زواج المعاق امتداد للحياةمن المعروف آن الزواج واجب يؤديه الفرد
إزاء نفسه وإزاء المجتمع باعتبار إن الزواج مسئولية ولكنه مسئولية طبيعية
تقننها التقاليد والدين والمجتمع ومن المفترض أيضا إن نفرق أولا بين الرغبة
في إشباع الجنس وبين الرغبة في بناء الأسرة وبما أن الاثنين متصلان
ومترابطان إلا انه هناك فارق واضح بين الذي يمارس الجنس لإشباع شهواته
والذي يمارسه من اجل عملية الخلق أقدس وأسمى واجب لكل كائن حي في هذا
الوجود.
وإذا نظرنا إلى المعاقين
ككائنات إنسانية فعلينا أن نسعى أن يتقبل المجتمع الإعاقة خصوصا فيما يتعلق
بأهم الأمور في حياة وواقع الإنسان وهو (الزواج) ونعني به زواج المعاق من
إنسانة سليمة وزواج الفتاة المعاقة من إنسان سليم خصوصا إن ذوي الحاجات
الخاصة باختلاف درجاتهم ونوعية إعاقتهم لا يختلف عن أي أحد منكم في مشاعره
كإنسان وما يعطيه الزواج له من استقرار نفسي وتحقيق طموحه بأن يكون له
أطفال .
والأمومة عند المرأة هي رمز
الأنوثة وهي التي تحمل (رسالة النوع) وستظل رسالة المرأة وثيقة الصلة
بتجربة الأمومة لان التناسل فعل إبداعي يعلو به الإنسان على نفسه ويتجه عن
طريقة نحو المستقبل في ثقة وارتقاب ورجاء في نظرة طفل ترنو إلى أمل الحياة
بالرغم من الآلام والمتاعب الجسدية والنفسية التي تواجهها المرأة أثناء
عملية خروج طفلها للحياة .
ومن خلال دراسة استطلاعية قمت بها على عينة متكونة من عشرة ذكور أسوياء
متزوجين من إناث معاقات تختلف إعاقتهن بين إعاقات حركية (شلل ، إقعاد)
وإعاقات بصرية (كف البصر) و(صم ، وبكم) كان نجاح الزواج بالنسبة لهن في
الغالب يعود إلى عدة عوامل منها: بطالة يعاني منها الزوج في حين توفر له هي
فرصة الحصول على وظيفة ذات علاقات عالية المستوى يستفيد منها الزوج فيما
بعد ، أو كون الزوج من جنسية عربية أو غير عربية أو أفريقية يبحث عن إقامة
دائمة بالدولة.
مع العلم بان
الرغبة بالإنجاب هي رغبة قابلة للقمع ولعدم التنفيذ لأنه من المفترض أن
تكون هناك علاقة جنسية شرعية قائمة وهذا لا يتأتى إلا عن طريق زواج شرعي هو
مرفوض أصلاً بالنسبة للفتاة المعاقة فتلجأ أحياناً إلى بعض الوسائل
المحرمة منها الانحراف وممارسة الجنس المحرم لتنجب طفلاً وهذا كان في ثلاث
حالات رفضت أيا منهن التصريح باسم والد الطفل وحالة واحدة فقط كان أهلها
موافقين على انحرافها وأنجبت بالفعل طفل وهذه الحالة كان نصفها السفلي يشبه
عروس البحر وكانت الأسرة فرحة جدا لأن ابنتهن أثبتت بجدارة أنها تستطيع
الحمل والإنجاب مثلها مثل أي أنثى أخرى حتى ولو كان بطريقة محرمة وغير
شرعية.
فلماذا توجد أزمة
زواج بين ذوي الحاجات الخاصة في مجتمعنا العربي وبين الشباب الأسوياء
والفتيات المعاقات والعكس؟ ولماذا لا يتجه الشباب المعاقين للزواج من
الفتيات المعاقات ؟ هذا السؤال عندما طرح على أعداد كبيرة من الشباب من ذوي
الحاجات الخاصة فئة الإعاقة الحركية مثلا فجاءت الإجابة على النحو التالي
أن سبب عزوف الشباب المعاقين من الزواج من الفتاة المعاقة بحجة أنها لا
تستطيع نجدته في حالة احتياجه للمساعدة عكس الفتاة السليمة التي تستطيع
مساعدته عند السقوط على الأرض على سبيل المثال وبالنسبة للمعاق لتعويضه عن
مركب النقص في شخصيته فيعوضه بالزواج من فتاة سليمة.
كذلك المعارضة الأسرية من جانب أسرة الزوج السليم خوفاً من انتقال الإعاقة
إلى الجيل القادم وهذه ترجع إلى عدم وعي المجتمع بالرغم من الكثير من
الإعاقات كانت أما نتيجة حوادث سيارات أو حروب أو مخلفات الاستعمار مثل
الألغام المزروعة في معظم الدول العربية أو لأخطاء طبية مختلفة إلى جانب
بعض الإمراض الموروثة وهذا له أبعاد أخرى لا مجال لذكرها في هذه الورقة.
التوصيات :
1-
إنشاء بنك للمعلومات يحتوي إحصائية لعدد الشباب الأسوياء المتزوجين من
فتيات معاقات والعكس والشباب المعاقين المتزوجين من فتيات معاقات والمشكلات
الطبية والنفسية والاجتماعية لزواجهم ولزواجهن وخبرات المتزوجين منهم وما
قابلوه من مواقف خلال حياتهم الزوجية.2- إدخال المواضيع الخاصة بالإعاقة ضمن المناهج المدرسية من اجل توضيح وإيصال المفهوم الاجتماعي السليم حول الإعاقة .3-القيام
بعرض الأفلام التسجيلية خلال المؤتمرات والندوات العلمية والتي تبين
نماذج من الأفراد المعاقين الناجحين في حياتهم نظراً لما لوسائل الإعلام من
دور كبير في توعية المجتمع والبيئة التي يعيش فيها المعاق.4- صرف
قروض مالية لكل شاب يتزوج فتاة معاقة سواء كان معاقا أو سوياً حتى تستطيع
أن تساهم في تنظيم الأسرة على إلا يكونان ملزمين بسدادها إذا انجبا أطفالا
قبل مضي 10 سنوات على الأقل من الزواج. 3-الإكثار من الندوات
والمؤتمرات العلمية في مجال المعاقين وخاصة في موضوع الزواج سلبياته
إيجابياته لاعتبار أن الزواج يعتبر نمط من أنماط الحياة ولماله من أثر على
الصحة النفسية والجسمية والاجتماعية. إن العيش في كنف رجل تحت
سقف واحد ليس دائما حلم كل النساء ولكن بالنسبة للفتاة المعاقة ليس حلما
فقط بل هو الوسيلة الوحيدة لا نجاب طفل بطريقة شرعية يرضاها المجتمع.إذا اعتبرنا أن قضية المعاقين قضية
قومية تؤثر على التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية فمن المفترض حينها
الاهتمام بهذه القضية والتعريف بالمعاق وبعمله وإنتاجه وعلى المعاق فرض
نفسه على ارض الواقع ومطالبته بتطبيق ما هو مشروع له كحق وواجب . وبما أن
العمل من ضروريات الحياة الكريمة فهو إذا من أهم الوسائل التي تؤدي إلى
الاستقلال الاقتصادي لكل إنسان عامل يشعر بذاته وقيمته .
ولأن
الرفض لعمل المرأة المعاقة قائم حتى من الأجهزة الشعبية العامة والخاصة
لذا فإن الاهتمام برعاية النساء المعاقات أصبح عاملاً جوهريا يمكن بواسطته
إحداث تغيير مرغوب في البناء الاجتماعي والاقتصادي والوظيفي للمجتمع ، وذلك
باستثمار تلك الطاقات البشرية المعطلة بما يحقق لها إتاحة الفرص والظروف
المعيشية المتساوية مع بقية أفراد المجتمع والمشاركة في عملية التنمية وهن
قوة إنتاجية هائلة إذا تم لها التخطيط العلمي والعملي الذي يتمشى وقدراتهن
المتبقية يدلا من أن يكن كماً وعبئاً على المجتمع.
الحقيقة
إننا كمعاقين لسنا بأبطال ولسنا بحاجة للشفقة إننا كغيرنا والفرق إن بعضنا
يستعمل كرسي متحرك والآخر عكازين واستعمال المجتمع الإعاقة كتعبير عن رفض
دخول المرأة المعاق إلى مجال العمل باعتبارها مريضة يعتبر هذا تمييز عنصري
صارخ ضدها في المجتمع.
لأنه من
المفترض أن تزال كافة الحواجز والقوانين التي تمنع دمج المرأة المعاقة في
العمل و أولها نظرة المجتمع إليها على أنها عديمة الفائدة وضعف الوعي العام
بالدور الهام لها وإتاحة الفرص المتكافئة في تحمل مسئولياتها في مختلف
المجالات التي تتلاءم مع قدراتها المتبقية أسوة بزميلاتها من السويات .
كما
يجب أن يكون لها الحق في تكافؤ الفرص وهذا لا يعني معاملة الجميع معاملة
واحدة لأن المساواة بين النساء السويات والنساء المعاقات لن تكون واحدة
وهذا أمر مفروغ منه فاختلاف القدرات هو الذي يحكم هنا ولكن جمعيهن يتفقن في
التطلعات المستقبلية في أنهن يتمنين أن يكن عناصر ذات فعالية كبرى .
كما
أن النساء المعاقات يختلفن في نوعية الإعاقة ودرجتها وهذا له دور كبير في
تحديهن للإعاقة من ناحية ومن ناحية أخرى المطالبة بحقهن بفرص العمل التي
تتناسب مع قدراتهن المتبقية وبتدريبهن على المهارات المتنوعة التي تنفعهم
في الحياة العملية بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية.
ولهذا
يجب إعادة النظر في التخصصات الحالية في برامج التأهيل لتكون مرنة تتيح
للمرأة المعاقة بعد التخرج فرصة عمل في أكثر من حرفة في مجال تخصصها
والعناية بوضع مخطط شامل للتدريب بدلاً من حصرها في المهن التقليدية.
وحتى
تستطيع اقتحام عدة ميادين إنتاجية وخدمية وتساهم في البناء الاجتماعي
والاقتصادي بصورة ملموسة فينبغي تدعيمها وتعزيزها باستثمار طاقتها بكيفية
مثلى تجعلها تلعب الدور المناط بها حاضراً ومستقبلاً ومساعدتها على مواجهة
العقبات والتغلب على التحديات التي قد تحول دون مسيرتها الإنمائية. لأن
حقوقها مازالت تشوبها القصور الذي يحول دون إعطائها المكانة اللائقة
بطاقتها وقدراتها من جهة وبحجمها الرقمي في الهرم السكاني من جهة أخرى.
لذا
فأني اقترح جملة من المعطيات التي أتمنى ان تجد صدى واسعاً وان تضع حلولاً
جذرية وأولها إنشاء هيئة متخصصة تعنى بشؤون المرأة المعاقة يتم من خلالها
دراسة سوق العمل الخاص بها ورسم السياسة المثلى لرفع نسبة تشغيلهن .
وكذلك
إنشاء مراكز فرعية بمراكز التأهيل لإعادة تدريب الخريجات منهن تدريباً
فنياً سريعاً يتيح التحويل من حرفة إلى أخرى في مجال التخصص تمشياً مع
الاتجاهات المختلفة للمجتمع وتشغيل من تم تأهيلهن وذلك إما بإلحاقهن
بالأعمال المناسبة لقدراتهن ويتطلب ذلك زيادة نسبة العمالة الإلزامية لمن
يحملن شهادات التأهيل او التوسع في مشروعات الأسر المنتجة. ثم يتم وضع خطة
طويلة الأجل تستهدف تشغيل جميع النساء المعاقات في أعمال تتفق مع خطة
التنمية واحتياجات المجتمع.
فلا
يكفي أن تتقاضى المرأة المعاقة معاشاً أو مكافأة أو إعفاءً جزئياً لكن
لتحقيق إنسانيتها وشعورها بوجودها حقاً في المجتمع يجب أن تتاح لها فرصة
للعمل والإنتاج وهي مفقودة تقريباً على الرغم من نص التشريعات الإنسانية
على ذلك.