خمرةُ الضاد
بمناسبة الاحتفال بيوم اللغة العربية
مرّت ضُحًى ليت كلَّ الدهرِ كان ضُحى
أو ليت يا قلبُ هذا الظَبيَ ما سَرحا
في رقَّةِ الوردِ صادت قلبّنا ومضتْ
كالطفلِ لم يدْرِ يوماً ما الذي اجْتَرَحا
حتّى النسيمُ احتفى بالورد مُحتشماً
مَنْ شاهَدَ الناعمَ الجُوريَّ متَّشِحا؟
آرامَ إدلبَ هذا الشأنُ حيَّرَني
يُقبِلْنَ .. يُعرِضْنَ لا زُهْداً ولا مرحا
***
لو أنّها رَشَفَتْ من كأسِنا حَبَباً
ما أَعرضتْ كيف لو عَبَّتْ لنا قَدحا؟
آوي إلى صدريَ الصادي فما بَرِحـا
مهدَ الجمالِ إذا نام الأنامُ صحا
بين الجمالِ وبيني في الهوى قَسَمٌ
أن أُخلِصِ الودَّ مهما جار أوجَرَحا
ما كلُّ أفئدةِ العشّاقِ دافئةٌ
عند الوفاء ولا كلُّ الزمانِ ضحى
لو يعلمُ الكوبُ ما يسقيكَ من حِكَـمٍ
وهو الجَهولُ ـ لما ألْفيتَه طفحـا
فاغنم من الراحِ ما تصفو مشاربُه
قد يعلمُ الكوبُ يوماً ما الذي سَفَحا
والدهرُ يومان فاغنم يوم بهجتِه
واشربْ على الراحِ من ريق المها مِنحا
فالراحُ والريقُ نُعمى الله من قِدَمٍ
لولاهما ما حلا عيشٌ ولا مَلُحا
***
يا خمرةَ الضادِ في حان العُلا شرَفاً
دارت فأسكرت الأخيارَ والصُلَحا
عابوا على الراحِ رَيّاها ونَشوتَها
كالصُمِّ عابوا على الغِرِّيدِ ما صَدَحـا
أو كالّتي أبصرت عيباً بجارتِهـا
لألاءُ وجنَتِها قد أخجل الصُبُحا
والريحُ إن داعبت يوماً ضفائرَها
طاب النسيمُ وبات الحيُّ منشرِحا
والكأسُ إن لامستْ في رِقَّةٍ فَمَها
جُنَّ الشرابُ بمن قد عطَّر القَدَحا
أو كالألى ساءهم أنَّ الدُنا شَمَمٌ
فاستهجنوه ومَن يجهلْ عُــلاك لحا
لكنّها الشامُ لا تُلوي على أحدٍ
مَن نامَ عن مجدِها يومَ الفَخارِ صحا
أنّى وماردُها ما زال متّشِحاً
والسيفُ في يده ما زال مُنْسَرِحا
فالشام والضاد ما روّى غليلَهما
إلاه فاسأل به مَن شامَ أو لَمَحا
***
سمراءُ يا عَبَقَ الأنداءِ ما خطرتْ
في الحيِّ إلاّ انْتشى عشّاقُها فرحا
سمراءُ يا أملاً عشنا له ؛ ولنا
في حمله شرفٌ ما طامحٌ طَمَحا
سمراءُ يا شممَ الصحراءِ ما برحتْ
زوراءَ نافرةً ، والشوقُ ما برحا
عذراءُ كم حملتْ طُهْراً وكم وضعتْ
يُسْراً ، وما مسَّها بعلٌ ، ولا صَلُحا
عَرباءُ مترعةُ النهدينِ من سَكَرٍ
لله نَشْوتُها كم أسكرتْ فُصَحا
لله تلك الغُصونُ المثقلاتُ جَنًى
حلواً ؛ وكم نصحوا قلبي فما انتصحا
عَرباءُ..سمراءُ ، هذا الوجه من مُضَرٍ
أعيتْ مَحاسنُه أقلامَ مَنْ مَدحا
كم عاشقٍ رفعتْ ، كم حاقدٍ وَضَعتْ
من بعدِ ما صفحتْ حِلماً ، وما صَفَحا
كم آبقٍ باع للشيطانِ ذمّتَه
أَغْرَوْهُ ، أغراهُمُ..سِيّانِ مَنْ جَنَحا
ما باعَها إنّما قد باع عِزَّتَهُ ،
هيهات يَلْمَسُ ذيلَ الشُهْبِ مَنْ كُسِحا
***
يا أمَّ يعرُبَ لُمّي شَعْثَ أُمّتِنا
لسنا بغيرِكِ نرجو اليومَ مُصْطلَحا
يا أُمَّ يعرُبَ مجدُ الُعُرْبِ في خطرٍ ،
كادت تُدار على ذاك التليدِ رحى
لولاكِ ما صالَ يومَ الفتحِ فِتْيتُنا
شرقاً وغرباً إذا بالكونِ قد فُتِحا
فالفُرسُ والتُرْكُ والأعجامُ كلُّهُمُ
دانوا بها ، وسَرَتْ بالكونِ فانشرحا
***
خانوكِ يا أمَّنا الفُصحى بلا سببٍ
يا ليتهم وجدوا في الحُسنِ مَنَ رَجَحا
ضاقوا بأُمٍّ أبتْ لينَ القناةِ لهم
أو أنْ يصيروا بأيدي العابثين فَحا
لا يُطرِبُ المجدَ إلاّ لحنُ واحدةٍ
فُصحى ؛ ويملُكُ عرشَ المَجدِ مَنْ صَدَحا
إنْ نحنُ دِنّا بلهجاتٍ مُشَتِّةٍ
دام الشتاتُ ودام الجُرحُ منفتحا
لن نرتضي عُجْمةً تُذكي تفرُّقَنا
فلْينطَحِ الصخرةَ الشمّاءَ مَنْ نطَحا
أنا روحٌ تضمُّ الكونَ حبّاً= وتطلقُه فيزدهر الوجود