نواصل مع بعض تفاصيل الفيسبوك، ونتطرق
لمعالجة بعض الممارسات السلبية فيه، فإن معرفة الداء وتشخيصه نصف الطريق
لوصف الدواء، فأرجو أن أكون موفقا.
المجموعات:
- كحلّ لحماية خصوصيتك:
لكل من يودّ التفاعل في الفيسبوك سواء بأفكاره أو صوره أو أخباره، ولكن في
محيط ضيق من الأصدقاء أو العائلة، فهناك حل المجموعات، أنشئ مجموعة تحمل
صفة (سرّية) وهنا نوعين آخرين [مغلقة، مفتوحة] وادع إليها من شئت لتتفاعل
معهم بكل أريحية، كما تستعمل المجموعات أيضا للتشاور حول قضايا معينة،
وكمكان افتراضي مناسب لفرق العمل.
- استشرني أولا: من
العادات التي لا يحبّذها الكثير مثلي أن أجد نفسي بين عشية وضحاها وفي كل
مرة عضوا في مجموعة معينة، دون علم مني أو على الأقل خبر مسبق، بما أن ذلك
في الفيسبوك لا يحتاج لقبول أو رفض صاحبه، أما عن نوع تلك المجموعات فحدث
ولا حرج، هذه تدعو لإسقاط ذلك النظام، وأخرى تدعو لترميمه، وتلك تريد
الإبقاء عليه بل وتزكيته وتكريمه، المهم ليس لي ناقة ولا جمل في كل ما يحصل
هناك، لماذا أصبح التعدّي على حريات الغير جزء من السعي في الخير كما يزعم
أهله؟ استشر من تودّ دعوته لمجموعتك أولا حتى يكون عملك أكثر مصداقية
وأعمق هدفا.
- لا تكن بوقا في كل ناد: يعتبر
بعضنا أن المشاركة في المجموعات والحملات والنداءات أيا كان مصدرها ودون
التحقق من أهدافها نوع من أنواع القيام بالواجب، أبدا! ما علينا فعله هو
التأكد والتحقّق أولا في كل مرة، فليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل من ذكر اسم
الله في عنوان مجموعته أو ذكر اسم بلدك مريد للخير، وجّه جهودك ولا تنادي
بكل شعار ولا تكن رافعا لكل راية ربما إحداها تناقض الأخرى وتخالفها أساسا.
التعليقات:
- نشر روابط دعائية (التغريد خارج السرب):
لا شيء يزعج المتابع لأي إدراج في الفيسبوك مثلما أن يجد شخصا قد طرح
إشكالا أو خبرا أو انطباعا أو غيره، وأتى غيره لإثراء مشاركته بتعليقات من
صلب الموضوع، فنجد آخرا يشارك بتعليقه كمغرد خارج السرب تماما، فلم يضمّن
تعليقه ما يفيد به وإنما هو عبارة عن رابط لصفحته أو موقعه أو خدمة أخرى
لا تمتّ بصلة للموضوع الأصلي تماما،يمكن أن يكون ذلك الفعل منه، ويمكن أن
يكون نتيجة لقبوله المشاركة في التطبيقات دون مراجعة أو تدقيق (وهذه نقطة
تم الحديث عنها في الجزء الأول).
- التسرّع مرض (قبل أن تعلّق اقرأ جيدا) :
مرض منتشر بشدة في الفيسبوك، هو أن تكتب عن فكرة أو اقتراح أو سؤال…، فتجد
من يهاجمك بتعليقه دون أن يفهم جيدا أو على الأقل يحاول، مع أن القضية لا
تحتاج لتفكير عميق غالبا، أو تجد من ينبّهك لأمور بديهية دون أن يتحقق من
الأمر حتى تعتقد نفسك بليدا جاهلا، أو أن ينبهك لأمر قد نبهك إليه من علّق
قبله وتمت معالجة الأمر نهائيا…! المهم هنا كله هو التسرّع، فقبل أن تبدأ
في كتابة أي حرف، اقرأ ما كُتب، وطالع التعليقات جيدا، ثم بعدها قرّر.
- التعليق ليس ضرورة (كن ناصح نفسك أولا!) :
أحيانا أحس من بعض المشاركين في الفيسبوك وكأنهم قد حمّلوا أنفسهم ضرورة
المشاركة بالتعليق على كل منشور يمرّ أمامهم، فهذه قضية شرعية لهم ما يشبه
الفتوى فيها، وتلك معادلة رياضية لهم نظريتهم الخاصة دون تردد، وتلك مسألة
شخصية يتدخّلون فيها من باب النصح إلا أنهم في كثيرا منها ليتهم كفّوا
وسكتوا، يا أخي هذا لا يعتبر تصرفا سليما، كن معلّقا على ما يهمّك وكفى،
وبقدر ما تكثر من حشر أنفك بقدر ما تدخل نفسك في متاهات وخلافات ونزاعات لا
فائدة ترجى منها.
المشاركة بالرأي وإثارة القضايا:
- حدّد دائرتك:
قضية دائرة التأثير لها دور كبير في قرارنا بشأن منشوراتنا، فإن كانت لك
قضية شخصية فما الداعي لنشرها على مرأى من العالم، وإن كانت لك شكوى تخص
أهل منطقتك مثلا فمجالها مجموعات مغلقة أو صفحات مخصصة لذلك، لتصل رسائلك
ويفهمك من يهمه الأمر إن كان هدفك كذلك، حاول أن تميز هذه النقطة وتفكر
بينك وبين نفسك أولا هل هذا يصلح للنشر أم لا؟ ثم بعدها تساءل هل مكانه هنا
أم لا؟ وهكذا… وإن أشكل عليك الأمر فاستعمل وسيلة المساعدة (الاستعانة
بصديق).
حذار… الفيسبوك حرام!أما عن نظرة البعض للفيسبوك على كونه غول
يتهدد المجتمعات، فهذا راجع لمنطلقاتهم، إن كانت صحيحة ومبنية على بحوث
وطروحات فليفيدونا بها، وأؤكد أنه لا ينكرها إلا جاهل، أما إن كانت مجرد
أهواء -وهذا هو الأصل للأسف- أو من باب “الإنسان عدو ما جهل” فعلينا أن
نسعى لتصحيح الوضع بهدوء وحكمة، لأننا نأسف كثيرا لبعض الفقهاء ممن وصلتهم
رسائل استفتاء مكتوبة أو مسموعة عن الفيسبوك وهم أبعد ما يكونون منه، لنسمع
منهم قولهم: إن الفيسبوك حرام؟! ولا ألوم من أخذ القصة على محمل الدعابة
والسخرية.
ولأننا لا نخوض حربا أو مسألة تتعلق
بالدفاع عن الفيسبوك أو غيره، فما يعجبنا فيه هي الوسيلة وإن تغيرت
المسميات، لذا فالقضية لا تحتاج لموقف فقط (مع أو ضد)، وإنما علينا التصرف
مع كل جديد بعلمية وعقلانية، وكي لا نذهب بعيدا فالكهرباء والهاتف والنقال
والأنترنت بل التقنية عموما كلها لاقت تلك الحروب في أوائل دخولها
المجتمعات! وهي كما نعبّر عنها سلاح ذو حدين، لنا إن شئنا وعلينا إن أردنا
كذلك.
الفيسبوك ليس كله “سمن على عسل” كما يقال،
وإنما هو بحر لجّي، لا يرحم من لا يعرف السباحة فيه، حاول أن لا تضع قدمك
في موضع حتى تتأكد من صلابته واستوائه، ولا يتحقق ذلك إلا بالبحث ومراجعة
القرار قبل المضي فيه ولو في أبسط المسائل، وهكذا الأنترنت عموما، المهم لا
تتورّط!