1
|
أريدُ الذهابَ ..
|
إلى زَمَنٍ سابقٍ لمجيء النساءْ..
|
إلى زمنٍ سابقٍ لقُدُوم البكاءْ
|
فلا فيهِ ألمحُ وجهَ امرأهْ..
|
ولا فيهِ أسمعُ صوتَ امرأهْ..
|
ولا فيهِ أشنقُ نفسي بثدي امرأَهْ..
|
ولا فيه ألعقُ كالهرِّ رُكْبَةَ أيّ امرأَهْ...
|
2
|
أريدُ الخروجَ من البئر حيَّاً..
|
لكي لا أموتَ بضَرْبَة نَهْدٍ..
|
وأُهْرَسَ تحت الكُعُوب الرفيعةِ..
|
تحت العيون الكبيرةِ،
|
تحت الشفاه الغليظةِ،
|
تحتَ رنين الحِلَى، وجُلُود الفِراءْ
|
أريدُ الخروجَ من الثقبِ
|
كي أتنفَّسَ بعضَ الهواءْ..
|
3
|
أريدُ الخروجَ من القِنِّ..
|
حيثُ يفرّقْنَ بين الصباحِ وبين المَسَاءْ
|
أُريدُ الخروجَ من القِنِّ..
|
إنَّ الدَجَاجاتِ مزَّقْنَ ثوبي..
|
وحللنَ لحمي..
|
وسَمَّيْنَني شاعرَ الشُعَراءْ....
|
4
|
كرهتُ الإقامةَ في جَوْف هذي الزُجاجَهْ..
|
كرهتُ الإقامَهْ..
|
أيمكنُ أن أتولّى
|
حِرَاسَةَ نَهْدَيْنِ..
|
حتى تقومَ القيامَهْ؟؟
|
أيمكنُ أن يصبح الجِنْسُ سِجْناً
|
أعيشُ به ألفَ عامٍ وعامْ
|
أريدُ الذهابَ..
|
إلى حيث يمكنني أن أنامْ...
|
فإني مللتُ النبيذَ القديمَ..
|
الفِرَاشَ القديمَ..
|
البيانو القديمَ..
|
الحوارَ القديمَ..
|
وأشعارَ رامبو..
|
ولَوْحَات دالي..
|
وأعينَ (إلْزَا)
|
وعُقْدَةَ كافْكَا..
|
وما قالَ مجنونُ لَيْلَى
|
لشرح الغرامْ...
|
متى كانَ هذا المُخَبَّلُ مجنونُ ليلى..
|
خبيراً بفنّ الغرامْ؟
|
أريدُ الذهابَ إلى زمن البحرِ..
|
كي أتخلَّصَ من كل هذي الكوابيسِ،
|
من كلّ هذا الفِصَامْ
|
فهل ممكنٌ؟
|
- بعد خمسينَ عاماً من الحُبِّ-
|
أن أستعيدَ السلامْ؟؟
|
5
|
أريدُ الذهابَ.. لما قَبْلَ عصر الضفائرْ
|
وما قَبْلَ عصر عُيُون المَهَا..
|
وما قَبْلَ عصر رنين الأساورْ
|
وما قَبْلَ هندٍ..
|
ودَعْدٍ..
|
ولُبْنَى..
|
وما قَبْلَ هزِّ القُدُودِ،
|
وشَدِّ النهودِ..
|
ورَبْط الزنانير حول الخواصرْ..
|
أريدُ الرحيلَ بأيِّ قطارٍ مُسَافرْ
|
فإنَّ حُرُوبَ النساءْ
|
بدائيّةٌ كحروب العشائرْ
|
فقَبْلَ المعاركِ بالسيفِ،
|
كانتْ هناكَ الأظافِرْ!!.
|
*
|
6
|
كرهتُ كتابةَ شعري على جسد الغانياتْ
|
كرهتُ التَسَلُّق كلَّ صباحٍ، وكلَّ مساءٍ
|
إلى قمة الحَلَماتْ..
|
أريدُ انتشالَ القصيدة من تحت أحذية العابراتْ
|
أريدُ الدخولَ إلى لغةٍ لا تجيد اللغاتْ
|
أريدُ عناقاً بلا مُفْرَداتْ
|
وجنْساً بلا مُفْرَداتْ
|
وموتاً بلا مُفْرَداتْ
|
أريدُ استعادةَ وجهي البريءِ كوجه الصلاةْ
|
أريدُ الرجوعَ إلى صدر أمّي
|
أريدُ الحياةْ
نزار قباني
|