كيف تؤثر الحكايات والقصص على الاطفال وما هي اهميتها
تهفو نفوس الأطفال للاستمتاع بالقصص والحكايات، والتي غالبا ما تبعث تبعث في نفوسهم حب الخير وقيم الحق والجمال والعدل، تخلق عندهم روح المرح والاستمتاع والمشاركة، ولا يزال لقصص أدب الطفل الكلاسيكي وقعها الجميل في نفس الطفل. غير أن هناك بعض الأهل يرون فيها قصصاً خيالية تحتوي على الكثير من الشر، فتعمد بعض الأمهات أحياناً أثناء القراءة لأطفالهن إلى تحوير بعض أحداث القصّة ظناً منهن أنهن يجنبن أطفالهن الشعور بالخوف. وهناك من يرى فيها قصصاً مرّ عليها الزمن ولا تمت إلى الواقع بصلة لذا يفضّلون عدم اقتنائها في مكتبة المنزل.
هنا يتساءل الأهل عن الأهمية التي يمثّلها هذا النوع من القصص مع وجود أخرى معاصرة تتناول مواضيع واقعية على صلة بحياة الطفل اليومية، لكن الاختصاصيون يرون أن قصص أدب الأطفال الكلاسيكية قريبة إلى خيال الطفل، وفيها الكثير من المعاني الإنسانية التي تعني الطفل، ويمكنه أن يجد العديد من الأفكار التي تساعده في تخطي الصعاب التي يواجهها والنمو بسلام، حسب ما ورد بمجلة "لها" اللندنية.
الصعاب التي يواجهها الطفل من الفشل، المنافسة الأخوية، مواجهة العالم الخارجي، تحمل المسؤولية، تجعل بعض الأهل يظنون أن الأفضل حماية طفلهم قد الإمكان من كل ما يسبب له اضطرابًا، وأن يعرضوا له كل ما هو إيجابي في الحياة، وإبعاده عن كل ما يشعره بالاستياء.
فيما يرى الاختصاصيون أن هذا التصرّف يؤدي إلى عكس ما يريده الأهل، ويعزز عند الطفل مخاوفه، وذلك لأن الطفل يدرك جيّدًا أن الحياة ليست فقط مفاجآت سارة. وقصص الأطفال الكلاسيكية تساعده في مواجهة الصعاب، فهي تحدّثه عن الحياة وتعكس كل وجوهها بحلوها ومرّها وتحفزّه على خوض التجربة مهما كانت.
توضح قصص الأطفال الكلاسيكية بطريقة مسلّية مخاوف الطفل وتهوّنها. وتعطيه أفكارًا تساعده في حل مشكلاته.
ليس من الصعب أن تعرف الأم أي قصة تناسب طفلها واختيار ما يناسبه وقراءتها له. إذ أن كثافة انفعالاته العاطفية تبرهن ما إذا كان متأثرًا بالقصة أم لا . والأفضل أن تبدأ بقراءة القصة المفضلة لديها، وإذا لم يتفاعل معها الطفل فإن هذا مؤشر لأن موضوع القصة لا يتماشى مع اهتماماته الحالية، أما إذا تعلّق بها الطفل فإنه يُظهر ذلك بحماسة فيطلب من والدته إعادة قراءتها له مرّات عدة إلى أن يحصل على كل المعلومات التي يريدها. وإذا تغيّرت اهتمامات الطفل فإنه يطلب قصة جديدة تناسب المرحلة الجديدة التي يمرّ بها.
- اتركي له حرية الاختيار:
من المفضّل أن تترك الأم لطفلها حرية اختيار موضوع القصة، فهذا يساعدها في فهم ما يمر به. وفي الوقت نفسه عليها ألا تهدم اهتمامه بها بشرح تفاصيلها، فالقصة الكلاسيكية إذا كانت تغني مخيّلته وتسعده فذلك لأنه لا يعرف لماذا وكيف بدأت على هذا النحو. أي لماذا هناك ساحرة، أو بيوت من الشوكولا والحلوى، وكيف طارت الساحرة بعصاها السحرية. فهذه الصور تبهج الطفل لأنه يتخيلها.
ويمكن تصنيف القصص بحسب سن الطفل، ففي الثالثة يفضل أن تٌقرأ للطفل القصص التي تحتوي على معنى الالتهام أو تلك التي تحتوي على فكرة الانفصال عن الأهل فمثلاً تدور قصة "هانسيل وغرتيل" حول فكرة هجر الأهل للطفل.
وكل الأطفال في العالم لديهم قلق من تخلّي الأهل عنهم عندما يشعرون بأن أحداً لا يفهمهم وبأن أهلهم غير منصفين معهم، وعندما نقرأ للطفل هذه القصة يجد انه ليس وحده من يشعر بذلك فهذا مكتوب في القصص. أما الفكرة المحورية الثانية فهي أهمية أن يكون للإنسان أخ يلجأ إليه و يساعده على تخطي الصعاب. صحيح أن هناك غيرة أخوية ولكن تضامن الأخوة يساعد في مقاومة الشر.
في السادسة يميل الطفل إلى التعرف إلى معاني الحب والزواج. فمثلاً قصة 'بياض الثلج' مناسبة لهذه السن لأنها تحوي الكثير من المعاني العاطفية، الأمير والحب والزواج وهناك دائماً زوجة الأب، وفي علم النفس هذه مواضيع واقعية. ففي قصة "السندريللا" هناك زوجة الأب والشقيقتان الشريرتان اللتان تشكّلان منافسة لأنوثتها. وعندما تكبر تجد حبيبها.
كما أن هذه القصص تجيب عن أسئلة الطفل في ما يتعلّق بالعائلة والإنجاب والحياة والموت، فمثلاً حين تنتهي القصة بالقول إن الأميرة والأمير تزوّجا وعاشا سعيدين حتى نهاية العمر، يفهم الطفل أن للحياة نهاية حتى ولو كنا سعداء. إذاً نعطي الطفل فكرة عن مفهوم الموت.
والقول أنهما أنجبا الكثير من الأطفال، يعني أن الطفل هو ثمرة الحب الذي يجمع الأم والأب، وأنه مهم بالنسبة إلى والديه وإن كان يقوم ببعض الأمور الشقيّة، فالرسالة لها معان كثيرة.
تعكس القصص الكلاسيكية الحياة الواقعية، واللافت أن الشخصيات الموجودة فيها لا توصف في شكل مفصل. مثلاً إذا وصفت القصة شكل الصبي أنه ذو شعر أسود، فهذا التفصيل لا يشدُّ اهتمام الطفل، في حين أن الشخصية في القصص الكلاسيكية توصف على أنها أمير أو أميرة أو فارس.. ليس هناك مواصفات محددة لها لذا من السهل أن يتماهى معها الطفل.
- عاطفة الطفل:
هناك قصص عصرية جميلة مفيدة، لكنها ترتكز على الحوار الذي على الأهل أن يجروه مع طفلهم بعد القراءة، في حين أن القصص الكلاسيكية تتوجه مباشرة إلى عاطفة الطفل وليس هناك ضرورة لمناقشته الأحداث التي حصلت. لذا نجد الطفل يطلب إعادة قراءة القصة نفسها من دون ملل. ومن الملاحظ أنه يريد أن تُقرأ له بالطريقة نفسها، فمثلاً يقول لوالدته: 'في المرة السابقة قلت إنه كان متوتراً لمَ لم تذكري هذا الأمر هذه المرة!'. فهناك تفاصيل تشبع رغباته، لذا من الضروري أن تعتمد الوالدة أسلوباً واحداً أثناء قراءتها القصة نفسها.
ويحذّر الاختصاصيون الأهل من تحوير أحداث القصة بحجة أن أحداثها قد تسبب القلق والخوف للطفل، في الوقت الذي يرغب في إسقاط هذه المشاعر من خلال القصة. فإظهار الشر في سياق القصة هدفه التمهيد إلى نهاية يكون فيها الخير هو المنتصر. كما من الضروري أن تقرأ القصة حتى نهايتها، أما إذا نام الطفل قبل ذلك فيمكن الأم أن تقرأ القسم الباقي في اليوم التالي حتى يعرف النهاية فيشعر بالطمأنينة.
شخصيات هذه القصص خيالية يحبها الطفل، والذي يجمع بين كل هذه القصص المضمون الذي يحكي عن ثنائية الخير والشر، القبح والجمال، الأخذ والعطاء.. إنها تخاطب عاطفة الطفل، وهذا سر استمرارها كل هذه العصور ..!