مع تنفس صباحٍ شتائي تسابقت إلى الأرض قطرات من المطر ..انهمرت باستسلام من عيون السماء الحزينة الممتلئة بخطايا البشر وحماقاتهم ..
ففاضت عيونها ومزجت تراب الأرض ولونته بطريقة أفلاطونية فريدة لترسم لوحة طبيعية تشهد عناق الأرض للسماء ..
وغسلت همومٌ قد تراخت بيأس وذبول فكان ذبولها كــ عيون تلك الفتاة التي
تسير بصمت عميق وتلقي بنظرة عابرة حزينة على ما حولها من تضاريسٍ تستحم
بماء المطر ..
وحيدة هي .. تحمل في صدرها قلبا تحكي دقاته عن عشرين عامٍ من الضياع في
دهاليز الحزن الذي ترسب بخفة من ثنايا جدران شرايينها وانساب وبلل العروق
باليأس المترنم على حافة الروح ..
تسير بخطوات متمايلة وكأنها تسبح في طراوة ضباب الطريق إلى أن ظهر لها ذلك القوام الملائكي الرقيق ..
طفلٌ يحتضنه رصيف متآكل عتيق اختصرت عيونه تاريخ الوجع الآدمي في كون
ارتعشت كواكبه إيذاناً لبدء الحديث السرمدي الذي أضاع أبجديات اللغة
فأصبحت الدموع الحائرة هي سيدة الموقف التي ستؤطر حكاية إبحار طفل وعشرينية في رحاب السماء