موضوع: البلاء..والابتلاء ..والاختلاف بينهما.... الجمعة يوليو 01, 2011 5:03 pm
تناول أحد المشائخ فى هذا المقال الفرق بين البلاء والإبتلاء، ولماذا يمهل الله للظالم ؟ كما تناول أنواع الإبتلاء، وكيف يرفع الله بها درجات العباد المؤمنين، وكذلك تناول مفهوم الصبر الجميل :-
أولا البلاء :-
البلاء يكون للكافر، يأتيه، فيمحقه محقاً . وذلك لأن الله تعالى يملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته . ومن أسماء الله تعالى : الصبور، والإنسان عندما يصبر على امتحان معين، فهو صابر . أما صبر الله سبحانه : أنه لا يعجل الفاسق أو الفاجر أو الظالم أو الكافر بالعقوبة . فأنت كبشر قد تتعجب : كيف يمهل هذا الإنسان . وهو يعيث في الأرض فساداً . ولو حُكِّم إنسان في رقاب البشر، لطاح فيهم . رأى إنساناً ظالماً يضرب يتيماً، فقال له : يا ظالم، أما في قلبك رحمة، أتضرب اليتيم الذي لا ناصر له إلا الله . اللهم أنزل عليه صاعقة من السماء . فنزلت صاعقة على الرجل . ورأى لصاً يسرق مال أرملة، أم اليتامى . فقال له : يا رجل أما تجد إلا هذا ؟! اللهم أنزل عليه صاعقة ... وتكرر هذا فقال له الله سبحانه : ( يا إبراهيم، هل خلقتهم ؟ ) قال : لا يا رب قال : لو خلقتهم لرحمتهم، دعني وعبادي . إن تابوا إلي فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم وأنا أرحم بهم من الأم بأولادها . فالله الصبور لا يعجل ولا يعاجل . فمتى جاء عقاب فرعون ؟! لقد جاء بعد سنوات طويلة، وكان قد أرسل له بنبين عظيمين وقال لهما : ( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) (44) [ طه 43 - 44 ] وهو الذي طغى وطغى وطغى فلما وصل الأمر إلى ذروته : أخذه الله أخذ عزيز مقتدر . فالله سبحانه وتعالى، يأتي بالبلاء للكافر، فيمحقه محقاً، لأنه لا خير فيه . عندما قال موسى - الكليم عليه السلام -: يا رب، أنت الرحمن الرحيم، فكيف تعذب بعض عبادك في النار؟ قال تعالى : ( يا كليمي، ازرع زرعاً ) فزرع موسى زرعاً، فنبت الزرع. فقال تعالى : ( احصد ) فحصد . ثم قال : أما تركت في الأرض شيئا يا موسى قال يا رب، ما تركت إلا ما لا فائدة به فقال تعالى : ( وأنا أعذب في النار، ما لا فائدة فيه ) فهذا هو البلاء . كما يقول تعالى : ( وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) (49) [ البقرة : 49 ]
ثانيا الابتلاء :-
الإبتلاء وهو يكون للإنسا الطائع، وهو درجات وأنواع . وبالتالي هناك : آداب الابتلاء سؤال : كيف يكون هناك إنسان مريض، ومصاب في ماله وجسده وأهله ... فهل يكون هناك أدب مع كل هذا ؟ نحن عباد الله سبحانه . والعبد يتصرف في حدود ما أوكل إليه سيده من مهام، وهو يعلم أن ( سيده سبحانه وتعالى ) : رحمن رحيم، لا يريد به إلا خيراً . فإذا أمرضه، أو ابتلاه فلمصلحته . كيف ؟ كان أبو ذر جالساً بين الصحابة، ويسألون بعضهم : ماذا تحب ؟ فقال : أحب الجوع والمرض والموت . قيل : هذه أشياء لا يحبها أحد . قال : أنا إن جعت : رق قلبي . وإن مرضت : خف ذنبي . وإن مت : لقيت ربي . فهو بذلك نظر إلى حقيقة الابتلاء . وهذا من أدب أبي ذر . ويقال في سيرته : أنه كان له صديق في المدينة . وهذا الصديق يدعوه إلى بستانه ويقدم له عنقود عنب . وكان عليه أن يأكله كله .. فكان أبو ذر يأكل ويشكر، وهكذا لعدة أيام ... في يوم قال أبو ذر : بالله عليك، كُلْ معي . فمد صاحب البستان ليأكل، فما تحمل الحبة الأولى، فإذا بها مرة حامضة . فقال : يا أبا ذر، أتأكل هذا من أول يوم ؟! فقال : نعم . قال : لم لم تخبرني ؟ قال : أردت أن أدخل عليك السرور . فما رأيت منك سوءاً حتى أرد عليك بسوء . هذا إنسان يعلمنا الأدب، إنه لا يريد أن يخون صاحبه، وهناك اليوم أناسٌ متخصة في إدخال الحزن على أم بأكملها . وقد كان في أول عهده، تعثر به بلال، فقال له : يا ابن السوداء !! فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( يا أبا ذر، طف الصاع ما لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى والعمل الصالح )) فإذا بأبي ذر يضع خده على الأرض ويقول : ( يا بلال، طأ خدي بقدمك حتى تكون قد عفوت عني ) فقال بلال : ( عفا الله عنك يا أخي ) هذه هي الأخوة في الله . فمع الابتلاء، لا بد أن يكون هناك أدب من العبد، لانه يعلم أن المبتلي هو الله سبحانه . فإذا ابتلاه رب العباد فهو بعين الله ورعايته . فيتعلم الأدب مع الله فيما ابتلاه فيه . هناك فارق كبير بين المعنى اللغوي والمعنى الإصطلاحي للكلمة العربية، وما من شك أن المعنى اللغوي الخالص للكلمة العربية كان أسبق في الظهور من المعنى الإصطلاحي إذ المعاني الإصطلاحية جاءت متأخرة بعض الشيء والقرآن الكريم له اصطلاحاته الخاصة وهي موظفة لخدمةالفهم البشري ليتذكر أولوا ألألباب ومن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وإذا سلمنا جدلا أن معنى البلاء منصرف للعصاة والإبتلاء إنما يكون لخواص المؤمنين من البشر فماذا يكون مراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حديث : " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل " فلم يقل عليه الصلاة والسلام أشد الناس ابتلاء وإنما قال بلاء وهو يتحدث في هذا الباب عن الطائعين .