القذافي يذبح شعبه بغياب الفضائيات تدفق عشرات الالاف في مدينة بنغازي الاحد بعد جنازات لمحتجين قتلوا
على يد قوات الامن بينما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق
الانسان ان أعمال عنف خلال الليل ضاعفت عدد من قتلوا خلال الايام الاربعة
التي شهدت اشتباكات.
وتفجرت الاضطرابات وهي الاسوأ التي يشهدها حكم القذافي الممتد منذ
أربعة عقود كموجة من الاحتجاجات التي استلهمت الثورتين الشعبيتين في مصر
وتونس لكنها قوبلت باجراءات أمنية صارمة.
ولم يسمح للصحفيين بالدخول الى المدينة ولكن تفيد روايات الشهود بأن
المدينة في دائرة من العنف اذ يقتل الناس ثم بعد تشييع الجنازات لدفن
القتلى في اليوم التالي تطلق قوات الامن النار على المزيد من المحتجين.
وقال شاهد من بنغازي طلب عدم نشر اسمه بالهاتف الاحد "جرت مذبحة هنا
الليلة الماضية".
وأضاف أن قوات الامن تستخدم أسلحة ثقيلة مضيفا "انضم الكثير من الجنود
ورجال الشرطة للمحتجين".
وقال شاهد عيان اخر طلب هو الاخر عدم ذكر اسمه ان "نحو 100 ألف محتج
يتوجهون الان الى المقبرة لدفن الشهداء".
وقال طبيب بمستشفى في بنغازي ان الضحايا أصيبوا بجروح بالغة بسبب
استخدام بنادق القناصة.
وقال شاهد اخر وهو شخصية قبلية بارزة طلب عدم نشر اسمه ان وجود قوات
الامن اقتصر على مركز القيادة.
وتابع قائلا "الوجود الرسمي للدولة غائب في المدينة وقوات الامن في
ثكناتها والمدينة في حالة عصيان مدني. الناس يديرون شؤونهم بأنفسهم".
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش التي مقرها نيويورك ان نحو 90 شخصا
قتلوا يوم السبت في اشتباكات تركزت في بنغازي والبلدات المحيطة بها خلال
الليل مما رفع عدد القتلى خلال الاشتباكات المستمرة منذ أربعة أيام الى
173.
وافاد مصدر امني ليبي الاحد ان ضابطا برتبة عقيد انشق عن الجيش وانضم
الى "جماعة ارهابية" قال انها تضم عناصر في تنظيم القاعدة هاجموا ميناء
درنة (شرق) بعدما استولوا على مخزن اسلحة وقتلوا اربعة جنود.
وقال المصدر الامني طالبا عدم الكشف عن هويته ان "مجموعة من الشباب
القاطنين بمدينة درنة (1200 كلم شرق طرابلس) قاموا الاربعاء باقتحام مسجد
الصحابة وسيطروا عليه ثم استخدموا مكبرات الصوت فيه لتأجيج مشاعر السكان
وحث المواطنين على العصيان".
واضاف ان "المجموعة الارهابية" يقودها "سفيان القومي، السائق السابق
لبن لادن وعبد الحكيم الحصادي وانيس هويدي".
واكد المصدر ان هذه "العناصر الارهابية افرجت عنهم مؤسسة القذافي منذ
اقل من سنة".
واضاف ان المجموعة "اقتحمت الخميس مخزنا للسلاح تابعا لحماية درنة
العسكري وحصلوا منه على 250 بندقية مختلفة الانواع بعدما قتلوا اربعة جنود
داخل مواقعهم وجرحوا 16 جنديا آخر".
واضاف ان "عقيدا من ضباط الشعب المسلح (الجيش) اسمه عدنان النويصيري
انضم الى التشكيل وقام بتزويدهم بقاذفة آر بي جي وثلاثة رشاشات ام كي و70
بندقية كلاشنيكوف".
وتابع "بعدها انطلق الجميع يستعرضون قوتهم في المدينة".
واكد المصدر الامني ان عناصر المجموعة "اقتحموا الجمعة ميناء درنة
البحري واستولوا على 70 سيارة بينها سيارات رباعية الدفع، هاتفين 'حي على
الجهاد".
وتضاربت الروايات بسبب رداءة الخطوط الهاتفية لكن الشوارع في مدينة
بنغازي فيما يبدو كانت تحت سيطرة المحتجين في حين انسحبت قوات الامن الى
مجمع تحيطه اسوار عالية يعرف باسم مركز القيادة وكانوا يطلقون النار على
الناس منه.
وقال الشاهد الذي تحدث من مكان تجمع الجنازة "نخشى وقوع مجزرة جديدة
لان الطريق المؤدية الى المقبرة ليست بعيدة عن الثكنات الامنية."
واضاف "لن نستسلم حتى سقوط النظام. ندعو الامم المتحدة للتدخل فورا من
أجل وقف المذبحة."
وقال شاهد عيان اخر في بنغازي ان الاف الناس أدوا صلاة الجنازة على 60
جثة مسجاة بالقرب من محكمة شمال بنغازي.
وأضاف ان مئات الالاف من الناس ومنهم نساء وأطفال جاءوا لمنطقة
الميناء. وقال "المحتجون موجودون هنا حتى سقوط النظام."
ولم تعلن الحكومة الليبية عن اي اعداد للخسائر البشرية او تعلق رسميا
على أعمال العنف.
ويقول محللون ليبيون ان من غير المرجح في الوقت الحالي أن يتم اسقاط
القذافي لان الاضطرابات مقتصرة على منطقة برقة التي يتمتع فيها بدعم أقل من
العاصمة طرابلس على بعد ألف كيلومتر الى الغرب وبقية أنحاء البلاد.
ودفع هذا القمع الدامي نحو 50 من علماء المسلمين في ليبيا الى اصدار
نداء ارسل لقوات الامن بوقف عمليات القتل كمسلمين.
وقال النداء ان هذا نداء عاجل من علماء الدين والمفكرين وزعماء
العشائر من طرابلس وبني وليد والزنتان وجادو ومسلاتة ومصراته والزاوية
وبلدات وقرى اخرى بالمنطقة الغربية.
واضاف العلماء انهم يناشدون جميع المسلمين سواء داخل النظام او يقومون
بمساعدته بأي شكل ادراك بان الله ورسوله يحرمان قتل النفس البريئة وطالبوا
بعدم ازهاق ارواح المواطنين وبوقف هذه المذبحة.
وفي القاهرة أعربت الامانة العامة لجامعة الدول العربية عن "مشاعر
الحزن والاسى الشديدين لسقوط الضحايا الابرياء.. في ليبيا والبحرين
واليمن". ودعت الى الوقف الفورى لكل أعمال العنف وعدم استخدام القوة ضد
التظاهرات السلمية.
وقالت الامانة العامة لجامعة الدول العربية في بيان صدر يوم الاحد
انها تناشد "الجميع الاحتكام الى الحوار ونبذ استخدام العنف بكافة أشكاله
حتى يمكن تحقيق الامال والتطلعات المشروعة الهادفة لاحداث الاصلاح والتطوير
وتحقيق العدالة الاجتماعية وبما يحفظ وحدة الاوطان والسلم الاهلي والوفاق
الوطني".
واتسم رد الفعل الدولي على الاضطرابات في ليبيا وهي من كبريات الدول
المنتجة للطاقة وبها استثمارات خارجية ضخمة بالهدوء لكن بريطانيا دعت الى
رد أقوى.
وقال وليام هيج وزير الخارجية البريطاني لقناة سكاي نيوز التلفزيونية
"ينبغي الا يتردد العالم في ادانة تلك التصرفات".
وتابع "ما ينبغي على العقيد القذافي عمله احترام حقوق الانسان
الاساسية وليس هناك مؤشر على ذلك من خلال رد الفعل الرهيب والمفزع للسلطات
الليبية تجاه هذه الاحتجاجات."
وقال محللون ان من المحتمل ان تجري مفاوضات بين الزعيم الليبي معمر
القذافي وشيوخ القبائل بشرق البلاد وتم ارسال رسالة نصية في وقت متأخر يوم
السبت لمشتركي الهاتف الجوال بليبيا لمحت الى نهج اكثر ميلا للمصالحة.
وجاء في الرسالة أن جميع المواطنين والشبان في بنغازي ومن قتلوا بين
المدنيين والشرطة هم ابناء ليبيا وأنه يكفي ما حدث وناشدت وقف اراقة
الدماء.
وفي طرابلس قال مراسل ان عدة الاف من مؤيدي القذافي تجمعوا بالساحة
الخضراء بالمدينة حتى الساعات الاولى من صباح يوم الاحد.
ورددوا قائلين "الله.. ليبيا.. معمر" و"معمر أمين القومية".
وقالت وكالة الانباء الليبية ان بعض المدن شهدت حوادث نهب وحرق عمد
وأضافت أن هذا من تدبير شبكة اجنبية تدربت على كيفية احداث الاشتباكات
والفوضى لزعزعة استقرار ليبيا.
وقال السير ريتشارد دالتون الذي كان سفيرا لبريطانيا في ليبيا لصحيفة
"اندبندنت": "سيجد القذافي ان من الصعب تقديم تنازلات من اجل البقاء. اعتقد
ان موقف النظام الليبي هو اما كل شيء واما لا شيء".
ويصعب التحقق من صحة روايات الشهود من مصادر مستقلة لان السلطات
الليبية لم تسمح للصحفيين الاجانب بدخول البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات كما
تحظر على المراسلين المحليين السفر الى بنغازي.
وكثيرا ما تكون اتصالات الهاتف المحمول خارج الخدمة كما قطعت خدمة
الانترنت في ليبيا وذلك حسبما ذكرت شركة اميركية تراقب حركة الانترنت. وقال
اشخاص في طرابلس انهم تمكنوا من الدخول على شبكة الانترنت في وقت متأخر
يوم السبت.