قصتي لم تقرأ الا مرة واحدة
وحبست في الادراج
قرأتها من هي بطلتها
ورايت على محياها الابتهاج
حبست لعشرة سنوات
وقد جاء امر الافراج
فها هي مسرعة فوق الادراج
لترى النور في همس قوافيكم
بلا تردد واحراج
فهذه قصتي
*************************************************************
عندما تحطمت سفيني
قبل ربع قرن تحطمت سفينتي وغرقت . واصبحت بعدها ربانا بلا سفينة , لم اجد خلال تلك السنين سفينة تضاهي سفينتي التي ذهبت سريعا كالحلم تاركة لي احلامي الجميلة وذكرياتها الحلوة امانة في عنقي.
وتحت ضغوطات الحياة لا بد من الابحاروالسفر مضطرا للجوء لسفينتة اخرى, فالايام تمر بسرعة ولا بد من الابحار.ولكن سفينتي الجديدة كانت كالطعام الجاهز , لم اعده بنفسي ولم اشارك باعداده , فهو وجبة سريعة . وكذلك هي سفينتي فلم يكن هناك تالف بيني وبينها.
ولكن هي مشيئة الله والنعم بالله وابحرت وتوكلت على الله وسارت السفينة , وسرعان ما بدات صدوعها تظهر, ويلف اجزاؤها الصداء , وانا في صراع لاعادة رونقها الجميل لها . وتكن دون جدوى , وكانها ادمنت على الاصلاح وما تزال على هذه اتحال الى اليوم .
ورغم هذه التصدعات, فانني احترم عشرة السنين بيني وبينها , خاصة وانها تحمل على جنباتها اربعة زوارق جميلة احببتها , فهذه الزوارق هي التي تجعلني دائم الاصلاح لسفينتي, كي لا تغرق واحافظ على زوارقي الحبيبة .
وعلى مدار عشرين سنة مضت , مررت بمئات السفن فلم اجد سفينة تستطيع حملي والابحار بدون اصلاح, وتكون كما حلمت بها ورسمت لها صورة بمخيلتي .
ومع مرور الايام والسنين ,وكثرة ىلاصلاح, فقد اتعبني الزمن وفقدت الامل بايجاد تلك السفينة التي طالما حلمت بها .
فاهملت نفسي, وباتت الامواج تضربني يمينا وشمالا ,غير ابهة في وانا لا احس بها كانني جسد بلا روح وبلا احساس , وكل ذلك من اجل زوارقي الحبيبة.
ومع ذلك فاني احس بكل ما حولي وما يؤثربي , وفي المقابل لا احد يحس بما اعاني واشعر به . يالله ما اظلم واقصى هذا الواقع , وكانني خلقت لحل مشاكل الاخرين , واستمع لمشاكل لم تجد تمن يستمع اليها احدا قط .
فهم يريدونني كعملاق لا ينحني للرياح والامواج والاعاصير , ويستطيع الخروج من العواصف والتيارات والدوامات البحرية مهما عنفت . ورغم كل المعاناة لم اندم على شيء , فالعطاء والتضحية كانت من شيمي , ولكنهم نسوا احاسيسي ومشاعري وحاجتي لمن يشعرني بلحظة حب وحنان تعيد توازني .
فبت اسرح كثيرا اثناء قيادتي , واغمض عيناي واغفوا قليلا كي اريح نفسي , تكن هذه الغفوات قد تفقدني اتجاهي في البحر , وانا مستعجلا للوصول بها سالمة الى شاطيء الامان .
وفي احد الا يام نزلت الى الشاطىء , والتقيت ربانا اعرفه قديما , ودعاني الى احد احواض السفن التي يعمل بها . وذهبت لزيارته ولكنني لم اجده , واثناء وجودي في ذلك الحوض لمحت عيناي سفينة راسية هناك....يالله كم لفتت انتباهي من النظرة الاولى وجذبتني اليها, فاستاذنت وخرجت.
وعاودت زيارة ذلك الحوض بحجة رؤية صاحبي الربان . ولكن الحقيقة لرؤية تلك السفينة الرائعة , وغايتي ان اعرفها عن قرب اكثر واكثر
وفعلا تكررت زياراتي الى ذلك الحوض مرارا , واستطعت الا قتراب منها واستانست بي , وبت في كل زيارة وبتقربي منها ان اعرف عن تلك السفينة الكثير.
فهي قد تركها ربانها لضيق افقه , وخبرنه القليلة في السفن والمراكب , غير ابه بما تركه من شقوق وتصدعات فيها , فهو لم يستطع ان يكتشف سفينته جيدا, ولم يستطيع الدخول الى اعماقها , ليكتشف كنوزها الجميلة . فقد كان من هواة الزوارق السريعة الطائشة .
.. ومع مرور الا يام , وجدت الكثير من الا مواج تضربها , والزبد يلتف حولها كثيرا داخل الحوض , وهي صامدة لا تابه لاحد تصد تلك الامواج ( واما الزبد فيذهب جفاء ) وتخفي معاناتها بداخله بصمت .
فهي تحاول ان تضيف اليها كل جديد, ,وتعرف المزيد وتتعلم من تجربتها مع الربان السابق ,وتنسى واقعها لتقف من جديد , صلبة قوية لتستطيع الابحار بلا مشاكل.
وفهموها متعالية مغرورة.تريد كل شىء وتحب نفسها كثيرا ,فهم سطحيون واغبياء ,فلم يفهموها جيدا ولم يفهموا معاناتها السابقة .
ولكنها وهذا الاهم فهمت نفسها جيدا ,وعرفت ماذا تريد فهي ان بقيت كما هي دون تجديد او اضافة فسيلفها الصدأ
وتكثر فيها الصدوء , ولكنها بعد تجربتها تريد ان تصبح (كالتايتنك) كاملة الاوصاف , وما العيب في ذلك.
فقد عرفت كيف ان تتفادى هذا الصدأ ,بمعرفة كل جديد واضافة كل حديث ,وتحديد هويتها الخاصة بها,والتخلص من بعض السلبيات والعادات التقليدية في صناعة السفن ,لتتعرف بقطانها الجديد القادم ,بكل شفافية والاستفادة من تجربتها السابقة وعدم تكرار ماحدث معها .
وهذا ما جعلني اتعلق بها اكثر واكثر ,واحبها واحترمها جيدا ,فقررت ان اعمل ما بوسعي لمساعدتها واقف بجانبها
لقد وجدت فيها كل المواصفات التي حلمت بها طوال السنين الماضية ,فبرغم الوقت القصير الذي عرفت سفينتي به,
اكتشفت بداخلها زورقا جميلا حالما لا تستطيع الا ان تحبه , وهذا مالمسته بنفسي تجاه احاسيسي ومشاعري ,فقد اعادت لي توازني وتفكيري وابداعي وشعرت بدفء حنانها تجاهي ,فهذه الامور بالنسبة لي كانت من الماضي السحيق .
يا الله لماذا طال هذا الوقت ,ولماذا الان بعد عشرون عاما من الابحار ,فهل تستطيع ان تزيل صدأي ؟ هل تستطيع ان تزيل صدوعي ؟ فأ نا لا استطيع نسيانها فهي تملىء علي كل احاسيسي ومشاعري وغيرت نظرتي للحياة واعادت لي الامل ,بعد ان اوى القنوط الى نفسي .
يا الله هل استطيع ان اكون ربانا لسفينتين في ان واحد معا ,فسفينتي القديمة رغم قساوتها لا استطيع تركها حفاظا على زوارقي الحبيبة .
رباه ساعدني لاجد حلا لذلك , فكلما ابتعد عنها زاد قربي لها ,وكلما احاول الابحار بها لااجد الا سواقي وجداول صغيرة لا تستطيع حمل سفينتي على الابحار .
يا الله كم كرهته السواق الصغيرة ,ياالله كم كرهت الجداول الصغيرة , لعدم قدرتها حمل سفينتي للابحار .
يا الله كم كرهت البحر لانه بعيدا عن سفينتي وغير قادرا للوصول بها اليه .
يا الله انا الذي لم يكره قط ,اجدني مكرها كارها لتلك السواقي والجداول والبحار, الذي تقف حائلا بيني وبين سفينتي فل يسامحني الله .
فها انذا اقف عاجزا حتى اجد بحرا ,وان لم اجد هذا البحر ,اتمنا من الله ان تجد ربانا مثلي يحبها ويفهمها ويحس بها ويقدرها ,ويستطيع ان يقفز بها فوق السواقي والجداول ليصل الى البحر .
فهذه السفينة المليئة بالحنان ودفء المشاعر والتقدير لن تغرق ولن تصدأ ولن تتصدع ,وستبحر بك الى كل بحار ومحيطات العالم ,وتصل بك الى بر الامان بعون الله .
__________________________________ مازن الطريفي كتبت في 30/6/2005
ونشرت بمنتداكم بتاريخ 27/6/2011