وانا اضيف دون ان اتحدث: وأنت ايضاً لاتقرأها عادةً!
سأل مباشرة:
-”وش يقربلك بالضبط؟ رامي”
-”يقرب لزوجة ابوي”
حرك شفتيه بطريقة غامضة-”يعني عشانه يقرب لك تصيرين دايم في صفه؟”
أضحكني،فأسرعت في مفاجأته!
-”ولأنه كان مفروض… يكون زوجي”
هو ليس حتماً مفروض،ولم يفرضه احد لكني اردت اغاظته توقعاً ان ذلك لن يعجبه

أخرسته المفاجأة،عيناه المستمعة قد شهقت! اتسعت وشقت ابتسامة غريبة قسماته وهو يسأل:
-”مافهمت؟”
أعجبتني مافهمت!
سأل وكأنه يكرر السؤال في داخله بذهول-”بس هو مَقعد؟!”
يبدو انه قد خاب ظني! تصورت ذهولاً من نوع آخر!
اجبت باهتمام-”مشلول جسدياً بس”
-”كنتي بتوافقين؟”
لمحت في دقة السؤال وسرعة خروجه مايفتش عنه دوماً!
انه ذلك السؤال الذي لايأتي وحيداً!
ألقيت عليه المقال الذي ندمت لذكره! وبشبه ضحكة تركته،وذهبت
.-.
ابن الحلال انسجم~ أنهى المقال وبدأ تصفحها،فتركته وصعدت للأعلى.وفي نفس المكان استلقيت لأنام قبل وصوله
اعاني من صعوبات ثلاث تحضرني الآن أثناء انسدال جفني أخيراً
وجودي هنا مجهد،وعودتي صعبة، والارض لم يعتد عليها جسدي!
.
.
والصعوبات الثلاث لازمتني في الايام التي تلتها، مع اضافات لن اذكرها
لكن الغريب في الامر مالحظته في هذا الزوج من تغيرات لاتفسير لها، كان كثير الكلام وأصبح كثير السؤال! وكأنه تخصص في ذلك!
كثير من اسئلته لا أضطر للاجابة عليها، لكنني أود الاجابة عن ذلك السؤال الذي أشعر بتردده في الخروج، كثيراً ما اراه يطل ويتراجع!
من الافضل له ان لايسأل،فالاسئلة التي يتعبنا الحفاظ عليها اجمل من تلك التي يقتلنا جوابها!
.-.
هاهي الساعة تدق الثانية عشر،وهو لايدق شيئاً،لا باب،ولاهاتف،ولاحتى رأس الافكار!
رغم ذلك كنت اتساءل،لمَ تشغلني سندريلا هذا المساء؟!
ابقى امام الساعة اتصور اموراً اخرى، أحياناً اظنها بوصلة تريد هذه الليلة تعيين الطريق لي
واحياناً اظنها تحاول اخباري انها لن تعود للوراء مطلقاً،وتأمر راكض المضمار بجولة جديدة وان انهكه الركض!
اذ اصطف كل اللاهثين في المنتصف،واعلنت الثانية عشر، تعاودني قصة ساندريلا، فأفكر بقياس قدمي!
هل نعرف من نحب بمقاس حذاءه! أم الحذاء يعرفنا بمن نحب!
تنعقد الامور كلما وصلت للقدم،رغم انه الاخرس الذي لايبدي رأيه الا انه
يقودنا للمصير في كل مرة، يأخذنا دوماً لقصة حب، يشهد وصولنا ويغادر بنا،
لاعجب ان مانحتذيه له مقاس لاعلاقة له بخيباتنا ولا افراحنا ، له علاقة
دوماً بالقدر وصدف ومواعيد مقدرة
فكيف لا افكر بساندريلا! وكيف لا افكر بمن قد يعرف مقاس قدمي!

على الأرجح ان لا احد سيعرف ذلك، وزوجي ربما لن يفكر بذلك
أصلاً، كما يستحيل ان يميز حذائي ولو تركته أمام باب مصلى نسائي لايوجد به
سوى اخرى غيري!
يدهشني حتى الضحك،تفكيري بالأحذية المتشابهة امام المعابد البوذية،وفي حالة مشابهة قد اعذره
لكننا في منزل واحد، ولن يفرق بين احذيتي أو قد اظلمه فهو سيفرق.. لو كان يعرفها!
انه زوج خرج من اذاعة! لايجيد سوى تمييز الكلام وبدء لقاءات سمعية يومياً
لا العقد الذي اهدتني والدته،ولا الآخر الذي جاءني من ابي،ولا البقية التي من اخته واخي،لاشيء ابداً يميزه
فكرت بذلك مسبقاً ولم أجد سوى استثناء واحد لتسريحة شعري، حتى طلاء الأظافر الذي قضيت وقتي في العمل عليه لم يره مطلقاً!
رغم انني لم افعل ذلك ليراه، فهو لون جديد ورائع أسعدني حينها،
ان كان لايراني لمَ يبدو مهتماً!
ان كان يطالبني بالحديث او الصمت، لمَ لايختلف لديه!
ان ضحكت معه او تجاهلته ،جئته أو غادرته، لن يحدث فرق!
فأنا قد أخبرته ان المكان يكون موحشاً بعد ان تعود ساندريلا! فلمَ لايعود للنوم!
.-.

صوت المفاتيح، صوت أقدامه، صوته وهو يقول
-”السلام عليكم(ثم يضيف) تأخرت؟”
رددت السلام وتركته، تبعني مسرعاً
-”اسف مانتبهت للوقت”
ما ان جلس على السرير أخذ يتحدث عن موقف ما حدث معه،وانا كنت غارقة بالتفكير حتى قال:
-”تسمعيني؟”
-”امم”
ابتسم وقال متفلسفاً بشكل لم اعتده-”سمعتي بس ما استمعتي؟”
ثم هم بالنهوض
أخذ شيء ما من الدرج وخرج
-اسمع ولا استمع..أجل كثيراً ماتحدث لي معك..مالمشكلة؟
هل كنت تتحدث فرضاً عن مقاس قدمي!
كل ماتثرثر به يخصك وحدك،ولا رغبتي لي بالاستماع
والفرق بينهما مزعج جداً ان لم تكن تعلم،فأنا لم اخلق لترجمة حديثك!
هذا ماكان ينقصني في هذه الليلة!
تريد ان تفسد علي هذه المرأة التي أكون، تلك التي تحلم بصنع لغة على
قياسها،وتكره الكلمات الكثيرة الدالة على الشيء الواحد، ولا تطيق الجمل
الفضفاضة التي لها نفس الحروف وأكثر من معنى،
والتي قد تتسع لأكثر من كلمة في آن واحد تماماً كلغة غير عربية!
ان تسمع وتستمع في كل مرة،يستعبدك الصوت!
،
لمحت قرب الباب على الأرض، منشورة قد سقطت من مجلة،او ألقى بها عمر بعد
اطلاعه، او ربما تجرأ الموزعون بإدخالها تحت أبواب غرف النوم ! فليس جديداً
إهمال حرية الفرد والعائلة!

بينما كان ينظف أسنانه بالخارج،انشغلت بقراءة الإعلان الغير مسموح بتجاهله بعد ان وصل لهنا!
لا ادري لمَ أنا غاضبة!

-إعلان تجاري،عن احمر شفاه!
حتى هذا الوقت لازلنا نبحث في المكان الخطأ، كان يجب عليهم الإعلان عن ابتسامات نشتريها عوضاً عن احمر شفاه؟
كان عليهم ان يرضونا؟..يقولون لـ نستهلك أكثر؟ يقولون إحصائية؟!
يقولون شركة رائدة!!
متى يستبدلوا أرقام أرباحهم بأرقام خسائرنا؟ومواليدهم بوفياتنا؟
ومتى نجيد التدقيق بحياتنا!
انه زمن نرتدي فيه لباس بقياس المناسبة لابقياس شعورنا، إنه زمن الأقنعة الملونة والريش الناعم والعدسات اللاصقة!
انه زمن الأحلام المعبأة والأحاسيس المعلبة، إننا نستورد حياتنا ونصدر أرواحنا
كم يلزمنا من الفناء ليبقى لنا تابوتاً راسخاً.؟
متى اغتصبت الحرية،ومتى أصبحنا هكذا؟

-الامور التي اكبتها دوماً تتفجر في المكان الخطأ والوقت الخطأ وعلى امور ليست المعنية في يومي
الباب المنتصف أصابني بالدوار،والغرفة الباردة أصابتني بالبلادة
أكثر من أي وقت ..اريد من ينظف اسنانه أن ينظف هذه المنشورة من الزيف
ويشرحها لي..!

لايوجد اشقى ممن يحاول تنظيف مكان لاتغادره قطه!
ولا امرأة تستعبدها فكرة صحبت فكرة!
ولا رجل في هذا العالم له القدرة على فهم امرأة ،فكيف اذ بها تناصف ورقة!
ولم تعد تستمع اليه!
!

-”حريم”
قالها بسخرية وهو يأخذ من يدي تلك المنشورة،وأضاف ضحكة وهو يقول:
-” اجل تبغين السوق بكرة؟”
أفقت لأرى بوضوح،كدت اضحك لما توصل اليه،فجاريته:
-”اكيد(اضفت) كنت بقولك بطلع مع دانه”
-”لالا لاتقولين لاحد”
بادلته ابتسامته التي طرحت موعداً.. هناك لن يتوافق مزاجينا أبداً..!
.-.
.-.
بالغد، كنت افكر اثناء وصولنا هناك بعدة اشياء، من ضمنها،كيف سيكون ذوقه بالتسوق!
لكني فوجئت بما حدث!
عندما دخلنا اتجه مباشرة لمحل اجهزة،وانا اتبعه
حين خرج،سبقته لمحل آخر، وهو يتبعني
وتحول تسوقنا لسباق من يخرج أولاً يدخل أولاً!!
لكن سرعان ماانهينا هذه الطريقة،فتوقفنا لنشرب شيئاً بارداً، فكان ينتظر الطلب وكأنما سيشربه ويغادر!
لذا سألته:-”خلصت من السوق؟”
اجابني بثقة-”ايه..باقي لك شي؟”
اني لم ارى سوى ثلاث محلات ولم اشتري شيئاً..كيف يعقل ان يكون هذا تسوق امرأة!
بتعجب-” بس لازم ناخذ (ربما ضحكت)اللي بالاعلان!”
يبدو كمن يتصنع التذكر-”ايه نسيت..بس اذا ماتدرين(انتظرت شيئاً مهماً لكن!) تراك قمر بدون شي”
-”ادري وادري اني بمكياج او بدون ماتنتبه “
ردي السريع خرج تماماً كعبارته التي لم تؤقت، دهشته من عبارتي كانت كدهشتي من نفسي التي قالت –انتِ رغم ذلك امرأة!!
النادل في وقته حين وضع الكأسين معرفاً بمحتواها
وعمر الذي ظل صامتاً يحدق بي، لم تكن دعابتي التي أظنها ،تبعث حتى ابتسامة
صمت المكان الذي كان مريحاً قبل دقائق بدا له أزيز مزعج،وحتى الكرسي أصبح يضايقني فتحركت قليلاً ولم يتحرك هو!
لكنه نطق متتابعاً:
-”كنت بالفترة اللي راحت اشوفك..(ثم تابع) واشتاق لك حتى في العمل في السيارة وفي البيت دايم اشوفك”

قبل ان يتحدث صمته كان مربكاً …لاأحد يجرؤ لتجاهله
وبعد ان تحدث..كان هادئاً.. طريقة وصول هذا الهدوء اكثر جنوناً من معناه، واكثر عصفاً من شعور امرأة اعتادت ان لاتراه هكذا!

تابع-”وانتي معي..”
توقف ثانية وكأنما ينتقي من ارشيف بالتأكيد كان يعده منذ فترة، ورفع عينيه
من كأس العصير..ولا ادري بالضبط مالذي رآه على ملامحي حينها والذي جعله
يبتسم قائلاً
-”العصير!”
ثم امسك بكأسه، لأفعل بالمثل وأشرب
هناك بالطبع خطأ ما، هناك شيء لااستطيع استيعابه،هناك كم من الافكار تضع يداً فوق اخرى بهدوء
وهناك خطأ في هذا الشيء الذي اشربه بالطبع!
حواسي التي كانت مشغولة جداً لم يتسنى لها رؤية اللون،ولا شم رائحة هذه المانجا!
ولسبب ما لا استطيع التوقف عن شرب هذا الكأس،وهذه النكهة التي لااملك شعور جيد تجاه طعمها او حتى رائحتها
رغم انها قد تعجب امرأة اخرى،تماماً كحديث هذا الرجل..!
واصلت شربها دون ان اجرؤ على النطق بانني لااريدها،او حتى التوقف فقط!
-”نشوف المحل؟”
استعاد ما استعاد وهو يقول ذلك، وفقدت مافقدت وانا اتقبل هذا المشروب الذي لن يذكرني بغيره يوماً ما!
.-.
.-.
لم اشتري الكثير من الألوان هناك،فالرجل الذي يختار عطراً الآن يصاب بعمى ألوان كلما نظر لوجهي!
فعندما وصلنا للمنزل،قدم لي ما اشتراه من مجموعة جميلة من العطور
الهدية التي تعيد الجميع اطفالاً،ادهشتني حينها
-”التغليف مو حلو (ثم أضفت) رابطها بقوة كانك ماتبيني افتحها”
ضحك –”اجل لعبو علي (وكان يرصد ردة الفعل حين رأيتها) اعجبتك؟”
هي رائعة لكن للأسف يبدو انني لن استخدمها، شكرته جيداً وأبديت اعجابي بها
تفقدت جميع الروائح، ثم أمسكت بعلبة واحدة ربما هي بزهرة اللوتس
-”باخذ هذا”
نظرته التي تنتظر استفساراً أجبتها
-”الباقي عندي حساسية منها”
لكم ان تتخيلوا ملامحه حينها!
.-.
.-.
.-.
بينما انا جالسة وحدي شاهدت على التسريحة علبة العطور التي اهداني قبل ايام، والتي لا ادري كيف سأتخلص منها كما قال!
وحينها فكرت إعطائها لشخص ما.. بل قررت ذلك
ولن تحزروا من يكون!
.-.
.-.
بعد وصولي،طرقت باب غرفتها ولم اسمع اجابة،دخلت مبتسمة فأشاحت بوجهها عني
ثم توجهَت للسرير وغطت وجهها
تحدثت عن روعة اثاث غرفتها الجديد، وسألت عن الحال،ووضعت العطور على الطاولة،وجلست قربها وهي تتظاهر بالنوم
-”جبتلك عطور شوفيها وعطيني رايك”
-”اذا دخلتي مرة ثانية استأذني واذا طلعتي شيلي عطورك معك “
قد اكون مصابة بالتبلد،لذا ضحكت وانا أقف لأخرج
لكنها استوقفتني وجلست لتسأل:
-”عندك رقم ريم؟”
التفت بتعجب مكررة-”ريم!”
-”ايه اخت زوجك عطيني رقمها بسألها عن شي”
-”اها اريام”
ثم اخذت افكر بالإطار خارج الصورة،اذن ريم لمَ نقول اريام فهو لايناسبها حتى ولا يأتي بوزن توأمها!
ابتسمت بسعادة وانا اقول-”ماعندي رقمها”
وربما لم يكن علي ان ابتسم،
-”طيب ايميلها”
-”لو عطيتك بتقوليلي ليش انتي متضايقه كذا”
نظرت بغضب-”اظاهر الموضوع يخصني”
لأقول بعد تفكير:
-”لا مايخصك لحالك شوفي امك كيف متضايقه .. اذا تبغين رقمها برسله لك ولو بغيتها حتى تزورك بطلبها لكن من حقي اعرف السبب”
رأيت سطوراً بقلم ازرق على علبة المنديل! كانت كتعبير حب او فراق او امنيات
لا استطيع رؤيتها بالضبط لذا ما ان امسكت به حتى صرخت بوجهي
-”قلة ادب ولقافة”
ولا ادري أي طاقة كانت بي لأستحمل وقاحتها
-”ليش تبغين ريم؟”
قفزت وأحضرت ورقة ثم كتبت شيئاً ما وأعطتها لي قائلة
-”عطيها ايميلي”
بصراحة كنت افكر بعلبة المنديل،وليس لمجرد الفضول اردت قراءتها بل لأنه
يتحتم علي ذلك.. لأرى كيف تشعر ابنة خالتي،وماذا تريد،ليس لأجلها .
.وان حاولت ان اقول لأجل خالتي فلست تماماً صادقة، فأنا لاادري اين وصل الموضوع واي ضرر سيكون علي ان ساهمت بذلك
لأنها تملك سراً مع اخت زوجي ولو حدث شيء ما، فطبعاً سيلحقني ضرر!
-”بضيفك انا اول”
وكأنني قد اهتم بها! وخرجت
.-.
.-.
ما ان رأيت خالتي تبتسم وتنتظر ان ابشرها بأمر! خيبتها وانا أقول:
-”مازن موجود؟”
سألتها لأطمئن لكنها أخبرتني انه قادم الآن
اتصلت بعمر، فسألته:
-”تقدر تجيني الحين؟”
-”ليش مو قلتي الساعة عشر؟”
-”لا ودي ارجع الحين”
استغرب ذلك –”اشوف ثواني وارسل لك”
وقبل ان اغلق قال مسرعاً-”لاتخلين احد يرجعك انتظري”
بالطبع الأحد المقصود-ابن خالتي- الا تعلم انني هاربة منه!
وجاء عمر قبله ولله الحمد
.-.
.-.
بعد ان أضفت لمى،وجدها تنتظر
بالطبع فلا يبدو ان لديها ماتعمله غير الانتظار!
ما ان عدت مرة اخرى كانت لاتزال صامته، استغربت ذلك حتى فتحت صندوق الرسائل ووجدت اربعاً منها
الاولى،فارغة
والثانية،قصيدة والثالثة،خاطرة،والرابعة لا ادري اهي قصيدة ام خاطرة!
توجهت لأحادثها، فتجاهلتني
،
لا ادري لمَ بعثت لي بذلك! قد تكون هذه رشوتها بعد لمحت الفضول بي!
او طريقتها لإقناعي بأنها قد تحتاج لانعاش عاطفي!
او انها مجرد مقدمة لتستطيع تكرار طلبها وتحظى باعانتي
جميع هذه الامور التي تطرأ في بالي خلقت الفضول الشخصي لأجلها،فهي التي لازلت اجهلها ولم تخاطبني ذات يوم كما تخاطبني رسائلها!
الواقف خلفي والذي له ظل ينعكس متخطياً المصباح الصغير بجانبي، والذي كان يسترق القراءة،قالت عيناه شيئاً لم افهمه وابتعد
كان الصمت مخيماً حتى استقل الدرج وهو يخبرني
-”بكرة رايحين لاهلي”
كدت اسأل-”بنروح؟”لكنها كانت”رايحين”
لذا لاحاجة للسؤال..وتراه لمَ لم يخبرني بقدومهم هنا!
لكن هذه المرة زيارتنا تبدو فكرة غير سيئة،فأنا سأود الاستخبار عن لمى!
.-.
.-.
بعد ان


سيدة الحرية  30_12_1213568613711
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:40 pm

متابعة الفصل الثالث .........
سيدة الحرية  Fotka_h22 RAHEEL سيدة الحرية  Fotka_h12

.-.

بعد ايام، ربما شهر

ربما… واقول ربما ان مايحدث الان سيكون جيداً

فأنت تخبرني انك ستضطر للسفر قريباً

كنت اريد الاستسلام معك،لكن ذلك لم ينجح لأنني ببساطة حين اود
الخروج اجدك لاتعود، وحين اود مشاهدة التلفاز اراك ممتلئ بالحديث، وحين
يصيبني النعاس تريد السهر وحين اود البقاء تنام باكراً

تقول انك لاتدري متى ستعود، واعلم انك كاذب على امل ان اشتاق اليك!

واعلم انني احتاج لأجوبة أكثر جدية لأستطيع ترتيب الاسئلة كي اواصل العيش معك بسلام!

فأنا لا ادري..امور كثيرة اجهلها، هللا اخبرني دون ان تكذب..

ابسطها… لم حين يطل الليل يعلقني على استارة؟

سأكون صريحة معك ان اخبرتني،لن احلم بالحرية او الاستقلال او
مايكون، ان كان هناك اجابات لأسئلتي، سأجدك بلا زيف بلا اعذار ولن ازور
الحقائق ولن اكذبك بعد ذلك!

فقط..لمَ يحدث ذلك لي معك؟

لمَ في كل ليلة،أبحث عن سبب ليجعلني غير مرتاحة!

معك..أنت بالذات أشعر انني مسؤولة عن جمع مساوئك، وفي حين لا أجد شيئاً ..أتضايق أيضاً!

إنك بصريح العبارة كالعبء الثقيل على حياتي، اوفر لك طاقة اخرى وادون تصرفاتي كي لا اخطئ معك!

ليلاً اسأل الطرق لأنام،انزعج من اريحية نومك فأجدك السبب!

لكن لمَ انت السبب؟

الأنني قرأت خطك قريباً رغم انك تستطيع الكتابة منذ ولادتك! ام هو حديثك معي كما لاتتحدث مع احد اعرفه!

ام هي سعادتك التي تبدو حتى في حين منحك مالاتريد، كحريتي في التعامل معك!

هل مشكلتي معك بدأت حيث نتواجد،ام حيث نتصرف،ام حيث تمنيت؟

ام هي معك أنت حيث لا أحد غيرك ولا بديلاً عنك، ولا سواك!

تطفئ التلفاز أثناء برنامجك المفضل لأنني أشتهيت ذات فراغ
التحدث معك، تشعل ضوءً خافتاً أثناء نومك لأنني مؤخراً صرت اهاب النوم في
الظلام، قد كان الليل ملائماً لعد حسناتك التي لاتنتهي حيث لا احد يسمعني
حيث لا ارى نفسي فأغفو حين اصل لشراءك لهذا المنزل لأجلي

لكنه لايجعلني اواصل ذلك لأنني علمت لاحقاً ان الليل لن يكون كافٍ لأسئلتي التي استيقظت أثناء أزمة ذنب!

لمَ أنت مهتم بي بهذا القدر!

لمَ لا استطيع مبادلتك هذا الاهتمام!

لمَ أشعر بطريقة ما بتأنيب ضمير،لمَ اشعر بالخوف،لم اشعر
بالامتنان،ولمَ تجعلني عينيك المسدلة جفونها ويديك تلك التي تتوسدها اثناء
نومك، ساهرة اذكر سؤالي مرة تلو الاخرى عن وضعيتك في النوم قبل السنوات
الطوال:

-لمَ تنام وأنت تنظر للنجوم!

لكنه الآن يكون:

لمَ السقف مغلق؟

ولمَ النجوم بعدت أكثر؟

ولمَ أنت الآن أكثر من أي وقت تذكرني بأيام خلت!

ولمَ انا غير راضية!

.-.

.-.

.-.

سألني-”اوديك لخالتك؟”

-”لا”

-”لعمك؟”

-”لا”

-”يعني؟”

-”بقعد لحالي”

-”لا”

وبعد سلسلة الاءات العنيدة،قلت:

-”قول لبدر يجي هنا”

وطبعاً ليس بغريب ان يقول بدري-”لا”

طائرته بعد اربع ساعات،وانا لااود الخروج من المنزل وهو لن يتركني فيه وحدي

حقيقة قد اخاف ايضاً،جنان مسافرة لوالدتها وخالتي لن اذهب لو … لو… لن ادري ماسيُحدث هذا اللو من كوارث طبيعية!

عاودنا الاتصال ببدري الذي قال:

-”تعالي عندي انا مستحيل اجي”

اخبرت عمر بذلك فتحدث اليه

-”ياخي سكنك عزاب..اجل..زين تعال خذها ..زين”

ثم اغلق

-”بتروحين لشقته القديمة ماراح اطول يومين بالكثير”

ودعني كما تتوقعون وغادر

.-.

.-.

حتى يصل بدري كنت اقاوم الفضول ،حين كان متصفحي مفتوحاً على
صفحة الاخبار، فانتقلت لحيث تعلمون فنشاطي الاخير قبل قرابة الثلاثين يوماً

لينتهي بي الحال بعد ساعة،اكتب وقد اختلف مقدار ضخ الدم في جسدي:

-لا أدري لمَ كتب عني البعض كلاماً سيئاً في الآونة
الاخيرة!،ربما تعجب واحد غير كافٍ لكنني لن اضيع وقتي في ترتيب عباراتي
لأجل ذلك، فأخاف ان تبد دون قصد كعتاب!

فلو استبدلت كلاماً سيئاً بكلام قاسي لربما صرت استشفي
قلوبكم،وذلك ابعد ما افكر به من اناس لايستطيعون الإدراك ابداً مهما حاولت
التوضيح لهم

لأخبركم أيضاً:الحرية التي اسعى لها لن تصلوا اليها ابداً
بتفكيركم السقيم، اقصد تفكيركم فلو اضطررت لخطابكم شخصياً ستبدو هذه الكلمة
قليلة بحقكم

اعذروني، او لاتفعلوا فربما بنظركم الحديث بأي طريقة حرية القول!

يقول المثل: الضربات القوية تهشم الزجاج فقط .. لكنها تصقل الحديد

.-.

وقد كنت استعد لجدل جديد سأكتفي بقراءته،استقبلت بدري بذلك الشيء الغاضب بداخلي

حينها برر لي :ان سفر عمر له اهمية ويفترض ان لا اغضب

لكنني أخبرته انني لااهتم حقاً،وعرف ان الموضوع قد دخلت فيه لمى!

وقضينا الوقت بالخارج وأخرجت كل ماهممت به في الآونة الأخيرة..وكاد يكفي ان اكون مع بدري، فقط كما كنا

لمَ كل هذا الكم من الراحة يزورني فجأة حين أرى بدري!

.-.

.-.

قبل ان انام حين كنت اطلَع أخيراً على جديد ماكتب.. ، سمعت
هاتفي ينبئ بقدوم رسالة جديدة كانت من زوجي يتمنى لي ليلة سعيدة، تركت
الهاتف وعدت اقرأ في جهاز اخي ماوصلوا اليه ومن بين سلسلة الجدال كان هناك
تساؤل بخط كبير،قد تبع حديثاً آخر لكنه وقف بصفي..

-الحرية ليست كالتي تتوقعون وأنا عندي مثل:يقول

“احترس من الباب الذي له مفاتيح كثيرة”

والحرية باب المفاتيح الكثيرة

قد لاتفهمون!



ابتسمت فهو يظن انه يفهم ايضاً.. “ماني لحد” ليس بإمكاني تجاهل سؤاله الذي يحضر في كل مرة مستفزاً واليوم على غير عادته!

تخطيتهم وأجبته/

-قد تبدو كذلك…مثل جميل.. كجملة سمعتها قالت

“كثرت عندي المفاتيح التي ليس لها في الأرض باب”..!

يبدو ان الموضوع كما في كل مرة يأخذ منحى آخر..!!

.

.

ولم أفاجئ برده بعد غد:

اذن لماذا لاتملكين مفتاحاً واحداً؟

يقول احدهم: “المفتاح النائم على قارعة الطريق عرف الآن فقط نعمة أن يكون له وطن حتى لو كان ثقباً في باب!”

الا توافقينه؟

،

لأجيبه:

يظهر انك أحببت سيرة المفتاح لكن

أيبدو لك انني أستطيع أن املك مفتاحاً واحداً حتى ألوذ به في باب..؟لم لايتسع الثقب ليحوي تلك المفاتيح الكثيرة!

أم لمَ بابي ليس به ثقب حتى الآن!

أن يكون لك وطن،لغة، اسم، ثقباً في باب، أقصد مقعداً ثابتاً على الأرض ذلك يعني انك جئت حقاً

تماماً كمسافر رتب أحدهم لرحلته جيداً من الذهاب الى الإياب،
رغم ان باستطاعته التحليق وحيداً حيث يشاء، لايرتبط بموعد رحلة عودة حينما
يود البقاء، يعيش كطرد في مظروف اصفر كتب عليه العنوان مسبقاً،مهيأ
تماماً،مهيأ جيداً

وتموت كمفتاح على قارعة الطريق!

فقط لأنك فضلت اختيار الباب!

،

،

أجابني أخيراً بعد انتظار

لم اقرأ لك شيئاً تقولين فيه “صحيح” و”معك حق” و”اتفق معك”

لكن كل ماتكتبينه جميل، واعتراضك على كل شي يعجبني منذ زمن

بالنسبة لي أتواجد لأقرأ لك تبدين دوماً ك (قنبلة سلام)

.

.

لا ادري مالمدهش حقاً رأيك الناقد بلطف ام اعترافك بمتابعتي بشغف ام تلك (قنبلة سلام)!

تلك ربما الأكثر ادهاشاً! لأنها منك على مايبدو..!

قنبلتك فجرت ألف فكرة في سبيل الكتابة هذا اليوم، وحين اكتب تلك الأفكار الغير مرقمة على ورقة..سأدهشك!

أخذت جولة سريعة تفقديه لاسم مستخدمه،لم يعقب لسواي،والمضحك استخدامه سابقاً للهجته وترك الفصيح

-هل حقاً انا بتلك الروعة!

هذا ماخطر في بالي وانا ابتسم بثقة،وافكر في معنى اسمه !

.-.

.-.

.-.

كان السفر مجهداً حيث انني تأخرت، وفاتني موعد ووفرت الجهد والوقت للتعويض

ماحدث، انني ما ان وصلت هناك هاتفتها، ثم لم اجد منها اتصالاً او رسالة، فتوجهت للمنتدى قبل ان انام

وتساءلت : كيف تجد نفسها في الكتابة هكذا!

وخضنا حديث المفتاح!!

.-.

.-.

.-.

كانت مغادرته اجازة سريعة لأخلو بنفسي،ارتب الفوضى في داخلي

افكر انه سيكون جميلاً ان يبقيني عند اخي اكثر، فأنا هنا استطيع أقل ذلك..النوم!

لكنه اصطحبني حال عودته

خيَل لي اننا نواصل الدوران فقط!

ماذا لو كانت حياتي قصة،كيف ستنتهي!

الحزن يخبرك اكثر من الفرح فلن يكتبني احد لولم يكن يكتب عن
حطام،لو لم يكن يجيد الركض في حلقة مفرغة ولا يصيبه الدوار،لن يكتبني احد
لايؤمن ان الحزن يخبرك مالا يستطيع نطقه الفرح،

تماماً كملامح الأشخاص الذين أساءوا إلينا ذات يوم نذكرهم كما لانذكر من أحسنوا إلينا!

العديد من الذين لم يعبروا حياتي،ولن يعبروها،يملون علي مفاهيم اخرى يبعثونها كما تكتب تماما ًقائمة مواد غذائية!

ويرجون الكتابة لمجرد الكتابة،ويطالبون حرية بلا حرية،ويفرغون أسئلة دون عقل جواب..!

يعلمون..ان طفولتي شديدة الانبهار بممثلي المسارح،وتعدد
أدوارهم على منصة واحدة،لأنني علمت قبلهم ان بإمكان أولئك عيش أكثر من حياة
في أزمنة مختلفة،وكأنهم وحدهم من عرف مبكراً حقيقة ان الحياة غير كافية
للعيش كما ينبغي!

حين قال كنفاني ان التسول هو استرجاع الحق،تأكدت ان الحرية لن تكون أقل من ذلك!

فما بال هذا الطريق لايؤدي لشيء!

بدأت اشكك في وجود روما!!

.-.

.-.

.-.

طرق الباب مراراً وتكراراً على عجل..عصر الغد

فوجئت برنيم تطلبني الدخول

-خيراً ان شاءالله، خلعت عباءتها وصافحتني،وأضافت قبلة كاذبة وهي تقول:

-”عمر فيه؟”

-”ايه نايم..خير؟”

-”لامافيه شي بس بغيت خدمه”

قلت بتوتر-”أي حياك تفضلي”

“كنت بجيب فستاني من المشغل قلت امر اشوف فساتينك يمكن افصل مثلها لسديم”

قالت كل ذلك حينما جلست،وما ان استوعبت

-”أي اكيد”

لأي مناسبة ياترى!

ثم أضفت-”تفضلي بالمجلس”

وضعت قدماً فوق اخرى ضاحكة

-”بيت اخوي يكفي الصالة”

ابتسمت، وأحضرت العصير،وبعض الكعك،الجاهز طبعاً، ثم أحضرت لها ماتريد،وانتقت منه وقالت:

-”هذا روعه بخليها تشوفه ذوقك حلو”

-”عيونك..اذا مقاسها خليها تاخذه”

-”بالحالتين بنفصل اصرو يلبسون مثل بعض مايكفي انهم يتشابهون”

ضحكت وقبل ان اعلق سألتني:

-”عمر متى بيصحى”

ابتسمت وذهبت لأوقظه

-”الحين”

.-.

حين نزل تبعته،بعد ان تبادلا التحايا،سألها:

-”وش سبب الزيارة المفاجِئة”

-”ليش مايصير ازور اخوي”

ضحك-”يصير طبعاً ….”

وقبل ان يتم جملته كانت رنيم قد لمست إحدى يديها الطاولة دون قصد،ليسقط كوب فارغ وينكسر!

ثم أطلقت صرخة قوية ،جعلتني اتوقف حيث كنت،ويتوقف عمر حيث كان، وصوتها جعلني أتوقع انها قد اصيبت لتقول لي عن بعد:

-”انتي ليش حاطته هنا؟ شوفي شلون”

فوجهتُ نظراتي لعمر،أهو خطأي!

ألقى بنظراته علينا ثم قال ويبدو انه يكبت غضبه:

-”طيب نظفيه”

ثم أضاف وهو يجلس بعيداً وتتبعه اخته:

-”شالمشكله كوب وانكسر”

شعور بالإهانة،وبالغضب يجتاحني، أيقول انه خطأي!!

أحضرت الأدوات وبدأت بذلك،لأني اخاف ان يجرح احد ان اخرت ذلك

كانت اذني تلتقط مايتحدثان به بالقرب، حتى قالت رنيم

-”ماشاءالله عليك ربة بيت”

وقد كنت مسبقاً انظف مافعلته بدم فار غضباً،منها ومما لم يفعله هو!

-” لو شهادتك مهمه!”

لم ارفع رأسي حيث كدت اجرح الأرض بتكرار العملية خشية ان ارفع رأسي لرؤية اندهاشهما من ردي او طريقته على الأرجح!

-”رسيل”

جائتني من عمر بنبرة هادئة،لالا بل هي ضجرة قليلاً، او ربما كثيراً..لكن الأكيد انها مستنكرة!

فتخطيتهم واتجهت للأعلى

.-.

كانت المناسبة التي يجهزن أجسادهن لها منذ فترة، ان قريبة لهن ستتزوج، ولعادة ما..سيجتمعون بها بعد مدة، وسيحضر الجميع

هذا ما اخبرني فيه عمر بعد يومين مما حدث

كنت اتجنبه،ليس غضب من يريد الصلح بل غضب من يطالب بهدنة!

ولم يتجرأ احد منا بفتح الموضوع مجدداً ،او ان يكسر كوباً ما ولو بالخطأ!

ربما استمرينا هكذا حتى اضطررت لتصعيب الأمور دون قصد حين قلت:

-”متى بتطلع؟”

رمقني بنظرة غريبة واجابني بسؤال-”ليش؟”

-”لي اغراض احتاجها عند خالتي.. وبترسلها لي”

حرك رأسه متفهماً او لامبالياً ،ثم بحركة سريعة عاد لينظر لي وكأنه بُلَّغ بأمر!

-”مع مين؟”

-”مازن”

ثم لم ادري ماذا اقول، وربما هو كذلك

-”بقولها ترسلها الحين..تنتظر؟”

لم يجبني

.

ما ان حضر مازن،بالطبع لم اره ولا ادري مالذي يتبادلانه بالخارج، وكما توقعت غادر

وقال لي عمر ما ان دخل

-” فيه شي نساه يقول اتصلي”

وجلس بذلك المزاج الثائر،ثم اذ به يضغط على رأسه،ثم يقف فجأة بمظهره المقلق ويقول:

-”على أي اساس يقول لي لاتدخن شايف بيدي الباكت ولا شام فيني سقاير”

ثم علا صوته أكثر من علوه وكأنما أرعدت السماء في وجهي

-”عشان صحتك يقول ليش اذا انتي شاكه بشي اسألي ولا تشتكين عند هذا”

اضاف دون ان اجرؤ حتى على الابتعاد

-”انا تركته من يوم وافقتي علي اصلا ماكنت ادخن قبل هي فترة
وبدر يدري (نبرة صوته وسرعة مايقول عطبت استيعابي التفت وكأنما سيغادر
فأضاف)اخوك اولى”

ثم ترك المكان لأستند على اقرب كرسي،اعيد تجيمع ذلك الانفجار

حتى ان يداي ترتعش،وعقلي يكرر الكلام كله في وقت واحد فيكاد عقلي يستقيل!

-أي سجائر وأي شكوى، ماذا قلت يامازن ماذا افسدت، حسبنا الله ونعم الوكيل!



_

_

.-.

.-.

الف فكرة ومليون مخطط كادوا يفجرون برأسي حينها، وكلما تأخر أكثر ازدادت احتمالية الجنون

كيف يفعل الجميع هذا بي!

اهناك من يلوم حلمي بالحرية بعد كل مايحدث! اذن نالوها انتم..خذوها فتخلصوا مني..دعوني!

ما ان سمعت الباب،اعدت ترتيب الكلام،وقفت وسألته:

-”مارديت على جوالك”

كانت ابعد من ان تكون خبراً او سؤال!

ربما لهذا واصل تجاهلي وهم َبالصعود

-”عمر”

هذه المرة الثانية ان كنت تحسب! لكنها الاولى بهذا الصوت الغاضب!

-”انا ماشكيت لمازن بشي ماكلمته حتى”

التفت وقال بنبرة ساخرة لم اعتدها!

-”ومن قال انك اشتكيتي”

اجهله الآن أكثر! تقدمت وانا امسد ذراعي الايسر قائلة:

-”انت عارف مافي شي اشتكي منه”

اتكئ على السياج،ومال بزاوية فمه للاعلى،وسكت كأنما ينتظر بقية حديثي المنتهي!

عندها،فقدت الرغبة في مواصلة البقاء او التحدث، لكني سألت ماكنت اود معرفة وكان ضمن المخططات الألف التي تمزق رأسي

-”ليش هالعداوة بينكم؟”

وكعادة الاسئلة المهمة،تخرج حين لايكون هناك من يرغب بإجابتها!

اعتدل في وقفته، زفر زفرة بالغة، وصعد للأعلى وهو يقول بصوت بسيط!

-”الحقير”

لاينقص عقلي هذه الليلة استيعاب المزيد!

تمنيت لو غضب بأكثر من كلمة،صرخ عوضاً ملئ رئتيه بالغضب،او حتى اقلها يطلبني عدم التدخل!

الحقير! بذلك الصوت المغلف بالهدوء شعرت به قد يحرق اطراف
ثوبك،وقد يبقى رماد في فرشاة اسنانك،وقد تكون لو قيلت لي لاحترق ماينبض في
جسدي

قبل ان ينطق بها كدت على وشك النطق ب-واصفح الصفح الجميل- جيد
انني لم انطق بها..، هذا النوع من الكلمات دواء وانت لاتستطيع سوى مواصلة
المرض،لاتشفى الا بعد ان تسأله السبب ،علني اعلمه!

فكل ما اعلمه الان انه حقير،كاذب بغيض، لاادري ماذا
يريد،الديه انف اخر ليشتم رائحة التبغ التي لااشمها فيه، ام صحتي ذات
فجأة!! صارت اولويات اهتمامك

،

،

كنا نتجنب بعضنا الايام التالية، بل نتجنب انفسنا ايضاً

لا ادري ان كنت انا من يتجنبه ام هو، لكن ما اعلمه انني لم
اتعمد التحدث اليه ابداً خوفاً من شجار اقصد انفجار فيبدو على حافة امر ما،
لكن الحقيقة كما قد تعلمون

ان الكلام شيء معقد جداً..!

.-.

.-.

قرابة الاسبوع وانا لا اتحدث الا نادراً في الهاتف فقط!

قبل هذا الاسبوع كنا في نظر الجميع كزوجين سعداء،وبعد ذلك الاسبوع ربما سنعود كما كنا او سنحظى بلقب اتعس زوجين!

لكن مااقلقني انني صرت آبهة بالايام واعدها حين نصبح بوضع سيء، اذلك يعني انني زوجة صالحة!

وحينما اصبحت كذلك تتجاهلني مطلقاً، وتجلعني اطلبك مواصلة ذلك رغم كل مايقلقني

لأن سكوتك قد يكون افضل من صراخك لأهتم، فانا قد لا اهتم!

أمطر علي اللامبالاة فأنا لا أعدك بأن يثمر شيء!

لو تعلم، لا ينمو لي شيء مهما سقيت، هذا ماعلمته في طفولتي، مذ بدأت ببذر القطن، سقيته كما فعل الجميع الا ان نبتتي وحدها لم تنمو

تلك اللحظة،ولو تعلم! منذ ذلك الحين،وانا اثق ان لاشيء افعله ينمو

تماماً كما أعي الآن لم تكن بذور الحرية التي جمعتها صالحة للنبات!

أمطر اللامبالاة أكثر أغرقني فقد افقد اهتمامي حقا عندما اغرق!

.-.

.-.

.-.

.-.

.-.

المساء الذي سيكون اليوم كان عادياً لولا انني كسرت كوب،ولولا ان عمر قال لي ببرود:

-”حددو الموعد الاسبوع الجاي الاربعاء”

واعلم من تذكيره كي لايتكرر كالموقف السابق،لكن كيف لي ان
انسى هذا اليوم، فهو اسعدني ان يكون الاجتماع في ذلك المكان المستأجر
البسيط عوضاً عن بيتي، الذين رفضوه قبل ان ارفضه انا بحجة العدد الكبير من
الارواح البشرية!!

وكما كنت مؤخراً استجيب بلا اهتمام، وكأنما انتظر مفاجأة من القدر تغير حياتي

وعندما كسر الكوب شعرت بشيء غريب!

.-.

.-.

الايام المهمة في حياتنا والتي لها قدرة على تغيير مسار، تأتِ بلا مقدمة واشعار

الاربعاء، ما اسرع قدومه!

في الحقيقة ان ايامي كانت تمر اسرع من غيرها، الجميع يقول ذلك!

فحين طالبتها بالمشي صارت تعدو، اوصلتني لفصل الشتاء

يبدو انه يخطو في هذه الأجواء التي لاتحتمل قميصاً صيفياً بعد منتصف الليل

-”تعالو برى الجو حلو..رسيل تعالي”

يجب ان اتجاهل برودة الجو قليلاً كي اخرج لأجلها ،لأنني لولم افعل لصرت حديث المجلس النسائي الممتد بخطوط حديث أشبه بشبكة عنكبوت!

تبعتها كي اتظاهر معها بروعة الجو..لا اغير!

ربما…اقول ربما..كان يجب ان لااتظاهر بذلك،ولا اخرج

اخبرهم ان لدي صمم فلم اسمعها او رمد فهل شارت الي! ف”ربما” عندما تؤرجحني بين امرين ينتهي بي الحال دوماً للأسوأ

،

هذا الجو القاني في زاوية نفسي امام الجميع، قبل ان اتي اليوم
تجادلت مع عمر ثلاث مرات،الاولى ان اكون جاهزة مبكراً كي لا أتأخر،وكأنني
سأشكل فرقاً كبيراً في هذا الضغط الانساني!

المضحك ماقاطعتني به احداهن التي لااعرفها حين سألت عن زوجي، حقيقة لاادري بالضبط مالذي تريد معرفته،لكني اجبتها انه جيد

زوجي الجيد ذاك جادلته للمرة الثانية حين صرخ غاضباً بعد ان فقد شيئاً من ادوات التصوير،ولأنني في الغرفة ذاتها نلت اتهامي!

لم اعط نفسي احقية التفكير في سبب تغيره،لأنني فجأة اصبح امامي شخص لااعرفه! وذلك يكفي ان يكون مرعباً

والمرة الثالثة تخص منشفته التي تنتظر في شبك الغسيل الى ان يشاء الله، ولم يرضى باستبدالها

كيف يريد مني التصرف! اني متعبة اتراك تمنحني يا شتاء بعضاً
من برودتك لأحتفظ بها قبل ان انام، اتعلم! شتاءك السابق كان يجعلني انام
بلا قلق بلا توتر بلا انتظار او تفكير!

هذه الرياح التي تهب ببرودة بين الفينة والاخرى،تخبرني بكل البلادة التي في ملامح النساء بجانبي!

اللامبالين اسعد اصناف البشرية..!

تقاطعني احداهن مرة اخرى،متسائلة،شاي أم قهوة!

انظر للحافظات التي يتناقلنها مذ أتيت- “شاي”

تسكب لي البعض، ثم تفضح ملامحها جزء في ذاكرتي وأسالها مباشرة

-”كيف حال الوالده؟”

ترد بابتسامة-”بخير الحمدلله تحسنت”

-”دايم ان شاءالله”

ان لم تخني الذاكرة اسمها كان غيناء ابنة عم زوجي الجيد، هل غيرت قصة شعرها!!

الشاي كان ساخناً!

لأول مرة ادقق في حافظات الشاي،انها مبهرة هل حقاً استطاعت الاحتفاظ بسخونته كل هذه المدة!

ظننتها دوماً كاحتفاظ سيدة بسر!

ربما لأن الشاي والقهوة لم اجرب شربهما بها،فالأكواب السريعة التحضير سريعة فقد الحرارة،اشرب بهما دوماً على عجل

ربما لأنه عصر السرعة عصر المنبهات دوماً تجد نفسك واقفاً أمام عدة تقاطعات مأخوذاً بشيء لم يسبق لك رؤيته وخائفاً من امر لم يحدث قط

عصر حافظات القهوة وساعات الاسترخاء لم يعد موافقاً مع الزمن الذي صرنا نعيشه،فكل شيء تفعله على عجل

الاكواب المكشوفة الباردة التي تخنقك رائحتها وتوسع مداك،تساعدك دوماً على حقن نفسك بمضاد لفقد الذات! وانك لازلت مهماً بشكل ما!

تلك الاكواب المكشوفة تغريك بالحرية،تجدك امامها جالساً كما
يجلس من يعترف بذنبه خلف قسيس!تعريك رائحتها من ذنوبك التي لم تقترفها بعد!
والتي اوصلتك للاختلاء بكوب قهوة!

ما ان ترى الكثير من حافظات القهوة والوجوه المنغلقه المركونه بظلال لاتصل بشيء باستثناء من يشاركهم اياها

يظنون ان القهوة لاتبرد ابدا مادامت الاخبار الساخنة نكهة اخرى لأجلها تعلموا مخاطبة الفنجان وفشلوا كما لن يبصروا الحرية!

.-.

.-.

جلست رنيم في البقعة الفارغة عن يميني،وقالت شيئ ما لاختيها الجالستين امامي مباشرة

نادت سديم، ثم ولعجبي نادتني ايضاً بابتسامة كبيرة، وتقدمتنا

كنا نتبعها كما نتبع وهم،فأعلم يقيناً انني لن اصل لشيء!

وقفنا في مساحة مزروعة بعيدة تشبه ممرات العبور ،وان كانت كذلك ،قرب باب يفصل بين قسمين، تركت سديم تبقى ابعد وقالت لي:

-”معليش ماكان عندي وقت غير الحين ..ويمكن ماقدرت اتحمل”

بابتسامة -”تفضلي”

-”انتي عارفه وش ابغى فيك او شسوت بنت خالتك”

تلاشت ابتسامتينا، فجأة حل بها الاصرار وبي الوجوم

ألأنها لاتجيد المقدمات فوجئت بما نطقت به،أم لأنها احيطت علماً بطريقة افقدتها الاتزان

بذلك الاصرار نطقت-”قوليلي احسن”

ألأنني خجلة من ابنة خالتي المعنية،أم لأن هذا الممر المحاط
بالأشجار يبدو طويلاً في حين يفصله بوابتين احداهما لمكان تركت به الشاهد
الأول-اختها-،والاخر لمكان يوجد به والد المعنية بالحديث-لمى



,

,



-”اعتقد الوقت مو مناسب”

جملتي التي كادت ان تكون رجاءً،افقدتها ماتبقى من هدوءها

بضحكة ساخرة-”تعلميني حتى متى الوقت اللي اقدر احاسبك فيه؟”

رددت ضحكتها بابتسامة هازئة أيضاً-”تحاسبيني!!”

وقبل ان تقول شيئاً،لأنني قد لااسمعها وحدي إن علا صوتها،اضفت بلا ابتسامة

-”على ايش تحاسبيني؟ احنا من متى نتحاسب على ذنوب غيرنا؟”

رغم ان جملتي تلك قد انحرفت عن مسارها منذ زمن،كنت واثقة من خطأها الذي لايخطئه أحد!

أتراني اقف امامها احاسب الان!أتلومني انا! ايجب ان لايكون غضبها على أحد سواي!

قالت لي بحدة-”انتي عارفه ان امي ماتدري ولا ابيها تدري لانها
ماراح تفوت الموضوع ..وعشان اخوي انا رح احل الموضوع بنفسي لأن خواتي
مسؤوليتي.. ويفترض انهم مايصاحبون وحده مثل بنت خالتك”

جلمتها الطويلة تلك كادت لاتنتهي،حيث اجبتها ببرود مصطنع

-”امنعيهم”

التفتت ضاحكة وهي تشير لسديم بأن تتقدم،قائلة لي

-”تحسبيني جايه اخذ الاذن منك”

قلت بجدية اكبر-”مايصير نناقش الموضوع وهي فيه أجليه رجاءً”

اخذت تنظر لي دون أي تصرف،أضفت برجاء صادق هذه المرة-” لاتكبرين الموضوع”

اندفعت بالحديث امام اختها-”اكبره؟ مو على اساس انتي شايفته صغير”

بدأت افقد صبري،كدت افقده بصدق وانا اقول:

-”اعجاب مراهقات ماينحل بهالطريقة”

-”اعجاب مراهقات يعني نمشي الموضوع؟ اكيد انتي وش بيضرك..انتي
عارفه هالزفته وش كانت تقول لهم وش فتحت عيونهم عليه وش سوت اخر مرة
ولاتتجاهلين وعاجبك الوضع”

يعجبني!! انتِ شيء لايعقل يا اخت زوجي!

ماذا فعلت لمى! اخبريني ودعكِ من هذا الحديث، أتراه يجب ان اتصل بخالتي الان!

بل اكاد افعل ذلك

قالت-”اسمعي يابنت الناس بنت خالتك هذي خليها تقطع علاقتها فيهم لانها ماتفهم كل ماقالولها تتجاهلهم”

سألت بطريقة من يخاف اجابة-”وش سوت لمى؟”

لكن من اجابت حينها سديم-”انتي عارفه”

كان الاكثر احباطاً تدخلها الان!

تقدمت رنيم بطريقة من يقاضيني لجريمة لم ارتكبها قائلة

-”ماخفتي على سمعتكم على الاقل.. ليش ماوقفتيها عند حدها يوم
دريتي يوم قالت لك سديم او حتى اول ماعرفتي عن هالزفته..ليش ساكته وراضية؟”

-”راضيه!!”

هذا ماستطاع ان يخرج مخنوقاً،فلم يكن صوتي متفرغاً للحديث حيث شغلت حنجرتي بتهريب الدمع كي لايصعد!

حينما يعادل الذهول الالم تسنح لك الفرص بأن تمنحك غصة على الطريقة التي تحب!



فيما سبق احدثت لي الحياة مواقف مشابهة في مواجهات عدة، لكنها لم تكن كهذه

حين اذكر الذين فقدتهم بسبب مواجهة ولازالوا يعيشون بالقرب،الذين يتحدثون معك وكاأهم لن يروك مجدداً وان حسابهم معك الاخير

لايخشون على صورهم في داخلك ان تخدش او تغطى او تنكسر، تعرف
ان في داخلهم رحمة ومودة وربما حب صادق لكن افعالهم لاتشير الى شيء من ذلك

حين يقفون امامك كما يقف الشتاء، يعتريك شعور مخيف نحو كل شيء!

خيبة الامل تلك انطقتني كما تنطق كلمات محتضر، قليلة صادقة

-”انا لا اختها ولا امها ومابينا اخوة ولا صداقة كل اللي بينا صلة قرابة وكره لي اسلوبها مثلك الحين ماقدر اتفاهم معها ابدا”

ردت-”ليش انتي اللي اسلوبك مره شي..عموماً غيري الموضوع قد ماتقدرين .. وشوفي حل قبل لاتكبر السالفة”

كدنا على وشك انهاء الحوار،حيث ان سديم قالت-”الباب يطق فيه رجال يبي شي”

لتسمعني اقول-”انتي شوفي حل لاخواتك انا بصراحة مقدر ولاعندي جرأة افتح هالموضوع مع خالتي”

-”يعني امها اللي ماتدري شوفي يارسيل فيه ناس تعتبر هالموضوع عادي”

قاطعتها هنا وكأن هناك مانفجر بداخلي،تماماً كانفجار زائدة دودية قد نموت بعد ان تحدث!

-”شي ماتعرفينه لاتتكلمين عنه ..وش يعرف خالتي عن اللي يصير
في مدرسة بنتها تكلمي بعقل تكلمي بمنطق ..اصلاً لو تعرفين تتكلمين بعقل
ماجبتيني قدام الناس وفتحيتي الموضوع قدام اختك”

الأنها غضبت من غضبي قالت ببرود

-”وانتي ماتدرين ان الحب يطلع على بذره”

بالتأكيد هي لم تقصد بذلك، من الممكن انها قالتها فقط لتغيظني،او ربما لاتعرف معنى هذا المثل،او قد تتحدث في موضوع آخر

ازداد الطرق،وركضت سديم لترى من يطرق ذلك الباب، واما اكثر مايطرق حينها كان في داخلي ولايفتح احد!



سألتها متجاهلة ماقد يحدث… لو هربت للوراء قليلاً لكشفت امام
تلك العيون النسائية الكثيرة،ولو تقدمت اكثر لكشفت امام الباب الذي يفتح
الان ويكشف الرجال!

-”هذا المثل تقصدين..ان..”

استجمعت قواي فتابعت-”كل اللي قلتيه ماكنت عارفه عنه شي ويوم عرفتيه ماكان تصرفك صح وخطأك بالمثل اللي قلتيه ماقدر اسامحك عليه “

بذلك الاندفاع وهي تنظر الي وكانما ترتكز على قدم واحدة!

لأضيف-”فيه مثل دامك تحبين الامثال..مناسب لك وروحي جمعي معلومات.. “

لم اكن اسمع صوتي المتحدث بعد استجماع قوته،والمثل الذي الهمت به حينها سأقوله واهرب للنساء!

بتحدٍ-”مايعرف… ثقب الجورب… الا الحذاء”

وما ان ادرت رأسي لابتعد حتى اصطدم بكفها على وجهي محدثاً في اذناي صوتاً لاصوت له!!

.-.

.-.

ذلك الرجل الذي كان يطرق الباب،والذي فتحت له سديم،كان يحمل اواني اراد ارجاعها،او استبدالها، او انتهى منها

على بضع خطوات منه كانت امرأتين تتجادلان، احداهن زوجته والاخرى اخته الكبرى

التي فتحت له ربما اخبرته بشيء جعله يترك الاواني ارضاً ويمشي الينا، وعندما حدث الارتطام على خدي امامه توقف

هل كل شيء توقف حينها!

-”رنيم”

نعم يبدو انه صرخ بذلك، وشتت انظاره وخاف التقدم اكثر كي لايكون قد كشف النساء في الجانب الاخر

كرر ندائنا عدة مرات

إحدانا سمعت له وتراجعت لتتحدث معه،وهي لم تكن انا كما أرى!

يدي التي احتفظت بصفعتها على خدي،احتفظت بأصابعها الخمس الجريئة

بالخلف اعلم ان هناك من سيعقد مؤتمراً لنقاش ماحدث لي،لو انني فكرت بالتراجع

واثق تماماً ان هناك رجل خلف هذا الفاصل لن يرضيه مايحدث لي من ظلم!

وهو صديق لهذا الرجل المندهش امامنا

والذي لن يعلم ماحدث وان قص عليه الموقف كاملاً

عمر:

-أحينما تصفق راحتيك،تشعر بالراحة؟!!

.-.

.-.

.-.

صرخت بسديم بأن تحضرها،تقربها هذه الخطوات الثلاث فقط،فاستجابت

رنيم كانت تكرر-”كان سوء تفاهم”

وحين وقفت رسيل امامي بنظرة لااستطيع تمييز ماتعني،وسكتت رنيم فجأة

-”وش صار؟”

هذا ماوجهته لزوجتي فلم تقل شيئاً،كانت تتابع النظر بما لا افهمه

سديم قالت بسرعة-” رنيم عطتها كف عشانها قالتها انتي جزمه”

.

،

.

وهكذا لخصت ماحدث…هكذا انهت الموضوع بتساوي ذنبينا، هكذا بسرعة شرحت وجودي هنا وعلامة اصابعها على خدي،هكذا وفرت الوقت

هكذا… بكلمات قليلة افقدتني أي رغبة بالحديث!

-اتستبدل الكلمات ايضاً…قد قلت حذاءً كما اذكر!

عمر الذي ضل صامتاً واثر الصدمة الاخرى قاتمه بوضوح!

امسك بيدي، انتظر تبريراً، ثم امرهم بالذهاب وسألني باصرار:

-”وش صار؟”

وكأن مافي جسدي من دم تجمع في اذناي وتجلط كل شيء

-”الحين اتركني”

سأل باصرار-”رسيل وش سويتي؟”

واصلت النظر اليه بدهشة،ماذا فعلت؟ أيخصني باتهام…اتركني الان فأنا متعبة منكم!

لأنه لم يفعل ذلك،او لنقل ليته فعل ذلك حينها

لانني عندما اتحدث معه لااستطيع ترتيب الكلام او قول شيء منطقي معظم الاحيان

لانني ربما.. لا ادري..لكن قد يكون ذلك لاندفاعي الشديد وكانني ارى انه يجب ان يفعل المزيد مهما فعل!

-”ماسويت شي اختك تعدت حدودها مايكفي كم مرة اسكت ومتحمله قلة ادبها”

لايسعني ان اذكر خيبة الامل التي علت وجهه حين قال بيأس

-”وليش ماتحملتيها اليوم عشاني”

لم اجبه فأضاف بقوة اكبر-”وانتي قلتيلها اللي يريحك بعد”

-”لأنها غلطت واصلا دايم كلماتشوفني تدور علي شي وتسوي مشكلة”

-”هي اكبر منك والمفروض تحترمينها و”

قاطعته ولو لم افعل لبكيت بل صرخت او القيت بنفسي في الماء هناك!

-”انت مو عارف شي”

قررت حينها ان اخبرك بما حدث،وبما سيحدث! وكم هو مريع نقاشي معها،وكم هو جارح كلامها،وكم هي صفعتها مؤلمة!

وكم هو محرج وقوفي هنا، وكم هو محبط جداً،محبط كثيراً جداً،ان اقرر لأن اخبرك الآن بكل ذلك فتسبقني قائلاً:

-”ادخلي الحين ونتفاهم بعدين”

كيف ادع كل شيء كما هو الان،كيف ابدو مذنبة وانا لست كذلك.. انا لم اخطئ صحيح؟!

كيف اقابل الجميع كيف ابتسم مجاملة اليس هناك اثر على خدي!

-”روح بدخل بعد شوي”

-”ادخلي وبروح”

-”ماقدر الحين بنتظر شوي وبدخل”

استنشق بعضاً من الهواء وقال بنفاد صبر-”رسيل ادخلي ولاتسوينها قصة”

قصة! ان مايحدث حقاً قصة كيف لي ان احتمل حتى غضبك في حين يجب ان يكون على اختك!

اتعلم كم مرة اهانتني واستغلت الفرص لتنقص قدري؟ أم ان عبارتي
تلك يجب ان اعتذر عليها لأنها اختك،ولانها الكبرى،ولأنك كالبقية تقيس
الصحة والخطأ بعدد السنوات لابحجم الخطيئة!

أدار بوجهه ومضى،فتح الباب الذي قدم منه،بعد أن تخطى ماوضعه سابقاً على الأرض دون ان ينظر اليه حتى،وأغلق الباب

تركني خلفه…،

شيء ما تزحزح عن مكانه في داخلي،شيء ما شعر بالوحدة،شيء ما انصهر في داخلي فجأة فأسال المتجمد في عيناي،وبكيت كما لم تبكيني صفعتها!

اخذت هاتفي لأتصل فوجدت مكالمة لم يرد عليها

ان الجميع اصبحوا الان مكالمة لم يرد عليها، ابتلع الدموع واجيب بصوت غريب

وحينما كان صوته اردت ان احدثه باذني الاثنتين… ذاك الذي سأمنحه مادمنا احياء مكالمة مجابة

أخي…،

-”عمر عندكم مالقيته وسيارته برى”

اجبته بالنفي فقال -”عمه يدوره”

قلت-”مدري..انت متى بتروح”

-”ساعة او اقل ليش؟”

اخبرته انني سأذهب معه بحجة انني متعبة، ولان ذلك اقلقه لم تمض سوى دقائق واخبرني انه قرب الباب

ماقلته له حينما سألني عن عمر،انه منشغل بالضيافة، وبعثت له نص رسالة،انني غادرت مع اخي

،

تمنيت ان لايلحظني احد،او يشك في شيء ،ما ان اخبرتهم برحيلي

تجاهلت التي قالت شيئاً عن استبقائي،واجبت جبراً من سألتني بالسبب،بأن الجو بارداً أصابني بالتعب

ورنيم التي تقدمت لتقول شيئاً،فلم تحظى بفرصة لأني فوجئت بغيناء تصافحني مودعة وهي تقول

-”كان ودي نجلس مع بعض اليوم بس يلا يوم ثاني ان شاءالله”

ابتسمت لها مؤكدة،ابتسامتها جميلة ونظرتها حادة، ليتها استبدلت بالواقفة عن بعد… رنيم!

تمنيت لها وقتاً طيباً وخرجت

.-.

.-.

.-.

وصلت لمنزل خالتي، مهما حاولت التحليق بعيداً اعود اليه

هي بالتأكيد نائمة، بدري الذي قال الكثير من عبارات الشك
،تجاهلته.. وهاهو يقف خلفي متسائلاً ان كان من الجيد اقتحام المنزل في مثل
هذا الوقت

-”بروح فوق انت نام بالمجلس لاترجع الحين”

-”طيب.. فيك شي؟”

للمرة الثالثة يسألني بالاسلوب المتشكك ذاته،ابتسم-”لا لوفيني شي بقول لك..لحظة انتظر”

قلت ذلك وركضت لأحضر له غطاء ووسادة،وما ان عدت طمئنته بكلمتين وصعدت للأعلى

.-.

.-.

الساعة تخطت الواحدة بعد منتصف الليلل،وانا قد احضرت اختي لهذا المكان دوناً عن غيره لسبب اجهله تماماً

صديقي هو الاخر كان يقف امام حوض الماء ويتجاهل الحاضرين ، وحين سألته اجابني بصداع!

حين صدقتهم لايعني ذلك انني لا اكذبهم في داخلي،بل اردت منهم ان يتابعوا اخفاء الامر اذ سيصل ذلك بهم الى حله

لا ادري مالامر المعقد الذي لديهم، عمر في الاونة الاخيرة لايبدو بطبيعة الحال سعيداً، لم يكن حزيناً ربما كان قلقاً فقط

وقد تذكرت حينها حاله حين رفضت زواجه من اختي!

هل تصرفت جيداً، ام انني مخطئ.. بل مالذي يجب علي فعله…

اماه..لازلتِ تسمعيني!

.-.

.-.

.-.

.-.

لا يحمل الحقد من تعلوا به الرتــب ..ولا ينال العلا من طبعه الغضـــب

كم كنت اريد ان اتبعك ياعنتره!

لم يتركني الغضب لانام بالأمس،وقد صرت املك الكثير مما يجعلني اكثر شخص سيحقد عليكِ مادمتِ تواصلين الحياة!

رأيت امكِ التي تفاجأت بقدومي،رحبت بي بسعادة لأنها لم تعلم بسببه، ولن تتخيل ان تكون خيوطكِ الشريرة تصل الي عن بعد!

كنت سأواصل الحقد والغضب بصمت كما اعتدت،لولا ان هناك ماحدث وجعلني اواصل منع نفسي كي لاابصق أمام بابك الذي لاتفتحين مهما طرقت

ومهما واصلت الطرق

ومهما سمعتني اطلبك الخروج هذه الظهيرة، ومازن وخالتي يكرران بصوت مسموع تساؤل واحد،وهو مالذي اريده منكِ!

وانت الآن فقط تفتحين،بعينين مندهشة، في أقصى الذهول

-”خير؟”

باصرار وبصري يكاد يثقب الباب-”وين اغراضي وين ملابسي؟”

خالتي-”أي اغراض؟”

اجبتها وعيناي لاتفارق تلك المذهولة-”اللي بالدولاب مالقيت ولا شي”

-”مقومتني من النوم عشان كذا وانا وش دراني عن اغراضك”

خالتي تسأل-”الملابس اللي بالكرتون؟”

تجيبها لمى سريعاً-”يمه اتركيها مجنونة”

وقبل ان تتراجع وتغلق الباب دفعتها بقوة قائلة

-”طول عمرك بهالوضاعة ماراح اسكت لك اكثر “

اتجهت لغرفتي،لم اكن اتصور ان اول كلمة قد ارميها بها تكون-وضاعة-فأنا عادة لااستعملها!بل انا لااقف بهذه القوة امام لمى!

هل كان مريحاً هل هذا الغضب سيمنحني الراحة!

لمَ قلت لهذا ذلك فقط كان يجب ان ابصق او اصفها كما يجب.. لكني لا استطيع ..امي لم تكن لتريد مني فعل ذلك

ظللت ابكي حتى الليل… وصدري بدأ يعلو وينخفض بطريقة غريبة.. وما ان طرق الباب لم اكن قادرة على اجابته

فغطيت وجهي وتظاهرت بالنوم

الا ان الباب فُتح، وصوت مازن يسألني:

-”صاحيه؟”

-”اذا صاحيه انزلي لامي ضايق صدرها.. وبصراحه زعلانه ليشت تسوين بلمى كذا عشان ملابس”

-”رسيل”

ثم جلس! –”الاخ يمون! “

-”بعذرك لمى صايره ماتنطاق واكيد ماخلتك في حالك عشان كذا انا معك”

-”لاعاد!”

-”ايه ترى عمر متصل علي اليوم ومارديت مدري وش يبي”

-”زين سويت”

ثم وقف ليغادر ما ان يأس من ان انطق بشيء!

-”غريبه جايه من بدري اليوم اذا بكرة ماراح تروحين بعزمك على مطعم جديد”

-”وش المناسبة عالعموم تحلم اطلع معك!”

-”وجبتلك العشاء كوليه ولا بزعل”

-”مالي نفس معليش تحس ان زعلك مهم!”

وما ان خرج حتى نمت،تظاهري بالنوم احضره الي!

،

استيقظت على رسالة في هاتفي من عمر

-”اتصلي اذا شفتي الجوال”

تناولت بعض من الطعام،وصليت الفجر، وعدت للنوم حتى افقت مرة اخرى على اتصال تلو آخر

ثم رسالة نصية-”العصر بجي اخذك”

اجبته مباشرة-”لا”

ليرد-”بجي مع بدر”

مالذي تقصده! أتهددني..اخبر اخي ان استطعت ان اختك ضربتني في مناسبة حضرتها لأجلك..ولم تفعل شيئاً بل وتركتني اغادر ولم تتصل بي

-”لمَ انا اكرهك بشدة؟؟؟”

كنت سابعثها لك،او اكتبها في المنتدى الذي اكره اعضاءه ايضاً ويكرهوني بالتأكيد

–”اكرههم بشدة..لم اعد اطيق رؤيتهم…جميعهم انانيون حمقى
تافهون جداً..يريدون مني ان اعود متى يرغبون دون معرفة رغبتي بذلك ..اكرههم
دوماً..لمَ لايفهمون!”

وكتبتها بالفعل ،وعندما حضر زوجي واخي خرجت وقدمت الشاي وطلبا مني المغادرة!!

كنا نذهب،اخي لحيث اتى والآخر لحيث أتيت، وقد حاولت قدر
المستطاع ايضاح سبب ما لخالتي كي لاتغضب..وربما فعلت،قبل مغادرتي
ارادياً..بالتأكيد لاطوعاً

.-.

.-.

هناك كذبات تسبب للبعض حساسية وحكة شديدة!

اجبت على الهاتف امام عمر، كان المتصل مازن الذي يقول: قد اقفل غرفتي ووضع المفتاح في مكان اعرفه

شكرته –بشكراً- كي اخفي معالم المخاطب ، واغلقت،لأجيب الذي سألني من يكون

-”دانه”

لست في وضع يؤهلك لمزيد من الاسفسارات وان كان حتى مبدئياً،لذا لم تضف الكثير حتى وصلنا

.-.

.-.

.-.

لم يكن الصوت ظاهراً ابداً،ولم تكن تتحدث بوضوح..لكني كنت اعرف من يكون،واعلم تماماً كيف لها تقسيم الاشخاص بأساليب حوار مختلفة

فهي مع اخيها تماماً كرسيل طفولتي التي اعرفها حيث احببت! ومعي كالوقت الفاصل بين طفولتي وشبابنا حيث لاصوت ولاشيء اخر سوى الألم!

ومع ذالك الشخص، فهي في وضع غريب أشبه بالخضوع! واعلم انه قد اخبرها بشيء ما يستحق الشكر!

لكن ما اجهله حقاً لمَ كذبت! فهي لاتخفي عني شيئاً لأنها
لاتفعل شيئاً.. هي ببساطة تعيش تغدو وتعود ولااعلم ان كانت معي احياناً ام
في مكان اخر

لكنها كذبت… وليس لانها غاضبة قد تكون تفهمت الوضع لذا عادت
معي، وستكون سعيدة كما اتمنى حين تعلم مالذي اخبئه لأرضي غضبها الخامد في
ذلك البركان

اويعلم احد كم كلفني اقناع اختي بالاعتذار، ارهقت كما لم افعل
في حياتي، او يعلم كم كان علي الاعتذار لها لاني اؤمن ان كلتيهما لاتصلان
لخطيئة مؤذية،رغم استمرار جهلي بما حدث

اويعلم احد آخر كم عدد الاشخاص في العالم الذين يفقدون
احبائهم في اليوم كما يفقد الاخرون حياة بأكملها، كم يسصبح الفجر طويلاً
كسنه،والليل كعدة قرون!

اويشك احدكم بألم من يقضي اوقاتاً طويلة في محاولة تصديق،او اختلاق اعذار، او حين يؤمن ان من احبه لن يكذب ويفعلها دون سبب!

اكثر الامور غرابة هذه اللحظات تسارع النبض في داخلي وانا ادعها تسبقني للداخل

وكأنما سأفتقد هذه اللحظة للأبد!





الألم الذي شعرت به في القلب ذاته بعد وقت قصير يومها، بعد
افتقادي لها في المنزل وكأنما تكمل نوبة غضبها في غرفتها..الم تحادثها اختي
بعد!

بينما انتظر،طارت عيناي للحاسوب المهمل على الرف،لايسعني سوى التجول فيه حتى تنزل رسيل ان حادثتها اختي

كانت الساعة تشير للسادسة،ربما لازال الوقت باكراً على رنيم..او ربما هما يتحدثان الان

وهكذا قضيت بعضاً من القلق وانا دون شعور مني ازورها حيث تكتب، واقرأ آخر ماحدث هناك

نعم انه حدث وليس كتابة!

انه شيء بارز جداً لاسعني تقبله،او تجاهله،او أي مايكون فقد
كان كقابضة اقيس بها ضغط اطارات سيارتي حين يخف الضغط، الا انه هنا بعد ان
قبض على قلبي قاس ارتفاعه!

ايماني كان يعاود الهمس في اذني، مكرراً كل دقيقة: لاتقلق الكتابة ليست بشراً الحرف ليس انسان!

واحياناً لاتكون الكلمات انسانية، ومنها غالباً ماتكون شيئاً يطرحني للتساؤل:لمَ هي هكذا؟ ومالذي يجب ان افعله لأكون محبوباً!

لاتحبيبني.. فقط لاتكرهيني.. ليس لأي سبب آخر.. فقط انني لا اطيق الحياة بدونك وصرت لا احتملها معك!

-”رسيل”

هكذا كررت ندائها، كنت اود طرح الاسئلة جميعها في الوقت ذاته،هكذا كنت انوي قبل ان تأتي بفزع

وأكاد اسأل:لمَ انا احبك هكذا!

لم قال احدهم ان الانسان يبتلى في حياته بأمور كثيرة وأسوأ مايبتلى به نفسه!

وانا صرت اشفق على هذه النفس التي تبكي خلف غضبي الذي لو
استطاع.. لصفع قلبك حتى يستطيع الحب، صرت اكره نفسي لكثرما احببتك ، استحق
سخريتك لانني ان لم اغضب الآن حيث جرحتني بقدر استطاعتك ولازلتِ تواصلين
الغضب مني وعزلتك

لكثر ماحاولت تهدئتي فقدت السيطرة،وما ان قلتي بنظرة مفزوعة

-”وشو؟”

اغلقت غطاء الحاسوب بهدوء وقلت

-”اجلسي”

لأجد في ملامحك نظرة مختلفة، باردة جداً وانتِ تقولين

-”لاتكلمني عن اختك”

ربما حينها علمت ان هناك مانفجر في داخلي! قولوا انه مجرد عرق وارتاح!

-”ليش كذبتي؟”

.-.

.-.

.-.

استدعائه لم يكن مبشراً بخير، وحين لمست فيه بعضاً من الهدوء لم افكر بسوى موضوع اخته فربما وقت الحساب!

مالذي قالته اخته ليشك في صدقي.. لمَ كذبت! مالذي تهذي به!!

جلست اقابله على اطراف المقعد قائله

-”وش قالت لك وصدقت ولا عشانها اختك بيكون لها الحق”

لتقاطعني باصرار لم اعهد فيك،بعينين قد تصيب الجميع بالرعب!

-”اذا صار في الموضوع مازن ليش تكذبين ؟”

اضاف بغضبه-”يوم سألني عن التدخين كذبتي انك ماقلتيله شي ويوم كلمك اليوم قلتي دانه”

-”شكاك مريض”

خرجت مني سريعة وكأنما قد اصباني الغثيان

، لتصبح كلماته كآخر وقع خطوات طفلة بعيدة بطيئة وربما مصابة!

-”متى عمري شكيت فيك؟ طول عمرك عايشه معه ومافكرت فيك بشك او غيره.. هو كان في حياتك انتي ليش تدخلينه في حاتي الحين”

لكنها لم تكن مصابة بل كانت اقرب للسخرية،تزداد تلك الطفلة
بالركض مرة اخرى ما ان قلت،وكأنما قد ابدو مهيئة لخلاف هذا اليوم واستعير
بعض الكلام حين اكن مهيئة بطريقة ما!

-”اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه”

-”تدرين ليش تركت وظيفتي مرتين؟ تدرين ليش فارقت اخوك سنين؟تدرين ليش هالواطي …”

وربما وقعت مرة اخرى،لأنه سكت فجاة، ثم قال:

-”اذا ساء فعل المرء؟ “

وكأنما كنا في الوقت ذاته نستوعبها!!

لأقول متداركة كي لايكون ماقلته عثرة ما-” ابي اعرف ليش تكرهه
لهالدرجة وليش هو حقير لهالدرجة؟ عشانه يكلمني هذا ولد خالتي واللي يسويه
مو غلط بس انت كل اغلاط الدنيا تخليها على راسه”

حين رأيت ماحدث في وجهك من تقلبات اصبت بفزع، اكان يجب ان
اقبَل رأسك واجيبك بنعم وطبعاً! الا حق لي بمعرفة السبب ايضاً!..ام كان
يجب فقط ان اصمت!

اضفت أيضاً محاولة انعاش ملامحك حينها:

-”انا كذبت اليوم لأنك ماتحب تسمع طاريه”

تتراجع في جلستك،لاتزال تحتفظ بتلك الملامح الغريبة، بلا أي شعور تتساءل:

-” خليه برا الموضوع ماكان بيخرب حياتي ولا له أي اهميه لو كان لي مكانه عندك..لو كنتي تحبيني”

ما ان اشعر برعشة في اطراف يدي، او ربما في وجهي كطائر
حزين..رغم انني لست حزينه بل مرعوبة بينما تضيف تلك الجملة التي اوقعت
شيئاً ما من اعلى القفص الصدري!

وربما فقدت الطائر!

بتتابع مريب-”او حتى ماكنتي تكرهيني وماكان العالم كلها تدري وتشتكيني في كل مكان”

.-.

.-.

.-.

وما انا بالمصدق فيك قولاً ولكني شقيت بحسن ظني*

هذا التساؤل الوحيد الذي تكرر كلما كنت اراك،لك الحق في سماعه

-”ليش تزوجتي وانتي شايله كل هالكره لي؟ وشو اللي سويته في حياتي يخليك تعاملني بهالطريقه”

لتجيبي بعد ان وقفتي قائلة

-”انا ما اكرهك انت اليوم فيك شي”

كنت اواصل الجلوس بل اكاد اضجع كي لااغضب.. فقط لا اغضب! لكنها تقف مشعلة فيني غضباً اعجز عن اطفائه

-”هو سؤال..انا ايش بالنسبة لك؟”

.-.

.-.

ظل الصمت بيننا بعد ذلك السؤال الذي نطقه وهو يقف تماماً كمن يشير بأنه السؤال الاخير!

لم يقول انني اكرهه!

ارجوك لست في مزاج لأحدثك عن المشاعر الآن.. اتركني الا ترى اني لم اعد استطع الوقوف الا ترى اطارفي ترتعش!

حل عني…، الا انه قال بصيغة اخرى –”وش اعنيلك بالضط؟”

لأن نبرة صوته ارتفعت مشيراً انها قد تواصل العلو قبل ان تهبط على رأسي! لذا قلت مسرعة-” زوجي وليش هالسؤال”

لانني بدوت كمن يداري غضبه،قد اغضبته اكثر،اعلم لم ترد هذه الاجابة لأنها لم تكن على مقاس السؤال او الموقف

لكن ارجوك لن احسن التحدث الان فقط دقائق دعني ارتب افكاري

-”زوجك ؟ “

جلس ثم نظر الي ثم اذ به يضحك كما لم يضحك! قد جن بلا شك!

ثم قال-”ماني لاحد.. لو كنت زوجك فأنا فعلاً ماني لاحد”

نظر الي من زاويته،كرر بطريقة غريبة-”ماني لاحد “

ثم وقف وانا لا امل لأفقه مايقول!

.-.

.-.

كنت حقيراً حين قلت ذلك، كنت كالبطل السيء في فلم تاريخي، ما
ان فقدت كل طرق الوصول اليك جربت الوصول اليك من عالمك الذي تخفين، فلربما
اطرق الباب الذي تحبين

فأنتِ من علمتني ان اكون لكِ بكل الطرق فلم أكن لأحد حينما وصلت في النهاية!

تماماً كما اردت ان اناقش الان عن شعورك تجاهلي، فبدأت بابن خالتك وانتهيت بكتاباتك، وكأن تلك المشكلتين هي حقاً مانملكه!

الا انك جلستِ حينها، تساءلت بصوت ضعيف وكأن ما اهتز حينها السقف والكرسي لاقلبي جسدكِ!

لأني املك املاً اخيراً بأن ترحبي حيث بدأنا، اجبت سؤالك الذي كان

-”وش تقصد؟”

تلك اللحظة كانت طويلة جداً –”المنتدى كان اثمن منتدى اقضي
فيه يومي لأنك موجوده فيه ولاني من زمان مااقدر انام الا لما ازوره واشوفك “

تقاطعيني:

-”كنت تتابعني؟انت ماني لاحد؟”

احرك رأسي ايجاباً لتقول مانخر في عقلي وهد سد كبير اً امامي:

-”قلتلك…انت شكاك ومريض.. يحتاج اكتب بعد اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه؟”

.-.

.-.

نقف وأكاد ابصق الارض التي اسفله كما لم ارغب بذلك قبل الآن

-”تراقبني وساكت تراسلني وانا عندك”

ثم اسكت فجأة، اكان قبل الزواج ايضاً،وحين سافرت،وانت بجانبي؟ تبدو حقيراً جداً هذه اللحظة ومريضاً بالشك وانا لااحتملك

الدم الذي يواصل الاحتقان جعلني اظهر شبه ضح


سيدة الحرية  30_12_1213568613711


عدل سابقا من قبل algalodi في الثلاثاء يوليو 26, 2011 9:29 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:48 pm

الفصل الرابع والأخير
سيدة الحرية  Fotka_h22 RAHEEL سيدة الحرية  Fotka_h12
(1)

تتهاوى الأشياء تدريجياً..

لايوجد من يسألك، تريد ان تحيى ام تموت؟

تبقى معلقاً ولاتختنق..بل تختنق كتسرب الغاز حين لاتدري أهو شرار حول أقدامك ام فوق رأسك أم هو راكض لك من بعيد!

تجلس كتلبد السماء قبل الهطول، وتتحدث كما لم تتعلم اللغة بعد


-اعذريني خالتي لاينطق لساني بأني بخير

تهزّ قدماي، لا.. بل يتوسط كفها المرعوب مفصل ساقيّ وأنا خائرة القوى على أول مقعد يفتتح المكان

لو لم أكن ارتعش لميزت الهاتف الذي يواصل اهتزازه في يدي، لميزت كف خالتي الذي يعلو ويهوي علي، لميزت مايقال عني في حضوري

-”مافيها شي خليها ترتاح”

عوضاً عني يخبرها عن أبعد ما سأكونه..، يقول الراحة!!

لاتتركيني خالتي.. أين سأرتاح!

-”رسيل وش صاير عمر فيه شي؟”

انها تسأل مرة اخرى، لابل هي تصرخ مكررة ذلك

ليبعدها عني مازن بهدوء

-”مافيه شي يمه خليها والله مافيه شي”

ترجع اليّ تريد تأكيداً،تتفقدني بيديها،وتزداد الظلمة في عيني حين يتكرر سؤالها

ولا اجيب…،

.-.

.-.

تعانقني بشدة علَ تشنجات جسدي تنتهي..،

-خالتي لمَ لا يتوقف ذلك؟؟

لاتتضرعي لأجيبك..لست ادري

اني فقط..لن أكون بخير..لن أكون بخير لاتسألي، لن يموت طير ان ارتعش

“احرفي مصلوبة بين فمي ومسمعي…

ما أصعب الكلام..ما اصعب الكلام”*

.-.

.-.

.-.

اتصل بي مازن قرابة الخمس مرات، وحين تنبهت لذلك لم يجب اتصالي

رسيل كذلك.. وعمر ايضا!!

تركت ماكنت افعله غادرت مسرعاً لرسيل، طرقت الباب، واصلت ذلك حتى خرج عمر

,

ذلك الوجه الذي حمله حينها ألقى بقلبي، تضرعت مباشرة ان لاتكون رسيل اصيبت بسوء!

ارجوك لاتخبرني بذلك… غير رسيل.. إلا هي!

-”توني بتصل عليك”

تخثر
الدم في جسدي قبل ان تصاب الأوعية،قبل نزيفه حتى! وأنا أشعر ان كل شيء ليس
بحالته الطبيعية..حتى الأضواء تبدو خافته غير المعتاد!

الباب مفتوح أمامي وصوته البارد يارب…يارب أن ينبئ بخير

-”وش صاير؟”

سألته انتظر ان يقول لاشيء..لكنه قال:

-”حياك”

ومضى مسرعاً مكرراً تلك الكلمة التي لأول مرة تبدو غير مرحّبة!


تبعته مجبراً،وقد أرخيت عضلات جسدي إنهم بخير بالتأكيد..تأتِ عدة افكار غير متجانسة مع تردد خطواتي

هذه الارض لم أود الخطو عليها!


المجلس الذي كنت اُضيف الناس اليه اصبحت فيه ضيفاً ، أطليت برأسي وقبل ان اقدم خطوة اخرى رأيته ينظر للاشيء ويعلوه الوجوم

عندها فقدت الإحساس بساقي..بقيت بين التوقف والمسير متأهبٌ لسماع شيء!

-”رسيل راحت لخالتك”

رفعني بعينه قبل أن اقع وأضاف على عجل: “لاتخاف مافيها شي .. أخذها مازن”

صوته…ماباله صوته!

-”وشو.. وش صار؟”

ادخل وأقف قربه مكرراً ذلك، فمن غير المعقول ان يقول أحدهم ان صوته .. كان طبيعياً

-”خالتي فيها شي؟”

التفت بجسده ودقق النظر الي:

-”لا لا قلت لك لاتخاف مافيهم شي.. اجلس”

-”عمر وش صاير؟ تكلم “

ابتسم مطمئناً، ابتسامته كانت الأغرب، تحولت تدريجياً لضحكة سخرية

ثم صد بوجهه عني، كاد ان يبتلع ابتسامته التي تقوست للأسفل، مابرز من حنجرته يوحي بابتلاعه شيء كالهواء لكنه خانق

ثم ا ذ بها تهوي مزعزعة سكون كل شيء،

كان لأول مرة يبكي ويجعل السواد يلف أركان الغرفة أمامي ولايبقي في جسدي مايجعلني اشعل الضوء!

ولاشيء سوى الأزيز في اذني بعد ان اخترقها صوت كتم بكاءه

وشل لساني قبل ان انطق

-ماذا حدث!

.

.

.

خالتي

هل تبكين الآن لأننا تعاركنا أنا ولمى؟ أم لأن مازن أغضب والده؟

صحيح فأنتِ لاتبكين لأني كسرت لك الرف الأبيض في المطبخ، ولا لان لمى نسيت كراسة الفنية، ولا لأن الغداء احترق

هل تبكين لأن لاشيء غير جيد؟

زوجك يعود للمنزل ،وتتناولون الطعام سوية، ولمى لم يعد لها اعداء،

أهناك من يشتاق للبكاء؟!

خالتي

أنا لا اشتاق له،معي دوماً ولا اشتاق له، انه يشبهه..يشبه عمر!

لكن لم انا لست سعيدة بفراقه!

بل لمَ الجميع غير سعداء؟

ولمَ نفسي لاتكف الجدل! كيف للجميع ان يكونوا هكذا!

هل مات أحد؟ لمَ يبدو كعزاء!

اني فقط عدت اليكم، هل انت سعيدة لدرجة البكاء؟

خالتي لقد تركته خلفي

هل يجب ان اتصور ان هذه النهاية؟

أمن السيء أن اسأل هذه اللحظات: كيف أبدأ من جديد؟

لا اشعر ان لدي مايسمى بالولاء أو الوفاء!

أكان يمكنهما اسعادي؟


.

.

.

بابي لم يطرق حتى الآن!

ظللت ارقب الباب المغلق، حتى خارت بي القوى

أعي تماماً ان هذا الذي يحدث لم يكن كما اردته، هذه الحرية التي اريدها ليست في هذه الغرفة ولا هذا المكان ولا في نفسي هذه الان!

كل مافكرت به من سوء أصبح أفضل الأحوال حين سمعت صوت ما قادم لي…

صوت أغلق السيل في عيني، صوت لست واهمة من انه.. لأخي


اتكأت على نفسي مسرعة وإذ بي اراه يسبقني فاتحاً الباب

متجهاً للداخل بقوة ، صارخٌ في وجهي

كلام ..تبعه كلام.. تبعه كلام ، ربما كان مكرراً

لست ادري، لم يتوقعه عقلي فتعطلت الترجمة، وكأنه دخل ودق مسماراً في قدمي،وآخر في فمي، فثبت حتى انتهى أو أخذته خالتي !

كان يريد فعل شيء ما أثناء ذلك، كأنما أراد قبل اختفاءه صفعي!

لا.. بل ربما قتلي..،

وغادر كما أتى،.. بل غادر كأنما سيغادر للأبد


الذي منحني طاقة للوقوف أمامه أفقدني الوقوف للأبد!

أشعر انني سأموت!

.

.

.

هناك أيام لاتحمل لها الود أو الضغينة، تمرك حين تصبح وتلقي بك حين تنام دون ان تجد هناك شعوراً محدداً تجاهها

تجيء وتغدوا كأنما تستظل بحائط دون ان تستند عليه

هذه الأيام التي تتسلل ليلاً لاتراها، فلا تجد دائرة عليها في تقويمك الجداري!!

هل ستشرق الشمس غداً؟

قررت مسبقاً ان يكون هذا محور حديثي لنفسي ،كي لا افكر بشيء آخر

رغم ذلك،معي الهاتف الذي اطل عليه كل دقيقة في انتظار بدر، فالشمس لاتشرق في السماء فقط!


مر شهر ، وانا افاجئ يومياً باستيقاظي!!

مرت الايام وانا لا اقف على قدماي لدقيقة كاملة، ولا استمع لعشر كلمات متتابعة ممن تلقى علي

تطول المدة واخي الذي هو ابي وامي لايتصل بي ولا يسأل عني، فقط..

فقدت عائلتي


.-.

.-.

.-.

.-.

هي غادرت اذن؟!

الطيور على نافذتي هرعت للسماء ما ان استيقظت

وكأن كل شيء على موعد ليراني فيغادر

أخرج من الغرفة،واحدة تلو الأخرى، وكأن هناك من يمسح خلف اقدام الذاكرة فلا أدري من أين خرجت!

قالوا للأماكن ذاكرة، وللروائح ذاكرة…، وحيث أقف الآن اريد ان يخبرني احد عنهم حين قالوا ذلك؟ هل فقدوا مافقدت؟

لايهم كم مضى من الوقت،ان اليوم يكرر نفسه،والمكان يحتفظ بكل تفاصيله

ليتنا نعيش على نافذه!

فنعلم يقيناً اننا سنرى مايحط عليها، ونثق انه سيطير، فلا نتعلق بالامل!

الا أننا لانجد الأبواب الا مذنبه، فلا نبرئها حتى وان أخبرتنا أثناء دخول احدهم انه سيخرج، لان الأبواب وعدت بالأمل! وان كنا واهمين


احدق في الباب ذاته المتسبب في خروجها!!

الذي تخطته أمامي، وركضت كمن يلحق قطاراً في رحلته الأخيرة! حيث تغادر فحسب..

كأنما تخبرني ان بذلك القدر مكانتي، أعطتني كل شيء،وسلبت حتى ماكان موجوداً قبلها…، وتغادر

بل انها غادرت!

كنت اظن ان لا أحد أسعد مني،أو لا أحد سعيد مثلي، أو لن يكون هناك سعيد غيري لانها في هذا العالم معي وحدي

حتى ظننت الآن أن لااحد بائس مثلي!

صرت لاشيء بعد ان كنت املك كل شيء

فهي غادرت..،

غادرت، تركت منزلها وأبقتني فيه ،فقط غادرت، رغم انها تعلم انني سأفتقدها الا انها غادرت

غادرت دون ان تلقي بالاً لمن يقف هنا، دون أن تفكر بماذا سيشعر!

بماذا سيفكر وهو يقف على الآثار!


إذن… الجميع صادقون عداها! لم يقل أحدهم شيئاً عابثاً! رغم اني ظننت ذلك حينما أقرأ لأجعلها تراني أكتب

ظننت كل واهم ظن انه أحب لا يحق له أن يكتب عن الحب ! لكن أعي الآن أنه قد أحب حقاً فأنا وحدي من صدق الوهم!

كل ماقرأته دون تصديق يبدو وكأنني أقف على رأسه والقنه الشعور!

ذاك قال “الحب كفن أنيق..الحب عصافير غردت ذات يوم.. ثم مالبثت ان هذبتها الحياة!”

الآن
فقط أعلم أن لا احد يكتب عبثاً، ولاشيء سوى الوقت يستطيع أن يخبرنا أن
الحياة مليئة بآلاف المواقف التي أستطيع تصديقها دون تشكيك، والتي تخربني
مالاينطقه البشر، والتي تخبرني الآن بملئ فمها : أنها لن تعود!

لن تعود.. هي لن تعود !


اسمع صوتاً يشبه اختناق بل لا يشبه غرق انفاسي

شيء يشهق وأنا أبكي

لم
ابكي كثيراً، فقط حينما علمت ان الأمل غادر مفجوعاً، والحلم الذي أرشوه
قسراً في نظرات امي قد عميَ فجأة، والعبارات التي رددتها لأبي صارت كاذبة

وحياتي التي وعدتها بها حتى أموت صارت فانية!

يامن لك ارتجي لست لغيرك ارتجي، هوّن علي..

هوّن علي


.-.

.-.


رسيل يابنة اختي افيقي

حالك كان كما كان حين فارقتنا امكِ، أخبرينا مالحل ومالذي حصل ؟ وتناولي الطعام، نامي كما كنا ننام

لمَ انتي مفجوعة ؟ونحن على قيد الحياة!

ابني مازن قلق عليكِ، واخوك اصبحت عليه قلقة ، فهو لايجيب أي اتصال

يابنة اختي

مالعمل؟!

.-.

.-.


كنت لا أجيب اتصالات خالتي، بالأحرى لا أجيب أي اتصال

قضيت هذه الأيام بالعمل المتواصل هارباً من التفكير بحال اختي وصديقي

إلا انني لم أنجز العمل ولم أصل لما يريح عقلي

حينما
افكر أن اعيدها إليه اجد أنني سأفشل حتماً ،فقد كنت خائف من لحظة كهذه مذ
تزوجا، فكل ماكان يحدث بينهما وأراه في تصرفاتهما ، غير طبيعي

اشعر أني قد ظلمته بها، وان كنت لا اريد التفكير هكذا، فقد تزوجها رغماً عن الجميع،معانداً كما يقولون

ولم يراعني حتى انا حين أعاد لها بيتنا، لأجلها فعل الكثير مما أراه

ومما لا أراه يبدوا انه أحبها!

ماتمنيت أن أراه عليها هو الامتنان، فلم يحدث ان تحدثت عنه شاكره، وحين عادت للمنزل أخبرتني : أعاد ما أخذه!

أنا الآن لا اشعر بالراحة مطلقاً، وحين افكر بالأمر أشعر بالحزن والألم والغضب والندم

وحين افكر بحالها الآن، ازداد هماً على هم

وإن ذكرت عمر وهو يبكي، كأن دبوساً عريضاً قد ثقب قلبي ،

انها جعلتني غير قادر على مواجهته،ليس عمر فحسب، بل الأمر كله!

اني عاجز عن حله

كيف سأعيد المياه لمجاريها إن كان النهر قد نضب!


.-.

.-.


هو.. واخته!

فقدتهما دون استعداد!

حاولت الاتصال به مراراً وتكراراً ولا أجد إجابة، بل ان هاتفه مغلق كلما حاولت

اتصل بمنزل خالتها، يواصل الرنين

ثم يصلني صوت مازن هادئ على غير عادة، يسألني عن رسيل!

لمَ يسألني انا!

يتسارع النبض في داخلي،كأنما يخلق على عجل أمل جديد،أمل كبير جعلني أجيبه بأنني سأزورهم غداً!

انها لم تخبرهم بشيء ذلك يعني انها تريد نسيان ماحدث، وسأنسى ماقالت مادامت تود العودة الي،

لازلت املك الحق، فهل ستعود!

.

.


وصلت مستعداً لكل ما سأنطق به ، راجعت كلامي مئات المرات فهي امرأة لاتقبل كل الكلمات

انتظرت، ساعة

ثم اخرى ،وصارت أربع ساعات

ليقبل علي مازن بوجوم غريب لم أعهده، يقول

-”شكلها نامت ماترد علينا”

-” ماقلتولها اني بجي؟”

-”الا ..بس”

الإحراج الذي شعر به كلانا جعلني أقف معزياً!

-”خلاص بجي بكرة”

حرك رأسه بالإيجاب وأضاف

-”اذا استعدت بتصل عليك “

منذ دخولي وأنا أرى ملامحه كانت تستفسر عن الأسباب ،لكن الآن أجده مطمئناً كأنما أراحه عدم قدومها!

او ربما صرت واهم من شدة الألم،واريد امتصاص المشاكل من أي مكان ولو كان وجه احدهم!

،


الأمل الذي نمى سريعاً، توفي بغتة

علمت الآن وأنا بآخر خطوة في فناء منزلٍ توجد فيه، أو ربما تطل من شباكه مودعة شخص ما للأبد!

أنها لن تعود أبداً، لمَ لا أستطيع تصديق ذلك؟

ما أردت سؤاله دوماً

لمَ كانت لاتريد رؤيتي؟ بل لمَ هي لاتريدني بهذا لقدر؟

اريد أن أصرخ به في هذا المكان

كان يجب ان يجاب علي مسبقاً، لكنني لم اريد سماع اجابة

أتضرب وتبكي! أأغضب وتشتكي! هاقد جئت إليها وهي تعلم اني لم أكن لآتي، مالذي تفعله بي!

امسك هاتفي، اتصل ببدر، يواصل الرنين

ولو أجاب الان لقتله من شدة الغضب! لكنه أغلق هاتفه كأنما يقول لي: اخرج إنها النهاية!

لكنني ظللت واقفاً، وكل أفكار الدنيا تجوب رأسي،كأن استعراضاً شعبياً قد بدأ!

ينتهي كل شيء حين كتبت نصاً قصيراً لرسيل، وأرسلته لها

-”سأعود غداً”


.-.

.-.

هاتفي الذي تعرقت منه يداي ينبئ بجديد

وصلتني الرسالة

لو سألوني مالذي تتوقع حدوثه في الدقيقة القادمة لن اذكر ذلك كاحتمال!

بل لسنة قادمة، اولبقية العمر! لكنه حدث ولن استطيع إجابته!



بالامس حين اخبرتني خالتي انه سيأتي اليوم، كادت تحلق من سعادتها لأجلي

تبشرني انه قادم لإعادتي

لاترد ولاتستبدل!!

لكني لم اجبها ولم افتح بابي ابداً ولم استطع النوم لان كل ما فعلته الجلوس والدعاء بأن يذهب بسرعة، بل بأن لايجيء أصلاً

سمعت حينها اصواتاً بالاسفل، وعلمت انه وصل

بعد عدة دقائق سمعت مازن يتحدث عن امر ما،حاولت ان اعرف ماهو فلم اسمع، هما يستمران بذلك الهدوء فإن كان شيئاً سيئاً لربما تعاركا

كلاهما مجنون،

لكن ذلك لم يحدث،ربما ترقبهم خالتي!

ثم اختفت الأصوات وفقدها الصدى، حتى شككت في مغادرته

ثم طرق الباب

تجاهلت طرق خالتي مرة اخرى،بل اخرى لأخريات!!

ثم أخبرتني انه غادر، وظلت واقفة أمام الباب لدقائق، فأنا أرى ظلها

حتى بدأت بقنوت طويل أمام بابي

كنت اسمع ذلك وأنا آمل ان تبتعد عن الباب،ارهبني ذلك

وما ان استمرت فيه حتى بكيت وأنا اقضم وسادتي

وبعدها..، لم يطرق احد بابي ، لم اسمع صوتاً سوى صوت خالتي تطلب مازن القدوم للعشاء

بدوت مذنبة تستحق العقاب منهم جميعاً


أخطائي لم اعد اعلم مالصواب منها!! واختفت تلك التي تردد داخلي :ستكون الأمور على مايرام

وأجدني
حين أقف على مافات تنهار قواي،وحين التف على الأحداث يدور رأسي، كل
ماعلمته انني وان عظمت خطيئتي وعلى اليقين ذاته أنني سأكررها لو عاد بي
الوقت!

ثلاث احتمالات لما سيحدث لي غداً

اولها انني سأقابله واخبره ان لافرصة لنا، وثانيها احتمال انني سأعود معه، وثالثها انني سأبقى هنا حتى يأتي بدر أو يجيب عمي اتصالي

لكنه الغد يجيء ويخبرنا أقصد ويعلمنا مانجهل


.-.

.-.

.-.

قادتني أقدامي للمكان مرة اخرى ، استقبلني مازن أيضاً

وسمعته يقول -”قلت بتصل عليك اذا استعدت يمكن ماتطلع”

وبما انني سمعته وتجاهلته بقيت قرابة الساعة وهو يتجاهلني

كنا في صمت مقيت، وعيناي لاتفارق الباب ،حتى لم اعد احتمل هذا الذي أمامي… وغادرت

فهو ينظر لي بثقة من يعلم أنها لن تجيء!

.-.


صوت خالتي بيأس تحت الباب-”عمر تحت”

ولم تعد تطرق او تلح بسؤالي للخروج، وأنا فجأة فقدت طاقتي، وفقدت رغبتي بالحديث

لكني عقدت العزم، فمكوثي هنا لن يشعرني بخير حين يحل الظلام!


حين وقفت لأستعد للنزول، شيء اخبرني بالتوقف! جلست مباشرة

كيف سأقول له انتهى الأمر! ومازن سيكون متواجد أيضاً

سيكون كلامي مؤذياً مرة واحدة إن كنا وحدنا، وسيكون مرتين ان كان هناك احد معنا، وسيتضاعف خمسين مرة إن كان ذلك الأحد هو مازن!

ولم أكن يوماً أعقد العزم على ايذاءه، فكل ما فعلته وكان مؤذياً دون قصد مني! أقصد قصدته رغماً عني!


وبين هذه وتلك، هذا وذاك ، نعم ولا … قطع كل شيء صوت هاتفي يرن:

تزعزع كل شيء أمامي وأنا أرى المتصل..عمر!

ازدادت ضربات قلبي، يداي صارت ترتعش، تركت الهاتف خشية ان يجيب بنفسه!!

ثم يصمت لعدة دقائق، ويعود مرة اخرى

امسكت بالهاتف ، حاولت الرد دون النطق، اعني سماع مايريد، لكني لم أتجرأ لا استطيع!


كان لايريد عودتي حين خرجت، كيف له ان يأتِ مراراً لأجلي وانا من خرجت بارادتي

بل اخطأت حين تكلمت،لم يكن علي الغضب هكذا بل هو كيف له ان يعود الآن


انه يشعرني بألم في قلبي، يجعل من ضميري مجرماً

لأنني عاجزة عن الرد كعادتي،لم اعجز حتى الآن عن الكتابة

-” اعتذر.. بإمكانك العودة”

ربما هي قاسية كفاية بأن أعي استحالة إجابة

ولكنني سأكون اقسى ان لم يأته رد!


،


كنت اظن انني سأكون اقل حزناً وتخوفاً من القادم بعد رسالتي له، لكنني ازددت قلقاً

هل اغضبته هل صار يكرهني؟ ام هو حزين يقراها ويتذكرني؟

اني اكره نفسي هذه

ماذا لو عدت اليه،اليس افضل من بقائي هنا؟

وماذا بعد؟ سأستيقظ يومياً اطهوله الكلمات وأفعل الكثير مما يجهدني، لست ادري لم هو بذلك الثقل في حياتي! بل لمَ انا هكذا!


هاهو الأذان يعلن عن يوم جديد

أقترب من النافذة، وأقف في سكون

تذكرت ليلة كنت أقف فيها أمام النافذة ،وتعكس لي صورته وهو يرمقني بنظرة غريبة!

كان كأنما ينتظر التفاتتي ليبتسم،او ليبكي،او ليسألني عن شيء ما! لذا لن التفت ابداً كما افعل الآن!

هل انا بحق مخطئة! هل يجب علي التضحية؟

نظرت لهاتفي الذي لم ولن يصدر صوتاً،وعلمت انه قد يخرس بقية العمر!

شيء ما بدأ يصّعد في صدري ويجعلني ابكي بحرقة مختلفة،فأنا لا ابكي حالي الآن كما فعلت

بل ابكيه هو!


.-.

.-.


بعد يومين.. كانت خالتي تجلس بقربي،وانا لا انظر في عينيها وهي لاتنطق بشيء

جلست على السرير ولست ادري حتى بمَ افكر

مرت ساعات وانا هكذا،حتى شعرت انني لا استطيع مواصلة الجلوس

فوضعت رأسي على الوسادة،وقبل ان اغمض عيني رن هاتفي وانقطع مباشرة، ثم سمعت صوت رسالة نصية

لم أكن أترقب سوى بدري، لذا تحركت وأحضرت الهاتف،

كُتب فيها:


ليس معنى أن يهجرك حبك انك ستموت

نحن لانموت من قصة حب ولانموت من قسوة احدهم ولانموت حتى في حال تعرضنا للخيانة او إن بصق احدهم بشعورنا أرضاً

نحن لانموت بهذا القدر من الحزن!

سأعيش بدونك ،بدون ان احلم بك، دون ان انتظرك، دون ان افتقدك

نحن لا تقتلنا التجارب ..لكن قد يكون لها أثراً بسيطاً كأن يموت القلب.. ونستمر بالعيش!

“عيشي بسلام”


يتبع


سيدة الحرية  30_12_1213568613711


عدل سابقا من قبل algalodi في الثلاثاء يوليو 26, 2011 9:30 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:53 pm

المرسل عمر!!!


عيناي التي حدقت بهذه الرسالة كادت ان تصاب بالعمى

مرة بعد مرة، ومرة بعد اخرى، أعود لقراءتها

اصاب تدريجياً بالعيّ!


.-.

.-.

ان تكون مشاكلنا الأكبر مشاكل حب ، وأمراضنا دوماً نفسية أثراً لحادث وهم

وقضيتنا الأكبر.. كيف نستعيد من تَرَكنا وكيف نحفظ من لم يغادرنا بعد

أن تكون صباحاتنا مرتبطة بابتسامتة، ولا نستطيع النوم قبل حديث قصير معه

ان نبكي في كل مرة نفقد شيئاً من ذلك.. نفقد تدريجياً قيمتنا، فنصبح مع الأيام لاشيء!

أولئك الذين اتخذوا الحب أعظم مايعيشون لأجله وبدو على استعداد للموت لأجله ، ونسوا كل مادون الحبيب ومافوق الحبيب وماحول ذلك

هم لاشيء.. بائسون!

لكنك أنت.. لست منهم مادمت تعتبر ماحدث تجربة ستنسى، شعور سيزول، أو حتى عارض برد!!

أتعني انك كنت تحبني حقا!

لا ادري هل أقول اصبت بخيبة أمل إذ كان هذا الحب!

أم اريح ضميري الذي خاف ان يكون فراقي لك مؤلماً!

مابين القوسين في رسالتك، كان مؤلماً أكثر من الرسالة نفسها، كنتَ كبوذي يقف على رفات شخص ميت، ويدعوا له بطريقته!

يجب ان اكون أسعد حالاً مما انا عليه، مادمت تعد بأن تعيش بأفضل حال!


ربما هناك الكثير من الأشياء لتي لم أفهمها، وسأظل اجهل الكثير

وهكذا قضيت الأيام التي تليها

.


.

صحتي لم تكن جيدة، رغم أني أصبحت آكل وأنام ،

ربما شهرين مرت بعد رسالته الأخيرة، لم ينبئ هاتفي بجديد، عنه وحتى أخي

إني قلقة بشدة على الآخر، رغم أنه هاتف خالتي عدة مرات دون أن يسأل عني

أرتاح نسبياً حين أفكر أنه بخير، أنظر لهاتفي الذي تصله رسالة جديدة، وابتسم مرددة: ياللعجب لو أنه بدري


-”أفضل مايمكننا فعله بعد الحب ..ألَانقف على أطراف أصابعنا

نتأمل الراحلين..مثل حيوانات النمس العصبية

بل يجدر بنا أن نركض في الاتجاه العكسي تماماً..

فالجهات لم تخلق أربعاً لوجه العبث!!”*


-”سأتزوج”



لايسعكم تخيل تراكم الذهول على وجهي لساعات!

بل لأيام

علامات التنصيص صرت أخافها!


.-.

.-.

.-.


-لكِ ذلك.. ساتزوج يا امي

ان الحب قوة والحبيب إرادة ، كنت بهما اعترض في وجه والديّ ، وحين لم أعد أملك أي منهما لم اعترض على امرأة تختارها امي مرة اخرى


سأتزوج قريباً جداً، لم يعترض لأجلي أحد، ولم يوقفني احد ،حتى بدر الذي ينظر لي الآن بألم صامت

الا يمكنك ان توقفني يابدر؟ الا يمكنك أن تقول حتى تروَى!!

الا يمكن لأختك أن تبعث لي” لاتفعل!”


لكن زواجي هذه المرة يبدوا أكثر اهمية، حتى انه جعل بدر يتصل بي بعد رسالتي، ثم يأتِ ليرى إن كنت مصاب بالجنون!

كان يتفقدني بعينيه، لم نتبادل الحديث حتى الآن، فلا نية لي لقول شيء


-يابدرها قد لبسني الخطأ، هدئ من روعك، وآتني ضعفين!

ألست أنت من شككت بحياتي معها؟ الم توشك من ردع الخطأ؟

أين برأيك مكمن اخطائي أزواجنا ام حبي لها؟

ابلغها مالم اسطع اخبارها به

قل اني افتقد معها حتى خيباتي!


لاترمقني هكذا

لا أحد منا مذنب، حتى هي! أخبرني ان اصبر وان الامور ستعود لما كانت عليه

اخبرني انني رجل

نعم فقط اخبرني بأن الرجل لايجب ان يبكي ويحزن ويحب

وأخبرني اني سعودي رجل سعودي بل اخبرني انني عربي عربي في هذا الزمن

اخبرني عن هذا الزمن؟ قل لي ان الحب دفن مع قيس، بل قل انه الآن لايتجاوز قصيدة،

اخبرني ان لا ابكي وأن البكاء لايكون الا لميت، والحزن ليس لغير النساء



-”متى شفتها؟”

سألته فأجاب بتردد-” من ذاك اليوم ماشفتها”

ثم استدرك-”خالتي تقول انها بخير”

يعود الصمت بيننا

أقف واسأله الخروج معي،نستنشق هواء جديداً



رحماك ربي ان الهم باغتني – غيوم غطت سماء لم ترى المطر

ياويح قلبي غشاه الحب من عدم – طال الوغى ويظن انه انتصر

هلا سألت الروح عن تلك قاتلتي – بات الفؤاد يعاتب حتى ذاب وانفطر

أبــداً لايؤلم الجرح إلا من به ألم – حتـماً ليس على الجثمان من خطر

لا لـن يروا حزني وعظم مصيبتي – لا لـن يروا قلبـاً عاش يحتضر

ياصاحبي يا بـدرهـا أعطني قلم - أهذه الأقـلام للمـوت تختصر؟

إني بخيـر لا تسل ماكان ينقصني – شعلت المصابيح حيـن اختفى القمر

بالله قلـ لي كيف لي حلـم ؟ – وكل أحلامي تهاوت ..انـــه القدر!


التفتَ إلى بدر وكأنني دون صوت اُسمعه مالا أستطيع نطقه أبداً ، الكثير من الأمور لم اعد اريد النطق بها بعد الآن

الكتابة، القصائد، الحب، الحرية، وحتى اسمها!


لذا هلّا خرجت من رداءاتها كما احاول أنا! لا اريد ان تراها في عيني بعد الآن..لذا أتستطيع ان تخرجها من عينيك أنت؟

اشعر بها بيننا كلما أراك!

لكنك تقول:” ماخلصت إجازتك؟”

جميل،ها انت تحاول

-”الا من فترة”

-”وليش ما تداوم؟ ماتبي تغير جو؟”

شيء ما كاد يسبقني وينطق بمقولة مصوّر أكاد أكون هو حينها

:” كيف تريدوننا أن نضبط العدسة وعيوننا مليئة بالدموع؟”

لكني اقول-”باستئنفها!”


.-.

.-.

.-.

تنتابني رغبة هائلة في إغلاق الهاتف،لا اريد رسالة ولا اتصال

ولا اريد التفكير في إجابة احدهم

هذا مانصل إليه حين نقسم ان لانفكر في أمر ما، نغلق السبل التي أتى منها والتي قد يوصلنا لها ، نقفله رغم ذلك.. لاننسى!

هكذا الحياة إذن، أبدو كمن يشاهد حلقة أوشكت على نهايتها، ولم يعلم مادار فيها تحديداً

هل فِهمنا للأشياء صار معقداً أم أننا ولدنا هكذا؟

صحيح، لاشيء يمكن توقعه بينما نعيش، ان تدرجات الحياة مذهلة


أود شراء مسطرة طويلة لأقيس الأشياء حولي، ليتضح لي كم أذنبت في رغبتي المتأخرة لشراء المسطرة!

ينتصف
طولي المسطرة ،ويبدو لي أعلاها ماقد نصل إليه من قمة الشقاء، لا أستطيع ان
اعي انني لازلت في المنتصف! أو اصدق انني بعد كل هذا العمر اكتشف الآن ان
مسطرتي لم تكن الأطول!

فالفارق بسيط جداً حين نقيس الجميع بلا مسطرة!

حين
بكيت فقد أحلامي كان هناك من يبكي فقد عذريته، وحينما بكيت الحب كان هناك
من يبكي جثمان غاليه، وحينما كنت حزينة جداً كان هناك من يبكي دماً، وحينما
كنت بائسة كان هناك من فقد الأمل، وحينما فكرت بحريتي كان هناك من يريد
حرية وطن..

حينما
فكرت بالتلاشي والرحيل كان هناك من فكر بالجهاد.. عندما فكرت بضعفي طرأت
علي بغداد..! وكلما شعرت بالظلم سمعت الشعوب تناضل ضد الغبن والفساد

أي مسطرة تريد ان تقيس هوامش امتلأت بالفراغ!

من سيقيس لي حزني الآن ويخبرني انه بخير!


.-.

.-.

.-.


بعد عدة ايام، طرق باب غرفتي بشكل سريع

طرقات متتالية مفزعة، خرجت من خلفه خالتي بأنفاس لاهثة وبوجه غائم

تخبرني مالم اتوقعه!

.

.

مالذي جاء به! أهو خبر انفصالي!

أين بدر..أحضرولي بدر..اخبروه ان والدي هنا..ويريد أخذي معه!

لمَ هوَ بجانبي الآن!

.

.


-”وش اخبارك؟”

مالذي تريد بالضبط معرفته عن أخباري!

انظر اليه، اطيل النظر وتبدولي الحياة القادمة

اعرف الآن انني قد اقضي بقية العمر بجانبه، اجلس جواره، اجيب سؤاله، واسمع ما يقول واوافقه

أتفهم كل ماسيصدر منه، واسامحه على ماقد فعل

أتناول معه الطعام، ابتسم في وجه زوجته، استقبل الضيوف واعد الأطباق،بل انسق كل شيء جيداً حتى تمتدحني زوجته أمام النساء

وربما ان كنت املك حظاً جيداً كما سيقول لي ذات يوم، سأتزوج مرة اخرى من أي رجل في أي حالة بل في أي ظرف!

دراستي ستنتهي قريباً لكني كما يقول لي الآن وهذه اللحظة، سأدرس من جديد هناك!

ولكني
كما لا يقول لن اعمل في أي وظيفة نظراً لأن لي لقب جديد لايقبله أحد! حتى
الوظائف والعجائز وربما أخي وكل من يوشك سؤالي..مالسبب!

لاني قد انفصلت عنه تغيرت الحياة حولي عوضاً عن حياتي!

كنت افترض ان حياتي فقط ستتغير،سأصبح ملكة نفسي ووقتي ، لكن أخي رفض التحدث لي وابي سيأخذني بلا قيد مشهود على يدي!

،

اكرر الاتصال ببدري فلا يجيب، ابحث عن مازن في المنزل ولا أجده، لا احد يجيب مكالماتي! لا أحد يريد رؤيتي

خالتي مالعمل! ابي منحني يومين لأوضب أمتعتي

لم يعد مهماً ان اغادر،ان اترك دراستي، اعمل على مشاركتهم اعمال المنزل ومشاهدة التلفاز!

لكن ليس بدري…

أتعلمين كأن كل شيء يتكرر حين وفاة امي، ألا تلاحظين!

اخبريه ان يبقيني عندك كما فعلتِ مسبقاً..أتذكرين!

خالتي اني سأفقد وعيي ألا تشعرين


تصرخ خالتي وهي تهز يدي وتضرب وجهي وتسكب شيئا بارداً على أطرافي

تعبت…!

.-.

.-.

.-.

كنت اتجاهل كل شيء، هذه الأرض التي تلهث من المضي بي، وهذه النفس التي تنفر الأشياء منها وتكرهها كل الأماكن!

هذه المرة اريد أن اتجاهل نفسي بصورة أعمق، ومن حولي بثقة اكبر

هذه المرة اريد ان لا ابصر احداً ولا اسمع احداً ولا اهتم بأحد

هذه المرة اريد الحرية ان تجيء دون طلبها

فقط أتمنى ان اصرخ نهاراً كاملاً، ان اركض خلف المدن ،ان استبدل الأوهام والأحلام بما هو واقع

هذه المرة اريد فقط ان اوقف سيارة اجرة، واحدث الرجل الذي يقود بكل ما يختنق في صدري من كلمات

اريد ان افهم شعور من شكى سنوات عمره لسائق اجرة ركب معه للمرة الاولى والأخيرة،

هذه المرة ، اريد البكاء بصوت عال في مقهى كبير دون ان اهتم لنظرات الآخرين

اريد أن افهم كيف للجميع التغلب على أحزانهم!

لن
تفهموا اسباب تلك الفتاة التي حكت للبائعة صباحاً عناوين من ستذهب إليهم
،وأي ثوب سترتدي،وماهو جدول أعمالها ،ومن ستقابل..، وربما عن شعورها تجاه
من تحب!


هذه الليلة حلمي يكاد يجعلني اجهل كل ما كنت افهمه، لاطاقة لي بجدال مع نفسي، لاحاجة لي بلوم الحياة!

إننا لا نفتأ أن نلومها حين نعلم يقيناً أننا مذنبون وعاجزون عن حديث النفس!

.

.

.

بعد ساعة سيأتي والدي،

انني جاهزة للرحيل، مؤخراً كنت كذلك، كحقيبة مضيفة طيران

الوقت الذي قضيته بانتظاره كان الأصعب، حتى انني فكرت بالاتصال بعمر!

لست
اودعه كما تعلمون، بل ليخبرني عن مكان أخي ، لكني تراجعت قبل القرار، فلا
احد سيهمه أمري ، فأحدهما غاضب والآخر غاضب لأجل ذلك الغاضب!!


اشعر بألم شديد في قلبي وكأنما شيء يحاول الالتفاف علية يشبه عقدة الذنب!

ستتغير حياة كل منا الآن

لم تكن مشكلتنا انه تعقبني،او انني اتهمته زوراً، ولم تكن مشكلتنا الكلمات

كنا قد وصلنا لأكبر من ذلك، بل يبدو ان ذلك ما اشعر به وحدي


انه اخطأ حين قدم لي حياتي براحة يديه، وأخطأت حين قبلتها وحياتي رهن لكف آخر

كف من الوهم، لأكن صادقة.. فأنا ظننت ان يديه ستوصلني لحلمي الواهم!

ربما مغادرتي الآن، وزواجه بأخرى….


لم يكن التغيير يوماً مقتصراً على الأسوأ!

قبل أن اقفز بخيالي لآمال أكثر، أعلمني واقعي بوقت الرحيل

حسناً لأغادر فحسب! لأترك كل شيء ورائي

لاشيء أريد البقاء لأجله

ولاشيء بانتظاري!


.-.

.-.


ارهقني السفر جداً،

قضيت الاسبوع الاول والثاني في منزل أبي متفادية الكل، لا احاور احداً ولا اتعمد الخروج من غرفتي في وجودهم

رغم اني كنت في غرفة وجئت لغرفة، الا ان هذه أشبه بقفص رغم مساحتها الواسعة!


سمعت صوت ابي بالاسفل يتحدث…ويقول بشيء لا ادري ماهو.. وينطق بـ “بدر”

خرجت مسرعة،نزلت السلم وعيناي تبحث عنه

توقفت حين رأيت ابي يمسكت هاتفه!

اغلق وقلت له بسؤال اعلم اجابته الإيجاب

-”بدر؟”

رفع رأسه للأعلى،نظر لي مندهشاً، ثم نظر للأسفل، ثم عاد ورفع نظره الي

أو ربما هو يحرك رأسه لتأكيد اجابتي!

لست اعلم تحديداً، لكنه قال لي بسخرية

-”دايمن معصب الله يعينه على نفسه”

فقط هذا ماتخبرني عنه!


اذن هكذا تكون اجابتك بعد كل محادثة بيننا! لاتهتم وان كنا نشتعل غضباً تسخر وتواصل الحياة كما تريد!

استدرت لأصعد، وأنا اريد النزول واحطم هاتفه ، أشعر بالغضب لأن هاتفي لايرن

أشعر بالالم لانني اخترت الصعود، رغم ان النزول اسهل بكثير

كيف له ان يضع درجات كثيرة في منزله وهو يعلم انني لم اعد اريد التقدم! كيف له حتى بعد هذه السنوات ان يسخر بنفس الطريقة منا!

اكمل خطوة، أتوقف، يزداد ثقلي وانا اسمعه ينطق بشيء ما ، أجلس

اطل عليه من علو مكاني، واراه يبدو صغيراً جداً ، لكنه يكبر شيئاً فشيئاً حتى وصلني

-”وش فيك؟”

أشعر بدوار في رأسي ومعدتي!!

أبعدت يديه عني واتكأت على الجدار ، ولا اشعر بتحسن

هل يتحدث الآن بدون صوت؟ هل يمزح معي!



,


حركني بقوة، رشقني بالماء، تماماً كما فعلت خالتي الا اني اسمع العديد من الاصوات عوضاً عن صوتها!

انظر لأبي الذي يواصل الكلام بلا صوت، يلتفت لمن لم اميّز خلفه

يبدوا كأنما يسأله عني: هل يحدث هذا لي دوماً؟


بالطبع فهو لايعرفني،فهل يظن ان من خلفه اعلم منه!

لذا أخذني للطبيب الذي قال ما ألجمنا جميعاً…!

.

.

.

.


ازدادت حالتي النفسية سوءاً في الأيام التالية ، ولا استوعب شيئاً!

وعندما شعرت بأنني أفضل ،قررت الموافقة لرجاء أبي المتكرر وإلحاحه علي بتناول الطعام معهم ، فأنا لم أشاركهم وجبة منذ أتيت


حين جلست أمسكوا بملاعقهم وحين أمسكت بملعقتي تناولوني بالسؤال

قالت زوجة أبي:

-”وش تبغين تشربين؟”

أجبت بأدب:

-”أي شي”

قال أبي ضاحكاً:

-” خذي عصير ولا وش يبغى اللي ببطنك؟”

ابتسمت
قسراً وأنا اشعر بألم شديد في تلك المنطقة، حين ارتكزت أنظارهم على بطني
بدو كأنهم يصافحون الجنين، لاأدري لم شعرت بخوف شديد فكأنهم يؤكدون لي
بوجوده،


مع أول قطعة آكلها نطقت زوجته:

-” ياليت اخوك معنا من زمان ماكلنا مع بعض”

كدت أتقيأها..أأنت مشتاقة له! ام تريدين معرفة سبب عدم حضوره!

نظرت لأبي لأرى أيوافقها السؤال اذ به يضيف ببساطة:

-” كلمته يقول بيجي!”

حيث التقت نظراتنا انا وزوجته بدرجة الاندهاش التي سأبكي ان وصفتها!

تركت مابيدي ووقفت ليقول ابي بتوقيتها!

-”وين؟”

-”شبعت الحمدلله”

وأعطيت لهم ظهري وأنا اسمع كلاماً يقال خلف ظهري أمامي بل أمامي خلف ظهري!

-”شكل بينهم مشكلة “

أتوقف دون ان أستدير

وتضيف لأبي الذي يتناول طعامه دون تعليق

-”بدر ان كانه على خبري للحين لسانه وسخ ولايحترم صغير وكبير”


تقصد بالصغير أنا والكبير هي! اي لسان أقذر منها لتنتقد اخي!!

التفت بعد اخذي ثواني لتفسير حديثها وبهدوء لاطاقة لي بغيره

-”لاتتكلمين عن بدر”

بطريقة من يقول لو سمحتي

تنظر لأبي بطريقة من يقول انظرلها!

يشاهدنا ويشرب كأسه الغازي تماماً كما يشاهد فلم!

-”خذي العصير معك جايبه مخصوص لك”

هذا ماكنت انتظره منك!!

ان كان يريد تهدئة الوضع فلا يهم ذلك فلست متأهبة لثورة خارجية!

لتؤيد عصير أبي قائلة:

-”ايه حلفت تاخذينه مايصير ترى انتي ما اكلتي”

ما ان رأت انني لا ابدي اي تجاوب أضافت وهي تنظر لطعامها

-”ترى قلبي عليك يوم قلت عن اخوك”

لأقول:

-” رجاء خلي اخوي في حاله”


ولم اجتمع معهم على وجبة


.-.

.-.

تمر الأيام دون ان تنظر الي، كنت اتصفح حياتي بصمت ،واقرأ، واتجنب اسئلة ابي ودعوته للطعام وافتح النافذة واستلقي على السرير،

وأتحدث كعجوز امام حقل ذرة ، ترغب بالذهاب الى السماء!

.

.

.

يرن هاتفي الأخرس

بدري!

إذن هو يتصل

كان يجب ان احلق بسعادتي الا انني كنت عكسها تماماً خيفة ان يجيء صوته غاضباً او شاكياً أبي!

لست قادرة على الغضب من ابي وانا معه ، كنت اتحسن تدريجياً قبل اتصاله

أقفلت الهاتف

ولم افتح باب الغرفة لليومين التاليين خوفاً ان اخرج ويسأل الناس عن حالي!

فأنا لحظة بعد لحظة اشعر بالخوف ويقفز قلبي رعباً

لااستطيع التفكير


يطرق بابي بقوة، لم تكن لدي نية في فتحة لولم يكن صوت احبه يظهر لي!

صوت بدري..امام غرفتي

للمرة الاولى في حياتي يجعلني صوته ابكي!

لأني افتقدته للمرة الاولى في حياتي بهذا القدر، كنت اخطو ببطئ واخاف ان افتحه ولا اجد أحداً

واخاف ان اجده غاضب كما هي طرقاته للباب

مافيني سيكفيني، لن اطيق المزيد ، لكني لا استطيع سوى رؤيته

افتح القفل واعود لأجلس على السرير

ارفع رأسي ببطئ

رأيت حاجبيه تحتدان وتكاد تفقأ عيني! انه غاضب


-”رسيل”

يصرخ باسمي حتى اكاد ان ادفعه للخارج، الا يرى حياتي الا يرى هذا المكان الا يرى انه كزائر سجين!

نعم انني هكذا بسبب اخطائي، أعلم.. اغرب عن وجهي فلا اريدك انت من بين كل من عشت معهم ان تبقى غاضباً!


-”وش اللي جابك هنا؟ يوم قال تعالي جيتي؟ بأي حق ياخذك الحين ؟ رسيل اكلمك ناظريني”


كل مافعلته وقفت بسرعة، احاول تجميع مايرميه بعيني

-”هذا
اللي قدرتي عليه قافله على نفسك لا اكل ولاتكلمين احد انتي شفتي شلون
شكلك صاير؟ وهو بأي حق يعاملك كذا اصلا باي حق يجيبك هنا ؟(يقترب فيكاد
يضربني) انتي ليش رحتي معه؟”


ارتعش وانا احاول اجابته كي يهدأ المني ظهري لكثرة مارجفت،قلت بكلمات متقاطعه

-” مالقيتك… كله مني “

لا بالطبع لم أكن لأقل -منك – فأنا السبب لأني لم أجدك، انا السبب، مالذي يغضبك هكذا

اتركني كما فعلت

تنهار قواي، اجلس ثم يسقط رأسي على الوسادة وابكي بحرقة وكأنني اشتكي كل شيء في حضورك!


جلس على طرف السرير وكأنما الصق أصابعه الخمسة بالخمسة واسند رأسه عليها

-”كل شي مقدر.. اهم شي صحتك (ثم سكت طويلاً وقال) واللي ببطنك”

هنا كان رأسي قد امتلأ بكل شيء،ووسادتي غرقت، وصوتي يختفي، أغمضت عيني بسكون اريد الرحيل عن هذا العالم لدقائق معدودة

لاتقل المزيد!

اصمت


-”ترجعين له؟”

ليتني اغرق في هذه الوسادة ولا اسمعه، ازداد دخولاً فيها ولا افقد السمع

بدر..لا اريد هذا السؤال، لاتكرره

بل لا نريد هذا السؤال، فقد خرجنا معاً من بيته، انا وهذا الشيء الذي يقولون ببطني كنا هناك وخرجنا معاً، افهمني…بل اتركني في حالي


-”فكري بمصلحته ولو مارجعتي بيكون ابوي مثل ابوه وبيعيش مثل ماعشنا”

ليذهب رجال العالم لحيث لايعودون، اغربوا عن وجهي


.-.

.-.

الآن أصبحت اصدق!

ان أكون حاملة…أقصد حامل، حيث ان هذه اللغة تفرض الكثير ! لزمني أيام لأصدق ذلك

ان تشعر ان هناك شيء غير الماء والهواء في جسدك!

ان يقولوا لك بثقة ان هناك جسداً يريد النمو في داخلك!

ان تسمع سخريتهم حين يقولون هناك أشياء تولد غير الأفكار!

لا تجد نفسك ترغب بالضحك ولا البكاء ولست مدركاً الذي يحدث حولك

هناك أشياء تأتيك حين لاتبحث عنها، وأشياء قد تقضي عمراً بالتفتيش عنها ولاتجدها

وتلك التي قالت أن أجمل الأشياء تجدها بينما تبحث عن شيء آخر، لم أكن اصدقها بل كنت اسخر من كذب الكتاب!


لكنني
صدقتها يوماً، حين فتحت النافذة ذات صباح بعد التسعة الشهور القادمة ،
واتكأت على إحدى يدي وشعرت بالأخرى تلاحق ذالك الشيء المتحرك في بطني، ولم
افرح كما يعتقدون بل كنت أخافه، أخاف لحظة خروجه،ولحظة رؤيتي له،ولحظة سؤال
الجميع عن والده، ولحظة تسميته، ولحظة صراخه،ولحظة ضحكه،ولحظة حديثنا
الأول وحديثنا الأخير!

أخاف تلك الحياة القادمة،أخاف ان امنحه حلمي حين ارضعه فيموت! أخاف حين امسح بيدي على رأسه وحين انظر لعينيه وحين اقسوا عليه

وحين أبقى معه على انفراد وحين يسألني عن والده ويضيف: لمَ لم تعودي له لاجلي-! أخاف ان اجيبه: انني لم أكن اريده!


حين
يمر الوقت بين الفينة والاخرى اهرع الى جهازي المحمول وانظر في صندوق
رسائلي الخاصة، ولا أجد شيئاً..فلم اعد استطيع الكتابة ولا اجد أي رد على
ماكنت اكتب باسم –ماني لاحد-

يبدو ان والدك قد نسيني، ونحن لم نكمل سنة فقط!

او ربما يكرهني الآن، فهو مثلي تماماً لايضحي لأجل طفله،فلم يحاول إعادتي بعد ان علم انه سيصير اباً عن بُعد!!

ربما لأنك لم تخرج بعد لذا لانعرف التضحية ، ربما قرأت كثيراً عن الأمومة حتى شعرت انني سأكون اماً!

ربما يحدث كل هذا لأننا لم نصبح بعد والدين!

.-.

.-.

كان يجب عليه مهاتفتي حين سكت عنه الغضب

انه من الصعب فهمي حقاً، اعلم انني ان اتصل قد لا اجيب!

احياناً حين افكر به، اعلم انه كان يمارس حريته بطريقته الخاصة، يفعل مايريد ويقول مايشاء


سمعت بالصدفة انه لم يتزوج بعد، لكنه سيتزوج قريبته هذه الأيام

أي حين تولد طفلته ستفقد أباها!

في الحقيقة لايهمني الخبر،ولم اعد ابكي على الضيف الغير مرحب به في بطني، ولم اعد كما كنت حتى في الكتابة

قال احدهم: من يكتب جيداً بالخيال فاشل في حياته الواقعية!

والحقيقة جميعنا روائيون

مادمنا نتحدث، مادمنا نفكر، مادمنا نرى ونحلم ونعيش

لكن البعض يمسك بالقلم، والآخر يقرأ!!

يتبع الفصل الرابع ...............



سيدة الحرية  30_12_1213568613711
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:55 pm

متابعة الفصل الرابع .......



دراستي توشك ان تنتهي، واعيش مستحسنة وضعي لأن بدري انتقل لأجلي

وفكرة ان نعود معاً، لم تعد تغضبني

هل تريد عودتي..!


-أحياناً ليس ثمة بيت في العالم نريد ان نعود اليه*

وأحياناً لاتجد نفسك فيما اعتدت أن تجدها، كان الألم طفيفاً بداية الأمر!

أحياناً نترك أنفسنا على مقعد صغير في بيت من الماضي ونغادر لبقية العمر دون ان يعترينا شعور أننا فقدنا شيئاً!

وأحياناً اخرى لانود التقدم ولا الرجوع،وكأنما شيء يصرخ أوقفوا الساعة

لم نعد نهوى الحرية!!

،

،


-كان يحبك!

كثيراً ماسمعتها مؤخراً، كل من يجلس معي يختم حديثه بها!

وأظل صامته لا أقول: حينما كنت معه لم تنطقوا بهذه! بل كان الوضع غريباً في أعينكم! أوَ أصبح يحبني الآن!

أتمالك
نفسي حتى لا اصرخ بهم قائلة: كذب.. لو كان يحبني لحاول الاتصال بي ولو
لمرة واحدة، لو كان يحبني لما تصرف بصبيانية ولما غضب ،لما اجبرني على ما
لااريد ولا حتى تبعني حيث اكتب !

وحين يغادر الجميع ولايبقى سواي

أقول، انه بالتأكيد كان يحبني!

ربما لأنني لم امنحه شيئاً ومنحني الحرية!

لكنه أخطأ بفهمها، أصدق ما لن أقوله أبداً أنني حين خرجت لم أكن أتوقع الخروج للأبد!

نقيض الأشياء مذهل في لحظة صدق!

،

،

-إذن يحبني

وماذا في ذلك،وان كان يحبني؟ هل يجب ان اشتري بعضاً من الحب لأجله!

الحب شيء لايشترى، شيء لن تستطيع التعبير عنه، لذا انا لا اكتب عنه ابداً

ليس لأنني لم احب يوماً بل لانه لن يعني الكثير لمن هو في حالة حب!


الحب شيء مهما شاهدته في عيون الرفاق، في الشوارع والزقاق ، لن تفهمه حقاً حتى تصافحه

وأنا قد قطعت كفي منذ زمن!

أتساءل مؤخراً… هل كان الحب يوماً وجهاً آخر للحرية!

ليس لعملة واحدة!!


الحب حين يأتِ لايخلع نعليه ولايمشي باستقامة ولا يسلم حتى ، فهو يأتِ بلا موعد بلا استئذان يأتِ وكأنه عائد إلى منزله ليلاً!

الحب مليك حريته ،وهو شكل آخر من أشكال العبودية!

حين نحب نبقى أمام الأبواب في وداع من غادر أو انتظار من سيعود


الحب يجعلك مدينة، وحين تكون لك مدناً اخرى في صدر من تحب فستعيش حراً

وان كنت تصنع مدناً لمن هو لايبادلك الشعور، فستكون عبداً

الحب شيء معقد جداً، كلما حاولت ان تعرف عنه اكثر جهلته، تماماً كالحرية

أحدهم يقول: عندما يضحك محبوبي تشرق الشمس، وحينما يبكي تغرب واعيش في ظلام

هذا تظنه حراً وتظنه عبداً ، فتشعر انك ستصدق ان الحرية والعبودية بالحب لاينقضان بعضمها! بينما شيء آخر معقد!

عندما تحب

يصبح
كلامك حذراً، ويصبح طليقاً دون خوف، تفتش عما يجعلك تحبه بعمق وان احببته
وحدث ان افترقتما تقضي بقية العمر بحثاً عما يجعلك تكرهه بعمق!


وهناك أناس تحبك عندما تعلم انك تحبهم، هؤلاء لايخافون الحب!

اردت يوماً ان اكون منهم، لكني اغلقت ابواب المدينة باكراً!

انني الان امرأة حبلى تتحدث عن الحب عندما أرادت العزلة!


.-.

.-.


اذكر أنني رأيت في المنام قبل شهور بأنني اركض خارج منامي اطرق منزلاً غريباً

فتحت لي الباب امرأة لم أفاجئ بأنها امي!

سألتها أين الجميع؟ قالت بالداخل ..عمر يسأل عنك!

ضحكت بسعادة وركضت ابحث عنه فإذ به يغسل وجهه أمام المرآة وهو يلتفت لي ويضحك، كان صغيراً جداً !!

وقطرات الماء على وجهه تحولت لدماء!

كنت فزعة جداً حينما استيقظت،لم أعاود النوم وانا أتذكر انه كان صغيراً وأنا من كبر وحدي!


تمنيت ان ذلك حقيقة وان كانت مفزعة، فأن ارى ذلك الزمان وامي ،ذلك يجعل من قلبي مطمئناً

هوَ
كبير الآن، ويغسل يديه ويعيش في منزلي ،وكنت معه هناك حيث ضحك وصرخ واكل
وفعل كل ماكان يفعله في صغره، حتى انه حين يفقدني يركض الدرجات مكرراً اسمي
بتحريف!

لكنت سأبحث عنه في الأرجاء أيضاً كما كنت افعل، لولم أكن شغلت بالبحث عن حلم يكبرنا!

الحنين للماضي لايتعلق بالأماكن دون الأشخاص!

حتى البكاء، نبكي أحيانا بلا سبب! لربما كنا افتقدناه!

حتى الذين نكرههم حين يذكر اسمهم حولنا، نلتفت.. نشعر انه يعنينا بطريقة ما!

نحن نشتاق دون ان ندري!

.

.

.

.

يقول احدهم ان الجميع ينتظرون في هذه الدنيا..

ينتظرون عرضاً ما، موعد طائرة، مكان في الصف، إجازة، خبر ، وربما كارثة!

فنحن دوماً في حالة ترقب، هكذا نعيش ،لربما نعيش في اليوم سلسلة من الإنتظارات حتى في أنفسنا

ننتظر انجازاً ما، فرصة لإثبات النفس،بداية جديدة… ،

لكن
حين تكون في غرفة واحدة، لست قلق على من هم خلفها، لاتملك حلماً! لاتملك
هلعاً او وهماً لطفل قد يصبح ابنك، لاتملك سوى نفسك، حينها تجد نفسك
لاتنتظر شيئاً ، تجد نفسك حراً..!

.-.

.-.

كان ذلك آخر مافكرت به قبل ان افقد السيطرة على نفسي حين سمعت احدهم يصرخ

-”ســ تلد..!”



.


.


.

أردت استقباله، أردت ان اكون معه حين يخرج لهذا العالم

أردت سؤال امي من يشبه؟ اردت ان اكون الأب في حضورهم

أردت ان أسأل الطبيب ” هل هي بخير” وليس لبدر على هاتفي!

إني بالطريق لأراه


.-.

.-.

-”طفلك”

قدموها لي!

قبل ان المسها صرت ادقق في عينيها،انظر لها كأنها ليست لي، أنظر للجميع وهم يبتسمون مؤكدين انها ابنتي!

عينيها التي رأيتها كانت خالية من التعبير، لم ارى عيناً كهذه حيثما عشت!

أمسكتها، نظرت لها، تمنيت ان تبقى تنظر للجميع دوماً كما تنظر الآن، لاتقلق ولاتبحث في وجه احدهم عن إجابة

وان لاتبكيان كثيراً


ان لاتفتقد احداً، ان لاتشعر بالألم حينما تتعثر، وان تواصل المسير دون أن تيأس، أن لاتحلم بحرية، ان لاتعيش كما أعيش!

إننا نولد لنمشي إلى الموت، كما قيل ، فأي موت سيكون لأجلها! وأي حياة ستقضيها للوصول إليه

لا بل هي ستولد في كل يوم من جديد، أعانقها، أقصد ضمها الي بقوة وأشعر بوخز عميق قلبي، فأبكي

حينما تضم الأشياء إليك، فأنت تعني ذلك ، فلن تفكر بالخلاص يوماً

فكل ماتفكر به الإخلاص!


.-.


.-.

لا شيء يبقى على حاله بعد خمس سنوات…!












( 2 )


أحياناً
تتسع الهوة بين الثلاثاء و الأربعاء ، غير أن ستة و عشرين عاماً يمكن أن
تمرّ فى لحظة .. الزمن ليس خطاً مستقيماً بل الأصّح متاهة ، و إذا التصقتَ
بالجدار من موضع صحيح تستطيع أن تسمع الخطوات العجلى و الأصوات ، تستطيع أن
تسمع نفسك تمرّ هناك فى الجهة الأخرى *


خمس سنوات اذن، أستطيع تذكر مافيها كأسبوع مضى!

الحقيقة..نحن لانعلم متى أدركنا العمر؟

فقط نستيقظ ذات يوم ونعي تماماً اننا قد كبرنا، تماماً كتجربة الكرات الصغيرة السامة حين توضع في الماء فتكبر في داخله

ويذهلنا سرعة حدوث ذلك!

ربما بعضنا سام أيضاً، فقد كنت كذلك قبل ان اكبر!

.

.


افتح عيني بسرعة، اقفل التنبيه، أتفقد الرسائل

سَدَنْ بعثت لي تخبرني انها لن تذهب للعمل،وترجوا مني مرافقتها لمكان آخر

اتنهد… انظر لابنتي النائمة وافكر

-”كيف سأذهب واتركها!”

احملها وحقيبتي، ابتسم وانا افكر ان النساء متطلبات بحق مذ ولادتهن! حتى انني صرت احمل حقيبتين!


أيامي تمر ببساطة، لاشيء فوق المعتاد ولا شيء تحته!

لم
تكن كما كانت عندما كنت في منزل أبي،وعندما مكثت عند خالتي حيث تخبرني ماذا
تحتاج النبتة لتنمو..هواء قالت وشمس وماء واهتمام، وماذا أيضاً فعلت
لابنتي!!


جميل أن لا ارى في صباحاتي وجوهاً فارغة ،وان لا اعود لأحلل كل شيء كما كنت افعل

-يبدو ان العيش كالرحالة كان سبباً في سوء حالتي النفسية،وكرهي لكل شيء

ذلك مااخبرتني به سَدَن عندما اخبرتها ببعض الماضي،لتقول مازحة

التنقل كالحمامة شيء من الحرية!


يسهل تحليل مأساة احدهم، بل يسهل وصفها فكل مانحتاجه لتخبرهم كلمة مفعمة بالأمل بعد كل فعل ماضي وابتسامة تقول: دعك من ذلك!

رغم انني واجهت صعوبة في تقبل حياتي الجديدة،الا انها كانت مريحة مع الأيام

ليس عنواني فحسب من تغير،بل قلبي ومن عرفت!


بعد ان تعلمت ان العيش ليس بتلك الصعوبة!

والحب ليس بتلك البساطة، والصداقة ليست بطول العشرة!

والحرية لاتجيء بصورتها التي رسمناها

لذا .. لم اعد احزن كما كنت!


الحزن يكسرنا في كل مرة ويحولنا كائنات هشة معرضة للبكاء في أي وقت

لكنني لم اعد بذاك الحزن

رغم ان الظروف لم تتغير، بل أصبحت اسوأ!

الأشياء عندما تحدث، وتعود لتحدث مجدداً، يكون وقعها أخف، أو ربما نكون اكثر قوة في تقبله

وذلك لايقتصر على الحزن، بل الفرح فالاشياء التي تسعدنا في المرة الاولى لاتنبتهج بها عندما تتكرر كما في المرة الاولى!


”فيما مضى، احتملت الجراح الكثيرة عندما فقدت الذين احببتهم..!

أما اليوم.. فانا مقتنع بأنه: لا احد يفقد احداً لأنه لا أحد يفقد احداً..!

لأنه لا احد يملك احداً ..!”

هذه هي التجربة الحقيقية للحرية قالها كويلو وعرفها:

-بأن نحظى بالشيء الأهم في هذا الوجود دون أن نسعى إلى امتلاكه !


لو كان لي دفتر مذكرات صغير كالذي في جيب امرأة يابانية، لكان فارغاً رغم مرور هذه السنوات الخمس!

الخطأ في أننا لانفعل شيئاً أم الخطأ اننا ندعي أننا سنفعل شيئاً حين نشتري الدفتر؟


أتصور انه لو ملكت واحداً لوجدت في العام الاول عبارة ” حين توقفت عن كره أحدهم..أحببته”


والعام الأخير ” أشعر انني اليوم عبئ كبير على نفسي”

.-.

.-.


“قصص الهوى قد أفسدتك فكلها غيبوبة وخرافة وخيال ـ الحب ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الأبطال”

قبل سنوات كنت اقرأ هذه ليس كما الآن بالصدفة!

بل انني بحثت عن بقيتها في كتابه الجيبي! وانتقيت ما ناسب لتلك التي كانت زوجتي

دون ان اعي انني مخطئ حين حفظتها أول مرة، فبذلك أعطيت لنفسي عمراً من الوهم

-هي أخطأت حين افسدتها قصص الخيال، وأنا أخطأت حين صدقت القصص الشرقية!


الوقت الذي قضيته لانساها كان متعباً بحق، قرأت العديد من النصائح اولها أن افكر بعيوب من احب لأنسى

وعانيت لانني أجد عيوبها صواباً!

كرهت نفسي كثيراً، غضبت منها ومن كل شيء

لم اعد اريد رؤية آلة تصوير، لم اعد اطيق الزمن المثبت في صورة

بل لانني لم اعد اريد العودة للخلف والنظر للماضي


اتخذت العديد من الاجراءات!!

وحين أجدني أتذكرها أكرر في نفسي، النسيان في القلب وليس للقب!

وابرر لنفسي أنني اتذكرها لأن لدي طفلة منها



في ذلك الوقت الذي شعرت أن هناك فاصل بيني بين ابنتي

حين وُلِدت، وصار من الصعب رؤيتها، فكرت أن أجعل من غادرتني وبصقتني بكل ماتستطيع تندم لذلك

قررت أن آخذ الطفلة منها،بل أهدد بأخذها مستقبلاً

أجعلها كلما تراها تعلم انه يوم ما ستكون معي، وتبقى وحدها

ثم أذكر انهار رسيل

وانها قدمت لي ما لا اريد من امرأة اخرى!

طفل سيحمل اسمي،سينمو أمام عينيها، ستذكرني كلما كتبت اسمه في كل مراحله الدراسية،وحين يمرض،وهو معافى،في سعادته وشقاءه،

حين يتزوج،وحين يصبح لها حفيد…سأكون معهم في كل يوم يعيشونه

فأعي أنها أهدتني حياة اخرى..!


قررت أن أدعه لديها، ثم عدت وقررت أن آخذه

فقط لأراها فيه كلما تشرق الشمس وتغرب


ثم اعتزمت ان ادعه لأبقى في حياتها للأبد!



-كل شيء سيزول

من مرض سيشفى ومن غادر سيعود ومن بكى سيضحك لنتوكل .. فقط ينقصنا رسول

السماء ستمطر والشمس ستشرق وكل الأراضي ستزهر فبعد القحط الهطول

إن مع العسر يسراً

عز من جليل سبحانه يرانا نصدّق ونقول


.-.

.-.

اقلب هاتفي،ارفعه، اقلّبه أعلو به وأهفو

انتظرها لنخرج، اليوم احتفال بخطوبة أخيها المدلل على عكس ماتصفه!

يضيء هاتفي، انظر فأجد احدهم كتب شيئاً في برنامج المحادثة

-” أتسائل فقط!

ماذا سيكون حجم خسارتهم لو أنهم رحلوا.. دون ان يكسروا لنا أجنحة..!

لما يجردوننا من حقنا بالطيران بعدهم..؟!”*

ويعود ليكتب ” انا العاشق السيء الحظ…لا استطيع الذهاب اليك…ولا استطيع الرجوع الي..!

تمرد قلبي علي..!”*


أضع هاتفي، وأنا اقول: يالهذا الرجل يبدو انه عاشق واضحك!

لم يكن عليه ان يضيف سيء الحظ، فكل عاشق يتصف بذلك، انا مؤمن بذلك الآن!


احدق بالماضي،وكلما تعمقت افقد الابتسامة واشعر انني بنيت سفينة وجف البحر!

-”عمر”

انتبه لها ، ابتسم لها، وانا اجيب “أكيد” لكل ماتقول

لربما قالت هل ابدو جميلة؟هل يناسبني؟…

اكتب شيئاً سريعاً مرّ علي للعاشق في هاتفي!

“ونركض… لنكون في الأخير

لمن انتظرنا

لا لمن تبعناه..!”*


.-.

.-.

.-.

.-.


رأيت عمر، خمس مرات! كأنما في كل عام مرة!

كنت اختلس النظر اليه حين يأتِ ليصطحب آرا من مكان عملي ، ونادراً مايفعل ذلك

لكنه يراها دوماً عن طريق مازن، تأخذها خالتي وتعطها لمازن،ويأخذها عمر!

عملية استثقل تكرارها في كل مرة،لكنني مجبرة على ذلك بإرادتي!!


سألني
بدري عندما اشترى لي هذا المنزل بمال ابي الذي وافق مجبراً بتأثير يعجبني
لأول مرة من زوجته التي استثقلت وجودي ،عن إمكانية شراء منزلنا القديم
والعودة إليه

لكنني أجبته بالرفض ، بل وغضبت من هذا الاقتراح!

اذكر انه سألني أيضاً عن هذا الغضب،وتدرج للسؤال عن غضبي من عمر

لم اجبه، او لا اذكر ماذا أجبت

لكنني اذكر كل كلمة قالها عنه، قال العديد من الأشياء عني انه أحبني، وانه يود سؤالي عن سبب تركي له او كرهي له!

وودت سؤاله عن عدم محاولته إرجاعي حين جاءت آرا ، أكان يعلم انني امرأة لاتضحي! ام لم يتصوراً أمراً مماثلاً!


كان بدر يريد سؤالي عما حدث كلما تسنح له الفرصة، وكنت اريد سؤاله عن شيء طالما جعلني مرتابة

مالذي بين مازن وعمر كي يصل بهما الأمر لما وصل!

وعلمت منه بشكل غير مباشر انهما قد حبسا في قضية طفلة حاول مازن ان يبتسم لها بطريقته، وابرحه اخوها ضرباً، واتهم عمر بإرساله!

وماكان لعمر بعد ان فرغ من اتهامه ان يبرحه ضرباً كلما رآه، وكبر ذلك معه حتى اصبح هذا الشعور يراوده حين يراه بعد كل هذه السنوات

أعتقد لأن عمر صديق بدر احدى اسباب اختيار مازن له، او ربما أمر آخر

بعد ان علمت الأمر ذلك الوقت، شعرت انني اود ان اخبر عمر ان يقتله!


ماكان ذنبك ياعمر؟

لو سألتني الآن لأجبتك:

مشكلتك أنك أكثرت السكر في كأسي فلم استسغ طعمه!

فأنت أخطأت في فهمك للحب

ففلم تناضل للنهاية

وخلال اشهر من ولادة طفلتك، أصبح زوجاً

وخلال سنوات صرت أباً لطفل الثلاث سنوات


تعلم انت تجاهلتني ربما، او انك علمت مؤخراً ان الحب موجود في أي مكان وكففت العناد

ان تتزوج باخرى ذلك يعني انك ماض، ماض لن يعود أبداً ولن يتكرر بطريقة اخرى


حين افكر كيف كنت معك، لا أفهم شيئاً!

استطيع القول ربما كان يجب ان تحبني كما أريد!

أو كان يجب عليك ان لاتحبني

وبما انك احببتني كان يجب عليك العكس!

اذا كنت معك تصرف انك لاتهتم، وان غبت عنك ابحث في ظلالي

واذا هجرتك فادعي انك حزين جدا

وان كنت حزين حقاً فادعي العكس


هكذا كنت اريد ان تحبني حينما اذكر ذلك! وهذا شيء لن تستطيع عمله لمزاج انثى لم تفكر بالسيطرة على نفسها

أذنبت بحقك، وأنت فعلت ذلك لنفسك عندما أحببتني


وحدهم الذين يعترفون بحبهم أمام الكنائس من عرفوا أن الحب ذنب!

ووحدهم يرتكبون الأخطاء ويعترفون بها ويستمرون عليها!

وحدهم من عرفوا حقيقة الحب

فلا تقل انك احببتني يوماً!


.-.

.-.


سألتني زوجتي قبل سنوات عن سبب طلاقي، فأجبتها قدرالله وماشاءفعل..، لم نكن متوافقين

لم اخبرها انك لم تطيقي العيش معي لأنني احببتك!

تمنيت ان اقول انكِ تكرهيني، فذلك سيعنيلي انك تهتمين ولو كان بهذا الشكل!

واردت ان اقول انك احببتِ الحرية على ارتباطك معي

اه.. الكثير من الأشياء اردت ان اقولهاولست مهتماً بالحديث عنها الآن

لم اعد احبكِ

لاتقلقي!

ربما هذه العبارة ستجعلك ترفعين كفيك وتضربيهما ببعض وتحدثين تصفيقاً لأجلي!

لكن تمنيت ان يعجبك شيء مما افعل

كنت مؤمن بأن الطرق تؤدي إلى روما قبل ان افارقك!


لو لم تكوني في حياتي منذ البداية لكنت رجل عادي تزوج امرأة عادية وحدث ان افترقا وكل منهما ينوي البدء بحياة جديدة!

لكنني أخطأت عندما تجاهلت ماقاله احدهم ساخراً – “لاتمس النار وثيابك حرير”

كان يلزمني مامضى من العمر ضريبة خطأي حين أحببتك!

والذي اكرهه الآن..أنني لست نادم!


.-.

.-.


تلك الأيام التي كان قلبي فيها مغلقا كانت جميع الأبواب أمامي مشرعة

لم يعلم قلبي انه قد نسي بابه موصدا مذ ذلك الوقت وحين أدرك ذلك كان الجميع قد أغلقوا أبوابهم

لكم كنت اكره الذين يأتون بعدنا بدقيقة ويزعمون أن لهم الحق في تجاهلها ولايندمون أبداً

لكم كنت اكره الذين لاحلم لهم والذين هم حالمون دون هدف

لكم كنت اكره الكثير في نفسي دون ان ادري لكم كنت اكره قيدي الذي له مسمى خفي كان الحرية دون ان اعي!

لكم كنت اكره الاعترافات والعبارات الصريحة وكنت اكره ضعفي او أنني كرهت قوتي

ولكم كنت أكره الأشجار لأنها تموت واقفة، وأنا اعجز عن الحياة واقفة!

ولكم كرهت الصندل لقدرتها تعطير فأس قاطعها

فكنت اكره كل من يرد الجميل بآخر، لعدم قدرتي لتقليده!


.

.


سيدة الحرية  30_12_1213568613711
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
algalodi
المشرف العام
المشرف العام
algalodi


ذكر
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
عدد الرسائل : 44997
العمر : 56
القرد
العمل/الترفيه : متقاعد
المزاج : رايق والحمد لله
نقاط : 56716

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 8:57 pm

خرجت للمكتبة المجاورة فابنتي تريد بعضاً من أقلام التلوين

الجو بارد، بارد جداً، بعد عودتنا قالت آرا

-”وين بابا؟”

لم تسألني مطلقاً هذا السؤال، كانت تذهب وتعود وتخبرني بما فعلت دون ان تسأل أين هو في هذا المنزل!


الجميع يريدون حياة جيدة، يفعلون ذلك بطرق مختلفة، لذا يخطئ البشر !

هي جملة واحدة كنت سأحتفظ بها لأجلها عندما تكبر

“أنا … لم أكن معه وأنا أريد”…

هكذا كانت قبل أن تحل فاصلة ماكرة بين الجملتين!!


.-.

.-.

.-.

غيناء هذه الأيام مشغولة جداً لأجل اخيها

فلم اجد فرصة لأرى ابنتي منذ فترة!

اتصلت ببدر وقال انه سيجيء غداً، فمنذ انتقل للعيش عند والده من ثلاث سنوات لم أره إلا نادراً

انا مشتاق له واريد رؤيته لكن زواج أخيها لن يدعني، عندها استغليت الفرصة ودعوته للحضور، وافق على مضض

.-.

.-.

وافقت محرجاً

فعند التفكير بالأمر أجد الأمر طبيعي، صديقي يدعوني لحفل أخ زوجته!

ليس معقداً جداً، لكن المعقد افتراضي ان يكون أخ زوجته أنا!!

أضحك وانا افكر لمَ لا أستطيع نسيان الماضي!


يتوجب على رسيل أيضا القدوم هنا لترى والدي، فهو متعب هذه الأيام، وربما منذ ان جئت للمكوث عنده والعمل في مساعدته،

في الحقيقة انني لم افكر بمساعدته،بل كان العمل مما افضل فأنا لا افكر بالتضحية براحتي لأجله! رغم انه أبي!

.

.

حينما رأيت عمر، كان سعيداً ويعيش كما لم يكن، ذلك مريح

وعندما أردت الخروج تبعني قائلاً -”بجي معك”

ضحك وهو يخبرني أن زوجته ستعود مع أهلها، وانه مشتاق لي


كنا
نتكلم كما لم نشتكي هماً قبل،كان يضحك ويخبرني عما كنته سابقاً، قطعنا
مسافات دون ان ندري، توقفت لأجل الوقود،واحضر لي عمر شيء جعلني اضحك وانظر
اليه وكأنني سأبكي وانا اذكر كل مايحدث لنا سابقاً عندما كنا نضحك ونبكي،
كان حليب بارد!

كان بيننا رهان أيضاً كما نفعل من قبل، إلا انني قلت هذه المرة

-”اذا انا خسرت بتزوج”

-”هههههه اجل فكر بالعروس”

وفي
طريق عودتنا وانا اشعر بالنعاس، كان عمر يتحدث بعد ان تبادلنا الأماكن
بموضوع زواجي بشكل جدي، وبما انني مرهق كنت ابتسم قائلاً بصوت هادئ

-”ليش لا”

وكان يضحك لإحباطه بهذا الرد

-”آرا”

قال ذلك ونظر إلي وأنا مغمض عيني وأواصل الاستماع

-”ودي اشوفها”

احاول قدر المستطاع ان ابين انني لااسمعه،وقلبي يكاد يتمزق لأجله، لا أدري لمَ شعرت انه يقصد رسيل!

كان محبطاً جداً وهو يقول ذلك، وابنته يراها كثيراً في الغالب، لكنها ليست معه


بعد ذلك، أيقظني من غفوة قصيرة يسأل بابتسامة واسعة

-”هذا الحي، بس وين البيت؟”

أخذت انظر للجهات وأنا افكر بابتسامته التي تخفي ألم والد لايدري أين تعيش ابنته!

وصلنا

تمنيت ان أقول له ادخل، لكننا لانتجرأ لقول ذلك!

.

.

كان ينتظر، خرجت اخبره أنها نائمة

ثم غادر بابتسامته تلك


.-.

.-.

.-.

بالغد ، ذهبت وبدري لعمي

علاقتي بجَنان لم تنقطع، قضينا الليل نتحدث ونشاهد التلفاز وقبل ان أغادر في اليوم التالي

قالت لي- “فيه شي ودي اقوله لك من فترة”

أخذتني لغرفتها،أقفلت الباب مرتين!

ابتسمت وقالت ان أخيها يرجوا موافقتي لأكون معه!

زياد سيستقر هنا!











(3)


“الصراحة”!!

لاأود ان يطالبني أحد بها! كما كرهت مزاولة الكذب!

نحن لانكذب لأننا خائفون ممن يسألنا، بل لأننا خائفون ان يعلم أننا نكذب!

اذكر ان احدهم لايحب شيئاً أكثر من سماعه كذبات من يعلم أنه كاذب! يمتعه ذلك بقدر من يعلم إجابتك ويطلبك الصراحة!

أليس الكذب مهرباً في العديد من الأحوال التي تهلكنا في النهاية! بداية النهاية كما يطلقون عليه!

إذاً لم الصراحة منفذاً للهلاك؟

أمازلنا نفتش من منفذ؟ ألا تصدقون هناك من يؤثر البقاء في فوهة البركان على أن يناضل لإخماده

انهم مثقلون بالهم، وأوذوا كثيراً لنصرة وجهة نظر لشخص آخر!


شخص اصدق منا بل شخص قد تأذى حتى فقد القدرة على الاستسلام! او ترانا نظلمه!

قد يكون أبى التراجع بعد أن فقد كل مافقد وعلم انه لن يكون موعوداً بشيء ان تخلى عن بعضها.. تخلى ولم يناقض!


آه عذراً تقول الصراحة.!.

نحن نريد الحقيقة ولسنا على استعداد لدفع ثمنها ، رغم انهم قالوا ذات تهور-”نموت ونعلم بهذا الأمر”

لا احد يدفع ثمناً صدقوني لا احد يموت لأجل خبر ولا احد يقول الحقيقة ولا يموت!


نحن
نموت عدة مرات في صحيفة لأننا نعتقد ذات انغماس أننا هدف قضية او أننا
معنيون لإصلاح ذلك الأمر، او ربما نموت لأننا عاجزون عن امتلاك بقعة صغيرة
لا يقتلنا احد إن عبّرنا فيها عن أي شيء “بصراحة”


بالأمس

أعلنت تلك الصحيفة عن ربح صاف لأحدى المصارف، وفي صفحتها المقابلة شكوى معدمة فقدت فرصة علاج ابنها فتوفى

وأزمة الصدق في هذه العبارة جعلتنا نموت اثر عقدة ذنب..ولم نكن لنموت لو تحدثنا بصراحة!


لو تحدث الجميع بصراحة

تعلمون إن نتحدث فرداً فرداً نقتل ونرجم ونموت، وحين نتحدث جميعاً نقتلهم وإن لم يصدقونا نموت!


فكيف
يقولوا ان هذا لم يكن موضوعنا هذا الصباح! وانهم يتحدثون عن حياة شخص،
والشخص فرد، والأفراد جماعة، والجماعات ستكون شعوب، وكل شعب له حق الحياة

وله حرية التحدث، والتحدث بصراحة !

دعونا لانقرأ الجريدة!

أو دعونا نقرأ ونتحدث بصراحة ونموت في سبيل الحرية


هكذا نعيش ياسيدي نتجرع المبررات ثلاث مرات يومياً ونشرب الماء حتى يتسرب من أعيننا ولايستطيع دفع غصة ما

فهل نلام لطلب الحرية!!


.-.

.-.

لم تكن الجريدة صباحاً مشرقاً، أقصد هي لم تتغير لكن ماتغير عادتي في قراءتها مساءً

لذا كنت أقضي اليوم أحلل الأشياء وافتش وابحث واجادل في نفسي!

لم اكن مع الحرية على وفاق، لكنني لم افكر بغيرها، وهذا الصباح فوجئت بنفسي في ساحة اطالب بالحرية، وافاجئ بالجميع مثلي!


.-.

.-.

اعتذر من سدن لاتصال جنان وطلبها مقابلتي، بنية التسجيل معاً في دورة تعليمية ستفيدنا

،

تفقدنا المكان، أعجبنا بالمحتوى، فكرنا بالاستمرار

كنت اجلس أمام جنان نتحدث عن مذاق القهوة التي نشربها دون احتساء!

-” مشكلتهم الوحيدة المقهى”

أجبتها ضاحكة-” خلينا نتعود على طعمها من الحين”

رغم
ان الاعتياد ليس من عاداتي، لكنه الجو البارد يجعلنا نمسك بها بكلتا يدينا
ونتحدث عن دفئها متجاهلين مذاقها السيء، ارفع عيني لأقول :سأذهب لأحضر نوع
آخر

ولا أقول ذلك، يخرس عقلي وفكري فجأة وأنا أرى امرأة تشبه تلك التي في أرشيف ذاكرتي

اطيل النظر، فتتضح الصورة أكثر فأكثر وهي تتقدم لتمر بجانبي دون أن أثير ذاكرتها

-” جنان شفتي اللي تو”

-” لا.. مين؟”

-” قومي شوفيها بسرعة لابسه قميص ازرق”

تذهب جنان بعلامات تعجب وتعود بعلامات الاندهاش اثر سعادتها، وبيدها يد فتاة ترتدي الأبيض بجانب ذات القميص الأزرق ويتقدمان لي

أقف بتوتر أصافحهن واجلس بجانب جنان مقابلة الأبيض والأزرق!

تخبرهن عني قائلة ” ابنة عمي ..رسيل”

يبتسمان لي وتتحدث الأبيض -” وش هالصدفة الحلوة تصدقين كنت ناوية امرك بكرة”

جنان-” تقصدين ال”

تصمتان ثم تنفجران بضحك طويل، وأنا والأزرق نرقبهما بصمت، وقفت قائلة:

-” وش تشربون؟”

جنان مازحة-” اقول اجلسي لو مايشربون شي احسن من طعمها انا مدري وش طعمها هذا؟”

ابتسم -” بجيب شاي”

الجو بارد لو كان مجرد ماء ساخن سيفي بالغرض، اعتدنا الترف في التذوق حتى نكاد نتطلب مالم يصنع بعد

الحمدلله الذي انعم علينا نحن لانفكر قليلا لذا لانشكر كثيرا


انتظر إعداده وارمق الأزرق : يبدو أنها لم تتعرف علي بعد! لكن لم انا اذكرها؟

ليس من عادتي ذكر الملامح لكن لمَ صورتها لم تغادرني منذ التقيتها أول مرة اقصد منذ علمت أنها زوجة عمر!

كنت اريد ان أن تراها جنان لكن الصدفة لقاءها بصديقتها التي تعرف الأزرق بشكل ما


أن التقيها هذا اليوم هو شيء عادي كأنما التقي بأي امرأة هنا لايجب أن أفكر كثيرا!

-من الرائع أنها لاتذكرني

اعطي لهم الشاي واحتفظ بقهوتي تلك، أتجرعها كما أتجرع الذكرى

كلما أتقدم بالتفكير أتراجع، واعلق الأمر لهذه الصدفة التي لم أتمنى حدوثها، بالأصح لم أفكر أنها ستحدث يوما

-سبحان الله الصدف ليست إلا مقدرة ، يفاجئني صوتها مغلقاً سبيل الأفكار


تتحدث
عن الجو بالطبع، ثم عن كوب الشاي، ثم تسأل الأبيض فترد عليها جنان ويبدأ
هذا المثلث بالعمل أمامي وأعود أفتش في ذاكرتي عن أسباب لقاءنا ذاك وكيف
لها ان تكون بالتحديد زوجته دون غيرها اقصد دون غيره!

هاتفها يرن ، تجيب

-” هلا عمر… ربع ساعة.. اوكي حبيبي”

أكاد اضحك بصوت عال، بل اني أكاد اضحك بصوت أعلى، بل كدت اضحك بأعلى صوتي!!

من حبيبك ذاك!

هل اعتدنا سماع النسوة يهاتفن أزواجهن بحبيبي واحبك! أم ان مايحيط بي إن قالوا حبيبي كان لطفلهم!

ام لأن حبيبها ذاك كان عمر، لكن غريباً بعض الشيء!


-” متى بتطلعون؟”

توجه سؤال الجماعة لي وحدي، وأجيب

-” بعد شوي”

بمعنى غادري لاعليك!

تخرج بعض احمر الشفاه تنظر للمرآة الصغيرة وتبدأ في التدقيق في ذلك

-لا تجتهدي انه لن يلاحظ!

-” لا تتاخرين بس”

بسخرية قالتها لها الأبيض لتجيب:

” عادي عمر باله طويل بسم الله عليه تصدقين يوم طلعنا من السوق ذيك المرة مأخرته ساعه وماقال ولا شي”

” تكفين اصلاً زوجك هذا بارد بشكل شلون تحملينه اذا ماعصب عليك ماتحسين انك متزوجه”

ربما تهوى الضرب أيضاً، يضحك الجميع قبل أن تقول:

” الا ماعيش من دونه”

تحتد عينيّ الأبيض متسائلة -” رائد طلع من المستشفى؟”

تجلس وتجيب دون النظر لأحدنا-” يطلع اسبوع ويرجع شهر .. الحمدلله على كل حال”

-”الله يشفيه”

مالذي يحدث اريد العودة الآن!

.

.

.

أذكر ملامحها وهي تتحدث عنك وأتساءل

-أهكذا كنت حين اتحدث عنك؟!

تتحدث عنه وكأنه الرجل الوحيد في هذا العالم ، بل بدوت كامرأة لاتود سوى سماع أفعال زوجها الخارقة

هل تقولين انه لايتحدث ابدا!!

الا تعلمين أنه كاد يفجر أذني!!


كنت اعي ان لاشيء يمكنني التنبؤ به ، بدءً بالطقس وانتهاءً بنتيجة كرة التنس!

هذا ابعد ما قد أتخيل لو أنني توقعت!

أن أقابل شخص ما، شخص لم أفكر أنني سألتقيه ليس لأنه مهم او حتى ان مقابلته خطأ

شخص أعرفه رغم اني لا اعرفه

لو لم اراها في المستشفى سابقاً، وربما في آخر اجتماع لااذكر تحديداً فذلك منذ أكثر من خمس سنوات

لو لم افعل ، لكنت أراها صديقة صديقة جنان لا أكثر

لكنني عرفتها وعرفت ان زوجها الذي اتصل ليس إلا عمر !

وان طفلهما مريض، وأنها تتعطر جيدا قبل ان تخرج إليه، كأنما مبخرة تمر بين الرجال

عمر انه لايشم حتى عطرها وإلا لكان غاضب، المسكينة تبذل جهدها، لاتدري ان المسكين كان يحبني!

كنت اريد ان ابين لها عظم ماتفعل،وخفت ان ابين لها اكثر من كونها مبخرة وأخطئ بقولي-يشعر معكِ بالزكام!


كلما اخرج الموقف من رأسي يعود، فقد ترأس عناوين الأخبار في أهم أنباء رأسي!

ولعدة أسابيع بعد ذلك


-طالما تعجبت كيف اختار ان يكون ( ابو ارا) على ان يكون ابو رائد!!!

ربما لأن آرا جعلتك تشعر بالأبوة أولاً!

أفكر بتعجب أحياناً… ماضينا الذي انتهى أنشا لها مستقبلاً

من كان يظن انني سأصبح أم أوبالأحرى أن نشترك في اللقب!


.-.

.-.

.-.

.-.


عدت للمنزل، بدلت قميصي الأزرق ببجامة مريحة، رفعت شعري نزلت مستعدة لعراك ما!

-” اليوم شفت صديقتي هناك..جنان”

أقول ذلك ولايرعيني انتباه فأضيف:

-” كان معها بنت عمها”

يواصل اللعب بهاتفه دون أن ينظر إلي، انادي باسمه، ليجيبني بهمهمة

” اسمها رسيل”

سحبت مشغل القنبلة ورميتها ولم تنفجر!

رفع رأسه مضيفاً بلا اهتمام ” اممم”

وعاد يضرب شاشته مكملاً لعبته

اجلس وأقول:

” شكلها عرفتني من ردة فعلها كانت متوترة ومركزة وانا أتكلم عنك”

لم اعد اسمع صوت لعبته ولا حتى أنفاسه لكنه لم ينظر إلي ، أسأله:

-” تزوجت ولا لسا؟”

يضع هاتفه في جيبه بعد أن وقف قائلاً بابتسامة ساخرة

-” اسألي صديقتك”

أوقفه قبل أن يكمل خطوته الثالثة

-” عرفت من اقصد؟”

يقول دون أن يلتفت

-”لا… طالع شوي وراجع”

ثم اختفى حتى الفجر!!!

.

.

.


لماذا تخبرني بذلك؟

انه أمر لا أتذكره هل كان اسمها حقا رسيل!

إني لا اذكر شيئا لايخص حياتها!!!

لمَ تتربص بي الأسئلة، لمَ لي موعد مع اسمها في كل حديث وفي كل قناة وفي وجوه الأصحاب حتى!

الم ينتهي الأمر منذ خمس سنوات!

لمَ لاتغادر ذاكرتي فحسب؟ بل لم تحاول أن تغزو ذاكرة المرأة ببيتي، المسماة زوجتي التي احب واحترم واشتاق دوناً عن ربع مامارسته لك

ولهذا السبب لم تغادر غيناء!


اتجه لمنزلها للمرة الثانية لكنها الأولى لي وحدي

أقف أمام الباب قرب الثانية فجراً، وافكر بآرا ابنتي، ابنتي لا امها

لكني أعود ولا أعود


حتى كنت في منزل خالتها اطالب بطفلتي ظهراً!

.-.

.-.


بعد أيام

كانت خالتي في ضيافتي، لنتغدى سوياً

أذكر كم أحبت البقاء عندي،وكم قالت مازحة سأترك بيتي هناك واقيم هنا!

أحببت دعابتها كثيراً

يرن هاتفي فإذا به بدري

يخبرني ان عمر بالخارج ينتظر ابنته، وان مازن اخبره ان خالتي هنا

لماذا لم يخبرني سابقاً؟ انها متعبة قليلاً!


اركض لأبدل لباسها، واسرح شعرها، وامنحها قبلتين وابتسامة لتخرج وترى والدها

كالعادة اشعر أنني متحررة حتى تعود، خالتي هل يجدر بنا التجول بالخارج!


.-.

.-.


اقترب أذان الفجر وهي لم تعد، اتصل ببدر هاتفه مقفل

ماذا حدث لابنتي!

-القلق أن تفكر بأكثر من احتمال في ثواني، أواصل القلق لساعة إضافية كدت اتصل بخالتي، لولم تأتني رسالة من رقم غريب

“آرا بتنام عندنا…عمر قال لي أبلغك”


حرياً بي أن اعرف أنها زوجته لكن من أين لها رقمي!

سافل أيجعلني اقلق كل هذه المدة! وماذا تبلغني!!

يجدر بها أن تستأذن لاتبلغ!


الحقيقة لم اكن اغضب هكذا قبل ان أرى زوجته، كانت ابنتي تبقى عنده في كثير من الأحيان، لكن الان اشعر انني لا اريد!

لم أكن لأرد عليها لولا اضطراري

“تأكدي من حرارتها واعطها الدواء من حقيبتها ..موعده قبل ساعة”

.

.


رغبتي في إرسال رسالة لرسيل لم تكن موجودة قبل أن يجيئني رد منها!

كنت
اخبرها كي لاتقلق وبعد أن جاءتني رسالتها انتابني الخدر في أنحاء جسمي،
ضللت في مكاني اقصد ضللت عن مكاني وأنا أرى زوجتي بالقرب نائمة،فأحتقر
ماشعرت به!


تصرف قلبي كما يتصرف العقل الباطن!

كيف للوقت ان يكون متهاوناً هكذا؟ أنام في معركة لطرفين لا يرجيان السلام!

.

.

.

بالغد

خرجت مع غيناء نقضي وقتاً ممتعاً ومعنا رائد وآرا

كنت
افعل كل مايسعد غيناء، لا ادري اهو إحساس بالذنب من خيانة إحساس في النصف
ساعة الأخيرة من ليلتي، ام لاني أريد ان اقتنع أنها من احب

.

.

نعود متأخرين وأنام مباشرة

وبالغد كأن مافعلته بالأمس مع غيناء لم يكن له وجود، حين وجدت رسالة قبل الحادية عشر

” وين ارا؟” واخرى قبل الواحدة!

كان لها وقع اكبر من أي سؤال قد يجيئني ربما لأنها قالت ” وين” عوضاً عن ” أين”

معها تفرق الكلمات!!


انطلقت بآرا وكأنها تطلب رؤيتي أنا لا ابنتها، بل وكأنني أخبرتها انه أنا لا زوجتي!

وعند عودتي تمنيت أنني لم ارسل أبداً، فرسالة واحدة جعلتني انظر للجوال رغبة اقصد رهبة من أن تصلني رسالة

ذلك أكثر شيء اكرهه في نفسي

من يعود للمعاناة بنفسه!!!

اكره نفسي أكثر عندما أرى زوجتي… إني مذنب

بل إنني كذلك منذ تزوجنا

هذه لاتستحق أن أخونها بشعور، وتلك لاتستحق أن احبها!!


.-.

.-.

.-.


كم غامت السماء لتستطيع البكاء؟

هل يزعجك المطر؟

انه يذكرني بك، وبالوقت الغائم معك!

هل فكرت كم غامت لتبكي؟

ما أجمل ان تمطر وقت حاجتك للبكاء، نحن نبكي لنرتاح وهي تبكي لتنشئ الحقول!

لكن مانتفق به أننا نبكي

ونهطل دون توقيت!

نفرغ من شيء ونبدأ بآخر، قد فرغت منك منذ سنوات، لكن لايزال هناك من يبكي!

هل السماء طفلة تبكي ام عجوز تنوح؟

كم يلزمنا من الخيبات لنعلم أننا غائمون منذ مدة، ولم نمطر بعد!

،


الجو بارد وطفلتي تبكي

تعبت من تحقيق رغباتها ، ادعها تبكي، أتأملنا معاً

شيء يسحبني للماضي بقوة أكبر وأقول:

الآن علمت فقط كم الأخطاء اقترفتها بحقك يا امي!

ونبكي سوياً


إننا في منزل وحدنا، نفعل مانريد ،ونقول مانريد، ونأكل ونبكي كما نريد

نخرج ونعود كما نريد ،نعمل بما نريد، نقرأ ونكتب مانريد

يابنتي

مالحرية إذاً..؟

هل ترينها ؟


.-.

.-.

.-.

بعد شهر

امسك بحقيبة متوسطة الحجم فيها مايكفي لقضاء يومين خارج المنزل

يأخذني بدري مارين بمنزل عمر لنبقي آرا لديه حتى نعود من أبي

عند وصولنا

أجد والدي أمام الباب يستقبلنا ببرود معتاد

لكنني أتأمله قليلاً، وابتهل له بالدعوات

كيف حدث هذا لقوته أراه هزيل شاحب المظهر

ليس لاني لم أره منذ مدة بل لأني تأملته أخيراً!


أبتاه

لا تنحني

لم تخلق ظلا..!


.

.

أثناء عودتنا

قال لي بدر -” ابوي مايتغير”

هل تأملته أيضاً! لكنه لم يفعل حيث أخبرني بحكاية غريبة عنه

والأغرب أنني إحدى الشخصيات الرئيسية فيها..!


ببساطة أن أبي رفض زواجي من ابن عمي!!

لا ادري من الأغرب عمي الذي اتصل خاطباً دون سؤالي أم أبي الذي رفض دون إخباري بالموضوع!

كنت سأرفض عرض جنان لكني نسيته ،هل يرون أني مطلقة لاحق لها بالرفض او الموافقة؟

هل نحن في العصر الحجري!

قامت المدن والرؤؤس من حجر


.-.

.-.

.-.


بعد أيام

يُطرق الباب قرب أذان العشاء،وتدخل ابنتي بأنف احمر ويدين متجمدتين

” من وين جيتي؟”

“بابا و راح”

اركض بها لغرفة دافئة واشعر بالغضب منه! ألا يرى أن الجو بارد أين كانا بحق !!

ان كان لايشعر بالبرد أفلا يراها!!

أعانقها قرب المدفئة، أغمض عيني

لمَ وحدي اسمع صوت الرياح، واشعر بالبرد والخوف،واسمع طفلتنا تتحدث عنك

أتساءل بصمت

أحينما تحب لا يأتِ الشتاء أبداً!؟


أنت يامن تكون مع غيري في مكان آخر،سعيد على الأرجح، مقارن بين ضحكاتها وصمتي،متأكد انك نادم على وقتك الذي مضى

يجب ان اعتذر لك عن كل شتاء أدفئته لك دون ان ادري!


فأقل ما يرضيني ان لاتتحرش في ذاكرتي عن طريق امرأة جلست في مكاني! او تستغل حبي لابنتي وتطل حكاية من شفتيها!

يجدر
بك ان تعلم انك لاتزال معي في نفس الزمان، وان كان قد اختلف المكان، وان
ماكان يغيضني منك لازال يغضبني وأنت بعيد، وكأنك تنتظر على بابي.. بل
وكأنني سأفتح لك الباب!


.-.

.-.

.-.



الحياة لاتعني امتلاك كل شيء بل تعني خسارة كل شيء تدريجيا! *


اتصل
بي بدر قبل أيام يسأل عن حال رائد، أجبته انه يتحسن بفضل الله، ثم وصل بنا
الحديث الهاتفي لآرا واخبرني بان آخذها واعيدها عند خالتي أفضل

أفضل،، هذه كلمة استوقفتني وعلمت أن الأفضل بنظرهم أن لا أخطو لباب منزل رسيل وان كان الأمر طفلتي

وكأنه يخبرني انك علمت موقع المنزل بسببي ولم ندعوك أبداً

قبل ان يكمل عبارته أجبته بالتفهم وقفزت لأمر آخر وهناك شيء يردد: الم تعي أنها النهاية! خمس سنوات اردد لك ذلك الا تفهم!

-مالذي كنت تتوقعه!


عدت للمنزل بمزاج متقلب، انظر لغيناء بأنها مظلومة وبأنها ظالمة! وبأنني مثل ذلك

تقول لي بابتسامة

” بخصوص السفر متى ؟”

تتابع:

” رائد تحسن الحمدلله وعندك اجازة”

” ان شاءالله”

أقول ذلك دون انظر إليها ، لحظات صمت جعلت من فكرة قوية تهوي فوق ستارها

لأقول وأنا ادقق النظر في عينيها

” ارا ناخذها معنا؟”

يتغير سكون ملامحها وأضيف جمل كـ مسكينة لاتسافر أبداً ومن هذا الحديث الذي جعلها تقول:

” واذا صاحت وقالت ابغى ماما وش نسوي”

ينتهي النقاش اوالجدال لهذه النقطة، حتى عاد مع بدر الذي قال ضاحكاً

” مستحيل”

.

.

.

إنني
مشغول جداً، لكن لولا إلحاح عمر لما جئت لأخبر رسيل بل لأرجوا موافقتها،
شرحت لها الأمر استخدمت العقل والعاطفة وانتظرت رأيها فقالت:

” هذا اللي ناقص”


غضب عمر،سأل عن السبب، وهدأ ،واغلق

.-.

.-.


أتقول أنها لاتحتمل فقدانها أسبوع؟ ام انها لاتحتمل أن تجعلها معي هذه المدة؟

كانت ولازالت لا تحتمل وجودي، وتريد نقل شعورها لطفلتها!


ترى غيناء غضبي فاخبرها أن تهاتفها، تحاول تغيير رأيها، او ان تعرف السبب

وليتني لم افعل!

فعندما قالت غيناء ” موافقتك ستسعدها” ردت ” اعلم ان بعدها عني لايسعدها”

وحين قالت ” هلا وافقتي هذه المرة” أجابت “من الصعب الموافقة بل ذلك استحالة”

ولحظة ان سألتها لأجلي قائلة” عمر يريدها معه سيكون سعيد” علّقت” لن أكون مهتمة بغير سعادة ابنتي”!!

كنا في ذهول من هذه الإجابة حتى غطى الذهول على الغضب!

تقول غيناء وهي تشاركني الشعور

-” عساها تتزوجه وتفكنا كل هذا عشان بنتك وتاخذها”

الهاء تعود على احدهم لكنني لم انتبه لذلك لشدة غضبي، لكنها رأت في ملامحي مادفعها تكمل

-” يقولون ولد عمها خاطبها وابوها مدري وش قال عنه شكل بينهم مشكلة”

.

.


اخرج من المنزل فرؤية زوجتي محرجة لي إن صح القول! فكيف لها ان تقابل هذه المرأة التي أحببت بهذه الصورة القاسية

لم تكن اقل قسوة ذات يوم لكنها الآن تعلن قسوتها بالكلام ، وتصرح بعدم الاهتمام!

ان لم تسمح لي بأخذها سآخذها عندما تبلغ السن القانوني سأجعلها تتذوق الحرمان


كنت كالبركان وكل شيء يرحب بغضبي منها ولم اعد اذكر سوى هجرها ولامبالاتها فاغضب من نفسي التي لم تنسى أيام العناء

أقف أمام منزلنا

لا ادري مالذي أوصلني إليه

أي
غضب جامح أعادني لنقطة البداية! هنا توقفت غاضباً حين غادرت هذا المنزل،
وهنا جئت معزياً في رحيل والدتها، وهنا دخلنا متزوجين، وهنا لعبنا بأعواد
المثلجات ورسمنا بالطباشير

هنا أقف الآن غاضب ممن لاتسمح لي بأخذ ابنتي فقط ايام، وتعلن أن سعادتي لاتهم أمام من همتني سعادتها

السبب الثاني في غضبي يحضر بلون أغمق، وألم أعمق، إنني استغرقت خمسة أعوام لأعي الحقيقة، وأننا انتهينا فعلاً!

أما ثالث الأسباب هو آخر مانطقت به زوجتي والذي لم يكن متوقعاً أبداً، ولن أصدقه حتماً، ولن يكون مطلقاً


تمنيت أننا افترقنا دون ذنب منا، وأننا لربما سنعود يوماً!

تمنيت ان يصدق الذي قال ستعود لأجل طفلتها يوماً ما ، وحدثني بقلب الأم

تمنيت ان لاتكون أسوا مما كانت وتعطني ابسط ماطلبت

تمنيت أن احتفظ بهذا المكان كما اريده ان يبقى، وان لا أعود كمن يريد إحراقه

تمنيت أن يتحقق شيء مما تمنيت!

.

.

عدت للدار امشي فوق نيراني – كفاً لكف يقود خطاي حرماني

الحب يفتح أبواباً من الامل – فماله الحب أخرسني وأعماني!

ماللستائر ماللسقف يرتجف! ماللزلازل هدت بيت وجداني!؟ *


اجلس على الأرض، لم تكن نيتي لتهدئة الغضب فهو فر هارباً حين مرت الذكرى

هل كنا هنا حقاً؟

هل كنت سعيد حقاً ؟

حان الوقت لأغادر .. للأبد!



أراني اعبر في الجانب الآخر منه ارقب الحب في ريب ، وأتساءل

هل الحب اخرس؟

ولمَ نقع فيه دون أن يرانا احد؟ فقط نسقط ولانحاول الخروج!


لمَ ندخل الحب بنية أن نعطي كل شي فلاشي نستطيع إعطاءه في النهاية؟

لمَ الحب شي لايتكهن به ولانحلم به ولانتوقعه؟

لمَ لانميز به؟

ولمَ تعلمنا الخرس الجميل في حين حاجتنا لتعبير!

لمَ نواصل الحب مادام بهذا القدر من الذهول

وهذا القدر من خيبة الأمل

و لمَ لا نغادر حين نريد ذلك؟

.

.

احرك الأريكة فتصاب بالسعال

حان الوقت لأمضي في حياتي، سأعطي لأبي المفتاح

دعوهم يأخذوا كل شيء، ليبيعوا كل شيء ، ولاتنسوا هذه الأحلام التي تعلوها طبقة غبار

وهذه الروح في سجن يدعوا للفرار!


رسيل .. لم تكن يوماً إلا ساعة منبهة، تعمل حين يقظتي وبين غفواتي !

لم تكن الا امرأة لم تدعني أشعر انني رجل مرغوب به، امرأة علمتني الصبر، والمعاناة، والحب!

واهدتني اعواماً من الشقاء وغادرت، ولم تأمرني بالرحيل!

كان يجدر بي معرفة ذلك مسبقاً، وان التعلق بالوهم حبل يلتف على اعناق الواهمين فيخنقهم دون موت!

علمتني الكتابة والقراءة! ولم تكتب كلمة واحدة تجعلني اغفر لها يوماً


كان علي ان اعي ان انكسار الظل لايعني سوى الحرية، وكان يجب ان اتجنبه!

فأنا صاحب الظل الذي تحكمه الشمس، صاحب الظل الذي لم يرى سوى ظله حين أدار ظهره للشمس!

كنتِ الشمس… واقتربت منكِ كثيراً فاحترقت!

كنت لا أخشى أكثر مما أخشى أن أضل بقية العمر افتقدك!

واشعر الآن انني لا أخاف أن أندم وأنا اسلم كل شيء لغيري، وأغادر!

تماماً كما فعلتي، ومن الباب ذاته

إلا أن لا احد خلفي يخاف أن لا أعود!



امكث في السيارة وكأني أقود مراكب التشييع، وأخيراً..اغادر…!


.-.

.-.


المكانة التي تميز الأشخاص بعضهم عن بعض، قد تجعلك تحترمهم أكثر من المعقول أو تمقتهم أكثر من المتوقع

وكلا الأمرين ستأسف بشأنهما يوماً!

ربما لو لم يكن صديق أخي وطفل في ماضٍ لي، لم يكن مستقبلنا هكذا

وزوجة زوجي!

ذنبها الوحيد أنها تزوجت به، وذنبي أنني علمت بذلك!

سأعود لما كنته سابقاً، لن اغضب من وجود ابنتي عند والدها، لأنني قررت مسبقاً ان لا أتذكر غيناء في حياتهم


.-.

.-.

.-.

علمت مؤخراً أن الجميع يشعرون بالوحدة

لكن البعض يشتكي منها والآخر لايهتم بها

هي تأتي دوماً كأخت غير شقيقة!!

أفكر الآن كم شخص يشعر بالبرد؟ وكم من شخص يشعر بالحزن؟ وكم وكم وكم ….،

وأعلم أنني لاشيء ( كمضغة تافهة في بطن حوت) !


أولئك الذين سيجيئون بعدنا ،وسينتظرون مثلنا، سيعيشون ويحبون ويعانون أيضاً مثلنا

سيتناقلون أخبار قلوبنا كعبر، وأخبار حياتنا ككارثة، ويشفقون على أجيال كنا بينها

سيمضون أيضاً ولن يخلفوا ماضٍ ليتحدث عنه احد!

لذا نعيش وكأن لا احد سيعيش بعدنا! نضحك كأننا الأسعد، ونبكي كأن أحداً لن يبكي مثلنا

نكتب وكأن الجميع سيقرأ

وكأن بيدنا ممحاة لا قلم! محاولين تجفيف أحزان العالم ، لأن لا أحد يقرأ الألم كما نكتبه .. لا يخبرونا أننا بؤساء


الحب لايُكتب، والكتابة حرية، والحرية شيء لن تستطيع إيجاده، لأنها إن وجدت لم تعد حرية!


.-.

.-.

.-.

.-.

.-.


(4)



إليك كما تعلم:

[col


سيدة الحرية  30_12_1213568613711
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://genevaa.yoo7.com
صدى الامواج
عضو
عضو
صدى الامواج


انثى
رقم العضوية : 277
تاريخ التسجيل : 24/11/2008
عدد الرسائل : 1611
العمر : 48
التِنِّين
الموقع : في قلب جنيفا
العمل/الترفيه : مديرة مكتب
المزاج : رااااااااااااااااااايق
*** : سيدة الحرية  Lsv69280


سيدة الحرية  Jb13098486621

سيدة الحرية  12730083231

نقاط : 1258

سيدة الحرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيدة الحرية    سيدة الحرية  Emptyالخميس يوليو 28, 2011 5:41 pm

يا هيييييييييييييييييييييييك المدراء يا بلا



فليحيا علووووووووووووووووووووووووووووووش


أبكي من جرح شوكة صغيره ان لمست جلدي اللطيف
وأقف في وجه أي اعصار قد يقذف بقلبي الضعيف
وكلما زادت طعنات الزمن لي كلما تحدى عمري النزيف



سيدة الحرية  2e75a84c73
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.uniformsole.maktoobblo.com
 
سيدة الحرية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحرية
» الحرية
» الحرية
» ملف اسطول الحرية
» أسطول الحرية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات جنيفا :: المنتديات الأدبية :: قصص والروايات - كان يا مكان-
انتقل الى: